صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 15 من 19

الموضوع: إفادة خبر الواحد للعلم لابن جبرين

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Oct 2007
    الدولة
    الجزائر
    المشاركات
    5,604
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي إفادة خبر الواحد للعلم لابن جبرين

    هذا القول هو مذهب جمهور السلف، وأكثر المحدثين والفقهاء من أتباع الأئمة الأربعة وغيرهم، وهو الصحيح عن الإمام أحمد رحمه الله فقد اشتهر عنه القطع بأَحاديث الرؤية والعلم بمدلولها، وذلك يحتمل أنها عنده من المتواتر المعنوي لكثرتها، ويحتمل أنه يقطع بالآحاد.
    والصحيح المشهور عنه القطع بثبوت الحديث متى توفرت فيه شروط الصحة؛ فقد حكى عنه غير واحد القطع المطرد في خبر الثقة بإفادة العلم.
    ويتأيد ذلك بما اشتهر عنه من الشهادة للعشرة بالجنة مع أن الخبر فيهم آحاد، ولم يخرجه أهل الصحيحين، ولكنه مما تلقي بالقبول. والشهادة لا تكون إلا بعد العلم بالمشهود به.
    وقال المروذي: قلت لأبي عبدالله: ها هنا إنسان يقول: إن الخبر يوجب عملاً ولا يوجب علماً، فعابه وقال: لا أدري ما هذا؟ فإنكاره لهذا القول صريح في أنه يُسوي بين العلم والعمل.
    ونص في رواية أحمد بن الحسين الترمذي أنه يحتم على الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما الرواية الثانية عنه بترك الجزم فغير صحيحة عنه، وإن اشتهرت عند الأصوليين؛ وعمدتها ما حكاه الأثرم عنه أنه قال: إذا جاء الحديث بإسناد صحيح فيه حكم أو فرض، عملت به ودنت الله به، ولا أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذلك.
    وهذه الرواية انفرد بها الأثرم، وليست في مسائله، ولا في كتاب السنة، وإنما نقلها شيخ الإسلام ابن تيمية من خط القاضي، على ظهر المجلد الثاني من العمدة، والقاضي ذكر أنه نقلها من كتاب معاني الحديث للأثرم، بخط أبي حفص العكبري. ولم يذكر الأثرم أنه سمع ذلك من الإمام أحمد، ولعله بلغه من واهم وهم عليه في لفظه وعلى تقدير ثبوتها فلعل توقفه عن الشهادة بها على سبيل التورع، فقد كان رحمه الله يجزم بتحريم أشياء وبوجوب أشياء، ويتورع عن إطلاق لفظ التحريم أو الوجوب، بل يقول: أكره كذا، أو أستحب كذا.
    فأما ما روي عنه أنه قال: ولا نشهد على أحد من أهل القبلة أنه في النار لذنب عمله، ولا على أحد أنه في الجنة لصالح عمله، إلا أن يكون ذلك في حديث فنصدقه ونعلم أنه كما جاء، ولا ننص الشهادة فقد فسر القاضي أبو يعلى قوله: ولا ننص الشهادة. بأن معناه: ولا نقطع على ذلك. ورد عليه شيخ الإسلام وبين أن مراده: لا نشهد على معين. وأبطل تفسير القاضي بقوله في شأن الحديث: ونعلم أنه كما جاء، فإنه يقتضي صريحاً إفادة العلم عنده.
    فتحقق بذلك ضعف الرواية بعدم القطع، وترجحت الرواية الأولى والحمد لله، وقد عرفت بهذا مستند من أثبت عن أحمد فيه روايتين، ومن رجح عنه إفادة الظن، وهو ما فهموه من هذه الرواية الموهمة، فلا تنخدع بتتابع أهل الأصول على ترجيحهم عنه ما اختاروه، فعذرهم كما قدمنا عدم التمكن في علم الحديث، وعدم الرجوع إلا إلى كتب أهل الكلام.
    فأما ما نقل الآمدي عن أحمد من القول بإفادة الخبر العلم اليقيني من غير قرينة، واطراد ذلك في كل خبر. فإن هذا القول ليس على إطلاق، لما فيه من المجازفة، ولا يظن بعاقل أنه يصدق كل ما سمعه من خبر، مع ما عهد في الناس من كثرة الكذب، واختلاق الأخبار التي لا حقيقة لها.
    وقد اشتهر عن الإمام أحمد ما لا يحصى من كلامه في الجرح والتعديل، ورده لأخبار الضعفاء، فهو لا يقبل الخبر للعلم به والعمل بمقتضاه إلا بعد توفر شروط القبول فيه.
    وقد نقل السخاوي في فتح المغيث له حكاية الجزم بكل خبر متلقى بالقبول، عن جمهور المحدِّثين وعامة السلف. وذكر الإسفرائيني إجماع أهل الصنعة على القطع بصحة ما في الصحيحين وأن من حكم بخلاف ما فيهما بغير تأويل سائغ نقض حكمه.
    ونقل السيوطي في التدريب عن الحافظ السجري إجماع الفقهاء أن من حلف على صحة ما في البخاري لم يحنث. ونقل عن إمام الحرمين أنه قال: لو حلف بطلاق زوجته أن ما في الصحيحين من كلام النبي صلى الله عليه وسلم لما ألزمته بالطلاق.
    وقال أبو عمرو ابن الصلاح بعد ذكر الحديث الصحيح المتلقى بالقبول: وهذا القسم جميعه مقطوع بصحته، والعلم اليقيني النظري واقع به، خلافاً لقول من نفى ذلك؛ محتجاً بأنه لا يفيد إلا الظن .. قال: وقد كنت أميل إلى هذا وأحسبه قوياً، ثم بان لي أن المذهب الذي اخترناه هو الصحيح، لأن ظن من هو معصوم عن الخطأ لا يخطئ، والأمة في إجماعها معصومة من الخطأ، ولهذا كان الإجماع المبني على الاجتهاد حجة مقطوعاً بها، وأكثر إجماعات العلماء كذلك، وهذه نكتة نفيسة نافعة، ومن فوائدها القول بأن ما انفرد به البخاري أو مسلم مندرج في قبيل ما يقطع بصحته، لتلقي الأمة كل واحد من كتابيهما بالقبول .. سوى أحرف يسيرة تكلم عليها بعض أهل النقد من الحفاظ كالدار قطني وغيره. انتهى.
    فقد اختار هذا الإمام القطع بثبوت ما في الصحيحين، لما اتضح له الدليل، ولم يبال بكثرة المخالفين، وكأنه لم يطلع على أقوال السلف والأئمة، وموافقتهم لما رجحه ليتقوى بهم، وقد تعقبه بعض المشايخ من أهل العلم والصلاح، كالنووي وغيره، وظنوا أنه قد انفرد بهذا القول عن الجمهور والمحققين؛ وهم معذورون في ذلك على اجتهادهم، حيث إنه ليس لهم بهذا الباب خبرة تامة، وإنما يرجعون فيه إلى ما يجدونه في كتب أهل الكلام من المعتزلة والأشاعرة كابن الحاجب، والرازي، والغزالي، والباقلاني، والجبائي، وأبي الحسين البصري، ونحوهم.
    وقد رد البلقيني على النووي، وذكر أن اختيار ابن الصلاح هو المحكي عن فضلاء أهل المذاهب وأهل الحديث، وعامة السلف. وتعقبه أيضاً ابن حجر بأن كثيراً من المحققين وافقوا ابن الصلاح. وقد اختار ذلك أيضاً ابن كثير والسيوطي.
    وذكر في شرح الكوكب أن أكثر الأصحاب قالوا: إنه يفيد العلم إذا احتف بالقرائن التي تسكن إليها النفس؛ وأن المسلسل بالأئمة الحفاظ يفيد العلم، وهو المذهب، وظاهر كلام الأصحاب، وجزم به ابن أبي موسى في الإرشاد.
    قال القاضي في مقدمة المجرد: خبر الواحد يوجب العلم إذا صح سنده، ولم تختلف فيه الرواية، وتلقته الأمة بالقبول، وأصحابنا يطلقون القول فيه، وأنه يوجب العلم وإن لم تتلقه بالقبول، قال: والمذهب على ما حكيت لا غير أهـ.
    وقال الشيخ تقي الدين: أكثر أهل الأصول وعامة الفقهاء من الحنابلة والشافعية والحنفية والمالكية قالوا: يفيد العلم، ويقطع بصحته إذا تلقته الأمة بالقبول، أو عملت به، إلا فرقة تبعت أهل الكلام، وذكر أن بعض المحدثين قال: إن فيه ما يوجب العلم اليقيني، كرواية مالك عن نافع عن ابن عمر.
    وقد نص مالك على إفادته العلم، وقطع به ابن خويز منداد، وحكاه عن مالك، وهو قول عامة الفقهاء من المالكية ذكره عبدالوهاب.
    وعليه الشافعية بلا نزاع، فقد صَّرح به الشافعي في الرسالة، وفي اختلاف مالك.
    وعليه أيضاً أصحاب أبي حنيفة، وداود وأصحابه، كما نصره ابن حزم في الأحكام، ونص عليه الحسين الكرابيسي، وأبو إسحاق الشيرازي في كتبه الأصول، سواء عمل به الكل أو البعض، وقد صَّرح الحنفية بأن المستفيض يوجب العلم كحديث: (لا وصية لوارث) وحديث أخذ الجزية من المجوس، وحديث ميراث الجدة السدس، ونحوها مما عمل به السلف والخلف، وكلها آحاد. فقد رأيت إجماع السلف على القطع بصحتها، ورأيت كيف تناقل هذا القول أصحاب الأئمة الأربعة، وجزموا به في مؤلفاتهم، وكذا من اختاره من المتكلمين، كأبي إسحاق الإسفرائيني، وابن فورك وغيرهما.
    أدلة إفادة خبر الواحد العام
    (أ) حيث اعتقد المسلمون وجوب طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولزوم امتثال طلبه، وتقبل كل ما جاء به عن ربه.
    (ب) وبعد أن عرفت أن الحكمة التي هي سنة النبي صلى الله عليه وسلم بمنزلة القرآن، في كونها وحياً منزلاً من الله، كما في قوله تعالى: (وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة)(النساء:113).
    (ج) وحيث إن السنة مما يتلى على الأمة ليعملوا بما فيها كالقرآن، لقوله تعالى: (واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة)(الأحزاب:34).
    (د) وأنها من الشرع المنزل كالقرآن، لقوله صلى الله عليه وسلم: (أوتيت القرآن ومثله معه) فإن كل ذلك ونحوه يؤكد أن لهذه الأخبار النبوية حكم الشرع، من حفظ الله وحمايته؛ لتقوم حجته على العباد، لقوله تعالى: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون)(الحجر:9)، فلا بد أن تكون السنة داخلة في اسم الذكر الذي تكفل الله بحفظه، فمن جعلها ظنية الثبوت أجاز أن تكون في نفس الأمر كذباً مع نسبتها إلى شرع الله، وأجاز أن يكون قد دخلها التغيير والتبديل والتحويل مما كانت عليه، والزيادة والنقص، والنسيان والإهمال ونحو ذلك، ولا شك أن في هذا تكذيباً لله في خبره بحفظها، ثم هو وصف له بما لا يليق بحكمته وعدله من إضاعة دينه، وتضليل عباده، وغير ذلك مما يتعالى عنه جلاله وكبرياؤه سبحانه.
    2- أن أغلب أحاديث السنة جاءت مكملة ومبينة للأصول المذكورة في القرآن الذي أجمل الله فيه أغلب الأحكام، ووكل إيضاحها وتمثيلها إلى نبيه صلى الله عليه وسلم، بل كلفه بذلك حيث قال: (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم)(النحل:44). وكذلك أمره بتعليم الناس والحكم بينهم حيث قال: (لتحكم بين الناس بما أراك الله)(النساء:105).
    كما أمره بإبلاغ ما أنزله إليه بما فيه السنة بقوله: (بلغ ما أنزل إليك من ربك)(المائدة:67).
    وقد امتثل صلى الله عليه وسلم هذه الأوامر من ربه، حيث بلغ الرسالة وأوضح الأحكام المجملة في القرآن، ثم تقبل صحابته بعده جميع ما بيَّن وبلغ إليهم فعملوا به ونقلوه لمن بعدهم كما هو.
    فلو جاز أن يتطرق إلى ذلك البيان شيء من الوهم والخطأ لبقي المسلمون في حيرة من مراد الله بتلك الأحكام، ولم يعلموا على أي وجه يوقعونها، ولم يتحققوا أن ما بينه نبيهم صلى الله عليه وسلم وصل إليهم كما هو.
    وكل هذا مما ينافي مقتضى حكمة الله وشرعه ودينه، فلا بد أن تكون هذه السنة محفوظة على الأمة، مصونة عن تطرق الخطأ إليها، ليحصل لهم الانتفاع بهذه الأصول عن يقين ولتقوم عليهم حجة الله.
    3- أن الذين جعلوه مظنوناً -ولو مع القرائن- يجوزون أن يكون في نفس الأمر كذباً أو خطأ ثم هم مع ذلك يوجبون العمل به مع ما يخالج نفوسهم من احتمال كونه باطلاً، والعمل به ضلالاً وأمراً مبتدعاً.
    ولا شك أن هذا التوقف في ثبوته مع كونه خلاف الظاهر يدفع الثقة بأصول الدين وفروعه التي تلقي أغلبها عن طريق الآحاد؛ ويفتح الباب على مصراعيه لكل من أراد الطعن في شعائر الإسلام وتعاليمه بكون أدلته متوهمة مشكوكاً فيها، ويجلب لنا سوء الظن بسلفنا الصالح الذين تقبلوا هذه الأخبار وحكموا بها، واستباحوا بها الحرام، وسفكوا بها الدماء، وتصرفوا بها في سائر الأحكام، حيث اعتمدوا أدلة غير متحققة الثبوت.
    فيتسلط من ها هنا الأعداء عليهم بثلبهم وعيبهم بالتخرص والظن في الدين، ويكون هؤلاء العلماء هم الذين سلطوهم عليهم وعلى أنفسهم من حيث لا يشعرون، فنحن نتحقق أن أولئك الأئمة من السلف يرجعون إلى هذه الأخبار لصحتها عندهم، فلهذا يدعون لها سائر الآراء والاستحسانات، ولم يكونوا يقابلونها بشيء من الأقيسة أو القواعد أو أقوال المشايخ.
    وكل هذا مما يحقق لنا أن قد تبينوا ثبوتها، واستفادوا منها العلم اليقيني الذي لا تردد فيه البتة.
    وأمثلة قبولهم لها تأتي إن شاء الله في أدلة العمل بالأحاد.
    4- أن هؤلاء المخالفين لما رأوا شهرة قبولها، والرجوع إليها عن السلف وفي مؤلفات أئمتهم الذين قلدوهم في الفروع - لم يجدوا بداً من الحكم بقبولها في الأعمال، وهذا تناقض ومخالفة لما اعتقدوه من كونها ظنية الثبوت.
    وما ذاك إلا لأن الأصل براءة الذمة، فلا تثبت التكاليف بخبر يمكن أن يكون موضوعاً مختلقاً.
    وقد اعتقدوا أن السلف إنما عملوا بها وإن كانت مظنونة لأن أدلة العمل يجوز أن تكون ظنية.
    وهذا خطأ على السلف، فإنهم لو لم يكونوا يقطعون بصحتها لم يقدموا على العمل بموجبها، وإثبات الأحكام بها أصولاً وفروعاً كما سيجيء إن شاء الله.
    وما أدري ما حال عبادات هؤلاء التي فعلوها وقد قارن أنفسهم من الشك والريب في صحة أدلتها ما لابدَّ لهم منه بموجب مذهبهم.
    ولا شك أن من كان بهذا الاعتقاد لن ينفك من الوساوس في كل قربة يأتي بها، أو أمر يمتثله، من كون ذلك بدعة أو مغيراً عن وضعه الأصلي.
    ولا بد أيضاً أن يعتقد أن شريعة الله قد اختلط بها ما ليس منها، وامتزجت بما هو كذب، وأنه ليس في الإمكان تخليص دين الله من تلك البدع التي دخلت فيه بموجب تلك الأخبار التي يمكن كونها مكذوبة، ومن ظن شيئاً من ذلك فقد أجاز على المؤمنين أن تكون قرباتهم صادرة عن جهل، ومبعدة لهم عن الله، وجوز على الدين أن يكون قد تنوسي منه الكثير، وتغير ما فيه عما كان عليه، وعبثت به الأيدي، وكل هذا خلاف ما تقتضيه حكمة الله، وخلاف اعتقاد المسلمين جميعاً، وهو من لازم قول هؤلاء شاؤوا أم أبوا.
    5- أنهم مع توقفهم في صحة أخبار أولئك الثقات من السلف يصدقون بما تلقوه عن رؤوس الجهمية والمعتزلة، من تلك الأدلة يزعمونها براهين عقلية، وهي في الحقيقة خيالات وتمويهات، ولكنها مع ذلك تفيد العلم عندهم. وما ذاك إلا لثقتهم بمشايخهم الذين علموهم تلك القواعد، مع أن المرجع فيها غالباً إلى الفلاسفة، وضلال الصابئة والمجوس واليونان، ونحوهم من الكفرة. فلم يعطوها حكم الآحاد الذي جعلوه للأخبار النبوية، وهو كونها مظنونة متوقفاً في ثبوتها.
    6- أنهم يتحققون نسبة أقوال أئمتهم إليهم، ويجزمون بكونها مذاهب لهم، ويجادلون عنها ويتفاوتون في نصرتها؛ ولو شك فيها أحد لأنكروا عليه واستجهلوه.
    مع أن نقلها عن أولئك الأئمة إنما كان عن طريق الآحاد.
    ومع ما يوجد بينها من التضارب والتناقض أحياناً مما يوضح أن قد دخلها الوهم والتغيير.
    ولم يكن شيء من ذلك سبباً لتوقفهم فيها، ولم يعطوها حكم الآحاد في أنها مظنونة لا تفيد اليقين.
    7- أن من المتيقن عندهم أيضاً نسبة المؤلفات التي بأيديهم في سائر العلوم إلى أهلها، وإضافة ما نقلوه منها إلى من اشتهرت باسمه عن طريق الجزم، مع استمرار العزو إليها وإلى مؤلفيها، مع أنها لم ترو في الغالب عن أربابها إلا بأسانيد محصورة لا تخرج عن كونها آحاداً.
    ولم يوجد من ينكر صحة نسبتها أو يعطيها أحد حكم الآحاد.
    بل إنهم يتحققون نسبة مؤلفات من قبل الإسلام بزمن طويل، ككتب أرسطو ونحوه، مع ما تعرضت له من العبث بها والتصرف فيها. وكل هذا لم يمنع كونها صحيحة عمن نسبت إليه، مقطوعاً بها.
    8- ما هو متداول بين المسلمين وغيرهم من نسبة كل قول إلى قائله، وقبوله ممن نقله وإن كان واحداً، ومعاملة قائله بموجبة مدحاً أو ذماً.
    وهذا ما لا يمكن إنكاره؛ ولم يسمع أن أحداً قال: إنه لا يفيد العلم، أو لا يصدق باطناً، كما جعلوا ذلك لخبر الآحاد في الحديث النبوي.
    9- اعتماد كل تلميذ على أنواع العلوم التي يتلقاها عن شيخه، واعتقادها، والتفريع عليها، والذب عنها، مع أن أستاذه فيها واحد، نقلها عمن فوقه، وقد يكون أيضاً واحداً. ولكن لثقته بشيخه، ومعرفته منه الصدق والعدالة، لم يوجد منه التوقف فيها، ولا قال أحد إنها لا تفيد إلا الظن.
    فلو أعطاها هؤلاء حكم الآحاد الذي زعموه للأخبار النبوية لما كانوا على يقين من علومهم العقلية والنقلية ولا محيص لهم من أحد أمرين:
    أ- الاعتراف بأن جميع ما تعلموه وما يعتقدونه كله ظن.
    ب_ القول بأن علماءهم امتازوا عن سلف الأمة ونقلة الحديث وفضلوهم، بحيث صار خبر علمائهم يفيد اليقين، وخبر المحدثين عن نبيهم مهما بلغوا من الصدق و الثقة و الحفظ و الديانة إنما يفيد الظن، وهذه مباهتة، يردها العقل وواقع الأمر.

    10- أن كل عاقل يضطر إلى الجزم بخبر العدل بعقله، وإن أنكر ذلك بلسانه عنادا‌ً، وشاهد الحال أوضح برهان على ذلك؛ فإن الإنسان يسمع خبراً بقدوم صاحبه أو قريبه فيتلقاه من بعيد، أو يزوره، مع ما يناله في ذلك من المشقة أحياناً أو الانقطاع عن العمل، ويعمل بخبر رسول صاحبه إليه فيعطيه ما طلبه ولو نفيساً، وقد يذهب معه تاركاً أعماله وأمواله ولو خالجه شك أو توهم في صدق هذا الخبر لما أقدم على إنهاك بدنه، أو إضاعة وقته، فلا بد أنه جازم بصحة الخبر الذي نقله فرد من عامة الناس، ومما لا يستطاع إنكاره عمل العوام بخبر الواحد، وهم لا يعرفون هذا الاصطلاح، فترى أحدهم يقدم على تجشم المشاق، وركوب الأخطار لمجرد خبر قد يكون بكتاب أو بهاتف ونحو ذلك، فيبني عليه أسفاراً ونفقات، وإضاعة أوقات، لجزمه بصدق ذلك القائل.
    وهكذا تقوم حركات الناس في أسواقهم على خبر الواحد، فتراهم يزيدون في قيم السلع أو ينقصون، أو يجلبونها إلى البلاد النائية ونحو ذلك بناء على نشرة أو إذاعة أو مكالمة وما ذاك إلا لاعتقادهم صحة الخبر، وتجربتهم صدقه مرة بعد مرة.
    11- ما هو متواتر عن السلف والمحدثين وغيرهم من جزمهم بالأحاديث النبوية كثيراً، وإضافتها إلى النبي صلى الله عليه وسلم تصريحاً، وحكمهم بصحة ما ثبت عندهم منها، وهكذا تفريقهم عند نسبتها إلى النبي صلى الله عليه وسلم بين الصحيح والضعيف والمشكوك فيه، بحيث يذكرون الأول بصيغة الجزم، والثاني بصيغة التمريض، مما هو صريح في قطعهم بالصحيح، وعلمهم بصدوره عمن نسب إليه. ولو كان الجميع سواء في إفادة الظن لما فرقوا بينهما بما ذكر.
    فأنت تراهم دائماً يقولون: صح عنه صلى الله عليه وسلم كذا، وأمر بكذا، أو قال كذا، أو فعل كذا، فعند شكهم في صحة الخبر يعدلون عن الجزم إلى عبارة تفيد توقفهم في صحته، كقولهم: يُذكر عنه كذا، أو يروى، أو روي أو حكي، أو نحو ذلك.
    فجزمهم بنسبة الأول صريح في قطعهم بصحته، وعلمهم بما تضمنه.
    وعدولهم في الثاني عن صيغة الجزم إلى صيغة التمريض كما مثل دليل أنه إنما يفيد الظن عندهم أو الوهم، وهذا عمل مستمر بين المحدثين و علماء السنة من غير نكير، و ليس مرادهم الحكم بصحة السند فقط، كما توهمه بعض أهل الظن، فقد اشتهر عنهم التفريق في التصحيح بين صحة السند وصحة المتن، حيث يقولون للأول: إسناده صحيح، أو صحيح الإسناد، وللثاني حديث صحيح ونحوه.
    12- إجماع سلف الأمة وأئمتها من الصحابة ومن بعدهم من علماء الأمة في كل زمان ومكان على تلقي هذه الأخبار بالقبول، والعمل بها، وترك الآراء والمذاهب لأجلها، ومن رد منها شيئاً اشتغل بتأويله وصرفه عن ظاهره لئلا يرد عليه مما يدل على تصديقه لها.
    وإن وجد بين الأمة من أعلن رد شيء منها بدون تأويل لم يكن معتبراً، ولا خارقاً للإجماع لشذوذه.
    فقبول علماء الأمة ومجتهديها لهذه الأخبار بدون توقف ولا معارضة لها بأصول أو مذاهب يحقق أن قد اطمأنوا إلى صحتها، وتيقنوا ثبوتها، وذلك كحديث: (لا وصية لوارث). وحديث أخذ الجزية من المجوس وأحاديث إثبات الشفعة، وزكاة الفطر، وتحريم بيع الولاء وهبته وأن الولاء لمن أعتق، وأمثالها كثير، مما لم يتوقف أحد من علماء الأمة المعتبرين في العمل به أو تصديقه.
    بل إن جمهور أحاديث الصحيحين قد تقبلتها الأمة وعملت بموجبها، وذلك تصديق لها يقيناً، كما احتج بذلك بعض أجلاء العلماء على ما اختاروه من إفادتها العلم اليقيني، كابن الصلاح، وأبي طاهر النسفي وغيرهما كما سبق. وليس المراد إجماع أفراد من ينتسب إلى الأمة من كل الفرق وفي جميع الأزمنة، فإن أهل البدع المخالفين لبعضها في الاعتقاد لا يحصل لهم العلم بما تواتر منها فضلاً عن الآحاد، فقد رد الروافض أحاديث فضائل الصحابة رضي الله عنهم مع تنوعها؛ وكذا أحاديث المسح على الخفين، ، وهي من التواتر المعنوي؛ ورد المعتزلة أحاديث الشفاعة ونحوها.
    فخلاف مثل هؤلاء لا يعتبر، حيث إنهم لا يقبلون إلا ما وافق أهواءهم؛ فقد قبلوا أحاديث كثيرة مما في الصحيحين أو غيرهما دن هذه في الصحة، واعتبروها أدلة يقينية مع أنها آحاد.
    ثم إن الاعتبار في الإجماع على كل فن بأهله المشتغلين به، فلا تضر مخالفة من أعرض عنه واشتغل بغيره، كما لا تضر مخالفة أهل الطب والعربية وأهل الكلام في هذا الباب، لعدم أهليتهم لمعرفة طرقه ومتونه ونقلته ونحو ذلك.
    ثم إنه لا يُراد أيضاً بالإجماع اتفاق كل فرد من الأمة على العمل بكل حديث من أحاديث الصحيحين، فقد استثنى ابن حجر وغيره ما تعقبهما عليه أحد الحفاظ، أو وقع التجاذب بين مدلوليه.
    ولقد أتى على هذين الصحيحين أكثر من أحد عشر قرناً انتشر فيها ذكرهما في أقطار البلاد، وبين طبقات المسلمين، في شرق البلاد وغربها، وما زال علماء المسلمين ينقلون منهما، ويستدلون بأحاديثهما، ويرجعون إليهما عند التنازع.
    وقَلًَّ أن يوجد مؤلف في العبادات أو الاعتقادات لعالم معتبر إلا وفيه ذكر الصحيحين أو مؤلفيهما، أو النقل منهما أو من أحدهما.
    ولم يذكر عن أحد من العلماء المعتبرين طوال هذه القرون الطعن على الشيخين بعدم الحفظ، أو أن ما في الكتابين غير ثابت أو نحو ذلك.
    ولقد نشرت مجلة العربي الصادرة في الكويت في عدد فبراير 1966م مقالاً للأستاذ عبدالوارث كبير، يفيد الطعن على أحاديث في البخاري؛ فأثار هذا المقال حفائظ العلماء الغيورين على الدين، وأظهروا الاستياء والتسخط، وأعلنوا ذلك بمقالاتهم التي نشروها في أغلب المجلات والصحف، في أكثر البلاد الإسلامية؛ ثم بتأمل ذلك المقال الشنيع يتضح اتصاف قائله بالجهل المركب، سيما في علم الحديث رواية ودراية.
    فتعظيم الأمة لهذين الكتابين، والرجوع إلى أحاديثهما عند الاختلاف، والتشنيع على من ترك شيئاً مما فيهما ولو بتأويل، والنقل المستمر منهما عند أفراد العلماء، هذا وغيره مما حمل ابن الصلاح وغيره على الجزم بصحة ما فيهما سوى ما استثنى.
    وبهذا ونحوه تعلم ضعف ما تعقب به الأمير الصنعاني الإجماع على تلقي الصحيحين بالقبول، حيث أطال في توضيح الأفكار بأن دعوى الإجماع لا دليل عليها، وأن الإجماع متعذر، لقول الإمام أحمد: من ادَّعى الإجماع فقد كذب. وبأن الإجماع لا يتم إلا بعد عصرهما بزمان طويل، حتى ينتشرا في أقاصي بلاد الإسلام؛ وبأنه يغلب على الظن أن من المجتهدين من لا يعرفهما؛ وأن معرفتهما ليست شرطاً في صحة الاجتهاد، وأن الأمة إنما عصمت عن الضلالة لا عن الخطأ، فلا يلزم محذور من عمل الأمة بما ليس بصحيح خطأ، وأنه لا يلزم صحة ما فيهما بمجرد عمل الأمة به، فإن الحسن يعمل به ... إلخ.
    فيقال أما بينة دعوى الإجماع فتظهر بما ذكرناه من تعظيم الأمة لهذين الكتابين، وانتشارهما في بلاد الإسلام، ومن لم يعرفهما ولا شيئاً من أحاديثهما لم يكن قد عرف السنة، ولن يفهم القرآن وتعاليمه، فلا يسمى مجتهداً.
    فأما تكذيب أحمد لمدعي الإجماع فقيل من باب الورع، وقيل: إنه في حق من ليس له معرفة بالخلاف، كما صح عنه حكاية الإجماع في مواضع، فأما قبول الصحيحين في الجملة عند مجتهدي الأمة فهو مما لا يمكن جحوده، فلا يتصور أن فيه خلاف، ولو حدث خلاف له وجه من النظر لاعتبر ذكره واشتغل بجوابه. مع أن الصنعاني لم يصرح بمن هو مخالف في ذلك، وكأنه قصد خلاف الزيدية، وردهم لبعض الأحاديث المخالفة لمذهبهم كغيرهم، وعلى كل حال فقد جزم بالإجماع هنا جهابذة العلماء قبله وبعده.
    وقد حصل الإجماع قبل ذلك من الصحابة والتابعين وسلف الأمة على قبول مثل هذه الآحاد، والعمل بها وترك الاجتهاد لأجلها؛ مما يؤكد يقينهم بصحتها، وصدروها عمن نسبت إليه.
    ولا تعتبر مخالفة من تأخر عنهم أو من ليس من أهل صناعتهم، ذلك أن الاعتبار في كل علم بأهله، لا بمن أعرض عنه إلى سواه.
    فلا تعتبر مخالفة الخوارج، والمعتزلة، والشيعة ونحوهم، كما لا تعتبر مخالفة الأطباء والنحاة، والمتكلمين ونحوهم، ممن ليس لهم اشتغال بطرق الحديث ورجاله، وتتبع رواياته ومتابعاته، ونحو ذلك مما هو عمل أهل الحديث.
    وإن تحقق هذا الإجماع من مجتهدي الأمة وأتباعهم فإن الأمة معصومة أن تجتمع على خطأ أو ضلالة فإذا حصل الإجماع على اعتبار قياس أو ترجيح أحد الاحتمالين في النص، أو العمل بالحديث الحسن، دل ذلك على صحة ما أجمعوا عليه.
    وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتبر توافقهم حتى في الرؤيا كما قال: (أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر، فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر) يعني ليلة القدر.
    وإذا قدر جواز الخطأ على الواحد من أفراد الأمة فوقوعه من الجميع ممتنع، كما أن الواحد من نقلة المتواتر يجوز عليه الخطأ، ولا يجوز على المجموع.
    فخبر الواحد إن قيل: إنه بمجرده ظني، فإن تقبل الأمة له وعملها بموجبه يوجب أن يكون قطعياً، فإن عمل الأمة بما هو كذب في الباطن لا يجوز، لأنه خلاف ما ضمن الله لها من العصمة.
    فإذا روي في السنة خبر ليس بصحيح، فلا بد أن يوجد في الأمة من ينكره، ويبين بطلانه، ممن تقوم ببيانه الحجة.
    وقد حصل الإجماع على العمل بأغلب أحاديث الصحيحين وغيرهما، فدل على أنه صدق وحق في نفس الأمر، وإلا كان الإجماع منعقداً على العمل بما هو كذب، وهو مما يعلم بطلانه قطعاً.
    وأيضاً فإنه لا يجوز في الشريعة التباس الحق بالباطل دون دليل يتميز به كل من الآخر، فقد جعل الله على الحق من النور والضياء ما يعرفه به أهل المعرفة بالله وبدينه وبشرعه.
    أما أهل التقليد الأعمى، والإعراض عن شعائر الدين، فلا يستبعد أن يخفى عليهم الحق الواضح، لفقدهم البصر النافذ في دين الله، كما يشتبه الليل والنهار على من فقد عينيه اللتين يبصر بهما المحسوسات.
    فهؤلاء لما أظلمت قلوبهم، لخلوها من نور الله المستمد من شريعته، وإقبالها على زبالة الأذهان، ونحاتة الأفكار، لا جرم كذبوا بأحاديث نقلها خيار الأمة وأصدقها لهجة وصدقوا أقوالاً وترهات توافق عقولهم، مع أنه لا حقيقة لها.

    13- الدليل السمعي المتفق عليه، وهو ما في القرآن من ذم أهل التخرص والظن، والنهي عن القول على الله بلا علم، كقوله تعالى: (ولا تقف ما ليس لك به علم)(الإسراء:36). وقوله: (قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطنا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون)(الأعراف:33). وقوله تعالى: (قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون)(الأنعام:148). وقوله: (وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون)(الأنعام:116). وقوله: (إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى)(النجم:23). وقوله: (وما لهم به من علم إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئاً)(النجم:28). وقوله: (وما يتبع أكثرهم إلا ظناً إن الظن لا يغني من الحق شيئاً إن الله عليم بما يفعلون)(يونس:36)، وقوله: حكاية عن الذين كفروا، على وجه الذم لهم: (إن نظن إلا ظناً وما نحن بمستيقنين)(الجاثية:32) وأمثال هذه الآيات كثير.
    لقد تضمنت هذه الآيات النهي عن القول على الله في دينه بلا علم، وعن اتباع الإنسان ما ليس له به علم، والنهي عن التعبد بموجب الظن وما تهواه النفس، وأخبر أن هذا الظن ليس من الحق في شيء.
    وما زال المسلمون في كل زمان ومكان يفتون بموجب هذه النصوص وإن كانت آحاداً، ويحلون بها أشياء ويحرمون أشياء، ويعاقبون على تركها، ولو كانت إنما تفيد الظن عندهم لدخلوا تحت قوله تعالى: (ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب)(النحل:116).
    فالقائلون بأنها ظنية ويجب العمل بها، يلزمهم القول بأن الله أمر بما نهى عنه، وما ذمه في هذه الآيات، حيث أوجب أن نحكم في دينه وشرعه بأدلة متوهمة، وقد نهانا عن التخرص في الدين، وأخبر أنه خلاف الهدى الذي جاءهم من ربهم، وإذاً فلا فرق بين أهل الظن وبين أولئك المشركين الذين قال الله فيهم: (إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون)(الأنعام:148).
    وقد نهى الله نبيه عليه الصلاة والسلام أن يقفوا ما ليس له به علم، بل جعل القول عليه بلا علم في منزلة فوق الشرك، كما في آية المحرمات في سورة الأعراف، حيث ترقى من الأسهل إلى الأشد، فبدأ بالفواحش، ثم بالإثم وهو أشد، ثم بالبغي وهو أعظم من الإثم، وبعده الشرك أشد منه، ثم القول على الله بلا علم، فأي ذم أبلغ من هذا.
    وقد تكلف بعض المتكلمين الجواب عن هذا الدليل، فذكر الآمدي وجهين في ذلك وهما:
    1- أن العمل بالآحاد عمدته الإجماع على وجوب العمل بها، لا خبر الواحد، وهذا الإجماع قطعي الدلالة لا ظني.
    2- حمل هذه الآيات على ذم الظن والتخرص في أمور الاعتقاد، وما لا بد فيه من اليقين، والجواب عن الأول: أنه وافق على وقوع الإجماع، وقد بينا أن الإجماع دليل القطع بالنص المجمع على العمل به.
    والجواب عن الثاني أنا نمنع التفريق بين الأصول والفروع، وسيأتي إن شاء الله أن الأصول مما تثبت بالآحاد، فالنهي عن الظن على عمومه في الجميع، ويراد به ما لم يكن مبنياً على دلائل وأمارات توجيه، بل هو مجرد وهم وتخمين.
    14- ما اشتهر عن الصحابة رضي الله عنهم من قبولهم للآحاد وتصديقهم بها، كما اشتهر عن أهل قباء من تحولهم إلى جهة الكعبة وهم في الصلاة، اعتماداً على خبر واحد، وهو من أوضح البراهين على حصول العلم لهم بصدقه، وإلا لما انصرفوا عن قبلة قد تحققوها اعتماداً على خبر لا يوجب إلا الظن.
    وكذا ما اشتهر عن أبي طلحة الأنصاري رضي الله عنه من بنائه على خبر الذي أفادهم بتحريم الخمر، حيث أتلفها، وكسر جرارها، وفي ذلك إضاعة لمال محترم، ولو لم يكن متحققاً صدق ذلك الخبر لما أقدم على الإتلاف، وأمثلة ذلك كثيرة يأتي بعضها إن شاء الله في أدلة العمل بالآحاد.
    15- ما اشتهر عن الصحابة والسلف من الشهادة على الله وعلى رسوله بموجب هذه الأخبار، ولا شك أنهم لا يشهدون بما لا يعتقدون صحته.
    وقد قال تعالى: (وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً)(البقرة:143). فوصفهم بأنهم وسط أي عدول خيار، وبأنهم يشهدون على الناس، أي بأن الله أمرهم بكذا، وفرض كذا، وبلغهم دينه وأزال عذرهم.
    ثم هم ينقلون آثار نبيهم التي أمرهم بإثباتها، ويشهدون بكونها من دينه، وقد قرءوا قوله تعالى: (إلا من شهد بالحق وهم يعلمون)(الزخرف:86) وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل: (ترى الشمس)؟ قال: نعم، قال: (على مثلها فأشهد أو دع) صححه الحاكم.
    فشهادتهم بهذه الأخبار عن نبيهم توجب صدقهم اليقين بما قالوه لما عرف من عدالتهم، وتورعهم عما فيه شك أو تردد.
    16- قوله تعالى: (فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)(النحل:43)، وقوله تعالى: (فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون)(التوبة:122) ولو لا أن جواب أهل الذكر، وإنذار الطائفة قومها يفيد العلم لما أمر به فإن أهل الذكر يعم ما لو كان واحداً، والطائفة تعم الواحد، والإنذار هو الإعلام بما يفيد العلم ليحصل الحذر.
    وسيأتي إن شاء الله بسط دلالة الآيتين، والجواب عما يرد عليهما، في أدلة العمل.
    17- ما تواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم من بعثه الآحاد إلى أطرف البلاد، ليبلغوا عنه ما أمره الله بتبليغه من الدين، وليعلموهم شرائع الله.
    ولو لا أن أخبارهم تفيد العلم لم يحصل البلاغ، ولحصل التوقف من المدعوين، ولم ينقل أن أحداً منهم قال لمن علمه شيئاً من الدين، أو طلب منه جزية، أو زكاة أو نحوها: إن خبرك لا يفيد العلم، فأنا أتوقف حتى يتواتر الخبر بما ذكرت.وقد اكتفى صلى الله وسلم بتبليغهم عنه، وتعليمهم ما أمر الله به.
    وقد حصل بذلك تبليغ الرسالة الذي كلفه الله بها بقوله: (بلغ ما أنزل إليك من ربك)(المائدة:67). ونحوها منه ومن رسله وأتباعه بعده، وبذلك قامت حجة الله على الخلق، ومحال أن يحصل البلاغ بما فيه شك أو توهم.
    18- أن الله أمر برد ما يحصل فيه النزاع إليه وإلى رسوله في قوله تعالى: (فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر)(النساء:59)، وقال تعالى: (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم)(النور:63).
    والرد إلى الرسول هو الرد إليه في حياته، وإلى سنته بعد موته، ولو كانت سنته إنما تفيد الظن لم ينفصل النزاع بالرد إليها.
    ومن المعلوم أن أكثر أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم إنما رويت أحادية، ولم يزل سلف الأمة ومن تبعهم يتحاكمون إليها امتثالاً لهذا الأمر، ويجعلونها فاصلة للنزاع بينهم، ويرضون بها حكماً، ويشتد إنكارهم على من امتنع عن قبولها، ويخوفونه بالفتنة والعذاب الأليم الذي توعد الله به من خالف أمر رسوله صلى الله عليه وسلم، ولو كان أمره الوارد في هذه الأخبار لا يفيد يقيناً لكان المخالف له معذوراً عندهم، وهو خلاف الإجماع كما تقدم.
    19- ما صح عنه صلى الله عليه وسلم من أمره صلى الله عليه وسلم بالتبليغ عنه، وذمه لمن رد ما سمعه عنه، حيث قال: (لا ألفين أحدكم متكئاً على أريكته، يأتيه الأمر من أمري يقول: لا ندري ما هذا؟ بيننا وبينكم كتاب الله، ألا وأني أوتيت الكتاب ومثله معه). وقال في الحديث الصحيح عنه: (نضر الله امرءاً سمع مقالتي فوعاها وأداها كما سمعها، فرب مبلغ أوعى من سامع) فانظر كيف أمر كل فرد سمع علماً عنه بالتبليغ، ولو لا أنه يفيد العلم لم يأمر بقبوله، ولما توعد على رده، حيث إن في إمكان السامع أن يقول: خبرك مشكوك فيه، فلا يلزمني قبوله.
    فالنبي صلى الله عليه وسلم لا يأمر من التبليغ إلا بما تقوم به الحجة على السامع، ففي دعائه لمن حفظه عنه ثم بلغ ما حفظ ولو كان واحداً، ولو غير فقيه، وفي تحذيره من رد خبره أوضح دليل على حصول العلم لمن وصل إليه هذا العلم عن هذا الثقة الحافظ.
    وهذه صفة صحابته رضي الله عنهم، وهكذا فعلوا، وقد تقبل عنهم جمهور الأمة جميع ما نقلوه عن نبيهم موقنين بصحته.


    يتبع.......
    إذا كنتَ إمامي فكن أمامي

  2. #2

    افتراضي

    بارك الله فيك أخي متروي على هذا النقل النفيس.
    ----------------------------------
    إِنْ لَمْ يَكُنْ بِكَ غَضَبٌ عَليَّ فَلا أُبَالي ..

    اللهمّ إنّي أسْألُكَ أنْ أكُونَ مِنْ أذلِّ عِبَادِكَ إلَيْك ..
    ----------------------------------

    أما لنا –في أيام الفتن هذه- في سلفنا الصالح أسوة ؟!
    http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=29139

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Sep 2004
    المشاركات
    163
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    بارك الله فيك

    موضوع يستحق التثبيت لا سيما في ظل هذه الهجمة الشرسة على السنة .. والله المستعان!

    مشرف 1

  4. #4

    افتراضي

    الاخ مشرف
    لماذا حذفت اسالتي
    فهي شرعية و لا غبار عليها

    لماذا جمهور الفقهاء لا يجيزون نسخ القرآن بالسنة ؟
    التعديل الأخير تم 02-23-2010 الساعة 12:56 PM

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Oct 2007
    الدولة
    الجزائر
    المشاركات
    5,604
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    مثال لنسخ السنة للقرآن
    قال العلامة العثيمين في الأصول من علم الأصول حول نسخ القرآن بالسنة .
    [ هذا وجدناه في اللوطي ؛ اللوطي ، قال الله تعالى : { والذان يأتيانها منكم ((أي يأتيان الفاحشة ، واللذان للمذكر)) فآذوهما فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما إن الله كان توابا رحيما }.
    جاءت السنة بنسخ هذا فقال النبي : [ من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط ، فاقتلوا الفاعل والمفعول به ].
    إذا كنتَ إمامي فكن أمامي

  6. #6

    افتراضي

    يا سبحان الله
    هل الى هنا يصل التعصب
    هل ابن جبرين هو جمهور العلماء
    نحن اعلم بابن جبرين
    انا ممن كانوا يحضرون دروسه و لكنه عالم من العلماء و ليس جمهور العلماء كما طلبنا منك
    انظر ماذا يقول ابن الجوزي ( الذي بقدرة قادر سيصبح من الاشاعرة او من اهل الكلام بعد قليل )

    فق العلماء على جواز نسخ القرآن بالقرآن والسنة بالسنة، فأما نسخ القرآن بالسنة، فالسنة تنقسم قسمين:

    أحدهما: ما ثبت بنقل متواتر، كنقل القرآن، فهل يجوز أن ينسخ القرآن ؟ بمثل هذا حكى فيه شيخنا علي بن عبيد الله روايتين عن أحمد ا هنا قال: والمشهور أنه لا يجوز، وهو مذهب الثوري اضغط هنا والشافعي اضغط هنا والرواية الثانية يجوز: وهو قول أبي حنيفة اضغط هنا ومالك ا قال: ووجه الأولى: قوله تعالى مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا والسنة ليست مثلا للقرآن. وروى الدارقطني اضغط هنا من حديث جابر بن عبد الله اضغط هنا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كلامي لا ينسخ القرآن، والقرآن ينسخ بعضه بعضا) اضغط هنا .

    ومن جهة المعنى؛ فإن السنة تنقص عن درجة القرآن فلا تقدم عليه، ووجه الرواية الثانية، قوله تعالى: وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ والنسخ في الحقيقة بيان مدة المنسوخ، فاقتضت هذه الآية قبول هذا البيان، قال: وقد نسخت الوصية للوالدين والأقربين بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا وصية لوارث) اضغط هنا ونسخ قوله تعالى: وَلا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ بأمره عليه الصلاة والسلام، أن يقتل ابن خطل، وهو متعلق بأستار الكعبة اضغط هنا ومن جهة المعنى، أن السنة مفسرة للقرآن وكاشفة لما يغمض من معناه فجاز أن ينسخ بها. والقول الأول هو الصحيح، لأن هذه الأشياء تجري مجرى البيان للقرآن، "لا النسخ" وقد روى أبو داود السجستاني اضغط هنا قال: سمعت أحمد بن حنبل رضي الله عنه يقول: السنة تفسر القرآن، ولا ينسخ القرآن إلا القرآن، وكذلك قال الشافعي: إنما ينسخ الكتاب الكتاب والسنة ليست ناسخة له .

    والقسم الثاني: الأخبار المنقولة بنقل الآحاد فهذه لا يجوز بها نسخ القرآن، لأنها لا توجب العلم، بل تفيد الظن، والقرآن يوجب العلم، فلا يجوز ترك المقطوع به لأجل مظنون، وقد احتج من رأى جواز نسخ التواتر بخبر الواحد بقصة أهل قباء لما استداروا بقول واحد اضغط هنا فأجيب بأن قبلة بيت المقدس لم تثبت بالقرآن فجاز أن "تنسخ" بخبر الواحد



    وم من موقع سلقي ايضا
    http://www.qurancomplex.org/Display....b&f=nwasekh035

    انظر
    العلماء مختلفون في النسخ بالمتواتر
    و انت تنسخ بالآحاد
    و تأمل قول امامك ابن الجوزي السلفي القح بان حديث الواحد يفيد الظن و لا يفيد العلم

    و الآن
    تعال يا مشرف و احذف فهكذا علمناكم

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Oct 2007
    الدولة
    الجزائر
    المشاركات
    5,604
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    مشكلتك يا ابا ايمن انك تجهل أمورا كثيرة جدا في دين الله و مع ذلك تصر على التكلم بدون علم و لا زلت لا تعرف علماء اهل السنة من علماء الفرق الاخرى .
    و مع ذلك فقد ضربت لك مثلا عن نسخ السنة للقرآن فلما تكثر الكلام ألا تعرف ان العبرة بالدليل و ليست بأقوال الرجال
    فإن كنت تستطيع الجواب فأجب و إن لم يكن لك علم فاذهب و تعلم و لا داعي لإغراق المواضيع بلا فائدة و يبقى السؤال لك قائما هل الحكم المذكور في الاية منسوخ ام لا ؟؟؟؟؟
    إذا كنتَ إمامي فكن أمامي

  8. #8

    افتراضي

    نرجو من المتحاورين الهدوء وطولة البال

    فنحن والله نستفيد من هذا الحوار

    الان كيف لنا أن نعلم قول الجمهور في حديث الأحاد أيفيد الظن أو العلم؟؟ أرى أن الموضوع يحتاج الى حسم

    والله لقد أحترنا!!

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Oct 2007
    الدولة
    الجزائر
    المشاركات
    5,604
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    يا عساف هل التابعين و تابعيهم كانوا يأخذون هذه الاحاديث على انها ظن ام على انها يقين ؟ هل مالك عندما كتب موطأه كتبه على انه حق ام على انه ظنون ؟ هل احمد والبخاري و مسلم عندما كتبوا كتبهم كتبوها على انها يقين ام ظن ؟ هل لما فرقوا بين الحديث الصحيح و الحديث الحسن و الحديث الصحيح الاسناد فرقوا هكذا لعبا و لهوا أم انهم اذا قالوا هذا حديث صحيح معنى ذلك عندهم الجزم و اذا نزلوا به درجة فغلبوا الظن ؟ اذن هذه الامور واضحة عندهم تماما اذ من المستحيل ان تبني أمة محمد صلى الله عليه و سلم دينها على الظن ؟
    - ثم انظر بارك الله فيك كيف ان الذين قالوا ان حديث الاحاد يفيد الظن ألقوه كلية إذ لم يعد عندهم ظن فقط بل حولوه الى كذب صراح فرفظوا تماما الاخذ بالعقائد الموجودة فيه و مع ذلك اضطروا للأخذ به في الاحكام و العبادات و هذا والله هو الهوى المتبع تأخذ ما تشاء و تترك ما تشاء بلا ضابط ثن انظر هداك الله كيف ان من يقولون بظنية الحديث في العقائد اخذوا عقائدهم بعدها من الفلاسفة و من عقولهم رفضوا وصف رسول الله صلى الله عليه و سلم لربه بحديث يعترفون انها الظن الغالب عليها هو الصحة ثم اتبعوا اهواءهم يتقولون على الله بخرافات عقولهم .
    ثم اجماع أمة محمد صلى الله عليه و سلم على صحة الصحيحين طيلة اربعة عشر قرنا دليل قاطع على صحتها و الا فلن يصح في الاذهان شيئا.
    إذا كنتَ إمامي فكن أمامي

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    المشاركات
    5,513
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    يقول بعضهم ان حديث الأحاد يفيد الظن
    بداية ... وحتى لا نفتري عليهم قولا .. او نسيء فهم قولهم .. السؤال هو ماذا يعني " الظن " في قولهم هذا
    للحق وجه واحد
    ومذهبنا صواب لا يحتمل الخطأ ومذهب مخالفنا خطأ لا يحتمل الصواب
    "بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ"

  11. #11

    افتراضي

    الأخ متروي
    أنت سألتني:هل مالك عندما كتب موطأه كتبه على انه حق ام على انه ظنون ؟ هل احمد والبخاري و مسلم عندما كتبوا كتبهم كتبوها على انها يقين ام ظن ؟....الخ

    وأجيبك: بل كتبوا كتبهم وصنفوا مصنفاتهم واشتغلوا بالحديث بهدف انقاذ الدين واذهان الناس من المكذوب والموضوع والضعيف.. وليس بهدف الوصول الى يقين قطعي لأقوال الرسول.. هذا هو الهدف الأساسي والله اعلم


    أخ ناصر التوحيد
    الظن له عدة معان ولكن هنا نتحدث عن الظن ضد اليقين

    أبو أيمن
    ارجو أن تكمل بكل هدوء وبدون استفزاز لأحد . ونحن نطالب الادارة بعدم حذف أي مشاركة لك طالما كانت في حدود الأدب والذوق العام وفي صلب الموضوع وأنا متأكد بأن الادارة واعية ومنصفة

    فنحن هنا نبحث عن الحق حتى ولو كان خرج من فم يهودي
    التعديل الأخير تم 02-24-2010 الساعة 01:37 PM

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Oct 2007
    الدولة
    الجزائر
    المشاركات
    5,604
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    يا ابا ايمن
    قلت لك لا تغرق الموضوع بكلام لا معنى له أنا سألتك سؤالا فأجب عنه و إن لم يكن لك جواب فقل لا أعرف و انت لا مذهب لك تلتزم به فأعيد عليك السؤال :
    هل هذه الاية (واللذان ياتيانها منكم فاذوهما فان تابا واصلحا فاعرضوا عنهما ان الله كان توابا رحيما) منسوخة أم لا
    فإن كانت ليست منسوخة فهلا تفضلت بالشرح لنا ؟؟؟؟؟
    و إن كانت منسوخة فهات لنا الأية التي نسختها ؟؟؟؟؟؟؟

    ولا داعي للحيدة ؟؟؟؟؟؟؟؟؟
    إذا كنتَ إمامي فكن أمامي

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Oct 2007
    الدولة
    الجزائر
    المشاركات
    5,604
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    وأجيبك: بل كتبوا كتبهم وصنفوا مصنفاتهم واشتغلوا بالحديث بهدف انقاذ الدين واذهان الناس من المكذوب والموضوع والضعيف.. وليس بهدف الوصول الى يقين قطعي لأقوال الرسول.. هذا هو الهدف الأساسي والله اعلم
    فلماذا اذا قسموا درجات الصحيح إذا كانت كلها ظنية و لماذا لم يخرج البخاري و مسلم الاحاديث الصحيحة الاخرى التي ليست على شرطهما ؟؟؟؟
    إذا كنتَ إمامي فكن أمامي

  14. #14

    افتراضي

    الأخ متروي لماذا لا تأتي أقوال العلماء مباشرة عن حصول العلم بخبر الاحاد

    وما قولك فيما أتى به أبو أيمن من أقوال الجمهور في ظنية خبر الاحاد وعدم افادته العلم وما وجه اعتراضك عليه بالتحديد

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    المشاركات
    5,513
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    أخ ناصر التوحيد
    الظن له عدة معان ولكن هنا نتحدث عن الظن ضد اليقين
    وانا قلت :
    السؤال هو ماذا يعني " الظن " في قولهم هذا
    فالحديث هنا عن ماذا يعني " الظن " في قولهم هذا

    هنا نتحدث عن الظن ضد اليقين
    غلط
    اليقين هو الإدراك الجازم الذي لا تردد فيه
    والظن هنا هو التصديق الذي لا يعتريه شك
    بدليل الاية الكريمة :الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ
    الَّذِينَ يَظُنُّونَ يعني الذين يؤمنون ويوقنون ويعلمون

    جاء في تفسير ابن كثير :


    وقوله تعالى : ( الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم وأنهم إليه راجعون ) هذا من تمام الكلام الذي قبله ، أي : وإن الصلاة أو الوصاة لثقيلة إلا على الخاشعين الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم ، أي : [ يعلمون أنهم ] محشورون إليه يوم القيامة ، معروضون عليه ، وأنهم إليه راجعون ، أي : أمورهم راجعة إلى مشيئته ، يحكم فيها ما يشاء بعدله ، فلهذا لما أيقنوا بالمعاد والجزاء سهل عليهم فعل الطاعات وترك المنكرات .

    فأما قوله : ( يظنون أنهم ملاقو ربهم ) قال ابن جرير ، رحمه الله : العرب قد تسمي اليقين ظنا ، والشك ظنا ، نظير تسميتهم الظلمة سدفة ، والضياء سدفة ، والمغيث صارخا ، والمستغيث صارخا ، وما أشبه ذلك من الأسماء التي يسمى بها الشيء وضده ، كما قال دريد بن الصمة :

    فقلت لهم ظنوا بألفي مدجج سراتهم في الفارسي المسرد
    يعني بذلك : تيقنوا بألفي مدجج يأتيكم ، وقال عميرة بن طارق :

    بأن يعتزوا قومي وأقعد فيكم وأجعل مني الظن غيبا مرجما
    يعني : وأجعل مني اليقين غيبا مرجما ، قال : والشواهد من أشعار العرب وكلامها على أن الظن في معنى اليقين أكثر من أن تحصر ، وفيما ذكرنا لمن وفق لفهمه كفاية ، ومنه قول الله تعالى : ( ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها ) [ الكهف : 53 ] .

    ثم قال ابن جرير : حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا أبو عاصم ، حدثنا سفيان ، عن جابر ، عن مجاهد ، قال : كل ظن في القرآن يقين ، أي : ظننت وظنوا .

    وحدثني المثنى ، حدثنا إسحاق ، حدثنا أبو داود الحفري ، عن سفيان عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال : كل ظن في القرآن فهو علم . وهذا سند صحيح .

    وقال أبو جعفر الرازي ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية ، في قوله تعالى : ( الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم ) قال : الظن هاهنا يقين .

    قال ابن أبي حاتم : وروي عن مجاهد ، والسدي ، والربيع بن أنس ، وقتادة نحو قول أبي العالية .

    وقال سنيد ، عن حجاج ، عن ابن جريج : ( الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم ) علموا أنهم ملاقو ربهم ، كقوله : ( إني ظننت أني ملاق حسابيه ) [ الحاقة : 20 ] يقول : علمت .
    وكذا قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم .


    فالظن في مصطلح علم الحديث وعند علماء الحديث يعني اليقين والعلم

    فخبر الواحد يفيد العلم
    وهذا الواحد له اوصافه ومواصفاته
    نعم
    والاحاديث والاثار والاخبار تدل على وجوب التصديق والاخذ بما ثبت عن رسول الله ولو بخبر الواحد
    للحق وجه واحد
    ومذهبنا صواب لا يحتمل الخطأ ومذهب مخالفنا خطأ لا يحتمل الصواب
    "بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ"

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. ظنية الثبوت ومسألة إفادة خبر الآحاد للعلم
    بواسطة أبو مريم في المنتدى أبو مريم
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 06-28-2009, 06:34 AM
  2. ظنية الثبوت ومسألة إفادة خبر الآحاد للعلم
    بواسطة أبو مريم في المنتدى قسم الحوار عن الإسلام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 06-28-2009, 06:32 AM
  3. اتيت لأعلن عن ...
    بواسطة الحقيقةوالحق في المنتدى قسم الاستراحة والمقترحات والإعلانات
    مشاركات: 34
    آخر مشاركة: 03-10-2009, 09:50 PM
  4. مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 08-30-2005, 03:35 PM

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء