النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: الإيمان بالدين كظاهرة غيبية.. وهم أم يقين؟

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    الدولة
    المغرب ـ> مراكش
    المشاركات
    343
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي الإيمان بالدين كظاهرة غيبية.. وهم أم يقين؟

    الإيمان بالدين كظاهرة غيبية.. وهم أم يقين؟

    * محمد مهدي الآصفي
    للدين في حياة الإنسان طرفان:
    طرف منه يتصل بعقيدة الإنسان ويقينه، وطرف آخر منه يتصل بسلوكه وحياته الاجتماعية.
    وليس من شك أن ظاهرة التدين والإيمان بالغيب كان أقدم ما عرفه الإنسان في حياته، ومن أكثر الظواهر ثباتاً وشيوعاً في حياة الإنسان.
    ورغم اختلاف مظاهر التدين في حياة الانسان فقد كان الانسان يؤمن في هذه الحالات جميعاً بوجود مبدع غيبي ما وراء الطبيعة، وما وراء المظاهر المادية.
    ورغم ان الحواس لا تباشر غير المادة والطاقة، فإن الانسان يؤمن بحقيقة ثالثة، ليس هو بمادة ولا طاقة، وإنما هو مبدأ للمادة والطاقة معاً، وذلك هو الغيب الذي يؤمن به الانسان، دون أن يقع له عليه حس، ودون أن يباشره بشيء من حواسه.
    * * *
    والسؤال الذي نود أن نطرحه هو أن الإيمان بالدين كظاهرة غيبية هل هو شيء أصيل في حياة الانسان، نابع من أعماق شخصية الانسان وفطرته، أم هو شيء طارئ على حياة الانسان، نتيجة بعض الظروف والأوضاع الاجتماعية؟
    وهل يؤمن الانسان حقاً بالدين، أم هو وهم، يبدو للانسان على شكل يقين؟
    وهل الإيمان بالغيب أمر ثابت في حياة الانسان، ثبات الغرائز والنوازع الأصيلة، أم هو مرحلة في حياة الانسان، كما يقول (أوجست كنت)، حيث يرى أن الانسانية مرت بثلاث مراحل في حياتها، دور الفلسفة الدينية، ودور الفلسفة التجريدية، ودور الفلسفة الواقعية؟
    ومرد هذه التساؤلات جميعاً إلى التساؤل عن أصالة التدين في شخصية الانسان.
    ولا شك أن اكتشاف هذه النقطة الجوهرية ينفعنا كثيراً في فهم حقيقة الدين وإثبات واقعية التدين والإيمان بالغيب، وإثبات واقعية الدين في حد ذاته أيضاً.
    * * *
    وبذلك فإن أصالة النزوع الديني في الشخصية يكشف عن حقيقتين جوهريتين في هذا المجال:
    الحقيقة الأولى أن التدين حقيقة ثابتة في شخصية الانسان، وأن النزوع الديني نزوع صادق، وليس وهماً أو سراباً في النفس.
    وصدق هذا النزوع وأصالته في الشخصية وإن كان لا يثبت الواقعية الموضوعية للدين إلا أنه يكشف بلا شك عن واقعية التدين الذاتية في نفس الانسان.
    كما يكشف عن أن التنكر للدين شيء طارئ على الشخصية، وعرض من الأعراض النفسية والروحية التي تصيب الانسان، وشذوذ في الشخصية وليس حالة عامة في الانسان.
    والحقيقة الثانية ان هذا النزوع بهذا الشكل من القوة والأصالة لا يمكن أن يكون خاطئاً. فلا يمكن أن تنزع الفطرة عبثاً وراء غيب لا حقيقة له.
    فإننا لو أثبتنا أصالة هذا النزوع في الشخصية.. فلا يمكن أن ينفك عن واقعية هذا الغيب الذي ينزع إليه الانسان.
    والواقعية هنا، بخلاف الصورة الأولى، واقعية موضوعية وإن كان الطريق إلى إثبات هذه الواقعية الموضوعية طريقاً ذاتياً وجدانياً.
    ولذلك فإن النظريات الدينية تقع في اتجاه معاكس للاتجاهات المادية في تسير الدين دائماً.
    فإن النظريات الدينية تفسر هذه النزعة دائماً بالفطرة، وتؤكد صلتها الوثيقة بالكينونة الانسانية وأصالتها في الشخصية، بينما تحاول النظريات المادية توجيه هذا النزوع بعوامل خارجة عن شخصية الانسان وطارئة عليه.


    المصدر :http://www.balagh.com/

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    الدولة
    الكويت
    المشاركات
    3,251
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    وهل الإيمان بالغيب أمر ثابت في حياة الانسان، ثبات الغرائز والنوازع الأصيلة، أم هو مرحلة في حياة الانسان، كما يقول (أوجست كنت)، حيث يرى أن الانسانية مرت بثلاث مراحل في حياتها، دور الفلسفة الدينية، ودور الفلسفة التجريدية، ودور الفلسفة الواقعية؟
    يقول المفكر المغربي الدكتور الطيب بوعزة (في حوارٍ ممتع معه في موقع إسلام أون لاين):

    معالجة المسألة الدينية في فكر أوجست كونت تقتضي الابتداء أولاً برؤيته إلى العلم ودلالته، إذ إن معالجة إشكالية الدين ترتكز عنده على رؤيته لطبيعة المنهج والفكر العلميين.

    ومفهوم العلم عند أوجست كونت يندرج ضمن تصور معرفي عام، يتمثل في قراءته لمجمل التطور الفكري البشري، حيث يحتل العلم عنده موقع التتويج في السياق العام لهذا التطور، ويتحدد باعتباره مؤشراً على نضج البشرية، واكتمال نموها العقلي، وذلك بفعل تطورها وانتقالها من المرحلة اللاهوتية، حيث كان التفكير يفسر ظواهر الطبيعة بعوامل ما ورائية مفارقة للمعطى الطبيعي، إلى المرحلة الميتافيزيقية، حيث صار التفكير في لحظة مراهقته يفسر ظواهر الطبيعة تفسيراً ماهوياً فلسفياً، حيث يدرس العلاقات السببية الرابطة بين الظواهر دراسة علمية، تخلص به إلى بناء قوانين منسوجة في لغة علمية.

    فالسؤال الذي يسود اللّحظة الوضعية، حسب كونت، هو سؤال الكيف، لا سؤال "لماذا".

    وهنا لا بد من التذكير أن الوعي الأوربي في لحظة أوجست كونت (القرن التاسع عشر) كان محكوماً بهاجس تجاوز نمطي الفكر الديني والفلسفي على حد سواء، وذلك لإحلال النموذج العلمي التجريبي، وجعله مهيمناً على جميع حقول المعرفة.

    ولم يتحقق حلم أوجست كونت لأن موقفه يناقض حقيقة الكائن الإنساني و فطرته الدينية. فمن الملاحظات التي استوقفت علماء الأنثربولوجيا و دارسي تاريخ الأديان هي أن الاعتقاد الديني أمر لصيق بالكائن الإنساني. وهذا ما تجسده المقولة الشهيرة المنسوبة إلى المؤرخ الإغريقي بلوتارك: "لقد وجدت في التاريخ مدن بلا حصون، ومدن بلا قصور.. ومدن بلا مدارس.. ولكن لم توجد أبداً مدن بلا معابد".


    لذا أقول إن تعليل ظاهرة الاعتقاد الديني عند كونت تعليل أراه قاصراً، لأنه جعل -في بعض كتاباته- وجود هذا الاعتقاد مشروطاً بمرحلة، بينما هو مسألة محورية في التفكير والوجدان الإنساني.

    فالكائن البشري كائن متسائل، يستفهم عن سبب وجوده وكينونته وسبب وجود هذا الكون من حوله. وهو استفهام فطري نجده لصيقاً بالإنسان كيفما كان مستواه المعرفي.

    فأسئلة أصل الوجود الكبرى مثلما يطرحها الفيلسوف يطرحها الطفل الصغير أيضاً، الأمر الذي يؤكد أنها لصيقة بالطبيعة الإنسانية ولا يمكن تخطيها وتجاوزها.

    إنها ليست لحظات تطور للوعي البشري بل هي أبعاد أساسية في الوعي الإنساني ومحددة لطبيعته. فالنزوع الديني ليس ناتجاً عن نقص في فهم الكون حتى يتم تخطيه بتحصيل الفهم العلمي الوضعي، بل إن السؤال الديني هو أكبر وأوسع وأعمق من أن يُجاب من قبل الحقل المعرفي العلمي.

    * ما تقصد بقولك: إن السؤال الديني أعمق من أن يجاب عليه من طرف العلم؟.

    السؤال الديني، من الناحية الأبستمولوجية، لا يمكن نفيه من مدخل المعالجة العلمية التجريبية، لأن سؤال العلم هو سؤال كيفي جزئي، بينما السؤال الديني هو سؤال تعليلي كلي. فالعلم يكشف لنا عن انتظام العالم و طبيعة العلاقات بين ظواهره، وأسبابها، لكنه بتحديده لأسباب الظواهر الكونية ليس بإمكانه أن ينفي وجود مسبب لهذه الأسباب.

    و المزلق الكبير الذي وقع فيه أوجست كونت يتمثل في اعتقاده أن تفسير ظواهر الكون يلغي طلب تعليل الكون ذاته.

    في حين أن تفسير الكون بالكشف عن العلاقات الناظمة بين ظواهره يزيد من معقولية الإجابة الدينية، ويفضح زيف الإجابة الإلحادية.


    ثم إن هذا الفارق الجوهري في طبيعة السؤال الذي يشتغل به العلم، أي سؤال الكيف، يفضح كل مسلك لإلغاء الدين والاكتفاء بالإجابة العلمية، لأن الإجابة العلمية لا تسد حاجة الفهم الأنطلوجي (أي الحاجة إلى فهم لِمَ وجد الوجود ابتداء) بل إن منتهى ما تصل إليه الإجابة العلمية هو سد الحاجة إلى فهم كيفية تعالق مكونات الوجود وانتظامها، لا تعليل سبب وجود هذه المكونات ابتداء.

    ومن ثم فالقول بالاكتفاء بالإجابة العلمية واستبعاد الدين هو مسلك مغرض يزيف حقيقة السؤال الديني.


    * لنعد إلى قانون المراحل الثلاث عند أوجست كونت (أن البشرية تنتقل من المرحلة الدينية إلى الفلسفية ثم إلى العلمية) ما هي النتيجة التي ينتهي إليها فيما يتعلق بالدين؟.

    - دعني أؤكد أولا أن قانون المراحل الثلاث يكذبه واقع الاستقراء التاريخي، فالبشرية لم تنتقل من المرحلة الدينية إلى الفلسفية ثم العلمية، فحتى لو استحضرنا التاريخ الأوربي، الذي اعتمده كونت دليلا على نظريته، فسنلاحظ أن المرحلة الفلسفية/ الميتافيزيقية (مع اليونان) جاءت بعدها ألف سنة من القرون الوسطى كانت دينية! فكيف إذن يصح أن نقول بوجود انتقال المرحلي داخل تاريخ الإنسانية وفق ثلاثية كونت؟.

    ثم إن المرحلة الوضعية بنهجها العلمي التي يزعم كونت أنها جاءت لاحقة لكل ما سبق هي أيضا مشكوك فيها. فالتفكير بمدلوله العلمي لم يولد مع ميلاد المنهج التجريبي في القرن السابع عشر ولا ولد مع ميلاد المنهج الرياضي من قبل، بل ثمة دراسات معاصرة على قدر كبير من الوجاهة الأبستمولوجية تؤكد أن قواعد التفكير العلمي موجودة حتى عند الإنسان البدائي، إذ لم يكن يفتقر إلى القدرة على التفكير العلمي ولا الاشتغال بمنهجيته، بقدر ما كان يفتقر إلى التراكم المعرفي.

    وهذا واضح في أعمال موسكوفيسي وخاصة في تحليله الرائع لتقنية إشعال النار عند الإنسان البدائي. الأمر الذي يؤكد أن التفكير العلمي والديني والفلسفي ليس أنماط تفكير مشدودة إلى صيرورة لحظات تطورية كل لاحق منها يلغي سابقه، بل الأمر أعمق من هذه الرؤية السطحية التي بلورها أوجست كونت.

    إضافة إلى ما سبق إن التاريخ في سياق تطوره، لم يؤكد نبوءة أوجست كونت فالمرحلة الوضعية التي أعلن عن ميلادها واكتمال نموها بتأسيسه للسوسيولوجيا في القرن الـ 19 لم تستطع إنهاء الاحتياج إلى الاعتقاد الديني.

    بل ما يؤكد استمرارية وضرورة الدين للكائن الإنساني أن أوجست كونت نفسه سيضطر في نهاية حياته إلى أن يبحث للمرحلة الوضعية عن ديانة، ورغم كونه صاغ ديانة وضعية سماها "ديانة الإنسانية"، فإن اصطلاحه عليها بلفظ الدين ومفاهيمه يؤكد قوة التجربة الدينية و استمراريتها. وتلك إحدى مفارقات كل فلسفة إلحادية تتنطع إلى إلغاء الدين من حياة الإنسان.

    وهنا يصح أن نكرر مقولة موريس بلوندل: "ليس هناك ملحدون بمعنى الكلمة"، ونرى بناء عليها أن عودة كونت في آخر تطوره الفكري إلى البحث عن ديانة تليق بالمرحلة العلمية الوضعية دليل على كون الدين حاجة ملازمة لكينونة الإنسان وليست لحظة في صيرورة تطوره التاريخي محكومة بمنطق التجاوز.

    لقد نظر كونت إلى فلسفته الوضعية بوصفها "ديناً جديداً" حتى إنه كتب في رسالته إلى دو تولوز : "إنني مقتنع أنه قبل حلول عام 1860 سأعظ في كنيسة نوتردام مقدما الوضعية بوصفها وحدها فقط الديانة الحقيقية والكاملة".


    * هل كان كونت ملحداً؟.

    في الحقيقة إن نصوص أوجست كونت تحمل عبارات ومواقف شديدة الاختلاف في الموقف من الدين. ورغم الكلام الشائع عن كونت وإلحاده، فهو لم يكن يرتاح لهذا النعت، بل نجده في إحدى رسائله لجون ستيوارت مل يقول بكل وضوح إنه يرفض أن يسمى ملحداً.

    بل كان يعتقد أن الحاجة إلى الدين حاجة أساسية في الكائن الإنساني، فالنزوع نحو التقديس والتعبد هو، باعتراف كونت، أمر يشكل جزءاً من طبيعة الإنسان لا بد من إشباعه. وفي كتابه "نسق السياسة الوضعية" يؤكد كونت أن مصير الإنسان هو أن يصبح أكثر تديناً، بل نجده يصف هذا بكونه "القانون الوحيد" لصيرورة التاريخ.. ولهذا سنلاحظ أنه في بعض نصوصه يفرق بين اللاهوت والدين، حيث يعلن رفضه للاهوت، لكنه لا يرفض الدين. كما أنه في حديثه عن الإسلام نجده يسطر عبارات إعجاب صريحة.

    وعموماً يمكن اعتبار الفلسفة الوضعية لكونت تجسيداً لمأزق كل فلسفة علموية تريد تجاوز الدين. والدليل على ذلك أن مؤسس الفلسفة الوضعية سيعود في السنوات الأخيرة من حياته بنظرية ديانة الإنسانية، بل هو نفسه سيأخذ في التبشير بالفلسفة الوضعية بوصفها ديناً، لا مجرد موقف فلسفي. فقد كان ينظر إلى مشروعه الفكري بوصفه ثورة دينية كبرى تستبدل باريس بروما، أي تنقل مركز الدين من الكاثوليكية في روما إلى الوضعية وديانة الإنسانية في باريس.

    وهذا في نظري كاف للدلالة على هذه الفلسفة العلموية المغرقة في التلبس بالدين، وهي التي يزعم أتباعها أنها جاءت قاطعة معه ومتجاوزة لمفاهيمه!.


    * بالنسبة للفكر الفلسفي المعاصر، ما هو الموقف السائد فيما يخص الدين؟ وما هي النماذج الفلسفية المعبرة عن طبيعة الفلسفة المعاصرة؟.

    للحديث عن النماذج المعبرة عن الفكر الفلسفي المعاصر لا بد أن نستحضر اسم نيتشه لأن من داخل عباءته خرجت مختلف التلوينات الفلسفية المعاصرة بدءا بالهيدجرية وانتهاء ببنيوية فوكو وتفكيكية دريدا.

    إذ يعد نيتشه من أشهر الرموز الفلسفية التي اهتمت بنقد فلسفة الحداثة مثلما اهتمت بنقد المفاهيم الدينية وما يرتبط بها من أنساق القيم. كما كان الإسهام الفلسفي لنيتشه نقدا للعقلانية، حيث يرى أن العقل ما هو إلا غريزة يجب أن تنحصر وظيفتها في حفظ البقاء أو حفظ الحياة. ففي كتابه "العلم المرح" يقول بأن الانحراف الذي حصل في الثقافة الإنسانية راجع إلى تبديل وظيفة العقل هذه، وذلك عندما تم تحميله مسؤولية إنتاج الحقيقة ووضع المعايير الأخلاقية، الأمر الذي جعله متعارضا مع الغريزة والهوى.

    فتم احتقار الأبعاد الغريزية واستهجانها مع أنها هي المكون المركزي في الذات والحياة الإنسانية!.

    وبذلك ينتهي نيتشه إلى المناداة بتحويل العقل من وظيفته المعرفية و القيمية إلى مجرد خادم للغريزة. فبدل أن يؤسس العقل للمعايير القيمية والأخلاقية يجب أن يقتصر على الحفاظ على الحياة وخدمة الغريزة ودفقها الحيوي. بل إن هذا القلب الوظيفي لمهمة العقل تتجاوز ما سبق إلى انتزاع وظيفة التفكير منه وإرجاعها إلى الجسد!.

    * فيصبح الجسد بأكمله جهازا للتفكير؟.

    أجل فبالنسبة لنيتشه لا تأتينا الأفكار ولا تنبثق فينا عندما نريد نحن، بل تأتي عندما تريد هي ذلك، بمعنى ليس الـ"أنا" هو الذي يفكر، بل ثمة لاوعي كامن هو الذي يفرز الفكر. وهكذا يتم مع النيتشيوية قلب كامل للكوجيتو الديكارتي الذي تم فيه إعلاء الوعي أو الأنا أفكر، فبدل جعله مصدر الفكر يصبح عند نيتشه مجرد كينونة هامشية زائفة.

    ويرى نيتشه أن الوعي والفكر نتاج الجسم، أي نتاج العضوية البيولوجية، فالإنسان يفكر على نحو دائم بكيانه البيولوجي دون أن ينتبه هو إلى ذلك. ومن ثم فقد أخطأت الفلسفة العقلانية عندما أرجعت وظيفة التفكير إلى العقل، لأن التفكير آلية غريزية تنبع من كياننا الجسمي كله، ولكن عندما زُيفت حقيقته وأصبح الوعي هو مصدر الفكر، وتم تقعيد نظم التفكير بقواعد منطقية تم تحريف وظيفة العقل فأصبح مضادا للحاجة الحيوية الغريزية.

    و أرى خلف تلك المقاربات الفلسفية التي قدمها نيتشه، والتي سيفصح عنها بفجاجة مستقبحة الفيلسوف الفرنسي جورج باطاي، وغيرها من المقاربات المرتكزة على الرؤية الداروينية الحريصة على اختزال الكائن الإنساني إلى عضوية بيولوجية فقط واستدخاله في العالم الحيواني -أرى خلف كل هذا سبباً ثقافياً يرجع إلى إفلاس التجربة الدينية الغربية؛ كما أرى في نزوعات الفلسفة المعاصرة نحو اللاعقلانية إفلاساً للوعي الأوربي ودليل عجز عن تعويض الفراغ الاعتقادي الذي خلفه نقد الدين وتدنيس المقدس في الثقافة الأوربية.
    {قل هو الرحمن آمنا به وعليه توكلنا، فستعلمون من هو في ضلال مبين}


معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. مناظرة: بين "عبد الواحد" و"ملحدة عن يقين" حول الإيمان والإلحاد
    بواسطة ملحدة عن يقين في المنتدى قسم الحوارات الثنائية
    مشاركات: 23
    آخر مشاركة: 11-24-2012, 01:38 AM
  2. حكم الاستهزاء بالدين وأهله ؟
    بواسطة ابو جواد في المنتدى قسم العقيدة والتوحيد
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 07-27-2011, 10:07 PM
  3. علاقة العلم بالدين
    بواسطة عبد الغفور في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 01-16-2010, 09:45 PM
  4. معجزة غيبية رائعة في علم الأرض (جيولوجيا) للرسول صلى الله عليه وسلم
    بواسطة LEADERS في المنتدى قسم الحوار عن الإسلام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 05-15-2008, 12:00 AM
  5. الاساءة للأديان كظاهرة غربية متنامية لماذا ولأي هدف؟
    بواسطة الخليفة في المنتدى قسم الحوار عن الإسلام
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 12-24-2007, 09:42 PM

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء