النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: العَلمانية فصل المادة عن الروح

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    الدولة
    لبنان
    المشاركات
    76
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي العَلمانية فصل المادة عن الروح

    العَلمانية فصل المادة عن الروح

    تعريف العلمانية:
    "العِلمانية" ترجمة غير دقيقة، بل غير صحيحة لكلمة "Secularism" في الإنجليزية، أو "Secularite" أو "Laïque" بالفرنسية، وهي كلمة لا أصل لها بلفظ "العِلم" ومشتقاته، على الإطلاق. فالعِلم في الإنجليزية والفرنسية، يعبر عنه بكلمة "Science"، والمذهب العلمي، نطلق عليه كلمة "Scientism"، والنسبة إلى العلم هي "Scientific" أو "Scientifique" في الفرنسية.
    والترجمة الصحيحة للكلمة هي "اللادينية" أو "الدنيوية" أو حتى "العَلمانية"، لا بمعنى ما يقابل الأخروية فحسب، بل بمعنى أخصّ، وهو ما لا صلة له بالدين أو ما كانت علاقته بالدين علاقة تضاد.
    وإنما ترجمت الكلمة الأجنبية بهذا اللفظ "العِلمانية"، لأن الذين تولوا الترجمة، لم يفهموا من كلمتي "الدين" و"العلم" إلا ما يفهمه الغربي المسيحي منها. والدين والعلم في مفهوم الإنسان الغربي، متضادان متعارضان، فما يكون دينياً لا يكون علمياً، وما يكون علمياً لا يكون دينياً، فالعلم والعقل، يقعان في مقابل الدين، والعلمانية والعقلانية، في الصف المضاد للدين.
    تقول دائرة المعارف البريطانية مادة "Secularism": "وهي حركة اجتماعية، تهدف إلى صرف الناس، وتوجيههم من الاهتمام بالآخرة، إلى الاهتمام بهذه الدنيا وحدها، وذلك أنه كان لدى الناس في العصور الوسطى، رغبة شديدة في العزوف عن الدنيا، والتأمل في الله واليوم الآخر، وفي مقاومة هذه الرغبة طفقت الـ "Secularism" تعرض نفسها من خلال تنمية النزعة الإنسانية، حيث بدأ الناس في عصر النهضة يظهرون تعلقهم الشديد بالإنجازات الثقافية والبشرية، وبإمكانية تحقيق مطامحهم في هذه الدنيا القريبة. وظل الاتجاه إلى الـ "Secularism" يتطور باستمرار خلال التاريخ الحديث كله، باعتبارها حركة مضادة للدين، ومضادة للمسيحية".
    ومن التعريفات أيضاً:
    "اتجاه في الحياة أو في أي شأن خاص، يقوم على مبدأ أن الدين أو الاعتبارات الدينية، يجب أن لا تتدخل في الحكومة، أو استبعاد هذه الاعتبارات، استبعادا مقصودا، فهي تعني مثلا السياسة اللادينية البحتة في الحكومة". "وهي نظام اجتماعي في الأخلاق، مؤسس على فكرة وجوب قيام القيم السلوكية والخلقية، على اعتبارات الحياة المعاصرة والتضامن الاجتماعي، دون النظر إلى الدين".
    ويقول الدكتور يوسف القرضاوي: "وكأن مدلول "العلمانية" المتفق عليه يعني: عزل الدين عن الدولة وحياة المجتمع، وإبقاءه حبيساً في ضمير الفرد، لا يتجاوز العلاقة الخاصة بينه وبين ربه، فإن سمح له بالتعبير عن نفسه، ففي الشعائر التعبدية، والمراسم المتعلقة بالزواج والوفاة، ونحوها." (الإسلام والعلمانية وجهاً لوجه, ص 51)
    نشأة العلمانية:
    نشأت العَلمانية كردِّ فعل على تسلُّط وطغيان واستبداد الكنيسة في أوروبا, حيث ثار المفكرون أمثال فولتير وروسو ومونتسكيو ودعوا إلى فصل الدين عن الدولة وحمل أفكارهم قادة الثورة الفرنسية (1789م) وغيرهم في أوروبا. وكانت العلمانية بمثابة الحل الوسط بين الدولة والكنيسة في مرحلة ما بعد الثورة, إذ تقوم على اعتراف بالدين ضمن حدود ضمائر الأفراد والطقوس الكنسية والمناسبات, وتكون المؤسسة الدينية المتمثلة بالكنيسة محكومة لا حاكمة, خاضعة لسلطان الدولة العلمانية.

    العلمانية وعالمنا الإسلامي:
    لم تظهر مشكلات في عالمنا الإسلامي شبيهة بتلك التي ظهرت في أوروبا, إذ أن الحكم في الإسلام للشرع لا للأشخاص, وهذا لا يدع مجالاً للاستبداد. كما أن الإسلام حثًَّ على العلم وكان المحرك الأساس لنهضة علمية سبقها ركود وانحطاط, وقد كان للمساهمات العلمية الإسلامية الدور الأكبر في نهضة الغرب العلمية (انظر www.1001inventions.com). إلا أن الأمة قد عرفت حُقَباً سوداء أساء فيها الحاكمون, وهذه المراحل إنما هي استثناءات وليست الأصل في تاريخنا الإسلامي. مع ذلك, فإن جَور بعض الحكام من المسلمين لم يصل أو حتى يقترب من طغيان رجال الكنيسة وملوك أوروبا الذين كانوا يحكمون باسم الدين.
    وبينما ارتبطت العلمانيةالغربية، الفاصلة للدين عن الدولة وغير الرافضة للدين المسيحي، بأنظمة حكم ذات نمطديمقراطي في الداخل وتوجّه استعماري للشعوب الأخرى، وعلى أساس مصالح اقتصادية فرضتها الثورة الصناعية في أوروبا وحاجتها لأسواق ولمصادر خام.. فإن العلمانيةالشيوعية، كانت ذات سمة ديكتاتورية وفاصلة للدين عن المجتمع (وليس عن الدولة فقط) وكانت رافضة لكلِّ الأديان، وارتبطت بحركات وأحزاب ذات توجّهات معادية للدين والقومية معاً.
    وقد انتشرت طروحات العلمانية في بعض البلاد العربية والإسلامية في ظل الظروف التالية:* الدخول الثقافي الأوروبي للمنطقة العربية بواسطة إرساليات تبشيرية أو بحجة حماية لأقليات دينية.
    *المواجهة الغربية"العلمانية" مع الدولة العثمانية والسعي للسيطرة على المنطقة بعدما فشلت الحملات الأوروبية باسم (الحملات الصليبية) حينما كان "رجل الدين" في أوروبا هو الحاكم.
    *محاولة الاحتواء الثقافي الغربي للعرب، من خلال التشجيع على التغريب الثقافي والدعوة للابتعاد عن الدين باسم العلمانية.
    * تأسيس الأحزاب الشيوعية العربية ذات الطبيعة اللادينية.
    وقد ظهرت حركات علمانية عربية في النصف الأول من القرن العشرين إمَّا من خلفية ثقافية غربية تخدم طروحات الغرب في المنطقة العربية وتسعى لإبعاد العرب عن حضارتهم الإسلامية وعن عروبتهم معاً (كمحاولة "الفَرْنَسَة" للجزائر على سبيل المثال).. أو من خلفية ثقافية شيوعية معادية للدين والقومية عموماً.
    وقد جرى أيضاً طرح العلمانية في المنطقة العربية من خلال بعض الأقليات الدينية التي كانت تخاف على مصيرها في بلدان ذات أغلبية دينية مختلفة.

    العلمانية في نظر الإسلام:
    العلمانية مبدأ مستورد نشأ لمعالجة مشاكل الغرب مع الدين, وإن كان علاجاً ناجحاً – إلى حد ما- بالنسبة لهم, إلا أنه لا يصلح لمعالجة مشاكلنا, التي نتجت بدورها عن عدم تطبيق الإسلام.
    تريد العلمانية من الإسلام أن يقنع بركن أو زاوية له في بعض جوانب الحياة، لا يتجاوزها ولا يتعداها، وهذا تفضل منها عليه، لأن الأصل أن تكون الحياة كلها لها، بلا مزاحم أو شريك! ومن هنا يصطدم الإسلام بالعلمانية، ولابد في أكثر من مجال، يصطدم بها في كل شعبة من شعب تعاليمه الأربع الرئيسية: العقائد، والعبادات، والأخلاق، والتشريع

    والإسلام ـ بطبيعته ـ يرفض أن يكون له مجرد ركن في الحياة، وهو موجِّه الحياة وصانعها. يرفض أن يكون مجرد ضيف على العلمانية، وهو صاحب الدار!

    لقد نبَّأنا رسول الله عليه الصلاة والسلام بالعلمانية منذ أكثر من 1400 سنة:
    عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله عليه الصلاة والسلام يقول: «... "ألا إنَّ رحى الإسلام دائرة, فدُوروا مع الكتاب حيث دار, ألا إن الكتاب والسلطان سيفترقان, فلا تُفارقوا الكتاب, ألا إنه سيكون عليكم أمراء يقضون لأنفسهم ما لا يقضون لكم؛ إن عصيتموهم قتلوكم, وإن أطعتموهم أضلُّوكم" قالوا: يا رسول الله, كيف نصنع؟ قال: "كما صنع أصحاب عيسى ابن مريم عليه السلام؛ نشروا بالمناشير, وحملوا على الخشب, موتٌ في طاعة الله خير من حياةٍ في معصية الله"» رواه الطبراني في المعجم الكبير.

    وموقفنا نحن المسلمون من العلمانية وفصل الروح عن المادة هو أن نثبت على ما أوصانا به الله سبحانه وتعالى ورسوله عليه الصلاة والسلام.

    كتب مقترحة:
    العلمانية الجزئية والعلمانيةالشاملة (موسوعة من جزئين)- عبد الوهاب المسيري - دار الشروق
    التطرفالعلمانى فى مواجهة الإسلام (نموذج تركيا وتونس) - د يوسف القرضاوي - دار الشروق
    الشريعةالإسلامية والعلمانية الغربية (83 صفحة) - د محمد عمارة - دار الشروق
    العلمانيون والإسلام (100 صفحة) – محمد قطب - دار الشروق
    العلمانية تحت المجهر (334 صفحة) – د عبد الوهاب المسيري و د عزيز العظمة – دار الفكر
    الإسلام والعلمانية وجهاً لوجه (240 صفحة) - د يوسف القرضاوي - مؤسسة الرسالة

    أخوكم المحب أبو مريم (الثاني)
    التعديل الأخير تم 04-17-2010 الساعة 08:40 AM

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. الحب هل هو من المادة أم من الروح
    بواسطة LUCHA في المنتدى خنفشاريات
    مشاركات: 58
    آخر مشاركة: 06-16-2012, 10:04 PM
  2. الحب هل هو من المادة أم من الروح
    بواسطة LUCHA في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 58
    آخر مشاركة: 06-16-2012, 10:04 PM
  3. العَلمانية والعِلمانية
    بواسطة د. أحمد إدريس الطعان في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 06-09-2005, 05:12 PM
  4. العَلمانية والعِلمانية
    بواسطة د. أحمد إدريس الطعان في المنتدى د. أحمد إدريس الطعان
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 06-09-2005, 12:46 PM

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء