النتائج 1 إلى 13 من 13

الموضوع: الآن فقط/الغـرب يرى الإسلام منقذاً في الأزمة المالية العالمية المعاصرة

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Sep 2004
    المشاركات
    2,203
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي الآن فقط/الغـرب يرى الإسلام منقذاً في الأزمة المالية العالمية المعاصرة

    الآن فقط
    الغـرب يرى الإسلام منقذاً في الأزمة المالية العالمية المعاصرة




    إعداد الأستاذ مصطفى الشيمي
    باحث بالاقتصاد الإسلامي
    الإسلام منهج شامل لكافة جوانب الحياة عقيدة وشريعة عبادات ومعاملات دين ودولة يمزج بين المادية والروحانية في إطار متوازن.
    ولقد تبين يقيناً وحقاً أن في الإسلام نظاماً اقتصادياً فريداً معجزاً يتسم بخصائص إيمانية وأخلاقية وسلوكية لا توجد في أي نظام اقتصادي وضعي كما أنه ينضبط بمجموعة من الأحكام والمبادئ الشرعية المستنبطة من مصادر الشريعة الإسلامية وأنه صالح للتطبيق في كل زمان ومكان. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم مدرسة جامعة لكل جوانب الحياة ما ترك صغيرة ولا كبيرة إلا وبينها قولاً وعملاً منهجاً وسلوكاً وقدم صلى الله عليه وسلم الأدلة الدامغة بأن الإسلام دين شامل ومنهج حياة وهو عبادات ومعاملات ويقول صلى الله عليه وسلم (تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً كتاب الله وسنتي) رواة البخاري ومن يدرس حياة الرسول صلى الله عليه وسلم يجد فيها منهجاً اقتصادياً كاملاً يقوم على مجموعة من الأحكام والمبادئ العلمية والنماذج العملية والضوابط الشرعية التي تمثل الإطار الفكري والعملي للاقتصاد الإسلامي والذي يمثل الفطرة السليمة والسوية التي فطر الله الناس عليها.
    ومن يدرس ويحلل النظم الاقتصادية المطبقة في العالم يجدها تسير في النهج الاشتراكي أو الرأسمالي أو خليط منهما معاً وكل هذا يطبق على أساس الفصل بين الاقتصاد والقيم الإيمانية مما ترتب عليه التخلف والحياة الضنك ومحق البركة وختمت بالإعصار المالي الذي خرب كل المؤسسات المالية على مستوى العالم وأخذت حالة من الهلع والخوف والاضطراب.
    في مناخ الأزمة انطلقت أصوات في الغرب تنادي بتطبيق أسس في الاقتصاد الإسلامي بعد فشل النظم الوضعية في تحقيق الحياة الرغدة بشقيها المادي والمعنوي للناس.
    ومن ضمن هؤلاء:
    1- بوفيس فانسون رئيس تحرير مجلة (تشالينجز) 4/10/1429هـ الموافق 5/10/2008.
    ففي افتتاحية مجلة "تشالينجز"، كتب "بوفيس فانسون" رئيس تحريرها موضوعا بعنوان (البابا أو القرآن) أثار موجة عارمة من الجدل وردود الأفعال في الأوساط الاقتصادية.
    فقد تساءل الكاتب فيه عن أخلاقية الرأسمالية؟ ودور المسيحية كديانة والكنيسة الكاثوليكية بالذات في تكريس هذا المنزع والتساهل في تبرير الفائدة، مشيرا إلى أن هذا السلوك الاقتصادي السيئ أودى بالبشرية إلى الهاوية.
    وتساءل الكاتب بأسلوب يقترب من التهكم عن موقف الكنيسة ومستسمحا البابا بنديكيت السادس عشر قائلاً أظن أننا بحاجة أكثر في هذه الأزمة إلى قراءة القرآن بدلا من الإنجيل لفهم ما يحدث بنا وبمصارفنا لأنه لو حاول القائمون على مصارفنا احترام ما ورد في القرآن من تعاليم وأحكام وطبقوها ما حل بنا ما حل من كوارث وأزمات وما وصل بنا الحال إلى هذا الوضع المزري؛ لأن النقود لا تلد النقود.
    2- رولان لاسكين رئيس تحرير صحيفة (لوجورنال دي فينانس) بضرورة تطبيق الشريعة الإسلامية في المجال المالي والاقتصادي لوضع حد لهذه الأزمة التي تهز أسواق العالم من جراء التلاعب بقواعد التعامل والإفراط في المضاربات الوهمية غير المشروعة.
    وفي مقاله الذي جاء بعنوان: (هل تأهلت وول ستريت لاعتناق مبادئ الشريعة الإسلامية؟)، عرض لاسكين المخاطر التي تحدق بالرأسمالية وضرورة الإسراع بالبحث عن خيارات بديلة لإنقاذ الوضع، وقدم سلسلة من المقترحات المثيرة في مقدمتها تطبيق مبادئ الشريعة الإسلامية برغم تعارضها مع التقاليد الغربية ومعتقداتها الدينية.
    3- وحسب موقع الجزيرة نت فقد دعي مجلس الشيوخ الفرنسي إلى ضم النظام المصرفي الإسلامي للنظام المصرفي في فرنسا وقال المجلس في تقرير أعددته لجنة تعنى بالشئون المالية في المجلس أن النظام المصرفي الذي يعتمد على قواعد مستمدة من الشريعة الإسلامية مريح للجميع سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين، وأكد التقرير الصادر عن اللجنة المالية لمراقبة الميزانية والحسابات الاقتصادية للدولة بالمجلس أن هذا النظام المصرفي الإسلامي الذي يعيش ازدهاراً واضحاً قابل للتطبيق في فرنسا.
    4- وفي استجابة – على ما يبدو لهذه النداءات، أصدرت الهيئة الفرنسية العليا للرقابة المالية - وهي أعلى هيئة رسمية تعنى بمراقبة نشاطات البنوك- في وقت سابق قرارا يقضي بمنع تداول الصفقات الوهمية والبيوع الرمزية التي يتميز بها النظام الرأسمالي واشتراط التقابض في أجل محدد بثلاثة أيام لا أكثر من إبرام العقد، وهو ما يتطابق مع أحكام الفقه الإسلامي.
    5- كما أصدرت نفس الهيئة قرارا يسمح للمؤسسات والمتعاملين في الأسواق المالية بالتعامل مع نظام الصكوك الإسلامية في السوق المنظمة الفرنسية، والصكوك الإسلامية هي عبارة عن سندات إسلامية مرتبطة بأصول ضامنة بطرق متنوعة تتلاءم مع مقتضيات الشريعة الإسلامية.
    6- وتتوالى شهادات عقلاء الغرب ورجالات الاقتصاد للتنبيه إلى خطورة الأوضاع التي يقود إليها نظام الرأسمالي الليبرالي على صعيد واسع وضرورة البحث عن خيارات بديلة تصب في مجملها في خانة البديل الإسلامي، ففي كتاب صدر مؤخرا للباحثة الإيطالية لوريتا نابليوني بعنوان (اقتصاد ابن آوى) أشارت فيه إلى أهمية التمويل الإسلامي ودوره في إنقاذ الاقتصاد الغربي، واعتبرت نابليوني أن (مسئولية الوضع الطارئ في الاقتصاد العالمي والذي نعيشه اليوم ناتج عن الفساد المستشري والمضاربات التي تتحكم بالسوق والتي أدت إلى مضاعفة الآثار الاقتصادية)، وأضافت أن (التوازن في الأسواق المالية يمكن التوصل إليه بفضل التمويل الإسلامي بعد تحطيم التصنيف الغربي الذي يشبه الاقتصاد الإسلامي بالإرهاب، ورأت نابليوني أن التمويل الإسلامي هو القطاع الأكثر ديناميكية في عالم المال الكوني). وأوضحت أن (المصارف الإسلامية يمكن أن تصبح البديل المناسب للبنوك الغربية، فمع انهيار البورصات في هذه الأيام وأزمة القروض في الولايات المتحدة فإن النظام المصرفي التقليدي بدأ يظهر تصدعا ويحتاج إلى حلول جذرية عميقة).
    7- ومنذ عقدين من الزمن تطرق الاقتصادي الفرنسي الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد "موريس آلي إلى الأزمة الهيكلية التي يشهدها الاقتصاد العالمي بقيادة الليبرالية المتوحشة" معتبرا أن الوضع على حافة بركان، ومهدداً بالانهيار تحت وطأة الأزمة المضاعفة (المديونية والبطالة). وأقترح للخروج من الأزمة وإعادة التوازن شرطين هما تعديل معدل الفائدة إلى حدود الصفر ومراجعة معدل الضريبة إلى ما يقارب 2%. وهو ما يتطابق تماما مع إلغاء الربا ونسبة الزكاة في النظام الإسلامي.
    8- تأسيساً على ذلك فإن المطلوب منا نحن المسلمين وعلماء الاقتصاد أن نستغل هذه الفرصة ونجعلها في صالح المسلمين ونشر الإسلام ويجب أن يقوم مجموعة من الباحثين المسلمين وعلماء الاقتصاد في العالم الإسلامي بالاشتراك مع جميع المنظمات والحكومات الإسلامية لعمل خطة لحل الأزمة الاقتصادية ويكون الحل طبقاً للشريعة الإسلامية وعندما يقتنع الغرب بهذا الحل فإنهم سرعان ما يطبقونه لأنهم يغرقون في الخسارة والانهيارات وعند نجاح هذه الخطة في حل تلك الأزمة سوف يعيد الغرب التفكير والنظر في تطبيق الشريعة الإسلامية واستخدامها في باقي المجالات كالقوانين الجنائية والميراث وغيرها.
    واختم كلامي بنداء قرآني عظيم بقوله تعالى: ( يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) صـدق الله العظيم.
    أ./ مصطفى صـلاح الشيمي
    باحث بالاقتصاد الإسلامي
    مكتب الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة بالقاهرة
    Shmy2006@hotmail.com
    Mobile: +2 010 1705361



    مقالات ذات صلة:
    <LI dir=rtl>
    أزمة الرهان العقاري الأمريكية وحرب الله على أهل الربا

    الرّبا وآثاره الاقتصاديّة

    مصــــادر البحث:


     موقع الجزيرة نت.
     جريدة الشرق القطرية.
     موقع إسلام أون لاين.
     موقع www.lorettanapoleoni.com.


    www.55a.net
    الدنيا ساعة اختبار *** فإما جنة وإما نار تحقق من حديث
    http://www.dorar.net/hadith.php

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Sep 2004
    المشاركات
    2,203
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    أزمة الرهان العقاري الأمريكية وحرب الله على أهل الربا






    صورة لغلاف مجلة الاقتصادية (The Economist) عدد 5 نيسان / ابريل 2008 تظهر الضغوط الائتمانية التي سببتها أزمة الرهان العقاري.


    يقول سبحانه وتعالى في كتابه العزيز:
    (يَمْحَقُ الله الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ واللهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ) (سورة البقره 276 )
    أزمة الرهان العقاري(خسائرها 400$ مليار) (Subprime Mortagage Market Crisis)
    يعتبر عام 2000 بداية تكون فقاعة السوق العقاري في كثير من الدول الصناعية وخاصة أمريكا عندها قامت البنوك بتقديم تسهيلات غير مسبوقة(جشع أهل الربا) للقروض العقارية بأنواعها وخصوصا السكنية مما أدى إلى ارتفاع أسعارها تبعا لذلك.
    حصلت الازمة في عام 2007 عندما عجز عن سداد هذه القروض الربوية(الفائدة ترتفع وفقا للمخاطرة!!) معظم المدينين ونتيجة لذلك لم تعد هذه البنوك قادرة على تسلم أقساط هذه القروض(نتيجة طبيعية)! وهذا عامل آخر أثر سلبا على على العملة الامريكية(فقد الثقة) لأن أكثر المتضررين كانوا شركات وأفراد أمريكيين.
    سلاح الدمار الشامل المالي
    هل سمعت "بسلاح الدمار الشامل المالي" (financial weapons of mass destruction) أو بمعنى أدق أم الكوارث (المارد الربوي!)؟ إنها Credit default swap ومختصرها CDS أكثر الظن أنه لم يسمع بها أحد في العالم الاسلامي. بداية سوف أقوم ان شاء الله بشرح CDS على ضوء ما فهمته من خلال قرائتي للمقالات التي تتحدث عنها وعن مخاطرها. أولا سأعطي مثال عن مفهوم التأمين ثم ربط هذا المثال مع CDS بعدها سوف اتحدث عن مخاطر هذا "المنتج" وكيف أن خطره الكبير على الاقتصاد لدرجة الدمار.
    ما هو ال CDS ؟
    هذا النظام هو مقارب لمبدأ التأمين.فلنأخذ مثالا على شركات التأمين .افترض أنك وقعت على عقد تأمين يغطي بيتك بمقتضاه تقوم شركة التأمين بعملية التعويض في حالة حدوث الحريق أو الكوارث الطبيعية. وتذكر أن قطاع التأمين "متطور"(هذا التطور أصلا استخدم لحماية شركات التأمين بالدرجة الأولى) لذلك يمكن لهذه الشركات التملص بسهولة من التزامتها متى دعت الضرورة.









    صور كاريكاتير نشرت في بعض المجلات الأمريكية تظهر جشع المرابين وأصحاب المصاريف من أجل جمع الأموال الطائلة على حساب الفقراء والمحتاجين



    ما علاقة CDS ب مفهوم التأمين؟
    هناك مشكلة تؤرق البنوك والمؤسسات المالية الربوية(المرابين) وهو كيفية ضمان استمرارية ايرادات الديون الربوية في حالة عجز المدين عن السداد وإذا تحقق هذا الامر فإنه من السهولة التوسع في عملية الاقراض الربوي بجنون!! كان الحل عند شياطين الانس في مؤسسة JP Morgan المالية (بنك) وابتكروا ماردا سموه Credit default swap. مثال؟ تخيل أن هناك شركة تصوير اقترضت45000$ من بنك1. في هذه الحالة بنك1 يعقد اتفاقا مع بنك2 يكون بمقتضاه أن يدفع بنك1 أقساط ربع سنوية (أغلبها ربع سنوية ولكن ليس بالضرورة أي ممكن أقساط سنوية) لبنك2 ويتعهد بنك2 بدفع مبلغ معين كتعويض(يتفق عليه في الاتفاق) أو شراء أسهم معينة (ومرة أخرى يتم تعريف هذه الاسهم في الاتفاق.) في حالة عجز شركة التصوير عن السداد لبنك1. ظاهريا يمكن أن تقول أنها عملية تأمين للقرض ولكن!!!
    1. بنك1 ليس بالضرورة بنكا!
    2.بنك2 ليس بالضرورة بنكا!
    3. لايوجد قوانين واضحة تشرع CDS اللهم إلا الاتفاق بين الاطراف أي كل اتفاقية لها "قوانينها" المشكلة في ذلك أن كل طرف له الحق في تفسير بنود كل اتفاقية مبنية على .CDS
    وبناء على ذلك يمكن أي شخص أن يكون طرفا في CDS. يولد هذا الامر مشكلة جديدة وهي المضاربة!!كيف؟ افترض أنك مستثمر عرف بطريق ما(insider trading) أن شركة التصوير ستعجز عن سداد قرضها، كل ما عليك هو شراء وحدات الCDS الخاصة بها وتفوز بتعويض بنك2 لك في هذه الحالة(قمار او استثمار؟).
    افتح عينيك واقرأ 45$ ترليون (45$ ألف مليار) نعم هذا هو الآن حجم سوق CDS الذي بدأ في منتصف التسعينيات!! أي تقريبا لا توجد شركة في العالم الصناعي إلا اشتركت فيه شاريا أو بائعا (JP Morgan تعتبر أكبر شاري وبائع في نفس الوقت!).
    بما أننا على أبواب كساد عالمي. الجدير بالذكر اعلان شركة AIG مؤخرا عن دفعها 11$ بليون كتعويضات (بائع CDS) وتكبدها أكبر خسائر في تاريخها الذي يمتد إلى تسعين عاما!!!!
    وقفة تأمل:
    لقد حرم الله سبحانه وتعالى الربا وتوعد آكله بحرب من الله ورسوله قال الله تعالى في كتابه العزيزيَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ)[ سورة البقرة].
    ولقد تبين لنا بعض الخسائر الفادحة التي يجنيها المتعاملون بالربا سواء المقرضين أو المقترضين مصدقاً لما توعد به الله سبحانه وتعالى.
    إعداد أسرة تحرير
    موقع موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة
    www.55a.net
    الروابط:
    1. أزمة الرهان العقاري
    http://en.wikipedia.org/wiki/Subprime_mortgage_crisis
    2. شرح CDS
    http://accruedint.blogspot.com/2007/04/how-does-credit-default-swap-cds-work.html
    3. مخاطر CDS وتنافضاتها.
    http://www.businessspectator.com.au/bs.nsf/Article/Credit-default-swap-vertigo-C3S5W?OpenDocument
    4. المعلومات المتعلقة بالازمة القادمة بسبب CDS وفيها معلومات عن خسائر شركة AIG
    http://www.time.com/time/business/article/0,8599,1723152,00.html
    5. تعريف CDS وأمثلة عليها وتسميتها بسلاح الدمار الشامل المالي
    credit default swap: Definition and Much More from Answers.com


    http://www.55a.net/firas/arabic/?pag...&select_page=8
    الدنيا ساعة اختبار *** فإما جنة وإما نار تحقق من حديث
    http://www.dorar.net/hadith.php

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Sep 2004
    المشاركات
    2,203
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    الإعجاز الاقتصادي في القرآن
    حكمة تحريم الإسلام للربــا

    قال تَعَالَى:
    ( الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) [1].
    و عَنْ جَابِرٍ قَالَ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَيْهِ وَقَالَ هُمْ سَوَاءٌ)[2]
    تعريفه : الربا في اللغة : الزيادة، والمقصود به هنا : الزيادة على رأس المال .
    حكمه :و هو محرم في جمع الأديان السماوية، ومحظور في اليهودية والمسيحية والإسلام جاء في العهد القديم : ( إذا أقرضت مالاً لأحد من أبناء شعبي، فلا تقف منه موقف الدائن . لا تطلب منه ربحاً لمالك ) [3].
    و في كتاب العهد الجديد : ( إذا أقرضتم لمن تنتظرون منه المكافأة، فأي فضل يعرف لكم ؟ ولكن افعلوا الخيرات، وأقرضوا غير منتظرين عائدتها . وإذن يكون ثوابكم جزيلاً ) [4]واتفقت كلمة رجال الكنيسة على تحريم الربا تحريماً قاطعاً .
    مضار الربا على الاقتصاد والمجتمع والفرد
    الآثار النفسية والخلقية
    أنزل الله دينه ليقيم العباد على منهج العبودية الحقة، التي تعرج بهم إلى مدارج الكمال، وتسمو بهم إلى المراتب العليا، وبذلك يتخلصون من العبودية، ليقصروا أنفسهم على عبادة رب الخلائق، ويتخلصون بذلك من الفساد الذي يخالط النفوس في تطلعاتها ومنطلقاتها .
    إن الإسلام يريد أن يطهر العباد في نفوسهم الخافية المستورة، وفي أعمالهم المنظورة، وتشريعات الإسلام تعمل في هذين المجالين والقرآن الكريم سماهما بالتزكية والتطهير قال تعالى : (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) [5]
    وقد أقسم الرب تبارك وتعالى في سورة الشمس أقساماً سبعة على أن المفلح من زكا نفسه، والخائب من دساها، (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا) [6]
    والربا واحد من الأعمال التي تعمق في الإنسان الانحراف عن المنهج السوي، ذلك أن المرابي يستعبده المال، ويعمي ناظريه بريقه، فهو يسعى للحصول عليه بكل السبل، وفي سبيل تحقيق المرابي لهدفه يدوس على القيم، ويتجاوز الحدود، ويعتدي على الحرمات، إن الربا ينبت في النفس الإنسانية الجشع، كما ينبت الحرص والبخل، وهما مرضان ما أصابا نفساً إلا أفسدا صاحبها، ومع الجشع والبخل تجد الجبن والكسل، فالمرابي جبان يكره الإقدام، ولذلك يقول المرابون والذين ينظرون لهم : إن الانتظار هو صنعة المرابي، فهو يعطي ماله لمن يستثمره، ثم يجلس ينتظر إنتاجه لينال حظاً معلوماً بدل انتظاره، وهو كسول متبلد لا يقوم بعمل منتج نافع، بل تراه يريد من الآخرين أن يعملوا، ثم هو يحصل على ثمرة جهودهم، ولعل الآية القرآنية تشير إلى هذا المعنى قال تعالى : (وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ) ( [7]فالآية تشير إلى أن المرابي يعطي ماله للآخرين كي ينمو من خلالها .
    لقد وصف القرآن الكريم آكل الربا بقوله :
    (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) [8].
    كما أكد سبحانه أن الله سبحانه يذهب بركة الربا ويصيبه بالهلاك والدمار في قوله تعالى : (يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ) [9].
    الربا يحدث آثاراً خبيثة في نفس متعاطيه وتصرفاته وأعماله وهيئته، ويرى بعض الأطباء أن الاضطراب الاقتصادي الذي يولد الجشع، يسبب كثيراً من الأمراض التي تصيب القلب، فيكون من مظاهرها ضغط الدم المستمر، أو الذبحة الصدرية أو الجلطة الدموية، أو النزيف في المخ، أو الموت المفاجئ.
    و لقد قرر عميد الطب الباطني في مصر الدكتور عبد العزيز إسماعيل في كتابه ( الإسلام والطب الحديث ) أن الربا هو السبب في كثرة أمراض القلب[10]
    .
    تخبط المرابي :
    وقد وصف القرآن الحال الذي يكون عليها المرابي بحال الذي أصابه الشيطان بمس قال تعالى :
    (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (البقرة:275).
    والتخبط في اللغة ـ كما يقول النووي ـ رحمه الله تعالى ـ الضرب على غير استواء، يقال : خبط البعير إذا ضرب بأخفافه، ويقال للرجل الذي يتصرف تصرفاً رديئاً ولا يهتدي فيه هو يخبط خبط عشواء، وهي الناقة الضعيفة البصر ( [11]) .
    و لأن الشيطان يدعو إلى طلب اللذات والشهوات والاشتغال بغير الله، فهذا هو المراد بمس الشيطان، ومن كان كذلك كان في أمر الدنيا متخبطاً، فتارة الشيطان يجره إلى النفس والهوى وتارة الملك يجره إلى الدين والتقوى، فحدثت هناك حركات مضطربة، وأفعال مختلفة، فهذا هو التخبط الحاصل بفعل الشيطان "[12].
    و لكني أرى أن هذا التخبط الذي يصيب آكل الربا ليس مقصوراً على هذا الجانب الذي ذكره الرازي، بل هو أوسع مما أشار إليه، وهو ملازمة لحالته النفسية واضطرابه في تصرفاته وأعماله .
    انعكاسات الربا على المجتمعات الإنسانية :
    لا يمكن أن تقوم المجتمعات الإنسانية ما لم يترابط الناس فيما بينهم بروابط الود والمحبة القائمة على التعاون والتراحم والتكافل، ومنبع الود والمحبة والتكافل والتعاون والتراحم والأخوة بين أبناء الأمة الواحدة .
    و الأفراد في المجتمعات، أو القطاع من الأمة الذين لا تؤرقهم آلام إخوانهم وأوجاعهم ومصائبهم كالعضو المشلول، الذي انعدم فيه الإحساس، وانقطعت روابطه بباقي الجسد، ومثله كمثل الحمار الذي يدور حول الرحى، ذلك أن اهتماماته وتطلعاته وغاياته تدور حول أمر واحد هو مصالحه الذاتية، فلا تراه لدموع الثكالى، ولا لأنات الحزانى، ولا لأوجاع اليتامى، يرى البؤساء والفقراء فلا يعرف من حالهم إلا أنهم صيد يجب أن تمتص البقية الباقية من دمائهم .
    ألم يصل الحال بالمرابين قسات القلوب إلى أن يستعبدوا في بعض أدوار التاريخ أولئك المعسرين الذين لم يستطيعوا أن يفوا بديونهم وما ترتب عليها من ربا خبيث .
    ألم يخرج أبو لهب العاص بن هشام إلى بدر، لأن العاص مدين لأبي لهب، ففرض عليه الخروج إلى المعركة بدلاً عنه .
    كيف ينعم مجتمع إذا انبث في جنباته أكلة الربا الذين يقيمون المصائد والحبائل لاستلاب المال بطريق الربا وغيره من الطرق !! وكيف يتآلف مجتمع يسود فيه النظام الربوي الذي يسحق القوي فيه الضعيف ..
    كيف نتوقع أن يحب الذي نهبت أموالهم، وسلبت خيراتهم ـ ناهبيهم وسالبيهم !! إن الذي يسود في مثل هذه المجتمعات هو الكراهية والحقد والبغضاء، فترى القلوب قد امتلأت بالضغينة ،و الألسنة ارتفعت بالدعاء على هؤلاء الأشقياء الذين سلبوهم أموالهم، وكثيراً ما يتعدى الأمر ذلك عندما يقومون بثورات تعصف بالمرابين وأموالهم وديارهم، وتجرف في طريقها الأخضر واليابس .
    يقول المراغي رحمه الله تعالى : " الربا يؤدي إلى العداوة والبغضاء والمشاحنات والخصومات، إذ هو ينزع عاطفة التراحم من القلوب، ويضيع المروءة، ويذهب المعروف بين الناس، ويحل القسوة محل الرحمة، حتى إن الفقير ليموت جوعاً، ولا يجد من يجود عليه ليسد رمقه، ومن جراء هذا منيت البلاد ذات الحضارة التي تعاملت بالربا بمشاكل اجتماعية، فكثيراً ما تألب العمال وغيرهم على أصحاب الأموال، واضربوا عن العمل بين الفينة والفنية، والمرة بعد المرة . ومنذ فشا الربا في الديار المصرية ضعفت فيها عاطفة التعاون والتراحم، وأصبح المرء لا يثق بأقرب الناس إليه، ولا يقرض إلا بمستند وشهود، بعد أن كان المقرض يستوثق من المقترض ـ ولو أجنبياً ـ بألا يحدث أحداً بأنه اقترض منه، وما كان المقرض في حاجة في وصول حقه إليه إلى مطالبة، بلا محاكم ومقاضاة " [13].

    و لقد بلغت خسة الطبع وفساد الخلق بالمرابين اليهود إلى أن يتآمروا على المجتمعات التي فتحت أبوابها لهم، بل على العالم بأسره، ويوقدون نيران الحروب، ويسعون في الفساد، وقد نبأنا القرآن خبرهم، وكشف لنا جرمهم عندما قال :
    (وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَاراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) [14]
    و قد نبه كثير من الكتاب المحققين إلى أن أباطرة المال اليهود هم الذين كانوا وراء إشعال نيران الحروب في القرن الماضي، كما أنهم هم الذين أوقدوا نيران الحربين العظميين في القرن . لقد سالت الدماء أنهاراً، أهدرت ملايين من الدنانير، كل ذلك ليربو المال اليهود، وتعظم سيطرة اليهود في العالم .

    الخلل الذي يصيب المجتمع بسبب اختلال توزيع الثروة فيه :
    إذا أصبح المال دولة بين الأغنياء، شقي أغنياؤ ذلك المجتمع وفقراؤه، والربا يركز المال في أيدي فئة قليلة من أفراد المجتمع الواحد ،و يحرم منه المجموع الكثير، وهذا خلل في توزيع المال، يقول الدكتور ( شاخت ) الألماني، مدير بنك الرايخ الألماني سابقاً في محاضرة ألقاها في سوريا في عام 1953 : " إنه بعملية رياضية ( غير متناهية ) يتضح أن جميع المال صائر إلى عدد قليل جداً من المرابين، ذلك أن الدائن المرابي يربح دائمـاً في كل عمليـة، بينما المدين معرض للربح والخسارة، ومن ثم فإن المال كله في النهايـة لا بد بالحساب الرياضي أن يصير إلى الذي يربح دائماً ( [15])
    .
    و هو الذي يجعل اليهود يصرون على التعامل بالربا، ونشره بين العباد، كما يحرصون على تعليم أبنائهم هذه المهنة، كي يسيطروا على المال ويحوزوه إلى خزائنهم .
    و هذا الخلل الذي يحدثه الربا في المجتمعات الإنسانية ـ وهو خلل توزيع الثروة ـ داء يعجز علاجه الأطباء، وقد اعترف رجال الاقتصاد الكبار في العالم الغربي، ومن هؤلاء ( شارل رست )، ورست هذا ـ كما يقول العالم الاقتصادي المسلم عيسى عبده ـ رحمه الله ـ حجة في تاريخ المذاهب الاقتصادية وصاحب مدرسة ليس لها نظير في العالم الغربي، وقد اعترف ( رست ) بعجزه التام عن حل مشكلات العالم الذي يعيش فيه، بعد أن بلغ قمة نضجه، يقول (رست ) : " إنني وقد قاربت سن التقاعد، أريد أن أوصي الجيل الأصغر مني سناً في هذا القضية : لقد أصبحنا الآن بعد هذه الجهود الطويلة في بلبلة مستمرة، فكلنا يشقى بسبب توزيع الثروة، وتوزيع الدخل، سواء منها ما كان جزئياً، مثل قضية الفائدة والربا، أم ما كان مثل تفاوت الطبقات، تعبنا في هذا ولم نصل إلى شيء "[16].
    بالله عليك ألم يصرح (رست ) بالنتيجة الحتمية التي يصير إليها كل معرض عن هدي السماء : لقد أصبحنا في بلبلة مستمرة ..، كلنا يشقى بسبب توزيع الثروة .. تعبنا ولم نصل إلى شيء ..، إنه الشقاء، شقاء الحياة الدنيا، وشقاء الآخرة أشد وأبقى قال تعالى : ( ومن أعرض عن ذكري فإنّ له معشية ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى . قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيراً . قال كذلك أتتك ءاياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى . وكذلك نجزي من أسرف ولم يؤمن بآيات ربه ولعذاب الآخرة أشد وأبقى ) [17].

    تدمير الربا للمجتمعات :
    الربا بما يحدثه في النفوس من أمراض، وبما بوجده في الاقتصاد من بلايا، وبما يصنعه من خلل ـ يصيب المجتمعات الإنسانية بالدمار .
    و صاحب الموسوعة الاقتصادية يقرر أن :" الربا لعب دوراً هاماً في انهيار المجتمعات البدائية وظهور الاقتصاديات القائمة على الرق ن فنظراً لأن القرض كان مضموناً بشخص المقترض نفسه إلى جانب ضمانات أخرى كانت النتيجة نزع ملكية صغار المزارعين، وتحويل عدد منهم إلى رقيق، مما أدى في النهاية إلى تركيز الملكية العقارية في أيدي قلائل "[18].
    هذا ما فعله الربا في الماضي، وقد استطاع الكتاب الذي عرفوا باطن الأمور أن يدركوا آثاره في تلك المجتمعات، ولكن كثيراً من هؤلاء يظنون أن الفائدة الربوية اليوم لا تحدث في المجتمعات الإنسانية ما أحدثته في المجتمعات البدائية .
    لقد حول المرابون في القديم البشر إلى عبيد يعملون في المزارع التي سرقوها من أولئك العبيد، ولا يزال المرابون إلى اليوم يسعون إلى السيطرة على ثمار جهود البشر، وسرقة عرقهم وأموالهم .
    إن عصور الربا الفاحش لم تنته بعد، فذلك وهم، إن لائحة مقرضي المال الصادرة في بريطانيا في سنة 1927 تسمح للمرابين بفرض فائدة تبلغ 48 في المئة [19]هذه هي النسبة المقررة أما المتعامل بها فكانت أعلى من ذلك بكثير، وينقل لنا أنور قرشي بعض الأمور المذهلة التي كانت تجري في بريطانيا العظمى في الربع الأول من هذا القرن ن من تقرير أعدته لجنة مشتركة من مجلس اللوردات ومجلس العموم عن صكوك مقرضي المال في سنة 1925، وعن طريق تقصي أضرار إقراض المال في ( ليفربول ) في سنة 1924 .
    لقد توصل أصحاب التقرير إلى أن بعض القروض كانت تصل نسبة الفائدة فيها إلى 250 في المائة و260 و400 و433 في المائة، بل بلغت النسبة في بعض الأحيان، كما يقول التقرير إلى 866 و1300 في المائة في السنة .
    لم يكن ما تحدث عنه تقرير مجلس اللوردات ومجلس العموم في أعظم دولة آنذاك حالات فردية لقد قال ممثل اتحاد مقرضي المال للجنة المشتركة : " إن إقراض المال مهنة ضخمة، وإني أقدم إليكم الأرقام، هل يدهش سعادتكم أن تعرفوا أن هناك ما يزيد على 300 من مقرضي المال المسجلين في هذه البلاد "، وتحدث التقرير عن وجود 1380 من هؤلاء المرابين في ( ليفربول وبركنهيد )، وبمقارنة عددهم بعدد السكان وجد أن كل 730 لهم مقرض مرابي [20]
    و قد كانت الحال في أمريكيا في الربع الأول من هذا القرن ت كما يقول إقبال القرشي ـ لا تقل سواء عن حال بريطانيا، وقد نقل وقائع وتقارير تدل على أن المرابين كانوا ينالون نسباً عالية تبلغ 20 في المائة، و40 في المائة و100 في المائة، وأكثر من هذا [21].
    أما في بلد متأخر كالهند مثلاً فيكفي أن نعلم أن فلاحي مقاطعة البنجاب كانوا يدفعون فوائد تعادل ضعف ريع الأرض كلها، كما جاء في كتاب ( سير مالكو لم لوبال، درالنج ) الموسوم بـ ( الكلاسيكي ) [22].
    قد يقال إن الحال اليوم قد تغير، والفائدة أصبحت محددة، وهي لا ترهق الأفراد ولا المؤسسات ولا الحكومات، أقول هذا قصور في النظر وخطل في القول، فإن فوائد البنوك الربوية وبيوتات المال في أوائل هذا القرن لم تكن تتعدى الثلاثة أو الأربعة أو الخمسة أو الستة أو السبعة في المائة على أكثر تقدير، أما اليوم فإن الفائدة التي كانت تعلنها البنوك الربوية قد بلغت 18، أو 20 في المائة وهي اليوم 10 في المائة، و11 في المائة، و12 في المائة، وقد بلغ الربا في بعض التعاملات في الكويت (800) في المائة فيما عرف بأزمة المناخ، ويذكر المطلعون على تفاصيل الأزمة أن حجم الأموال التي سببت الأزمة بلغ ( 27) ملياراً منها ( 9) مليارات تراكمت بسبب الربا، والذين لا يأكلون الربت كانوا أبعد الناس عن التأثر بهذه الأزمة . ومما يدل على أن هذا البلاء لا يزال آخذاً بأنفاس الناس، ولا يزال رابضاً على قلوبهم، أن ما يسمى بدول العالم الثالث، اليوم مثقلة بديون لا تستطيع صادراتها كلها أن تفي بسداد خدمة الدين الربوية .

    الآثار الاقتصادية للربا :
    الربا آفة من الآفات إذا أصابت الاقتصاد فإنها تنتشر فيه انتشار السرطان في جسم الإنسان، وكما عجز الأطباء عن علاج السرطان فإن المفكرين ورجال السياسة والاقتصاد عجزوا عن علاج بلايا الربا، ومن العجيب أن بعض الناس ظنوا أن الربا يحدث خيراً للناس، ومثلهم في ذلك مثل الذين يظنون أن التورم في بعض الأجسام الناشئ عن المرض صحة وعافية، فليس كل تضخم في الجسد صلاحاً، إن السرطان إنما هو تكاثر غير طبيعي لخلايا الجسد، وهذا التكاثر ليس في مصلحة الإنسان، بل هو مدمر لحياته، وفاتك به .
    و كذلك ما يولد الربا ليس صلاحاً للاقتصاد بل هو مدمر للاقتصار، والمشكلة أن بلايا الربا لا تظهر مرة واحدة في كان المجتمع وكيان الاقتصاد، يقول الرازي : " إن الربا وإن كان زيادة في الحال إلا أنه نقصان في الحقيقة "[23]وهذا مستفاد من النص القرآني : ( يمحق الله الربا ) [24] فالمحق نقصان الشيء حالاً بعد حال، ومنه محاق نقصان الشيء حالاً بعد حال، ومنه محاق القمر يعني انتقاصه ليلة بعد أخرى، فالذين يتعاملون بالربا يظنون أن فيه كسباً، والحقيقة التي أحبر بها العليم الخبير، والتي كشف عنها واقع البشر الذي دمره سرطان الربا أن الربا ممحقة للكسب مدمر للاقتصاد، ذلك أنه يصيبه بعلل خبيثة يعي الطبيب النطاسي دواؤها، الربا ليس بركة ورخاء بل هو مرض عضال يذهب المال ويقلله، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " إن الربا وإن كثر فإن فإنّعاقبته تصير إلى قل " أي قلة، رواه ابن ماجه وأحمد والبيهقي في شعب الإيمان .
    و علماؤنا الذين أبصروا الحقائق من خلال النصوص القرآنية والحديثية أدركوا هذه الحقيقة، وقد نقلنا قول الرازي الذي يقول فيه : " إن الربا وإن كان زيادة في الحال إلا إنه نقصان في الحقيقة، وإن الصدقة وإن كانت نقصاناً الصورة فهي زيادة في الحقيقة " ويقول المراغي : " إن عاقبة الربا الخراب والدمار، فكثيراً ما رأينا ناساً ذهبت أموالهم، وخربت بيوتهم بأكلهم الربا " [25].
    و يقول القاسمي : " المال الحاصل من الربا لا بركة له، لأنه حاصل من مخالفة الحق، فتكون عاقبته وخيمة " [26]
    و الآفات الاقتصادية التي يجلبها الربا كثيرة، وسنتناول في هذه الدراسة ما بدا لنا منها :

    1 . تعطيل الطاقة البشرية :
    الربا يعطل الطاقات البشرية المنتجة، ويرغب في الكسل وإهمال العمل، والحياة الانسانية غنما ترقى وتتقدم إذا بذل الجيمع طاقاتهم الفكرية والبدنية في التنمية والإعمار، والمرابي الذي يجد المجال رحباً لإنماء ماله بالربا يسهل عليه الكسب الذي يؤمن له العيش، فيألف الكسل، ويمقت العمل، ولا يشتغل بشي من الحرف والصناعات الشاقة، وذلك يفضي إلى انقطاع منافع الخلق، ومن المعلوم أن مصالح العالم لا تنتظم إلا بالتجارات والحرف والعمارات " [27]
    ثم إن تعطيل الربا للطاقات المنتجة لا يتوقف على تعطيل طاقة المرابي، بل إن كثيراً من طاقات العمل ورجال الأعمال قد تقل أو تتوقف، ذلك أن الربا يوقع العمال في مشكلات اقتصادية صعبة، فالذين تصيبهم المصائب في البلاد الرأسمالية لا يجدون إلا المرابي الذي يقرضهم المال بفوائد عالية تعتصر ثمرة أتعابهم، فإذا أحاطت هذه المشكلات بالعمال أثرت في إنتاجهم .
    هذا جانب وجانب آخر أن الربا يسبب الركود الاقتصادي والبطالة وهذا يعطل الطاقات العاملة في المجتمعات الإنسانية .
    2. تعطيل المال :
    و كما يعطل الربا جزءاً من الطاقات البشرية الفاعلة، كذلك يعطل الأموال عن الدوران والعمل ،والمال للمجتمع يعد بمثابة الدم الذي يجري في عروق الإنسان، وبمثابة الماء الذي يسيل إلى البساتين والحقول، وتوقف المال عن الدوران يصيب المجتمعات بأضرار فادحة، مثله كمثل انسداد الشرايين، أو الحواجز التي تقف في مجرى الماء .
    و قد رهب الله تبارك وتعالى الذي يكنزون المال، وتهددهم بالعذاب الأليم الموجع ( والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم . يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون ) [28]
    و قد شرع الله من الأحكام ما يكفل استمرار تدفق المال إلى كل أفراد المجتمع، بحيث لا يصبح المال دولة بين الأغنياء دون غيرهم، ( كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم ) [29]

    و المرابي بجبنه وتطلعاته إلى الكسب الوفير لا يدفع ماله إلى المشروعات النافعة والأعمال الاقتصادية إلا بمقدار يضمن عودة المال وافراً كثيراً، وهو يحبسه إذا ما أحس بالخطر، أو طمع في نيل نسبة أعلى من الفائدة في المستقبل، عندما يقل المال في أيدي الناس يقع الناس في بلاء كبير .
    ثم إن مقترضي المال بالربا لا يسهمون في الأعمال المختلفة إلا إذا ضمنوا نسبة من الربح أعلى من الربا المفروض على الدين .
    3. التضخم :
    " التضخم يقصد به وجود اتجاه صعودي في الأثمان بسبب وجود طلب زائد أو فائض بالنسبة إلى إمكانية التوسع في العروض "[30].
    و التضخم له أسباب طبيعية وأسباب غير طبيعية، ومن الأسباب غير الطبيعية الربا، فالمرابي بما يفرضه من فائدة مرتفعة يجبر أصحاب السلع والخدمات على رفع أثمان هذه السلع والخدمات، ولا شك أن التضخم يسيء إلى الناس كثيراً خاصة أصحاب الدخول النقدية الثابتة كالموظفين والعمال، ومن ثم تنخفض دخولهم الحقيقية، وإذا اضطرت الحكومات إلى مواجهة الأمر برفع دخول الموظفين والعمال فالملاحظ أن تقرير الزيادة لا يتم بسرعة وفي الوقت المناسب، ولذلك يجب أن يعمل المفكرون ورجال السياسة والاقتصاد على محاربة التضخم، خاصة ذلك النوع الذي يسميه الاقتصاديون بالتضخم الجموح والذي ترتفع فيه الأثمان ارتفاعاً غير طبيعي، ومن أعظم الأسباب التي تؤدي إليه الربا، فمنعه إنما هو علاج لمرض خطير .
    4ـ الكساد والبطالة :
    إذا ارتفعت أثمان الأشياء ارتفاعاً عالياً فإن الناس يكفون عن الإقبال على السلع والخدمات المرتفعة الأثمان، إما لعدم قدرتهم على دفع أثمانها، أو لأنها ترهق ميزانيتهم، وإذا امتنع الناس عن الشراء كسدت البضائع في المخازن والمتاجر، وعند ذلك تقلل المصانع من الإنتاج، وقد تتوقف عنه، ولابد في هذه الحالة من أن تستغني المصانع والشركات عن جزء من عمالها وموظفيها في حالة تخفيض إنتاجها، أو تستغني عن جميع عمالها وموظفيها إذا توقفت عن الإنتاج، وعندما يحس المرابون بما يصيب السوق من زعزعة يزيدون الطين بلة، فيقبضون أيديهم، ويسحبون أموالهم فعند ذلك تكون الهزات الاقتصادية .
    الأمر عجيب، لأن الأموال في المجتمع كثيرة، ولكنها في خزائن المرابين، والناس بحاجة إلى السلع، ولكنهم لا يشترونها لعدم وجود المال بين أيدهم، والعمال يحتاجون إلى عمل، ولكن المصانع والشركات تمتنع من تشغيلهم لحاجتها إلى المال من جانب وإلى تصريف بضاعتها من جانب، إن الربا يحدث خللاً في دورة التجارة، والإسلام في سبيل إصلاح هذا الخلل حرم الربا، وشرع تشريعات كثيرة تمنع تركز المال في أيدي طائفة من أفراد المجتمع .
    و اليوم تعاني أمريكا زعيمة العالم الرأسمالي من أزمة بطالة مخيفة .
    إن تكبيل الأمم بهذه القيود الرهيبة يجعلها تعمل يجعلها تعمل وتعمل وتعمل ولا تستفيد من عملها شيئاً، كل عملها يذهب إلى خزن المرابين، وعند ذلك لا يستطيع الأفراد الحصول على حاجياتهم، ومع ذلك فإن الدولة تفرض المزيد من الضرائب، وترفع الأسعار لمواجهة العجز في مدفوعاتها، فتقوم الثورات وتحصل الاضطرابات وتزهق الأرواح، وما يحدث في كثير من دول العالم ليس يسر .
    و قد يصل الأمر إلى درجة تعجز الدولة عن السداد وعند ذلك تلغي الدولة ديونها كما حدث في كوبا في سنة 1961، وكوريا الشمالية في سنة 1974، ويقول ( ستيروارت جرينبوم) أستاذ البنوك والتمويل بجامعة ( نورث وسترن ) : " تصور نفسك أحد الحكام الديكتاتوريين في أمريكا اللاتينية، وقد غرقت في الديون، فإذا ما وافقت على شروط صندوق النقد الدولي، وخفضت مثلاً من حجم الواردات، فسوف تواجه بمظاهرات الاحتجاج ،و حركات التمرد في الشوارع، وإذا ما عجزت عن سداد الديون، وتوقفت عن الدفع فسوف تنبذ من المجتمع الدولي ومن أسواق الإقراض العالمية، وعندما توقن أن الحل الأول سيعلقك مشنوقاً على فرع شجرة ـ قطعاً ـ ستسلك الطريق الثاني : وهو التوقف عن السداد "[31].
    5 ـ توجيه الاقتصاد وجهة منحرفة :
    ومن بلايا الربا أنه يوجه الاقتصاد وجهة منحرفة، فالمرابي يدفع لمن يعطيه ربحاً أكثر، وآخذ القرض الربوي لا يوظف المال الذي اقترضه إلا في مجالات تعود عليه بربح أكثر مما فرضه عليه المرابي، إذن القضية تكالب على تحصيل المال، وفي سبيل ذلك تتجاوز المشروعات النافعة التي تعود بالخير على المجتمع، ويوظف المال في المشروعات الأكثر إدراراً للربح .
    6ـ تشجيعه على المغامرة والإسراف :
    الحصول على المال بالربا سهل ميسور، ما دام المرابي يضمن عودة المال إليه، ولذا فإن الذين ليس لهم تجربة، وليس عندهم خبرة ـ يغريهم الطمع، فيأخذون القروض بالربا، ثم يدخلون في أعمال ومشروعات قد يكون محكوماً عليها بالفشل، أو يدخلون في أعمال هي أقرب إلى المقامرة منها إلى الأعمال الصالحة، ومتى كثر هذا النوع من الأعمال فإنه يضر باقتصاد الأمة، والمرابي لا يمتنع من إمداد هؤلاء بالمال، لأنه لا يشغل باله الطريقة التي يوظف المال بها، وكل ما يشغله عودة المال برباه، وقد أوجب علينا الإسلام منه السفيه من التصرف في ماله حفاظاً على ثروة الأمة من الضياع ( ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياماً ) [32]
    ولا حظ قوله : ( أموالكم ) فقد جعل مال السفيه مالاً للأمة بها قوام أمرهم، فالربا يسهل وضع الكثير من مال الأمة بين أيدي المغامرين والجهلاء الذي قد يبددون هذه الأموال، ويزداد الأمر سوءاً عندما يستولي المرابي على بيوتهم ومزارعهم والبقية الباقية من مصانعهم ومتاجرهم .
    و سهولة الإقراض بالربا تشجع على الإسراف وإنفاق المال فيما لا يفيد ولا يغني، وقد ذكرت مجلة التايم الأمريكية في الدراسة التي قدمتها عن ديون العالم الثالث في مطلع هذا العالم أن دولة ( ليبريا) انغمست في الدين الربوي من أجل استضافة اجتماعات منظمة الوحدة الإفريقية .
    كما ذكرت أن جمهورية ( إفريقيا الوسطى ) قامت بإنفاق خمسن مليون دولار أمريكي " نصف الميزانية السنوية لتلك الدولة تقريباً وذلك في عام 1977" على حفل تتويج الإمبراطور بوكاسا .
    يقول المراغي يسهل على المقترضين أخذ المال من غير بدل حاضر ويكرن لهم الشيطان إنفاقه في وجوه الكماليات التي كان يمكن الاستغناء عنها، ويغريهم المزيد من استدانة، ولا يزال يزداد ثقل الدين على كواهلهم حتى يستغرقون أموالهم، فإذا حل الأجل لم يستطيعوا الوفاء وطلبوا تأجيل الدين، ولا يزالون يماطلون ويؤجلون، والدين يزداد يوماً بعد يوم، حتى يستولي الدائنون قسراً على كل ما يملكون فصبحوا فقراء معدمين، وصدق الله ( يمحق الله الربا ويربي الصدقات ) سورة البقرة : [33].
    7 ـ وضع مال المسلمين بين أيدي خصوم الإسلام :
    من أخطر ما أصيب به المسلمون أنهم أودعوا الفائض من أموالهم في البنوك الربوية في دل الكفر، وهذا الإيداع يجرد المسلمين من أدوات النشاط الإقتصادي ومن القوة القاهرة في المبادلات، ثم يضعها في أيدي أباطرة المال اليهودي الذين أحكموا سيطرتهم على أسواق المال، وهذه الفوائد الخبيثة التي يدفعها لنا المرابون هي ثمن التحكم في السيولة الدولية .
    المصدر :
    الربا ودوره في استغلال موارد الشعوب تأليف عيسى عبدو
    [1][سورة البقرة : 275] [2][رواه مسلم : 2995][3]. [آية 25، فصل ا22، سفر الخروج][4].[ آية 34 وآية 35 من الفصل 6 من إنجيل لوقا ].[5](التوبة:103)[6](الشمس:9)[7](الروم:39)[8](البقرة:275)[9](البقرة:276) [10] [2] بحوث في الربا لأبي زهرة : ص 24 ـ طبع دار البحوث ـ الكويت ـ الأولى 1390هـ = 1980 . [11] [3] المجموع للنووي : 9/391.[12] [5] تفسير الرازي : 2/360[13]تفسير المراغي : 3/57 ، طبعة مصطفى البابي الحلبي ـ مصر .[14](المائدة:64) [15]في ظلال القرآن : 3/341 طبعة دار الشروق . [16]الربا في الإسلام لعيسى عبد ص10، نشر الدار الكويتية للطبع ـ الكويت .[17] سورة طه : 124ـ 126. [18]الموسوعة الاقتصادية لراشد الراوي : ص 263 ، طبعة دار النهضة العربية ـ الأولى 1971.[19]المائة الإسلام و الربا لأنور إقبال القرشي : ص 206 ، ترجمة فاروق حلمي ، نشر مكتبة مصر ـ القاهرة[20]المصدر السابق : ص206..[21]المصدر السابق : ص206..[22]المصدر السابق : ص206..[23] تفسير الرازي : 2/363[24] سورة البقرة : 276،[25][26]محاسن التأويل : 3/710[27] تفسير الرازي : 2/358..[28] سورة التوبة : 34 ـ 35[29] سورة الحشر : 7.[30] الموسوعة الاقتصادية : ص162


    الدنيا ساعة اختبار *** فإما جنة وإما نار تحقق من حديث
    http://www.dorar.net/hadith.php

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Sep 2004
    المشاركات
    2,203
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    صحيفة الفاتيكان تروج للنظام المالي الإسلامي

    http://www.youtube.com/watch?v=dgW6o...layer_embedded
    التعديل الأخير تم 09-04-2009 الساعة 05:01 AM
    الدنيا ساعة اختبار *** فإما جنة وإما نار تحقق من حديث
    http://www.dorar.net/hadith.php

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Sep 2004
    المشاركات
    2,203
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    أي مستقبل للإمبراطورية الأمريكية؟


    د. إدريس لكريني
    (أستاذ جامعي، كلية الحقوق، مراكش، المغرب)
    يشهد التاريخ البشري على أن مختلف الإمبراطوريات العالمية الكبرى؛ عادة ما كانت تؤول نحو الانحدار والتراجع والانهيار أحيانا؛ بعد فترة من الرقي والازدهار؛ نتيجة لمجموعة من العوامل الداخلية أو الخارجية.
    وضمن هذا السياق ونتيجة لسقوط الاتحاد السوفيتي ونهاية الحرب الباردة وما نتج عنه من غياب منافس قوي وعنيد، خلا الجو للولايات المتحدة الأمريكية لكي تبسط هيمنتها على الشؤون العالمية؛ وتعلن قيادتها وزعامتها لهذا العالم المتغير.
    ولم تكد تمر سوى سنوات قليلة؛ حتى وضعت هذه الزعامة محل تساؤل العديد من الباحثين والمهتمين؛ وحول مدى قدرة هذه الدولة على الصمود باتجاه تثبيت وتدعيم زعامتها أمام بروز مجموعة من التحديات والإكراهات.
    أولا: مقومات استثنائية واستراتيجيات منحرفة
    عرف مفهوم القوة في حقل العلاقات الدولية تطورا كبيرا؛ بالموازاة مع مختلف التحولات والتطورات شهدها العالم، فبعد أن كان يقتصر على العامل العسكري والبشري، ثم الاقتصادي في مرحلة لاحقة، انضافت إليه عوامل أخرى أكثر حيوية وأهمية من قبيل اعتماد التكنولوجيا الحديثة والحضور الدبلوماسي الدولي، وفعالية المؤسسات السياسية..
    والظاهر أن هناك إمكانيات ومقومات فريدة؛ عسكرية وسياسية وثقافية واقتصادية مدعمة بقدرات تكنولوجية هائلة وإمكانيات بشرية مدربة ومتطورة؛ مستندة إلى مؤسسات سياسية وقانونية داخلية قوية وفعالة، بالإضافة إلى إمكانيات إعلامية واسعة ومؤثرة، اجتمعت لدى الولايات المتحدة بشكل استثنائي؛ مما أسهم بشكل جلي في حضورها الدولي الفاعل واستفرادها بالشؤون الدولية بمختلف تجلياتها.
    وضمن هذا السياق، وباستحضار العامل العسكري؛ تخصص هذه الدولة ميزانية سنوية كبيرة لاستثمارها في هذا المجال؛ وقد استطاعت بذلك أن تراكم ترسانة عسكرية ضخمة كما ونوعا؛ بدءا بالأسلحة التقليدية ثم النووية؛ وصولا إلى الأنظمة الدفاعية المتطورة؛ مما أهلها لتكون أكبر قوة عسكرية في العالم.
    ومعلوم أن أهمية العنصر العسكري كمقوم للزعامة وبسط الهيمنة؛ لا يتأتى من خلال امتلاك هذه الإمكانيات فقط؛ ولكن من خلال القدرة على توظيف هذه القدرات العسكرية في تدبير قضايا وأزمات دولية وإقليمية بشكل مباشر أو غير مباشر (عبر سياسة الردع) خدمة للمصالح الوطنية و"القومية"، وهو ما تنفرد به الولايات المتحدة الأمريكية لحد الآن؛ ذلك أن امتلاك روسيا مثلا لإمكانيات عسكرية كبيرة؛ لا يعني بالضرورة أنها أضحت طرفا مركزيا في العلاقات الدولية قادرا على تحقيق التوازن الدولي..
    وعلى الصعيد الاقتصادي، فهذه الدولة التي تملك إمكانيات فلاحية وصناعية وخدماتية كبيرة..، توظف شركاتها العملاقة، وتستثمر بعض المؤسسات الاقتصادية العالمية التي تسيطر عليها كمنظمة التجارة العالمية والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي..، في تدعيم وتفعيل مواقفها وسياساتها على الصعيد الدولي في مختلف المجالات.
    وعلى مستوى الحضور الدبلوماسي والسياسي على امتداد مناطق مختلفة من العالم؛ فهو حضور فعال منذ نهاية الحرب الباردة، تعزز مع حرب الخليج الثانية؛ وتأكد في عدة أزمات وقضايا دولية عديدة أخرى.
    ومنذ زوال القطبية الثنائية؛ حرصت هذه الدولة على المحافظة "النظام الدولي الجديد" الذي بشرت به في بداية التسعينيات؛ باعتباره يضمن لها تبوء مركز القيادة فيه، مستثمرة في ذلك كل هذه الإمكانيات.
    وقد أسهم الغياب الملحوظ لمنافسين أقوياء، في تزايد تكريس هذه الزعامة ميدانيا، فاليابان الذي لم يستطع التخلص بعد من مشاكله الاقتصادية والمالية المتنامية، اعتبر البعض أن التوسع الذي يشهده هذا البلد على المستوى الاقتصادي تشوبه اللاشرعية في نظر الغرب؛ بحيث لا يسانده مشروع سياسي يرتكز على قيم عالمية الاستخدام. فيما يلاحظ أن الصين لا زالت منشغلة بقضايا داخلية واستراتيجية أكثر أهمية وأولوية من فرض قطبيتها حاليا. أما الاتحاد الأوربي وعلى الرغم من إنجازاته الكبرى، لم يتمكن بعد من بلورة سياسة خارجية موحدة إزاء قضايا دولية وجهوية عديدة.. فيما لا تزال روسيا منشغلة بالمشاكل التي أفرزتها المرحلة الانتقالية؛ بمختلف مظاهرها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية..
    ثانيا: ريادة وسط التحديات
    رغم توافر مجموعة من المؤهلات التي تمنح للولايات المتحدة مكانة متميزة ورائدة في المجتمع الدولي، فإن هناك العديد من الإكراهات والتحديات التي تواجهها بشكل جدي.
    فعلى الصعيد الداخلي، بدأت تعتري الاقتصاد الأمريكي في السنوات الأخيرة صعوبات عدة من بينها الركود، بالإضافة إلى الخطر الذي يفرضه تحدي نضوب مصادر الطاقة بهذا البلد، كما تراجعت نسبة ما قدمته هذه الدولة من معارف وتكنولوجيا جديدة في العالم من 75 بالمائة سنة 1945 إلى 36 بالمائـة عام 1996؛ وتشهد المدارس والجامعات الأمريكية حالات من التدهور يبرزها تراجع طلابها أمام نظرائهم الأجانب في مختلف العلوم والتخصصات.
    أما على الصعيد الخارجي؛ فقد لوحظ في السنوات الأخيرة أن هناك سعيا حثيثا لليابان نحو تأكيد تواجدها الدولي، حيث أصبحت تهتم بالشؤون الدولية وتشارك أحيانا ضمن عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام.
    فيما يعرف الاتحاد الأوربي تطورا كبيرا على المستوى الاقتصادي والمالي والإستراتيجي، وإقدامه بعض أطرافه (كفرنسا وألمانيا..) على الدخول في بعض المواجهات مع الولايات المتحدة بخصوص بعض السياسات الزراعية والثقافية والقضايا الدولية الكبرى(احتلال العراق، القضية الفلسطينية..).
    وتعرف الصين تطورا اقتصاديا مهما تشهد عليه معدلات النمو القياسية التي فاقت كل التوقعات، ومما لاشك فيه أن هذه الدولة لا تريد المجازفة حاليا بالدخول في منافسة استراتيجية وسياسية مع الولايات المتحدة قد تكلفها الكثير وتستنزف قدراتها، مستفيدة في ذلك من التجربة السوفيتية في هذا الشأن؛ ولذلك فهي تفضل المهادنة والمرونة والاتزان في هذه الفترة بالذات على الأقل.
    وعلى الجانب العسكري؛ تزايدت التحديات أيضا، فهناك العديد من الدول التي تمتلك ترسانة عسكرية هامة ومتطورة تؤهلها لخلق نوع من التوازن الإستراتيجي مع الولايات المتحدة كروسيا التي عبرت غير ما مرة عن معارضتها للسياسة الأمريكية جهويا (منطقة شرق أوربا) وعالميا، فيما نجد العديد من الدول اخترقت النادي النووي كالهند وباكستان وكوريا الشمالية؛ وأخرى تسعى بإصرار نحو امتلاك وتطوير ترسانتها التقليدية والإستراتيجية (أنظمة الصواريخ المتطورة، الأسلحة النووية...) إيران..
    وعموما فالترسانة العسكرية التي تعتز الولايات المتحدة بامتلاكها، لم تكن في يوم ما كفيلة بحماية الدول والإمبراطوريات من مخاطر الانهيار وضامنة لبقائها، ولنا في النموذج السوفيتي دليلا قويا على ذلك.
    وعلى الصعيد السياسي والدبلوماسي، فإن إقدام هذه الدولة على ممارسة مختلف الأشكال الترهيبية في مواجهة الأمم الأخرى بشكل متكرر، واستغلال مجلس الأمن بشكل مبالغ فيه؛ بغية تحقيق أهداف خاصة، وعدم التوقيع على العديد من المعاهدات والاتفاقيات الدولية المرتبطة بمجالات هامة؛ خدمة لمصالحها الضيقة (نذكر ضمن هذا السياق: عدم التوقيع على بروتوكول "كيوتو"، معارضة إنشاء المحكمة الجنائية الدولية الدائمة وكذا الانسحاب من مؤتمر "دوربان" حول التمييز العنصري..)، ناهيك عن استعمال حق الاعتراض والتهديد باستعماله في مجلس الأمن بكيفية تعسفية؛ تتناقض ومبادئ الشرعية الدولية وأهداف الأمم المتحدة، تشكل مجتمعة عوامل حقيقية تؤجج الشعور الدولي بالحقد تجاه سياسات هذا البلد الذي يجمع بين مقومات القوة من جهة وافتقاد الشرعية الأخلاقية، بالشكل الذي يجعله من ضمن أسوء الإمبراطوريات التي شهدها التاريخ البشري؛ ويعجل بانهيارها.
    ومعلوم أنه إذا كانت غالبية الدول الضعيفة تؤيد الولايات المتحدة الأمريكية في سياساتها الدولية، فإن ذلك يظل رهينا بتدفق المساعدات الاقتصادية والمالية إليها في غالب الأحوال، والواقع أنه مهما بلغت قوة الولايات المتحدة اقتصاديا؛ فلن تستطيع مع مرور الوقت تحمل هذه الأعباء، خصوصا إذا ما تساءل الشعب الأمريكي بحزم وجدية حول مدى مشروعية وسلامة صرف أمواله في هذا المجال.
    ثالثا: تداعيات أحداث 11 شتنبر واحتلال العراق
    جاءت أحداث 11 شتنبر 2001 لتزيد من حدة التساؤلات حول مستقبل هذه الزعامة، بعد أن كشفت عن هشاشة الجانب الأمني والوقائي لهذا البلد.
    فالقوة العسكرية والمخابراتية والتكنولوجية والاقتصادية إضافة إلى المحيطان الهادي والأطلسي؛ كلها عوامل لم تعد كافية لحماية التراب الأمريكي من المخاطر،
    كما أنها وضعت السياسة الخارجية الأمريكية ومدى مسؤولياتها في الأحداث محل تساؤل العديد من الأمريكيين، الذين طالبوا بتبني سياسة الانعزال، والتوقف عن إهدار أموال الشعب في قضايا ومشاكل دولية لم تجلب سوى الكراهية والدمار والعداء لهذا البلد وشعبه.
    وإذا كان البعض قد اعتبر أن الأحداث شكلت مناسبة مكنت الولايات المتحدة من تعزيز قبضتها على دواليب الشؤون الدولية وتكريس زعامتها، فإن سلسلة إخفاقاتها على مستوى مكافحة "الإرهاب" وتعسفاتها في مواجهة العديد من الدول، وتنامي تضييقاتها على الحقوق والحريات الإنسانية محليا ودوليا في أعقاب هذه الأحداث، تجسد في العمق بداية لنهاية محتومة ستستغرق بعض الوقت.
    أما فيما يخص احتلال العراق، فقد كان من ضمن أحد أهدافه الرئيسية هو تأكيد وتثبيت هذه الزعامة؛ ومحاولة الثورة على النظام الدولي الذي تأسس مع نهاية الحرب العالمية الثانية وإنشاء الأمم المتحدة، كما شكل مدخلا لاستفزاز الأقطاب الدولية الصاعدة؛ وتجريب مدى قدرتها على المناورة والتحدي؛ ومحاولة دفعها للكشف عن أوراقها ونواياها.. مع توجيه رسالة تحذيرية إلى كل الأنظمة التي قد تفكر في تحدي زعامتها وهيمنتها.
    وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار خطورة هذا العدوان وما تلاه من احتلال؛ والظرفية الدولية المتميزة التي جاء فيها والمرتبطة بتداعيات أحداث 11 شتنبر 2001 والتحدي الذي رفعته في وجه دول العالم، يظهر أنها انتقلت من مرحلة التبشير ب"نظام دولي جديد" ومحاولة تكريسه ديبلوماسيا وسياسيا واقتصاديا إلى مرحلة فرضه وبلورته بالقوة العسكرية، ولعل الرفض الذي قابلت به معظم القوى الدولية الكبرى هذه السياسات؛ ينم عن تفهمها وتنبهها لهذه الخلفيات التي تعني بكل تأكيد تهميشا لها والتأثير في أدوارها الدولية المستقبلية.
    ولعل الارتجال والعشوائية التي تميز بها تدبير الملف العراقي؛ وما نتج عنه من دمار وفوضى لحقت به؛ على عكس التباشير المرتبطة بنشر الديموقراطية والرفاه.. بالإضافة إلى الخسائر الأمريكية المتزايدة (اقتصاديا؛ عسكريا؛ بشريا..) في العراق، زيادة على العوامل السابقة؛ تؤكد أن هذه الزعامة التي أعلنتها الولايات المتحدة من جانب واحد وفرضت منطقها ونتائجها بالترغيب والترهيب على أعضاء المجتمع الدولي؛ الذي قبلها على مضض، تظل مسألة وقت؛ وذلك في غياب ضمانات واضحة وصريحة من هذا الأخير للاستمرار في قبوله بها وبتداعياتها مستقبلا، ومادام التعدد القطبي يعد أحد الضمانات الرئيسية الكفيلة بتحقيق التوازن العالمي والأمن والسلام لكافة شعوب العالم.

    [/size]

    http://drisslagrini.maktoobblog.com/


    http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=33821




    الزعامة الأمريكية في عالم مرتبك: مقومات الزعامة وإكراهات التراجع



    http://drisslagrini.maktoobblog.com/131287/%D8%A7%D9%84%D8%B2%D8%B9%D8%A7%D9%85%D8%A9_%D8%A7% D9%84%D8%A3%D9%85%D8%B1%D9%8A%D9%83%D9%8A%D8%A9
    الدنيا ساعة اختبار *** فإما جنة وإما نار تحقق من حديث
    http://www.dorar.net/hadith.php

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Sep 2004
    المشاركات
    2,203
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    آراء قانونية مصرفية


    الانهيارات المصرفية و الأزمة العالمية


    كما سبق أن قال الرئيس الأمريكي جورج بوش بعد تفجيرات سبتمبر التي هزت بل (هزمت) أمريكا " إن أمريكا لن تعود كما كانت" و فعلا كل العالم و ليس أمريكا وحدها لم يعد كما كان، و الوضع الذي يحدث الآن نتيجة الأزمة المالية و المصرفية التي تعاني منها الآن أمريكا و أوربا و نحن كلنا من بعدهم قاد الكثير من رجال المال والاقتصاد إلي القول " إن الاقتصاد لن يعود الي ما كان" و في أوربا يقولون إن زمن " الاقتصاد الحر" قد انتهي حيث قامت العديد من الحكومات الغربية ، التي تتغني بالسوق و الاقتصاد الحر و تتشدق بسياسة الوست منستر، بالتدخل الفوري بتأميم البنوك الكبرى و شركات الاستثمار الأخطبوطية المتعددة الجنسيات أو وضعها تحت السيطرة الحكومية التامة ، و يا سبحان الله الصمد الدائم ، و هكذا تدور الدوائر عليهم كما دارت علي غيرهم..... و الأيام دول ....... و هل ساعات الطلق التي نتوجع منها الآن تأتي بنظام مالي جديد يتناسب مع العولمة و العالم الواحد ؟؟؟
    و هناك مقولة سياسية قديمة مفادها إن النظام الرأسمالي عندما يفشل في شيء يعود إلي المبادئ الاشتراكية لتحقيق النجاح الذي يتطلع إليه و الآن بريطانيا و كل أوربا و أمريكا قاموا بالتأميم للسيطرة علي الأزمة المالية التي نتجت عن الممارسات الرأسمالية التي يجترونها و ينتهجونها و ذلك بالرغم من دوام نكرانهم للتأميم و ازدرائه .
    بداية الشرارة للازمة كانت في أمريكا منذ مدة و لكنها استفحلت و وصلت إلي مرحلة الشعرة التي قصمت ظهر البعير عندما انهارت قروض الرهن العقاري " صب برايم" و لهذا الانهيار آثارا مباشرة علي المجتمع الأمريكي لان الجميع يقومون برهن عقاراتهم بل و يرهنون كل ما يقع تحت يدهم للبنوك و اخذ قروض في مقابلها و أعادة بيع هذه القروض و إعادة الرهون و هكذا فان كل المجتمع الأمريكي و لنقل كل المجتمعات الرأسمالية يدور و تدور في قطب القروض و الرهون و الديون و كلهم يقولون " أتدين و أتبين " ....... ، و لذا عندما حدث انهيار أل "صب برايم" شمل الجميع و خاصة الطبقات المتوسطة و الفقيرة - ملح الأرض - لأنهم أصبحوا أو أوشكوا علي العيش في العراء و تحت سقف السماء... لأنهم فقدوا المرهونات و الرهونات " المقبوضة " و هي كل حيلتهم وكل زادهم و كل ما يملكونه.
    و هكذا تبدأ الشرارة صغيرة و لكن إذا وجدت الظروف مواتية فإنها تكبر و تلتهم الهشيم، و لقد امتد لهب الشرارة الي بقية التمويل المصرفي و كل القطاع المصرفي و تأثرت القروض المتوسطة و الكبيرة و بدأت في الانهيار تباعا مما أدي إلي طلب العديد من البنوك للقروض الكبيرة من البنك الاحتياطي الفيدرالي و بعضها سعي للدخول في تحالفات أو لبيع جزء من أصوله أو البيع الكامل لبنوك عالمية و بحثوا عبر كل المحيطات الشرقية و الغربية.
    و إضافة للبنوك تأثرت صناديق الاستثمار و استثمارات صناديق المعاشات التي تتم عبر الاستثمار المؤسسي و اكتشف أرباب المعاشات و معهم راكبي موجة الاستثمار أن موالهم تحولت إلي أوراق دون قيمة و هكذا اهتزت الثقة في صناديق الاستثمار و ظهر حاجز نفسي لا يمكن تجاوزه إلا بعد تضحيات جسام و خسائر عظام .....
    و بعض البنوك و شركات الاستثمار الكبرى أعلنت الإفلاس حيث أعلن بنك " ليمان برذرز" عن الإفلاس – التفليسة - لفشله في مقابلة التزاماته المالية بالرغم أن أصوله مليارات المليارات و تبعته شركة أمريكان انترناشونال جروب " ا آي جي" و قبلهم كانت هناك بنوكا أخري كبيرة مثل بنك ميريل لنش و بنك جولدمان ساكس وقفت أو تقف في الصف لأنها تحتاج للتدخل العاجل و المساعدة من بنك أوف أمريكا أو البنك الاحتياطي الفيدرالي و من غيره حتى من خارج أمريكا كأوربا و اليابان و أيضا من الخليج حيث تم إرسال أموال لتحريك الأوصال و تطمين الناظرين أن الحياة ما زالت بخير و أن ( النخوة العربية ) موجودة و الصديق عند الضيق و بعدين وقت الحساب واحد + واحد يساوي عشرة .......................
    و هذه المؤسسات المنهارة كانت شامخة كالأهرامات و هي تشكل عصب الاقتصاد و البنوك و التمويل و التامين و إعادة التامين و الاستثمارات المالية في الوول ستريت و كل أمريكا و انهيارها سيقود الي انهيار كل النظام المالي و المصرفي لان كل النظام متماسك كتماسك الماء و مترابط يشد بعضه بعضا و انهيار أي طرف سيقود حتما الي تفكك البنيان أو انهياره كما يحدث في لعبة " انهيار الدومينو ".
    و هذا الترابط يمتد إلي خارج الحدود لان كل العمل المصرفي عبارة عن وحدة واحدة و جسد واحد إذا تداعي له عضو ................. و كلنا يعلم إن العملية المصرفية قد تبدأ في احدي دول الخليج و تمر عبر اليابان أو لندن أو فرانكفورت و تنتهي في نيويورك و تعود ثانية إلي من حيث بدأت و يوميا نستلم المئات من رسائل السويفت و غيرها من عدة دول و نقوم بتنفيذها أو إعادة إرسال التعليمات و هكذا دواليك ، و لذا فان هذا الترابط يحمل في رحمه بعض الأسباب العالمية التي ساهمت في الأزمة الحالية أو لنقل زادت من اشتعال الفتيل لان بعض التصرفات الدولية ذات اثر مباشر علي البنوك داخل أمريكا مثل التنافس التجاري و ألاعيبه و تحديد أسعار الفائدة و ما يحدث في البورصات العالمية و أسعار العملات الأجنبية و الاتفاقيات المصرفية الدولية المنظمة لخطابات الضمان و دفعيات التجارة الدولية و المخاطر السياسية و غير التجارية و اتفاقيات منظمة التجارة الدولية .............. و لكل هذا و غيره هناك انعكاسات و آثار دولية علي البنوك داخل أمريكا و هناك من علق الشماعة علي الشماعة العالمية. و لكن ، يجب علي السلطات الرقابية المصرفية داخل كل دولة ، و وفق الممارسات و الأعراف المصرفية المتبعة ، اتخاذ الإجراءات التي تقلل من الصدمات أو المؤثرات الدولية.
    و انهيار الشركات الأمريكية العملاقة أمر كارثي لأنه يعني زعزعة أو انهيار البورصات و أسواق المال و يعني انخفاض أسعار الأسهم ( بالرغم من أن البنك الاحتياطي الفيدرالي في أمريكا سمح و علي عكس سياسته الائتمانية المعتادة بمنح قروض بضمان الأسهم – سكيوريتيز اندررايتنق - و هذا طبعا غير مسموح به للتذبذب الحاد في أسعار الأسهم و لمنع المضاربات في تداول و بيع الأسهم)، و أيضا الانهيار يقود اتوماتيكيا إلي انخفاض المؤشرات – اندكسس - مثل مؤشر داو جونز للأسهم الذي انخفض و داو جونز الصناعي الذي انخفض و داو جونز التكنولوجي الذي انخفض و مؤشر ناسداك و مؤشر ستنادآرد آند بورز و نازداك و غيرهما و الاطلاع علي مواقعهم يبين الانخفاض المتدهور ، و الأمر لا ينتهي عند هذا الحد لان انخفاض أسعار الأسهم إضافة إلي دوره في انخفاض المؤشرات فانه أيضا يؤدي إلي انخفاض نقاط التقييم (ريتنق) الذي تقدمه شركات التقييم المتخصصة مثل استادآرد آند بورز ......... و غيرها و انخفاض نقاط التقييم خطير لأنه سيؤثر علي القدرة في الاقتراض ارتفاعا أو انخفاضا، و فوق كل هذا فان انهيار الشركات و الأسواق يقود إلي فقدان الوظائف و تشريد الكفاءات البشرية و خروجها من النظام المالي و أيضا يقود إلي هروب الشركات الكبيرة و توقف المشاريع بجميع أنواعها و هذا يقود إلي توقف النمو و تراجع دولاب العمل و.......... غيره و كما قال وزير الخزانة الأمريكي في وصفه لما يحدث " إن الوضع مخجل و محزن"، و في فرنسا وزير المالية قال " إن ما يحدث اخطر من حرب عالمية " هذا هو و بكل أسف حقيقة الوضع الذي وضعونا فيه دون أن يكون لنا فيه ناقة أو بعير.
    و من شهادة هذا المسئول غير المسئول يتضح أن الوضع متأزم جدا ليس في أمريكا وحدها بل في كل العالم الذي أصبح ضيقا و صغيرا جدا " كقد الإبرة " ، و مثلا هنا في الخليج غالبية البنوك بل و المؤسسات الحكومية لديها تعاملات استثمارية كبيرة مع بنك "ليمان برذرز" و طبعا ( دواعي السرية المهنية تقتضي عدم الدخول في التفاصيل في الوقت الحاضر ) و هذه البنوك الخليجية و غيرها ستفقد الكثير نظير إعلان الإفلاس الذي يعطي الحماية للمفلس و يعفيه من سداد الالتزامات و أيضا لدي دول الخليج و بنوكها و شركات تأمينها معاملات تأمينية ضخمة جدا مع مجموعة "أمريكان انترناشونال جروب" خاصة تامين عمليات البترول و مشتقاته و الغاز و ناقلاته والوضع الجديد ل " أ آي جي" يضع المطالبات التأمينية في مهب الريح و يزيد من مخاطر الإنتاج و يرفع التكلفة و هذا بدوره سيرفع الأسعار و ما أدراك ما أسعار البترول إذا ارتفعت أكثر مما هي عليه الآن . و أيضا ستزيد تكاليف التامين و أعادة التامين لكل القطاعات التجارية و ما يحدث في دول الخليج قطعا سيحدث لكل الدول ذات الارتباط مع الاقتصاد الأمريكي و في هذا يتساوي الجميع و لا يستطيع احد أن يلوم الآخر .... و من كان بلا خطيئة !!!
    و لذا و أخيرا تدخلت الحكومة الأمريكية من بيتها الأبيض الي الكونجرس الي البنك الاحتياطي الفيدرالي إلي رجال المال والاقتصاد و إلي الحزبين المتنافسين و إلي (الرؤساء) تحت الإعداد و قيد النظر و من خلفهم مستشاريهم قليلي الخبرة في هذه الأمور الفنية .... و هناك من يقول أن هذا التدخل تأخر كثيرا لأنه بدا بعد أن "وقع الفأس في الرأس"، و كانت هناك مؤشرات منذ مدة كافية تستدعي التدخل من البنك الاحتياطي الفيدرالي و من البيت الأبيض و من يقطنه و المؤشرات و دقات الطبول كانت تستدعي وضع خطة إنقاذية طارئة و هذا لم يتم بالرغم من أن القانون واضح و يمنحهم كل الصلاحيات و يؤهلهم للتدخل و الحسم و الكي بالنار إذا دعي الأمر ، و لكن القتل في العراق و أفغانستان و مطاردة الشبح ....... لم يعطيهم الفرصة لرفع أياديهم من الزند و استخدامها في مجالات أخري قد تحرق العالم أيضا ....... و الآن بعد أن امتد اللهب ليحرق كل شيء بما فيها اعز و أحب الممتلكات تقرر النظر في إمكانية ضخ المليارات من الدولارات لإنقاذ ما يمكن إنقاذه و هذا يشمل عدة بدائل منها تقديم دعم و ضمانات (بيل آوت ) في حدود 700 بليون دولار تدفع علي مراحل و تمت الموافقة عليها بعد مخاض شديد و لي الأذرع و اتفاقات تحت الطاولة و إضافة لهذا المبلغ الذي يعتقد البعض انه نقطة في بركة راكدة سيتم تقديم قروض السندكيت المجمعة ( سندكيتد لونز) و شراء الديون (فاكتورينق) و ضخ الأموال في البنوك لتمكينها من تجاوز العثرة و إسقاط بعض الديون أو تأجيلها ........... و غير هذا من الخطوات الاسعافية لإنقاذ الاقتصاد الذي يحتضر في قاعة الإنعاش، و لكن السؤال هل هذا يكفي و هل هناك الأطباء المهرة لتشريح الداء و تقديم الدواء و هل لديهم الأدوات التي تمكنهم من القيام بهذه الجراحة المعقدة و إذا توفر هذا و ذاك فهل يتحمل المريض ضربات الإنعاش أم أن قلبه ضعيف لا يحتمل ؟ و هكذا الأسئلة عديدة والأوضاع معقدة جدا و الجميع يغرق أو قد يغرق و لا احد يستطيع أن يعرف متى و كيف نصل إلي " الجودي ".
    و هناك شكوك معقولة في أن تتم معالجة الوضع الخطير بضخ هذه الأموال لان العكس تماما قد يحصل و قد تلتهم نيران الأزمة هذه المبالغ الإضافية أيضا و ربما لا تحقق البنوك و الشركات المدعومة أي نجاحات أو أرباح معقولة مما يقود إلي زيادة و استفحال الأزمة و ذلك نظرا لان هبة الجميع للحد من الكارثة قادت أو ستقود إلي تقديم كل هذه المليارات ، و لكن نقولها و بقوة أن الاتفاق السريع و المتسارع لعلاج الأزمة تم بصورة عشوائية و غوغائية و دون اتخاذ الإجراءات الاحترازية الضرورية ( ديو دليقنس ) و دون القيام بالدراسات القانونية و المهنية الشاملة التي تسبق تقديم كل هذه الكميات الهائلة من الأموال و هكذا قد تكون في العجلة الندامة و نظرا لضبابية الوضع القانوني لكل الإجراءات التي سيتم اتخاذها فان الفشل وارد و حدوث المضاعفات وارد و حدوث المزيد من الإخفاقات وارد و كل شيء وارد، و كل هذا الوضع المتأزم كان من الممكن تجنبه لو كانت هناك خطط طوارئ و برامج إسعاف سريعة. و يا سبحان الله دائما في الاجتماعات و اللقاءات المشتركة و المؤتمرات يحدثوننا عن ضرورة وضع خطط الطوارئ و مراجعة البرامج الاسعافية ، و أين نحن الآن بل و أين هم الآن من هذه المواعظ الجوفاء.
    و لنعود للازمة و نقول لماذا حدث كل هذا الذي حدث ؟
    هناك أسباب عديدة بعضها خاص بخصوصية النظام المصرفي الأمريكي نفسه حيث يوجد أللآلاف من البنوك التي يتعامل معها الجمهور و لكن الجهات المرخصة و الجهات الإشرافية علي هذه البنوك متعددة و عديدة حيث أن البلديات تمنح تراخيص للعمل المصرفي و الولايات تمنح تراخيص و بعض المؤسسات الحكومية تمنح التراخيص و أخيرا البنك الاحتياطي الفيدرالي يمنح التراخيص و من هذا يتضح أن جهات التراخيص متعددة و متنوعة و يتم منح التراخيص لأسباب متنوعة و متعددة و أهم من كل هذا أن الجهات الإشرافية و الرقابية متعددة و لكل منها سياسات و موجهات و أحكام و تعليمات مختلفة و متنوعة .... و في النهاية كلها بنوك و " كلو عند العرب ....... " ، و لهذا فان البنوك و المؤسسات المالية التي تعمل في مجال الإقراض و التمويل تتجاوز عشرات الآلاف مما يجعل التعامل معها ووضعها تحت السيطرة يعتبر و كما يقولون المهمة المستحيلة. هذا الوضع النشاز له مشاكله و أخطاره و لا احد يستطيع أن يسيطر عليه سيطرة كاملة، و هذه مشكلة حقيقية و لكن قد لا يراها الأمريكان هكذا لأنها تعود إلي الوضع الإداري في التركيبة الأمريكية و وضع ولاياتها المختلفة.
    و هناك أسباب أخري من أهمها وجود بعض التساهل في تنفيذ و تطبيق القانون علي الكبار و عدم وضع اليد علي الجرح لان الشركات و البنوك العملاقة تشكل بعبعا حقيقيا للسلطات الإشرافية خاصة و أن هذه الشركات لديها مراكز لوبي متغلغلة في كل النظام و عبر هذه اللوبيات تستطيع أن تشكل مراكز ضغط و أن تتحكم في الأمور لصالحها. و طبعا في هذا تجاوز للقوانين و للسياسات التي يطالبون كل العالم بتطبيقها لتحقيق ما يسمونه بالحكم الرشيد للشركات و للدولة المؤسسية. و ببساطة ظل سيف القانون داخل غمده و لم يشهر و بقيت الكنانة مليئة بالسهام و النشابات لذا تجاوز التجاوز كل التجاوزات. و الآن بعد الطوفان الذي حدث يطالبون بخلق مؤسسات جديدة للرقابة و الإشراف و نقول أن مؤسسات الإشراف و الرقابة موجودة و هي نائمة عن دورها و نحتاج لإيقاظها فقط و لا داعي للتضخم الإداري حيث يلوم كل طرف الآخرين و أيضا نقول إن القوانين موجودة و السف البتار موجود و لكن المشكلة ليست في السيف و إنما في اليد التي تضرب بالسيف.
    و من الواضح للعين أن هناك عدم الانصياع أو التنفيذ التام للقوانين و الأعراف و التعليمات المصرفية المهنية و مثلا دعونا نتناول و في إيجاز بسيط اتفاقية بازل 1 و بازل 2 ، حيث كان لنا شرف المشاركة في بعض مفاوضاتها و هذه أل "بازل " تعتبر من أهم الأحكام و الموجهات المصرفية في العصر الحديث و جاءتا بعد مخاض شديد حيث تم الاتفاق و فوق نار هادئة علي معايير مصرفية هامة تتعلق بكفاءة رأس المال أو المتطلبات الدنيا لرأسمال البنوك و إتباع معايير معينة للمراجعة الرقابية لتقليل و مجابهة المخاطر إضافة إلي إتباع بدائل مهنية عديدة لانضباط السوق ، و لكن بازل1 و بازل 2 .... و "ما أدراك ما بازل .... " و بالرغم من أنها من وضع كبار البنوك و بالرغم من الاتفاق علي أهميتها إلا انه لم يتم تطبيقها علي الوجه الصحيح أو لم تنفذ كاملة مما جعل هناك ثغرات و ثقوب اكبر من " ثقب الأوزون " و لذا صارت البيئة المصرفية غير نظيفة و تغير المناخ و تعكر الطقس و يحتاج إلي فلاتر خاصة لتنظيف و تعقيم و معالجة العمليات المصرفية قبل تمريرها حتى لا تلوث البيئة الاقتصادية و المصرفية.
    لتقريب الصورة دعنا نري ما هو المطلوب وفق اتفاقية بازل 2 و التي تنص انه كلما زادت المخاطر لا بد من زيادة المخصصات لتغطية ارتفاع المخاطر الائتمانية و مراقبتها و حسن إدارتها وذلك بالعمل علي أن يكون الحد الادني لمعدل كفاية رأس المال يساوي 12% ( وفق بازل 1 فان الحد الادني لمعدل كفاية رأس المال يساوي 8% و ما زالت بنوك كثيرة في دول عديدة تصارع للوصول إلي نسبة أل 8% ناهيك عن أل 12%) مع العلم أن بعض البنوك في الخليج تجاوزت نسبة أل 12% و لا أذيع سرا إذا قلت أن البنك الذي اعمل فيه تجاوز نسبة أل 21% و هذا انجاز و لا كل الانجازات.
    إضافة لتحقيق الحد الادني لمعدل كفاية رأس المال فانه لا بد من عملية مراجعة الإشراف العام المتمثلة في دور مسئوليات البنوك و مجالس إدارتها و إدارييها التنفيذيين و مشرفيها في تعريف و تقدير جميع المخاطر التي يواجهونها و هنا ينبغي أولا أن تكون لدي البنوك عملية للتقييم الشامل لمدي كفاية رأس المال بالنسبة لشكل و حجم مخاطرها مع وجود إستراتيجية للمحافظة علي مستويات رؤوس أموالها. و ثانيا ينبغي علي المراقبين أن يقوموا بمراجعة و تقييم التقديرات الداخلية للبنوك لمدي كفاية رأس المال إلي جانب قدرتها علي الإشراف و ضمان التزامها بمعدلات رأس المال القانونية. و ثالثا ينبغي علي المراقبين أن يتوقعوا من البنوك أن تعمل علي مستوي اعلي من النسب الدنيا لرأس المال القانوني و أن يبينوا البدائل التي تمكن من تحقيق هذه التوقعات و رابعا ينبغي علي المراقبين و التنفيذيين السعي للتدخل في مرحلة مبكرة و اتخاذ كل ما يلزم لمنع هبوط رأس المال إلي اقل المستويات الدنيا المطلوبة لمواجهة خصائص الخسائر للبنك.
    و في بيئة بازل 2 كلما زادت المخاطر لا بد من زيادة المخصصات لتغطية ارتفاع المخاطر الائتمانية و بصفة عامة فان محاور هذه الاتفاقية الهامة تحفز البنوك علي تعزيز مراقبة مخاطرها و تقنيات إدارتها و تشجع البنوك علي الإفصاح عن كفاية مخاطر الإقراض المصرفية للأفراد مع عمليات تقدير المخاطر و رأس المال. و لكل هذا فيجب تجنب التطبيق الجزئي أو الاختياري أو الانتقائي لأحكام هذه الاتفاقية الهامة التي لا بد من الحرص علي تطبيقها تطبيقا كاملا و تاما و وفق فهم عام لمدلول الاتفاقية و آثارها علي أعمال البنوك و البيئة المصرفية علي المديين القريب و البعيد.
    هذه متطلبات مصرفية أساسية سبق أن اتفق الجميع علي أهميتها لخلق صناعة مصرفية سليمة و معافاة من كل التضعضع وبها ضمانات كافية للمودعين و للمساهمين و للمقترضين و للمجتمع و لكن و بكل حسرة فان الكبار لم يلتزموا بها ناهيك عن الصغار. و لو تم الالتزام بهذه المعايير لما حدثت الأزمة المالية و المصرفية التي يعاني منها العالم الآن أو ، علي اضعف حال ، لكان من الممكن امتصاص آثارها و التقليل من تبعاتها المدمرة .
    و مما ورد في بازل 2 أيضا ضرورة انضباط السوق و هذا يعني اتخاذ الجهود لتكملة عملية الإشراف من خلال بناء شراكة قوية مع المشاركين الآخرين بالسوق و هذا يتطلب من البنوك أقصي درجات الشفافية و الإفصاح الكافي عن كل المخاطر لتمكين المساهمين من المراقبة و التأكد من سلامة السوق و نوعية البنك و أعماله . و من هذا يتضح أن الاتفاقية تتطلب من البنوك تقييم ملاءة رؤوس أموالها في سياق سيولتها و سيولة الأسواق التي تعمل بها لان الجميع يدورون في قطب واحد حيث أن الجزء جزء من الكل و الكل أجزاء كل الأجزاء ، و هذا بالطبع أمر هام لان العمل المصرفي عبارة عن سلسلة مترابطة و كل منها يربط بالآخر بالحلقة و يرتبط بها و هنا تنبع أهمية الالتزام بالإفصاح وتقديم المعلومات عن السيولة لكل بنك و سيولة كل السوق كإطار عام لتحقيق نفس الهدف.
    قصدنا توضيح بعض المعالم الرئيسية لأهم الاتفاقيات المصرفية الحديثة التي ظلت حبيسة الأدراج و حبرا علي ورق خاصة و إن عدم الالتزام ببازل و كما قال مدير صندوق النقد الدولي يعتبر من أهم أسباب حدوث الأزمة التي تعصف بنا الآن و أيضا مدير البنك المركزي الأوربي وصل لنفس النتيجة و كذا غيرهم و هناك من يتحفظ ... و إذا اختلف اللصان ظهر المسروق ....
    و هناك الأحكام القانونية العامة و لنقل الأحكام التقليدية لضبط العمليات المصرفية و كيفية الإشراف عليها لحسن إدارتها و هي تلك الأحكام الخاصة بالحد الاقصي للإقراض للفرد الواحد ( سنقل اوبليقور ليمت) و التعريف القانوني للفرد و حدوده و أيضا هناك الأحكام المنظمة لاستثمارات البنوك الخاصة و الحدود المناطة بهذه الاستثمارات و مخاطرها و هناك أحكام الضمانات الواجب تقديمها لتغطية التمويل و المعايير المحاسبية لتقييم هذه الضمانات و استردادها و هناك أحكام منح القروض لأعضاء مجلس إدارة البنوك و تطبيق معايير الإدارة الرشيدة و مبادئ الحوكمة علي هذه الحالات و غيرها للتقليل من تضارب المصالح و تداخلها و أيضا هناك الأعراف و الأحكام الخاصة بتعيين مراجعي الحسابات و المدققين الخارجيين و أيضا الأحكام الخاصة بمؤهلات التنفيذيين و مكافآتهم أثناء و بعد ترك الخدمة و مكافآت أعضاء مجلس الإدارة ............ و غيره و غيره ..... و أهم من هذا كله أن هناك أحكاما خاصة ببنوك الاستثمار لاختلاف المخاطر المحفوفة بأعمالها ذات الطبيعة الخاصة و الخطرة أيضا و من الواضح أن بنوك الاستثمار الأمريكية و تجاوزاتها ساعدت كثيرا بل و كان لها القدح المعلي في نشوء الأزمة الحالية ...... و هناك أيضا قوانين أخري ذات علاقة مباشرة بالقطاع المصرفي و يجب الانصياع لها تماما مثل قانون الشركات و قانون الضرائب و قانون أسواق المال و قانون تسجيل العقارات و القانون المالي و تدقيق الحسابات و قوانين المحاكم و الإجراءات و قوانين الملكية الفكرية و قوانين العقوبات و قانون الإفلاس و الصلح الواقي و قانون .... و قانون ...... و جميع هذه الأحكام القانونية و التشريعات و أيضا الاتفاقيات الدولية و الإقليمية ..... تم وضعها لضمان حسن سير العمل و الانضباط و لتجنب المزالق التي تقود إلي الأزمات ، و لكن هذه الأحكام و التشريعات و الاتفاقيات أو بعضها لم يؤخذ بها عمدا أو جهلا أو إهمالا أو لغير هذا و ذاك و لذا عندما نشب الحريق و جد ما يمكنه من الانتشار الكاسح و تحقيق الخسائر المادية الجسيمة في كل القطاع المالي.
    و من الأسباب التي قادت إلي التدهور و تفاقم الأزمة الحالية هو احتمال وجود بعض المخالفات الجنائية لبعض القوانين حيث هناك معلومات يحقق فيها المختصون في هيئة التحقيقات الجنائية الاتحادية أل (أف بي آي) مفادها أن بعض المتنفذين من أصحاب المعلومات الداخلية في شركات "فان ي ماي" و "فريدي ماك" و "ليمان برذرز" و "ا آي جي" بشان عمليات احتيال محتملة في مجال الرهون العقارية و التحقيقات تهدف إلي تحديد ما إذا كان احد من داخل هذه المؤسسات يمكن أن يتحمل المسئولية القانونية بشان " تقديم معلومات مضللة أو غير صحيحة أو وهمية" و هذه من اخطر الجرائم في قوانين أسواق المال و البنوك خاصة و أنها تعرض المصداقية و النزاهة و الأمانة للخطر و هذا يقود أسواق المال و من في معيتها إلي المهالك المهلكة.
    من أبجديات القوانين المصرفية أنها تهدف بصفة أساسية لحماية المودعين كما إن قوانين أسواق المال تهدف لحماية المستثمرين ، و في أمريكا كانت هناك مطالبات برفع سقف تامين الودائع لحماية المودعين حيث ظل هذا الحد قابعا في حدود ضمان المائة ألف دولار و بالنظر إلي العمليات المصرفية في أمريكا فان هذا فتات و " بواقي طعام " و الخطورة الآن في أن هذه الأزمة سحقت صغار المودعين اللذين يشكلون زاد الودائع المصرفية و هذه الفئة و شركاتها الصغيرة تشكل الدعامة الأساسية للخدمات في أمريكا و لها اثر مباشر في النهضة الاقتصادية و التجارية ، و إذا انسحقت هذه الفئة و شركاتها فان أمريكا " ستركع " و لن تستطيع القيام كقوة اقتصادية . و الأزمة الحالية طعنت الفئات الفقيرة و الشركات الصغيرة في مقتل و لهذا ستعاني أمريكا و من يدور في دائرتها ...... و من مقترحات العلاج الآن دفع الملايين لشركات الوول ستريت لملا جيوبهم الممتلئة بينما ، و بدون خجل ، يقولون أنهم سيرفعون السقف التأميني لودائع صغار المودعين إلي ربع مليون دولار و منح قروض حكومية ميسرة للشركات الصغيرة و المتوسطة لتمكينها من تأدية .... دورها المقدس ... و لكن يا حسرة لان هذا " الفتات " و في جميع الأحوال كان من المفروض أن يتم بالأمس و ليس بكرة أو بعد بكرة.
    و من الواضح أن العلاج المقترح لم يحترق من التجربة و كأنه نيئ و غير مكتمل الطبخ بل و كأنه جاء من نجم آخر و نفس الأخطاء السابقة قد تتكرر لأنه لم يرفع أو يدعم الفئات الدنيا و المتوسطة و شركاتها بالرغم من أنها الغالبية و تشكل الوقود الدافع للعمل المصرفي في كل مكان.
    لهذه الأسباب و لغيرها بدأت و انتشرت الأزمة المالية و بدا الطوفان و الزلازل و لا احد يدري متى تتم السيطرة عليها، وحتى الآن هناك محاولات و بدائل و مناوشات بين جميع الأطراف و الدول و كل طرف يلوم الآخر و يحمله المسئولية و التبعات و غالبا فان الوضع سيحتاج إلي زمن ....... و بالرغم من أن هناك أزمات مالية سابقة تعرض لها العالم لكن المؤشرات تدل علي أن الأزمة الحالية أعمق و اخطر و لذا فان المعالجة تحتاج إلي الكثير من المصارحة و التضحيات و نكران الذات خاصة من الكبار حتى تعود الأوضاع إلي طبيعتها ، و علي الكبار أن يكونوا كبارا و أن يثبتوا تأهيلهم لقيادة العالم و إلا فلينطموا و يريحوا العالم ويسحبوا لسانهم و من بعده جيوشهم و أساطيلهم و يرجعوا إلي قواعدهم لأنهم سيكونوا في حاجة ماسة إلي ما يسد رمقهم و " يا حليل أمريكا" لأنها سوف لن تعود إلي ما كانت عليه نسبة لأحداث سبتمبر و ما نجم عنها من تفاعلات و مضاعفات ساهمت بصورة مباشرة أو غير مباشرة في حدوث الأزمة أو الكارثة الحالية.
    و هناك من يطالبون بوضع أو انتهاج نظام مالي جديد و عالم جديد و استراتيجيات جديدة و دول جديدة و نقول بمهنية و بكل تواضع أن الأنظمة المصرفية القانونية الحالية حبلي بالكثير و بها كل الضمانات الكافية إذا تم تطبيقها بكل تجرد و شجاعة و وفق المعايير و الأعراف المصرفية الصحيحة و من يتطلع إلي الأنظمة الحالية يري أن " في أحشائها الدر كامن " فهل من غواصين مهرة ... نعم نحتاج إلي غواصين مهرة و شجعان و أياديهم قوية لحمل السيف و الضرب الموجع عند اللزوم ... و لنستفيد من هذه التجربة ( بحلوها ) و ( مرها ) و لنضع كل البدائل للاستعداد لكل الظروف لان الحلول الأمريكية المقترحة ليست العلاج الشافي و إنما هي كما قال الرئيس الأمريكي " فقط أفضل البدائل المتوفرة " لمحاولة تصحيح الأمور مع صادق الأمنيات بالعودة " كما كنت ".
    و ختاما ، نقول انه و بالرغم من التطرق إلي عدة بدائل لعلاج الأزمة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه و لتجنب تكراره إلا إن هناك حلقة مفقودة أغمض الجميع عنها أو تجاهلوها عمدا مع سبق الإصرار و هي لماذا لا نحاسب المسئولين و التنفيذيين و أعضاء مجالس الإدارات و مستشاريهم و محاسبيهم ............. اللذين قصروا أو تقاعسوا أو أهملوا عمدا في تأدية واجبهم ؟؟؟
    و إلا سيعودون و بدون خجل سيعيدون الكرة و الفرة ، و " من امن العقاب أساء الأدب " و نعم سيعيدونها و ليحترق من يحترق طالما " نحن في أمان و سلام " ..........
    الم نقل في البداية أنهم مراكز ضغط و لوبي و جيناتهم من " ........ الكاوبوي " و خلقوا لنفسهم وضع " فوق الجميع" و يصنعون ما يحلو لهم لأنهم يأتون بمن يريدون في الكونجرس و حتى البيت الأبيض ... و لذا فإنهم فوق العقاب و دائما فوق الشبهات .....
    و ربما يريدون الآن افتعال الأزمات أو تضخيمها لتحقيق استراتيجياتهم الجديدة للعالم الجديد و النظام الجديد أو لامتصاص فوائض البترول من أصقاع و مجاهل سيبريا إلي صحاري الخليج و بلاد الفرس ... و " علي و علي أعداءي " ................. و اللبيب .........


    د. عبد القادر ورسمه غالب
    مستشار قانوني – البحرين


    Email: awghalib@hotmail.com



    http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=33821
    الدنيا ساعة اختبار *** فإما جنة وإما نار تحقق من حديث
    http://www.dorar.net/hadith.php

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Sep 2004
    المشاركات
    2,203
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    وهذا مقال آخر مهم منقول من الجزيرة، وقد نشر بجريدة واشنطن بوست
    الرابط
    http://www.aljazeera.net/NR/exeres/1...-39A24F3AAC08.
    في واشنطن بوست, كتب أنتوني فاجولا مقالا حاول فيه توضيح ما يهدد نموذج الرأسمالية الأميركي في ظل خطط واشنطن للتدخل في الأسواق المالية بغية التصدي للأزمة الخطيرة التي تعصف بها, وبين كيف أن واشنطن التي ظلت دائما تحذر الحكومات من التدخل في السوق هي الآن من يمارس ذلك على أعلى المستويات.

    وهذا نص المقال:
    النموذج الرأسمالي الأميركي يقع ضحية أسوأ أزمة مالية منذ الكساد الكبير.
    فمنذ ثلاثينيات القرن الماضي, والمصارف الأميركية تحمل لواء الاقتصاد الأميركي المبني على النظام المالي الرهيب للسوق الحرة، وظلت الولايات المتحدة تتوقع منافسة الآخرين من خلال هذا النظام، بل وتشجعها.

    لكن اضطراب السوق الذي بدأ يستنزف ثروة البلد، وكاد يقضي على وول ستريت يهدد الآن بوضع المصارف, وهي القلب النابض للنظام المالي الأميركي, وإن جزئيا في يد الحكومة.

    فالإدارة الأميركية تأخذ الآن بعين الاعتبار التأميم الجزئي لبعض المصارف, عبر شراء نصيب من أسهمها كي تعيد إليها الثقة في إطار برنامج الإنقاذ المالي الذي يبلغ سبعمائة مليار دولار.

    إلا أن مفهوم ملكية الدولة في القطاع المالي, حتى وإن كانت مساهما ثانويا, يتعارض مع ما يعتبره منظرو السوق الحرة الأساس الذي يقوم عليه النظام المالي الأميركي.

    ومع ذلك فالحكومة الأميركية قد تجد نفسها مضطرة لهذا الإجراء لغياب أي خيار آخر, فالائتمان الذي هو شريان حياة الرأسمالية, توقف عن الجريان, ولا يمكن لاقتصاد يعتمد على السوق الحرة أن يظل مستمرا بتلك الطريقة.

    لكن التغير المفاجئ في موقف الحكومة يذهب أبعد من مجرد إنقاذ الصناعة المصرفية، فهي تريد فرض نفسها من جديد بالتدخل في حياة المواطنين بشكل لم يكن ليخطر على بال أحد إبان فترة الاعتقاد بأن "السوق أدرى من غيرها".

    وباستحواذها مؤخرا على شركتي الإقراض فاني ماي وفريدي ماك وإنقاذها المالي لشركة أي آي جي أصبحت الحكومة الأميركية من الناحية الفعلية, هي المسؤولة عن ضمان الرهن العقاري والتأمين على الحياة لعشرات الملايين من الأميركيين, وأصبح عدد كبير من الاقتصاديين يتساءل عما إذا كانت لا تزال هناك سوق حرة إذا كانت الحكومة قد انغمست بمثل هذا العمق في النظام المالي.

    وبما أن الولايات المتحدة تعتبر نفسها أنموذج الاقتصاد العالمي, فإن هذا التغير في تعاملها مع أسواقها قد يدفع حكومات أخرى عبر العالم إلى تغيير كيفية تعاملها مع التجارة الحرة.

    ففي العقود الثلاثة الماضية ظلت الولايات المتحدة تقود "حملة صليبية" لإقناع غالبية دول العالم, خاصة السائرة منها في طريق النمو, برفع يد حكوماتها عن المال والصناعة.

    لكن الأنموذج الأميركي للرأسمالية القائم على عدم تدخل الحكومة في السوق هو الذي ينحى عليه حاليا باللائمة في قضية القروض الميسرة التي أفزعت سوق العقارات وأضرت به، وجعلت العجلة المطلقة لوول ستريت تنتج بركة من الاستثمارات السامة لوثت بجراثيمها النظام المالي العالمي.

    والتدخل الحكومي الكبير جراء هذه الأزمة, حسب النقاد, سلب واشنطن أكثر فأكثر السلطة الأخلاقية على نشر إنجيل الرأسمالية غير المقيدة.

    ويمكن أن تدشن الحكومة الأميركية برنامجا محددا تراهن من خلاله على أخذ نصيب ثانوي في المصارف المضطربة, أو تنفذ برنامجا أوسع يستهدف النظام المصرفي الأوسع.

    وفي كلتا الحالتين يمكن أن ينظر إلى هذه الخطوة بوصفها دليلا على أن واشنطن لا تزال أسيرة وول ستريت, فيمكن للخطة مثلا أن لا تجبر بعض الشركات المشاركة على منح مديريها التنفيذيين الأجور المقلصة التي طالب بها الكونغرس, لكن إذا لم تنجح هذه الخطة فربما تضطر الحكومة لرهان مالي أكبر.

    يقول أستاذ الاقتصاد بجامعة كاليفورنيا الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد جوزيف ستيغلتز: "كان الناس عبر العالم يبدون إعجابهم باقتصادنا, وكنا نقول لهم: إن كنتم تريدون أن تكونوا مثلنا فما عليكم إلا أن تسلموا السلطة للسوق.

    أما الآن فالمسألة هي أنه لم يعد هناك أي أحد يحترم هذا النموذج بسبب الأزمة الحالية, كما أن الوضع الحالي يدعو للتشكيك في مصداقيتنا, فكل أحد يحس بأنه يعاني حاليا بسببنا".

    ففي سيول يرى الكثيرون في الأزمة الأميركية الحالية خطرا عظيما, وفي الوقت ذاته تتزايد النقمة لدى الكوريين بسبب انتشار آثار الأزمة المالية الأميركية عبر العالم, مما تسبب في انخفاض حاد لقيمة العملة الكورية "وون" في ظل صراع الشركات من أجل اقتناء الدولار في خضم تأجج أزمة الائتمان المالي العالمية.

    ويشبه وزير المالية الكوري الجنوبي كانغ مان سو الصناديق االمشتقة والوقائية بقمار الكازينو, مضيفا أن كثيرا من الكوريين يستغربون كيف بدت الولايات المتحدة هشة لهذا الحد.


    ولو استثيننا عددا قليلا من رؤساء الدول وبعض العناوين الدونكيشوتية لما عثرنا على أحد يتحدث عن موت الرأسمالية, فتطبيق نظريات السوق الحرة ساعد في العقود الأخيرة على انتشال مئات الملايين من الناس, خاصة في آسيا, من بين براثين الفقر.

    "
    يتزايد الامتعاض والاستياء من النموذج الرأسمالي الأميركي في مقابل النموذج الألماني, لازدراء الأول بالأنظمة وتمجيده للمخاطرة
    "
    ويتزايد الامتعاض والاستياء من النموذج الرأسمالي الأميركي, في مقابل النموذج الألماني مثلا, لازدرائه بالأنظمة وتمجيده للمخاطرة.

    ففي كوريا الجنوبية أدى تزايد انتقاد التصاق الحكومة بالنموذج الأميركي إلى زيادة المعارضة لخصخصة بنك التنمية الكوري الضخم الذي تمتلكه الحكومة.

    وكوريا الجنوبية هي إحدى الدول التي استفادت أكثر من غيرها من مزايا السوق الحرة, حيث استطاعت أن تخرج نفسها من رماد الحرب الكورية وتصبح إحدى أكبر اقتصاديات العالم, واستطاعت أن تميز نفسها عن كوريا الشمالية التي بقيت دولة فقيرة في قبضة نظام شيوعي بال وقيادة استبدادية.

    لكن تداعيات الأزمة المالية التي بدأت في الولايات المتحدة أصبحت دولية, ففي بريطانيا -التي انضمت رئيسة وزرائها مارغريت تاتشر في ثمانينيات القرن الماضي إلى الرئيس الأميركي آنذاك رونالد ريغان للدعاية لمزايا الرأسمالية- اتخذت الحكومة هذا الأسبوع خطوات للتأميم الجزئي لنظام البلاد البنكي المترنح.

    وفي الجانب الآخر من بحر المانش بدأ الزعماء الأوروبيون, وبزعامة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي يطالبون بقانون دولي واسع جديد لفرض الرقابة على الأسواق المالية العالمية.

    هذه الدعوات وجدت صداها حتى عند صندوق النقد الدولي الذي كان يتصدر المروجين للسوق الحرة في ما وراء البحار، والذي كان يؤكد خلال أزمة الأسواق الآسيوية والأميركية اللاتينية في تسعينيات القرن الماضي أن "التقليل من تدخل الإدارة في الأسواق هو ذاته الإدارة الجيدة", وها هو الآن نفس الصندوق يتحدث عن الحاجة إلى التنظيم والمراقبة.

    وهذا ما عكسه قول مديره العام دومينيك ستراوس كان قبل يومين: "من البديهي أن الأزمة الحالية ناتجة عن فشل ذريع في التنظيم والإشراف في الدول المتقدمة... وفشل في آليات انضباط السوق".

    ففي عرض قدمه أول أمس قال ستراوس كان إن دولا في أفريقيا, وأكثرها من التي لديها أخفض نسب اندماج وانفتاح مالي, يتوقع أن تشهد أقل قدر من التأثر بالزعزعة المالية الحالية.

    وبعد كلام ستراوس كان بقليل وجه صحفيون سؤالا لرئيس البنك الدولي روبرت زوليك حول "الإرباك" الذي ينتاب العالم المتطور فيما يتعلق بالاستمرار في تطبيق أنموذج السوق الحرة أو التخلي عنه.

    زوليك رد بالقول: "أعتقد أن الناس في الدول السائرة في طريق النمو وكذلك تلك المتقدمة مرتبكون بسبب الأحداث الحالية المروعة".

    ففي غالبية الدول النامية لا تزال الأنظمة المالية تدار بشكل شبه كلي من طرف الحكومات, رغم الضغوط التي مارستها واشنطن على تلك الدول لحملها على تحويل النفوذ إلى القطاع الخاص وخلق أسواق مالية أكثر حرية, وقد يستمر هذا الوضع لفترة في المستقبل.

    وقد قاومت الصين دعوات واشنطن ووول ستريت لإدخال سلسلة واسعة من الاستثمارات الغريبة, تشمل عددا كبيرا من المنتجات المشتقة التي كانت جذابة آنذاك وهي الآن التي يلقى عليها اللوم في تضخيم الأزمة في الغرب, وفي الأسابيع الأخيرة أوضحت بكين ذلك الموقف, قائلة إن ذلك سيمنع أدواتها المالية المعقدة من التوسع.

    ومع دفع الحكومة الأميركية حاليا نحو التدخل في الأسواق وبحثها عن دور في تحديد الآليات والنظم الكفيلة بالتصدي للأزمة, يبدو المسرح, مؤقتا على الأقل, مرشحا لأنموذج أكثر تقييدا من التجارة الحرة, خاصة في الأسواق المالية.

    "من ينظر إلى العالم حاليا يجد أن الصين تتقدم بشكل جيد على عكس الولايات المتحدة" كما يقول مدير معهد بيترسون للاقتصاد الدولي سي فريد بيرغستن,
    ويضيف أننا قد "نشهد تراجعا عن العولمة في الأسواق المالية".
    المصدر:

    واشنطن بوست
    http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=33821



    الدنيا ساعة اختبار *** فإما جنة وإما نار تحقق من حديث
    http://www.dorar.net/hadith.php

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Sep 2004
    المشاركات
    2,203
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    عن مجلة العصر
    انهيار الأسواق المالية العالمية: هل هو مؤشر على مأزق النظام الرأسمالي 'المعولم' ...؟
    15-10-2008
    أحمد بابانا العلوي / كاتب موريتاني

    نعم، إن تشابك الأزمات هو الذي أدى إلى الأزمة الراهنة، كما أن العولمة، جعلت آثارها ومضاعفاتها تعم العالم كله .. ولا تنحصر المسألة إذن لا تنحصر في ديون معدومة وبنوك مفلسة وأسهم اندثرت، وأصول وسندات أو قيم تقلصت وتدنت، وما يمكن أن يتتبع ذلك من ركود وتضخم وعطالة .. إن المسألة أعظم وأخطر، فقد كشفت عن سقوط النظام الدولي الأحادي الذي تتربع على رأس هرمه الولايات المتحدة الأمريكية، اقتصاديا وماليا وسياسيا وإستراتيجيا .. هذا النظام سقط مع انهيار بورصة "وول ستريت".

    صدرت في السنوات القليلة الفارطة العديد من الكتب والدراسات حول أزمة النظام الرأسمالي The Crissis of global capatalism، وقد تناول الكتاب والمحللون مختلف وجوه الأزمة ..، وطرحوا العديد من الأسئلة والحقائق والأفكار الخارقة حول مستقبل النظام المالي والاقتصاد العالمي.


    وسأحاول التطرق إلى بعض العوامل والمعطيات التي تحمل دلالات تشير إلى عمق الأزمة التي يمر بها النظام الرأسمالي المعولم في صيغته "تيولبرالية"، ومن الواضح أن انهيار الأسواق المالية العالمية وضعت العالم برمته على شفا كارثة اقتصادية عظمى ..، ومن ثم فقد طرحت قضايا عملية ونظرية عديدة وغير مسبوقة في الولايات المتحدة عن نجاعة وصلاحية النظام الرأسمالي ..


    وقد رأى الناس وسمعوا ما لم يخطر على بال، حيث إن الدولة الرأسمالية العظمى التي تقوم فلسفتها على حرية الاقتصادية وحرية السوق المطلقة، تضطر تحت ضغط انهيار الأسواق المالية وإفلاس المؤسسات البنكية إلى التدخل لشراء الديون الهالكة، وشراء المؤسسات المفلسة بقصد ترشيدها حتى تعود الأسواق إلى الاستقرار، ويتم بذلك تلافي سقوط الاقتصاد الأمريكي في أزمة ركود طويلة الأمد.


    ومن هنا، جاءت (خطة الإنقاذ) المالية التي ستكلف دافع الضرائب الأمريكي 700 مليار دولار، ستضخ في شرايين النظام المالي، ويفترض أن هذه المبالغ الضخمة من أموال تستطيع تهدئة الأسواق المالية، وتعيدها إلى رشدها، إلا أن الاختلالات في حقيقة الأمر هي جوهرية وبنيوية، تمس النظام المالي العالمي الراهن بمجمله، وبالتالي، فإن المطلوب هو تغيير جذري لهذا النظام المالي ..


    ولكي نفهم أسباب الاختلالات التي يعاني منها النظام المالي وأسواق المضاربات، لا بد من التذكير بالأسس التي تولد عنها النظام الرأسمالي، وتبلورت فيها فلسفته ومنظومته.


    هناك أولا الدعوة الدينية التي بنى عليها "ماكس ويبر" أطروحته، حيث يرى بأن المذهب البروتستانتي كان وراء قيام الرأسمالية، تأسيسا على وجود تأثير وتأثر متبادل بين القيم الأخلاقية، والعوامل المادية في عملية التطور الإنساني ..


    وقد لاحظ "ويبر" في دراسته بأنه منذ القرن السادس عشر في البلاد الأوربية وأيضا في أمريكا منذ القرن الثامن عشر، فإن رافعة التقدم الاقتصادي كانت وراءه الفرق المسيحية التي اعتنقت المذهب البروتستانتي، وخاصة الكاليفانية (نسبة إلى جان كالفن Jean Calvin- ت- 1564). وحتى نهاية القرن التاسع عشر، فإن نسبة البروتستانت في الشركات والبنوك والنشاطات الاقتصادية بوجه عام أكبر من نسبة عددهم ضمن سكان أوربا الغربية ..


    وتقول الكاتبة (باربرا إيرينرايك) صاحبة كتاب (البحث عن الحلم الأمريكي)، إن (كالفين) شجع الرأسمالية، وقال إن الإنسان يجب أن يكون حرا في أن يعمل ما يريد كما يريد ..، ورغم أنه انتقد المرابين الجشعين، إلا أنه أفتى بجواز الفائدة رغم أنها محرمة في الإنجيل، وقال بأن توفير المال "عمل" يستحق صاحبه فائدة عليه. وخلاصة القول إن "ويبر" أراد أن يبين دور العامل الديني في الحضارة المادية الحديثة التي تعتبر الرأسمالية أحد مرتكزاتها الأساسية، ثم إنه أراد بربطه بين الدين والرأسمالية أن يبرز دور الإصلاح الديني في ظهور الدولة القومية.


    وفي السياق نفسه، قدم لنا الدكتور "مصطفى محمود" المسألة من منظور وظيفي بحث، حيث ذكر في كتابه (الشيطان يحكم) أن منصرا أوروبيا وقف يخطب في جماعة من الزنوج الأفارقة، الفقراء، فقال لهم: لا تسرق ..لأنه أسهل على الجمل أن يدخل ثقب إبرة، من أن يدخل الغني جنة الله.


    فقالوا ما هو الغني ؟ فأجاب: الذي يملك ..، الذي عنده نقود أكثر، الذي عنده سندات وعقارات أكثر ..


    فقالوا: ولكن ليس بيننا من يملك أكثر، ولا من يملك أقل، ولا نعرف ملكيته، ولا نعرف نقودا، وليس بيننا من يملك سندات عقارية.


    فقال المنصر الأوروبي: هذا عين التأخر والبربرية والوحشية ! سوف يصك لكم الرجل الأوروبي النقود، وسوف يجعل بعضكم فقراء، وبعضكم أغنياء، وهكذا تنشأ بينكم الأحقاد، فتعرفون معنى الوصايا العشر.


    ولكن ما بال الرجل الأوروبي لا يعمل بالوصايا العشر؟ ولماذا كذب على نفسه وعلينا وعلى الله؟


    لأنه أصبح عبدا لنفسه ..، تستهويه البضائع الاستهلاكية، وتستعبده السيارة والثلاجة والغسالة .. الخ.


    إن سيطرة البضائع الاستهلاكية والترف الشخصي، تفرض نفسها على بلد رأسمالي كأمريكا ..


    ومن أجل المزيد من الترف والبضائع الاستهلاكية ومن أجل السيطرة والتحكم في الآخرين، تشن الحروب، وتختلق الذرائع والمبررات الواهية، حماية لزمرة من المضاربين والمرابين الجشعين والسياسيين الانتهازيين ..، الذين يتلاعبون بالنظام المالي والاقتصادي العالمي.


    العامل الثاني في مسألة تبلور النظام الرأسمالي وازدهاره، يتمثل في حرية السوق، حيث إن انجلترا في منتصف القرن التاسع عشر وفي خضم التجارب والتحولات الاجتماعية، قامت بإنشاء مؤسسة جديدة هي "السوق الحرة"، ويرى بهذا الصدد (جون جراي John gray) أستاذ العلوم السياسية بجامعة أكسفورد، وصاحب كتاب "أوهام الرأسمالية العالمية"، بأن السوق الحرة تعتبر نمطا جديدا من الاقتصاد، تتغير فيه جميع أسعار السلع، ومن بينها أسعار الأيدي العاملة، دون مراعاة لآثار هذا التغير على المجتمع.


    ففي الماضي، كانت الحياة الاقتصادية تحكمها الحاجة إلى المحافظة على التماسك الاجتماعي، وكانت الأسواق لها جذور اجتماعية عميقة، وتخضع لكثير من الضوابط والقيود ..، إلا أن العصر الفيكتوري الذي يعتبر ذروة في الازدهار الاقتصادي والتوسع الاستعماري في انجلترا هو الذي دمر الأسواق الاجتماعية، واستعاض عنها بأسواق حرة، أي متحررة من الضوابط أو القيود التي تفرضها الضرورات الاجتماعية ..


    ويعتبر حدث ظهور السوق الحرة تحولا كبيرا في التاريخ الاقتصادي الليبرالي، وسيتم إدماج الاقتصادات العالمية منذ القرن التاسع عشر في سوق حرة عالمية.


    وما يجب التأكيد عليه هنا، أن فكرة السوق الحرة ستكون من أهم العوامل في ازدهار وتطور الرأسمالية الكلاسيكية وما عرفته من تغييرات هيكلية عميقة، أدت إلى بروز الرأسمالية المالية تحت تأثير التقدم الصناعي والتكنولوجي الهائل والمتسارع في الغرب الرأسمالي الليبرالي.


    ولا مراء بأن الاقتصاد الرأسمالي عرف طفرة كبيرة، مما أدى إلى تغير مفاهيمه التقليدية التي كانت تبشر بالحرية الفردية والوفرة المادية التي تعم الجميع ..فبدخول العالم في النظام الكوني في الحقبة الممتدة بين (1947-1972) وظهور الولايات المتحدة كقوة امبريالية مهيمنة على المسرح الدولي، فإن طبيعة الاقتصاد الرأسمالي قد تحولت إلى الاقتصاد المهيمن، الذي يسيطر على الاقتصادات الأخرى ويتحكم في قواعد السوق العالمية عن طريق توزيع رؤوس الأموال واستثمارها في مختلف أقطار الدنيا التي أصبحت مناطق حرة مفتوحة أمام التبادل التجاري.


    وقد أدى ضخ أموال طائلة في السوق العالمية إلى بروز الرأسمالية المالية كقوة عابرة للقارات، لا ضابط ولا قيود تتحكم فيها تفرض إرادتها على الجميع وقد زادتها العولمة جبروتا.


    إذن في ظل الهيمنة السياسية للولايات المتحدة واتساع دائرة الاقتصاد الرأسمالي والسوق الحرة المرتبطة به، صعدت الرأسمالية المالية إلى القمة، وقد تدخلت لإعادة تشكيل الاقتصاد العالمي.


    إن الرأسمالية المالية بدأت تترسخ، مع تركيز رأس المال وتزايد نشاط المصارف في مختلف أوجه العمليات التجارية والصناعية .. إلا أن التحول من الرأسمالية الكلاسيكية إلى الرأسمالية الحديثة، أدى إلى إدماج الرأسمال الصناعي في الرأسمال المصرفي ليشكلا معا الرأسمال المالي المسيطر على الحياة الاقتصادية بوجه عام ..


    ثم مع اتساع دائرة السوق الحرة، خرج الرأسمال بحثا عن الاستثمارات الأكثر ربحا في كل أرجاء العالم .. ويقول الدكتور فؤاد مرسي في كتابه (الرأسمالية تجدد نفسها)، إن الرأسمالية المالية أخذت تكتسب طابعا ريعيا طفيليا، فقد صارت تعيش جزئيا على توظيف رأس المال لا على استثماره، أي أنها صارت تعيش على ريع الأوراق المالية، لا ريع المشروعات الإنتاجية، وصارت البورصة هي مرآة هذه الرأسمالية ترى فيها نفسها كل صباح.





    ويضيف الدكتور "فؤاد مرسي"، أنه مع إعادة تعمير أوروبا الغربية سيطر رأس المال الأمريكي ومعه الدولار الأمريكي على الصناعة والتجارة والمال في العالم.


    وفي مطلع الستينات من القرن الماضي انهار النظام النقدي الدولي القائم على قاعدة الدولار وتم تعويم العملات الرئيسية واضطربت أسواق الصرف وكانت أسعار الصرف تقابل بزيادة في أسعار الفائدة مما كان يدفع إلى شراء العملات والمضاربة فيها، باستخدام أداتي أسعار الصرف وأسعار الفائدة وهكذا ساد عدم الاستقرار في الأسواق المالية العالمية.


    ولا بد من الإشارة إلى قدرة الرأسمالية المالية على السيطرة على الفوائض النفطية وجعلها في تصرف المراكز المالية العالمية، بحيث سيتم تحويل جزء كبير من هذه الفوائض النفطية إلى الاقتصاد والريعي، كما قامت بتصدير رأس المال في صورة قروض، وقد بلغت القروض المصرفية الدولية في مطلع الثمانينات 1020 مليار دولار، الأمر الذي نشأت عنه مشكلة المديونية الدولية، وهي ظاهرة اقتصادية كانت لها نتائج وخيمة سياسيا واقتصاديا كما أنها تؤكد مدى خطورة رأس المال النقدي والمالي خاصة عندما يتركز في عدد قليل من المصارف الاحتكارية ..


    وهكذا أدى تراكم الرأسمال النقدي إلى التدفقات المالية عبر العالم، كما أدى إلى ارتفاع أسعار الفائدة، وتحويل الفائض الاقتصادي والمدخرات العادية للبلدان النامية إلى البلدان المصنعة، وكذا إلى استفحال المديونية الخارجية وأعباء خدمة الدين، وإلى تدخل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي لفرض شروط مجحفة وقاسية على الدول النامية لتصحيح برامجها الاقتصادية بما يتسق ويتناغم مع قوالب وسياسات الرأسمالية المالية ..


    ومن هذا المنطلق، يتبين لنا أن مقاربتنا للعوامل الأساسية للنظام الاقتصادي الرأسمالي سوف تتيح لنا النفاذ إلى حقيقة الأزمة التي تعصف بالنظام المالي العالمي برمته وتدفع بالاقتصاد العالمي دفعا إلى الكارثة.


    لقد أدى تمركز الفائض الاقتصادي الدولي، وتوزيعه من خلال آليات أسواق النقد والمال الدولية إلى التحكم التام في عملية إعادة الإنتاج عن طريق القروض المصرفية، ومن ثم فإن الرأسمالية المالية أصبحت القوة المهيمنة على الاقتصاد العالمي فلديها رأسمال ضخم ولديها مصارف دولية حديثة ولديها الدولار عملة دولية ولديها أسواق مالية ونقدية تغطي كل أرجاء المعمور.


    وقد ساد الاقتصاد المالي بفعل طغيان الربا والمضاربة على أسواق النقد والمال والائتمان، ومن نتيجة ذلك تقلص دور الاقتصاد الحقيقي. ويرى الدكتور "فؤاد مرسي" بأن أهم ما يشهده الاقتصاد الرأسمالي المعاصر، هو الانفصام المتزايد بين الاقتصاد العيني المتمثل في تدفقات السلع والخدمات والاقتصاد المالي المتمثل في تدفقات النقود والائتمان.


    لقد أصبح هناك انفصام متزايد بين رأس المال المنتج ورأسمال النقدي، وأصبحت المفاضلة متصاعدة بين استخدام رأسمال في الديون والمضاربة وبين استخدامه في الإنتاج والاستثمار وأصبح الريع مفضل على الربح وهذا تطور خطير يكشف عن الطابع الطفيلي للرأسمالية المعاصرة.


    إذن، تكمن الأزمة الراهنة في هذا التوجه الحثيث نحو اقتصاد رمزي مؤسس على رأسمال اسمي، يتمثل في الأوراق النقدية وما يتمحور حولها من مضاربات من أجل انتزاع الأرباح والفوائد والريوع والعوائد من كل نوع. وعندما تختل الموازين نتيجة غياب الضوابط الاجتماعية في العملية الاقتصادية، تكثر المضاربات من أجل انتزاع الأرباح والفوائد والريوع والعوائد من كل نوع. وعندما تختل الموازين نتيجة غياب الضوابط الاجتماعية في العملية الاقتصادية، فإن النظم الاقتصادية والاجتماعية تتأثر ويتصدع بنيانها، وقد يشرف على السقوط والاندثار، وذلك بسبب عدم إدراكها للضرورة الناظمة للقوانين الموضوعية للعمران البشري ..


    ومن أهم العوامل التي أدت إلى الأزمة، تضخم حجم الرأسمال الرمزي واستقلاله عن الاقتصاد الحقيقي، بحيث أصبحت حركة رأس المال وأسعار الصرف بعيدة عن حركة التجارة الدولية ومستقلة عنها لها دورتها الخاصة وآليتها المستقلة.


    وبالرغم من أن الرأسمالية الاحتكارية الحديثة، رأسمالية جد منظمة ولديها فرق عمل من الخبراء لترشيد عملها ودرء تحول الأزمات الدورية إلى كوارث ..، وذلك بوضع آليات لتصحيح الاختلالات ومواجهة المستجدات سواء تعلق الأمر بأسعار النفط أو أسعار المواد الغذائية أو أسعار الخامات .. الخ. والغرض من هذه الآليات التصحيحية هو إعادة النظر في أساليب إدارة وتنظيم الاقتصاد الرأسمالي وأيضا تصحيح القوانين الاقتصادية وإلى جانب أساليب مواجهة الأزمات الاقتصادية، نشأت في الدول الرأسمالية ما يسمى آليات إدارة الأزمة الاقتصادية ..


    إلا أن هذا كله لم يحل دون أن تصير المضاربة نشاطا أساسيا للرأسمال ... بالإضافة إلى نشوء نظام مصرفي عابر للقارات بلا رقابة من مصرف مركزي .. يتلقى كل المشروعات المالية الضخمة ومن مهامه أيضا تدوير الفوائض النفطية.


    وقد ساهم هذا النظام المصرفي المتعاظم في عولمة السوق المالية، إذن نحن أمام تطور بنيوي، وتحول تاريخي، يؤشر على نهاية مرحلة "الاقتصاد المهيمن"، أي سيطرة قوة عظمى على النظام الاقتصادي العالمي ..


    وإذا كان من المسلم به عند بعض الاقتصاديين والخبراء في القضايا المالية، أن الاقتصاد الرأسمالي عرف العديد من الأزمات الدورية واستطاع كبحها أو تصحيح اختلالاتها المرة تلو الأخرى، وبالتالي فهو قادر على ضبط إيقاعه والتحكم في مسار تطوره، إلا أن المسألة كما كشفت عنها الأزمة الراهنة، لا تتعلق فقط باختلالات في التدبير، بل بشرخ عميق وانفصام بين الاقتصاد الحقيقي والاقتصاد الرمزي، نتيجة عولمة الاقتصاد وعولمة رأس المال بفعل الثورة التكنولوجية الجديدة .. وبالتالي، فإن الأزمة الراهنة هي نتيجة الأحادية الاقتصادية وسيطرة الدول الغربية الرأسمالية بقيادة الولايات المتحدة على الاقتصاد العالمي وجاءت الأزمة المالية العالمية لتعصف بهذا الوضع ولتضع النظام الرأسمالي في مأزق شديد فآلياته التدبيرية والتنظيمية لم تعد ناجعة، ولا صالحة لمعالجة الاختلالات الناتجة عن العولمة الاقتصادية والمالية ..


    إن العاصفة التي أدت إلى انهيار الأسواق المالية العالمية أزاحت الستار عن تأزم النظام الاقتصادي العالمي، نتيجة تراكم العديد من الأزمات: (أزمة النظام النقدي، وأزمة الطاقة والخدمات، وأزمة المديونية الخارجية، أزمة الغذاء وأزمة البيئة) إذن أزمات متعددة بعضها فوق بعض، وكلما ازدادت تعقيدا صعب الخروج منها ولجأ الخبراء إلى المسكنات لكبحها وتقليص حجمها وتأثيرها في النسيج الاقتصادي العالمي إلا أنه في ظل الثورة التكنولوجية، وتدويل رأس المال وتذبذب أسعار العملات، وارتفاع حجم الفائض النفطي ودخول الاستثمار في المضاربة المالية، وكذلك في ظل صعود المحافظين إلى سدة الحكم في الولايات المتحدة، بلغت الأزمة ذروتها، فانفجرت في صورة بركان ألقى بحممه ولهيبه الحارق على مراكز البورصات وأسواق المال العالمية.


    نعم، إن تشابك الأزمات هو الذي أدى إلى الأزمة الراهنة، كما أن العولمة، جعلت آثارها ومضاعفاتها تعم العالم كله .. اذن لا تنحصر المسألة في ديون معدومة وبنوك مفلسة وأسهم اندثرت، وأصول وسندات أو قيم تقلصت وتدنت، وما يمكن أن يتتبع ذلك من ركود وتضخم وعطالة .. وملايير الدولارات يتم ضخها في هذا القطاع أو ذاك لوقف التدهور .. إن المسألة أعظم وأخطر، فقد كشفت عن سقوط النظام الدولي الأحادي الذي تتربع على رأس هرمه الولايات المتحدة الأمريكية، اقتصاديا وماليا وسياسيا وإستراتيجيا .. هذا النظام سقط مع انهيار بورصة "وول ستريت".


    إن أزمة النظام المالي العالمي فتحت أمام العالم حقبة جديدة، تتطلب قيام نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب يستجيب لضرورات العمران البشري في عصر العولمة.
    http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=33821

    الدنيا ساعة اختبار *** فإما جنة وإما نار تحقق من حديث
    http://www.dorar.net/hadith.php

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Sep 2004
    المشاركات
    2,203
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    الاقتصاد الرأسمالي (التغول أو الانهيار*) ودور القطاع الثالث**
    21-10-2008
    د. محمد عبد الله السلومي *** عن العصر

    وواقع الحال أن التغول الرأسمالي يتلازم وانهيارات الأسواق والشركات والبنوك، والتقارير المالية المتتابعة تؤكد هذا، فقد أشارت النيوزويك الأمريكية إلى عمليات إنقاذ وول ستريت من نفسه، حينما انهارت شركة(بيرسترنز)، والتي كان لديها(30)دولار من الديون مقابل كل دولار من رأسمالها،إضافة إلى المخاوف المتنامية بشأن الشركتين العملاقتين للرهون العقارية(فاني ماي)و(فريدي ماك)وديونهما البالغة قيمتها(5.2) تريليون دولار، والحلول المطروحة لا تزيد عن تأجيل مضاعفة مخاطر النظام المالي، مثل الاقتراض من الاحتياطي الفيدرالي ولتمكين الخزانة الأمريكية من شراء أو(تعويم) أسهم الشركتين وغير ذلك من الحلول المؤقته

    نقائص الرأسمالية العالمية كبيرة، كما يعرضها (جورج سوروس) في كتابه عن العولمة؛ وهو لا يؤيدها!! لأنها توفر ثروات إضافية، لكنه مؤيد متحمساً لها من أجل ما توفره من حرية، ومعتبراً أن هناك خللاً يتطلب الإصلاح في منظمة التجارة العالمية(WTO)، وأن المساعدات الدولية عنصر مفقود، كما يرى ضرورة الإصلاح البنيوي لمصارف التنمية متعددة الأغراض، وعدم الاستمرار بالنظام المالي الحالي لصندوق النقد الدولي، ويرى أن من الإصلاحات اللازمة لتلك النقائص هو العمل بسياسة (المجتمع العالمي المفتوح)، وذلك بإيجاد مؤسسات دولية قوية مشابهة لمنظمة التجارة العالمية، تكون مكرسة لأهداف اجتماعية أخرى، مثل تقليص الفقر وتوفير المصالح العامة على نطاق عالمي، وتحسين مستوى الحياة العامة في البلدان التي تعاني من الفساد، وتوازن أفضل بين المنافسة الاقتصادية والتعاون الاجتماعي وإعادة التأكيد على الأخلاق وسط الانهماك الاقتصادي غير الأخلاقي. فالنظام الرأسمالي للاقتصاد قائم على الارتفاع والهبوط وقائم على نظام (الاحتكار) لدى الشركات العملاقة والاندماجات والنظام الربوي.


    ومن نتائج ذلك؛ أنه يشكل مجتمعات التفاوت الاقتصادي ويضعف فيه الإنصاف الاجتماعي، حيث أشارت التقارير أن الدول المتقدمة أصبحت فيها معدلات للفقر، فاليابان تحتل المرتبة الثانية بعد معدلات الفقر في الولايات المتحدة الأمريكية، وقد أكد ذلك بقوله : "لقد ازداد حجم الاقتصاد العالمي بمعدل غير مسبوق. لكن الأثرياء هم المستفيدون الأساسيون منه، فضلاً عن ذلك، فهم يستغلون نفوذهم للاستمرار في الحصول على حصصهم من هذا الاقتصاد قبل أن يتمكن الفقراء من الاستفادة منه"، "إن الهوة بين الأغنياء والفقراء كبيرة جداً في المناطق التي اعتنقت الرأسمالية المسرّعة من دون تردد، وخاصة في الولايات المتحدة والصين [1]"، والمشكلة أن العالم ينضم إلى هذه الرأسمالية بسلبياتها؛ فالأنظمة الضريبية الأقل تصاعدية، وسياسات الخصخصة التي وضعت الموارد العامة تحت سيطرة القطاع الخاص، وافتقار العمال إلى الحماية، وأنظمة التأمينات، والرهون العقارية، والفوائد التراكمية كلها عوامل ساهمت في قلب الموازين لمصلحة الأثرياء في الأسواق النامية، مثل الصين وروسيا[2]، فكيف بالعالم العربي والإسلامي المستورد لهذه الرأسمالية الاقتصادية ونظمها، وليس لديه قطاع ثالث، بمعنى قطاع شريك لجميع عمليات التنمية البشرية والمالية بشكلٍ موازٍ ومنافس للقطاع العام والخاص، وكما قال الصحفي الإسرائيلي أوف بن في صحيفة هارتس قال عن احتضار الرأسمالية : "كبار المحللين والمؤرخين والاقتصاديين في أمريكا يتحدثون عن دولة عظمى (أمريكا) تحت وطأة الديون الهائلة التي تمول نهجاً استهلاكياً مفرطاً وتدخل دولي هدَّام وفجوات اجتماعية عميقة وخدمات شعبية متعفنة[3]".


    "معدلات الفقر بالنسبة لعدد السكان الإجمالي في أمريكا لعام 2005م بلغت 12.7% ومن أصل سبعة وثلاثين مليون أمريكي، ممن يرزحون تحت خط الفقر، فإن قرابة الثلث هم من الأطفال[4].ويقول سورس عن بعض هذه النقائص بلغة الأرقام:" لم يُخصص إلا القليل جداً من الموارد لتصحيح عيوب العولمة. والنتيجة فإن الفجوة بين الأغنياء والفقراء في ازدياد، حيث إن (1%) من السكان الأغنى في العالم يكسبون ما يكسبه (57 %) من السكان الأفقر . ويعيش اليوم مليار من البشر بمعدل يقل عن دولار واحد في اليوم، ويفتقر قرابة مليار آخر إلى المياه النظيفة، ويعاني 826 مليوناً من سوء التغذية، ويموت 10 مليون إنسان في كل سنة جراء نقص الرعاية الصحية الضرورية.


    هذه الأوضاع لم تنجم بالضرورة عن العولمة، ولكن العولمة لم تفعل إلا القليل لإصلاحها، فمظالم العولمة قد ساعدت على انتشار النقمة والاحتجاج"[5]. وأقول إن مقترحات (سورس) تؤكد رؤيتنا، وهي أن العمل بسياسة وإدارة القطاع الثالث الممنوح كامل حقوقه المعنوية والمادية معالج قوي لنقائص الرأسمالية ومعالج أيضاً لعولمة الاقتصاد الحر القائمة على اختفاء فضائل الأعمالbusines virtuesdisapperance ofوانحسار المعايير الخضراء للشركات على حد تعبير ليزا-هـ- نيوتن[6]، ومما يجدر الإشارة إليه أن الولايات المتحدة الأمريكية بشكل خاص إستفادت من قوة قطاعها الثالث في تخفيف صدمات وآثار عيوب الرأسمالية الاقتصادية.


    كما ورد في تقرير التنمية البشرية لعام 2005م الصادر عن الأمم المتحدة صورة واضحة عن واقع التوزيع في الدخل العالمي، والحجم الفعلي لعدم المساواة، فمجموع دخل أغنى 500 إنسان في العالم يفوق دخل أفقر 416 مليوناً من أبنائه، ويعيش 2500 مليون إنسان — يشكلون 40% من سكان العالم — بأقل من دولارين في اليوم، ولا يحققون سوى 5% من الدخل العالمي الشامل، في حين أن أغنى 10% من سكان العالم يعيشون بأجمعهم تقريباً في بلدان الدخل المرتفع ويحققون 54%، ويرى التقرير أن "إنقاذ مليار إنسان يعيشون بأقل من دولار في اليوم من الفقر المدقع يكلف300مليار دولار وهو مبلغ يمثل واحداً وستة أعشار الواحد في المئة من دخل أغنى عشرة في المئة من سكان العالم[7]".


    ملامح الانهيار:


    وإذا كانت هذه بعض ملامح ونتائج تغوَّل هذا الاقتصاد المنتهك لحقوق الإنسان وكرامته؛ فإن هناك نتائج من نوع آخر بسبب توقعات انهيار آليات هذا النظام الرأسمالي، وعن هذا الأخير، كتب الشيخ صالح الحصين قبل عقدين من انهيارات عام 2008م عن رؤيته للرأسمالية الاقتصادية القائمة على القروض الربوية والائتمان الذي يتوقف بدوره على الثقة والتي قال فيها: "عندما حدثت كارثة الاثنين الأسود عام 1987م وبعد شهر اجتمع في نيويورك واحد وثلاثون خبيراً اقتصادياً من ثلاث عشرة دولة، وكان التقرير الذي انتهوا إليه بعيداً عن التفاؤل، فيما يتعلق بمستقبل الاقتصاد الرأسمالي، وبعد سنتين كتب العالم الاقتصادي (موريس آليه )الحائز على جائزة نوبل، مشيراً إلى هذا التقرير وأوضح فيه أن المرض المتجذر في الاقتصاد الرأسمالي كون هذا الاقتصاد عبارة عن أهرامات من الديون يرتكز بعضها على بعض في توازن هش". كما أكد موريس : "إن الحل الوحيد هو التعديل الجذري للنظام البنكي الحالي. وأوضح أن كل أحد يدرك ذلك ولكن قوى الضغط لا تسمح بالتغيير".


    خلال هذه المدة، حدثت متغيرات مهمة ساهمت في تأجيل حدوث التوقعات المتشائمة عن الاقتصاد الرأسمالي؛ إذ تحولت روسيا وجمهوريات الاتحاد السوفيتي، والصين إلى الاتجاه الرأسمالي. وإذا كانت الرأسمالية تتغذى بالحروب، فقد استهل القرن الحادي والعشرين بحروب تبرر وصف أحد الخبراء بأن هذا القرن بدأ بأرباح الحروب. ولكن ذلك كله لم يبعد شبح التشاؤم الذي كان يظلل الاقتصاد الرأسمالي قبل عشرين سنة، إن الكوكب الاقتصادي يعيش اليوم خطر انعدام استقرار أكبر.


    لقد كتب الخبير الاقتصادي الأول لبنك مورجان ستانلي في شهر إبريل عام 2006م، فقال: إن أزمة كبرى ترتسم أمامنا، وإن المؤسسات العالمية من (صندوق النقد الدولي) إلى (البنك الدولي) وسائر آليات الهندسة المالية الدولية غير مجهزة لمواجهتها.


    وأبلغ من ذلك؛ أن يشير التقرير السنوي لبنك التصفيات الدولي الصادر في نهاية يونيو 2006م، إلى أنه نظراً لتعقيد الوضع وحدود معلوماتنا، فمن الصعب جداً تخيل كيف ستتطور الأمور، ويقر التقرير بإمكانية حدوث انفجار يزعزع الأسواق، إذ يعتبر أن هناك أسباباً عديدة للقلق من المستوى المعين من الفوضى، وذلك كاف لتصور واقع الاقتصاد الرأسمالي، والاتفاق مع وصف أحد الخبراء لهذا الوضع؛ بأنه سلاح التدمير الشامل المالي"[8]. انتهى...


    وواقع الحال أن التغول الرأسمالي يتلازم وانهيارات الأسواق والشركات والبنوك و التقارير المالية المتتابعة تؤكد هذا، فقد أشارت النيوزويك الأمريكية[9]عن عمليات إنقاذ وول ستريت من نفسه حينما إنهارت شركة (بيرسترنز)، والتي كان لديها (30) دولار من الديون مقابل كل دولار من رأسمالها، إضافة إلى المخاوف المتنامية بشأن الشركتين العملاقتين للرهون العقارية (فاني ماي) و( فريدي ماك)وديونهما البالغة قيمتها (5.2) تريليون دولار، والحلول المطروحة لا تزيد عن تأجيل مضاعفة مخاطر النظام المالي، مثل الاقتراض من الاحتياطي الفيدرالي ولتمكين الخزانة الأمريكية من شراء أو(تعويم) أسهم الشركتين وغير ذلك من الحلول المؤقته[10].


    ولا زالت المخاطر والأزمات تتوالى كما حدث لإنهيار شركة أي آي جي AIG ومصارف متعددة وشركات تأمين، وسقطت كذلك بعض البنوك الاستثمارية الكبيرة مثل (ليمان براذرز) و (ميريل لنش) وكانت ضحايا لأزمة القروض والتأمينات والرهون العقارية حتى ذات التصنيف الائتماني المنخفض. وقد تدخلت الحكومة الأمريكية عدة مرات لمساندة السوق المهددة بالانهيار كان آخرها الدعم بـ(700) مليار دولار، وشراء المصرف المنهار (أمريكان انترناشيونال جروب American International Group، وكل ذلك يؤكد التوقعات السابقة التي طرحها الحصين في عدة مقالات ومناسبات والتي نبَّه فيها إلى خطر الانسياق والتبعية لنظم وآليات الاقتصاد الرأسمالي.


    وهذا الواقع يشكل تهديداً لبقاء الدول أو قوتها في تحقيق الرفاهية لشعوب دول الشمال كاملة، كما يحرم من توفير الحد الأدنى من متطلبات الحياة للشعوب الأخرى، خاصة مع آثار تسارع عمليات الاندماج بين الشركات الكبرى والتنافس الاقتصادي السلبي أو الصراع المحموم بين الشركات العملاقة، وانضمام الشركات الشرقية الصاعدة لمثيلاتها الغربية، كما أن الارتفاع العالمي الكبير لأسعار الطاقة، ومن أهمها أسعار البترول ينذر بأخطار كبيرة من التضخم، مع ما يصاحب ذلك من أزمات أصبحت تهدد توافر الغذاء العالمي وارتفاع أسعاره وكل ذلك سوف يزيد من شرائح المحتاجين والمعدمِين[11].


    وكل هذا المناخ في تغّّول الاقتصاد بنقائصه والنتائج السلبية المصاحبة له، وماسوف ينتهي إليه من انهيارات أكبر وأكثر ـ عبَّر عنها كبار محللي الاقتصاد بأنها انهيارات 17/سبتمبر 2008م على ضخامتها البداية وليست النهاية ـ سوف يزيد من الضحايا البريئة، ومن الطبقات الوسطى لتنضم إلى لطبقات المفلسة أو الفقيرة، بل والأشد فقراً لتزداد مشاعر الغضب، وربما يزداد العنف لدى الشعوب لانتزاع حقوقها المعنوية والمادية المسلوبة، ولا يمكن أن يستوعب كثيراً من هذه الآثار السلبية سوى نمو وقوة وحرية مؤسسات القطاع الثالث بكل أنواعها.


    فقد أصبحت في الغرب بشكل خاص تزداد انتشاراً لتخفف المسؤولية والوطأة والضغوط على الحكومات لعلاج آثار مشكلات التغول الاقتصادي؛ كما يمكنها معالجة آثار الانهيار أو الوقاية من بعض جوانبه على مستوى الدولة والأمة وليس على مستوى الحكومة فقط، فالتعاون والتطوع وتمتع مؤسسات هذا القطاع بحقوقها المالية من زكاة وأوقاف وتبرعات وما تتلقاه من دعم حكومي مالي ومعنوي كل ذلك يؤدي إلى توطين الموارد الاقتصادية فهو قطاع خدمي تنموي يعمل على إيجاد البنى الأساسية للدولة ـ أي دولة ـ.


    وهو قطاع غير ربحي لا يدخل في الاستثمارات العالمية فدورات اقتصاده واستثماراته محلية ووطنية، وهو لدى جميع الأمم والدول مرشحاً قوياً لأخذ زمام المبادرات في التصدي للقضايا الإنسانية والحفاظ على ثرواتها المحلية والوطنية ، فالقطاع الثالث هو القطاع الأقل فساداً والأكثر التزاماً بالمثل والقيم العليا بحكم دوافعه وبحكم طبيعة أهدافه وهو قطاعٌ يتصف بدرجات كبيرة من الشفافية التي تفوق معظم شفافية مؤسسات القطاع الحكومي والتجاري. (لكننا نغلق هذه المؤسسات ونصادر اموالها وممتلكاتها ونطارد موظفيها امتثالا لقوانيت وتعليمات محاربة الارهاب وكاننا خارج سياق التاريخ والاحداث ولا دخل لنا في معالجة الاثار الناتجة في بلادنا.المهم ما نقبض من راتب عن طريق الشحدة من الدول المانحة فاصبحنا دولة رئيسها شحاذ وموظفيها ووزرائها متسولين امتهنوا الاهانة وارتفعت عنهم الكرامة.)


    كما أن هذا القطاع تتفاعل معه بشكلٍ إيجابي كل الأمم والشعوب في عمليات الوقف والتبرعات فهو قطاعٌ يعمل على تحسين حياة الناس فعلياً، كما يعمل على خلق فرص عمل بأجورٍ مقبولة وخلق روابط قوية بين الشعوب ذاتها، ويعمل أيضاً على تلبية الحاجات الأساسية للناس، ويعد هذا القطاع الأسرع نمواً من القطاع الحكومي والقطاع التجاري خاصةً في الولايات المتحدة الأمريكية حيث يشكل 10% من مجمل النشاط الاقتصادي على المستوى القومي، ويمكن أن يكون أكثر من هذه النسبة إذا أدخلت الوظائف [12] ، فعلى سبيل المثال وصلت المؤسسات الوقفية المانحة في أمريكا (72.477) مؤسسة وقفية مانحة [13] ، وبلغت التبرعات النقدية لهذا القطاع (306.39) مليار دولار وحوالي مليون وستمائة ألف مؤسسة وجمعية خيرية، وأكثر من 11 مليون موظف حسب إحصائية عام 2007م [14] .


    وأخيراً: إن ما يحدث وما سوف يحدث لشركات وبنوك النظام الرأسمالي الغربي ليس مفاجئاً لكل المؤمنين بتطبيق الشريعة الإسلامية في جوانبها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وكيف تكون المفاجأة لهولاء وقد أخبر القرآن بذلك في قوله تعالى: "يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ"، فالنمو والزيادة تتلازم مع الصدقات للخير كل الخير (القطاع الخيري)، والمحق متلازم مع الربا لكن كيف يكون المحق ومتى؟ فعلمه عند علاَّم الغيوب.


    الهوامش:


    * الموضوع مأخوذ من كتاب القطاع الثالث والفرص السانحة (رؤية مستقبلية), محمد السلومي(تحت الطبع) , وقد كُتب هذا قبل حوالي سنتين , ثم أضيفت إليه إضافات يسيرة عن انهيارات سبتمبر 2008م لتؤكد هذه الإضافات توقعات بعض خبراء الاقتصاد العالمي , و رؤى الغيورين على ثروات أوطانهم من خلال النقولات الواردة عنهم في هذا الموضوع.


    ** القطاع الثالث Third Sector يتمثل بجامعات ومراكز بحثية ومستشفيات وجمعيات ومؤسسات إغاثية وعلمية وإعلامية وكلها مستقلة عن الحكومات إدارياً ولا تنشد الربح، فهو قطاع يعمل على التوازن بين القطاع الأول الحكومي والقطاع الثاني الخاص . حيث الدولة –أي دولة- تتكون من ثلاث قطاعات إدارية , والحكومة حسب الواقع الإداري لدول الشمال إحدى مكونات الدولة , ويعرف البعض القطاع الثالث بأنه: (مجموعة من المنظمات تنبع من مبادرات المواطنين الخاصة وتحتل موقعاً خاصاً بين مشروعات القطاع الخاص والمؤسسات الحكومية , حيث لا تستهدف هذه المنظمات تحقيق الربح بل تسعى في المقام الأول إلى تحقيق النفع العام في إطار ما تصدره الحكومات من تشريعات تنظم عمل هذا القطاع).


    *** باحث في دراسات القطاع الخيري، ورئيس مركز القطاع الثالث(قطاع) للدراسات والاستشارات الاجتماعية .


    1ـ انظر جورج انظر جورج سورس والعولمة، تأليف جورج سورس،, المقدمة والفصل الأول , ص 39, 44.


    2ـ انظر " نيوزويك" في 13 نوفمبر 2007م.[2]


    3ـ انظر، الرأي في 2/1/1429هـ.


    4ـ في 5/10/1428هـ. انظر "السياسة" الكويتية


    5 ـ انظر جورج سورس "جورج سورس والعولمة", نقائض الرأسمالية ص 25 ,36.


    6ـ انظر ليزا-هـ- نيوتن , نحو شركات خضراء ص13.


    7ـ تقرير التنمية البشرية عام 2005م.


    8ـ صالح الحصين , ورقات غير منشورة , وانظر التأكيد عليها مجدداً موقع المسلم
    www.almoslim.net بعنوان "الإصلاح" في مهرجان الجنادرية 29/2/1428هـ على الرابط التالي http://almoslim.net/node/83832.


    9ـ انظر نيوزويك في عددين: 5/8/2008م , 30/9/2008م.


    10ـ انظر نيوزويك في 5/8/2008م.


    11ـ انظر "الاقتصادية"13/4/1429هـ.


    12 ـThird-Sector Development up for the market by Christopher Gunn انظر كريستوفر جن"تنمية القطاع الثالث" .


    13ـ انظر بتاريخ 21/9/2008م.Foundation Center.org .


    [14] انظر العطاء الأمريكي American Giving, تقرير عام 2007م الصادر 2008م، وعلى الرابط التالي
    www.nps.org بتاريخ 25/9/2008م.

    http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=33821

    الدنيا ساعة اختبار *** فإما جنة وإما نار تحقق من حديث
    http://www.dorar.net/hadith.php

  10. #10

    افتراضي

    يحتوى هذا الموقع على الكثير و الكثير من المعلومات عن الأزمة العالمية كذلك المسببات و العلاج من هذه المشكلة
    الأزمة العالمية

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    المشاركات
    1,842
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    نعم رابط قيم و مجهود اكثر من رائع للأستاذ سيف الكلمة ..فلو استغللنا هذا الرابط ووضعنا فيه كل ما يوافقه من الاعجاز الاقتصادي لمبادئ الاسلام لكان امرا طيبا

    " المعرفة الحقة هي الوصول الى التعرف على الذكاء الذي يتحكم في كل شيء...من خلال كل شيء " هرقليطس.

  12. #12

    افتراضي

    ما هى الأزمة العالمية و ما السبل لتخطيها و أكثر هذا هو ما تعرفونه فى هذا الموقع
    الأزمة العالمية

  13. افتراضي

    مجهود رائع جزاك الله خيرا علية اخي الكريم

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. الإلحاد والإنتحار . وأبحاث علماء الغـرب فى الإسلام .......
    بواسطة أسلمت لله 5 في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 03-19-2012, 01:00 PM
  2. سلسلة شرح اللامية المنسوبة لشيخ الإسلام ابن تيمية كاملة ...لأخيكم
    بواسطة إمام الأندلس في المنتدى قسم العقيدة والتوحيد
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 05-17-2009, 05:09 AM

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء