إني أدين بدين الحب ويحكم ... فذاك ديني ولا إكراه في الدين

ومن يكن دينه كرها فليس له ... إلا العناء وإلا السير في الطين

وما استوى سير عبد في محبته ... وسير خال من الأشواق في دين

فقل لغير أخي الأشواق ويحك قد ... غبنت حظك لا تغتر بالدون

نجائب الحب تعلوا بالمحب إلى ... أعلى المراتب من فوق السلاطين

وأطيب العيش في الدارين قد رغبت ... عنه التجار فباعت بيع مغبون

فان ترد علمه فاقرأه ويحك في ... آيات طه وفي آيات ياسين


يقول الله "لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم" البقرة 256


قال السعدي في تفسيره
"يخبر تعالى أنه لا إكراه في الدين لعدم الحاجة إلى الإكراه عليه، لأن الإكراه لا يكون إلا على أمر خفية أعلامه، غامضة أثاره،

أو أمر في غاية الكراهة للنفوس، وأما هذا الدين القويم والصراط المستقيم فقد تبينت أعلامه للعقول، وظهرت طرقه، وتبين أمره، وعرف الرشد من الغي،

فالموفق إذا نظر أدنى نظر إليه آثره واختاره، وأما من كان سيئ القصد فاسد الإرادة، خبيث النفس يرى الحق فيختار عليه الباطل،

ويبصر الحسن فيميل إلى القبيح، فهذا ليس لله حاجة في إكراهه على الدين، لعدم النتيجة والفائدة فيه،

والمكره ليس إيمانه صحيحا، ولا تدل الآية الكريمة على ترك قتال الكفار المحاربين، وإنما فيها أن حقيقة الدين من حيث هو موجب لقبوله لكل منصف قصده اتباع الحق،

وأما القتال وعدمه فلم تتعرض له، وإنما يؤخذ فرض القتال من نصوص أخر، ولكن يستدل في الآية الكريمة على قبول الجزية من غير أهل الكتاب، كما هو قول كثير من العلماء، فمن يكفر بالطاغوت فيترك عبادة ما سوى الله وطاعة الشيطان، ويؤمن بالله إيمانا تاما أوجب له عبادة ربه وطاعته


قال ابن كثير" أي: لا تكرهوا أحدًا على الدخول في دين الإسلام فإنه بين واضح جلي دلائله وبراهينه لا يحتاج إلى أن يكره أحد على الدخول فيه، بل من هداه الله للإسلام وشرح صدره ونور بصيرته دخل فيه على بينة، ومن أعمى الله قلبه وختم على سمعه وبصره فإنه لا يفيده الدخول في الدين مكرها مقسورًا.

وقد ذكروا أن سبب نزول هذه الآية في قوم من الأنصار، وإن كان حكمها عامًّا.

وقال ابن جرير: حدثنا ابن بشار حدثنا ابن أبي عدي عن شعبة عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: كانت المرأة تكون مِقْلاتًا فتجعل على نفسها إن عاش لها ولد أن تهوده، فلما أجليت بنو النضير كان فيهم من أبناء الأنصار فقالوا: لا ندع أبناءنا فأنزل الله عز وجل: { لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيّ }

وقد رواه أبو داود والنسائي جميعا عن بُنْدَار به ومن وجوه أخر عن شعبة به نحوه.

وقد رواه ابن أبي حاتم وابن حبان في صحيحه من حديث شعبة به ، وهكذا ذكر مجاهد وسعيد بن جبير والشعبي والحسن البصري وغيرهم: أنها نزلت في ذلك.


وقال محمد بن إسحاق عن محمد بن أبي محمد الجرشي عن زيد بن ثابت عن عكرمة أو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قوله: { لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ }

قال: نزلت في رجل من الأنصار من بني سالم بن عوف يقال له: الحصيني كان له ابنان نصرانيان، وكان هو رجلا مسلمًا فقال للنبي صلى الله عليه وسلم: ألا أستكرههما فإنهما قد أبيا إلا النصرانية؟ فأنزل الله فيه ذلك.

رواه ابن جرير وروى السدي نحو ذلك وزاد: وكانا قد تنصرا على يدي تجار قدموا من الشام يحملون زيتًا فلما عزما على الذهاب معهم أراد أبوهما أن يستكرههما، وطلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبعث في آثارهما، فنزلت هذه الآية.


وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي حدثنا عمرو بن عوف أخبرنا شريك عن أبي هلال عن أُسَق قال: كنت في دينهم مملوكًا نصرانيًا لعمر بن الخطاب فكان يعرض علي الإسلام فآبى فيقول: { لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ } ويقول: يا أُسَق لو أسلمت لاستعنا بك على بعض أمور المسلمين.


وقد ذهب طائفة كثيرة من العلماء أن هذه محمولة على أهل الكتاب ومن دخل في دينهم قبل النسخ والتبديل إذا بذلوا الجزية.

وقال آخرون:
بل هي منسوخة بآية القتال وأنه يجب أن يدعى جميع الأمم إلى الدخول في الدين الحنيف دين الإسلام فإن أبى أحد منهم الدخول فيه ولم ينقد له أو يبذل الجزية، قوتل حتى يقتل.


وهذا معنى الإكراه : { سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُون } [الفتح:16] وقال تعالى: { يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ } [التحريم:9] وقال تعالى: { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ } [التوبة:123]


قلت: وهو الراجح إن شاء الله و يستثنى من ذلك العجوز والعجوزة والأولاد الصغار على تفريق فيما إذا كان داعية لكفره أو لا

وفي الصحيح: "عجب ربك من قوم يقادون إلى الجنة في السلاسل" يعني: الأسارى الذين يقدم بهم بلاد الإسلام في الوثائق والأغلال والقيود والأكبال ثم بعد ذلك يسلمون وتصلح أعمالهم وسرائرهم فيكونون من أهل الجنة.



فأما الحديث الذي رواه الإمام أحمد: حدثنا يحيى عن حميد عن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل: "أسلم" قال: إني أجدني كارها.

قال: "وإن كنت كارها" فإنه ثلاثي صحيح- وصححه الأرناؤوط والألباني- ، ولكن ليس من هذا القبيل فإنه لم يكرهه النبي صلى الله عليه وسلم على الإسلام بل دعاه إليه فأخبر أن نفسه ليست قابلة له بل هي كارهة فقال له: "أسلم وإن كنت كارهًا فإن الله سيرزقك حسن النية والإخلاص".




قال القرطبي: اختلف العلماء في معنى هذه الآية على ستة أقوال



الأول : قيل إنها منسوخة لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أكره العرب على دين الإسلام وقاتلهم ولم يرض منهم إلا بالإسلام قاله سليمان بن موسى قال : نسختها { يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين } [ التوبة : 73 ] وروي هذا عن ابن مسعود وكثير من المفسرين




الثاني :
ليست بمنسوخة وإنما نزلت في أهل الكتاب خاصة وأنهم لا يكرهون على الإسلام إذا أدوا الجزية والذين يكرهون أهل الأوثان فلا يقبل منهم إلا الإسلام فهم الذين نزل فيهم { يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين } [ التوبة : 73 ] هذا قول الشعبي و قتادة و الحسن و الضحاك والحجة لهذا القول ما رواه زيد بن أسلم عن أبيه قال : سمعت عمر بن الخطاب يقول لعجوز نصرانية : أسلمي أيتها العجوز تسلمي إن الله بعث محمدا بالحق قالت : أنا عجوز كبيرة والموت إلي كبيرة والموت إلي قريب ! ف
قال عمر : اللهم اشهد وتلا { لا إكراه في الدين }


الثالث : ما رواه أبو داود عن ابن عباس قال : نزلت هذه في الأنصار كانت تكون المرأة مقلاتا فتجعل على نفسها إن عاش لها ولد أن تهوده فلما أجليت بنو النضر كان فيهم كثير من أبناء الأنصار فقالوا : لا ندع أبناءنا ! فأنزل الله تعالى : " لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي"

فعلنا ما فعلنا ونحن نرى أن دينهم أفضل مما نحن عليه وأما إذا جاء الله بالإسلام فنكرههم عليه فنزلت : { لا إكراه في الدين } من شاء التحق بهم ومن شاء دخل في الإسلام وهذا قول سعيد بن جبير و الشعبي و مجاهد إلا أنه قال : كان سبب كونهم في بني النضير الاسترضاع قال النحاس : قول ابن عباس في هذه الآية أولى الأقوال لصحة إسناده وإن مثله لا يؤخذ بالرأي



قلت وإليه مال شيخ الإسلام


الرابع : قال السدي : نزلت الآية في رجل من الأنصار يقال له أبو حصين كان له ابنان فقدم تجار من الشام إلى المدينة يحملون الزيت فلما أرادوا الخروج أتاهم ابنا الحصين فدعوهما إلى النصرانية فتنصرا ومضيا ومضيا معهم إلى الشام فأتى أبوهما رسول الله صلى الله عليه وسلم مشتكيا أمرهما ورغب في أن يبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم من يردهما


فنزلت : { لا إكراه في الدين } ولم يؤمر بقتال أهل الكتاب

وقال : أبعدهما الله هم أول من كفر فوجد أبو الحصين في نفسه على النبي صلى الله عليه وسلم حين لم يبعث في طلبهما فأنزل الله جل ثناؤه { فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم } [ النساء : 65 ] الآية ثم إنه نسخ { لا إكراه في الدين } فأمر بقتال أهل الكتاب في سورة ( براءة )


والصحيح في سبب قوله تعالى { فلا وربك لا يؤمنون } حديث الزبير مع جاره الأنصاري في السقي على ما يأتي في ( النساء ) بيانه إن شاء الله تعالى



وقيل : معناها لا تقولوا لمن أسلم تحت السيف مجبرا مكرها وهو القول الخامس

والقول السادس وهو أنها وردت في السبي متى كانوا من أهل الكتاب لم يجبروا إذا كانوا كبارا وإن كانوا مجوسا صغارا أو كبارا أو وثنيين فإنهم يجبرون على الإسلام


لأن من سباهم لا ينتفع بهم مع كونهم وثنيين ألا ترى أنه لا تؤكل ذبائحهم ولا توطأ نساؤهم ويدينون بأكل الميتة والنجاسات وغيرهما ويستقذرهم المالك لهم ويتعذر عليه الإنتفاع بهم من جهة الملك فجاز له الإجبار ونحو هذا روى ابن القاسم عن مالك وأما أشهب فإنه


قال : هم على دين من سباهم فإذا امتنعوا أجبروا على الإسلام والصغار لا دين لهم فلذلك أجبروا على الدخول في دين الإسلام لئلا يذهبوا إلى دين باطل فأما سائر أنواع متى بذلوا الجزية لم نكرههم على الإسلام سواء كانوا عربا أم عجما قريشا أو غيرهم ...


قلت وهذا فيما إذا لم يغير دينه أصالةً لقوله صلى الله عليه وسلم

" من بدل دينه فاقتلوه" بخاري




وعن عبدالله قال

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث الثيب الزان والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة" متفق عليه



فأين حرية الكفر التي تعوي بها الملاحدة!!

وأين احترام الأديان الأخرى

والاعتقادات الفاسدة

وماذا بعد الكفر إلا الضلال

فمعاملة المسلم مع الكافر والملحد تكون على حذر لا تحت الشجر!!


وهذا أصله الولاء والبراء

قال الله"{ يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم } [ المائدة : 51 ]


وقال جل شأنه "يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء واتقوا الله إن كنتم مؤمنين "المائدة 57


قال الطبري" لا تتخذوهم أيها المؤمنون أنصارا أو إخوانا أو حلفاء فإنهم لا يألونكم خبالا لان أظهروا لكم مودة وصداقة

وكان اتخاذ هؤلاء اليهود الذين أخبر الله عنهم المؤمنين أنهم اتخذوا دينهم هزوا ولعبا بالدين على ما وصفهم به ربنا تعالى ذكره أن أحدهم كان يظهر للمؤمنين الإيمان وهو على كفره مقيم ثم يراجع الكفر بعد يسير من المدة بإظهار ذلك بلسانه قولا بعد أن كان يبدي بلسانه الإيمان قولا وهو للكفر مستبطن تلعبا بالدين واستهزاء به كما أخبر تعالى ذكره عن فعل بعضهم ذلك بقوله : { وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون * الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون } البقرة : 14 - 15



وقال تعالى"ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء فلا تتخذوا منهم أولياء حتى يهاجروا في سبيل الله فإن تولوا فخذوهم واقتلوهم حيث وجدتموهم ولا تتخذوا منهم وليا ولا نصيرا " النساء89


وقال الله "قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك وما أملك لك من الله من شيء ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير " الممتحنة 4



وكل هذا تحت قوله" لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون" 8-9 الممتحنة



مع إثبات الفارق"تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا " الفرقان



هذا هو ديننا من كتاب الله وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم

ولسنا بحاجة الى تأصيل الجهلة المتشدقين فالكفر ملة واحدة

والدين عند الله الإسلام ونبغض ما يبغضه الله ورسوله ونحب من يحبونه

فهجر المبتدعة والزنادقة والملحدين هو المنبغي وليس احترامهم وتوقيرهم هم وكفرهم وطواغيتهم فالإسلام عزيز والكفر ذليل

ولم يصلنا ولن يصلنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوما "لأبي جهل أنت عمي وقرابتي وأنا أحترم كفرك! واللات والعزى نُجِلُّها وهي فوق رؤوسنا ما دمت تعبدها ولك دينك ولي ديني!!!"

لا يقول هذا الا من لم يشم رائح السنة ولا حول قوة الا بالله

والله إن القلب ليتدقدق والعين لتمدمع والأعضاء تتردرع مما يسمعه ويقرأه من أقوال رويبضات هذا الزمان والى الله المشتكى

اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان فضلا منك ورحمة إنك أنت العليم الحكيم