النتائج 1 إلى 10 من 10

الموضوع: المداهنــة

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    May 2009
    المشاركات
    1,574
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي المداهنــة

    يقول جل في علاه " فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ " القلم (8-9)


    ينقل القرطبي في تفسيره لمعنى المداهنة" قال ابن عباس و عطية و الضحاك و السدي : ودوا لو تكفر فيتمادون على كفرهم

    وعن ابن عباس أيضا : ودوا لو ترخص لهم فيرخصون لك

    وقال الفراء و الكلبي : لو تلين فيلينون لك

    والإدهان : التليين لمن لا ينبغي له التليين قاله الفراء

    وقال مجاهد : المعنى ودوا لو ركنت إليهم وتركت الحق فيمالئونك وقال الربيع بن أنس : ودوا لو تكذب فيكذبون وقال قتادة : ودوا لو تذهب عن هذا الأمر فيذهبون معك و الحسن : ودوا لو تصانعهم في دينك فيصانعونك في دينهم وعنه أيضا : ودوا لو ترفض بعض أمرك فيرفضون بعض أمرهم زيد بن سالم : لو تنافق وترائي فينافقون ويراءون

    وقيل : ودوا لو تضعف فيضعفون قاله أبو جعفر وقيل ودوا لو تداهن في دينك فيداهنون في أديانهم قال القتبي وعنه : طلبوا منه أن يعبد آلهتهم مدة ويعبدوا إلهه مدة فهذه اثنا عشر قولا..."

    فمن هنا يتبين ان مداهنة الكفار على حساب الدين أمر لا يجوز شرعا ولا عقلا


    فقد قال تعالى" قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3) وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ (4) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (5) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6)"

    وقد نقل المفسرون أن المشركين من جهلهم دَعَوا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عبادة أوثانهم سنة، ويعبدون معبوده سنة، فأنزل الله هذه السورة


    من صور هذه المداهنة...

    يقول تعالى "وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا" النساء (140)


    أي: وقد بيَّن الله لكم فيما أنزل عليكم حكمه الشرعي عند حضور مجالس الكفر والمعاصي { أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا } أي: يستهان بها.


    وذلك أن الواجب على كل مكلف في آيات الله الإيمان بها وتعظيمها وإجلالها وتفخيمها، وهذا المقصود بإنزالها، وهو الذي خَلَق الله الخَلْق لأجله، فضد الإيمان الكفر بها، وضد تعظيمها الاستهزاء بها واحتقارها...(السعدي)


    فإذا كان الامر على هذا فلا بد للمؤمن التقي ان يجمع عليه جراميزه وان لا يذل نفسه حيث اعزه الله ولا يحقر نفسه حيث أكرمه الله فالإسلام يعلو ولا يعلا عليه وجاه المؤمن عظيم عند الله


    ولا يأمن المؤمن من قارعة تصيبه من مداهنة اعداء الله مما يعلق به من الاذى فيوسم بها العمر ويشار اليه بالبنان بما يشينه ! فلا جرم وقد نبه من ذلك ولكن الطبع غلاب فلا يصحو ولا يتنبه الا اذا اتاه ما يقض مضجعه ويشوش فكره ويديم حزنه...

    ويقول تعالى" وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ " الانعام (68)


    قال الشنقيطي: نهى الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم في هذه الآية الكريمة عن مجالسة الخائضين في آياته ، ولم يبين كيفية خوضهم فيها التي هي سبب منع مجالستهم ، ولم يذكر حكم مجالستهم هنا ، وبين ذلك كله في موضع آخر فبين أن خوضهم فيها بالكفر والاستهزاء بقوله : { وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الكتاب أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ الله يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ } [ النساء : 140 ]

    وبين أن من جالسهم في وقت خوضهم فيها مثلهم في الإثم ...

    بقوله : { إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ } [ النساء : 140 ] ، وبين حكم من جالسهم ناسياً ، ثم تذكر بقوله هنا : { وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشيطان فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذكرى مَعَ القوم الظالمين }..."

    فهذا كله فيمن جلس معهم ولم ينكر فهذا بمثابة الاقرار اما من نسي او قد مرت عليه الهفوة وذكر فلا بد من ان يتذكر ويعرض ولا يتمادى ويشجع هؤلاء الكفرة على خوض لا في قليل ولا في كثير ولا حتى بنصف كلمة


    وقد قال تعالى" وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ" المائدة (2)

  2. Arrow رأي

    جزاك الله خيراً و جعله الله في ميزان حسناتك
    أحبكم أبو حمزة السلفي

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    May 2009
    المشاركات
    1,574
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    حفظكم ربي وبارك فيكم

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Nov 2008
    الدولة
    العراق
    المشاركات
    4
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    بارك الله فيك

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Mar 2006
    المشاركات
    1,636
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    جزاكم الله خيرا أخي ماكولا ... غير أن المقال مختصر جدا، فحبذا توسيعه قليلا كرما منك.

    ألا نوسع الدائرة قليلا ونقول أن من أساليب المداهنة السكوت عن الدعوة إلى تطبيق الشريعة في أمور الدين والدنيا ؟؟

    و أن من أساليب المداهنة السكوت عن فعل الحكومات في التعاقد مع الأعداء على حساب الأمة ؟؟

    رحم الله من قال : إن رأيت الداعية مسجونا أو مشردا في الأرض فاعلم بأنه مستودع الحق. .. أذكر أن في أحد أيام طلبي للعلم تناقشت مع أحد رفاق العلم وكان أعلم مني بحكم سنه المتقدم، وأثناء المناقشة قال لي : دارهم ما دمت في دارهم، فقاطعته، يا أخي نحن في دارنا ولسنا في دارهم، فسكت حفظه الله ..
    فحبذا تضمين مقالك تأصيلا لكي لا نخلط بين حالات السكوت عن الحق والمداهنة وبين حالات الاضطرار.
    {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ}

    وكيف يعرف فرق ما بين حق الذمام وثواب الكفاية من لا يعرف طبقات الحق في مراتبه، ولا يفصل بين طبقات الباطل في منازله‏. [ الجاحظ ]

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    May 2009
    المشاركات
    1,574
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الكرطاني مشاهدة المشاركة
    بارك الله فيك
    وفيك اخي الكريم
    شكرا
    وأيُّما جِهَةٍ أعرَضَ اللهُ عَنها ؛ أظلمت أرجاؤها , ودارت بها النُحوس !

    -ابن القيم-

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    May 2009
    المشاركات
    1,574
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فخر الدين المناظر مشاهدة المشاركة
    جزاكم الله خيرا أخي ماكولا ... غير أن المقال مختصر جدا، فحبذا توسيعه قليلا كرما منك.

    ألا نوسع الدائرة قليلا ونقول أن من أساليب المداهنة السكوت عن الدعوة إلى تطبيق الشريعة في أمور الدين والدنيا ؟؟

    و أن من أساليب المداهنة السكوت عن فعل الحكومات في التعاقد مع الأعداء على حساب الأمة ؟؟

    رحم الله من قال : إن رأيت الداعية مسجونا أو مشردا في الأرض فاعلم بأنه مستودع الحق. .. أذكر أن في أحد أيام طلبي للعلم تناقشت مع أحد رفاق العلم وكان أعلم مني بحكم سنه المتقدم، وأثناء المناقشة قال لي : دارهم ما دمت في دارهم، فقاطعته، يا أخي نحن في دارنا ولسنا في دارهم، فسكت حفظه الله ..
    فحبذا تضمين مقالك تأصيلا لكي لا نخلط بين حالات السكوت عن الحق والمداهنة وبين حالات الاضطرار.
    واياكم اخي الفاضل ووفقكم الله ..

    في الحقيقة كنت اود الاشارة , فان اللبيب بالاشارة يفهم , اما ذكر المسائل التي تقع فيها المداهنة فحدث ولا حرج , على انك لن تنتهي خصوصا مما يدور في هذا الزمان من الامور التي ترفع الضغط والسكر ويشيب فيه الشباب قبل اوانهم

    وعلى ان لا نذهب بعيدا , نذكر قبل ايام معدودة , الاحتفال بالكريسميس في بلاد المسلمين حتى لم نعد نميز بين البلاد الاسلامية من غيرها فضلا عن افرادها .. فقد قام بعضهم بتوزيع الحلوى في هذه الايام السالفة ( وهو مسلم !) فلما وصل عندي قدم لي تلكم الحلوى فأشرت له بلطف اني لا اقبلها فقال لي " عشان الايام الحلوة !" فقلت له : ان هذه الايام الحلوة ليست لنا ! ..
    سبحان الله كيف تكون ايام من يكفر بالله ايام حلوة ! ايام من يسبون الله وينسبون له الولد بأنها حلوة ! بل هي عزاء لكل مسلم قصر في تعلم دينه ونشره وقمع الباطل واظهار الحق !
    وقد ثبت عن عن أبي هريرة قال عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال الله عز و جل : كذبني بن آدم ولم يكن ينبغي له أن يكذبني وشتمني بن آدم ولم يكن ينبغي له أن يشتمني أما تكذيبه إياي فقوله إني لا أعيده كما بدأته وليس آخر الخلق بأعز علي من أوله وأما شتمه إياي فقوله اتخذ الله ولدا وأنا الله الأحد الصمد لم ألد ولم أولد ولم يكن لي كفوا أحد " النسائي واصله في الصحيح

    وذكر احدهم عن افراد عائلته انه يريد ان يجلب شجرة الى بيته ! فقلت سبحان الله انها السنن !!

    فعن أبي واقد الليثي : انهم خرجوا عن مكة مع رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى حنين قال وكان للكفار سدرة يعكفون عندها ويعلقون بها أسلحتهم يقال لها ذات أنواط قال فمررنا بسدرة خضراء عظيمة قال فقلنا يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم قلتم والذي نفسي بيده كما قال قوم موسى { اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون } انها لسنن لتركبن سنن من كان قبلكم سنة سنة" الترمذي واحمد وغيره

    ما اشبه اليوم بالبارحة !

    وبعيدا عن سنتا كلوز واللحية المتنكرة واللباس التنكري , والكنائس المضاءة , فالقشعريرة تأتي عندما ترى السانتاكلوز هو رجل مسلم !! ويضحك مع النصارى ويمازحهم
    واخر يسأل عن الجلوس معهم وصداقتهم والخروج معهم وو .. فقلت له أرأيت لو ان احدا قد وقع في عرضك في سالف الايام ولم يتوب ولم يعتذر كيف ستعامله ؟ فهو الجواب عما سألت فقد نسبوا الى الله مالم يقل وافتؤوا الولد لله الولد سبحانه!

    وانظر الى صور المداهنة بين الطالب واستاذه كيف يداهنه في مسائل على حساب الدين لئلا يسقط من عينه ! والدليل ناصع امامه بين ان هداه الله اليه فأعرض عنه !
    وانظر الى صور مداهنة الفرد للحزب على احكام الله ورسوله ولي عنق النصوص لأجل ان يرضيهم !
    فكل ذلك واقع في قوله تعالى " اتخذوا احبارهم ورهبانهم اربابا من دون الله "
    وذاك الرجل الذي يستحيى ان يظهر سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ويتوارى من القوم من سوءة ذلك !!! لا اقول الا عليه دائرة السوء فالله يقول " كتاب انزل اليك فلا يكن في صدرك حرج منه "!
    ولا تخرج هذه الافعال الذميمة الا بعد ان يملئ القلب شهوات وشبهات , فيورثه ذلك ذلا وخيبة
    فماذا نقول والمداهنة متجسدة بيننا في احكام الله , الاعراض عن النصوص وتجاهلها , وتناسيها ولان واجهتهم بها لتجدهم تدور اعينهم كالذي يغشى عليه من الموت !
    ولقد قال قائلهم في السابق ان كل نص لم يعمله اصحابنا فهو متأول او منسوخ او ضيعف او كما قال !

    والمداهنة مع الكفار , والاخوة الانسانية ! ووحدة الاديان والتقارب , ولفظة " الكل على خير "ووحدة الوطن والشعارات الرنانة

    فالى الله المشتكى

    وفرق بين المداهنة في الدين والملاطفة أو التعاون وتبادل المنافع الدنيوية
    ففرق بين المداهنة والمدارة التي هي على حساب النفس مالم تمس جناب العقيدة والدين

    اما قولك
    من أساليب المداهنة السكوت عن الدعوة إلى تطبيق الشريعة في أمور الدين والدنيا ؟؟
    فهذا الذي لا يسع السكوت عنه , ولكن المشكلة ان الامر يحتاج الى حكمة اي التلكم في الوقت المناسب في المكان المناسب , مراعاة للمصالح والمفاسد

    ف عن أبي أمامة قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه و سلم وهو عند الجمرة الأولى فقال يا رسول الله أي الجهاد أفضل قال فسكت عنه ولم يجبه ثم سأله عند الجمرة الثانية فقال له مثل ذلك فلما رمى النبي صلى الله عليه و سلم جمرة العقبة ووضع رجله في الغرز قال أين السائل قال كلمة عدل عند إمام جائر " احمد 22261 قال الارناؤوط حسن لغيره

    فان المداهنة لو تركت لتحقق الباطل وتزيين بعفل تلكم المداهنات اما لو استطار الباطل فلابد ان ينشر الحق ليذيبه , مالم تكن هنالك طريقة اخرى لنشره , ولابد من مراعاة المصالح والمفاسد مالم يكن الا هذا الطريق فلابد من الصدع بالحق
    كالحديث هذا , ولنا في الامام احمد ابلغ العبر , فقد اتوا في زمانه بالكفر البواح الا وهو خلق القرآن فكان ما كان
    وقد صار امام اهل السنة , فمن تمسك بدينه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم فانه ينطق بالحق ويحق الله به الح لما قام به , فرحمه الله فبصره وحكمته رجع الحق الى نصابه


    وايضا ما تفضلت به
    أن من أساليب المداهنة السكوت عن فعل الحكومات في التعاقد مع الأعداء على حساب الأمة ؟؟
    فالذي افهمه ان هذا منوط بالمصلحة والمفسدة فحيثما وجدت المصلحة وكانت راجحة فعلت والا المفسدة شر , وما فتنة ابن الاشعث عنا ببعيد , وقد سماهما ابن كثير وغيره بالقتنة !

    قد تكون لي عودة , حفظكم الله وبارك فيكم
    وأيُّما جِهَةٍ أعرَضَ اللهُ عَنها ؛ أظلمت أرجاؤها , ودارت بها النُحوس !

    -ابن القيم-

  8. #8

    افتراضي

    جزاكم الله خير وزادكم علما وفضلا أخي ماكولا
    موضوع مميز ومؤلم في ذات الوقت
    والله ما أتت بدعهم هذه الا طاردة لسنن نبينا وما استباح بعض أفراد الامة الادينهم ومبادئهم قبل أي شيئ
    وهذا مشاهد ويعقل حجمه كمأساة كل من أوتي عقلا في قلبه وعينا في بصيرته وان كانوا قلة
    أنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم وتؤمنون بالكتاب كله وإذا لقوكم قالوا آمنا وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور

    فهل بعد بيان الله بيان ؟؟!!!

    الله المستعان

    تحياتي للموحدين
    أعظَم مَن عُرِف عنه إنكار الصانع هو " فِرعون " ، ومع ذلك فإن ذلك الإنكار ليس حقيقيا ، فإن الله عزّ وَجَلّ قال عن آل فرعون :(وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا)
    وبُرهان ذلك أن فِرعون لَمّا أحسّ بالغَرَق أظْهَر مكنون نفسه ومخبوء فؤاده على لسانه ، فقال الله عزّ وَجَلّ عن فرعون : (حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آَمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا الَّذِي آَمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ)

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    May 2009
    المشاركات
    1,574
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    الاخت المسلمة جزاكم الله خيرا وبارك فيكم
    ونسأل الله السلامة والعافية
    وأيُّما جِهَةٍ أعرَضَ اللهُ عَنها ؛ أظلمت أرجاؤها , ودارت بها النُحوس !

    -ابن القيم-

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    May 2009
    المشاركات
    1,574
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    قال ابو الطيب في عون المعبود " والفرق بين المداهنة المنهية والمداراة المأمورة أن المداهنة في الشريعة أن يرى منكرا ويقدر على دفعه ولم يدفعه حفظا لجانب مرتكبه أو جانب غيره لخوف أو طمع أو لاستحياء منه أو قلة مبالاة في الدين
    والمداراة موافقته بترك حظ نفسه وحق يتعلق بماله وعرضه فيسكت عنه دفعا للشر ووقوع الضرر"

    قال النبى صلى الله عليه وسلم ( تجد من شر الناس يوم القيامة عند الله ذا الوجهين الذى يأتى هؤلاء بوجه ، وهؤلاء بوجه ) .
    قال ابن بطال " يريد أنه يأتى إلى كل قوم بما يرضيهم كان خيرا أو شرا ، وهذه هى الماهنة المحرمة ، وإنما سمى ذو الوجهين مداهنا ؛ لأنه يظهر لأهل المنكر أنه عنهم راض فيلقاهم بوجه سمح بالترحيب والبشر ، وكذلك يظهر لأهل الحق أنه عنهم راض وفى باطنه أن هذا دابة فى أن يرضى كل فريق منهم ويريهم أنه منهم ، وإن كان فى مصاحبته لأهل الحق مؤيدا لفعلهم ، وفى صحبته لأهل الباطل منكرا لفعلهم ، فبخلطته لكلا الفريقين وإظهار الرضا بفعلهم استحق اسم المداهنة للأسباب الظاهرة عليه المشبهة بالدهان الذى يظهر على ظواهر الأشياء ويستر بواطنها ، ولو كان مع احخدى الطائفتين لم يكن مداهنا ، وإنما كان يسمى باسم اطائفة المنفرد بصحبتها . وقد جاء فى ذى الوجهين وعيد شديد ، روى أبو هريرة عن النبى عليه السلام أنه قال : ( ذو الوجهين لايكون عند الله وجيها ) وروى أنس عن النبى عليه السلام أنه قال : ( من كان ذا لسانين فى الدنيا جعل الله له لسانين من نار يوم القيامة ) فينبغى للمؤمن العاقل أن يرغب بنفسه عما يوبقه ويخزيه عند الله - تعالى ."


    وللعودة الى المصالح والمفاسد
    فعن عائشة رضي الله عنها: أنه استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال: (ائذنوا له، فبئس ابنالعشيرة، أو بئس أخو العشيرة). فلما دخل ألان له الكلام، فقلت له: يارسول الله، قلت ما قلت: ثم ألنت له في القول؟ فقال: (أي عائشة، إن شر الناس منزلةعند الله من تركه، أو ودعه الناس، اتقاء فحشه.

    وعلى مثل ذلك يحمل قول أبي الدرداء رضي الله عنه : إنا لنكشر (نبتسم) في وجوه أقوام، وإن قلوبنا لتلعنهم.
    قال ابن مفلح: وقول أبي الدرداء هذا ليس فيه موافقة على محرم ولا مداهنة في كلام، وإنما طلاقة وجه خاصة للمصلحة.
    والمصلحة والله تعالى أعلم هي دفع شر من يداريه.

    قال ابن بطال " وقال بعض العلماء : وقد ظن من لم ينعم النظر أن المدارة هى المداهنة ، وذلك غلط ، لأن المدارة مندوب اليها والمداهنة محرمة ، والفرق بينهما بين ، وذلك أن المادهنة اشتق اسمها من الدهان الذى يظهر على ظواهر الشياء ويستر بواطنها ، وفسرها العلماء فقالوا : المداهنة هى أن يلقى الفاسق المظر فيؤالفه ويؤاكله ، ويشاربه ، ويى أفعاله المنكرة ويريه الرضا بها ولاينكرها عليه ولو بقلبه وهو اضعف الإيمان ، فهذه المداهنة التى برأ الله عز وجل منها نبيه عليه السلام بقوله : ( ودوا لوتدهن فيدهنون ) . والمدارة هى الرفق بالجاهل الذى يستتر بالمعاصى ولايجاهر بالكبائر ، والمعاطفة فى رد أهل الباطل إلى مراد الله بلين ولطف حتى يرجعوا عما هم عليه . فإن قال قائل : فأين أنت فى قولك هذا من فعل النبى عليه السلام حين دخل عليه المنافق فقال عند دخوله : ( بئس ابن العشيرة ) ثم حدثه وأثنى عليه شرا عند خروجه ؟ . قيل له : إن رسول الله كان مأمورا بأن لا يحكم على أحد إلا بما ظهر منه للناس لا بما يعلمه دون غيره ، وكان المنافقون لا يظهرون له إلا التصديق والطاعة ، فكان الواجب عليه أن لا يعاملهم إلا بمثل ما أظهروا له ، إذ لو حكم بعلمه فى شىء من الأشياء لكانت سنة كل حاكم أن يحكم بما أطلع عليه فيكون شاهدا وحاكما ، والأمة مجمعة أنه لا يجوز ذلك ، وقد قال عليه السلام فى المنافقين : ( أولئك الذى نهانى الله عن قتلهم ) ."

    اقول قد يكون خلاف ما ذكره ابن بطال كما سيأتي ان شاء الله

    فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله " يا عائشة لولا أن قومك حديثو عهد بشرك لهدمت الكعبة فألزقتها بالأرض وجعلت لها بابين بابا شرقيا وبابا غربيا وزدت فيها ستة أذرع من الحجر فإن قريشا اقتصرتها حيث بنت الكعبة" متفق عليه

    فهذا دليل على اعتبار المصلحة مع وجود المخالفة وان كانت من باب الكراهة

    " والمراد به قرب عهدهم بالكفر والخروج منه والدخول في الاسلام وأنه لم يتمكن الدين في قلوبهم فلو هدمت الكعبة وغيرتها ربما نفروا من ذلك" تحفة الاحوذي


    قال الحافظ ابن حجر في الفتح باب قول المصنف فضل مكة وبنيانها " وفي حديث بناء الكعبة من الفوائد غير ما تقدم ما ترجم عليه المصنف في العلم وهو ترك بعض الاختيار مخافة أن يقصر عنه فهم بعض الناس والمراد بالاختيار في عبارته المستحب وفيه اجتناب ولي الأمر ما يتسرع الناس إلى إنكاره وما يخشى منه تولد الضرر عليهم في دين أو دنيا وتألف قلوبهم بما لا يترك فيه أمر واجب وفيه تقديم الأهم فالأهم من دفع المفسدة وجلب المصلحة وإنهما إذا تعارضا بدئ بدفع المفسدة وأن المفسدة إذا أمن وقوعها عاد استحباب عمل المصلحة.."

    وفي قصة ابن سلول عند البخاري ايضا "...وقال عبد الله بن أبي سلول أقد تداعوا علينا لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل فقال عمر ألا نقتل يا رسول الله هذا الخبيث ؟ لعبد الله فقال النبي صلى الله عليه وسلم " لا يتحدث الناس أنه كان يقتل أصحابه"


    فهو ان كان منافقا فقد حل قتله ولا يقال انه قد كتم فيعامل على ما يظهر لأن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر العلة وهي " لا يتحدث الناس انه كان يقتل اصحابه "
    وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم قوله " من بدل دينه فاقتلوه"

    قال النووي في المنهاج " وفيه ترك بعض الامور المختارة والصبر على بعض المفاسد خوفا من أن تترتب علي ذلك مفسدة أعظم منه وكان صلى الله عليه وسلم يتألف الناس ويصبر على جفاء الاعراب والمنافقين وغيرهم لتقوى شوكة المسلمين وتتم دعوة الاسلام ويتمكن الايمان من قلوب المؤلفة ويرغب غيرهم في الاسلام ..."

    فأخر الحد اعتبارا لما اسلفت وهذا موجود في عمل السلف

    وقد قال الله "ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون"

    قال القرطبي " والربانيون واحدهم رباني منسوب إلى الرب والرباني الذي يربي الناس بصغار العلم قبل كباره وكأنه يقتدي بالرب سبحانه في تيسير الأمور روي معناه عن ابن عباس.."
    فهذه هي الحكمة وهي وضع الشيء في مكانه في الوقت المناسب في المكان المناسب
    اضف الى ذلك لتعرف مدى صحة القول بذلك بقاعدة تقول " الحكم على الشيء فرع عن تصوره " فمن تأمل ذلك وجد العقبات الجلية تتجلى بهذا المنظار


    ففي فتنة عبد الرحمن ابن الاشعث .. وملخص ذلك ان الحجاج امره على جيش لغزو احدى البلاد التركية فتأخر عن ذلك ودار بينهما رسائل حالت دون استجابة بل ثارت الثائرة فقام فيهم ووعظهم وخطبهم وقلبهم على الحجاج فوفقوه على ذلك فخلعوا البيعة وبايعوا ابن الأشعث ...
    ودارت بينهم عدة وقائع منها موقعة الزاوية وانهزم فيها جند الخلافة
    وفي معركة دير الجماجم قرب الكوفة انتصر جند الخلافة

    وقد ناصحوه ولكنه ابى وكتب المهلب إلى ابن الأشعث يقول له إنك يا ابن الأشعث قد وضعت رجلك في ركاب طويل ابق على أمة محمد صلى الله عليه وسلم انظر إلى نفسك فلا تهلكها ودماء المسلمين فلا تسفكها والجماعة فلا تفرقها والبيعة فلا تنكثها فإن قلت أخاف الناس على نفسي فالله أحق أن تخافه من الناس فلا تعرضها لله في سفك الدماء أو استحلال محرم والسلام عليكم –البداية والنهاية-
    طبعا في ختام تلكم المعارك انتحر ابن الاشعث من ورمى نفسه من فوق قصر !

    الخلاصة حصل في هذه الفتنة وغيرها من الفساد والقتل والتناحر وحبس الصالحين ما الله به عليم
    وكذا في معارك ابن الزبير وضرب الكعبة بالمنجانيق .. الخ

    فالقضية ليست بالجفاء الفاحش ولا بالشدة والامر بين ذلك , فمتى ترجحت المصلحة وجب العمل بها
    وهذا نظر في منهاج التغيير ونتائجها اظنه سيظهر له الحق باذن الله , وبضدها تتبين الاشياء
    وأيُّما جِهَةٍ أعرَضَ اللهُ عَنها ؛ أظلمت أرجاؤها , ودارت بها النُحوس !

    -ابن القيم-

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء