السلام عليكم و رحمة الله و بركاته :
كان الدكتور سيغموند فرويد الأخصائي في الأمراض العصبية قد وضع ما يعتبر مدرسة في العلاج النفسي هي المدرسة التحليلية .
و بدون الدخول في التفاصيل الدقيقة التي لا تهم إلا المتخصص , فقد كانت مقاربة فرويد للنفس البشرية على النحو التالي:
تنقسم النفس البشرية إلى :
1- الهو
2- الأنا
3- الأنا الأعلى
نستطيع القول ببساطة أن الهو = الرغبات عموماً و الرغبة الجنسية خصوصاً
و الأنا الأعلى = النوازع الأخلاقية و الدينية و المجتمعية
و الأنا = صمام الأمان بين العنصرين السابقين
بنى فرويد نظريته في الأمراض النفسية العصابية أن سبب العصاب هو الصراع بين الأنا الأعلى و الهو , مثلاً : بين الدين الذي يحرم الجنس خارج الإطار الشرعي و بين ممارسة الجنس مع امرأة اشتهيتها و بالعكس...
فالعصاب برأيه ناتج عن هذا [ الكبت] كما يعتبره فرويد..
فما الحل إذاً من وجهة نظر فرويد ؟ الحل هو كما يطرحه في كتابه [مستقبل وهم] : التخلص من هذا العصاب المسمى : الدين !!
و لكن مع الأيام بدأ حتى أخلص من ساروا على المنهج الفرويدي بالتخلي عن كثير من أطروحاته : يونغ - لاكان...
و السبب هو مصادمة الحال في القرن العشرين لما كان عليه الحال في القرن التاسع عشر حين طرح فرويد نظرياته...
لم تعد الكنيسة في الغرب مسيطرة على الإنسان , و انتشر الإلحاد و اللادينية على اوسع نطاق , فثلث الشعب الفرنسي ملحد , و حوالى 80% من الاسكندنافيين في الدنمارك و النروج ملحدون..و المساكنة بين الجنسين صارت قاعدة عامة..فهل اختفى العصاب كما توهم فرويد في مستقبل وهمه؟
الجواب : كلا بل على العكس تتزايد أعداد المكتئبين و المصابين بالوسواس القهري و اضطرابات الهلع و الفوبيات [كل ما سبق يعتبر من المراض النفسية العصابية ]...و مبيعات الشركات المنتجة لمضادات الاكتئاب و المهدئات في ازدياد رهيب...
إذاً : الحل الفرويدي لم يجد نفعاً..
بل و ازيدكم من الشعر بيتاً..ادت جلسات التحليل النفسي بما تصعده من الصراعات الكامنة في اللاوعي إلى ساحة الشعور الة حالات انتحار تلت الجلسات مباشرة...
لذا و بسبب ضبابية هذا المنهج و اعتباره غير مأمون , اتجهت الغالبية العظمى من الأطباء النفسيين و المعالجين النفسانيين إلى مدرسة جديدة و رائدة هي : مدرسة العلاج السلوكي المعرفي.
تعتمد هذه المدرسة بشكل أساسي على تغيير الأفكار الخاطئة الموجودة في عقل المريض و تصحيحها معرفياً , ثم وضع برنامج سلوكي عملي يتدرج شيئاً فشيئاً وصولاً إلى شفاء المريض...
فالمبدأ هو : (( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ))
و يمارس هذا العلاج الآن على أوسع نطاق و حول العالم , بينما يتجه التحليليون شيئاً فشيئاً إلى الانقراض..
اما الأوديب تلك الأسطورة اليونانية التي أحياها فرويد..فعادت إلى مكانها الطبيعي ..إلى المتحف..
Bookmarks