************************************************** **



مملكة سبأ


مملكة سبأ كانت تحتضن حضارة هى أعظم الحضارات فى العالم



وشهرتها كانت تملأ الآفاق فى هذا الزمان .



وكانت حضارة سبأ تعج بنعم لا تحصى فى جميع المجالات وفى كل أنواع الخيرات



وفى مختلف الثمار والثروات وشتى بدائع الرياض والجنات .



وكانت "صرواح" عاصمةّ لهم ثم نقلت إلى مأرب .



وقد بنى السبأيون سد منيع فى مأرب كان يعرف بسد مأرب .



وبنوا معابد عديدة أهمها معبد برآن أو معبد الشمس وهو المشهور حاليا



فى اليمن .. بعرش بلقيس ..



وقد كان السبأيون يعبدون الشمس وكانت تحكمهم امرأة هى الملكة بلقيس



‏وقد كان نبى هذا الزمان هو سيدنا سليمان عليه السلام .. وقد ورث



النبوة والعلم والحكمة من أبيه نبى الله سيدنا داوود عليه السلام



يقول سبحانه وتعالى



{ وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ } النمل16



ولقد حباه الله وأتاه ملكا عظيما لم يؤته أحدا من قبله ولن يعطه أحد من بعده .



فقد قال فى ابتهاله ودعاه إلى الله :



( رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي )



فسخر الله له الريح والشيطان والإنس والجان وعلمه منطق الطير والحيوان .



{ فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاء حَيْثُ أَصَابَ وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاء وَغَوَّاصٍ

وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ } ص 38

...........

{ وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ } النمل 17



لقد أتاه الله ما آتاه واختصه سبحانه وتعالى من فضل الله



وكان دائم الحمد والشكر لله .



حين تفقد نبى الله سيدنا سليمان عليه السلام جنده من الطير تبين له



غياب أحدهم فقال ما لى لا أرى الهدهد .. إن لم يأتنى مخبرا عن سبب تغيبه



فليستحقن منى العذاب والعقاب



{ وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا


أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ} النمل 21



فجاءه الهدهد بعد برهة يسيرة فسأله سيدنا سليمان عليه السلام عن سبب



غيابه فقال له الهدهد دون خوف أو وجل : يا نبى الله لقد علمت مالم تعلمه



وأحطت بما لم تحط به .. لقد جئتك من سبأ بنبأ حقيقى ويقينى رأيته بعينى .



{فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ } النمل 22



هذا النبأ هو :



{إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ} النمل 23



لقد وجدت فى سبأ امرأة تحكم قومها - الملكة بلقيس – أعطاها الله



قوة وبأسا شديدا ومنحها ملكا وعرشا عظيما . إلا أن الشيطان أضلها وأضل قومها



فزين لهم الكفر والغواية وأبعدهم عن الهدى والهداية .



رأيتهم يعبدون غير الله ويسجدون للشمس التى خلقها الله



{ وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ



فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ } النمل 24



استنكرالهدهد ما هم فيه هؤلاء القوم من ضلال متعجبا من توحيدهم لغير الله !!



وسجودهم للشمس من دون الله !!



فقال مستهجنا كيف أن هناك خلق من خلق الله لايسجدون لمن خلقهم



كيف لايسجدون لمن يخرج الخبء فى السماوات والأرض !!



كيف لايسجدون للذى يعلم ما يخفون وما يعلنون !!



كيف لايوحدون الله وهو الإله رب العرش العظيم !!



{أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ



مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} النمل 25


فبدت الدهشة على نبى الله مما سمع .. فقال للهدهد :



{ قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ} النمل 27



وكتب كتابا وأعطاه له وأخبره به قائلا : إذهب وألقه على هؤلاء القوم



وقف بعيدا عنهم وانظر ما سيكون منهم .



{ اذْهَب بِّكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ}

النمل 28

وحمل الهدهد ما كتب نبى الله وذهب به رسولا إلى هؤلاء الذين كفروا بوحدانية الله ..



وألقى الكتاب إليهم ألقاه على ملكتهم التى ملكتهم الملكة بلقيس .. ثم تولى عنهم



لينظر ما سيكون الرد منهم



فإذا بالملكة تنادى على ملأها وتأتى بقواد مملكتها والعلية من قومها تبلغهم



بما جاء فى الكتاب الكريم والذى أرسل إليها من نبى الله والذى يبدأ ببسم الله الرحمن الرحيم



والذى يدعوهم فيه أن لا يعلو عليه وأن يأتوه مسلمين مذعنين


{ قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم أَلَّا



تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ }النمل 31



فقرأته عليهم قرأت الكتاب على ملأها وقواد مملكتها وطلبت منهم الفتيا والإستشارة



طلبت منهم الرأى والمشورة فسألت وتساءلت



وقطعت وتقاطعت وحكمت وتحاكمت


{قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ }النمل 32


فأبانوا لها أنهم ذو بأس شديد وذو رهبة وسطوة وقوة وشوكة



يملكون العز والسلطان وأنهم مستعدون للنزال والقتال ..



إلا أنهم تركوا لها الحكم والقرار فقالوا لها :



{قَالُوا نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا



تَأْمُرِينَ }النمل 33



وقبل أن تخبرهم برأيها وتبلغهم بما عقدت عليه عزمها أبانت لهم



حيثات مارأت وأظهرت لهم أسباب ما نوت فقالت لهم



{قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ ..



وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِم بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ }النمل 35



فقد رأت ونوت أن ترسل إلى نبى الله بالهدايا ثم ترى ما يكون بعده لتحكم رأيها وتبدى أمرها



ووافق ملؤها .



وعلم الهدهد بأمرهم فعاد وأخبر نبى الله بعزمهم



وأتت رسل الملكة إلى سيدنا سليمان عليه السلام تحمل كل أنواع الهدايا ..



وأبى نبى الله ما أتت به الرسل وقال لهم أنتم بهداياكم تفرحون



أما نحن فلها زاهدون إن ما آتانى الله خير مما آتاكم فنحن نطلب الآخرة



ولا نقبل على الدنيا الزائلة


{فَلَمَّا جَاء سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم بَلْ أَنتُم



بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ}النمل 36


وأمر نبى الله الهدهد أن يرجع إليهم ليبلغنهم أننا سنأتينهم بجنود لاقبل لهم بها



ولنخرجنهم مماهم فيه من النعيم وسنخرجهم من ديارهم وهم صاغرين


{ ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ }النمل 37


فما كان من الملكة إلا أن انصاعت واتخذت قرارها وحكمها هى وقومها بعدم العلو



وأن تأتى مسلمة لله منقادة إلى نبى الله .



وعاد الهدهد إلى نبى الله ليخبره بتسليمهم ويبلغه بأمرهم وإذعانهم



فجمع سيدنا سليمان عليه السلام جنده قائلا لهم : من منكم يأتينى بعرش مملكتهم



قبل أن تأتى ملكتهم


{قَالَ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ}النمل 38


فقام إليه عفريت من الجان وقال لسيدنا سليمان عليه السلام ..



أنا يا نبى الله قادر عليه وسآتيك به قبل أن تقوم من مقامك هذا



{قَالَ عِفْريتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ} النمل 39



وقام الذى عنده علم من الكتاب وقال لسيدنا سليمان عليه السلام ..



يا نبى الله أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرف عينيك


{قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ } النمل 40



فأذن له نبى الله سليمان فإذا بعرش أعظم مملكة فى التاريخ قد وضع أمام ملكه ماثلا أمامه ..



فشكر الله سبحانه وتعالى على فضل الله وعلى النعم التى بها حباه الله



{ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي } النمل 40



وأمر جنده بتنكيره وتعديله وتغيير بعض ما فيه


وأتت ملكة سبأ إلى سيدنا سليمان عليه السلام فنظرت إلى عرشها التى تركته وأمامها قد وجدته ..



فقال لها نبى الله : أهكذا عرشك .. فلم تخف ما يدور برشدها وقالت : كأنه هو .



فأذن لها بدخول القصر أو الصرح وقد كان ممردا من زجاج فحسبته لجة من ماء



فكشفت عن ساقيها مخافة أن تبتل ملابسها حال دخولها لا ستقبالها



وإعلان إسلامها وانقيادها


{ قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ


فَلَمَّا جَاءتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ


وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ مِن دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ كَافِرِينَ قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ


فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ


قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } النمل 44



واعترفت ملكة سبأ بظلمها لنفسها وأعلنت إسلامها وتبعها قومها بالإيمان بوحدانية الله



وبأن لا إله إلا الله وأن سيدنا سليمان نبى ورسول من الله جل علاه .



************************************************** *********

سعيد شويل