محمد العوضي / خواطر قلم /

مُفكِك الدارونية... في الكويت


محمد العوضي

في عام 2004 وقعت عيناي على كتاب من الحجم الكبير عنوانه «مُوجز تاريخ الكون من الانفجار الاعظم إلى الاستنساخ البشري» ولقد اعجبني الاهتمام البالغ بالكتاب مضمونا واخراجا، اذ ليس من السهل ان تقنع انسان عصر بلاغة الصورة الالكترونية وسحرها ان يقتني كتابا علميا فضلا عن ان يتفرغ لقراءته... الكتاب جهود مشكورة من حيث الحشد الكبير والمتنوع والموثق للمادة العلمية وباسلوب لغوي يراعي اصالة العربية في صياغة المصطلحات والقواعد العلمية الخاصة المترجمة زد على ذلك الخرائط العلمية والرسومات والصور والجداول والارقام...التي انتظمت جميع فصول الكتاب خدمة وشرحا للمضمون العلمي، وأردتأن أتعرف على المؤلف الدكتور هاني رزق، من هو؟ وما تخصصه وبحوثه؟ وما ثقافته العامة؟، وهذا شأني مع من احس بحديتهم العلمية واضافتهم المعرفية للحياة العامة، وقبل ان اعرفه علمت ان هذا المؤلف فاز بجائزة افضل كتاب علمي مؤلف باللغة العربية في المعرض الدولي للكتاب في القاهرة عام 2004، وسمي الكتاب «كتاب العام 2004» كما حاز الكتاب جائزة مؤسسة الكويت للتقدم العلمي على أنه - ايضا - افضل كتاب علمي مؤلف باللغة العربية في معرضها السنوي للعام 2004 وتسلم الجائزة في 7/12/2004 من مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، ولقد استفدت من الكتاب وعرضته في بعض الفضائيات وكان احد المصادر التي احيل عليها، وفي عام 2007 فوجئت بكتاب «الجينوم البشري واخلاقياته، جينات النوع البشري وجينات الفرد البشري» ايضا نشرته دار الفكر بدمشق، وفاق الاول من حيث الاخراج والخدمة المهنية التي تصب في صالح القراء والمادة العلمية فلم اتمالك صبري وهاتفت الاستاذ عدنان سالم صاحب دار الفكر، وطلبت منه هاتف الدكتور هاني، فأعطاني اياه بعد ان اثنى على اصالته العلمية ونبل اخلاقه، وتم العناق الفكري بيني وبين العالم هاني واكثرت عليه الاسئلة في البيولوجيا والفيزياء وجدلية منطق العقل والعلم... وكان آخر اتصال لي به في معرض الكويت الدولي للكتاب قبل شهرين وسألته عن كتاب «الجينة الانانية» لريتشارد داوكينز الذي يصرح بحماس في كتابه بأن «داروين اعظم رجل عاش على كوكب الارض» لأن داروين بنظريته في الخلق يخلصنا من الاسئلة التي سماها طفولية وخرافية عن «هل للحياة معنى؟» و«ما سبب وجودنا؟»، ومن «هو الانسان؟»!!
وفوجئت باجابة المفكر المتابع لما يخص بحثه بأنه قرأه واستدرك عليه واستخرج من أدلته ما ينقص مقصوره ثم قال اني قادم اليكم في الكويت بتاريخ 6/12/2004 وصل الدكتور في موعده وتناولت معه الغداء امس في فندق ماريوت، وانهلت عليه بالاسئلة المتنوعة فرأيت عالما موسوعيا رصينا، واذا به يهديني بحثه الاخير «الانفجار التضخمي الساخن والتطور الجزئي الموجه نحو نشوء حياة ذكية» الذي يورد فيه جملة من الادلة العلمية البحتة التي تعارض اصولا دارونية، ويأسف من اتباع الدارونية الحديثة الذين حولوا افكار داروين الى عقيدة ببغائية تخضع لها الملاحظات والمشاهدات.
ولقد تطرق بحثه إلى حامل لواء التطوريين الدارونيين «ريتشارد داوكينز» صاحب كتاب «صانع الساعات الاعمى»... وهذا الرجل قرأت له كتاب «وهم الاله» فرأيته مرتبكا وكأنه ألفه على عجل وتفنيده سهل لكثرة المغالطات رغم كثرة معلوماته!!
وماان اسأل الدكتور هاني عن كتاب في موضوع بحثه ولو من بعيد حتى اجده قرأ الكتاب قلت له بودي ان اهديك كتاب جوستاين غاردر «عالم صوفي» رواية حول تاريخ الفلسفة وقد اخذ شهرة كبيرة - وصوفي اسم الفتاة بطلة حوار الرواية - وفيها فصل كامل عن داروين، فقال لي الكتاب عندي وقرأته ومترجمه سوري واديب اصيل فقلت اريد ان اتدارس معك هذا الفصل فرحب.
والذي جمل علم الدكتور هاني أخلاقه العالية وتواضعه الآسر فرغم موسوعيته العلمية وغزارة معارفه ونجوميته في عالم الفكر فإن ذلك لم يمنع من خفض جناحه لمن هم في سن اولاده، وهكذا يكون العالم الاصيل... حضرت مساء الاثنين في مؤسسة الكويت للتقدم العلمي ورأيت ما يسر الشاهد في حفل تكريم العلماء... ثم كانت سهرة لها قصة...


محمد العوضي

http://www.alraimedia.com/Alrai/Article.aspx?id=172071