دروس عملية لتخريج وتحقيق الأحاديث النبوية ..
للشيخ علي رضا -وفقه الله-.
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله ونبيه الأمين محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
فهذا مختصر رأيت أن أقوم بكتابته لمن يرغب – عملياً – في دراسة الأسانيد وطريقة التخريج للأحاديث .
وقبل أن نخوض في ذكر هذه الخطوات يجب على الدارس لهذه الطريقة أن يكون ملماً بمصطلح الحديث النظري ؛ مثل البيقونية أو النخبة أو غيرهما من المختصرات .
فإن لم يتمكن من ذلك كله فليقدم الأهم فالأهم ؛ فإن ما لا يدرك كله لا يترك جله : فيعرف الصحيح ، والحسن ، والضعيف ، والمرسل ، والمعضل ، والمنقطع ، والمرفوع ، والموقوف ، والمقطوع ، والموضوع ، والواهي ، والشاذ ، والمنكر ، والمضطرب ....
الدرس الأول:
ثم ليتبع الخطوات العملية التالية : لنفرض أن الحديث الذي نبحث عنه بلفظ : ( إذا استجمر أحدكم فليوتر ) ؟
1- نرجع أولاً إلى كتاب ( المعجم المفهرس لألفاظ الحديث ) فنبحث عن كلمة غريبة في الحديث ؛ فنجد أنها :
( استجمر ) فنقوم بالبحث عن كلمة ( جمر ) في ( المعجم المفهرس ) فنجد أن هناك أقرب لفظ للحديث هو : ( ومن استجمر فليوتر ) ج1 / ص363 من ( المعجم المفهرس ) فننظر فيمن رواه فنرى أن أصحاب المعجم عزوه للبخاري ( خ ) ومسلم (م ) و ( د ) أبوداود و ( ت ) للترمذي و ( ن ) للنسائي و( جه ) لابن ماجة و( دي ) للدارمي و ( ط ) للموطأ و ( حم ) لأحمد ؛ مع ذكر رقم الصفحة ورقم المجلد في كل منها .
2- نرجع الآن إلى كتاب ( صحيح الجامع الصغير ) لشيخنا محدث العصر الألباني رحمه الله تعالى ، ونبحث أبجدياً عن الحديث في حرف ( الألف ) فنجد الحديث في ص120 من المجلد ( 1 ) ، ونجد أن السيوطي رحمه الله – والكتاب له ولكن حققه الألباني – قد رمز له بالرمز ( حم ) و ( م ) : أي رواه أحمد ومسلم .
3- نرجع الآن للمعجم المفهرس لمعرفة موضع الحديث من مسلم وأحمد فنجد أنه عند أحمد في ( المسند ) في المجلد الثاني في عدة مواضع مثلاً من المجلد الثاني ، ومن المجلد الثالث ، ومن المجلد الرابع ؛ غير أننا نعلم من( صحيح الجامع الصغير ) أن الحديث من رواية جابر رضي الله عنه فننظر أين مسند جابر أهو في المجلد 1 أم 2 أم 3 أم 4 ؟ فنجد أن مسند جابر في المجلد الثالث من ( مسند أحمد ) كما هو في الفهرس الذي عمله الألباني في مقدمة ( المسند ) ، فنبحث عن الأرقام في ( المعجم المفهرس ) للمجلدالثالث فنجد أنه في ( 3 / 294 ) باللفظ الذي نبحث عنه .
4- ثم ننظر الحديث في ( صحيح مسلم ) فنجد أنهم قد أشاروا إلى كتاب الطهارة ، وفي برقم ( 20 ، 22 ، 24 ) فنبحث عن اللفظ الذي نريده فنجده برقم ( 24 ) ورقمه الآخر (239 ) هو رقم الحديث في ( صحيح مسلم ) .
5- نكتب السند – مع علمنا أن سند مسلم صحيح لكن هذا للتدريب – فنجد أن مسلماً وأحمد يتفقان في الرواية من طريق عبد الرزاق : أخبرنا ابن جريج : اخبرني أبو الزبير ، أنه سمع جابر بن عبد الله يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذااستجمر أحدكم فليوتر ) .
6- ننظر الآن في رجال السند بداية من الرجل الذي اتفق على الرواية من طريقه : مسلم وأحمد ؛ فنجد أنه عبد الرزاق .
7-ننظر الآن كتاب ( تقريب التهذيب ) لأمير المؤمنين في الحديث الحافظ ابن حجرالعسقلاني ؛ وقد رتبه بحسب حروف المعجم ؛ فنبحث في حرف ( العين ) فنجد أن هناك جماعة ممن يُسمون ( عبد الرزاق ) فأيهم هو الذي في سند حديثنا الذي بين يدينا ؟؟
8- ننظر فيمن روى عن عبد الرزاق من كتاب ( تهذيب التهذيب ) للحافظ ابن حجر فنجد أن في الرواة عن عبد الرزاق : إسحاق بن إبراهيم ومحمد بن رافع – وهما اللذين روى مسلم عنهما الحديث .
وللتأكيد نرى مسند أحمد فنجد أن الراوي عن عبد الرزاق هو : أحمد بن حنبل وهوما ذكره الحافظ في ( تهذيب التهذيب ) فيمن روى عن عبد الرزاق ؛ فنجزم بأن عبدالرزاق هذا هو ابن همام الصنعاني .
9-ولمزيد من التأكيد ننظر إلى الذين روى عنهم عبد الرزاق بن همام فنجد أن منهم : ابن جريج ؛ لكن ما اسم ابن جريج هذا حتى نبحث عنه في ( التقريب ) لنظر حكم الحافظ عليه ؟
10- نجد في ( التقريب ) – في نهايته تقريباً – من نسب إلى أبيه ؛ فننظر فنجد أن هناك ( ابن جريج ) واحد فقط وهو : عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج ؛ وعندها نقطع بأن عبد الرزاق هو الصنعاني ، وأن ابن جريج هو عبد الملك .
11- نبحث الآن عن أبي الزبير الذي روى عنه ابن جريج ؛ فنجد أنه لا يوجد في (التقريب ) من كنيته ( أبو الزبير ) إلا واحد وهو : محمد بن مسلم .
12- يأتي الآن دور الحكم على السند – ولا نقول : المتن ابتداءً حتى نتأكد من عدم وجود شذوذ أو علة قادحة في السند – فنجد من ترجمة رجال السند السابقين أنهم جميعاً من الثقات إلا أن ابن جريج فمع كونه ثقة إلا أنه مشهور بالتدليس ؛ لكنه قد صرح هنا بالسماع من جابر ؛ فانتفت علة التدليس ، وصار السند صحيحاً .
13- ننظر غريب الحديث فنجد أنه في قوله ( استجمر ) فنبحث في كتاب ( غريب الحديث ) لابن الأثير ، فنجده رحمه الله يقول : هو التمسح بالجمار ، وهي الأحجار الصغار .
يتبع .. (الدرس الثاني) ..
Bookmarks