بسم الله الرحمن الرحيم.
لست هنا لكي أناقش ما إذا كانت نظرية التطور علمية أو لا باطلة أو غير ذلك بل أنا ممن يؤمنون بصحتها، و لذلك فأرجو من الأعضاء الكرام عدم مناقشة الموضوع من هذه الزاوية، و إنما نحن هنا لكي نعيد تعريف مفهوم خلق الإنسان من طين، أي، هي محاولة للتوفيق بين الخلق من طين و المجيئ من سلالة حيوانية طويلة إنتهت عند الإنسان، و أظنها إن شاء الله محاولة مشروعة، و إني هنا أناشدكم الله أن تكونوا معي لا العكس لأن المسألة مسألة كفر أو إيمان، كما أرجو عدم تضييع الحوار في شؤون جانبية.
لقد عرضت مفهوم "السلالة" في القران على الكثير و إتضح لي أنه لا تعني بالضرورة سلالة حيوانية بل سلالة إنسانية من النسل و الذرية، و لذلك فلن أناقش الموضوع من منطلق الأيات التي تقول بأن الإنسان جاء من سلالة من طين، و لكن سوف أتناول هنا مفهوم "الطين" بحد ذاته.
و إنه حقا لمن السخف أن نعتقد بأن "الطين" الذي خلق منه أدم هو نفسه الطين الذي نعرفه، لا تذهبوا بعيدا فأنا لا أرمي إلى أن الطين هنا هو مادة فضائية أو ما شابه ذلك، و لكن مما لا خلاف حوله أن الطين الذي جاء منه أدم قد مر على مراحل عدة، فالقران يقول أنه صلصال أي منتن، و لا تنتن الأشياء إلا بوجود المواد الحية فيها، و إذا صح ذلك فإن خلق أدم من طين لا يعني أنه معزول عن باقي الحيوانات بل إن ذلك ليفسر كيف أن خلقه من طين يعني إستنباط مادته من بقايا الكائنات الحية البائدة الموجودة في التربة، و هذا هو التطور بعينه.
و تعالوا نفكر معا، إن التربة في الأرض تحفظ بقايا الكائنات الحية و من هذه البقايا تنتج النوعيات الجديدة، هذا ما سمعت من بعض العلماء، ثم إنه من المعروف أن الإنسان إذا مات فإن مادته الحية لا تتحلل تماما و إنما تبقى منه خلايا جذعية من عجب الذنب لا تتحلل أو تتفكك على الإطلاق، و السؤال هو: هل الإنسان وحده الذي لا تفنى مادته بالمرة؟ أم أن هذا الأمر تتميز به جميع أفراد العائلة الحيوانية؟ و لقلة معرفتي بالأحياء أتوجه إليكم بهذه الأسئلة، ثم ألم يحدث و أن جاء العلماء ببقايا الماموث الذي إنقرض من ألاف السنين ألم يحدث و أن جاؤوا بخلاياه الجذعية من تحت الأتربة و بعثوا فيها الحياة من الجديد حيث إنقسمت مرة أخرى؟ و لنقل أن السبب في ذلك هو أنها كانت متفرزة و لم تتحلل؟ أوليست الأرض مليئة ببقايا هذه الكائنات الممعنة في القدم؟ إن القليل من الحمض النووي أو خلايا تلك الكائنات في التربة كفيل بأن يجعل من نظرية التطور نظرية متوازية مع الخلق من طين بل إن الأخرى لتكملها، و يجدر بالذكر أن تلك الخلايا عند الماموث وضعت في حضانة حرارية حتى تستطيع أن تعود إلى الحياة، و الغريب أن الطين الذي خلق منه أدم أيظا حمئ و يحتمل أن يكن معنى "حمئ" أنه حامي.، بمعنى أن الطينة قد سخنت و طبخت بأساليب "غير تقليدية" لكي تعود بقايا الخلايا فيها إلى الحياة و الإنقسام كما حدث مع الماموث الذي إنقسمت خلاياه بعد أن وضع في الحضانة الحراية و تحت الرطوبة اللازمة، و هكذا إستنبطت مادة الإنسان من سلالة حيوانية سبقته، طبعا هذا لا يجعل من الطين مجرد حافظ لبقايا الكائنات الحية، بل مما لا شك فيه أن له دور رئيسي في الموضوع، و هو ما سنناقشه بعد أن نفرغ من النقاط الرئيسية.
Bookmarks