النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: الشفاعـة تعريفها أدلتها وأنواعها

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    May 2009
    المشاركات
    1,574
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي الشفاعـة تعريفها أدلتها وأنواعها

    قال البخاري رحمه الله (ج1 ص435): عن جابر بن عبدالله أن النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم قال "أعطيت خمسًا لم يعطهنّ أحد قبلي: نصرت بالرّعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا، فأيّما رجل من أمّتي أدركته الصّلاة فليصلّ، وأحلّت لي المغانم ولم تحلّ لأحد قبلي، وأعطيت الشّفاعة، وكان النّبيّ يبعث إلى قومه خاصّةً وبعثت إلى النّاس عامّةً".

    قال البخاري رحمه الله (ج11 ص96): حدثنا إسماعيل قال: حدثني مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أنّ رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم قال: ((لكلّ نبيّ دعوة مستجابة يدعو بها، وأريد أن أختبئ دعوتي شفاعةً لأمّتي في الآخرة)).

    وعن يحيى بن يعمر حدثه أن أبا الأسود الدؤلي حدثه أن أبا ذر رضي الله عنه حدثه قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وعليه ثوب أبيض وهو نائم ثم أتيته وقد استيقظ فقال ما من عبد قال لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة قلت وإن زنى وإن سرق قال وإن زنى وإن سرق قلت وإن زنى وإن سرق قال وإن زنى وإن سرق قلت وإن زنى وإن سرق قال وإن زنى وإن سرق على رغم أنف أبي ذر وكان أبو ذر إذا حدث بهذا قال وإن رغم أنف أبي ذر قال أبو عبد الله هذا عند الموت أو قبله إذا تاب وندم وقال لا إله إلا الله غفر له " بخاري

    وعن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلّم: "من قال حين يسمع النّداء: اللّهمّ ربّ هذه الدّعوة التّامة والصّلاة القائمة، آت محمّدًا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقامًا محمودًا الّذي وعدته، حلّت له الشّفاعة".

    قال البخاري رحمه الله (ج8 ص399): حدثنا إسماعيل بن أبان حدثنا أبوالأحوص عن آدم بن علي قال: سمعت ابن عمر رضى الله عنهما يقول: إنّ النّاس يصيرون يوم القيامة جثًا كلّ أمّة تتبع نبيّها يقولون: يا فلان اشفع يا فلان اشفع. حتّى تنتهي الشّفاعة إلى النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم فذلك يوم يبعثه الله المقام المحمود.

    هذا الحديث موقوف، لكنه قد جاء رفعه عند ابن جرير (ج15 ص146) من حديث محمد بن عبدالله بن عبدالحكم قال: ثنا شعيب بن الليث قال: ثني الليث عن عبيدالله بن أبي جعفر أنه قال: سمعت حمزة بن عبدالله يقول: سمعت عبدالله بن عمر يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وذكر الحديث. الحديث رجاله رجال الصحيح، وقال الحافظ الهيثمي في "مجمع الزوائد" (ج10 ص371) بعد أن ذكر الحديث: هو في الصحيح باختصار من قوله: فيقضي الله بين الخلق إلى آخره. رواه الطبراني في الأوسط عن مطلب بن شعيب عن عبدالله بن صالح وكلاهما قد وثّق على ضعف فيه، وبقية رجاله رجال الصحيح.


    قال ابن ماجة رحمه الله (ج2 ص1441): حدثنا إسماعيل بن أسد ثنا أبوبدر ثنا زياد بن خيثمة عن نعيم بن أبي هند عن ربعي بن حراش عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم: "خيّرت بين الشّفاعة وبين أن يدخل نصف أمّتي الجنّة فاخترت الشّفاعة لأنّها أعمّ وأكفى، أترونها للمتّقين؟ لا ولكنّها للمذنبين الخطّائين المتلوّثين" قال المعلق في "الزوائد": إسناده صحيح ورجاله ثقات.


    الشّفاعة في اللغة:

    "قال ابن الأثير في "النهاية": قد تكرر ذكر الشّفاعة في الحديث فيما يتعلق بأمور الدنيا والآخرة، وهي: السؤال في التجاوز عن الذنوب والجرائم بينهم، يقال: شفع يشفع شفاعةً فهو شافع وشفيع، والمشفّع: الّذي يقبل الشّفاعة، والمشفّع: الّذي تقبل شفاعته. اهـ

    وفي "القاموس" و"تاج العروس": والشّفيع: صاحب الشّفاعة، والجمع: شفعاء، وهو: الطالب لغيره يتشفّع به إلى المطلوب.

    وفيهما أيضًا: وشفّعته فيه تشفيعًا حين شفع -كمنع- شفاعةً، أي قبلت شفاعته كما في "العباب"، قال حاتم يخاطب النعمان:
    فككت عديًّا كلّها من إسارها ... ... فأفضلْ وشفّعني بقيس بن جحْدر
    وفي حديث الحدود: "إذا بلغ الحدّ السلطان فلعن الله الشافع والمشفّع"
    وفي حديث ابن مسعود: "القرآن شافع مشفّع، وماحل مصدّق "

    أي من اتبعه وعمل بما فيه فهو شافع مقبول الشّفاعة من العفو عن فرطاته، ومن ترك العمل به تمّ على إساءته، وصدّق عليه فيما يرفع من مساويه، فالمشفّع: الذي يقبل الشّفاعة، والمشفّع: الذي تقبل شفاعته، ومنه حديث: "اشْفع تشفّع"

    واستشفعه إلى فلان: أي سأله أن يشفع له إليه، وأنشد الصغاني للأعشى:
    تقول بنتي وقدْ قرّبت مرتحلاً ... يا ربّ جنّبْ أبي الأوصاب والوجعا
    واستشفعتْ من سراة الحيّ ذا شرف ... فقدْ عصاها أبوها والّذي شفعا
    يريد: والذي أعان وطلب الشّفاعة فيها، وأنشد أبوليلى:
    زعمتْ معاشر أنّني مستشفع... لمّا خرجت أزوره أقلامها

    قال: زعموا أني أستشفع أقلامهم في الممدوح أي بكتبهم. اهـ مختصرًا.

    وذكر الزمخشري في "أساس البلاغة" بعض ما تقدم، ثم قال: وقال آخر:
    مضى زمن والنّاس يستشفعون بي... فهل لي إلى ليلى الغداة شفيع
    والمعاني الشرعية موافقة للمعاني اللغوية فمن الشّفعاء من يشفع ابتداءً، ومنهم من يشفع بعد الطلب، كما سيأتي إن شاء الله بيانه في الأحاديث."


    ولا تصح الشفاعة عند الله تعالى إلا بشرطين :

    "أحدهما : إذن الله تعالى للشافع أن يشفع ، وقد دل على هذا الشرط قوله تعالى : { مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ } (البقَرة : 255) . وقوله تعالى : { وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ } (سبأ : 23) .

    الثاني : رضا الله عن المشفوع له أن يشفع فيه ، وقد دل على هذا الشرط قوله تعالى : { وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى } (الأنبياء : 28) . وقد دلت النصوص أن الله لا يرضى أن يشفع إلا في أهل التوحيد لما ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم : « لكل نبي دعوة مستجابة فتعجل كل نبي دعوته وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة فهي نائلة إن شاء الله من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئًا » . وقال تعالى في الكفار : { فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ } (المدثر : 48) ."


    الآيات الواردة في الشفاعة

    وبما أنّها قد وردت آيات تنفي الشّفاعة والشفيع، وآيات تثبتهما رأيت أن أذكر الآيات التي تنفي الشّفاعة والشّفيع، والآيات التي تثبتهما ثم أذكر الجمع بين هذه الآيات حسبما جمع بينها أهل العلم رحمهم الله.

    الآيات الواردة في نفي الشّفاعة والشفيع:

    قال الله تعالى: {واتّقوا يومًا لا تجْزي نفس عن نفس شيئًا ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون}

    وقال تعالى:{ياأيها الّذين آمنوا أنفقوا ممّا رزقناكم من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلّة ولا شفاعة والكافرون هم الظّالمون}

    وقال تعالى حاكيًا عن بعض الصالحين:{أأتّخذ من دونه آلهةً إن يردن الرّحمن بضرّ لا تغن عنّي شفاعتهم شيئًا ولا ينقذون}.


    في هذه الآيات نفي الشّفاعة.

    وقال تعالى:{وأنذر به الّذين يخافون أن يحشروا إلى ربّهم ليس لهم من دونه وليّ ولا شفيع لعلّهم يتّقون}.

    وقال تعالى:{وذر الّذين اتّخذوا دينهم لعبًا ولهوًا وغرّتْهم الحياة الدّنيا وذكّر به أن تبسلنفس بما كسبت ليس لها من دون الله وليّ ولا شفيع وإن تعدل كلّ عدل لا يؤخذ منها أولئك الّذين أبسلوا بما كسبوا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون}.

    وقال تعالى: {ويعبدون من دون الله ما لا يضرّهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبّئون الله بما لا يعلم في السّموات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عمّا يشركون}.

    وقال تعالى حاكيًا عن أهل النار:{فما لنا من شافعين ولا صديق حميم، فلو أنّ لنا كرّةً فنكون من المؤمنين}.
    ومعنى حميم : قريب، وكرّة: رجعة إلى الدنيا.

    وقال تعالى: {الله الّذي خلق السّموات والأرض وما بينهما في ستّة أيّام ثمّ استوى على العرش ما لكم من دونه من وليّ ولا شفيع أفلا تتذكّرون}

    وقال تعالى: {أم اتّخذوا من دون الله شفعاء قل أولو كانوا لا يملكون شيئًا ولا يعقلون، قل لله الشّفاعة جميعًا له ملك السّموات والأرض ثمّ إليه ترجعون}

    وقال تعالى: {وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين ما للظّالمين من حميم ولا شفيع يطاع}
    في هذه الآيات نفي الشفيع.


    الآيات في إثبات الشّفاعة والشفيع:

    قال الله تعالى:{من ذا الّذي يشفع عنده إلا بإذنه}

    وقال تعالى:{ما من شفيع إلا من بعد إذنه}.

    وقال تعالى:{وقالوا اتّخذ الرّحمن ولدًا سبحانه بل عباد مكرمون، لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون، يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون"


    فهي هذه الآيات إثبات الشفيع بشروط

    وقال الله تعالى: {ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربّي نسفًا، فيذرها قاعًا صفصفًا لا ترى فيها عوجًا ولا أمتًا، يومئذ يتّبعون الدّاعي لا عوج له وخشعت الأصوات للرّحمن فلا تسمع إلا همسًا يومئذ لا تنفع الشّفاعة إلا من أذن له الرّحمن ورضي له قولاً}

    وقال تعالى: {ولا يملك الّذين يدعون من دونه الشّفاعة إلا من شهد بالحقّ وهم يعلمون}.

    قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: {ولا يملك الّذين يدعون من دونه} أي: من الأصنام والأوثان {الشّفاعة} أي: لا يقدرون على الشّفاعة لهم {إلا من شهد بالحقّ وهم يعلمون} هذا استثناء منقطع، أي: لكن من شهد بالحقّ على بصيرة وعلم فإنه تنفع شفاعته عنده بإذنه له. اهـ

    وقال تعالى:{وكم من ملك في السّموات لا تغني شفاعتهم شيئًا إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى}
    هذه الآيات تدل على الشّفاعة المثبتة بشروط ستأتي إن شاء الله.


    الجمع بين الآيات المثبتة والآيات النافية:

    يتحصل من هذا أن النفي مقصود به الشّفاعة التي تطلب من غير الله، كما قال تعالى: {قل لله الشّفاعة جميعًا}

    والشّفاعة المثبتة لا تقبل إلا بشروط:

    1- قدرة الشافع على الشّفاعة كما قال تعالى في حق الشافع الذي يطلب منه وهو غير قادر على الشّفاعة: {ويعبدون من دون الله ما لا يضرّهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبّئون الله بما لا يعلم في السّموات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عمّا يشركون}

    وقال تعالى: {ولا يملك الّذين يدعون من دونه الشّفاعة إلا من شهد بالحقّ وهم يعلمون}

    فعلم من هذا أن طلب الشّفاعة من الأموات طلب ممن لا يملكها، قال تعالى: {والّذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير، إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبّئك مثل خبير}

    وقال تعالى: {قل ادعوا الّذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرّة في السّموات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير، ولا تنفع الشّفاعة عنده إلا لمن أذن له}.

    2- إسلام المشفوع له، قال الله تعالى : {ما للظّالمين من حميم ولا شفيع يطاع} والمراد بالظالمين هنا: الكافرون، بدليل الأحاديث المتواترة في الشّفاعة لأهل الكبائر، وستأتي إن شاء الله في موضعها.

    قال الحافظ البيهقي رحمه الله في "الشعب" (ج1 ص205)
    : فالظالمون هاهنا هم الكافرون، ويشهد لذلك مفتتح الآية إذ هي في ذكر الكافرين. اهـ

    وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسير الآية
    : أي ليس للذين ظلموا أنفسهم بالشرك بالله من قريب منهم ينفعهم، ولا شفيع يشفع فيهم، بل قد تقطعت بهم الأسباب من كل خير. اهـ

    ويستثنى من المشركين أبوطالب، فإن النبي صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم يشفع له حتى يصير في ضحضاح من نار كما سيأتي في الأحاديث في مواضعها إن شاء الله.

    3- الإذن للشافع، كما قال تعالى: {من ذا الّذي يشفع عنده إلا بإذنه}

    4- الرّضا عن المشفوع له كما قال تعالى: {وكم من ملك في السّموات لا تغني شفاعتهم شيئًا إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى} وقال تعالى:{ولا يشفعون إلا لمن ارتضى}


    أقسام الشفاعـة :

    قد ثبت لنبينا محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم منها ثمانية أنواع ، وهي :
    1 - الشفاعة العظمى وهي شفاعته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم في أهل الموقف أن يقضي الله بينهم وهي المقام المحمود وهذه الشفاعة مما اختص بها نبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم على غيره من الرسل صلوات الله عليهم أجمعين .
    2 - شفاعته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم في قوم تساوت حسناتهم وسيئاتهم فيشفع فيهم أن يدخلوا الجنة .
    3 - شفاعته في أقوام استحقوا النار أن لا يدخلوها .
    4 - شفاعته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم رفع درجات أهل الجنة في الجنة .
    5 - شفاعته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم في أقوام أن يدخلوا الجنة بغير حساب .
    6 - شفاعته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم في تخفيف العذاب عمن كان يستحقه كشفاعته في عمه أبي طالب .
    7 - شفاعته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم في أهل الجنة أن يؤذن لهم بدخول الجنة .
    8 - شفاعته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم في أهل الكبائر من أمته ممن دخل النار أن يخرج منها .


    أولاً : الشفاعة العظمى .

    1- قال البخاري رحمه الله (ج8 ص395): حدثنا محمد بن مقاتل أخبرنا عبدالله أخبرنا أبوحيان التيمي عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير عن أبي هريرة رضى الله عنه قال: أتي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلّم بلحم، فرفع إليه الذراع، وكانت تعجبه فنهس منها نهسةً ثم قال: "أنا سيّد النّاس يوم القيامة، وهل تدرون ممّ ذلك؟ يجمع الله النّاس الأوّلين والآخرين في صعيد واحد يسمعهم الدّاعي وينفذهم البصر، وتدنو الشّمس، فيبلغ النّاس من الغمّ والكرب ما لا يطيقون ولا يحتملون
    فيقول النّاس: ألا ترون ما قد بلغكم؟ ألا تنظرون من يشفع لكم إلى ربّكم؟

    فيقول بعض النّاس لبعض: عليكم بآدم. فيأتون آدم عليه السّلام فيقولون له: أنت أبوالبشر، خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأمر الملائكة فسجدوا لك، اشفع لنا إلى ربّك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ ألا ترى إلى ما قد بلغنا؟

    فيقول آدم: إنّ ربّي قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإنّه قد نهاني عن الشّجرة فعصيته، نفسي نفسي نفسي اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى نوح.

    فيأتون نوحًا فيقولون: يا نوح إنّك أنت أوّل الرّسل إلى أهل الأرض، وقد سمّاك الله عبدًا شكورًا، اشفع لنا إلى ربّك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فيقول: إنّ ربّي عزّ وجلّ قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإنّه قد كانت لي دعوة دعوتها على قومي، نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى إبراهيم.

    فيأتون إبراهيم فيقولون: يا إبراهيم أنت نبيّ الله وخليله من أهل الأرض، اشفع لنا إلى ربّك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فيقول لهم: إنّ ربّي قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإنّي قد كنت كذبت ثلاث كذبات- فذكرهنّ أبوحيان في الحديث- نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى موسى.

    فيأتون موسى فيقولون: يا موسى أنت رسول الله، فضّلك الله برسالته وبكلامه على النّاس، اشفع لنا إلى ربّك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فيقول: إنّ ربّي قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإنّي قد قتلت نفسًا لم أومر بقتلها، نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى عيسى.

    فيأتون عيسى فيقولون: يا عيسى أنت رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، وكلّمت النّاس في المهد صبيًّا" اشفع لنا إلى ربّك ألا ترى إلى ما نحن فيه فيقول عيسى إنّ ربّي قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله -ولم يذكر ذنبًا- نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى محمّد صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم.

    فيأتون محمّدًا، فيقولون: يا محمّد أنت رسول الله وخاتم الأنبياء، وقد غفر الله لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر، اشفع لنا إلى ربّك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فأنطلق فآتي تحت العرش فأقع ساجدًا لربّي عزّ وجلّ، ثمّ يفتح الله عليّ من محامده وحسن الثّناء عليه شيئًا لم يفتحه على أحد قبلي، ثمّ يقال: يا محمّد ارفع رأسك، سل تعطه، واشفعْ تشفّعْ. فأرفع رأسي فأقول: أمّتي يا ربّ، أمّتي يا ربّ.

    فيقال: يا محمّد أدخل من أمّتك من لا حساب عليهم من الباب الأيمن من أبواب الجنّة، وهم شركاء النّاس فيما سوى ذلك من الأبواب. -ثم قال- والّذي نفسي بيده إنّ ما بين المصراعين من مصاريع الجنّة كما بين مكّة وحمير، أو كما بين مكّة وبصرى ".


    ثانياً: شفاعته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم في قوم تساوت حسناتهم وسيئاتهم فيشفع فيهم أن يدخلوا الجنة .
    ثالثاً: شفاعته في أقوام استحقوا النار أن لا يدخلوها .
    رابعاً:شفاعته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم رفع درجات أهل الجنة في الجنة .


    فهذه قد تستفاد من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم للمؤمنين بالمغفرة والرحمة على جنائزهم , فإنه من لازم ذلك ان لا يدخل النار قال مسلم رحمه الله (ج2 ص634): حدثني زهير بن حرب حدثنا معاوية بن عمرو حدثنا أبوإسحاق الفزاري عن خالد الحذّاء عن أبي قلابة عن قبيصة بن ذؤيب عن أم سلمة قالت: دخل رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم على أبي سلمة وقد شقّ بصره فأغمضه ثمّ قال: "إنّ الرّوح إذا قبض تبعه البصر" فضجّ ناس من أهله فقال: "لا تدعوا على أنفسكم إلاّ بخير فإنّ الملائكة يؤمّنون على ما تقولون" ثمّ قال: "اللّهمّ اغفر لأبي سلمة وارفع درجته في المهديّين، واخلفه في عقبه في الغابرين واغفر لنا وله يا ربّ العالمين، وافسح له في قبره، ونوّر له فيه".

    لكن هذه شفاعة في الدنيا كما في قوله صلى الله عليه وسلم " ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلاًً لا يشركون بالله شيئاً إلا شفعهم الله فيه " مسلم

    قال البخاري رحمه الله (ج8 ص41): حدثنا محمد بن العلاء حدثنا أبوأسامة عن بريد بن عبدالله عن أبي بردة عن أبي موسى رضي الله عنه قال: لمّا فرغ النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم من حنين بعث أبا عامر على جيش إلى أوطاس فلقي دريد بن الصّمّة، فقتل دريد وهزم الله أصحابه، قال أبوموسى: وبعثني مع أبي عامر فرمي أبوعامر في ركبته رماه جشميّ بسهم فأثبته في ركبته، فانتهيت إليه فقلت: يا عمّ من رماك. فأشار إلى أبي موسى فقال: ذاك قاتلي الّذي رماني. فقصدت له فلحقته فلمّا رآني ولّى فاتّبعته وجعلت أقول له: ألا تستحيي ألا تثبت. فكفّ فاختلفنا ضربتين بالسّيف فقتلته، ثمّ قلت لأبي عامر: قتل الله صاحبك.

    قال: فانزعْ هذا السّهم. فنزعته فنزا منه الماء قال: يا ابن أخي أقرئ النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم السّلام وقل له: استغفر لي. واستخلفني أبوعامر على النّاس فمكث يسيرًا ثمّ مات، فرجعت فدخلت على النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم في بيته على سرير مرمّل، وعليه فراش قد أثّر رمال السّرير بظهره وجنبه، فأخبرته بخبرنا وخبر أبي عامر وقال: قل له: استغفر لي. فدعا بماء فتوضّأ ثمّ رفع يديه فقال: "اللّهمّ اغفر لعبيد أبي عامر" ورأيت بياض إبطيه ثمّ قال: "اللّهمّ اجعله يوم القيامة فوق كثير من خلقك من النّاس"

    فقلت: ولي فاستغفر. فقال: "اللهمّ اغفر لعبدالله بن قيس ذنبه، وأدخله يوم القيامة مدخلاً كريمًا" قال أبوبردة: إحداهما لأبي عامر والأخرى لأبي موسى.
    الحديث أخرجه مسلم.


    خامساً : شفاعته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم في أقوام أن يدخلوا الجنة بغير حساب .

    ومنهم عكاشة بن محصن ، لَمَّا أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن من أهل الجنة من يدخلونها بغير حساب ولا عذاب، وهم سبعون ألفاً، لما قال الله له: ( هذه أمتك ومعهم سبعون ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب، قام عكاشة بن محصن فقال: ادعُ الله أن يجعلني منهم، فقال: أنت منهم ) يعني: كأنه شفع له أن يكون من الذين يدخلون الجنة بغير حساب، ومنهم أيضاً غيره

    قال الترمذي رحمه الله (ج4 ص540): حدثنا الحسن بن عرفة حدثنا إسماعيل بن عياش عن محمد بن زياد الألهاني قال: سمعت أبا أمامة يقول: سمعْت رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم يقول: "وعدني ربّي أنْ يدخل الجنّة من أمّتي سبعين ألفًا لا حساب عليهم ولا عذاب مع كلّ ألف سبعون ألفًا وثلاث حثيات من حثياته".
    هذا حديث حسن غريب, وصححه الالباني


    سادساً :شفاعته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم في تخفيف العذاب عمن كان يستحقه كشفاعته في عمه أبي طالب .

    عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر عنده عمه أبو طالب فقال لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة فيجعل في ضحضاح من النار يبلغ كعبيه يغلي منه أم دماغه" بخاري


    سابعاً: شفاعته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم في أهل الجنة أن يؤذن لهم بدخول الجنة .

    عن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " أنا أول من يقرع " أي : باب الجنة. وفيه أيضاً: " أنا أول شفيع في الجنة ". مسلم

    وروى مسلم عن أنس أيضاً ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " آتي باب الجنة فأستفتح ، فيقول الخازن: من أنت؟ فأقول: محمد ، فيقول: بك أمرت لا أفتح لأحد قبلك ". مسلم


    ثامناً : شفاعته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم في أهل الكبائر من أمته ممن دخل النار أن يخرج منها .

    قال البخاري رحمه الله (ج13 ص392): حدثني معاذ بن فضالة حدثنا هشام عن قتادة عن أنس أن النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم قال:"يجمع الله المؤمنين يوم القيامة كذلك، فيقولون: لو استشفعنا إلى ربّنا حتّى يريحنا من مكاننا هذا. فيأتون آدم، فيقولون: يا آدم أما ترى النّاس؟ خلقك الله بيده، وأسجد لك ملائكته، وعلّمك أسماء كلّ شيء، اشفع لنا إلى ربّك، حتّى يريحنا من مكاننا هذا.

    فيقول: لست هناكم -ويذكر لهم خطيئته التي أصاب- ولكن ائتوا نوحًا فإنّه أوّل رسول بعثه الله إلى أهل الأرض. فيأتون نوحًا، فيقول: لست هناك -ويذكر خطيئته التي أصاب- ولكن ائتوا إبراهيم خليل الرّحمن.

    فيأتون إبراهيم، فيقول: لست هناكم -ويذكر لهم خطاياه التي أصابها- ولكن ائتوا موسى عبدًا آتاه الله التّوراة، وكلّمه تكليمًا.

    فيأتون موسى، فيقول: لست هناكم -ويذكر لهم خطيئته التي أصاب- ولكن ائتوا عيسى عبد الله ورسوله وكلمته وروحه. ف
    يأتون عيسى، فيقول: لست هناكم، ولكن ائتوا محمّدًا صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم عبدًا غفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر.

    فيأتونني فأنطلق فأستأذن على ربّي، فيؤذن لي عليه، فإذا رأيت ربّي وقعت له ساجدًا، فيدعني ما شاء الله أن يدعني، ثمّ يقال لي: ارفع محمّد، قل يسمعْ، وسل تعطه، واشفعْ تشفّعْ. فأحمد ربّي بمحامد علّمنيها، ثمّ أشفع فيحدّ لي حدًّا فأدخلهم الجنّة، ثمّ أرجع فإذا رأيت ربّي وقعت ساجدًا، فيدعني ما شاء الله أن يدعني، ثمّ يقال: ارفع محمّد، وقل يسمع، وسل تعطه، واشفع تشفّع. فأحمد ربّي بمحامد علّمنيها، ثمّ أشفع فيحدّ لي حدًّا فأدخلهم الجنّة، ثمّ أرجع فإذا رأيت ربّي وقعت ساجدًا، فيدعني ما شاء الله أن يدعني، ثمّ يقال: ارفع محمّد، قل يستمع، وسل تعطه، واشفع تشفّع.

    فأحمد ربّي بمحامد علّمنيها، ثمّ أشفع فيحدّ لي حدًّا فأدخلهم الجنّة، ثمّ أرجع فأقول: يا ربّ ما بقي في النّار إلا من حبسه القرآن ووجب عليه الخلود"

    فقال النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم: "يخرج من النّار من قال لا إله إلاّ الله، وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة، ثمّ يخرج من النّار من قال لا إله إلاّ الله وكان في قلبه من الخير ما يزن برّةً، ثمّ يخرج من النّار من قال لا إله إلا الله وكان في قلبه ما يزن من الخير ذرّةً"

    قال البخاري رحمه الله (ج2 ص292): حدثنا أبواليمان قال: أخبرنا شعيب عن الزهري قال: أخبرني سعيد بن المسيب وعطاء بن يزيد الليثي أن أبا هريرة أخبرهما أنّ النّاس قالوا: يا رسول الله هل نرى ربّنا يوم القيامة؟ قال: "هل تمارون في القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب؟"قالوا: لا يا رسول الله. قال: "فهل تمارون في الشّمس ليس دونها سحاب؟" قالوا: لا. قال: "فإنّكم ترونه كذلك، يحشر النّاس يوم القيامة فيقول: من كان يعبد شيئًا فليتّبع. فمنهم من يتّبع الشّمس، ومنهم من يتّبع القمر، ومنهم من يتّبع الطّواغيت، وتبقى هذه الأمّة فيها منافقوها، فيأتيهم الله فيقول: أنا ربّكم. فيقولون: هذا مكاننا حتّى يأتينا ربّنا، فإذا جاء ربّنا عرفْناه. فيأتيهم الله فيقول: أنا ربّكم. فيقولون: أنت ربّنا. فيدعوهم فيضرب الصّراط بين ظهراني جهنّم، فأكون أوّل من يجوز من الرّسل بأمّته، ولا يتكلّم يومئذ أحد إلاّ الرّسل، وكلام الرّسل يومئذ: اللّهمّ سلّم سلّم. وفي جهنّم كلاليب مثل شوك السّعدان، هل رأيتم شوك السّعدان؟" قالوا: نعم.

    قال: "فإنّها مثل شوك السّعدان غير أنّه لا يعلم قدر عظمها إلاّ الله، تخطف النّاس بأعمالهم، فمنهم من يوبق بعمله ومنهم من يخردل ثمّ ينجو، حتّى إذا أراد الله رحمة من أراد من أهل النّار أمر الله الملائكة أن يخرجوا من كان يعبد الله فيخرجونهم ويعرفونهم بآثار السّجود، وحرّم الله على النّار أن تأكل أثر السّجود، فيخرجون من النّار، فكلّ ابن آدم تأكله النّار إلاّ أثر السّجود، فيخرجون من النّار قد امتحشوا فيصبّ عليهم ماء الحياة فينبتون كما تنبت الحبّة في حميل السّيل، ثمّ يفرغ الله من القضاء بين العباد، ويبقى رجل بين الجنّة والنّار وهو آخر أهل النّار دخولاً الجنّة مقبل بوجهه قبل النّار،
    فيقول: يا ربّ اصرفْ وجهي عن النّار قد قشبني ريحها وأحرقني ذكاؤها.

    فيقول: هل عسيت إن فعل ذلك بك أن تسأل غير ذلك؟ فيقول: لا وعزّتك. فيعطي الله ما يشاء من عهد وميثاق فيصرف الله وجهه عن النّار، فإذا أقبل به على الجنّة رأى بهجتها سكت ما شاء الله أن يسكت،

    ثمّ قال: يا ربّ قدّمني عند باب الجنّة. فيقول الله له: أليس قد أعطيت العهود والميثاق أن لا تسأل غير الّذي كنت سألت؟ فيقول: يا ربّ لا أكون أشقى خلقك. فيقول: فما عسيت إن أعطيت ذلك أن لا تسأل غيره؟
    فيقول: لا وعزّتك لا أسأل غير ذلك. فيعطي ربّه ما شاء من عهد وميثاق فيقدّمه إلى باب الجنّة، فإذا بلغ بابها فرأى زهرتها وما فيها من النّضرة والسّرور، فيسكت ما شاء الله أن يسكت

    فيقول: يا ربّ أدخلني الجنّة. فيقول الله: ويحك يا ابن آدم ما أغدرك أليس قد أعطيت العهود والميثاق أن لا تسأل غير الّذي أعطيت. فيقول: يا ربّ لا تجعلني أشقى خلقك. فيضحك الله عزّ وجلّ منه، ثمّ يأذن له في دخول الجنّة فيقول: تمنّ. فيتمنّى حتّى إذا انقطع أمنيّته قال الله عزّ وجلّ: من كذا وكذا. أقبل يذكّره ربّه، حتّى إذا انتهت به الأمانيّ قال الله تعالى: لك ذلك ومثله معه" قال أبوسعيد الخدريّ لأبي هريرة رضي الله عنهما: إنّ رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم قال: "قال الله لك ذلك وعشرة أمثاله" قال أبوهريرة: لم أحفظ من رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم إلاّ قوله: "لك ذلك ومثله معه".

    قال أبوسعيد: إنّي سمعته يقول: "ذلك لك وعشرة أمثاله".


    أسعد الناس بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم

    عن أبي هريرة أنه قال: قيل: يا رسول الله من أسعد النّاس بشفاعتك يوم القيامة؟ قال رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم: "لقد ظننت يا أبا هريرة ألاّ يسألني عن هذا الحديث أحد أوّل منك، لما رأيت من حرصك على الحديث، أسعد النّاس بشفاعتي يوم القيامة من قال: لا إله إلاّ الله خالصًا من قلبه أو نفسه".بخاري


    شفاعة المؤمنيـن

    قد تقدمت أحاديث في شفاعة الأنبياء والملائكة والمؤمنين والشهداء، وهذه بقية الأحاديث الواردة في شفاعة المؤمنين.


    شفاعة الأولاد لآبائهم

    قال الإمام أحمد رحمه الله (ج2 ص509): ثنا يزيد أنا حماد بن سلمة عن عاصم بن أبي النجود عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم: "إنّ الله عزّ وجلّ ليرفع الدّرجة للعبد الصّالح في الجنّة، فيقول: يا ربّ أنّى لي هذه؟ فيقال: باستغفار ولدك لك".
    الحديث رجاله رجال الصحيح.

    قال مسلم رحمه الله (ج4 ص2029): حدثنا سويد بن سعيد ومحمد ابن عبدالأعلى -وتقاربا في اللفظ- قالا: حدثنا المعتمر عن أبيه عن أبي السليل عن أبي حسان قال: قلت لأبي هريرة: إنّه قد مات لي ابنان، فما أنت محدّثي عن رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم بحديث تطيّب به أنفسنا عن موتانا؟ قال: قال: نعم، "صغارهم دعاميص الجنّة يتلقّى أحدهم أباه -أو قال: أبويه- فيأخذ بثوبه -أو قال: بيده- كما آخذ أنا بصنفة ثوبك هذا فلا يتناهى -أو قال فلا ينتهي- حتّى يدخله الله وأباه الجنّة".


    المسلم الذي لا تقبل شفاعتـه

    قال مسلم رحمه الله (ج4 ص2006): حدثنا أبوبكر بن أبي شيبة حدثنا معاوية بن هشام عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم وأبي حازم عن أم الدرداء عن أبي الدّرداء سمعت رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم يقول: "إنّ اللّعّانين لا يكونون شهداء ولا شفعاء يوم القيامة".


    أسباب الشفاعـة

    شفاعة القرآن


    قال مسلم رحمه الله (ج1 ص553): حدثني حسن بن علي الحلواني حدثنا أبوتوبة وهو الربيع بن نافع حدثنا معاوية -يعني ابن سلام- عن زيد أنه سمع أبا سلام يقول: حدثني أبوأمامة الباهلي قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم يقول: "اقرءوا القرآن فإنّه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه، اقرءوا الزّهراوين البقرة وسورة آل عمران فإنّهما تأتيان يوم القيامة كأنّهما غمامتان -أو كأنّهما غيايتان أو كأنّهما فرقان- من طير صوافّ تحاجّان عن أصحابهما، اقرءوا سورة البقرة فإنّ أخذها بركة وتركها حسرة، ولا يستطيعها البطلة".


    سكنى المدينة والموت بها

    قال الإمام مسلم رحمه الله (ج2 ص1002): وحدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ليث عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي سعيد مولى المهريّ أنّه جاء أبا سعيد الخدريّ ليالي الحرّة فاستشاره في الجلاء من المدينة، وشكا إليه أسعارها وكثرة عياله، وأخبره أن لا صبر له على جهد المدينة ولأوائها، فقال له: ويحك لا آمرك بذلك، إنّي سمعت رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم يقول: "لا يصبر أحد على لأوائها فيموت إلاّ كنت له شفيعًا أو شهيدًا يوم القيامة إذا كان مسلمًا".
    الحديث أخرجه الإمام أحمد (ج3 ص29، 58، 69).

    وقال مسلم رحمه الله (ج2 ص1004): حدثني زهير بن حرب حدثنا عثمان بن عمر أخبرنا عيسى بن حفص بن عاصم حدثنا نافع عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم يقول: "من صبر على لأوائها كنت له شفيعًا أو شهيدًا يوم القيامة".


    استفيدت اكثر هذه المادة من الشفاعة لمقبل بن هادي الوادعي رحمه الله برحمته الواسعة
    اصول الايمان في ضوء الكتاب والسنة
    وأيُّما جِهَةٍ أعرَضَ اللهُ عَنها ؛ أظلمت أرجاؤها , ودارت بها النُحوس !

    -ابن القيم-

  2. افتراضي

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
    ممكن اتوضح هذا الحديث

    شفاعة الأولاد لآبائهم

    قال الإمام أحمد رحمه الله (ج2 ص509): ثنا يزيد أنا حماد بن سلمة عن عاصم بن أبي النجود عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم: "إنّ الله عزّ وجلّ ليرفع الدّرجة للعبد الصّالح في الجنّة، فيقول: يا ربّ أنّى لي هذه؟ فيقال: باستغفار ولدك لك".
    الحديث رجاله رجال الصحيح.

    ---------------------
    يعني هل يكون هذا بعد موت الاب ؟
    (اي استغفار الولد)

  3. افتراضي

    سامحني السؤال غير الموضوع بس انا حاب اسأل هذا السؤال
    وهل هذا دليل على انه الميت ما بوصلة غير دعاء ولدة فقط بعد الموت لحديث الرسول عليه الصلاة والسلام
    عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعوا له )

    وشكرا
    يَرْفَعِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ وَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    May 2009
    المشاركات
    1,574
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو جواد مشاهدة المشاركة
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
    ممكن اتوضح هذا الحديث

    شفاعة الأولاد لآبائهم

    قال الإمام أحمد رحمه الله (ج2 ص509): ثنا يزيد أنا حماد بن سلمة عن عاصم بن أبي النجود عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم: "إنّ الله عزّ وجلّ ليرفع الدّرجة للعبد الصّالح في الجنّة، فيقول: يا ربّ أنّى لي هذه؟ فيقال: باستغفار ولدك لك".
    الحديث رجاله رجال الصحيح.

    ---------------------
    يعني هل يكون هذا بعد موت الاب ؟
    (اي استغفار الولد)
    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

    مرحباُ بـ الغالي ..

    سواءٌ علينا أقلنا بموت الوالدين او بحياتهما فهو نافعٌ لهم ان شاء الله بدليل قوله " يا ربّ أنّى لي هذه؟ فيقال: باستغفار ولدك لك"

    قال السُبكي في الدين الخالص " دل الحديث على أن دعاء الولد لوالديه ينفعهما بعد موتهما، فمن لم يدرك والديه وأراد برهما أو أدركهما وقصر في برهما فليكثر من الدعاء لهما بعد موتهما، فهو من أعظم أنواع البر بالوالدين، وللولد في ذلك أجر عظيم"

    ولحديث أبي أُسيد قال بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل فقال يا رسول الله هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما قال نعم الصلاة عليهما والاستغفار لهما وإنفاذ عهدهما من بعدهما وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما وإكرام صديقهما . ابو داود

    وينتفع الميت بدعاء الصالحين واستغفارهم عموماً , لاحاديث , وخُص الابن بذلك لكون أقرب ما يكون لوالديه من غيره في المحبة والشفقة والرحمة


    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو جواد مشاهدة المشاركة
    سامحني السؤال غير الموضوع بس انا حاب اسأل هذا السؤال
    وهل هذا دليل على انه الميت ما بوصلة غير دعاء ولدة فقط بعد الموت لحديث الرسول عليه الصلاة والسلام
    عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعوا له )

    وشكرا
    ظاهر الحديث يدل عليه , وجاءت أحاديث في الصيام كقوله صلى الله عليه وسلم " من مات وعليه صيام، صام عنه وليه" متفق عليه وهو محمول ما اذا كان صيام نذر , لانه كدين على العبد

    لقوله صلى الله عليه وسلم للمرأة " أرأيتك لو كان عليها دين كنت تقضينه؟ قالت: نعم قال: فدين الله أحق أن يقضى ، فاقض عن أمك"


    وكذا قضاء الدين .

    والحج فعن ابن عباس رضي الله عنهما: أن امرأة من جهينة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج، حتى ماتت، أفأحج عنها؟ قال: "نعم حجي عنها، أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته، اقضوا الله فالله أحق بالوفاء. بخاري


    وتكلموا في صدقة الولد للوالد بعد الموت وقالوا بجوازها وانتفاع الميت بها واجابوا عن قوله تعالى (وأن ليس للانسان إلا ما سعى) وغيرها من الايات ان الود من سعي الاب وكسبه وذكروا حديثاً في الباب قال صلى الله عليه وسلم (إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه، وإن ولده من كسبه) ابوداود وحسنه الالباني

    وحديث أبي هريرة رضي الله عنهأنه رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم إن أبي مات وترك مالا ولم يوص فهل يكفر عنه أن أتصدق عنه؟ قال: نعم ) مسلم

    وقول الشوكاني في (نيل الاوطار) (4 / 79): (وأحاديث الباب تدل على أن الصدقة من الولد تلحق الوالدين بعد موتهما بدون وصية منهما، ويصل إليهما ثوابها، فيخصص بهذه الاحاديث عموم قوله تعالى (وأن ليس للانسان إلا ما سعى) ولكن ليس في أحاديث الباب إلا لحوق الصدقة من الولد، وقد ثبت أن ولد الانسان من سعيه فلا حاجة إلى دعوى التخصيص، وأما من غير الولد فالظاهر من العموميات القرآنية أنه لا يصل ثوابه إلى الميت، فيوقف عليها، حتى يأتي دليل يقتضي تخصيصحها).


    والذي أميل اليه ان هذه الاحاديث وغيرها خاصة في باب النذر فيجب قضاؤها واداؤها دون غيرها فالحديث على ظاهره دون التوسع المذكور

    فقد قال الله " وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وأن سعيه سوف يرى ثم يجزاه الجزاء الأوفى"
    وقوله تعالى " حتى إذا جآء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قآئلها ومن ورآئهم برزخ إلى يوم يبعثون"

    وقوله "يأيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون وأنفقوا من ما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولآ أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين ولن يؤخر الله نفسا إذا جآء أجلهآ والله خبير بما تعملون"

    ولحديث بسر بن جحاش القرشي : ان النبي صلى الله عليه و سلم بزق يوما في كفه فوضع عليها إصبعه ثم قال قال الله بن آدم انى تعجزني وقد خلقتك من مثل هذه حتى إذا سويتك وعدلتك مشيت بين بردين وللأرض منك وئيد فجمعت ومنعت حتى إذا بلغت التراقي قلت أتصدق وإني اوان الصدقة . احمد 17876 وابن ماجه

    والله اعلم
    وأيُّما جِهَةٍ أعرَضَ اللهُ عَنها ؛ أظلمت أرجاؤها , ودارت بها النُحوس !

    -ابن القيم-

  5. افتراضي

    بارك الله فيك
    و أسأل الله العظيم رب العرش العظيم ان يجعلك من اهل الفردوس
    يَرْفَعِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ وَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. ما أراه ولا أُلزم به أحدا بخصوص محنتنا المعاصرة في مصر
    بواسطة elserdap في المنتدى أحوال المسلمين بالعالم
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 08-19-2013, 08:54 AM
  2. ما أراه ولا أُلزم به أحدا بخصوص محنتنا المعاصرة في مصر
    بواسطة elserdap في المنتدى قسم الحوار العام
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 08-19-2013, 08:54 AM
  3. تفضلوا العدد الأول من مجلتنا فقه الوحى .....
    بواسطة د . عبدالباقى السيد في المنتدى المكتبة
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 07-22-2012, 08:32 PM
  4. مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 01-01-2012, 04:15 AM

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء