هِيَ المَعْشُوقَةُ الكُبْرَى وَلا أَرْضَى بِهَا أُخْرَى
فَنُورُ الصُّبْحِ طَلْعَتُهَا بِوَجْهٍ يُخْجِلُ البَدْرَا
لَهَا فِي الحُسْنِ مَنْزِلَةٌ بَهَاهَا حَيَّرَ الشُّعَرَا
وَتَاجٌ فِي تَأَلُّقِهِ بَرِيقٌ يَزْدَرِي التِّبْرَا
لِضَمَّةِ صَدْرِهَا دِفْءٌ وَحَاشَا تَعْرِفُ الهَجْرَا
أَنَا فِي حِضْنِهَا طِفْلٌ يَرَى فِي أُمِّهِ ذُخْرَا
وَقَيْسٌ نَالَ بُغْيَتَهُ تَسَاقَى الحُبَّ لا الخَمْرَا
أَرَى فِي عَيْنِهَا نُورًا وَفِي أَنْفَاسِهَا عِطْرَا
أَرَى فِي هَمْسِهَا الحَانِي يُدَاعِبُ سَمْعِيَ السِّحْرَا
وَحِينَ تَكُونُ فِي عُشِّي يَصِيرُ بِمُقْلَتِي قَصْرَا
وَإِنْ غَابَتْ أُنَادِيهَا وَأَشْكُو الجَوْرَ وَالقَهْرَا
فَمَنْ حَجَبُوا أَشِعَّتَهَا أَحَالُوا رَوْضَنَا قَبْرَا
وَإِنْ عَادَتْ أُنَاجِيهَا وَتَبْدُو لَهْفَتِي الحَرَّى
فَعُمْرِي حِينَ أَفْقِدُهَا كَبُسْتَانٍ غَدَا قَفْرَا
كَقُضْبَانٍ تُحَاصِرُنِي وَأَيَّامِي هِيَ الأَسْرَى
هِيَ الحُرِّيَّةُ البَيْضَا ءُ جَلَّتْ عِنْدَنَا قَدْرَا
تُذِيقُكَ عَذْبَ كَوْثَرِهَا إِذَا أَغْلَيْتَهَا مَهْرَا
سَجِينَ الرَّأْيِ مَعْذِرَةً فَهَذِي أُمَّةٌ حَيْرَى
بِلادٌ تُكْرِمُ الطَّبَّا لَ تُعْلِي الرَّقْصَ وَالزَّمْرَا
وَشَارَفْنَا عَلَى الخَمْسِي نَ عَامًا نَقْهَرُ الحُرَّا
وَنُخْمِدُ جَذْوَةَ الإِخْلا صِ بَيْنَ رُبُوعِنَا غَدْرَا
وَيُطْلِقُ سَهْمَهُ المَسْمُو مَ جَهْلٌ عَانَقَ الكِبْرَا
عَلَى الأَطْهَارِ وَالأَبْرَا رِ لَيْسَ يُقَدِّرُ الأَمْرَا
وَيَنْشُرُ جَمْرَهُ المَجْنُو نَ تُحْرِقُ نَارُهُ مِصْرَا
سَجِينَ الرَّأْيِ أُعْلِنُهَا لَقَدْ أَدْرَكْتُمُ الفَخْرَا
إِذَا مَا قُمْتَ مُحْتَسِبًا لِتَنْشُرَ فِي الوَرَى طُهْرَا
فَصَبْرًا إِنْ تَمَادَى الغَيُّ فِي أَرْجَائِنَا صَبْرَا
سَيَسْطَعُ نُورُكُمْ حَتْمًا وَيَسْرِي فِي الدُّنَا طُرَّا
فَظُلْمَةُ لَيْلِنَا الدَّاجِي دَوَامًا تَسْبِقُ الفَجْرَا
وَيَأْتِي الصُّبْحُ فِي ثِقَةٍ ضَحُوكًا يَحْمِلُ البُشْرَى
فَمَا اسْطَاعَتْ يَدُ الطُّغْيَانِ أَنْ تَسْتَأْصِلَ الفِكْرَا

وَعُذْرًا سَيِّدِي عُذْرًا أَيَا مَنْ تُبْرِمُ الأَمْرَا
قُيُودُ النَّاسِ قَدْ كَثُرَتْ وَعَمَّ الظُّلْمُ وَاسْتَشْرَى
فَلَيْتَكَ تُنْصِفُ المَكْبُو لَ بِالحُرِّيَّةِ الغَرَّا
وَلا تُصْغِي لِمُرْتَعِدٍ يَرَى فِي أَمْرِهَا شَرَّا
هُنَالِكَ تَكْسِبُ الدُّنْيَا هُنَالِكَ تَكْسِبُ الأُخْرَى
هُنَالِكَ دُونَ إِكْرَاهٍ نُبَايِعُكُمْ وَلَوْ عَشْرَا



وحيد حامد الدهشان