منقول عن منتديات محمد و أخيه عيسى عليه السلام

كثيراً ما يثير أعداء الإسلام التشدقات الحاقدة الجاهلة حول موقف الإسلام العظيم من الرق و التسرى ، مما أوجب علينا أن نبين للناس حقيقة هذا الأمر مع الإشارة إلى أحكامه الفظة عند القوم



الرق عند الأمم الأخرى


اعلم أن الرق كنظام إجتماعى عالمى لم يبتدعه الإسلام بل وجد فى سائر الحضارات السابقة و بجور عظيم و تعديات جائرة و يبدو ذلك جلياً كالشمس فى رابعة النهار عند الفراعنة مثلا الذين بنوا حضارتهم على استعباد شعب مصر و تسخيره ليموت فى بناء معابد و مقابر يدفن فيها الملوك الطغاة.
أو الدولة الرومانية التى كان لكل مواطن فيها ثلاثة عبيد - اى ثلاثة اربعاه السكان من الرقيق- و يستعملونهم فى التجارب و اللهو حتى كانو يجعلونهم يقتلون بعضهم البعض و يصارعون السباع فى ساحات المصارعة حتى الموت!

و أخير فى كتاب اليهود و النصارى و تاريخهم الأسود خلفاً لأسلافهم فى التعامل الجائر مع الرقيق و اخراجهم من ادميتهم


و هذا الكتاب و ذاك التاريخ يبين أن الإسترقاق كان يتم لأسباب عدة منها:

الأول:

التهم الجنائية فمن ارتكب جريمة كسرقة و نحو ذلك كان يعاقب بالإسترقاق

الثانى
الفقر ، إذ كان الفقر و الدين يحمل الناس على بيع أبناءهم رقيقاً،و كان المدين يُسترق للدائن إن عجز عن السداد ، وذلك معلوم مقرر فى التوراة و كذلك فى الأمصار النصرانية فى عصر حكم الكنيسة الغابر
حتى صنفت الأدبيات تحكى هذه المأسى كشهيرة وليم شكسبير" تاجر البندقية"

و الكتاب المقدس ذكر هذا النظام صراحة كما فى متى 18: 25 (( واذ لم يكن له ما يوفي أمر سيده ان يباع هو وامرأته واولاده وكل ما له ويوفي الدين.))

و بالعودة إلى الكتاب المقدس سنجد تقنين الإله لبيع الأب لابنته بنص صريح فيقول:
الخروج 21: 7 ((واذا باع رجل ابنته امة لا تخرج كما يخرج العبيد))

ووجدنا إله الكتاب المقدس يسمح حتى للإسرائيلى أن يملك أخيه الاسرائيلى بسبب الفقر ، ولكن فقط يحسن معاملته ولا يعامله كما يعامل العبيد المستعبدين بسبب الفقر من غير اليهود، و يظل خادما له خمسين سنة!
و أما الأمم الاخرى من غير بنى إسرائيل فيكون استعبادهم و اذلالهم أبدياً!!

((وإذا افتقر أخوك عندك وبيع لك فلا تستعبده استعباد عبد. كأجير كنزيل يكون عندك. إلى سنة اليوبيل يخدم عندك ثم يخرج من عندك هو وبنوه معه ويعود إلى عشيرته وإلى ملك آبائه يرجع لأنهم عبيدي الذين أخرجتهم من أرض مصر لا يباعون بيع العبيد. لا تتسلط عليه بعنف. بل اخش إلهك. وأما عبيدك وإماؤك الذين يكونون لك فمن الشعوب الذين حولكم. منهم تقتنون عبيدا وإماء. وأيضا من أبناء المستوطنين النازلين عندكم منهم تقتنون ومن عشائرهم الذين عندكم الذين يلدونهم في أرضكم فيكونون ملكا لكم. وتستملكونهم لأبنائكم من بعدكم ميراث ملك. تستعبدونهم إلى الدهر. وأما إخوتكم بنو إسرائيل فلا يتسلط إنسان على أخيه بعنف.)) لاويين 25: 39


الثالث:

الإختطاف بالتلصص و القرصنة ،و الهجوم على المدن المسالمة بلا دعوة الى الله ولا دفع لضرر ، و إنما بغرض الغدر و الاستعباد و القتل المجرد
و هذا وجدناه فى كثير من نصوص التوراة منها:
(( وَأَمَّا النِّسَاءُ وَالأَطْفَالُ وَالْبَهَائِمُ، وَكُلُّ مَا فِي الْمَدِينَةِ مِنْ أَسْلاَبٍ، فَاغْنَمُوهَا لأَنْفُسِكُمْ، وَتَمَتَّعُوا بِغَنَائِمِ أَعْدَائِكُمُ الَّتِي وَهَبَهَا الرَّبُّ إِلَهُكُمْ لَكُمْ )) [ تثنية 20 : 14 ]

(( واخذ داود ايضا سراري ونساء من اورشليم بعد مجيئه من حبرون فولد ايضا لداود بنون وبنات. )) [ صموئيل الثاني 5: 13 ]

(( وسبى بنو اسرائيل نساء مديان واطفالهم ونهبوا جميع بهائمهم وجميع مواشيهم وكل املاكهم. 10 واحرقوا جميع مدنهم بمساكنهم وجميع حصونهم بالنار. 11 واخذوا كل الغنيمة وكل النهب من الناس والبهائم)) العدد31: 9

(( فالآن اقتلوا كل ذكر من الاطفال.وكل امرأة عرفت رجلا بمضاجعة ذكر اقتلوها. 18 لكن جميع الاطفال من النساء اللواتي لم يعرفن مضاجعة ذكر ابقوهنّ لكم حيّات.)) العدد 31: 17

((32 وكان النهب فضلة الغنيمة التي اغتنمها رجال الجند من الغنم ست مئة وخمسة وسبعين الفا. 33 ومن البقر اثنين وسبعين الفا. 34 ومن الحمير واحد وستين الفا. 35 ومن نفوس الناس من النساء اللواتي لم يعرفن مضاجعة ذكر جميع النفوس اثنين وثلاثين الفا)) العدد31: 22

ففى كل هذه النصوص وقع القتل للأبرياء من الاطفال و الإستعباد للشعوب و التسرى بنساءهم بل و باطفالهم الإناث بيد أن هذه المعارك لم تكن كما أسلفنا بسبب خطر شكلته هذه الممالك، أو رفضهم الدعوة إلى الله أو رفضهم الخضوع لحكم الله بدفع الجزية ، بل كانت غدراً مقصوداً و قتلاً متعمداً أصلاً

ولذلك وجدنا إله الكتاب المحرف - و نقصد بذلك الصفات و التعاليم التى نسبوها للاله ببهتهم و الله اله التوراة و الانجيل الحق منها براء- وجدناه يغدر ولا يفى بالعهد فيأمر بنى إسرائيل أن يدعو من يذهبوا اليهم من الأمم للصلح فإن قبلوا يغدرا بهم و يستعبدونهم وإن أبوا الصلح يقتلون ، فأين المفر إذاً؟!

((حين تقرب من مدينة لكي تحاربها استدعها الى الصلح. فان اجابتك الى الصلح وفتحت لك فكل الشعب الموجود فيها يكون لك للتسخير ويستعبد لك. وان لم تسالمك بل عملت معك حربا فحاصرها. واذا دفعها الرب الهك الى يدك فاضرب جميع ذكورها بحد السيف. واما النساء والاطفال والبهائم وكل ما في المدينة كل غنيمتها فتغتنمها لنفسك وتأكل غنيمة اعدائك التي اعطاك الرب الهك. 15 هكذا تفعل بجميع المدن البعيدة منك جدا التي ليست من مدن هؤلاء الامم هنا))

و قد شهد العالم أكبر حملة قرصنة و إستعباد نفذتها الأمم النصرانية و عانت منها البشرية لأنهم لا يملكون علماً ولاهدى ولا كتاباً منيراً يردعهم

فكانوا يغيرون على أفريقيا و يستعبدون أهلها و يسوقونهم مغلغلين بالسلاسل فى قاع السفن إلى مصير مجهول ، و كذا الحال مع الهنود الحمر الذين نكلوا بهم بغير ذنب اقترفوه ففريقاً قتلوا و فريقاً استعبدوا حتى أبادو منهم عشرات الملايين و نفس الحال مع سكان أستراليا الأصليين الذين قضوا تحت محارق جند قساوسة الصليب

أما الإسلام فقد حرم كل هذا
فلا يقع الإسترقاق فى دين الله بسبب الدين، ولا ببيع الأب لبنيه لأن الاسلام يكفل حقهم الأدمى ، ولا بالقرصنة الجائرة، ولا بالحروب الغير منضبطة بضوابط الجهاد المشروع فتأمل رعاك الله

معاملة الرقيق فى الأمم غير الإسلامية

وصلنا إلى أن الإسترقاق عند الأخرين لاسيما اليهود و النصارى ورثة الحضارة الرومانية الوحشية ، كان لاقيد له ولا ضابط،

فإن ثقافتهم أن العبيد فى مرتبة أدنى من المرتبة الأدمية و قد رأينا فى النصوص الأنفة الذكر كيف كان الاله يحث اليهود على معاملة الاسرائيلى المستعبد برفق و رحمة لا بعنف كما هو حال العبيد الاخرين، و هذا يعكس عنصرية النفسية اليهودية ، و يفهم منه كم القسوة التى كان يعانى منها العبيد لاسيما غير اليهود منهم،

و هذا ما كان فعلا إذ أن اليهود كانوايستعبدون الناس على أساس عنصرى والتوراة المحرفة تظهر و كأن أفضلية بنى إسرائيل عرقية لا بالمقومات الإيمانية ، و الرجل الأبيض النصرانى كان يسترق الشعوب من الأجناس الاخرى لاسيما الزنوج على أساس أنهم الجنس الأدنى حتى كانوا يشكون فى أدميتهم إبتداءً و يعقدون المجامع و يصنفون المؤلفات لمناقشة ذلك!!

و كانوا يحملونهم ما لا يطيقون و يحرمونهم من أبسط الحقوق و يعذبونهم أشد تعذيب حتى أسسوا حضارتهم الزائفة على أكتاف هؤلاء كما بنى الفراعنة الوثنيون أهرامهم - مقابر ملوكهم المترفين- على جثث مئات الألاف من العبيد!!

و تتجلى حياة الخوف و الذعر التى كانت تفرض على العبيد فى نصائح بولس الذى قال
((فاعطوا الجميع حقوقهم.الجزية لمن له الجزية.الجباية لمن له الجباية.والخوف لمن له الخوف والاكرام لمن له الاكرام)) ( رومية 13: 7
و قال
(( ايها العبيد اطيعوا سادتكم حسب الجسد بخوف ورعدة في بساطة قلوبكم كما للمسيح)) افسس 6: 5

((ايها العبيد اطيعوا في كل شيء سادتكم حسب الجسد لا بخدمة العين كمن يرضي الناس بل ببساطة القلب خائفين الرب)) كولوسى 3: 22

ففى هذه الاوامر بالخضوع و الطاعة للسيد ركز بولس بشكل رئيسى على الخوف و الرعدة ،و على اعطاء الخوف لمن له خوف، فلا تمتاز علاقة العبد بسيده بالرحمة و التعاون و المعايير الاإنسانية فى التعامل
و هذه نماذج للمعاملة القاسية التى كان يلقاها العبد من اسياده حسب تعاليم الكتاب المقدس
فقد سبق و اطلعنا كيف أن الاستعباد كان يتم بالجور و العدوان و الإثم و التعطش للدماء و الغدر

و نقرأ فى سفر يشوع (فلم يطردوا الكنعانيين الساكنين في جازر.فسكن الكنعانيون في وسط افرايم إلى هذا اليوم وكانوا عبيداً تحت الجزية) (يشوع 16/10)

وكذلك فى صموئيل الثاني 8 : 1 كما في ترجمة كتاب الحياة عن نبي الله داود : (( وقهر أيضاً الموآبيين وجعلهم يرقدون على الأرض في صفوف متراصة، وقاسهم بالحبل . فكان يقتل صفين ويستبقي صفاً . فأصبح الموآبيين عبيداً لداود يدفعون له الجزية .))

فهاهنا نجدأن أنبياء بنى اسرائيل ما كانوا يكتفون باستعباد الشعوب بل كانوا يجمعون لهم الاستعباد مع الجزية

و نقرأ أيضاً فى سفر الخروج فى معاملة العبيد النص الأتى:
((إذا اشتريت عبدا عبرانيا فست سنين يخدم وفي السابعة يخرج حرا مجانا إن دخل وحده فوحده يخرج. إن كان بعل امرأة تخرج امرأته معه إن أعطاه سيده امرأة وولدت له بنين أو بنات فالمرأة وأولادها يكونون لسيده وهو يخرج وحده. ولكن إن قال العبد: أحب سيدي وامرأتي وأولادي. لا أخرج حرا يقدمه سيده إلى الله ويقربه إلى الباب أو إلى القائمة ويثقب سيده أذنه بالمثقب فيخدمه إلى الأبد )) خروج 21: 1-6

فهذه الأعداد تشرع استعباد الإسرائيلى لأخيه العبرانى، و حين يخرج بعد خدمة ست سنوات يترك زوجته و بنيه لسيده، و لكن الطامة أنه ان قرر البقاء عبداً ليبقى بجوار زوجته و بنيه، فإنه يتعامل معه كما كان يتعامل المشركون مع الأنعام فيثقبون أذنها و يغيرون خلق الله، فيثقب السيد أذن عبده كى يعلن استعباده الى الأبد!

و كذلك نقرأ فى حكم المسبية فى تثنية 21: 10
(( إِذَا ذَهَبْتُمْ لِمُحَارَبَةِ أَعْدَائِكُمْ، وَأَظْفَرَكُمُ الرَّبُّ إِلَهُكُمْ بِهِمْ، وَسَبَيْتُمْ مِنْهُمْ سَبْياً، 11وَشَاهَدَ أَحَدُكُمْ بَيْنَ الأَسْرَى امْرَأَةً جَمِيلَةَ الصُّورَةِ فَأُولِعَ بِهَا وَتَزَوَّجَهَا، 12فَحِينَ يُدْخِلُهَا إِلَى بَيْتِهِ يَدَعُهَا تَحْلِقُ رَأْسَهَا وَتُقَلِّمُ أَظْفَارَهَا، 13ثُمَّ يَنْزِعُ ثِيَابَ سَبْيِهَا عَنْهَا، وَيَتْرُكُهَا فِي بَيْتِهِ شَهْراً مِنَ الزَّمَانِ تَنْدُبُ أَبَاهَا وَأُمَّهَا، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يُعَاشِرُهَا وَتَكُونُ لَهُ زَوْجَهً. 14فَإِنْ لَمْ تَرُقْهُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَلْيُطْلِقْهَا لِتَذْهَبَ حَيْثُ تَشَاءُ. لاَ يَبِيعُهَا بِفِضَّةٍ أَوْ يَسْتَعْبِدُهَا، لأَنَّهُ قَدْ أَذَلَّهَا))

فالسؤال الأن ما هى ثياب السبى هذه؟أهى اغلال أم ملابس ممزقة؟
و لماتحلق المرأة شعرها الذى هو تاج رأسها و أى اهانة أكبر من ذلك؟!

نقرأ فى سفر الخروج 21: 20
((ذا ضرب إنسان عبده أو أمته بالعصا فمات تحت يده ينتقم منه لكن إن بقي يوما أو يومين لا ينتقم منه لأنه ماله))

فهذا النص العجيب يسمح للمرء أن يضرب عبده طالما لم يسبب عاهة ، و لم يؤد للوفاة الفورية بحجة أنه ملكه!!
و هو ما دفع حتى الغرب الكافر أن يسخر من مثل هذه التشريعات كما فى هذا الرابط

http://www.bandoli.no/images/exodus21_1024.jpg

و كذلك نقرأ فى يشوع بن سيراخ 33 :28 الإذن بالضرب و التنكيل و قهر العبد ان بدا منه شر دون مراعاة لأدميته!!
((للعبد الشرير التنكيل والعذاب اقسره على العمل لئلا يتفرغ ))


الرق فى الإسلام العظيم



فأما عن موقف الإسلام من الإسترقاق

فلا يقع الإسترقاق فى دين الله بسبب الدَين،

ولا ببيع الأب لبنيه لأن الاسلام يكفل حقهم الأدمى ،

ولا بالقرصنة الجائرة،

ولا بالحروب الغير منضبطة بضوابط الجهاد المشروع

ولايبيح الإسلام الإسترقاق إلا من كان مملوكا أصلا ، أو أن يسترق بسبب الحروب العادلة التى تهدف لحماية ديار المسلمين أو أمن مكر الكافرين بعد إستنفاذ وسائل دعوتهم ومفاوضتهم على القواعد الإسلامية
وذلك له حكم عظيمة منها:-

ا) أن الإسترقاق فى الحروب المنضبطة شرعياً ضرورة و حكمة ، إذ أن أمة الإسلام منذ فجر البعثة أمة مستهدفة تتكالب عليها شياطين الإنس و الجن دوما، فكان لابد من وسيلة ردع كما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم (( نصرت بالرعب مسيرة شهر))
و كل من كان يحارب المسلمين على مدار القرون الماضية -و إلى يومنا هذا- لا يرقب فى مؤمن إلاً و لاذمة و يعيثون فى الأرض فسادا و يسترقون نساء و أطفال المسلمين أو يغتصبوهن بحمية الحقد و الجاهلية التى جعلت فى قلوبهم المريضة على دين الله تعالى

فكان هذا من قبيل المجانسة و المعاملة بالمثل ، وإلا لكان الحال أن المشركين يحق لهم بقوانين حروبهم و أخلاقهم أن يسبوا نساء و أطفال المسلمين إن قابلوهم فى حين لا يمكن المسلم أن يفعل المثل فتختل موازين القوىو يصير المسلمون مطمعاً لأعداءهم

2) و من جهة اخرى فإن الحروب يكثر فيها قتل الرجال المقاتلة ،و يتبقى نساؤهم و أطفالهم بلا عائل و هم لا يملكون حيلة ولا يهتدون سبيلاً فلو تُركوا لصاروا فريسة للذئاب الحيوانية و البشرية !

و فيكون فى كفالتهم رحمة بهم و رعاية لهم و نجاة لهم من الهلاك فى الدنيا ثم نجاة من الهلاك فى الأخرة لأنهم بعيشهم فى أرض إسلام يغلب على الظن اندماجهم مع المجتمع المؤمن و دخولهم فى دين الله

كل هذا مع استحضار أخلاق و ضوابط الجهاد الشرعى فى دين الله السامى ، و ليس موقف عمر ابن عبدالعزيز من سمرقند و اصداره الاوامر لاميره الفاتح المنتصر ان يعود للحدود مرة اخرى لانه خالف شروط الشرع فى فتح البلدان ليس هذا الموقف العظيم ببعيد عن ذاكرة الإنسانية

* و أما بالنسبة لمن كان عبداً أصلاً يقول العلامة أبو بكر الجزائرى : {إن الإسلام جاء و الأرقاء بين يدى الناس ،فلا يليق بشريعة الله العالدة التى نزلت لتحفظ للإنسان نفسيه و عرضه و ماله،لا يليق بها أن تفرض على الناس الخروج من أموالهم بالجملة ، كما أنه ليس فى صالح الكثير من الأرقاء التحرر ، إذمن النساء و الأطفال و حتى الرجال أنفسهم من لا يستطيع أن يكفل نفسه بنفسه لعجزه عن الكسف و جهله بمعرفة طرقه،فكان بقاءه مع سيده المسلم الذى يطمعه مم يأكل و يكسوه مما يلبس ولا يكلفه ما لا يطيق خيراُ الف مرة من اقصائع عن البيت الذى كان يحسن إليه و يرحمه إلى جحيم القطيعة و الحرمان}

و لذلك فإن الإسلام حين أوجد الطريقة التى تضمن للعبد الذى يريد التحرر ان يتحرر مع اعطاء مالكه حقه المالى لم يتأخر فى تشريعها كما سيأتى ذكره فى منافذ الإسلام لتحرير العبيد

و يجب فى هذا الصدد أن نعرج على أحكام الرحمة و الإحسان فى معاملة الرقيق فى الإسلام و من ذلك:

- أمر الله تعالى بالأحسان إليهم فقال ((وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً))

- تحريم إطلاق لفظة العبد أ الأمة على الرقيق فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم:
‏ ‏((‏لا يقل أحدكم‏:‏ عبدى وأمتى، كلكم عبيد الله، وكل نسائكم إماء الله، ولكن ليقل، غلامي وجاريتي‏))

و فى لفظ أخر فى الصحيح ((لا يقل أحدكم عبدى وأمتى ، وليـقل: فتاى وفتاتى))

فانظر كيف نهى الشرع عن هذه التعبيرات ليحفظ مكانة الإنسان من اخيه الانسان و ان كان تحت يده

- و من ذلك قول رسول الله صلى الله علية و سلم :

((إن إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم. فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم ما يغلبهم فأعينوهم)) رواه مسلم

- وقال رسول الله صلى الله عليه و سلم فى النهى المطلقعن ضرب المملوك و لطمة و لو لطمة : ((من لطم مملوكه أو ضربه فكفارته أن يعتقه )) رواه مسلم

فهذه جملة من أحكام الرحمة فى معاملة الخدم و الرقيق فى الإسلام و لننظر إلى قدوتنا رسول الله صلى الله عليه و سلم ،كانت إذا جاءت جارية تأخذه من يده الشريفة إلى أمريسير معها بتواضع و رحمة

و يحكى الصحابى الجليل أنس ابن مالك عن أخلاق النبى الكريم مع خادميه فيقول: ((خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين، فلا والله ما قال لي لشيء صنعته لم صنعته؟ ولا لشيء لم أصنعه ألا صنعته؟ ولا لامني، فإن لامني بعض أهله قال: دعه، وما قدر فهو كائن أو ما قضي فهو كائن))
فتالله من يعامل خادمه بهذه الطريقة حتى مجرد التوجيهكان يتجنبه و لم يظهر منه لعشر سنوات خدمه فيها انس عليه و اله الصلاة و السلام

التسرى فى الإسلام

سبق و بينا أن التسرى بالإماء كان مشروعا عند اليهود و النصارى
و أن داود كان له عشرات السريات و كذلك سليمان كان له منهن المئات، و كذلك ابراهيم تسرى بهاجر و قطورة ، و يعقوب تسرى ببلهة و زلفة ...إلخ

و نصوص الكتاب المقدس فى التسرى فى الحروب و لكن بشكل ينافى رحمة الشريعة الإسلامية كما سبق بيانه فى بعض النصوص فليرجع إليه


أما فى الإسلام فقد أباحت الشريعة التسرى لعدة أسباب حكيمة و حكمة الله لا منتهاة

1)الرحمة بالأمة بقضاء حاجتها من شهوتها

2)أن وطئها قد يجر لها مزيداً من عناية سيدها فيتعنى بغذائها و كسوتها و نظافتها و ما إلى غير ذلك

3)الإرفاق بالمسلم الذى قد يعجز عن مؤونة الحرائر من النساء فرخص فى وطء الإمام تخفيفاً عليه و رحمة به.

4)إعدادها لتصبح أم ولد فتعتق بموت سيدها( و هذا أحد منافذ العتق التى فتحها الإسلام كما سيأتى بيانه)

السبل التى شرعها الإسلام لتحقيق العتق

1)حث الإسلام على عتق العبيد و جعله من اجل اقربات إلى الله تعالى فقال عز و جل
((فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ (13))))

2) جعل تحرير المملوك كفارة لكثير من الأخطاء:
- فجعله كفارة للقتل الخطأ
- و جعله كفارة للحنث فى اليمين
- وجعله كفارة للظهار
- وجعله كفارة لأنتهاك حرمة شهر رمضان

3)جعل العبد بعتق لمجرد أن ملكه ذورحم له فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم (( من ملك ذا رحم محرم فهو حر)) رواه مسلم

4) جعل كفارة ضرب العبد عتقه فقال رسول الله (من ضرب غلاما له حداً لم يأته او لطمه فإن كفارته أن يعتقه) صحيح رواه ابن ماجه و الترمذى و ابو داود و أحمد

5) سريات العتق إلى بقية أجزائه إذا عتق منه جزء قال رسول الله صلى الله عليه و سلم (( من عتق شركاً له فى عبد فكان معه ما يبلغ ثمن العبد قوّم عليه قيمة العدل و أعطى شركاءه حصصهم و أعتق جميع العبد )) متفق عليه

6) الإذن بالتسرى بالإماء ليصبحن أم ولد ،فلا يجوز بيعهم و يصبحن أحرار بعد موت الملك لقول رسول الله صلى الله عليه و سلم
بل تصبح أم ولد ولا يجوز بيعها حتى لو سقط الولد لقول عمر رضى الله عنه (( إذت ولدت الأمة من سيدها فقد عتقت وان كان سقطاً)) حكاه صاحب المغنى

7) الأمر بمكاتبة من طلب المكاتبة من الأرقاء لقوله تعالى ((وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ))

و هذا امر صريح بعتق الرقيق الذين يريدون ذلك مادام المالك سيحصل على ماله وللإسلام الاسبقية فى تشريع هذا بل هو اعدل حكم يضمن الرحمة بالطرفين
بل وأمر الإسلام بمساعدتهم بالمال ليحققوا هذا الغرض بقوله تعالى ((وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ))

و كذلك بجعله عز و جل الرقيق أحد مصارف الزكاة فقال سبحانه ((إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ))

فهذا بحث موجز فى موقف الإسلام من الرق و يتبين لكل ذى لب أن الإسلام هو أعدل دين و أحكم شريعة تناولت هذه القضية على أسس المعاملة الإنسانية التى لا ظلم فيها ولا عدوان و لا إستعباد كذلك الذى نرى فيه الفقراء اليوم فى الانظمة الرأسمالية او الاشتراكية وإن تسموا أحرارا!!

و أخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

بقلم / أبي تراب