في كتابه Essay on the Principle of Population.الذي نُشر سنة 1798م قرر توماس مالثوس أن الزيادة السكانية تزيد كل 25 سنة بمتوالية هندسية ( 1-2-4-8-16) وأن موارد الإنتاج تزيد بمتوالية عددية(1-2-3-4-5) ولا يمكن التوفيق بينهما ... قدَّر مالثوس أن سكان العالم - إذ تُركوا وشأنهم - فإن العالم سيتجه نحو مجاعة محققة كان هذا البحث هو أول بحث من نوعه في محاولة التقليل من البشر ...
وقد رأى أن المؤثرات الأساسية التي سيطرت على عدد السكان هي الكوارث مثل الحروب، والمجاعات، والأمراض. وباختصار، ووفقا لهذا الزعم الوحشي، كان لا بد أن يموت بعض الناس كي يعيش البعض الآخر.
كتب هربرت سبنسر الملحد الشهير تعليقا على بحث مالثوس :- ( على الضُعفاء أن يُتركوا حتى يموتوا ومن الأفضل لهم أن يموتوا .) (1)
Herbert Spencer, Social Status, 1850, pp. 414-415
المؤرخ الأمريكي Richard Hofstadter كتب معلقا :- ( دعا سبنسر إلى حرمان الفقراء من البيوت النظيفة والرعاية الصحية وإلى حرمانهم من الحياة الكريمة ) (1) فقط ليموتوا
Richard Hofstadter, Social Darwinism in American Thought, Rev. Ed., Boston: Beacon Press, 1955, p. 41
لاقت آراء مالثوس قبولا واسعا. وأيد مثقفو الطبقة العليا من الأوروبيين، على وجه الخصوص، هذه الأفكار القاسية.وبالفعل طبقت جميع حكومات العالم ( وخاصة حكومـات دول العالم الثالث ) سياسة التحكم في النسل وكان لاختراع حبوب منع الحمل ثورة كبرى لا تضاهيها ثورة ...
فحبوب التحكم في النسـل تحمل صياغة الإبـادة المـاديـة الخفيـة وليست المسألة مسألة صحية للأم والجنين كما يقولون ..فمثلا في مصر كان تعريف تنظيم الأسرة هو:- هو فترة راحة بين الولادة والولادة التي تليهـا لحماية الأم والطفل بمتوسط 3 سنوات ... تم تعديـل هذا التعريف بعد ذلك مع إضافة جملة صغيرة في آخر التعريف:- فترة راحة بين الولادة والولادة التي تليهـا لحماية الأم والطفل مع تبني نمط أسرة صغيرة
تنبـأ مالثوس بحدوث مجـاعة كبرى ستجتاح العالم خلال عقود قليلة إذا لم يتم التدخل لتقليل عدد السكان وهذه المجاعة حتميـة طبقـا للمتوالية الهندسيـة لعدد السكـان والمتوالية العددية لمتوالية الإنتـاج وبعد مرور أكثر من 22 عِقد على النبوءة خرج العالِم الكبير أبو الثورة الخضراء نورمان بورلوج Norman Borlaug ليقلب نبوءة مالثوس رأسـا على عقب فبحسـاب بسيط أثبت بورلوج أن العالَم استطاع مضاعفة انتاجه من الحبوب ثلاث مرات خلال أربعة عقود وهذا عكس التحليل المادي لنظرية مالثوس تماما بل يقول بورلوج في إحدى لقاءاته الشهيرة أنه من الناحية النظرية البحتة يمكن لموارد الكرة الأرضية إطعام نحو عشرة مليارات شخص (2)
كان بورلوج الحائز على جائزة نوبل قد أثبت نظريته حين أطلق برنامجا بحثيا في المكسيك لإنتاج أفضل أنواع القمح والذرة وتمكن من إنتاج نوع جديد من القمح يسمى القمح المكسيكي ذو سيقان أكثر وسنابل أكثر قوة ومقاومة للتقلبات الجوية وعن طريق هذا النوع من البذور تمكنت الهند من مضاعفة انتاجها ثلاث مرات على مدار عشر سنوات واستخدمت الصين تقنية بورلوج في زراعة الأرز وكادت تغذي نصف تعداد الكرة الأرضية بالأرز ... ولم يعد هناك جوع في العالم إلا لأسباب سياسية بحتة
يقول بورلوج بعد الثورة الخضراء استطاع العالم مضاعفة انتاجه من الحبوب ثلاث مرات خلال أربعة عقود ... ويبلغ الآن عدد مَن يعانون من نقص في التغذية 17% من التعداد العالمي وهي فضيحة بكل المقاييس نظرا لأننا نملك من الوسائل العلمية والتقنية والإمكانات المادية ما يمكننا من التغلب على مثل هذه المشكلة فمن الناحية النظرية يمكن لموارد الكرة الأرضية إطعام نحو عشرة مليارات شخص ...(2)
وهكذا يخطيء مَن يراهن على التدخل في الرزق والغذاء
(1) http://www.harunyahya.com/books/darw...l_weapon03.php
(2) العربي العلمي العدد 614 يناير2010 م مقال بعنوان وفاة نورمان بورلوج الرجل الذي أنقذ حياة الملايين
(3) http://en.wikipedia.org/wiki/Norman_Borlaug
Bookmarks