النتائج 1 إلى 15 من 15

الموضوع: ننتصرُ للسُّنَّةِ النبويَّةِ بالدِّفاعِ عنها؛ لا بالتَّشكيكِ فيها !!

  1. #1

    افتراضي ننتصرُ للسُّنَّةِ النبويَّةِ بالدِّفاعِ عنها؛ لا بالتَّشكيكِ فيها !!

    ننتصرُ للسُّنَّةِ النبويَّةِ
    بالدِّفاعِ عنها؛ لا بالتَّشكيكِ فيها!!

    ردًّا على الدكتور محمد سعيد حوّى:


    لفضيلة الشيخ: علي بن حسن الحلبي - حفظه الله -.

    (مِن المسلَّمات عند العُلماء المُسلمين: حُجِّيَّةُ السُّنَّة النبويَّة، وأنَّها المصدرُ الثاني للتشريع، وأن طاعة رسول الله -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- فرضٌ لازمٌ لا خيار للمسلم فيه)... هذا ما بدأ به الدكتور محمد سعيد حوّى -وفَّقَهُ اللهُ- مقالَهُ المُعَنْوَنَ بـ(كيف ننتصرُ للسُّنَّةِ النبويَّة؟)، والمنشور في (جريدة الدستور) -الأُردُنِّيَّةِ- بتاريخ: (11/ربيع الأول/ 1431هـ)، وهو بدايةٌ حَسَنَةٌ لِعُنوانٍ مُشَوِّقٍ؛ استغلَّ فيه عواطفَ عامَّةِ المُسلمين في إحيائِهم ذِكْرَى مولدِ رسولِ الله -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-!

    ولكنْ؛ سَرْعان ما نَقَضَ الكاتبُ -غَفَرَ اللهُ له- كلامَهُ بما يهدمُهُ مِن أصله، وينقضُهُ مِن أساسِهِ، وبأُسلوب غير علميٍّ، ليس فيه إلا تَكرارُ كلام الروافض والمستشرقين، وأذنابهم من المستغربين.ولا يشفعُ للدكتور حوّى -هداهُ اللهُ- تخصُّصُه (الأكاديميُّ!) -في عُلومِ السُّنَّةِ النبويَّة- في أنْ يُمَرِّرَ مثلَ هذه الشُّبُهات والطُّعونات -تحت اسم (السُّنَّة)-، وهي البعيدةُ البُعْدَ كُلَّهُ عن منهجيَّةِ عُلماءِ السُّنَّةِ النبويَّةِ الأعلام، وصَفاءِ قُلوبِ أهل السُّنَّةِ النبويَّة تُجاهَ سُنَّة نبيِّهم -عليه الصَّلاة والسلام-. وحتّى لا أُطيلَ في التقديم -فأتأخَّرَ عن البيانِ-؛ أذْكُرُ (أهمَّ) ما أخطأَ به الدُّكتور حوَّى -غَفَرَ اللهُ لهُ-، وأُتْبِعُهُ بالرَّدِّ والتوضيحِ -مُعْرِضاً عمَّا هو دون ذلك- وإلا لَطالَ بنا القولُ-:

    1- قال: (فعلَى الأرجحِ: لمْ تُدَوَّن السُّنَّةُ في حياتِهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلّم- إلا قليلاً جدًّا)! وهذا باطلٌ مِن القول والادِّعاء العريض! ولو كلَّفَ الدُّكتور حوَّى (!) نفسَهُ بمُراجعةِ كتاب «دراسات في الحديث النبويِّ» للدكتور محمد مصطفى الأعظمي -والذي نالَ عليه أرفعَ جائزةٍ علميَّةٍ إسلاميَّةٍ - لَعَرَفَ بُطلان دَعواهُ، ولأَيْقَنَ أنَّ تسلسلَ التَّدوين العلميّ للسُّنَّةِ النبويَّةِ بَدَأ مُنذُ عصرِ الرسول -صلّى اللهُ عليه وسلَّم-، مُروراً بعصرِ الصَّحابةِ، وإلى عَصرِ التابعين؛ فمَن بعدَهُم مِن غيرِ انقطاعٍ -وبصورةٍ كثيرةٍ كبيرةٍ-؛ لِيُطابِقَ ما في صُدورِ الحُفَّاظ ما في سُطور مُدَوِّنِي السُّنَّةِ، وكُتَّابِها، وجامِعِيها -رحِمَهُم اللهُ- أجمعين-.

    2- أمَّا استدلالُهُ -غَفَرَ اللهُ له- بحديثِ: «لا تكتُبُوا عنِّي، ومَن كَتَبَ عنِّي غيرَ القُرآن؛ فلْيَمْحُهُ»؛ فهو استدلالٌ منقوصٌ غيرُ قائم؛ إذ قد بيَّنَ الحافظُ الخطيبُ البغداديُّ في كتابِهِ «تقييد العِلم» الوجهَ الصحيحَ في فَهْمِ هذا الحديثِ، وأنَّهُ خشية «أنْ يُضاهَى بكتابِ الله -تعالى- غيرُهُ، وأنْ يُشتغَلَ عن القُرآنِ بسواه؛ فلمّا أُمِنَ ذلك، ودَعَت الحاجةُ إلى كَتْبِ العِلمِ لمْ يُكْرَهَ كَتْبُهُ» -كما هو نصُّ كلامِهِ -رحمهُ اللهُ-، والذي أقامَ كتابَهُ -كُلَّهُ- مِن أَجْلِ بيانِ الوَجْهِ الصحيحِ الحقِّ لهذا الحديثِ.

    3- أمَّا قولُهُ: (إنَّ معظمَ السُّنَّةِ النبويَّةِ رُوِيَتْ بروايةِ الآحادِ، أي: برواية الواحدِ، أو الاثنين، أو الثلاثة)! قلتُ: فكان ماذا؟! هل العبرةُ -في الصحَّةِ والثُّبوتِ- بعددِ الرُّواة، أمْ بثقتِهِم وجلالتِهِم؟ وهل أهملَ عُلماءُ الحديثِ الأفذاذُ هذه القضيَّةَ المهمَّةَ حتَّى يجيءَ -بعدَ قُرون وقرون!- مَن يستدرِكُ عليهم في بديهيَّةٍ مِن أهم بَدِيهِيَّاتِ عِلم مصطلح الحديث، وثبوت الأسانيد -وأوَّلِيَّاتِهِ-؟! فالأصلُ -ولا بُدَّ- هو: ثقةُ الرُّواة؛ فإنْ كَثُروا: زاد ذلك الحديثَ صحَّةً واطمئناناً؛ فكان نُوراً على نُور...

    4- أمّا ما ذَكَرَهُ الدُّكتور حوَّى مِن (ظاهرة نَقد المتن مِن قِبَلِ الصَّحابةِ أنفُسِهم؛ حيث لا سَنَدَ أصلاً حتَّى يُنقد، ولمْ يكن الصحابةُ يكذِّبُ بعضُهُم بعضاً)!! فهذه دَعْوَى غيرُ صحيحةٍ، وذلك مِن وُجوه:

    أ- أنَّ الصحيحَ المرويَّ مِن ذلك (النقد) يسيرٌ جدًّا، لا يشكِّلُ (ظاهرة) بالمعنى المُدَّعَى -ألْبَتَّة-.

    ب- أنَّ تَوَجُّهَ النقدِ كان لحِفظِ الرَّاوِي أصالةً، وليس تكذيباً له، أو نقضاً لخبرِهِ، وإنَّما مِن بابِ التخطئة لروايتِهِ -إنْ صحَّت تلك التخطئةُ وثَبَتَتْ-.

    جـ- أنَّ التخطئةَ التي وُوجِهَ بها بعضُ الصحابةِ مِن صحابةٍ آخَرِين -لمرويَّاتِهِم- وُوجِهَتْ -أحياناً- بتخطئةٍ مضادَّةٍ، وثباتٍ على أصلِ الرِّوايةِ؛ دونَ الْتِفاتٍ لهذا النقد، فضلاً عن تغييرٍ للرِّوايةِ. فليست التخطئةُ بذاتِها طريقاً للإيقانِ بالخطأِ -كما هو ظاهرٌ-.

    د- أنَّ نصَّ كلامِ عُمرَ بنِ الخطَّابِ -ولفظَهُ- في تخطئتِهِ لفاطمةَ بنت قيس -وقد أوْرَدَ قصَّتَها الدُّكتور حوَّى- بَيِّنٌ في تحقيقِ هذا المعنى، حيث قال -رضي اللهُ عنهُ-: «لا ندعُ كِتابَ الله وسُنَّةَ نبيِّنا لقَوْلِ امرأةٍ لا ندري أحفِظَتْ أمْ نَسِيَتْ»، وهذا الجُزْءُ مِن الحديثِ لمْ يذكُرْهُ الدُّكتور حوَّى؛ فلماذا؟!

    5- أمَّا (ظاهرة الرِّواية بالمعنى) التي أشارَ إليها الدُّكتور حوَّى؛ فليست هي بالصُّورةِ التي ادَّعاها، وبنَى عليها كلامَهُ بعدَها! وإنَّما الأمرُ فيها -مع التسليمِ بها- قائمٌ على ضوابط دقيقة، وشروط وثيقة؛ بَيَّنَها العُلماءُ، ودقَّقُوا فيها. ولعلَّهُ مِن هُنا بَدَأ نشوءُ (علمِ العِلَلِ)؛ الذي له أهلُهُ ورِجالُهُ -على مدارِ التَّارِيخِ العلميِّ الحديثيِّ -قديماً وحديثاً-. والحقُّ أنَّ الأصلَ في كُلِّ روايةٍ يرويها ثقةٌ حافظٌ أنْ تكونَ باللفظِ لا بالمعنى؛ فإنْ ثَبَتَ لنا أنَّها بالمعنى؛ نَظَرْنا: هل المعنى مُؤتَلفٌ، أم مُختلف؟! مُتَّفقٌ مع المُرادِ أمْ مُفترق؟! فليست القضيَّةُ فوضَى -مِن جهةٍ-، ولا دَعاوَى -مِن جهةٍ أُخْرَى-.

    6- أمَّا (ظاهرة التفرُّد والغرابة)، التي أشارَ إليها الدُّكتور حوَّى (والتي يُفْتَرَضُ أنْ تُروَى مِن روايةِ الجَمعِ أو العددِ) -كما قال!-؛ فهي دَعْوَى -أيضاً- منقوضةٌ جدًّا؛ إذ للتفرُّدِ أسبابُهُ العلميَّة أو الاجتماعية -كما بيَّنَهُ العُلماءُ-. ولعلَّ أكبرَ ردٍّ على هذه الدعوى: افتتاحُ الإمامِ البخاريِّ «صحيحَه» بِحديثِ: «إنَّما الأعمالُ بالنِّيَّات» -وهو فَرْدٌ-، واختتامُهُ -أيضاً- «صحيحَه» بحديث: «كلمتان خفيفتان على اللسان..» -وهو فَرْدٌ -أيضاً-. وأمّا الغرابةُ؛ فلها معنيان: معنى اصطلاحيّ، وهو لا يُعارِضُ الصِّحَّةَ والثُّبوتَ -مُطلَقاً-. ومعنى لُغَوِيّ، وهو معنىً نسبيٌّ جدًّا؛ فما قد يستغربُهُ (زيد) قد يقبلُهُ (عَمْرو)؛ فكان ماذا؟! أبمثلِ هذه الأوهامِ تُرَدُّ النُّصوصُ، وتُنقضُ المرويَّاتُ؟!

    7- ما ذكرَهُ الدُّكتور حوَّى من (ظاهرة الأخذ عن أهل الكتاب، ومِن ثمَّ رواية الكثير من الإسرائيليات المنكَرة) كلامٌ لا وزنَ له؛ وذلك مِن وجهَيْن:

    أ- أنَّهُ -أيضاً- ليس (ظاهرة) -ألْبَتَّة-، بل هو مفاريدُ ومُفردات ليس إلا؛ ثم إنَّ أهلَ العلمِ قد بيَّنُوا ذلك، ولمْ يسكُتُوا عنه، ولمْ يترُكُوه لمتمجهدِي القُرون الأخيرة!

    ب- أنَّ الاتِّكاءَ على هذه الدعوَى الباطلةِ لإقامةِ ادِّعاءات أُخْرَى -أكثرَ بُطلاناً- متفرِّعةٍ عنها -مِن أنَّ: هذا الحديثَ عن أهل الكتاب!! أو: ذاك الحديثَ مِن الإسرائيليَّات: يُشَكِّلُ عُدواناً صارِخاً قبيحاً على مناهج المحدِّثين الأصيلةِ، وقواعدِهم الراسخةِ التي هي أكبرُ فَخَارٍ عرفه التاريخ -كُلُّهُ- للعرب والمُسلمين؛ فقد بيَّنُوا كُلَّ ذلك، وكشفوا عن حقيقةِ ما هُنالِك...

    8- قولُ الدُّكتور حوَّى: (ظاهرة المذهبيَّة العقديَّة والفقهيَّة والتحزُّب لكلِّ مذهب، وكان لذلك آثار خطيرة في الرواية والرُّواة)!! كذا قال -هداهُ اللهُ-، وكأنَّهُ اكتشافٌ عصريٌّ جديدٌ!! فأقولُ: ألَمْ يكشفْ عُلماءُ الحديثِ عن هذا الخَلَل في عُصورِهِم الأُولَى؟! ألمْ ينقُد عُلماءُ الحديثِ الرُّواةَ -على تنوُّعِ أفكارِهِم-، ويُفنِّدُوا عقائدَهُم ومذهبيَّاتِهم؟! ألَمْ يكُنْ لِعُلْماء الحديثِ المنهجيَّةُ الدقيقةُ في الأخذِ عن هؤلاء المذهبيِّين، وتمييز رواياتهم المقبولة والمرذولة؟! ولكنْ؛ حقًّا: إن (ظاهرة المذهبيَّة العقديّة والفقهيَّة) أثَّرَتْ جدًّا في عُقولِ عددٍ ليس بالقليل من الأكاديميِّين العصرانيِّين -تأثُّراً بالمُستشرِقين، أو الروافض!-؛ للتشكيكِ بمُسَلَّماتِ أهل الإسلام، والطعنِ بأحاديث النبيِّ -عليه الصلاة والسلام-...

    9- قول الدكتور حوَّى: (ظُهور روايات وطُرُق لأحاديث في كُتُب متأخِّرَة، لم تكن معروفة في القُرونِ الأُولَى، ولا في المدوَّنات المعتبرة -كالكتب التسعة-)!! فهذا من الدكتور حوَّى دليلٌ عَمَلِيٌّ تطبيقيٌّ على تأثُّرِهِ بالمُستشرِقين وأذنابِهِم؛ إذ إنَّ مُصطلَح (الكُتُب التِّسعة) مُصطلحٌ استشراقيٌّ صِرْفٌ؛ لمْ يعرِفْهُ أهلُ الحديثِ إلا بعدَ تأليفِ مُستشرِقِي (جامعة لَيْدن - هولندا) كتابَهُم «المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبويّ» -أوائل القرن العشرين-؛ بخلاف مُصطلح (الكتب الستَّة)، أو مُصطلح (السنن الأربعة)؛ اللذَيْنِ كانا معروفَيْن لِعُلماءِ الحديثِ -مِن قَبْلُ ومِن بَعْدُ-. ثُمَّ يُقالُ: ما ليس معروفاً (عندك!) هو معروفٌ عند (غيرِك!) -يقيناً-، وما لم يُطبع مِن كُتُبِ السُّنَّة هذه الأيّام لا يدلُّ على أنَّهُ لمْ يكُنْ معروفاً أيّام الرِّواية، والجَمْع، والتخريج! فلا تخلِط!

    10- قولُ الدُّكتور حوَّى: (ظُهور الاختلاف بين النُّسَخ الخطيَّة..) يُريد: لكتب الحديث النبويّ! فكان ماذا؟! أمْ أنَّهُ (تشكيك) جديد، ومِن زاويةٍ أُخْرَى؟! وهل معرفةُ ذلك، وإدراكُهُ -على التحقيقِ- أمْرٌ أُغْفِلَ بيانُهُ والتنبيهُ عليه مِن جهةِ عُلمائنا الأبرار، وأئمَّتنا الكِبار؟! أين أنت -أيها الدكتور- مِن «فتح الباري» وضبطه الدقيق -جدًّا- لكلِّ لفظ، أو كلمةٍ، أو حتَّى حرف- فيما تعرَّضَ له في شَرْحِهِ لـ«صحيح البخاري» -«صحيح» أهل الإسلام -على مرِّ الأزمان-؟! وعليه؛ فإنَّ ما ذَكَرَهُ الدُّكتور حوَّى -بَعدُ- مِن الإشارةِ إلى «شرح البخاري» -حُجَّةٌ عليه، لا له -لِمَن يعقلُ-!

    وأمّا «سُنَن الترمذي» -واختلافُ نُسَخِهِ-؛ فلمْ يذكُرْ لنا الدُّكتور حوَّى: هل هذا الفرقُ المُدَّعَى- وقد بيَّنَهُ العُلماءُ في تحقيقاتِهِم، ورجَّحُوا الصحيحَ منهُ -قديماً وحديثاً-، فَرْقٌ مُؤثِّرٌ على أصلِ الثُّبوت والصحَّة؟! أمْ أنَّ ذِكْرَهُ والإشارةَ إليه -هُنا- مُجرَّد تشغيب؟!!

    11- إشارتُهُ لـ(عِلم العِلل)، وقولُه -بعد- في وَصْفِهِ بكونِهِ: (ميداناً فسيحاً للاجتهادِ والنَّظَرِ)؛ أقولُ: بضوابطَ دقيقةٍ جدًّا -أوَّلاً-، ولمن هو لذلك أهلٌ -ثانياً-، مع عدم التسليم بكُلِّ ما يُذكَرُ فيه -ثالثاً-. ثُمَّ؛ هل انتقاداتُ الدُّكتور حوَّى لأحاديث «الصحيحَيْن» -أو أحدهما- قائمةٌ على هذا العلم الحديثيِّ الدقيق؟! أمْ أنَّها عنهُ بمَعْزل، ومنه بأبعد منزل!؟! وما ردُّنا عليه -فيما أثارَهُ على عددٍ مِن أحاديث «الصحيحَين» في بعضِ مقالاتِهِ -قبل شهورٍ-في كتابِنا «ردّ الدَّعوَى، وصدّ اعتداءات الدكتور محمد سعيد حوّى» إلا دليلاً واضحاً على بُعد حقيقتِهِ عن دَعواه.

    12- زَعْمُهُ بأنَّ (علم الجرحِ والتعديلِ): (ما زالت قضاياهُ بحاجةٍ إلى تحريرٍ دقيق!): زَعْمٌ باطِلٌ؛ ذلكم بأنَّ هذا العلمَ العظيمَ توافَرَتْ على ضَبْطِهِ وتحرير مسائلِهِ جُهودٌ جبّارة، من عُلماء موسوعيِّين، عاشُوا للسُّنَّةِ، وأفْنَوْا أعمارَهُم في حِفْظِها وضَبْطِها -قُروناً مُتَعَدِّدَةً-؛ فكيف يَزْعُمُ خلافَ ذلك مَن لا يستطيعُ (!) أنْ يدَّعِي المقارنةَ بهم، فضلاً عن التفوُّق عليهم؟!

    13- وتمثيلُ الدُّكتور حوَّى على النقطة السابقة بـ(مفهوم الصحابيِّ الذي نُثْبِتُ له العدالة المُطلقة) التقاءٌ مع آراء الروافض الذين لا يُقيمُونَ للصحابةِ الكِرام وَزناً، ولا يَرفَعُونَ بهم رأساً؛ والذين بَنَوا كثيراً مِن آرائهِم الرافضيَّةِ الباطلةِ -تلك- على نقض مفهوم (الصحابي) عند أهل السُّنَّة -أصلاً-كما يُحاول به الدكتور حوَّى-! أمْ أنَّ هذا منهُ -غَفَرَ اللهُ له- بدايةٌ لمغازلةٍ سياسيَّةٍ مذهبيَّةٍ (!) لها خلفيَّاتها، ولها نتائجُها؟!!

    14- أمّا (مُشكلة الاختلاف بين العُلماء في الجرح والتعديل، والحُكْم على الرُّواة!) -التي أعطاها الدُّكتور حوَّى بُعداً آخَرَ غيرَ علميٍّ-؛ فهي مشكلةٌ محلولةٌ عند عُلمائِنا منذُ العُصورِ العلميَّة الأُولَى؛ فلهم -رحمهُم الله- (قواعدُ) في معرفة العُلماء المتشدِّدين والمُتساهلين، و(قواعدُ) في تعارُض الجرح المفسَّر مع التعديل، و(قواعدُ) في أصل قَبُول الجرح المفسَّر، و(قواعدُ) في: متَى يُقبَلُ الجرح إذا كان مُبهماً، و(قواعدُ) في قَبُولِ التعديلِ على الإبهامِ... وهكذا!! فهل يُريدُ الدُّكتور حوَّى -بسطُورِهِ القليلة هذه!- طيَّ صفحة هذا العِلم العالي الدقيق، أو التشكيك بمنهجيَّتِهِ و(قواعده) في الضَّبطِ والتوثيق؟!

    15- وما أجملَ قولَ الدكتور حوَّى -في وسط مقالِهِ!-: (نهضَ عُلماءُ أفذاذٌ جهابذةٌ حُفَّاظٌ ليحرِّرُوا السُّنَّةَ، ويذودوا عن حِياضِها قَدْرَ الاستطاعةِ البشريَّةِ!)؛ فأقولُ: نَعَمْ؛ هُم كذلك -بحمدِ الله- قديماً وحديثاً-، ولذلك لمْ يترُكُوا المجالَ -جزاهُمُ اللهُ خيراً- لأهلِ الأهواءِ الأقدَمِين، ولا لأفراخِهِم المُعاصِرِين: بأنْ يُمِرُّوا باطلَهُم الآثِمَ -تشكيكاً بالسُّنَّةِ المطهَّرَة- تحت سِتار: (حريَّة الفِكر)! وتحت مظلَّة: (الحِفاظ على القُرآن)! وتحت لواء: (العقل)!! وما أشبهَ ذلك من شعارات ظاهرُها فيه الرحمة، وباطنها مِن قِبَلِها العذاب! وإلا؛ فبالله عليك -يا دُكتور حوَّى-: مَن مِن هؤلاء (العُلماء الأفذاذ الجهابذة الحفَّاظ) طعَنَ في «الصحيحَيْن» -أو أحدِهِما- (بمِثلِ) ما طَعَنْتَ، أو -حتّى- (بنحوِ) ما طَعَنْتَ؟! بل أقولُ: هل سَكَتُوا عن الردِّ على مِثلِ عملِك وصنيعِك؟! أم ردُّوا، ونقضُوا، وكشفوا، وبيَّنُوا؟!

    ونحن -بمنَّةِ الله- على طريقِهِم سائرون، وبأنوارِهِم مُهتَدُون، ولمنهجِهِم مُقْتَفُون...


    إنْ لمْ تكونُوا مثلَهُم فتشبَّهُوا * * * * * إنَّ التشبُّهَ بالكــرامِ فـلاحُ

    16- أمَّا قولُهُ: (قرَّرَ العُلماءُ المحقِّقُونَ أنَّ السُّنَّةَ الآحاديةَ الصحيحةَ -فضلاً عن الضعيفة- ظنِّيَّةُ الثُّبوت)! فحشرُهُ لـ(الضعيفة) -ها هُنا- إقحامٌ لا مُرادَ منهُ إلا التشويش؛ لاتِّفاقِ الجميعِ على ردِّ الأحاديثِ الضعيفة، ونفيِ نسبتِها إلى رسول الله -صلَّى اللهُ عليه وسلّم-. أمّا (الظنُّ)، و(الآحادُ) -وغيرُهما-؛ فاصطلاحاتٌ كلاميَّةٌ أكثرُ منها اصطلاحاتٍ حديثيَّةً؛ لذلك لا نُعوِّلُ عليها كثيراً، ولا نَقِفُ عندَها كثيراً، وإنّما يكونُ اهتمامُنا -كُلُّهُ- متوجِّهاً إلى الثَّمَرَةِ العَمَلِيَّةِ مِن وَراءِ مثلِ هذه الاصطلاحاتِ -إثباتاً ونَفْياً-؟! فما دامَ الحديثُ صحيحاً جامعاً لشروطِ الصحَّة -سنداً ومَتناً-؛ فلا يُلتفَتُ إلى أوهامِ التخطئةِ والتغليط بالظَّنِّ الباطل، والرأي العاطِل، ولا يُلتفَتُ إلى المُصطلحِ الحادِثِ الدخيل؛ لِيُحْكَمَ به على الحقِّ الراسِخِ الأصيل...

    17- أمّا دَعْوَى (الاحتمال في عدم ثُبوتِ الحديثِ الآحاديِّ ظاهر الصِّحَّةِ) -على حدِّ زَعْمِ الدُّكتور حوَّى!-؛ فهي دعوَى -أيضاً- غيرُ قائمةٍ؛ باعتبارِ أنَّ مِن الاحتمالِ -أصلاً- ما هو راجحٌ، ومنه ما هو مرجوحٌ، والمرجوحُ لا وَزْنَ له، ولا قيمةَ له؛ وإلا دَخَلْنا -وأدخَلْناكُم!- في متاهاتٍ لا تستطيعُونَ الفرارَ منها -كإثْباتِ النَّسَبِ- مثلاً-!!! أمْ أنَّكُم (ترفُضونَ) هذا، وتقبَلُونَ ذاك -ضربةَ لازِبٍ-؟!
    التعديل الأخير تم 03-07-2010 الساعة 02:04 PM
    ----------------------------------
    إِنْ لَمْ يَكُنْ بِكَ غَضَبٌ عَليَّ فَلا أُبَالي ..

    اللهمّ إنّي أسْألُكَ أنْ أكُونَ مِنْ أذلِّ عِبَادِكَ إلَيْك ..
    ----------------------------------

    أما لنا –في أيام الفتن هذه- في سلفنا الصالح أسوة ؟!
    http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=29139

  2. #2

    افتراضي

    فلماذا هذا التشكيكُ -إذنْ-، وبعباراتٍ مُوهمةٍ، لا وَجْهَ لها في الحقِّ عندَ التطبيقِ العَمَلِيِّ لها في أرضِ الواقعِ؟!

    18- أمَّا نقلُهُ عن الشيخ الألبانيِّ -وقد وَصَفَهُ بأنَّهُ (مِن كِبارِ عُلماءِ الحديثِ في هذا العصرِ!) -في نقلِهِ عن الشيخِ الغُمارِيِّ حولَ انتقادِ شيءٍ مِن أحاديثِ «الصحيحين»؛ فقد بَتَرَ الدُّكتُور حوَّى -هداهُ اللهُ- مِن كلامِ النّاقِلِ والمنقولِ عنه -كِلَيْهِما- أهمَّ شيءٍ فيه، وهو التعليلُ لسبَبِ ذاك الانتقادِ!!

    ذلكُمْ أنَّ كلامَ الشيخِ الغُمارِيِّ -المنقولَ- مُعَلَّلٌ بقولِهِ -في آخِرِ كلامِهِ-: «المُرادُ أنْ يُوجَدَ فيهِما أحاديثُ غير صحيحة؛ لمخالفتِها للواقعِ»؛ وأمّا الناقلُ -وهو الشيخُ الألبانيُّ-، فقد تعقَّبَ هذه الجُملةَ -بالذّات- قائلاً: «أتخوَّفُ مِن قولِ الغُماريِّ -أخيراً-: «لمُخالفتِها للواقعِ!»؛ لِـمَا يُخشَى مِن التوسُّعِ في ذلك».

    أقولُ: وهذا ما حدَثَ -فِعْلاً-؛ كما هو حالُ الدُّكتور حوَّى في (توسُّعِهِ) النَّقدِيِّ (!) بما لمْ يُسبَقْ إليه مِن عامَّةِ أهل الحديثِ -سَلَفاً وَخَلَفاً- في قليلٍ أو كثيرٍ-...نعَم: سابِقوه هُم الروافضُ والمستشرِقُون -حَسْبُ-؛ فَلْيَهْنَأ بهم مِن سَلَف! هذا وَجْهٌ.

    ووَجْهٌ آخَرُ: أنَّ نَقْلَ الشيخ الألباني لكلامِ الغُماريِّ كان مِن بابِ الإلزامِ لأحدِ تلاميذِ الغُماريِّ -ممَّن كان الشيخُ يَرُدُّ عليهم في ذلك المقام-، وليس النقلُ -منهُ- ابتداءً وأصالةً؛ وفَرْقٌ بينَ الأمرَيْنِ -جدًّا-.

    وأمَّا الوجهُ الثالثُ؛ فكلامٌ عزيزٌ جدًّا للشيخِ الألبانيِّ -رحمهُ اللهُ- ذَكَرَهُ في مقدِّمَتِهِ على «شرح العقيدةِ الطحاويَّةِ» -لا أظنُّ الدُّكتور حوَّى يعرفُه! فإنْ عَرَفَهُ وكَتَمَهُ: فالمُصيبةُ أعظمُ!!- حيثُ قالَ:

    «و«الصحيحان» هُما أصحُّ الكُتُبِ بعدَ كِتابِ الله -تعالى- باتِّفاقِ عُلماءِ المُسلمين -مِن المحدِّثين وغيرِهم-؛ فقد امتازا على غيرِهما مِن كُتُبِ السُّنَّةِ بتفرُّدِهِما بجَمْعِ أصحِّ الأحاديثِ الصحيحةِ، وطَرْحِ الأحاديثِ الضعيفةِ والمُتونِ المُنكرةِ، على قواعدَ متينةٍ، وشُروطٍ دقيقةٍ. وقد وُفِّقُوا في ذلك توفيقاً بالِغاً لمْ يُوَفَّقْ إليه مَن بعدَهُم ممَّن نَحَا نحوَهُم في جَمْعِ الصحيحِ -كابنِ خُزَيمة، وابنِ حِبَّان، والحاكِم -وغيرهم-؛ حتّى صار عُرفاً عامًّا أنَّ الحديثَ إذا أخرجَهُ الشيخانِ -أو أحدُهما- فقد جاوزَ القنطرةَ، ودَخَلَ في طريقِ الصِّحَّةِ والسَّلامةِ.ولا ريبَ في ذلك، وأنَّهُ هو الأصلُ عندَنا. وليس معنَى ذلك أنَّ كُلَّ حرفٍ أو لَفظَةٍ أو كلمةٍ في «الصحيحَين» هو بمنزلةِ ما في «القُرآنِ»! لا يمكِنُ أنْ يكونَ فيه وَهْمٌ أو خطأٌ في شيءٍ مِن ذلك مِن بعضِ الرُّواةِ، كلا؛ فلَسْنَا نعتقدُ العصمةَ لكتابٍ بعد كتابِ الله -تعالى- أصلاً؛ فقد قالَ الإمامُ الشافعيُّ -وغيره-: «أبَى اللهُ أنْ يُتِمَّ إلا كتابَهُ». ولا يُمْكِنُ أنْ يدَّعِي ذلك أحدٌ مِن أهلِ العِلمِ ممّن دَرَسُوا الكتابَيْن دراسةَ تفهُّمٍ وتدبُّرٍ مع نَبْذِ التعصُّبِ، وفي حُدودِ القواعدِ العلميَّةِ الحديثيَّةِ؛ لا الأهواءِ الشخصيَّةِ، أو الثقافةِ الأجنبيَّةِ عن الإسلامِ، وقواعدِ عُلمائِهِ».

    قلتُ:

    وهذا هو مربطُ الفرسِ -كما يقولونَ-؛ فأيْنَ هي (القواعدُ العلميَّةُ الحديثيَّةُ) -التي استعملها -ويستعملُها- حُفَّاظُ الحديثِ وعُلماؤُهُ الفُضلاء- مِن تِلكُمُ (الأهواءِ الشخصيَّةِ، والثقافة الأجنبيَّة عن الإسلامِ، وقواعد عُلمائِهِ) -التي سَلَكَها المستشرقون، والروافضُ، ومَنْ تأثَّرَ بهم، أو رَدَّدَ مقولاتِهِم-مِن الكَتَبَةِ الدُّخَلاء-؟!!

    للأسَفِ؛ رأَيْنا -عند أُولاءِ- الكثير مِن هذا الأخير، ولمْ نَرَ مِن الأوَّل -ولا النَّزْرَ اليسير-!!

    ثُمَّ؛ إنَّ كلامَ الإمام الألبانيِّ -في قاعدةِ النَّقْدِ الحديثيِّ -مُوَجَّهٌ إلى أهلِ الحديثِ المتخصِّصِين، الذين خالَطَ العلمُ لحومَهُم ودماءَهُم، وشابَتْ فيهِ لِحاهُم؛ لا الأدعِياءِ، أو المتطفِّلِين على هذا العلمِ الشريفِ -كسائرِ العُلومِ، وتخصُّصات أهلها -بحقٍّ- فيها...

    19- وأمّا الأمثلةُ الحديثيَّةُ التي أوْرَدَها الدُّكتور حوَّى في مقالِهِ؛ فقد نَقَضْتُ أكثرَها في كتابِي «ردّ الدَّعوَى وصدّ اعتداءات محمد سعيد حوّى» -المطبوع قبل بضعة أشهر-، ونَقَضَ بقيَّتَها -مِن قَبْلُ- علماءُ الأُمَّة العارِفُون، ومُؤلِّفُوها البارِعُونَ -قديماً وحديثاً-. ويا حبَّذَا لو كان كلامُ الدُّكتور حوَّى -أو نقدُهُ- مقصوراً على ما نقَلَهُ مِن أمثلة النَّقدِ العلميِّ الحديثيِّ بين أهلِ الحديثِ -بعضهم بعضاً- ومحصوراً به-: لَهانَ -إذاً- الأمرُ!! لكنَّهُ اتَّخَذَ ذلك -وللأسَفِ- سُلَّماً مُلْتَوِياً للطَّعْنِ في أحاديثَ أُخْرَى لمْ تَخْطُرْ لأهلِ الحديثِ على بال، ولمْ تَسْنَحْ لهُم في خيال!!! فهل ما فعلَهُ الدُّكتور حوَّى مِن (القواعد العلميِّةِ الحديثيَّةِ) في شيءٍ؟! وهل هذا مِن صنائعِ مَن هُم عند الدُّكتور حوَّى: (عُلماءُ أفذاذٌ جهابذةٌ حُفَّاظٌ)؟! لا -والذي خَلَقَ الحبَّةَ، وبَرَأَ النَّسمَةَ-...

    20- أمّا قولُهُ: (إنَّ الانتصارَ للسُّنَّةِ النبويَّةِ يقتَضِي مِنَّا أنْ نسيرَ على منهجِ المتقدِّمِين، وعلى رأسِهِم الصحابةُ، في التشديد في أمْرِ النِّقْدِ والتحرِّي، وعَرض السُّنَّة على القُرآن، وعلى السُّنَّة ذاتها، وعلى المعلومِ مِن الدِّين ضرورة، والعقول السليمة، وحقائق التاريخ، والعلم القطعيّ)!!

    فأقولُ: إنَّ كُلّ واحدةٍ مِن هذه النقاط التي (جَمَعَها) الدُّكتور حوَّى -غَفَرَ اللهُ له -هُنا- تستدعِي الوقوفَ طويلاً عندَها، وتأمُّلَها -جدًّا-، وكشفَ ما وراءَها مِن حقائق العِلم أو الجهل... إذ الانتفاخُ بالعباراتِ الفضفاضَةِ، والدَّعاوَى الواسعةِ يستطيعُهُ كُلُّ أحدٍ، ويَقدِرُ عليه كُلُّ أحدٍ؛ وإنَّما العبرةُ بالحُجَّةِ والدليلِ، ومِقدارِ موافقة الدعوَى للبُرهان والبيان. وعليه؛ فما استدركَهُ الدُّكتور حوَّى -بعقلِهِ المَحْضِ، وتفكيرِهِ الخالِص- على «الصحيحَيْن» -أو أحدِهِما-: ليس فيه أدْنَى حُجَج البيان، ولا أقلُّ دلائل البُرهان، إلا: (قيل)، و(لعلَّ)، و(قد)!!

    بل أقولُ: إنَّ مُجَرَّد إدراك أنَّهُ قد مَضَى على «الصحيحَيْن» -الجليلَيْن- أكثرُ مِن اثنَيْ عَشَرَ قَرناً، وهي سالمةٌ عن مثلِ هذا النَّقْدِ الدخيل، وبريئةٌ مِن هذا النقضِ والتعطيل: لَكَافٍ في رَدِّ كُلِّ طُعونات الدُّكتور حوَّى بِسَيْفِهِ المسلول؛ إذْ كيف تغيبُ هذه المُسلَّماتُ عن أولئكَ الأئمَّة الفُحول؟! ثم إنِّي أقولُ: ما مِن حديثٍ تَوهَّمَ منهُ الدُّكتور حوَّى معارضةً للقُرآنِ (!)، أو مناقضةً للتاريخِ (!!)، أو مُخالفةً للعقلِ (!!!) إلا وَنَقَضَ الأوهامَ حولَهُ -مِن قديم- أئمَّةُ العِلمِ أصحابُ الدِّرايةِ والعقول، وأربابُهُ ذوو الفَهْمِ والأُصول. وهذا الإجمالُ مِنِّي -ها هُنا- كافٍ كُلَّ باحثٍ في أنْ يُراجِعَ كتُبَ الشُّروح الحديثيَّة، والكتبَ المُفْرَدَة في الدِّفاعِ عن «الصحيحَيْنِ»، والنقضِ على مُنْتَقِصِهِما أو منتقدِهِما؛ ففي مُراجعتِها -فقط- ما يَشفي العليل، ويروِي الغليل، وينقض كُلَّ قولٍ دخيل؛ ممّا هو بنُصرةِ الحقِّ كفيل...

    21- أمَّا دعوَى أنَّ هذا النقضَ العقليَّ المَحْض لأحاديث «الصحيحَيْن» -أو أحدِهما- هو (تمكينٌ للسُّنَّةِ النبويَّة، وليس هَدْماً لها) -كما هو لفظُ الدُّكتور حوَّى في مقالِهِ!-؛ فأقولُ: بل هو -واللـهِ- الهدمُ بعينِهِ، وإنْ أظهَرْتَهُ بثوبِ العِلمِ، والعلمُ منهُ بَراءٌ -شاءَ مَن شاء، وأبَى مَن أبَى-... وبخاصَّةٍ عندما يُكتَبُ مثلُ هذا الكلامِ على صفحاتِ الجَرائدِ، والتي -بالعادةِ- لا يُطالعُها المتخصِّصُون في عُلومِ الشريعةِ -عامَّةً-، وعلم الحديث -خاصَةً-، وإنَّما جُلُّ مُتابِعِيها مِن عوامِّ المُسلمين، أو عامَّةِ المُثقَّفِين، ممّا يُولِّدُ في قُلوبِهِم وعُقولِهِم -جميعاً- التشكيكَ بالسُّنَّةِ والحديثِ، وتوليدَ مصادرَ (!) ترجيحٍ ليس لها وجهٌ صحيح؛ كالعقلِ المُجرَّدِ؛ الذي لا يجوزُ أنْ يُتَّخَذَ -محضاً- طريقاً للحُكْمِ على الأحاديثِ والرِّواياتِ؛ فلا عقلَ هو العقلُ الأوَّل الذي إليه الردُّ والمعوّل؛ إذ العقولُ تختلفُ باختلافِ بيئاتِها، واختلاف ثقافاتِها، واختلاف إمكانيَّاتِها!! فعقلُ مَن هو الحَكَمُ -إذن-؟!
    وهذا -وحدَهُ- (لِـمَن يعقلُ) -لوضوحِهِ- كفيلٌ بنقضِ أوهامِ الدُّكتور حوَّى، وانتقاداتِهِ، وتشكيكاتِه، وطُعونه -كافَّةً-، ولو سمّاها ما سمَّاها! ولو ادَّعَى فيها ما ادَّعَى!

    22- أمّا ما خَتَمَ به الدُّكتور حوَّى مقالَهُ مِن الحاجةِ إلى (فقه التعامل مع النصوص؛ إذ منها ما جاء عامًّا قد خُصَّ، أو العكس، ومنها ما جاء مقيَّداً تارةً، ومُطلقاً أُخْرَى، ومنها ما كان واقعةَ عين، أو فتوَى خاصَّة، أو حلاً لمشكلة خاصَّة!) -كما قال-؛ فأقولُ: لو أنَّ الدكتور حوَّى أعمَلَ هذه الأصولَ التي طالبَ بها -(هُنا)- في بَحْثِهِ: لَـمَا احتاجَ إلى نقدِ أكثرِ -بل كُلّ- تِلْكُمُ الرِّواياتِ التي في «الصحيحَيْنِ» -أو غيرِهما-؛ لأنَّ أكثرَها سارٍ على معنىً مِن هذه المعاني التي اعْتَصَرَ ذِكْرَها الدُّكتور حوَّى -ها هُنا- مُبْتَسَراً-! ولكنَّ إهمالَهُ لهذه الأصول -فعليًّا-، وحصرَهُ النَّظَرَ العقليَّ المحضَ -فقط- في تِلْكُمُ الرِّواياتِ: ولَّدَ عندَه هاتيك الإشكالاتِ -والمُشكلاتِ-، والتي لو عُرِضَتْ في ضَوْءِ (فقه التعامُل مع النُّصوص) -الحقّ- الذي طالَبَ به!-: لَـمَا وَقَفَ عند روايةٍ واحدةٍ منها! فضلاً عن مجموعِ الرِّواياتِ المتعدِّدَةِ التي (ضَغَطَها) في أسطُرٍ قليلةٍ (!) مُنتقِداً إيَّاها -جميعاً- نَقْداً (جماعيًّا!)! فهل هكذا العلمُ -عامَّةً-، وعلمُ الحديثِ -خاصَّةً- و(فقهُ التعامُلِ مع النُّصُوصِ) -بصورةٍ أخصَّ-؟!

    بل إنَّ بعضَ هذه الأحاديثِ (المضغوطة!) -عندَه- ها هُنا- أُلِّفَتْ في الدِّفاعِ عنها مُؤلَّفاتٌ مُفْرَدَةٌ مُستقِلَّةٌ؛ تَذُبُّ الرَّيْبَ عنها، وتدفعُ التَّشكيكَ بها؛ كـ(حديث النهي عن كتابةِ ما سوَى القُرآن)، وتأليف الحافظِ الخطيبِ البغداديِّ -فيه-، و(حديثِ السِّحر)، وتأليف الشيخ الوادعيّ، ثم الشيخ المَرْصَفي -فيه-، و(حديث التُّربة)، وتأليف الشيخ السِّندي، ثم الشيخ المَرْصَفي -فيه-، وحديث (مَلَك الموت وموسى)، وتأليف محمد العَلَوي المغربي -فيه- وكُلُّها مطبوعة- وغير ذلك-؛ فلا أُطيلُ... ولْيُنْظَر المزيدُ -للتفصيلِ العملي، والتأصيلِ العلميِّ- في كتاب: «مُشكِل الآثار»؛ وكتاب: «اختلاف الحديث»، وكتاب: «تأويل مختلف الحديث» -وأمثالها- لعددٍ مِن أئمَّة السُّنَّة والهُدَى؛ لِيُعْرَفَ كيفَ أقامُوا الحقَّ ونَقَضُوا الباطلَ والهَوَى...

    وإنَّنا لَنَرْجُو للدُّكتور حوَّى -أخيراً- أنْ لا يكونَ حالُهُ كمِثْلِ ما قيل في حالِ مَن جَمَعَ أمثالَ هذه الأقاويل: (جاهلٌ مغرور، أو كاتبٌ مأْجُور) -راجينَ له العودةَ إلى الحقِّ والصَّواب، والفيئةَ عن الشَّكِّ والارتياب-.... مُرَدِّدِين مع أئمَّة السُّنَّةِ والحديثِ قولَهُم -في القديمِ والحديث -كما قال الإمامُ محمد بن شِهاب الزُّهْرِيُّ-: «دَعُوا السُّنَّةَ تمضِي؛ لا تعرِضُوا لها بالرَّأْي».

    واللهُ مِن وراءِ القَصْدِ.
    ----------------------------------
    إِنْ لَمْ يَكُنْ بِكَ غَضَبٌ عَليَّ فَلا أُبَالي ..

    اللهمّ إنّي أسْألُكَ أنْ أكُونَ مِنْ أذلِّ عِبَادِكَ إلَيْك ..
    ----------------------------------

    أما لنا –في أيام الفتن هذه- في سلفنا الصالح أسوة ؟!
    http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=29139

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    الدولة
    دار من لادار له
    المشاركات
    24
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    جزاك الله خير على الموضوع القيم

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    24
    المذهب أو العقيدة
    منكر للسنة

    افتراضي

    لماذا هناك صحيحان ولا يوجد كتب للسنة النبوية كما هو الحال مع القران
    ثم أن كتاب البخاري فيه الكثير من المغالطات والذين أعطوه الشهادة هم من نفس طائفته فقط والذين توافق أهواؤهم ماكتب

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    المشاركات
    5,513
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    خليك يا فضة مع شحرورك ممولك ويكفيك ما انت فيه من زيغ وضلال
    للحق وجه واحد
    ومذهبنا صواب لا يحتمل الخطأ ومذهب مخالفنا خطأ لا يحتمل الصواب
    "بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ"

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    المشاركات
    5,513
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حسن فضة مشاهدة المشاركة
    والذين أعطوه الشهادة هم من نفس طائفته فقط والذين توافق أهواؤهم ماكتب
    ومن سيعطيه الشهادة الا من هم من اهل السنة والجماعة .
    وليس مثل شحرورك الذي اعطته الشهادة روسيا الشيوعية وياخذ بكلام المستشرقين المدلسين
    التعديل الأخير تم 03-21-2010 الساعة 01:31 PM
    للحق وجه واحد
    ومذهبنا صواب لا يحتمل الخطأ ومذهب مخالفنا خطأ لا يحتمل الصواب
    "بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ"

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Oct 2007
    الدولة
    اليمن
    المشاركات
    1,069
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    اتمنى من الادارة تغيير معرف العقيدة للزميل فضة الى منكر للسنة

    كيف تسمحون لانسان مثل هذا يتجرأ على شيخنا وعالمنا الامام محمد بن اسماعيل البخاري رحمه الله وحشرني معه


    اذا كنت على الحق فناقش بشكل علمي ومثقف ولا تكون كالبغبغاء لاتعي شيئا سوى رمي الناس بالمغالطات
    أبوحسين الاشبيلي المعافري

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    24
    المذهب أو العقيدة
    منكر للسنة

    افتراضي

    يعني البخاري كان نبيا ؟
    هو أصلا لم يعاصر رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فكيف نقل عنه
    وكيف نقل عن أبي هريرة وأبو هريرة بحد ذاته شخص غير موثوق

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Jan 2009
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    613
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حسن فضة مشاهدة المشاركة
    يعني البخاري كان نبيا ؟
    هو أصلا لم يعاصر رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فكيف نقل عنه
    لم يكن نبيا و لكن إذا قلت لك 1+1 كم تساوي؟ و أجبت : 2 ،و قلت لك أصبت،هل ستكون نبيا

    وكيف نقل عن أبي هريرة وأبو هريرة بحد ذاته شخص غير موثوق
    إنك جاهل جهلا مركبا

    هل قرأت يوما أن البخاري قال سمعت أبا هريرة أو حدثني أبو هريرة..

    أما أن أبا هريرة رضي الله عنه شخص غير موثوق فتلك قضية أخرى، و أنا مع قلة علمي أستطيع أن أناقشك في هذه النقطة،فتفضل بعرض شبهاتك مشكورا...
    يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيم

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    24
    المذهب أو العقيدة
    منكر للسنة

    افتراضي

    هناك سوء تفاهم أيها الزميل!
    مزبلة التاريخ في ناصية الشارع المقابل من حيث أتيت!
    شكرًا!
    متابعة إشرافية .
    مشرف 4.

  11. #11

    افتراضي

    كم انت جاهل مكابر ,, حمارا يحمل أسفار
    القها ومنصور الذي نقلتها منه في مزابل الفكر والعلم فهي أولى بها أيها الضال المكابر

    تحياتي للموحدين
    أعظَم مَن عُرِف عنه إنكار الصانع هو " فِرعون " ، ومع ذلك فإن ذلك الإنكار ليس حقيقيا ، فإن الله عزّ وَجَلّ قال عن آل فرعون :(وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا)
    وبُرهان ذلك أن فِرعون لَمّا أحسّ بالغَرَق أظْهَر مكنون نفسه ومخبوء فؤاده على لسانه ، فقال الله عزّ وَجَلّ عن فرعون : (حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آَمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا الَّذِي آَمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ)

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    24
    المذهب أو العقيدة
    منكر للسنة

    افتراضي

    يعني رغم كل شيء كتاب البخاري موجود
    وما أورده فيه يخالف القران والتاريخ والمنطق السليم
    (...)
    الذي ورد في كتابه من منكم ينكره ؟
    (...)

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Sep 2004
    المشاركات
    1,955
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    تم إيقاف العضو حسن فالصو اسبوع لتعديه على الإمام البخارى .
    الحق فضيلة واجبة الاتباع والباطل رذيلة موجبة الاقتلاع .

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    24
    المذهب أو العقيدة
    منكر للسنة

    افتراضي

    تعلم الأدب يا فالصو ثم ناقش
    متابعة إشرافية
    مراقب 1

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Sep 2004
    المشاركات
    1,955
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    عقابًا للحمار حسن فالصو على سبه البخارى وأهل السنة ، تم طرد منكر السنة من المنتدى نهائيًا .
    الحق فضيلة واجبة الاتباع والباطل رذيلة موجبة الاقتلاع .

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. سؤال: قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ؟
    بواسطة أخوكم في المنتدى خنفشاريات
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 09-25-2014, 03:00 AM
  2. فيما يخص الجنين
    بواسطة يحب الهدى في المنتدى قسم الحوار عن الإسلام
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 05-24-2014, 12:21 PM
  3. نعم .. هذه المسألة يخطئ فيها كثير حتى بعض طلبة العلم قد يقع فيها
    بواسطة ابوابراهيم في المنتدى قسم الحوار العام
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 07-19-2010, 02:42 PM
  4. فيها قولان!! حوار مع دارون حول مسألة الخلق ودليل فيها قولان !!
    بواسطة أبو مريم في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 09-26-2005, 02:53 PM
  5. هل فينا من حسان ؟
    بواسطة ابن حزم في المنتدى قسم اللغة والشعر والأدب
    مشاركات: 17
    آخر مشاركة: 06-21-2005, 02:20 AM

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء