السلام عليكم
بارك الله فيك أخي د. فخر الدين على هذا الموضوع
أنا لم أقرأ له إلا كتاب واحد و هو "مدخل الى فلسفة العلوم" و هو كتاب افضل من كثير من كتب و مقالات أخرى قرأتها لفلاسفة و علماء غربيين متمرسين في فلسفة العلوم, هذا دليل واضح أن الجابري مفكر كبير و يستحق التقدير, لكن قرأت له أيضا بعض المقالات على الأنتيرنيت هنا و هناك و اعتقد أنه محبوب عند الحداثيين و العلمانيين و من يكون عندهم محبوب فلابد و أن نشك في (جانب من) منهجه فالرجل مثل جميع الناس كل بني آدم خطاء لكن من الأفضل أن يترك مسائل الدين المتعلقة بتخصصات أبحر فيها العلماء في علوم الحديث و علوم القرآن لمن هو أهل لذلك و امضى عمره في تلك الدراسات التي تحتاج لوقت طويل و صبر مستمر.
مجتمع لا يعرف التنوع داخل منظومة معينة يحترمها الجميع و في اطار القانون هو مجتمع جامد لا يتحرك و كم نتمنى أن نرى دراسات نقدية لفكره بدون تكفير و لا تصنيف و لا تبديع بل اللعب على الكره و ليس اللاعب, من ينتقد ينتقد فكره و ليس الرجل و من يريد أن يشيد بفكره فعليه أيضا أن يعير الخنفشاريات في فكره اهتماما و يرد عليها في نفس الكتاب حتى يتبين الناس.
الحضارة الاسلامية في الحقيقة هي تلك الحضارة التي عرفت التعددية الفكرية و الثقافية, فأنا لا أنكر حديث 73 فرقة و لكن أؤمن بأن الاسلام يعطي لي الحرية لأختار اجتهاد امامنا الألباني رحمه الله أو اجتهاد غيره من علماء الحديث رحمهم الله جميعا, و حتى ان اعتقدت أنا بأن حديث 73 صحيح لاشك فيه فإني لن أتصرف مع المسلمين على أساس هذا الفهم بل يبقى الحديث قناعة شخصية ايمانية تهمني أنا كقيام الصلاة و الذكر و لن أخرج بهذا الحديث الى الساحية السياسية فأسيسه, فالاسلام لا يلزمني بهذا و الحديث لا يلزم بهذا, الحديث يخبر و يقول لك التزم بالجماعة فالخير معهم لكن لا يقول كفر و زندق و صنف افرادا و جماعات و لا تتعاون معهم فيما تتفقون و لا تتناصح معهم فيما تختلفون..
أعتقد أننا بحاجة الى أمثال الجابري للتفكير مرة أخرى في بناء حضارة و إعادة إصلاح الثقافة, و لكن من جانب آخر أعتقد أيضا بأننا بحاجة إلى أمثال القرضاوي و أهل الرأي كي نعيد للاسلام وسطيته و تسامحه الذي يمنح للناس قدرا من الحرية في الدين لكن الايمان و الروحانية (الاحسان) لا يتغيران بل ثابتان بينما الدين و هي القواعد عن الحرام و الحلال و ما بينهما لابد أن نفهم الاسلام في السياق فإذا قلت لي هذا يجوز أو لا يجوز أو مكروه فسأسأل 3 أشياء: الدليل و سياقه و شروطه و بعدئذ نناقش فهكذا تأسست المذاهب الاسلامية و الفرق الاسلامية في فجر الاسلام و لم نسمع من يكفر تكفيرا يستوجب حد الردة إلا في بعض الحالات الاستئنائية المتطرفة جدا و التي قد تؤدي الى الفوضى مثل إعدام الحلاج, لكن من قام الحد على ابن رشد (بالمناسبة الجابري معروف عند بعض الغربيين بمؤسس مدرسة الرشدية الجديدة) أو استتابه؟ أو الفلاسفة الآخرين أو المعتزلة و المتصوفة ... كما أعتقد أننا بحاجة إلى أمثال الألباني و أبي اسحاق الحويني و أمثالهم للاهتمام مجددا بالسنة .. لا يجب أن يكون هناك أي تعارض و تنافر بين هذه الاختيارات إلا عندما يوظف الدين فيما هو ليس من الدين لتشتيت المسلمين و تصنيفهم و بهذا يصبح الدين أفيون الشعوب و تصح نظرية الاستحمار التي طورها عالم اجتماع ايراني.
حفظ القرآن
أعتقد أن هناك اجتماع على أن الاية الكريمة (انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون) تعني حفظ القرآن جمعه و تلاوته و لكن هل من يقول أن القرآن غير كامل يتسوجب تكفيره؟ و إذا كان فهمه هو للذكر لا يعني النص الكامل أو الوحي الكامل كما نزل على الرسول و لكن الذكر هو من الوحي ما يستخدمه المسلمين لذكر الله أو قل شيء آخر, المهم من فهمه بطريقة أخرى و أنت لا تستطيع أنت تأتي بدليل قاطع أن فهمه غير صحيح كما لا تستطيع أن تأتي بدليل قاطع ان الايات الاخرى في القرآن غير قابلة للتأويل, فإذا اعترفت بان القرآن قابل في بعضه للتأويل فبأي دليل قطعي يمكن ان تثبت أن آية حفظ الذكر استثناء؟؟
أنا هنا لا أناقش حفظ القرآن أو عدم حفظه فالكلام عن عدم حفظ القرآن بالمعنى المعروف يخالف جمهور المسلمين, لكن السؤال هو هل ذلك يمكن يكون دليل على أن صاحب الرأي كافر كفر يستوجب حدة الردة؟؟#
الفلسفة الإنسانية أو علمنة الفلسفة و العلم وراء الكارثة الحديثة التي تسبب اللاوعي و الإحباط كنتيجة للصراع بين المتناقضات, فعلى سبيل المثال لا الحصر, تصور الحياة على أنها عبثية -أو نتيجة عملية عبثية- من جهة, و من جهة ثانية إبعاد صفة العبث عن هذا التصور و عن أي محاولة فلسفية فكرية متتالية في إثبات هذا التصور!!
Bookmarks