الحمد لله ..
يا إنتراتور دعك مما تدخل نفسك به من المشكلات اللفظية والأسئلة العبثية ولتنظر إلى الأمر كما هو واقع. فالأمر أن الله قد خلق للإنسان مشيئة وجعل مشيئته هذه وسيلة يختار بها بين الخير والشر , ذلك ليكون الإنسان مخلوقاً يختار الخير بمشيئته التي خلقها الله له فيرقى بذلك فوق باقي المخلوقات.
ولذلك كان لابد من وجود الشر الذي سيختار الإنسان بينه وبين الخير , فما جدوى المشيئة إن لم يكن هناك ما تستخدم فيه. وأي عبث هذا الذي تفترضه , أتريد أن يخلق الله للإنسان مشيئة ليست تستطيع أن تشاء إلا الخير , إن هذا ينفي وجود المشيئة أصلاً , فكما قالت الأخت إيمان سؤالك هذا يفضي إلى الجبر فحسب.
الله خلق الإنسان وأراد أن يدخله الجنة , ولكن الإنسان إذا رأى نعيم الجنة دون أن يبتلى في الدنيا ويرى ما يخالفه من شقاء فيها , ما استحق ذلك التكريم على باق المخلوقات. وإن هو لم يمر على الدنيا ما عرف قدر الجنة حقاً , وما عرف فضل الله عليه بها. ولكن جاء الدنيا ليبتلى أيكون من الشاكرين إن أدخله الله الجنة , أم أنه يكون من المستكبرين العصاة الذي يطغون بما أتاهم الله. فإن كفر الإنسان ههنا واستكبر وعصى كان ذلك دليلاً على أنه لو أدخل الجنة سيكون من الجاحدين المستكبرين كما فعل إبليس عليه غضب الله. وإن شكر وصبر كان ذلك دليلاً على أنه يعلم أن الفضل بيد الله ويعرف لنعم الله قدرها. فهذا فقط هو الذي يستحق أن يدخل الجنة , , وهؤلاء الذين قال الله فيهم : (( وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ * الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِن فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ )) فالجنة سلعة الله وسلعة الله غالية ما ينالها من إياها لا يستحق.
فالله يا إنتراتور قد خير الإنسان بين الخير الذي حف بالمكاره , وبين الشر الذي حف بالشهوات. فكان في ذلك التخيير ابتلاء له أيكون شاكراً أم كفوراً والعدل كل العدل في هذا الابتلاء.
إذا فالله قد خلق للإنسان مشيئة يختار بها بين الخير والشر , ليفضله على باق المخلوقات باختياره للخير بمشيئته خلقها الله له. وكان لازماً لهذا التخير أن يخيره الله بين أمرين تميل نفسه إلى كل منهما فخير بين جنة حفت بالمكاره وبين نار حفت بالشهوات. فكان لازماً عن ذلك أن يوجد من الناس من يختار الشر على الخير فيكون من الهالكين.
هذا والله أعلى وأعلم , وصلى الله وسلم على نبيه محمد وعلى أله وأصحابه أجمعين.
Bookmarks