مضت عدة قرون وليس لدى الشعوب الإسلامية رجال متعلمون بالمعنى الدقيق لكلمة -المتعلمون- ولكن لديها بدلا منهم فئتنان من رجال اخريان غير مرغوب فيهما :غير المتعلمين والمتعلمون على غير الوجه الصحيح .وليس لدينا في اي قطر إسلامي نظام مدرسي يرتقي إلى المستوى المطلوب ويطابق مفاهيم الاسلام الاخلاقية ويناسب حاجات الشعب, فإن مؤسسة التعليم التي هي أهم مؤسسة في كل مجتمع قد أهملها حكامنا أو أسلموا زمامها إلى الاجانب و-التغريبيون- واما المدارس التي كان الاجانب يقدمون إليها الاموال وهيئات التدريس وبالتالي المناهج والايدولوجيا. فإنها لم تكن تربي المسلمين ولا حتى القوميين ...ففي هاته المدارس يتم غرس -فضيلة-الطاعة للاجانب في أذهان من سيكونون (أهل الفكر بيننا ). وفيها يقوم المدرسون الاجانب هؤلاء المثقفين ذوي عقلية الخضوع والتبعية الذين سيحلو محلهم ليقوموا بدورهم احسن قيام فإنهم سيشعرون وسيتصرفون في وطنهم هم كما لو انهم بأيدي الاجانب مباشرة أو عن طريق غير مباشر, وأن نتأمل في هذا الكرم المدهش وفي دوافعه وغاياته . إذا امعنا النظر في برامج هذه المعاهد وفيما تشتمل عليه وما لا تشتمل عليه, سرعان ما يتبين لنا أنه لا محل لسؤال عما إذا كان أهل الفكر فينا ( يريدون ويرغبون في الاهتداء إلى الطريق المؤدي إلى شعبهم) ;وان الصيغة الصحيحة للسؤال هي : iهل يستطعون......, وهم كما نعرفهم ....., أن إهتدو إلى هذا الطريق على الإطلاق .....؟إنها مسألة ما فرض عليهم مقياس للقيم والمثل العليا ومسالة الهوة النفسية الناشئة عن ذالك ولم تعد القيود الحديدية ضرورية لإبقاء شعوبنا في حالة الخضوع للاجانب فإن مثل تلك القوة تكمن في في الخيوط الحريرية لهذا -التنوير -الاجنبي الذي يعطل إرادة الفريق المتعلم من الامة ويشل وعيه .. وما كان للمسيطرين الاجانب وأتباعهم من التغريبيين -وبني علمان-في الاقطار الاسلامية أن يخافو على مراكزهم ما دام مثل هذا التعليم قائما , فإنه ليس مصدرا للثورة عليهم ومقارنتهم بل هو افضل حليف لهم .
إن الهوة المأساوية القائمة بين أهل الفكر وبين عامة الشعوب ., لهي من أشد ما يحمل على الكآبة والحزن والاسى من ممزيات وضعنا العام .يجري تعميقها من ناحية أخر فأن الشعب إذ يشعر بالطبيعة غير الاسلامية للمدرسة التي تعرض عليه , ويحس انها غريبة عنه يرفضها بغريزته .وهكذا يكون الجفاء من كلا الطرفين .ثم ياتي إختلاق فرية باطلة [ان الوسط الاسلامي لا يميل إلى المدرسة والتعلم. والواقع أن الشعب لا يرفض المدرسة في حد ذاتها بل يرفض المدارس الاجنبية التي فقدت كل صلة روحية بالاسلام وبالشعب على السواء .........