صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 15 من 28

الموضوع: لا يجوز أن يكتب للعامة ما لا يدركونه

  1. #1

    افتراضي لا يجوز أن يكتب للعامة ما لا يدركونه

    من أباح التأويل للجمهور فقد أفسده
    فإذاً الناس في الشريعة على ثلاثة أصناف: صنف، ليس هو من أهل التأويل أصلاً، وهم الخطابيون الذين هم الجمهور الغالب. وذلك أنه ليس يوجد أحد سليم العقل يعرى من هذا النوع من التصديق. وصنف هو من أهل التأويل الجدلي، وهؤلاء هم الجدليون بالطبع فقط، أو بالطبع والعادة. وصنف هو من أهل التأويل اليقيني، وهؤلاء هم البرهانيون بالطبع والصناعة، أعني صناعة الحكمة. وهذا التأويل ليس ينبغي أن يصرح به لأهل الجدل فضلاً عن الجمهور. ومتى صرح بشيء من هذه التأويلات، لمن هو من غير أهلها، وبخاصة التأويلات البرهانية لبعدها عن المعارف المشتركة، أفضى ذلك بالمصرح له والمصرح إلى الكفر. والسبب في ذلك أن مقصوده إبطال الظاهر وإثبات المؤول، فإذا بطل الظاهر عند من هو من أهل الظاهر، ولم يثبت المؤول عنده، أداه ذلك إلى الكفر، إن كان في أصول الشريعة.
    ** فالتأويلات ليس ينبغي أن يصرح بها للجمهور ولا أن تثبت في الكتب الخطابية أو الجدلية - أعني الكتب التي الأقاويل الموضوعة فيها من هذين الصنفين، كما صنع ذلك أبو حامد. ولهذا، يجب أن يصرح ويقال في الظاهر الذي الإشكال في كونه ظاهراً بنفسه للجميع وكون معرفة تأويله غير ممكن فيهم، انه متشابه لا يعلمه إلا الله، وأن الوقف يجب ههنا في قوله تعالى: ((وما يعلم تأويله إلا الله)). وبمثل هذا يأتي الجواب أيضاً في السؤال عن الأمور الغامضة التي لا سبيل للجمهور، إلى فهمها، مثل قوله تعالى: ((ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً)).
    ** وأما المصرح بهذه التأويلات لغير أهلها فكافر لمكان دعائه الناس إلى الكفر. وهو ضد دعوى الشارع وبخاصة متى كانت تأويلات فاسدة في أصول الشريعة، كما عرض ذلك لقوم من أهل زماننا. فإنا قد شهدنا منهم أقواماً ظنوا أنهم قد تفلسفوا وأنهم قد أدركوا بحكمتهم /العجيبة/ أشياء مخالفة للشرع من جميع الوجوه، أعني لا تقبل تأويلاً، وأن الواجب هو التصريح بهذه الأشياء للجمهور. فصاروا بتصريحهم للجمهور بتلك الاعتقادات الفاسدة سبباً لهلاك الجمهور وهلاكهم في الدنيا والآخرة.
    ** ومثال مقصد هؤلاء مع مقصد الشارع مثال من قصد إلى طبيب ماهر قصد إلى حفظ صحة جميع الناس وإزالة الأمراض عنهم بأن وضع لهم أقاويل مشتركة التصديق في وجوب استعمال الأشياء التي تحفظ صحتهم وتزيل أمراضهم وتجنب أضدادها، إذ لم يمكنه فيهم أن يصير جميعهم أطباء، لأن الذي يعلم الأشياء الحافظة للصحة والمزيلة للمرض بالطرق البرهانية هو الطبيب. فتصدى هذا إلى الناس وقال لهم: أن هذه الطرق التي وضعها لكم هذا الطبيب ليست بحق، وشرع في إبطالها حتى بطلت عندهم. أو قال: أن لها تأويلات، فلم يفهموها ولا وقع لهم من قبلها تصديق في العمل. أفترى الناس الذين حالهم هذه الحال يفعلون شيئاً من الأشياء النافعة في حفظ الصحة وإزالة المرض؟ أو يقدر هو لا على استعمالها معهم ولا هم يستعملونها، فيشملهم الهلاك. هذا إن صرح لهم بتأويلات صحيحة في تلك الأشياء لكونهم لا يفهمون ذلك التأويل، فضلاً أن صرح لهم بتأويلات فاسدة. لأنه لا يؤول بهم الأمر إلى أن لا يروا أن ههنا صحة يجب أن تحفظ ولا مرضاً يجب أن يزال، فضلاً عن أن يروا أن ههنا أشياء تحفظ الصحة وتزيل المرض. وهذه هي حال من يصرح بالتأويل للجمهور ولمن ليس هو بأهل له مع الشرع. ولذلك هو مفسد له وصاد عنه. والصاد عن الشرع كافر.
    ** الشرع يصلح النفوس والطب يصلح الأبدان وإنما كان هذا التمثيل يقينياً وليس بشعري، كما للقائل، أن يقول، لأنه صحيح التناسب. وذلك أن نسبة الطبيب إلى صحة الأبدان نسبة الشارع إلى صحة الأنفس: أعني أن الطبيب هو الذي يطلب أن يحفظ صحة الأبدان إذا وجدت، ويستردها إذا عدمت، والشارع هو الذي يبتغي هذا في صحة الأنفس. وهذه الصحة هي المسماة تقوى. وقد صرح الكتاب العزيز بطلبها بالأفعال الشرعية في غير ما آية. فقال تعالى: ((كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون)). وقال تعالى: ((لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم)). وقال: ((إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر)) إلى غير ذلك من الآيات التي تضمنها الكتاب العزيز من هذا المعنى.
    ** فالشارع إنما يطلب بالعلم الشرعي هذه الصحة. وهذه الصحة هي التي تترتب عليها السعادة الأخروية وعلى ضدها الشقاء الأخروي. فقد تبين لك من هذا أنه ليس يجب أن تثبت التأويلات الصحيحة في الكتب الجمهورية فضلاً عن الفاسدة. والتأويل الصحيح هي الأمانة التي حمالها الإنسان فأبى أن يحملها وأشفق منها جميع الموجودات، أعني المذكورة في قوله تعالى: ((إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال)) الآية. ومن قبل التأويلات والظن بأنها مما يجب أن يصرح بها في الشرع للجميع، نشأت فرق الإسلام حتى كفر بعضهم بعضاً، وبخاصةً الفاسدة منها. فأوّلت المعتزلة آيات كثيرة وأحاديث كثيرة وصرحوا بتأويلهم للجمهور، وكذلك فعلت الأشعرية، وإن كانت أقل تأويلاً. فأوقعوا الناس من قبل ذلك في شنآن وتباغض وحروب، ومزقوا الشرع وفرقوا الناس كل التفريق.

    مقتبس من كتاب: فصل المقال. لابن رشد
    التعديل الأخير تم 04-24-2010 الساعة 10:16 PM

  2. #2

    افتراضي

    أخي عساف ..
    هذا الكلام من ابن رشد مقصوده أن التأويلات والباطنيات التي يتعلمها الفلاسفة والمتكلمون لا ينبغي الإفصاح عنها للعامة ..
    بل الصحيح - من وجهة نظره - أن يظل العامة على اعتقادهم في "ظواهر" النصوص ..
    وأن تترك بواطنها للعلماء العارفين ..
    فلا يتسرب هذا العلم للعامة ..
    وفي هذا من الطعن في الدين ما فيه ..
    فضلاً عن كونه يفتح الباب على مصراعية للتيارات الباطنية في فهم الإسلام وتفسير نصوصه بما يناسب هواها ..
    مع خداعها في نفس الوقت للعامة بما في ظاهر النصوص ..
    وقد رد شيخ الإسلام ابن تيمية في (بيان التلبيس) على كلام ابن رشد هذا بتفصيلٍ ربما يتيسر لي أن أنقله أو أختصره ..
    والله الموفق .
    إن عرفتَ أنك مُخلط ، مُخبط ، مهملٌ لحدود الله ، فأرحنا منك ؛ فبعد قليل ينكشف البهرج ، وَيَنْكَبُّ الزغلُ ، ولا يحيقُ المكرُ السيء إلا بأهلِهِ .
    [ الذهبي ، تذكرة الحفاظ 1 / 4 ].
    قال من قد سلف : ( لا ترد على أحد جواباً حتى تفهم كلامه ، فإن ذلك يصرفك عن جواب كلامه إلى غيره ، و يؤكد الجهل عليك ، و لكن افهم عنه ، فإذا فهمته فأجبه ولا تعجل بالجواب قبل الاستفهام ، ولا تستح أن تستفهم إذا لم تفهم فإن الجواب قبل الفهم حُمُق ) . [ جامع بيان العلم و فضله 1/148 ].

  3. #3

    افتراضي

    جزاك الله خيرا

    أتمنى أن تنقل كلام ابن تيمية رحمه الله.
    فوالله أني أتألم كثيرا لما أقرأه في هذا المنتدى وأخشى أن ينجرف أناس بسبب بعض مايكتب.
    فقد أجد في كلام شيخ الاسلام ماتتطمئن له نفسي.

  4. #4

    افتراضي

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية في بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية :
    ويوضح ذلك ما ذكره هذا القاضي أبو الوليد ابن رشد الحفيد في كتابه الذي سماه (مناهج الأدلة في الرد على الأصولية) هذا بعد أن قال في خطبته : أما بعد فإن كنا قد بينا في أول هذا الكتاب مطابقة الحكمة للشرع وأمر الشريعة بها وقلنا هناك : إن الشريعة ظاهر ومئول وأن الظاهر فيها هو فرض الجمهور وأن المئول هو فرض العلماء وأما الجمهور ففرضهم فيه حمله على ظاهره وترك تأويله .
    قلت : قد جعل فرض الجمهور اعتقاد الباطل الذي هو خلاف الحق إذا كان الحق خلاف ظاهره وقد فرض عليهم حمله على ظاهره .
    قال : وأما الجمهور ففرضهم فيه حمله على ظاهره وترك تأويله وأنه لا يحل للعلماء أن يفصحوا بتأويله للجمهور كما قال علي رضي الله عنه حدثوا الناس بما يفهمون أتريدون أن يكذب الله ورسوله .
    قلت : حرف لفظ حديث علي ومعناه فإن عليا قال كما ذكره البخاري في صحيحه من رواية معروف بن خربوذ عن أبي الطفيل عن علي قال حدثوا الناس بما يعرفون ودعوا ما ينكرون أتحبون أن يكذب الله ورسوله ، وهذا يدل على نقيض مطلوبه لأنه قال أتحبون أن يكذب الله ورسوله فعلم أن الأحاديث التي قالها الله ورسوله أحاديث لا يطيق كل أحد حملها فإذا سمعها من لا يطيق ذلك كذب الله ورسوله وهذا إنما يكون في ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم وتكلم به لا في خلاف ما قاله ولا في تأويل ما قال خلاف ظاهره فإن ذكر ذلك لا يوجب أن المستمع يكذب الله ورسوله بل يكذب المتأول المخالف لما قال الله ورسوله . نعم نفس ذلك التأويل المخالف لقوله يكون تكذيبا لله ورسوله إما في الظاهر وإما في الباطن والظاهر فلو أريد ذلك لكان يقول أتريدون أن تكذبوا الله ورسوله أو أن تظهروا تكذيب الله ورسوله فإن المكذب من قال ما يخالف قول الله ورسوله إما ظاهرا واما ظاهرا وباطنا وعليّ إنما خاف تكذيب المستمع لله ورسوله وهذا لا يكون لمجرد تأويل المتأولين فإن المؤمن لا يكذب الله ورسوله لقول مخالف لتأويل يخالف ذلك بل يرد ذلك عليه .
    فإن قال : هذه التأويلات الباطنة قد ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم للخاصة ، قيل : هذا من الإفك المفترى الذي اتفق أهل العلم بالإسلام على أنه كذب وقد ثبت عن علي رضي الله عنه في الصحيح من غير وجه لما سأله من ظن أن عنده من الرسول علما اختص به فبين لهم علي رضي الله عنه أنه لم يخصه بشيء .
    إن عرفتَ أنك مُخلط ، مُخبط ، مهملٌ لحدود الله ، فأرحنا منك ؛ فبعد قليل ينكشف البهرج ، وَيَنْكَبُّ الزغلُ ، ولا يحيقُ المكرُ السيء إلا بأهلِهِ .
    [ الذهبي ، تذكرة الحفاظ 1 / 4 ].
    قال من قد سلف : ( لا ترد على أحد جواباً حتى تفهم كلامه ، فإن ذلك يصرفك عن جواب كلامه إلى غيره ، و يؤكد الجهل عليك ، و لكن افهم عنه ، فإذا فهمته فأجبه ولا تعجل بالجواب قبل الاستفهام ، ولا تستح أن تستفهم إذا لم تفهم فإن الجواب قبل الفهم حُمُق ) . [ جامع بيان العلم و فضله 1/148 ].

  5. #5

    افتراضي

    وقال رحمه الله في موضع آخر نقلاً عن ابن رشد ورادًا عليه :
    ثم قال : وأما الأشياء التي لخفائها لا تعلم عندهم إلا بالبرهان فقد يعف الله فيها لعباده والذين لا سبيل لهم إلى البرهان إما من قبل فطرهم وإما قبل عادتهم وإما من قبل عدمهم أسباب التعلم فإنه ضرب لهم أمثالها وأشباهها ودعاهم إلى التصديق بتلك الأمثال إذا كانت تلك الأمثال ممكن أن يقع التصديق بها بالأدلة المشتركة للجميع أعني الجدلية والخطابية وهذا هو السبب في أن يقسم الشرع إلى ظاهر وباطن فإن الظاهر هو تلك الأمثال المضروبة لتلك المعاني والباطن هو تلك المعاني التي لا تتجلى إلا لأهل البرهان وهذه هي أصناف تلك الموجودات الأربعة والخمسة التي ذكرها أبو حامد في كتاب الثغرية .
    قلت : هذا الكلام من أصول النفاق نفاق الدهرية ويظهر بطلانه من وجوه :
    أحدها : قوله : وأما الأشياء التي لخفائها لا تعلم إلا بالبرهان إلى آخره . يقال له : قولك لا تعلم إلا بالبرهان أي لا يمكن تصورها إلا بالبرهان أو لا يمكن التصديق بها عقلا إلا بالبرهان أما الأول فباطل فإن التصور سابق على التصديق فلو كان لا يمكن تصورها إلا بعد قيام البرهان على ثبوتها والبرهان لا يمكن أن يقوم على التصديق إلا بعد التصور لزم الدور وهو قد ذكر في غير هذا الموضع أن تصور الشيء يكون إما بنفسه وإما بمثاله وليس هذا من البرهان وإذا كان تصورها ممكن بدون البرهان فالرسول خبره يوجب التصديق وليس هو ملزم لأن يقوم برهان خاص على كل ما يخبر به فإذا كان تصورها ممكن بلا برهان وخبره وحده كاف في التصديق لم يحتج إلى ما سماه برهانا .
    الثاني : أن يقال له : إذا قدر أن التصديق بها لا يمكن إلا بالبرهان فإما أن يكون الرسول أخبر بها للخاصة مقرونا بالبرهان أو بلا برهان أو لم يخبر بها ومعلوم أن هذه البراهين التي تثبت بها الفلاسفة تجرد النفس ونعيمها وعذابها والعقول والنفوس لم تأت بها الرسل فإما أن كونوا تركوا الإخبار بها أو أخبروا بها بدون ما ادعاه من البرهان وعلى التقديرين يظهر أن الرسول لم يسلك ما ادعاه فإنه يزعم أن الرسول علمها الخاصة دون العامة .
    الثالث : أن يقال : ليس فيما يذكره الفلاسفة ما يبعد فهمه على عامة الناس بأكثر من فهم ما دل عليه ظاهر الشرع وإن كانوا مقصرين عن فهم الأدلة ألا ترى أن المتكلمين يصرحون بما يقولونه للعامة وإن كانت أدلتهم كثيرة أما أن تكون أغمض من أدلة الفلاسفة وإنما هي مسائل معدودة مسألة واجب الوجود وفعله والنفس وسعادتها وشقاوتها والعقول والنفوس وما يتبع ذلك فأي شيء في هذا مما لا يمكن التصريح منه به للعامة لو كان حقا فعلم أن ترك التصريح به إنما هو لما اشتمل عليه من الباطل المخالف للفطرة والشرعة والحق الذي صرحت به الشريعة .
    الرابع : أن يقال : إن الله قد أجمل في كتابه وعلى لسان رسوله ما لا يمكن النفوس معرفة تفصيله مثل قوله تعالى {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين} ومثله قوله صلى الله عليه وسلم : يقول الله تعالى : أعددت لعبادي الصالحين مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر .
    الخامس : أن يقال : النقص الذي ذكرته هو إما من قبل نقص الفطرة وأما من قبل سوء العادة وإما من قبل عدم أسباب التعلم فيقال لك أما النقص فنقص بني آدم ليس له حد فمن الناس من ينقص عن فهم ما يفهمه جمهور الناس ومن المعلوم أن نهاية ما عند الفلاسفة يفهمه أوسط المتفقهة في مدة قريبة والشريعة قد جاءت بما هو أبعد عن الفطر الناقصة من هذا وأما العادة والتعليم فالرسول هو المعلم الأعظم الذي علمهم الكتاب والحكمة وقد نقلهم عن كل عادة سيئة إلى أحسن العادات والسير والشرائع فإن كان التصريح بهذه الأمور مشروطا بالعلم التام والعادة الصالحة فلا أكمل من هذا المعلم ولا في السير التي عودها فهل لاعلمها وبينها إذا كان الأمر كذلك .
    السادس : أن يقال : هب أن العامة لا يمكنهم فهمها فهل لا بينها للخاصة ومن المعلوم بالاضطرار أن الشريعة ليس فيها دلالة على ما يقوله الدهرية والجهمية من الأمور السلبية في الإيمان بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب .
    السابع : أن يقال : فإذا صرح فيها بنقيض ما هو الحق وإن قلت إنه أمثال والحق المطلوب لم يبينه لا للعامة ولا للخاصة ألا يكون هذا تلبيسا وإضلالا .
    الثامن : أن يقال : قولكم الأشياء التي لخفائها لا تعلم إلا بالبرهان وأن الباطن هو تلك المعاني التي لا تتجلى إلا لأهل البرهان كلام من أبطل القول وذلك أن هذه الأمور قد فسرتها بما تتأول من صفات الله وصفات المعاد حتى ذكرت آية الاستواء والنزول ونعيم الجنة والنار وغيرهما من ذلك فيقال لهم التأويلات التي يدعون أنها باطن هذه الألفاظ معان ظاهرة معلومة للخاص والعام مثل تأويلات الاستواء بالقدرة أو بالرتبة فكل أحد من الناس يتصور أن الله قادر على المخلوقات قاهر لها أعظم مما يتصور استواءه عليها فلأي ضرورة يعبر عن المعنى الظاهر الواضح بلفظ يكون تصور ظاهره أخفى من تصور ذلك المعنى وهذا بين قاطع لمن تدبره وإن كانت الوجوه كلها كذلك .

    ثم قال الحفيد : وإذا اتفق كما قلنا أن يعلم الشيء بنفسه بالطرق الثلاث لم يحتج أن يضرب له مثال وكان على ظاهره لا يتطرق إليه تأويل وهذا النحو من الظاهر إن كان في الأصول فالمتأول له كافر مثل من يعتقد ألا سعادة أخروية ها هنا ولا شقاء وأنه إنما قصد بهذا القول أن يسلم الناس بعضهم من بعض في أبدانهم وحواسهم وأنها خيلة وأنه لا غاية للإنسان إلا وجوده المحسوس فقط وإذا تقرر لك هذا فقد ظهر لك في قولنا إن ها هنا ظاهرا من الشرع لا يجوز تأويله فإن كان تأويله في المبادئ فهو كفر وإن كان فيما بعد المبادئ فهو بدعة وها هنا أيضا ظاهر يجب على أهل البرهان تأويله وحملهم إياه على ظاهره كفر وتأويل غير أهل البرهان له وإخراجه عن ظاهره كفر في حقهم أو بدعة ومن هذا الصنف آية الاستواء وحديث النزول ولذلك قال عليه السلام في السوداء إذ أخبرته أن الله تعالى في السماء أعتقها فإنها مؤمنة إذ كانت ليست من أهل البرهان والسبب في ذلك أن هذا الصنف من الناس الذين لا يقع لهم التصديق إلا من قبل التخيل أعني أنهم لا يصدقون بالشيء إلا من جهة ما يتخيلونه يعسر وقوع التصديق لهم بموجود ليس منسوبا إلى شيء متخيل ويدخل أيضا على من لا يفهم من هذه النسبة إلا المكان وهم الذين شذوا عن رتبة الصنف الأول قليلا في النظر اعتقاد الجسمية ولذلك كان الجواب لهؤلاء في أمثال هذه أنها من المتشابهات وأن الوقف في قوله تعالى {وما يعلم تأويله إلا الله} وأهل البرهان مع أنهم مجمعون في هذا الصنف أنه من المتأول فإنهم يختلفون في تأويله .
    قلت : الذين سماهم أهل البرهان هنا هم من عناه من الجهمية والدهرية وقد تناقض في هذا الكلام فإنه قد تقدم ما ذكره في كتاب مناهج الأدلة في الرد على الأصولية ولفظه وجميع الحكماء قد اتفقوا على أن الله تعالى والملائكة في السماء كما اتفقت جميع الشرائع على ذلك وما ذكره من أن ذلك من الآراء السالفة القديمة والشرائع الغابرة أن العلو مسكن للروحانيين يريدون الله والملائكة وقوله قد ظهر لك من هذا أن إثبات الجهة واجب بالشرع والعقل وقد تقدم حكاية قوله فإذا كان هذا هكذا فكيف يكون أهل البرهان متفقين على تأويل ذلك وأن يكون قول الجارية أنه في السماء مما يجب على أهل البرهان تأويله .
    ثم يقال له : هل كان الصحابة والتابعون وأئمة المسلمين من أهل البرهان الحق أم لا فإن قلت لم يكونوا من أهله ولكن المتأخرين وفي الصابئين قبلنا من كان من أهله فهذا خلاف المعلوم بالاضطرار من دين الإسلام أن السابقين الأولين كانوا أعظم علما وإيمانا من هؤلاء وإن قلت كانوا من أهل البرهان فمن المعلوم بالاضطرار أنهم لم يئولوه كما تأوله هؤلاء المتأخرون بل هم متفقون على أن الله تعالى فوق العرش كما ذكرت أنت إجماع الأنبياء والحكماء على ذلك وكلهم في تحريم تأويل ذلك أعظم من أن يذكر هنا فكيف يكون واجبا .
    وأيضا فالمتأولون لهذا ليس فيهم من تحمده أنت فإن تأويل ذلك أما أن يكون عن معتزلي أو أشعري أخذ عنه أو من يجري مجراهم وهؤلاء عندك أهل جدل لا أهل برهان وأنت دائما تصفهم بمخالفة الشرع والعقل .
    وإن قلت : نحن أهل برهان وهم المتفلسفة المنتسبون إلى الإسلام ، فهذا أكذب الدعاوي وذلك أنه لا ريب عند من عرف المقالات وأربابها أن الذي صار به المتكلمون مذمومين هو ما شاركوا به هؤلاء المتفلسفة من القياس الفاسد والتأويل الحائد وأن أحسن حال المتفلسف أن يكون مثل هؤلاء فإذا كان هؤلاء قد اتفقت الأئمة والأمة وعقلاؤهم متفقون أيضا على أنهم فيما قالوه من خلاف مذهب السلف ليسوا أهل برهان بل أهل هذيان كيف بأصحابك الذين اعترف أساطينهم بأنه ليس لهم في العلم الإلهي يقين والمتكلمون لا يقرون على أنفسهم بمثل هذا بل يقولون إن مطالبهم تأولوها بالأدلة العقلية وبسط هذا الكلام له موضع آخر ليس هذا موضعه وليس يلزم من كون الرجل ذا برهان في الهندسة والحساب أن يكون ذا برهان في الطب مع أن كلاهما صناعة حسية وكثيرا ما يحذق الرجل فيهما ومن المعلوم أن العلم بهذه الأمور أبعد عن الطب والحساب من بعد أحدهما عن الآخر .
    ثم يقال له : هب أن تلك الجارية ليست من أهل البرهان فما الموجب لأن يخاطبها الرسول بخطاب الظاهر من غير حاجة إليه فقد كان يمكنه تعرف إيمانها بأن يقول من ربك ومن إلهك ومن تعبدين فتقول الله تعالى فلما يعدل عن لفظ ظاهره وباطنه حق إلى لفظ ظاهره باطل ثم يكلفها مع ذلك تصديق الباطل ويحرم عليها وعلى غيرها اعتقاد نقيض الباطل فهل فهذا فعل عاقل فضلا عن أن يكون هذا فعل الرسل أم من فعل الكاذبين في خبرهم الموجبين للتصديق بالكذب ثم الله ورسوله يخاطب الخلق بخطاب واحد يخبر به عن نفسه وقد فرض على طوائف أن يعتقدوا ظاهره وإن لم يعتقدوه كفروا وعلى آخرين أن يعتقدوا نقيض ما اعتقده هؤلاء وإن اعتقدوه كفروا ثم مع هذا كله لا يبين من هؤلاء ولا من هؤلاء ولا يبين ما هو مرده به الذي خالف ظاهره بل يدع الناس في الاختلاف والاضطراب وهذا الفيلسوف ادعى أن الاختلاف نما نشأ من جهة كون العلماء فتحوا التأويلات للعامة فأضلوا العامة بذلك حيث فرقوهم ثم هو قد جعل الرسول نفسه أضل الخاصة وأوقع بينهم التفرق والاختلاف حيث عنى بهذا الخطاب باطنا فرضه عليهم ولم يبينه لهم فإن الذنب الذي شنعه على أهل الكلام نسب الأنبياء إلى أعظم منه وقد قال تعالى للرسل {أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه} وقال {وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون} وقال {إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء} وقال {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم} إلى قوله تعالى {ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم} وقال {وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة} وعلى ما زعمه هؤلاء يكونون قد تفرقوا واختلفوا من قبل أن يأتيهم العلم أو تأتيهم البينة لأنهم زعموا أن في الكتاب ظاهرا يجب على أهل البرهان تأويله وأن الذي يعلمونه هو التأويل الذي قال الله تعالى فيه {وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم} ثم يقول وأهل البرهان مع أنهم مجمعون في هذا الصنف أنه من المتأول فقد يختلفون في تأويله وذلك بحسب مرتبة كل واحد في معرفة البرهان فإذا لم يبين لهم الرسول مراده فما جاءهم العلم ولا البينة فيكونون معذورين في التفرق والاختلاف كما زعم هؤلاء المنافقون .
    ثم يقال له : البرهان يفضي إلى إحالة الظاهر مثلا أم إلى تعيين المراد أما الأول فهم متفقون عليه وأما تعيين المراد فليس مستفادا من مجرد القياس الذي تسميه البرهان إنما يعرف من حيث مراد المتكلم فكيف يكون اختلافهم في التأويل بحسب مرتبة كل واحد في معرفة البرهان والبرهان إنما ينفي الظاهر فقط لا يبين ما هو المراد والرد على هؤلاء يطول فليس هذا موضع استقصائه .

    وإنما الغرض التنبيه على أن هؤلاء الدهرية سلطوا على الجهمية بمثل هذا حتى آل الأمر إلى الكفر بحقيقة الإيمان بالله وباليوم الآخر وجعلوا ذلك هو البرهان والتحقيق الذي يكون للخاصة الراسخين في العلم حتى حرفوا الكلم عن مواضعه وألحدوا في أسماء الله تعالى وآياته وجعلوا أئمة الكفر والنفاق هم أئمة الهدى ورؤوس العلماء وورثة الأنبياء مع أنهم في القياس الذي سموه البرهان إنما أتوا فيه بمقاييس سوفسطائية من شر المقاييس السوفسطائية فآل أمرهم إلى السفسطة في العقليات والقرمطة في الشرعيات وهذه حال القرامطة الباطنية الذين عظمهم وسلك سبيلهم هذا الفيلسوف ولهذا كان ابن سينا وأمثاله منهم وكان أبوه من دعاة القرامطة المصريين ولذلك اشتغلت بالفلسفة .
    إن عرفتَ أنك مُخلط ، مُخبط ، مهملٌ لحدود الله ، فأرحنا منك ؛ فبعد قليل ينكشف البهرج ، وَيَنْكَبُّ الزغلُ ، ولا يحيقُ المكرُ السيء إلا بأهلِهِ .
    [ الذهبي ، تذكرة الحفاظ 1 / 4 ].
    قال من قد سلف : ( لا ترد على أحد جواباً حتى تفهم كلامه ، فإن ذلك يصرفك عن جواب كلامه إلى غيره ، و يؤكد الجهل عليك ، و لكن افهم عنه ، فإذا فهمته فأجبه ولا تعجل بالجواب قبل الاستفهام ، ولا تستح أن تستفهم إذا لم تفهم فإن الجواب قبل الفهم حُمُق ) . [ جامع بيان العلم و فضله 1/148 ].

  6. #6

    افتراضي

    أخي الكريم

    اسف اذا اطلت عليك

    قال ابن تيمبة:
    وهذا إنما يكون في ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم وتكلم به لا في خلاف ما قاله ولا في تأويل ما قال خلاف ظاهره
    اذا كنت فهمت معنى كلام شيخ الاسلام فهو يريد أن عدم الافصاح يكون في ظاهر النصوص. ولا يستدل بكلام علي كرم الله وجهه في عدم افصاح التأويل. هل فهمت مراده؟؟
    اذا كان فهمي صحيحا.. ألا ترى أنه اذا كان الظاهر ممنوعا فمن باب أولى منع الباطن. واذا لم يكن أولى فعلى أقل تقدير فهما سواء (أي ظاهر النص وباطنه ) في المنع. فجميعهما يكونان مفهوم الشخص عن الدين. وعليهما يبني الشخص عقيدته.
    ثم أني أرى أن شيخ الاسلام أخذ بظاهر نص كلام علي كرم الله وجهه. أي أنه حصره في ما قاله رسول الله لفظا. مع أنه قد يكون باطنه (أي منع علي) ظاهر حديث الرسول وباطنه. فيكون بذلك قد ناقض نفسه.

    يشهد الله أني لا أهدف للمجادلة إنما هدفي الوصول للحق.
    التعديل الأخير تم 04-24-2010 الساعة 11:31 PM

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Oct 2007
    الدولة
    الجزائر
    المشاركات
    5,604
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    اذا كان فهمي صحيحا.. ألا ترى أنه اذا كان الظاهر ممنوعا فمن باب أولى منع الباطن.
    مراد شيخ الاسلام ابن تيمية ان الدين ليس فيه ظاهر و باطن عكس مذهب ابن رشد الذي يجعل للنصوص وجهين وجه للعامة لا يجب ان يقال لهم سوى ما يعرفون من الظاهر ووجه باطن لا يجوز للخاصة ان تفصح عنه للعامة و هذا غير موجود في الاسلام ابدا... نعم هناك بعض الامور لا تذكر لهم لا لأنها سر خطيراو لأنها قمقم مغلق بل لأن الذي ستقال له لن يفهمها على مرادها مثلا عندما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لأبي هريرة كما في صحيح مسلم ( اذهب بنعلي هاتين . فمن لقيت من وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله . مستيقنا بها قلبه . فبشره بالجنة " فكان أول من لقيت عمر . فقال : ما هاتان النعلان يا أبا هريرة ! فقلت : هاتان نعلا رسول الله صلى الله عليه وسلم . بعثني بهما . من لقيت يشهد أن لا إله إلا الله مستيقنا بها قلبه ، بشرته بالجنة . فضرب عمر بيده بين ثديي . فخررت لأستي . فقال : ارجع يا أبا هريرة . فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . فأجهشت بكاء . وركبني عمر . فإذا هو على أثرى . فقال لي رسول الله عليه وسلم : " ما لك يا أبا هريرة ؟ " قلت : لقيت عمر فأخبرته بالذي بعثتني به . فضرب بين ثديي ضربة . خررت لأستي . قال : ارجع . فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا عمر ! ما حملك على ما فعلت ؟ " قال : يا رسول الله ! بأبي أنت وأمي . أبعثت أبا هريرة بنعليك ، من لقي يشهد أن لا إله إلا الله مستيقنا بها قلبه ، بشره بالجنة ؟ قال " نعم " قال : فلا تفعل . فإني أخشى أن يتكل الناس عليها . فخلهم يعملون . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " فخلهم " ) فلو أن هذا الحديث حدث به العامة لبغوا في الارض فسادا و إفسادا بينما مذهب ابن رشد أمر أخر تماما فلو ذكر له هذا الحديث مثلا لفسره للخاصة بكلام لا علاقة له بدين الاسلام كأن يقول ان الجنة المذكورة ليست الجنة التي نعرف و ان الشهادة المقصودة ليست هي الشهادة المذكورة في الحديث بل هي الاندماج في العقل الفعال او ما شابه من كلام الفلاسفة فهذا مقصد ابن تيمية و هذا مقصد ابن رشد و بينهما كما بين السماء و الارض.
    إذا كنتَ إمامي فكن أمامي

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    الدولة
    ليبيا
    المشاركات
    485
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة متروي مشاهدة المشاركة


    مراد شيخ الاسلام ابن تيمية ان الدين ليس فيه ظاهر و باطن عكس مذهب ابن رشد الذي يجعل للنصوص وجهين وجه للعامة لا يجب ان يقال لهم سوى ما يعرفون من الظاهر ووجه باطن لا يجوز للخاصة ان تفصح عنه للعامة و هذا غير موجود في الاسلام ابدا... نعم هناك بعض الامور لا تذكر لهم لا لأنها سر خطيراو لأنها قمقم مغلق بل لأن الذي ستقال له لن يفهمها على مرادها مثلا عندما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لأبي هريرة كما في صحيح مسلم ( اذهب بنعلي هاتين . فمن لقيت من وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله . مستيقنا بها قلبه . فبشره بالجنة " فكان أول من لقيت عمر . فقال : ما هاتان النعلان يا أبا هريرة ! فقلت : هاتان نعلا رسول الله صلى الله عليه وسلم . بعثني بهما . من لقيت يشهد أن لا إله إلا الله مستيقنا بها قلبه ، بشرته بالجنة . فضرب عمر بيده بين ثديي . فخررت لأستي . فقال : ارجع يا أبا هريرة . فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . فأجهشت بكاء . وركبني عمر . فإذا هو على أثرى . فقال لي رسول الله عليه وسلم : " ما لك يا أبا هريرة ؟ " قلت : لقيت عمر فأخبرته بالذي بعثتني به . فضرب بين ثديي ضربة . خررت لأستي . قال : ارجع . فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا عمر ! ما حملك على ما فعلت ؟ " قال : يا رسول الله ! بأبي أنت وأمي . أبعثت أبا هريرة بنعليك ، من لقي يشهد أن لا إله إلا الله مستيقنا بها قلبه ، بشره بالجنة ؟ قال " نعم " قال : فلا تفعل . فإني أخشى أن يتكل الناس عليها . فخلهم يعملون . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " فخلهم " ) فلو أن هذا الحديث حدث به العامة لبغوا في الارض فسادا و إفسادا بينما مذهب ابن رشد أمر أخر تماما فلو ذكر له هذا الحديث مثلا لفسره للخاصة بكلام لا علاقة له بدين الاسلام كأن يقول ان الجنة المذكورة ليست الجنة التي نعرف و ان الشهادة المقصودة ليست هي الشهادة المذكورة في الحديث بل هي الاندماج في العقل الفعال او ما شابه من كلام الفلاسفة فهذا مقصد ابن تيمية و هذا مقصد ابن رشد و بينهما كما بين السماء و الارض.
    السلام عليكم
    مشكور أخي متروي على هذا التوضيح الجلي
    زادك الله علما ونفع بك
    والله تزيد رغبتي في قراءة حوار أنت فيه محاور
    زادك الله علما ورزقك الإخلاص في القول والعمل و رزقنا وإياك الجنة
    قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ

    لا صلاح لآخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها
    الخير الخير في اتباع من سلف والشر الشر في ابتداع من خلف

  9. #9

    افتراضي

    فهمك أخي عساف لكلام ابن تيمية رحمه الله تعالى صحيحٌ إن شاء الله ..
    لكن هناك نقطة :
    فإن رد ابن تيمية كله على ابن رشد هدفه هو إبطال نظرية الظاهر والباطن ..
    وليس الاعتراف بوجود الباطن ثم الاعتراض على استشهاد ابن رشد بكلام عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه ..
    بل إن اعتراضه على استشهاده بكلام عليّ رضي الله عنه كان في سياق رفض التأويل الباطني ابتداء ..
    هل هذا يحل الإشكال لديك ؟

    ثم إن شيخ الإسلام يقول إن المكذب بالتأويل بالباطني إنما يكذب المتأول وليس الله ورسوله ..
    فالتكذيب هنا لا يقع على الله ورسوله وظاهر النصوص بل يقع على المتأول عليهما ..
    وهو يشير كذلك إلى أن التأويل الباطني تكذيبٌ لله ورسوله باعتراف ابن رشد نفسه ..
    فإن الباطن المخالف لظاهر كلام الله رسوله هو تكذيبٌ ظاهرٌ لله ورسوله ..
    وهي لمحة ذكية من ابن تيمية رحمه الله تعالى ..
    إن عرفتَ أنك مُخلط ، مُخبط ، مهملٌ لحدود الله ، فأرحنا منك ؛ فبعد قليل ينكشف البهرج ، وَيَنْكَبُّ الزغلُ ، ولا يحيقُ المكرُ السيء إلا بأهلِهِ .
    [ الذهبي ، تذكرة الحفاظ 1 / 4 ].
    قال من قد سلف : ( لا ترد على أحد جواباً حتى تفهم كلامه ، فإن ذلك يصرفك عن جواب كلامه إلى غيره ، و يؤكد الجهل عليك ، و لكن افهم عنه ، فإذا فهمته فأجبه ولا تعجل بالجواب قبل الاستفهام ، ولا تستح أن تستفهم إذا لم تفهم فإن الجواب قبل الفهم حُمُق ) . [ جامع بيان العلم و فضله 1/148 ].

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Oct 2007
    الدولة
    الجزائر
    المشاركات
    5,604
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    بارك الله فيك أخي بوعابدين و علمني الله و أياك ما جهلنا و نفعنا بما علمنا.
    إذا كنتَ إمامي فكن أمامي

  11. #11

    افتراضي

    أخي متروي شكرا على التوضيح
    أخي بو عابدين شكرا على التفاعل
    أخانا د. هشام عزمي وضحت الصورة الان. اشكرك على وقتك الثمين.

    واتمنى أن لا يفهم أحد أني في موقف دفاع عن ابن رشد في كل ما يعتقده أو ما يتبناه.. كأن يكون لدين ظاهر للعامة وباطن للخاصة.. ولكني مع عدم الخوض والتعمق في علم الكلام في تفسير الدين.. وخصوصا فيما يتعلق بالذات الهية. واقحام المنطق والفلسفة فيها. أمام العوام، فبعض الناس اذا قرأ مثل هذا الكلام ودون أن يكون معه من يشرح له ويوضح له. قد يتوقف تفكيره عند تساؤل لا يشفيه سوى الألحاد. ويضل يفكر لوحده بمعزل عن الناس خشية أن يصفوه بالردة. ويموت على تساؤله.

    على العموم أظن أنك يا د. عزمي ملم بالموضوع بشكل أكبر مني. وأنت وامثالك في هذا المنتدى المبارك من الناس الذين نظن الخير فيهم. وأظنكم لم تغفلوا هذه النقطة. واذا رأيتم حذف الموضوع للمصلحة فلكم ذلك. فيشهد الله أني لم أدرجه الا خوفا على ايمان الموحدين.
    اتمنى لكم دوام الصحة والتوفيق.
    __________________________________________________ __________________
    * أخ متروي يبدو أن حواراتك تسعد الأخ بو عابدين أدام الله سعادته في الدنيا والاخرة.
    هل تريد أن نكمل الحوار لندخل البهجة على قلب أخينا. (على فكرة أنا ضعيف الحجة) فإن أردت أكملنا الحوار حول هل للنص ظاهر وباطن. وسأحاول اثبات ذلك. وأنت أثبت أن ليس للنص الا ظاهره ولا باطن له. فقد قلت أنت
    مراد شيخ الاسلام ابن تيمية ان الدين ليس فيه ظاهر و باطن
    فنرى صحة ما ادعيته انت. مع أني عهدتك شرسا. ولكني سأدخل في حوار معك والله المعين.
    التعديل الأخير تم 04-25-2010 الساعة 02:36 PM

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    الدولة
    ليبيا
    المشاركات
    485
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عساف مشاهدة المشاركة
    أخ متروي يبدو أن حواراتك تسعد الأخ بو عابدين أدام الله سعادته في الدنيا والاخرة.
    هل تريد أن نكمل الحوار لندخل البهجة على قلب أخينا. (على فكرة أنا ضعيف الحجة) فإن أردت أكملنا الحوار حول هل للنص ظاهر وباطن. وسأحاول اثبات ذلك. وأنت أثبت أن ليس للنص الا ظاهره ولا باطن له. فقد قلت أنت فنرى صحة ما ادعيته انت. مع أني عهدتك شرسا. ولكني سأدخل في حوار معك والله المعين.
    نعم حوارات الأخ متروي تعجبني وتسعدني
    فأنا لا أحب المتمنطقين الذين يجعلون للدين ظاهرا وباطنا لا يعلمه سوى الخاصة
    وهذا ما نتج عنه عقيدة الحلول والمغالاة في التصوف والهرطقات
    الاخ متروي رجل منهجه سلفي في الحوار منطقي لا يعتبر الا بالدليل وهذا ما يسعدني
    و كثير من الناس ممارين فعندما يرون تقدم أحد عنهم بما فضله الله تراهم يتواقدون غيرة ولا أريد أن أقول حسدا
    دمتم بألف خير وأسعدنا الله بحوار ديني بين مسلمين لا بين فلاسفة
    قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ

    لا صلاح لآخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها
    الخير الخير في اتباع من سلف والشر الشر في ابتداع من خلف

  13. #13

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة متروي مشاهدة المشاركة
    عكس مذهب ابن رشد الذي يجعل للنصوص وجهين وجه للعامة لا يجب ان يقال لهم سوى ما يعرفون من الظاهر ووجه باطن لا يجوز للخاصة ان تفصح عنه للعامة و هذا غير موجود في الاسلام ابدا...
    هممممم لا لا, فيها نظر يا أخ متروي
    هل فهمت حقا كلام ابن رشد أم -كما تقول في توقعيك- كلام من يقرر و أنت تكرر؟

    لابد من طرح بعض التساؤلات و هذه التساؤلات غالبا ليست بحميدة لأنها تجلب تساؤلات أخرى فإن تركت التساؤل الأول على ظاهره آمنت من تعب جلب التساؤلات الأخريات التي تأتي عندما تصرف التساؤل الأول عن الظاهر فتدخل في 3 حالات لا رابع لها إما ترتاح و تريح بالك بمعالجة التساؤل الأول دون صرفه عن ظاهره و إما تصرفه عن ظاهره فتصبح نصف فيلسوف في مجال التساؤل الآتي التي تُطرح فيها تساؤلات لا إلى هذا و إلى هؤلاء تنتمي و إما تخطو هذه الخطوة و تنجو منها فتدخل الحالة الثالثة التي تريحك كعالم كما تريحك في الحالة الأولى دون أن تصرف التساؤل عن الظاهر. سأعطيك مثال.

    انظر الناس قديما حتى و إن كانوا مشركين و قيل لهم من خالق السماوات و الأرض لقالوا الله و الله خلق السماوات و الأرض إذن الله خالق و الله خالق آمنوا بها كإجابة على تساؤل في الحالة الأولى دون صرف هذا عن ظاهره و الدخول في ممكنات أخرى يمكن لهذا التساؤل ان يجذبها مثلا متى خلق الله السماوات و الارض و هل الله ما زال يخلق بما انه هو الاول الخالق.. مثل هذه التساؤلات قد تضعك في مأزق أسميه أنا نصف فيلسوف و نصف فيلسوف دائما ما يطرح تساؤلات غير صحيحة و يبني عليها اجابات تأتي بتساؤلات حتى يخرج بها الى الحالة الثالثة ففي الحالة الثانية سيقول لك مثلا و هل يمكن بادئ ذي بدأ أن يمر زمنا أزليا قبل خلق السماوات و الارض؟ و يأتي ثاني و يقول لك انت عطلت الله و قلت مر زمنا طويلا طويلا طويلا طويلا آوي آوي طــــــويل طويل .. دون خلق ثم خلق الله .. هنا يطلع واحد من الحالة الثالثة يشك أصلا في تساؤلك و يقول و هل أنت يعني تُثبت وجود الزمن قبل خلق السماوات و الارض؟ فان قلت لا قال لك سؤالك لا يصح و إن قلت نعم قال لك السموات و الارض ضمن هذا الزمن او قال اشياء اخرى معروفة في الحالة الثالثة لمن درس هذه المسألة و فهمها عمن اختلفوا فيها و و..

    هل قرأت تهافت التهافت بتحقيق د. سليمان دنيا؟

    سؤال جانبي لكن اسمح لي اضع بعض الاشياء التي تستحق التفكير كقنطرة عبور لفهم تهمة الباطنية حول ابن رشد.
    خذ المتشابه و اسأل كيف يكون هناك متشابه و الله يقول كتاب احكمت آياته؟ و كيف احكمت آياته و الله يقول أحسن الحديث كتابا متشابها؟ هل هذا له علاقة فقط ببلاغة و بيان القرآن أم هناك اسئلة اخرى يجب أن تطرح حول المؤول الدال على معنى مرجوح مقابل معنى راجح من جهة و المجمل الدال على مرجوح مقابل مرجوح آخر من جهة ثانية؟

    خذ أحوال يوم القيامة المذكورة في القرآن هل قصد اجمالها؟ اذا قلت نعم فهل الاجمال هذا قصد لعدم تمكن البشر من فهمها و لو في الجملة أم لعدم قابليتهم لشيء آخر؟

    لنترك المتشابه هذا و نطرح سؤالين آخرين, الأول عن العوامل التي أدت إلى نشأه الجهميه ما هي و لماذا, و الثاني لماذا قال علي رضي الله عنه 'كلموا الناس بما يعرفون و دعوا ما ينكرون اتريدون ان يكذب الله و رسوله؟'.
    الفلسفة الإنسانية أو علمنة الفلسفة و العلم وراء الكارثة الحديثة التي تسبب اللاوعي و الإحباط كنتيجة للصراع بين المتناقضات, فعلى سبيل المثال لا الحصر, تصور الحياة على أنها عبثية -أو نتيجة عملية عبثية- من جهة, و من جهة ثانية إبعاد صفة العبث عن هذا التصور و عن أي محاولة فلسفية فكرية متتالية في إثبات هذا التصور!!

  14. #14

    افتراضي

    الله المستعان، أخي عابدين

    أخي كل ما قصدت هو اسعادك، ويشهد الله أني لم أكن ألمز، هداني الله واياك لما تحب وترضى. والله يا اخي انا لست بفيلسوف ولا باطني ولا حتى طالب علم. ولا أقارن نفسي بأحد هنا. أنا شخص عادي. أعتقد أن النص القراني. فيه المحكم والمتشابه والمتشابه لا يعلم تأويله إلا الله. والراسخون في العلم. أي ليس يعلمه كل العامة. والراسخون في العلم ليسوا الفلاسفة بطبيعة الحال. ولكني أظن أنهم من جمعوا عدة علوم وفنون. كعلم التفسير والحديث واللغة والتاريخ والمنطق. وكان حالهم كحال علماء سلف هذه الأمة. فهل تراني كما وصفتني؟؟

    ويبقى متروي أخي وعزيزي. وقد يقنعني فاقتنع. ويكون سبب في توضيح الحق لي.وادعوا له في السر والعلن. واما الاحقاد والاحساد فهذه ليست شيمي. ولو كنت إلا حاسدا فصدقني هناك من فاق علمهم الأفاق، فهم أولى بحسدي من أخي متروي.
    وانا اعتذر لك ومتأسف. فسامحني يا أخي.
    التعديل الأخير تم 04-25-2010 الساعة 04:54 PM

  15. #15

    افتراضي

    يا أخواني الكرام.

    اذا كان الموضوع سيثير حساسيات. فلا نريد الخوض فيه.
    أما اذا كنا سنتحاور بأدب واحترام. ونحترم العلماء السابقين. فمرحا

    أخي يحيى بارك الله فيك... نريد أن نقرر أولاً هل النص القراني له ظاهر وباطن أم له ظاهر دون باطن. هذا السؤال يكون هو المحور للحوار. فاذا سمعت اجابتهم (بدون تفصيل) بعد ذلك تسوق أنت حجتك ثم يرد عليك الأخ الكريم متروي. بالتفصيل.

    ستكون علامة بدأ الحوار، اجابة أخينا الكريم متروي. ومن حقه أن يرفض الحوار لأي سبب دون تعليل. ونبقى أحبه وأخوان ونستفيد منه ومن علمه، ونتعلم منه.
    التعديل الأخير تم 04-25-2010 الساعة 04:50 PM

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. قوات السيسى تمهّد لإعانة الصهاينة على ضرب حماس !
    بواسطة Maro في المنتدى أحوال المسلمين بالعالم
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 10-21-2013, 12:18 AM
  2. سؤال: مثال في تضليل الملحدين للعامة من الناس و المساكين
    بواسطة مسلم أسود في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 11-08-2012, 10:16 AM
  3. هل يجوز الحلف بالقرآن ؟ وهل يجوز الحلف بالمصحف ؟
    بواسطة مالك مناع في المنتدى قسم العقيدة والتوحيد
    مشاركات: 17
    آخر مشاركة: 04-10-2012, 01:17 PM

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء