صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 15 من 31

الموضوع: السببية وأوهام الملحد

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    May 2005
    الدولة
    فلسطين
    المشاركات
    2,498
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي السببية وأوهام الملحد

    السببية وأوهام الملحد


    بسم الله الرحمن الرحيم.

    يتوهم الملحد أن القول بقدم الأحداث المادية يكفيه لإنكار وجود الله، وحان الوقت ليستيقظ من أوهامه كلها لأنه ليس فقط التسلسل النهائي للأحداث يدل على وجود الله بل كذلك التسلسل اللانهائي. والدليل يبدأ بالسؤال بسيط عن سبب تأخر كل مستقبل قريب أو بعيد وسبب تقدم كل حدث أصبح في حكم الماضي. هذا السؤال لا يمكن للملحد التهرب منه أو تمييعه بحجة نسبية الأشياء.. لأن ما دام الكون يمتلك طاقة فاعلة إذاً دائما هناك أحداث مستقبلية بغض النظر عن مصير الكون. فإن كان للكون نهاية ليس بعدها أية أحداث: حينها يُطرح السؤال عن سبب تأخر تلك النهاية وتأخر نضوب الطاقة الفاعلة؟ أما إن ادعى الملحد أن الكون خالد وليس لتسلسل علله أية نهاية: إذاً دائما هناك مستقبل لم يصله الكون، وإلا لن يكون للخلود أي معنى. وفي الحالتين يقبي السؤال السابق مشروعاً: لماذا تقدم كل ماض وتأخر كل مستقبل (قريب أو بعيد)؟

    ما هي العلة التامة التي أخّرت تحول شمسنا بالتحديد الى red-giant وبالتالي فنائها؟ السبب يرجع الى تأخر كل مسببات تلك المرحلة التي بدورها ترجع لتأخر علل قبلها.. وهكذا نرجع بالأسباب الى ما لانهاية دون أن نحصل على سبب واحد يمنع ذلك التأخير، لأنك مهما عدت الى الماضي السحيق فدائما هناك مساحة لإزاحة التوقيت، والنتيجة: في عالم مادي لا بداية له، لا يوجد أي مانع عقلي أو علة فيزيائية واحدة تحول دون (تقدم/تأخر) توقيت أحداث شمسنا .. لأن فنائها المُتقدم زمنيا يرجع الى نفس التسلسل الذي سيتسبب في فنائها المُتأخر! ولو تفلسف الملحد ألف سنة فلن يجد في هذا الكون المادي أي علة تامة تفرض توقيت الأحداث.

    • هل هناك مانع فيزيائي؟ لا يوجد! لأن السؤال أصلاً هو عن سبب عدم (تأخر/تقدم) تسلسل العلل المادية بكل ما احتوته من قوانين وظروف فيزيائية. ولا حاجة لافتراض تغيير سلوك أو مصير أية ذرة في الكون أو أي تغيير في السنن التي تحكم حلقات ذلك التسلسل. بعبارة أخرى السؤال هو عن توقيت مرور القطار مع التسليم جدلاً بالقوانين التي تربط بين عربات ذلك القطار.

    • هل هناك مانع عقلي إذاً؟ أيضاً لا يوجد! لأن التسلسل -الذي لا بداية له- ليس له قرار أو مرتكز "في نهايته" يحتم عدم تأخر أو تقدم حلقاته. ولتثبت أن الجملة المنطقية (ب) ليست نتيجة حتمية لــ(أ) يكفي أن تفترض خلاف (ب) دون أي تغيير في (أ)، فإن لم يقدك ذلك الى أي تناقض فهذا دليل على عدم حتمية النتيجة. وتطبيقا لذلك: بما أن افتراض (تأخر/أو تقدم) تسلسل عللٍ لا بداية لها هو افتراض لا يقود إلى أي تناقض.. فهذا دليل رياضي على أن توقيت أحداثٍ لا بداية لها هو توقيت غير حتمي.

    ثم ماذا؟ من عادة الملحد أن يجيب بتبلد فيقول مثلا "الواقع حدث بهذه الطريقة والسلام، فلماذا تشترط حتميته؟". والحقيقة أن في عالم جبري لا وجود للظواهر الغير حتمية. (1) لأن الجبر في الواقع الخارجي لا يتعارض مع الجبر كمنطق، (2) ولأن النتيجة في الجبر لا تحدث إلا إذا اكتملت شروطها الضرورية والكافية، (3) ومتى اكتملت تلك الشروط فلن تنفك عنها نتيجتها. وبما أنه لا يوجد سبب عقلي أو فيزيائي واحد يفرض توقيت تسلسل علل لا بداية لها. فهذا يعني أن الكون -الذي لا يخضع لإرادة حرة أزلية- يستحيل أن يظهر فيه الزمن نفسه، وذلك لاستحالة ظهور التوقيت الغير حتمي في عالم جبري.

    • لكن التغييرات في الكون تحدث بالعفل رغم افتقار الكون للعلة التي تفرض توقيت أحداثه، وهذا دليل أن الإرادة الحرة هي أصل كل علة في الكون لأنه لا يوجد بعد الجبر غير الحرية. وماذا عن الصدفة كاحتمال ثالث؟ الصدفة لا معنى لها إلا إذا كان النقاش حول تعدد الاحتمالات في وقت بعينه.. أما هذا الموضوع فهو عن تعدد احتمالات التوقيت نفسه، والسبب الثاني والأهم هو أن الصدفة لا تمثل أي قوة فاعلة بل تمثل فقط احتمال يُقنن جهل الراصد، وجهل الراصد ليس له أي وزن أو تأثير في تسلسل الأحدث التي يرصدها، ولذلك فإن القوى الفاعل التي تحكم السببية في الوجود لا يمكنها أن تخرج (1) عن الإرادة التي تمثلها الحرية، (2) وعن الجبر في الواقع الخارجي الذي يمثله الجبر كمنطق. وبما أن هذا الأخير لا يمتلك العلة التامة التي تفرض توقيت حلقات تسلسلٍ لا بداية له، فلم يبقى أمام الملحد سوى الإقرار بوجود إرادة حرة هي علة بُعد الزمن نفسه.

    ومن يحكم بُعدا كونيا واحداً.. يحكم بالضرورة كل النسق الكوني بكل قوانينه!
    - لان من يحكم الزمن يحكم سرعات الأجسام عموماً وسرعة الضوء (c) خصوصاً..
    - ويحكم كل علاقة تعتمد على (c) بما في المعادلة e=mc2 التي تربط بين المادة والطاقة!
    - وما هي الطاقة من المنظور الفيزيائي؟ هي قدرة النظام على إحداث التغيير..
    إذاً من يحكم الزمن.. يحكم بالضرورة كل حدث في الكون وكل علاقة بين (المادة) و(ما يطرأ عليها من تغيير)


    الحديث السابق تطرق بالأساس الى توقيت "مرور القطار" وليس الى العلل التي تربط بين "عربات ذلك القطار". بعبارة أوضح الدليل السابق اعتمد فقط على عدم حتمية توقيت الأحداث دون التطرق الى عدم حتمية القوانين الفيزيائية التي تربط بين تلك الأحداث. وهناك أكثر من دليل على عدم بداهة القوانين الفيزيائية، أولها وأبسطها هو أن حركة العناصر في أي فضاء ليس أمراً بديهيا، لأنه لا يوجد قانون رياضي واحد يفرض على تلك العناصر تغيير إسقاطاتها. لا يوجد ذلك القانون ليس لأن الإنسان لم يعلمه بعد.. بل لأن افتراض أكثر من سلوك لتلك العناصر -في نفس المحيط- لن يؤدي الى أي تناقض عقلي. وتعدد الاحتمالات الممكنة عقلا هو دليل قاطع على عدم وجود قانون رياضي يفرض سلوكا دون آخر. وفي حوار من الزميل الألوهي في هذا الرابط قال الزميل: ربما في المستقبل يكتشف العلم حتمية السلوك الفيزيائي. فكان الرد: أن الاحتمالات التي تأمل أن تظهر يوما ما لن تخرج عما يلي:
    - الاحتمال الأول: وجود وحدات أولية للمادة والطاقة غير قابل للتقسيم ..
    - الاحتمال المتبقي: هو عدم وجود وحدات أولية لها كمّ (أكبر من الصفر) ..
    وهذا يعني أن كل مادة وكل طاقة قابلة للتقسيم إلى ما لا نهاية إلى أن تصل إلى الصفر.

    الزميل بعد بحث عاد ليقر أن الاحتمال الأول لا يفيد أي حتمية.. وهذه شجاعة أدبية منه يُشكر عليها. لكنه علق آماله على الاحتمال الثاني. وفي الحقيقة لم يعلق آماله إلا على ما يهدم الإلحاد أيضاً إذ يقول: ("أما لو كان الحال هو الحالة الثانية، أي أن كل طاقة قابلة للتقسيم إلى ما لانهاية -ولن تصل إلى الصفر-، يصير من المستحيل إثبات حتمية سلوك جزيء من المادة اعتماداً على سلوك الجزء الأصغر"). وفي هذا الكلام مغالطة ربما لم يقصدها الزميل.. لأن "التقسيم إلى ما لانهاية" هو فقط طريقة استدلال وتسلسل منطقي في عقولنا.. ولا يُشرط أن يحدث ذلك التسلسل اللانهائي في الواقع الخارجي حتى نقول أننا لن نصل إلى منتهاه. ويكفي أن نعلم يقينا ان أصغر وحدة (للمادة/والطاقة) إما تكون وحدة صفرية أو تكون وحدة لها كم غير قابل للتقسيم. ولا يوجد إحتمال ثالث لان من البديهيات أن الجملة ونقيضها يغطيان كل الاحتمالات. وسواء كانت المادة تمتلك أصغر وحدة أو كانت قابلة للتقسيم الى ما لا نهاية.. ففي الحالتين لا يوجد أي قانون رياضي يحتم عليها أي سلوك دون آخر، وبما أن عالم الجبر لا توجد فيه نتائج غير حتمية إذاً يستحيل أن يظهر السلوك الفيزيائي نفسه في عالم جبري غني عن إرادة حرة أزلية.

    يتبع إن شاء الله...

    {وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا}

  2. #2

    افتراضي

    عزيزي عبد الواحد
    لي بعض التعليقات ، أرجو أن يتسع صدرك لعجزي عن الفهم فإن أخطأت فلتكن صبوراً في تعليمي .
    يقول زميلي عبد الواحد أن التسلسل اللانهائي للأحداث يدل علي وجود الله .
    اعتقد أنه لابد أن نفرق بين الكون الذي نعيش فيه حيث تسلسل الأحداث الذي يمكننا إدراكه نهائي فالكون الذي نعيش فيه له بداية محددة لا نستطيع أن نعرف أي شيء قبلها علي المستوي الفيزيائي فلا يمكننا التحقق إلا من الظواهر .
    أما بالنسبة للوجود اللامتناهي فنحن لا نملك إلا النماذج الرياضية ولا يمكننا التحقق من شيء بالطرق التقليدية لذا فمن السابق لأوانه أن نقول أن التسلسل اللانهائي يدل علي شيء لأن هناك العديد من النماذج .
    ثم يقول أيضاً (لأن ما دام الكون يمتلك طاقة فاعلة إذاً دائما هناك أحداث مستقبلية بغض النظر عن مصير الكون. فإن كان للكون نهاية ليس بعدها أية أحداث
    ولا أدري كيف تقول أن نهاية كوننا هذا هو نهاية للأحداث ، إن نهاية كوننا لا تعني نهاية الأحداث فهناك أحداث أخري مستمرة في الوجود اللانهائي فأكوان تتشكل وأكوان تتفكك وأكوان تتحول إلي ثقوب وأكوان تنهار وأكوان تداخل (ما هذه اللغة الكهنوتية يابلاتو ) بعض المرح فالموضوع جامد قوي .
    ثم يقول (حينها يُطرح السؤال عن سبب تأخر تلك النهاية وتأخر نضوب الطاقة الفاعلة؟)
    بالنسبة لكوننا فتأخر النهاية يرتبط بكثافة الكتلة وسرعة تضخم كوننا (بعض النظريات تقول أن كوننا ينتج الأجسام بشكل متزايد فالمادة بالمعني القديم تتزايد) ، اعتقد أن تعبير نضوب يختلف عن تعبير فناء وهو أمر واضح . ولكن في الرسم التوضيحي تم كتابة كلمة فناء الشمس وتبعاً فهمتها علي أساس انهيار المنظومة الشمسية ، لأن طاقة المنظومة لا تفني فليس هناك فناء بالمعني الدارج في وجود لانهائي .
    ثم يقول (لماذا تقدم كل ماض وتأخر كل مستقبل (قريب أو بعيد)؟)
    أعتقد أن السؤال في داخل كوننا هذا الذي له بداية معينة ، لذلك فالإجابة هي لأن كوننا هذا له بداية معينة .
    لك مني كل تقدير

  3. افتراضي

    السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ، أستاذ عبد الواحد
    الحقيقة حاولت فهم الموضوع و لو أنه أكبر مني و أتمنى منكم مزيدا من الشرح لتعم الفائدة خاصة لمبتدئة مثلي
    على ما أضن أن الموضوع هو حول أزلية المادة
    و الخلاصة التي خرجت بها أنه إن كان الكون أزلي فكان من المفروض أن تنتهي الأحداث منذ مدة لا أن تتأخر
    أرجوا من الأستاذ مزيدا من الشرح ، أيضا لدي طلب لو تكرمت
    ما معنى طاقة الكون تساوي صفر ؟
    قُلْ يا عِبَادِيَ الذِّينَ أَسْرَفُوا عَلَى أنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّه إنَّ اللَّه يَغْفِرُ الذُّنُوب جميعاََ إِنَّه هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيم

  4. افتراضي

    ما هي العلة التامة التي أخّرت تحول شمسنا بالتحديد الى red-giant وبالتالي فنائها؟ السبب يرجع الى تأخر كل مسببات تلك المرحلة التي بدورها ترجع لتأخر علل قبلها.. وهكذا نرجع بالأسباب الى ما لانهاية دون أن نحصل على سبب واحد يمنع ذلك التأخير، لأنك مهما عدت الى الماضي السحيق فدائما هناك مساحة لإزاحة التوقيت، والنتيجة: في عالم مادي لا بداية له، لا يوجد أي مانع عقلي أو علة فيزيائية واحدة تحول دون (تقدم/تأخر) توقيت أحداث شمسنا .. لأن فنائها المُتقدم زمنيا يرجع الى نفس التسلسل الذي سيتسبب في فنائها المُتأخر! ولو تفلسف الملحد ألف سنة فلن يجد في هذا الكون المادي أي علة تامة تفرض توقيت الأحداث.
    أنت تقع في مغالطة وهي أنك جعلت من نفسك مراقبا من خارج الزمن، وجعلت لنفسك زمنا مختلفا تنظر إليه إلى زمن الكون وتسلسل الأحداث فتقول لماذا تأخر هذا.. بينما أنت في الواقع جزء من التسلسل.

    فكلامك كله يقوم على فرضية وهي أنه يوجد زمن آخر ينظر المراقب منه فيجد تسلسل أحداث هذا الزمن اللانهائية وليس هناك علة تؤخرها. وأنت بحاجة لإثبات هذا الافتراض (أي وجود الزمن الآخر الذي يمكنك من النظر إلى تسلسل أحداث زمننا ويجد أنه لا مانع من التأخر وأن المسألة عشوائية) حتى يصح الاحتجاج.

    أما عندنا وفي الواقع، فلا نعرف وجودا لذلك التسلسل الآخر، وبالتالي فلا معنى لذلك السؤال.

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    May 2005
    الدولة
    فلسطين
    المشاركات
    2,498
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    الزميل titto ،
    مداخلتك السابقة تتلخص في قولك أني افترض زمنا مختلفا أنظر من خلاله الى زمن كوننا..
    وهذه يا عزيزي تهمة لا أنكرها أبداً.. بالفعل افترضتُ أزمنة كثيرة بعدد الاحتمالات الممكنة.
    وأما ظنك أن في هذا الافتراض مغالطة... فيرجع فقط لجهلك بطرق الاستدلال..

    • لأثبت عدم حتمية الأمر (أ) يحق لي أن أفترض خلاف ذلك الأمر.. ثم أنظر هل قادني ذلك الافتراض الى تناقض أم لا.
    • ولأثبت عدم حتمية توقيت الأحداث في زمننا... يحق لي أن أفترض خلاف ذلك التوقيت.. ثم أنظر هل سأصل الى تناقض.

    "حق الافتراض" هنا ليس "بلطجة" بل هو أسلوب رياضي مشروع في إثبات أو نفي الحتمية.
    ووصفك لهذا الأسلوب "بالمغالطة" يدل فقط على عدم معرفتك بأبسط طرق الاستدلال ليس إلا!

    الآن هل افتراض توقيت متأخر أو متقدم لأحداث الكون يقود الى تناقض؟ الجواب لا!
    لأن التسلسل الذي لا بداية له.. ليس له مرتكز في منتهاه يحتم عدم تأخر أو تقدم حلقاته.
    (النتيجة الأولى) = توقيت أحداث الكون ليست حتمية. لأن افتراض توقيت مغاير للأحداث لا يقود الى تناقض.

    ثانياً: لو افترضنا أن الكون تغيب عنه الإرادة الحرة ، فهذا يعني استحالة ظهور أي حقيقة غير حتمية.
    لماذا؟
    - لان في الجبر لا توجد نتائج غير حتمية.
    - ولأن الجبر في الواقع الخارجي لا يخالف الجبر كمنطق.
    (النتيجة الثانية) = الكون الذي تغيب عنه الإرادة الحرة .. لا يعرف الحقائق الغير حتمية.

    (النتيجة الأولى) + (النتيجة الثانية) = الكون الذي لا تحكمه إرادة حرة.. يستحيل أن يعرف شيئا اسمه (بُعد الزمن).

    الأخت الفاضلة مغربية،
    الفكرة بكل بساطة تبدأ بالتسليم للملحد بما يقول (أي تسلسل غير عاقل، قديم وتلقائي وجبري ..)
    ثم تسأليه عن العامل الذي يفرض توقيت حدث معين (1) في الكون؟
    سيجيب: السبب يرجع لتوقيت مجموع العلل (2) التي سبقت (1).
    ومن فرض توقيت (2)؟ سيجيب : توقيت مجموع العلل (3) التي سبقت (2).... إلخ..
    لنعود بالأسباب الى ما لا نهاية في هذا التسلسل دون أن نصل الى عامل يبرر ذلك التوقيت.
    وهذا يعني عدم وجود أي سبب ذاتي في الكون يفرض حتما توقيت حاضرنا.

    ولتقريب الفكرة يمكن الاستشهاد بالمفارقة التي طرحها الرياضي David Hilbert والمعروفة باسمه أي مفارقة هيلبرت،
    الذي افترض جدلا وجود فندق يحتوي على عدد لا نهائي من الغرف وكل غرفة يسكنها نزيل واحد فقط.
    ثم أتى ضيف جديد طالبا المبيت..
    - فقال له صاحب الفندق "لكن الغرف كلها مسكونة".
    - فأجاب الضيف: "لا مشكلة فقط أطلب من كل نزيل الخروج في نفس اللحظة من غرفته رقم (n) الى (n+1)، لتبقى الغرفة الأولى شاغرة".
    وهكذا سيحصل كل نزيل على مكان بديل خاص به، لأنه مهما كبر العدد فدائما هناك عدد يليه في ذلك التسلسل اللانهائي.
    وهذا يقود الى مفارقة لأن نفس النزلاء يشغلون ولا يشغلون كل غرف "الفندق اللانهائي" بعد أن أصبحت الغرفة الأولى شاغرة.

    طبعا هناك فروق كثيرة بين المسألة التي طرحها هيلبرت وبين مسألة قدم العالم.
    وليس كل النتائج التي يمكن استخلاصها من المسألة الأولى يمكن استخلاصها من الثانية..
    لكن ما يهمها هو وجه التشابه فقط:
    ففي المثلين هناك علاقة واضحة بين (التسلسل اللانهائي) من جهة وبين (غياب الحتمية) من جهلة أخرى.
    وهذا دليل كاف أن العالم الجبري القديم يستحيل أن يكون قائما بذات.. لأنه لا توجد في الجبر نتائج غير حتمية.

    الزميل بلاتو،
    النماذج الرياضية التي لا يعرفها الإنسان كما تقول لا دخل لها بهذا الموضوع الذي يناقش بالتحديد نموذجا - يقول به الملاحدة - وهو تسلسل أحداث تلقائية لا بداية لها وقائمة بذاتها دون أي تدخل من إرادة حرة أزلية. أما قولك أن "كوننا هذا له بداية معينة لكنه جزء من منظومة أكوان أخرى" فلا يرد على شيء. فبعد أن تفترض وجود كل الأكوان التي تريدها، يمكنك في المحصلة أن تعتبر (الكون) في هذا الموضوع هو (مجموع كل تلك الأكوان). ولذلك فأنت لم ترد في النهاية على السؤال بل فقط أخرجتَ السؤال من جزء من الكون بحجة أن ذلك الجزء إسمه "كوننا".

    تحياتي.

    {وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا}

  6. افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الواحد مشاهدة المشاركة
    الزميل titto ،
    مداخلتك السابقة تتلخص في قولك أني افترض زمنا مختلفا أنظر من خلاله الى زمن كوننا..
    وهذه يا عزيزي تهمة لا أنكرها أبداً.. بالفعل افترضتُ أزمنة كثيرة بعدد الاحتمالات الممكنة.
    وأما ظنك أن في هذا الافتراض مغالطة... فيرجع فقط لجهلك بطرق الاستدلال..

    • لأثبت عدم حتمية الأمر (أ) يحق لي أن أفترض خلاف ذلك الأمر.. ثم أنظر هل قادني ذلك الافتراض الى تناقض أم لا.
    • ولأثبت عدم حتمية توقيت الأحداث في زمننا... يحق لي أن أفترض خلاف ذلك التوقيت.. ثم أنظر هل سأصل الى تناقض.

    "حق الافتراض" هنا ليس "بلطجة" بل هو أسلوب رياضي مشروع في إثبات أو نفي الحتمية.
    ووصفك لهذا الأسلوب "بالمغالطة" يدل فقط على عدم معرفتك بأبسط طرق الاستدلال ليس إلا!

    الآن هل افتراض توقيت متأخر أو متقدم لأحداث الكون يقود الى تناقض؟ الجواب لا!
    لأن التسلسل الذي لا بداية له.. ليس له مرتكز في منتهاه يحتم عدم تأخر أو تقدم حلقاته.
    (النتيجة الأولى) = توقيت أحداث الكون ليست حتمية. لأن افتراض توقيت مغاير للأحداث لا يقود الى تناقض.

    ثانياً: لو افترضنا أن الكون تغيب عنه الإرادة الحرة ، فهذا يعني استحالة ظهور أي حقيقة غير حتمية.
    لماذا؟
    - لان في الجبر لا توجد نتائج غير حتمية.
    - ولأن الجبر في الواقع الخارجي لا يخالف الجبر كمنطق.
    (النتيجة الثانية) = الكون الذي تغيب عنه الإرادة الحرة .. لا يعرف الحقائق الغير حتمية.

    (النتيجة الأولى) + (النتيجة الثانية) = الكون الذي لا تحكمه إرادة حرة.. يستحيل أن يعرف شيئا اسمه (بُعد الزمن).
    لا لست جاهلا بطرق الاستدلال، لكنك لم تفهم ما أحاول أن أقوله لك:

    سؤالك: هل توقيت الأحداث حتمي، سؤال خاطئ وغير منطقي. لأنه لكي يكون حتمي أو غير حتمي يجب أن يكون هناك زمن آخر ينسب له. فالاستدلال بذاته مغالطة لأن التسلسل الذي نتحدث عنه هو تسلسل الوجود ولا يمكنك أن تخرج خارجه لأنه لا يوجد شيء خارجه تنظر منه فالاستدلال والسؤال فاسدان.

  7. افتراضي

    أو بعبارة أخرى أنت تفترض ما تريد أن تستدل عليه ثم تستدل به عليه. أي أن دليلك على الفرضية هو الفرضية نفسها.

    فأنت تريد الاستدلال على وجود الله وأنه إرادة حرة فوق الزمن، وهذا يعني أنك تريد الاستدلال على أن العشوائية هي الأصل، وأن توقيت الكون غير حتمي.. وهذا يعني أنك تريد الاستدلال على وجود زمن آخر يجعل من توقيت الكون غير حتمي.

    وما قمت به هو افتراض وجوده، ثم الاستدلال به والادعاء بأنه ينفي الحتمية !!

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    May 2005
    الدولة
    فلسطين
    المشاركات
    2,498
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    الزميل تيتو أهلا بك،
    لا لست جاهلا بطرق الاستدلال، لكنك لم تفهم ما أحاول أن أقوله لك:
    سؤالك: هل توقيت الأحداث حتمي، سؤال خاطئ وغير منطقي. لأنه لكي يكون حتمي أو غير حتمي يجب أن يكون هناك زمن آخر ينسب له.
    خطأ يا عزيزي..
    لأن السؤال عن الحتمية يسبقه سؤال عن تعدد الاحتمالات الممكنة عقلاً.
    ولا يُشترط تحقق تلك الاحتمالات في أرض الواقع حتى نقارنها بالواقع كما تظن!
    لا أدري من أين تخترع هذه الشروط العجيبة!
    فالاستدلال بذاته مغالطة لأن التسلسل الذي نتحدث عنه هو تسلسل الوجود ولا يمكنك أن تخرج خارجه لأنه لا يوجد شيء خارجه تنظر منه فالاستدلال والسؤال فاسدان.
    جانبك الصواب مرة أخرى يا عزيزي..
    لا يُشترط أن يخرج السائل بجسده الى واقع افتراضي غير واقعه حتى يسأل عن بقية الاحتمالات.
    ولا يُشترط أن تخلق تلك الاحتمالات حتى تسأل عنها..
    ...
    عد لمفارقة David Hilbert مثلاً ستجد أنه عرض احتمالات كلها غير موجودة أصلاً..
    ولو إتبع الرجل نصيحتك العجيبة... لكان عليه أن يبحث في أرض الواقع عن ذلك الفندق.
    فأنت تريد الاستدلال على وجود الله وأنه إرادة حرة فوق الزمن، وهذا يعني أنك تريد الاستدلال على أن العشوائية هي الأصل،
    لا أعترف أصلاً بشيء اسمه العشوائية لأنها لا تمثل أية قوة فاعلة.
    وأن توقيت الكون غير حتمي.. وهذا يعني أنك تريد الاستدلال على وجود زمن آخر يجعل من توقيت الكون غير حتمي.
    ما زلتَ غارقا في خلط عجيب...
    هناك فرق شاسع بين (السؤال عن الإمكانية) وبين (محاولة إثبات تحققها في الواقع)
    أكرر المقارنة بين الاحتمالات الممكنة لا تعني إثبات وجودها في ارض الواقع.
    أو بعبارة أخرى أنت تفترض ما تريد أن تستدل عليه ثم تستدل به عليه. أي أن دليلك على الفرضية هو الفرضية نفسها.
    يكون كلامك صحيحا إذا كان الهدف هو محاولة إثبات تحقق ذلك الفرض.. وهذا غير صحيح.
    لم أحاول قط إثبات خضوع الكون لتوقيت مغاير لكوننا!
    وعرض احتمالات ممكنة في المقدمة ليس الهدف منه إثبات تحقق تلك الاحتمالات في النتيجة!
    ...
    تقول أن التسلسل الذي نتحدث عنه هو تسلسل لوجود الكون.. هذا صحيح...
    وسؤالي لماذا هذا التسلسل وافق الاحتمال الذي يمثل توقيت واقعنا ولم يمثل أحد الاحتمالات الممكنة الأخرى؟
    سؤال واضح .. ولو طرت لن تجد في ذلك "التسلسل القديم" أية علة تامة تبرر توقيت حاضرنا.


    ملاحظ خارج الموضوع لكنها مهمة: :
    عندما تقول أنه لا يمكن أن نذهب خارج الكون لنحكم عليه من خارجه (أو بتجرد)...
    أنت هنا محق إذا كان العقل مجرد مادة. وبالفعل لا يمكن للمادة أن تخرج الى إحتمال لا يعرفه الكون.
    لكن عقل الإنسان يستطيع.. وها نحن الآن نتحاور حول ذلك الإحتمال....
    وهذا دليل على إستحالة إختزال العقل في الدماغ.
    على كل حال سألزمك بكلامك هذا في هذا الشريط (حوار حول الإدراك)
    ما اجمل الملحد عندما تضعف ذاكرته ويهدم في شريط ما كان يدافع عنه في شريط آخر


    تحياتي

    {وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا}

  9. افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الواحد مشاهدة المشاركة
    الزميل تيتو أهلا بك،

    خطأ يا عزيزي..
    لأن السؤال عن الحتمية يسبقه سؤال عن تعدد الاحتمالات الممكنة عقلاً.
    ولا يُشترط تحقق تلك الاحتمالات في أرض الواقع حتى نقارنها بالواقع كما تظن!
    لا أدري من أين تخترع هذه الشروط العجيبة!
    بل خطأ أنت يا عزيزي، لأنه إن لم يكن ذلك البعد الزمني الآخر موجوداً، لن يكون السؤال عن إمكانية إزاحة تسلسل زماننا منطقيا أو ممكنا. لذلك فلابد أن تثبت أنه موجود وإلا صار كلامك كله مجرد احتمال لا يصح الاحتجاج به على شيء.

    التأخر والتقدم عملية مرتبطة بالزمن، فعندما تقول لماذا لم يتقدم انفجار الشمس، فأنت تتحدث نسبة لزمن آخر لابد أن تثبت وجوده أولا وإلا فسؤالك غير منطقي.

  10. افتراضي

    سؤال أو مغالطة عبدالواحد شبيهة بالسؤال:

    ماذا يقع شمال القطب الشمالي ؟

    فنعرف جميعا أن اتجاه الشمال يُنسب للقطب الشمالي.. كما أن التقدم والتأخر يُنسب للزمن والتسلسل، فكيف يقول: لماذا تقدم أو تأخر ذلك التسلسل ؟

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    May 2005
    الدولة
    فلسطين
    المشاركات
    2,498
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    الزميل تيتو...
    نعم.. السؤال عما يقع شمال القطب الشمالي.. هو مغالطة.
    لكن هل وصلت بنا السفسطة درجة نعتبر فيها السؤال عن سبب عدم اكتمال البدر مغالطة منطقية؟
    • (لماذا لم يكتمل البدر بعد؟) = هو نفس السؤال (لماذا تأخر اكتمال البدر؟)
    • (لماذا لم تفنى شمسنا بعد؟) = هو نفس السؤال (لماذا تأخر فناء شمسنا؟)
    عرضت عليك نفس السؤال بأكثر من صيغة حتى أبين لك أن كل حجتك هي مجرد التلاعب بالمصطلحات...
    فأختر الصيغة التي تريد وأجب على السؤال مباشرة. ولن ترد حتى على الصيغة الجديدة..
    لأنك لن تجد في التسلسل القديم أية علة تامة تفرض توقيت حلقات ذلك التسلسل.
    ولذلك أتفهم انزعاجك الشديد من تبخر آمالك الوردية بعد أن أصبح القدم نفسه مشكلة إلحادية.
    فلم تجد غير السفسطة ملاذا ليصبح السؤال عن سبب عدم اكتمال البدر - في نظرك - مغالطة منطقية!

    ملاحظة عابرة: أنت تتحدث عن (بُعد زمني آخر) تشترط وجوده حتى تتم المقارنة. وللأسف الشديد فإن كلامك هذا يدل على عدم معرفتك بأبجديات الرياضيات.. لأنه لا يمكن المقارنة زمنيا بين عناصر تنتمي الى أبعاد زمنية مستقلة عن بعضها. ربما خانك التعبير.. لستَ بحاجة الى خلق بُعد زمني آخر لتسأل عن سبب عدم اكتمال البدر أو فناء الشمس.

    حتى نضع النقاط فوق الحروف.. ليتك ترد على السؤال التالي:
    • هل (الحاضر) يمثل - في نظرك - حقيقة كونية غنية عن وعينا؟
    • أم أن الكون ليس له (حاضر) حقيقي .. بل هو مجرد نتاج لوعينا؟

    {وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا}

  12. افتراضي

    السؤال عن سبب عدم اكتمال البدر مجرد سؤال عادي، يجاب عليه بالأسباب التي تجعله يتأخر.

    لكن هذا ليس سؤالك، أنت تسأل لماذا تأخر الزمن كله، وهذه هي المغالطة.

    وهذا كلامك:
    لأنك مهما عدت الى الماضي السحيق فدائما هناك مساحة لإزاحة التوقيت، والنتيجة: في عالم مادي لا بداية له، لا يوجد أي مانع عقلي أو علة فيزيائية واحدة تحول دون (تقدم/تأخر) توقيت أحداث شمسنا .. لأن فنائها المُتقدم زمنيا يرجع الى نفس التسلسل الذي سيتسبب في فنائها المُتأخر!
    إزاحة التوقيت.. أو تأخير وتقديم "الوقت" نفسه !!

    وهذه مغالطة لا تقل شناعة عن السؤال عن ما هو شمال القطب الشمالي، لأنه وكما ذكرت، مرجعية اتجاه الشمال هي للقطب الشمالي، والوقت هو مرجعية التأخر والتقدم، ولا يمكن أن تسأل لماذا تأخر أو تقدم الوقت نفسه.. لكن يمكن أن تسأل لماذا تقدم أو تأخر حدث ما بالنسبة للوقت فيجاب عن ذلك بالأسباب والتغيرات الوقتية التي أدت لذلك..

    وقلت إن هذا يستدعي مرجعية توقيت أخرى وذلك بسبب هذه المغالطة إذ لا يمكنك أن تسأل سؤالا كهذا (أي لماذا تقدم وتأخر الوقت) إلا إذا كنت في توقيت آخر يمكن أن يتأخر ويتقدم وقتنا بالنسبة له..

    لتوضيح الأمر أكثر شبهه بفيلم يعرض في صالات السينما.. الفيلم له وقت نسبي يبدأ من الصفر وينتهي بعد ساعة ونصف مثلا، لكن يمكننا أن نسأل: لماذا تأخر أو تقدم عرض الفيلم، أو لماذا كانت الدقيقة 30 في الفيلم توافق الساعة الحادية عشرة وليس العاشرة والنصف، لأن مرجعيتنا هي توقيتنا وليس توقيت الفيلم. فأنت تفترض أننا فيلم سينمائي أيضا يقوم مراقب لديه زمن نسبي آخر بالتحكم فيه وتقديم أو تأخير وقته، وهذا شيء أنت مطالب بإثباته وإلا فسؤالك مغالطة ولا معنى له.

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    May 2005
    الدولة
    فلسطين
    المشاركات
    2,498
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    الزميل تيتو أهلا بك،

    • تقول أن السؤال عن (التأخر) لا يجوز إلا إذا أوجدتَ بُعدا زمنيا آخر في أرض الواقع. وهذه سفسطة لان الإنسان يستطيع دون الخروج من الكون أن يقول مثلا "ماذا لو كنت في زمن الطفولة؟" ! واعتراضك يكون له معنى إذا سلمتُ لك أن العقل مجرد مادة لا تعرف كلمة (لو). أعلم أن إلحادك يشترطُ عليك "خلق" بُعد زمني جديد في الواقع بمجرد تفوهك بكلمة (لو) جديدة! فالعيب إذاً في إلحادك وليس في الواقع الذي يكذب إيمانك لأن الإنسان بالفعل يستطيع التفكير بطريقة مجردة وينظر الى العالم دون أن يحبس نفسه في حاضره، وقادر على افتراض تأخر كل شريط حياته. والعاقل يعتبر ذلك دليلا على استحالة اختزال العقل في الدماغ.. لكنك تضع العربة أمام الحصان وتصر على دفن رأسك في الرمال وتنكر القدرات العقلية للإنسان حتى تُبقي على إلحادك الذي يخبرك أن العقل مجرد مادة لا يمكنها أن تناقش أي احتمال إلا إذا انتقلت اليه في أرض الواقع.

    • سألتك (لماذا تأخر اكتمال البدر؟) قلتَ لا يجوز استعمال كلمة (تأخر) ... فسألتُك (لماذا لم يكتمل البدر بعد؟) فكان جوابك:
    السؤال عن سبب عدم اكتمال البدر مجرد سؤال عادي، يجاب عليه بالأسباب التي تجعله يتأخر.
    الآن أصبح (الحديث عن سبب التأخر) سؤالا عاديا؟؟؟ وقبل قليل كنت تصفه بالمغالطة!!! هل ترى كلمة (تأخر) في اقتباسك؟ هي نفسها التي أسألك عنها وهي نفسها التي وصفتَها انت تارة بالسؤال العادي وتارة بالمغالطة. فما هذا التخبط؟ ومع ذلك لم تجب حتى على الصيغة الثانية: ما هو سبب عدم اكتمال البدر؟ لم تجب لأنك تعلم جيدا أنك ستعود بالأسباب الى ما لا نهاية دون أن تنتهي الى مبرر واحد يحتم توقيت اكتمال البدر.

    واسمح لي أن أستغل نفس مثلك عن الشريط السينمائي الذي شبهته بشريط الأحداث في الكون.

    السؤال الأول: متى يمكن القول أن هناك شريط للأحداث جزء منه في حكم الماضي وجزء آخر في حكم المستقبل؟
    الرد: عندما تكون هناك محطة ثابتة اسمها الحاضر يمر بها الشريط المتحرك. وفي غياب تلك المحطة يستحيل تعريف الماضي والمستقبل.

    السؤال الثاني: من وضع تلك المحطة وثبتها وجعلها مرجعا للشريط المتحرك؟
    الرد: شخصٌ في العالم الخارجي لا ينتمي لأحداث الشريط السينمائي ولا هو من شخصياته.

    النتيجة: لا توجد أية علة ذاتية -في الشريط السنيمائي- تحدد توقيت أحداثه لأنه أصلاً لا توجد أية علة في الشريط تحدد الحاضر. ولابد من وجود قوة خارجية صممت آلية تعطي للحاضر معناه وتشكل مرجعاً يفصل بين الماضي والمستقبل. كما ترى فقد ألزمتك بالمثل الذي ألزمتَ به نفسك. وجود شيء اسمه (الحاضر) هو من الآيات التي نتعامل معها بتبدل شديد وهو اكبر دليل على افتقار الكون لمدبر لأحداثه، لأنه لا يوجد في الشريط المتحرك - أيا كان - علة ذاتية تحدد حاضره.

    لنفترض جدلا أنك تعلم كل التفاصيل الفيزيائية لهذا الشريط... فهل تلك المعلومات تمكنك من تحديد الحاضر؟
    وهذه مغالطة لا تقل شناعة عن السؤال عن ما هو شمال القطب الشمالي، لأنه وكما ذكرت، مرجعية اتجاه الشمال هي للقطب الشمالي، والوقت هو مرجعية التأخر والتقدم، ولا يمكن أن تسأل لماذا تأخر أو تقدم الوقت نفسه..
    أصلا لا أفهم ماذا تقصد بعبارة (تقدم الوقت نفسه) فأنت حر في شناعاتك وخيالاتك. المرجع هو الحاضر الذي يمثل محطة ثابتة.. والمتقدم والمتأخر هو شريط الأحداث الذي يمر على تلك المحطة. تماما كما أن الحاضر بالنسبة للشريط السينمائي يمثل محطة ثابتة بالنسبة للشريط المتغير. ليتك ترد مشكورا على السؤال الذي تجاهلتَه من قبل:

    1- هل (الحاضر) يمثل حقيقة كونية تعتبر محطة ومرجعا ثابتا لتوقيت الأحداث المتغيرة..
    ومرجعا لتعريف الماضي والمستقبل.. مثله كمثل الشريط السنيمائي الذي ألزمت به نفسك؟

    2- أم أن الكون ليس له حاضر.. بل كل حلقة في تسلسل أحداثه هي حاضره..
    وبالتالي لا يوجد شيء اسمه الماضي والمستقبل، وكل هذه الأمور هي نسبية خلقها وعينا؟

    فماذا تختار؟ إن اجبت على هذا السؤال سنتقدم في الحوار....

    لكن يمكن أن تسأل لماذا تقدم أو تأخر حدث ما بالنسبة للوقت فيجاب عن ذلك بالأسباب والتغيرات الوقتية التي أدت لذلك.
    عندما تقول (تأخر حدث ما بالنسبة للوقت) هل تقصد به وقت الكون أم ساعتك اليدوية مثلا؟
    إن كنت تظن أن المقارنة بين توقيت حدث وآخر يحل لك الأشكال فأنت واهم.
    لان تقدم الحدث (أ) بالنسبة لـ(ب).. هو الآخر له علل ليس لها بداية في عالم القديم غير محكوم بأية إرادة.
    الفيلم له وقت نسبي يبدأ من الصفر وينتهي بعد ساعة ونصف مثلا، لكن يمكننا أن نسأل: لماذا تأخر أو تقدم عرض الفيلم، أو لماذا كانت الدقيقة 30 في الفيلم توافق الساعة الحادية عشرة وليس العاشرة والنصف، لأن مرجعيتنا هي توقيتنا وليس توقيت الفيلم.
    هذا صحيح.. وما دمت قد شبّهت الكون بالشريط السنيمائي فعليك أيضاً أن تفترض تمتع الشخص داخل الشريط بالقدرة على إدراك حاضره، دون أن تنسى أن علة ذلك الحاضر هو طرف لا ينتمي أصلا للشريط. ويحق لذلك الشخص أن يسأل في أية لحظة:
    - لماذا إدراكي للحاضر مقترن بالحدث (أ) وليس (ب)؟ لو بحث ألف سنة في الشريط فلن يجد الجواب.
    - والعاقل منهم سيجيب: العلة تعود الى المبدر لأمور عالمنا .. لأنه هو الذي وضع تلك الآلية التي تحدد حاضرنا.
    فأنت تفترض أننا فيلم سينمائي أيضا يقوم مراقب لديه زمن نسبي آخر بالتحكم فيه وتقديم أو تأخير وقته، وهذا شيء أنت مطالب بإثباته وإلا فسؤالك مغالطة ولا معنى له.
    لستُ مطالبا بشيء لم أدعيه... ولم أتفرض قط أن لدي عصاة سحرية أتحكم بها في الأحداث.
    لكن أدعي أنه لا توجد أي علة تامة في الكون تفرض توقيت أحداثه.
    كما لا توجد علة تامة في الشريط السينمائي تفرض توقيت أحداثه.
    وهذا يتوافق مع الدليل الذي يثبت أن التسلسل الجبري يستحيل ان يكون قائما بذاته.


    تحياتي...

    {وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا}

  14. #14

    افتراضي

    يا سسسسسسسسلامممممم الله يفتح علي الأخ الغالي عبد الواحد
    ولو أنني أعتقد بأن عقول الكثرة من دعاة الدهرية لا تقوي علي استيعاب هذا الخبر



    تحياتي
    إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ* آل عمران: 190
    نحو الأيمان تأملآت في كتاب الله في الكون وفي النفس

  15. افتراضي

    لا أعرف ما الذي يستدعي منك تشتيت الموضوع.

    لا لم أقل إنه لا يجوز السؤال عن سبب تأخر حدث ما. بل قلت بكل وضوح يجوز ذلك..

    لكن أنت تقول إن هناك أسبابا لا متناهية تمنع اكتمال القمر.. وهذا صحيح.. فبدأت مغالطاتك.. وقلت إن هذا يعني أن توقيت الأحداث غير حتمي، وأنه لا يوجد مبرر واحد يجعل اكتمال القمر يتأخر.

    يتأخر بالنسبة لمن ؟! بالنسبة لنا ؟

    نعم هناك مبرر وسبب. لأننا جزء من نفس التسلسل، نحن حدث من الأحداث على كوكب الأرض، ولو عدنا في الأحداث فسوف نجد أننا والقمر لنا سبب مشترك وليكن تكون الأرض أو المجموعة الشمسية. فالقمر مرتبط بنا زمنيا ولا يمكن أن يتأخر أو يتقدم، وليس كل منا جزء من سلسلة أحداث لا نهائية مستقلة حتى يكون سؤالك صحيحا.

    ولهذا قلت لك إنك تسأل عن وجود مانع لتأخر الزمن كله وليس حدث معين وهو ما وصفته بالمغالطة وقمت بتوضيحه.

صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. السببية ( مجرد سؤال)
    بواسطة YaCiine في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 12-31-2013, 10:28 PM
  2. سؤال: قانون السببية
    بواسطة ontology في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 17
    آخر مشاركة: 11-09-2011, 02:09 AM
  3. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 09-08-2008, 05:58 AM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء