عندما قال المنصرون: الصابئين أم الصابئون؟!
كتبه: إيهاب كمال أحمد


الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصَّلاة والسَّلام على رسولِ الله خير خلْق الله أجْمعين، وعلى آلِه وصحْبِه الأخيار الطَّاهرين.

وبعد:

فإنَّك عندما تتعامل مع المنصِّرين، ربَّما تشعر أنَّك أمام أناس يفتقدون لبدهيَّات المعرفة ومبادئ العلوم؛ ولذلك فلا تتعجَّب إنْ نازعك المنصِّرُ في كوْن الشَّمس تشْرِق صباحًا، أو أنَّ الكلَّ أكبر من الجزء، أو أنَّ النَّقيضين لا يَجتمِعان، أو حين يقول المنصِّر: إنَّ في القرآن أخطاءً نحويَّة!

فكلُّ بضاعة المنصِّر هي الإفك والكذب والغشّ، وكل همِّه مآرب دنيويَّة وأرباح ماليَّة، وشهرة زائفة ومنافع زائلة؛ ولذلك فإنَّه لا يستحيي أن يزيِّف الحقائق ويدلِّس ويكذب مهْما كان حجْم الكذب كبيرًا، ومهْما كان قدر الغشِّ واضحًا، فإنَّه كثيرًا ما يراهن على جهْل المستمعين إليه، وربَّما حماقتهم أيضًا، وأحيانًا يُراهن على الكمِّ الكبير من الغلِّ والحقْد والتعصُّب ضدَّ الإسلام في قلوب المستمعين إليْه من بني جلدته وأهل ديانتِه، ممَّا يصدُّهم عن الحق ويُعْمي أبصارهم عنه، ويدْفعُهم لتصديق أيِّ افتراء على الإسلام مهْما كان متهافتًا.

ومن مغالطات المنصِّرين الظَّاهرة ادِّعاء وجود أخطاء نحويَّة في القرآن[1]، وجهِلوا أنَّ القرآن أتى على وفق لغات العرب المختلِفة في نثرهم وشعرهم، ومن ثمَّ أصبح القرآن المصدر الرَّئيس لقواعد النَّحو، بلْهَ اللغة العربيَّة كلّها، ولم يؤْثَر عن العرب أنَّهم خطَّؤُوا القرآن أو قالوا: إنَّه يُخالف شيئًا من قواعِد لغتهم؛ بل عجزوا مجتمعين ومنفردين عن الإتيان بمثل هذا القرآن الَّذي لا يأتيه الباطل من بين يديْه ولا من خلفه، وتلك الأخطاء المزْعومة لم يكتشفها أساطين اللغة العربيَّة وعلمائها، كسيبويه والخليل والكسائي والفرَّاء والمبرِّد وأبي عليٍّ الفارسي والزجَّاج وغيرهم، بل تكشَّفت لذاك المنصِّر الجهبذ، الَّذي ربَّما لا يحسن مجرَّد القراءة، فضلاً عن أن يُحسن إعراب كلمة[2].

فعند قولِه تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [المائدة: 69].

قال المنصِّرون: كيْف جاءت كلِمة (الصابئون) مرفوعة بالواو، وكان من الواجِب نصْبها بالياء؛ لأنها معطوفة على منصوب، وهو اسم إنَّ؟

والمغالطة هنا ظاهرة؛ لأنَّ المنصِّر يفترض إعرابًا من عنده لكلمة {الصابئون} كأنَّه الوجه الأوْحد لإعراب هذه الكلمة، ثمَّ يخلص بناءً على ذلك الإعراب المفترض إلى نسبةِ الخطأ للقرآن الكريم في تحكُّم عجيب ترفضه الأمانة العلميَّة، وأصول البحث العلمي.

فلماذا ألزَمَنا ذاك المنصِّر بأن تكون الواو هنا للعطف، رغْم احتِمال كونِها للاستئناف مثلاً؟! ولماذا ألْزَمَنا بأن يكون المعطوف عليْه هو اسم إنَّ، رغْم وجود احتِمالات أُخَر؟! ولماذا ألْزمنا أن تكون (إنَّ) هنا هي النَّاسخة لا غير؟!

فهذه جُملة من التحكُّمات التي لا تستند لعلم أو دليل!

فهل عدَم علْمِ المنصِّر بوجود وجوه إعرابيَّة أخرى للكلمة يعدُّ علمًا بعدم وجودها؟!
وهل إذا أعجزتْه معارفه النَّحويَّة عن الوصول لتخريجات نحويَّة صحيحة، فهذا معناه نسبة الخطأ للقرآن؟!
وأيُّ ذنب للقرآن في كوْن مَعارف أولئك المنصِّرين النحويَّة قد توقَّفت بالكاد عند عتبات المرحلة الابتدائِيَّة؟!

فأهْل العلم من أهل الاختِصاص قد ذكروا في إعراب كلمة {الصابئون} وجوهًا إعرابيَّة عدَّة، تكشِف عن عظمة القرآن وبلاغته اللا محدودة في تنويع المعاني في اللَّفظ الواحد، وهذا ضرْب من بيان القُرآن وإعجازه يُدْركه من نال حظًّا من العلم والبصيرة، وتعالَوا الآن نعرِض باختِصار لبعض هذه الوجوه:

1- الوجْه الأوَّل: أنَّ {الصابئون} هنا مبتدأ، وخبرُه محذوف تقديره "كذلك"، والنيَّة به التَّأخير عمَّا في حيِّز "إنَّ" مِن اسمِها وخبرها.

فيكون معنى الكلام على هذا الوجه: إنَّ الذين آمنوا والَّذين هادوا والنَّصارى حكمُهم كذا، والصَّابئون كذلك.

ولهذا الوجْه شاهد ذكرَه سيبويه، هو قول الشَّاعر:

وَإِلاَّ فَاعْلَمُوا أَنَّا وَأَنْتُمْ بُغَاةٌ مَا بَقِينَا فِي شِقَاقِ

أيْ: فاعلموا أنَّا بغاة وأنتم كذلك.

فإن قيل: فما فائدةُ هذا التقديم والتَّأخير؟

فالإجابة كما قال الزمخشري: "فائدتُه التَّنبيه على أنَّ الصَّابئين يتاب عليهم إن صحَّ منهم الإيمان والعمل الصَّالح، فما الظَّنُّ بغيرهم؛ وذلك أنَّ الصَّابئين أبينُ هؤلاء المعدودين ضلالاً وأشدُّهم غيًّا، وما سُمّوا صابئين إلاَّ لأنَّهم صبَؤوا عن الأدْيان كلها؛ أي: خرجوا"[3].

فالواو هنا استِئْنافية، والعطف عطف جُمل، لا عطف مُفردات، فالجملة الاسميَّة المكوَّنة من {الصَّابئون} والخبر المحذوف - وتقديره: كذلك - معطوفة على جُملة: {إنَّ الَّذين آمنوا}.

وبالمناسبة: هذا رأي سيبويه[4] الَّذي ربَّما يظن ذاك المنصِّر المتعالم في نفسه أنَّه أعْلم منه في علوم النحو واللغة.

2- الوجْه الثاني - وهو قريب من الوجْه السَّابق - وهو أن نقول: إنَّ خبر "إنَّ" محذوف، وحذْفُ خبرِ "إنَّ" يردُ في الكلام الفصيح كثيرًا كما ذكر سيبويه في الكتاب، وقد دلَّ على الخبر ما ذُكِر بعده من قوله - عزَّ وجلَّ -: {فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [المائدة: 69]، ويكون قوله: {وَالَّذِينَ هَادُوا}، عطفَ جملة على جملة، فيكون {الذين} مبتدأ، و{الصابئون} معطوف على المبتدأ، فيكون حقُّه الرفع؛ ولذلك جاء بالواو، وهذا الوجْه رجَّحه الطَّاهر بن عاشور في تفسيره[5].

3- الوجه الثَّالث: أن تكون الواو هنا لعطف المفردات، و{الصابئون} معطوف، ولكنَّه ليس معطوفًا على اسم "إنَّ"، ولكنَّه معطوف على موضع "إنَّ" واسمها، وهو موضع رفع للابتداء[6]، وهذا رأْي الكسائي والفرَّاء من كبار علماء النَّحو[7].

4- الوجه الرابع: أن تكون كلمة: {الصابئون} معطوفة على الضَّمير المرفوع في "هادوا"، وبذلك تكون مرفوعة، وهذا القول منقولٌ عن الكسائي أيضًا[8].

5- الوجه الخامس: أنَّ {الصَّابئون} منصوب، ولكنَّه جاء على لغة بلحارث بن كعب الَّذين يجعلون جمع المذكَّر السَّالم بالواو، والمثنَّى بالألف، رفعًا ونصبًا وجرًّا[9].

6- الوجه السادس: أنَّ "إنَّ" هنا ليستِ النَّاسخة؛ ولكنَّها بمعنى "نَعَم" الجوابيَّة، ولا يكون لها عمل حينئذٍ، فيكون ما بعدها مرفوعًا على أنَّه مبتدأ، وتكون {الصابئون} معطوفة على المبتدأ، فيكون حقُّها الرفع[10].

فكأنَّ في السياق سؤالاً مقدَّرًا عند قوله تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [المائدة: 68]، فيسألُ السَّائل عن حال منِ انقرضوا من أهل الكتاب قبل مجيء الإسلام: هل هُم على شيءٍ؟ وهل نفعَهم اتِّباع دينهم أيَّامئذ؟

فوقع قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى} .. الآية، جوابًا لهذا السؤال المقدَّر[11]، فكانتْ "إنَّ" بمعنى: "نعَم".

7- الوجه السَّابع: وهو أن يُجعل النُّون هو حرف الإعراب، وهذا القول ذكره العكْبري وقال: "أجازه بعض النحْويين، والقياس لا يدفعه"[12].

وقد يورد المنصِّرون هنا آية سورة البقرة التي جاءت فيها كلمة {الصابئين} بالياء رغم تشابُه الآيتَين، وهي قولُه تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة: 62].

ثمَّ يتبجَّح المنصِّرون قائلين: أيُّهما الصَّحيح؟ "الصَّابئين" أم "الصَّابئون"؟!

ونحن نقول: تعسًا لِمَن أوردته حماقتُه المهالك، سالكًا في غيِّه كل المسالك! فإنَّه من المعلوم عند كلِّ عارف باللغة أنَّ الكلمة قد يكون لها أكثر من وجه إعرابي صحيح، بحسب المعنى المقصود من السياق، فالإعْراب فرع المعنى، وتغيُّر المعنى قد يؤدِّي إلى تغيُّر في الإعراب.

فمثلاً إن قُلْنا: إنَّ السياق في آية المائِدة يقتضي سؤالاً مقدَّرًا - كما ذكرْنا في الوجْه السَّادس من الوجوه الإعرابيَّة - فهُنا يُمكننا القول بأنَّ: "إنَّ" هنا بمعنى "نعَم" الجوابيَّة، أمَّا في آية سورة البقرة، فإنَّ السياق لا يقتضي ذلك السُّؤال، ومن هنا اختلف الإعْراب رغْم التشابُه الظَّاهري بين الآيتَين.

ومِن المناسب أن أنقل هنا كلامًا نفيسًا للكرماني حول تكرُّر هذه الآية في ثلاثةِ مواضع في القرآن، حيث قال: "قولُه: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ} في البقرة، وفي الحج: {وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى}، وقال في المائدة: {وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى}؛ لأنَّ النَّصارى مقدَّمون على الصَّابئين في الرتبة؛ لأنَّهم أهل كتاب، فقدَّمهم في "البقرة"، والصابئون مقدَّمون على النَّصارى في الزَّمان؛ لأنَّهم كانوا قبلهم فقدَّمهم في "الحجِّ"، وراعى في المائدة بين المعنيين فقدَّمهم في اللَّفظ وأخَّرهم في التَّقدير؛ لأنَّ تقديره: والصابئون كذلك"[13].

وبيان ما قاله الكرماني: أنَّ الصَّابئين يُقدَّمون على النَّصارى من الناحية التاريخية الزمانيَّة؛ لأنَّهم كانوا قبلهم، والنَّصارى كأهل كتاب هم أفضل من الصَّابئين في مكانتِهم ورتبتهم؛ لأنَّ الصَّابئين أشدُّ كفرًا من النَّصارى؛ ولذلك فإنَّ النَّصارى يقدَّمون من هذه الناحية.

وآية البقرة راعت المكانة والرُّتبة فقدَّمت النَّصارى في الذِّكْر: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة: 62].

أمَّا سورة الحجّ، فقد راعت النَّاحية الزَّمانيَّة والتَّاريخية، فقدَّمت الصَّابئين على النَّصارى في الذِّكْر: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [الحج: 17].

وفي سورة المائدة جاء قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [المائدة: 69]، فراعى النَّاحيتَين معًا: حيث قدَّم الصابئين من حيث اللفظ فذُكِروا أوَّلاً، وإن كانوا قد أُخِّروا من حيث التَّقدير؛ لأنَّه حين رُفعت (الصَّابئون) صارت مبتدأ خبرُه محذوف تقديره (كذلك)، وكأنَّه قال: إنَّ الذين آمنوا والذين هادوا والنَّصارى حكمهم كذا، والصَّابئون كذلك، كما وضَّحْنا في الوجْه الإعرابي الأوَّل، وبذلك يكون قد راعى النَّاحية الزمانيَّة فقدَّم الصَّابئين في ذكرهم باللَّفظ، وراعى ناحية الرتبة والمكانة فأخَّرهم في تقدير المعنى.

فانظر إلى وجوه البلاغة في القُرآن وانظر إلى عظمة بيانه، ثم انظر إلى ذاك المنصِّر وقد رجع خائبًا وهو حسير، فقد أراد إثباتَ منقصة، فإذا هي منقبة، وادَّعى وجود خطأ، فإذا هو وجهٌ من البيان وضرب من البلاغة التي أعجزت بُلَغَاء العرَب وأمراء اللغة والشعر فيهم، وهكذا في كلِّ مرَّة يُحاول المنصِّرون إثبات عيبٍ أو نقصٍ في الإسلام، يظهر عند البحث والنَّظَر أنَّ ما حاولوا إظْهاره كعيب هو مزيَّة كبيرة ومحْمَدة عظيمة، فسبحان مَن أنزل هذا الكتاب فأعجزَ به الإنس والجن! وتبًّا لمن ألْحد في هذا الكتاب؛ فإنَّ مَن يغالب الله يغلب.

نسأل الله أنْ يجعلنا ممَّن يرعى كتابه حقَّ رعايته، ويتدبَّره حقَّ تدبُّره، ويقوم بقسطه، ويُوفي بشرْطِه، ولا يلتمس الهُدَى في غيره، وأن يهدِيَنا لأعْلامه الظَّاهرة، وأحْكامه القاطِعة الباهرة، وأن يجمعَ لنا به خيرَ الدُّنيا والآخِرة، فإنَّه أهل التَّقوى وأهل المغفِرة.

وصلِّ اللهُمَّ وسلِّم وبارِك على محمَّد، وعلى آله وصحابتِه، والمهتدين بهدْيه إلى يوم الدين.

ـــــــــــــــــــــــ
[1] القول بوجود خطأ لغوي في القرآن قول ظاهر البطلان، ومردود عليه جملة وتفصيلاً؛ لأنَّ القرآن سابقٌ لعِلْم قواعد النحو، بل هو مصدرها الرَّئيس، ولأنَّ أوَّل مَن نطق بالقُرآن هو الرَّسول - صلَّى الله عليْه وسلَّم - وأصحابه - رضِي الله عنْهم - وهم عرب أقْحاح، وقد شهِد لبلاغة القرآن وإعْجاز بيانه كفَّارُ العرب من الشُّعراء والبلغاء، وبيان وجوه تَهافُت هذا القول إجمالاً ربَّما يَحتاج لمقال مستقل.
[2] عصبة القساوسة الَّذين يتكلَّمون في الإسلام ويُثيرون الافتِراءات حوله، كعبد المسيح بسيط وزكريا بطرس ويوسف تدرس ومرقص عزيز وغيرهم، ثبتَ عمليًّا أنَّهم لا يُحسنون مجرَّد قراءة الآيات بشكلٍ صحيح من النَّاحية اللغوية، ولهم تسجيلات منتشِرة ومنشورة على الشَّبكة الدوليَّة يَقرؤون فيها القرآن بطريقةٍ تُثير الضَّحِك، وتدلُّ على مدى السقوط اللغوي والجهْل المركب، وتعكس المستوى المتردِّي علميًّا ولغويًّا لهذه الشرذمة عمومًا.
[3] تفسير الكشاف، للزمخشري، ص: 302.
[4] انظر: إعراب القرآن وبيانه، 2 /269.
[5] التحرير والتنوير: 4 /269.
[6] وهو ما يسمَّى في النَّحو بالعطف على المحلّ، ولتقريب المعنى نعطي مثالاً: "إنَّ محمدًا قادم وأحمد"، نعتبر "إنَّ" واسمها (إن محمدًا) وكأنَّها كلمة واحدة، فلو جاءت في أوَّل الجملة فستكون في محلِّ رفع مبتدأ، وما يعطف عليها - مثل كلمة أحمد - يكون مرفوعًا أيضًا؛ لأنه معطوف على محل "إنَّ" واسمها.
[7] إعراب القرآن الكريم وبيانه: (2 /270)، روح المعاني (4 /295).
[8] روح المعاني (4 /295).
[9] مشكل إعراب القرآن، ص: 211، التبيان في إعراب القرآن: 1 /222.
[10] روح المعاني: 4 /295.
[11] التحرير والتنوير: 4 /268.
[12] التبيان في إعراب القرآن: 1 /222.
[13] البرهان في توجيه متشابه القرآن لما فيه من الحجة والبيان، للكرماني، ص: 75.