تطور عقيدة الثالوث



إن أى عقيدة يجب أن تكون مستمدة من الكتاب الذى يمثل المرجعية بالنسبة إليها , ولو رجعنا الى الكتاب المقدس لوجدنا أنه يحوى بين دفتيه نصوص معانيها واضحة وجلية ونصوص أخرى متشابهات تحتمل معانى , وبالتالى فيفترض عند تبنى أى عقيدة يجب أن تكون مستندة الى النصوص الواضحة والصريحة ثم تفهم النصوص الملتبسة فى ضوء النصوص الصريحة , لكن تبنِّى الكنيسة لعقيدة الثالوث كان على خلاف المفترض .
فالنصوص الصريحة الواضحة فى العهد الجديد تعارض عقيدة الثالوث بصورة قاطعة , وكل النصوص التى يُستند إليها فى الدلالة على عقيدة الثالوث هى نصوص غامضة مبهمة , وقد اصاب نورتون أندروز كبد الحقيقة عندما قال إذا فترضنا صحة عقيدة الثالوث فإن الرسل عبروا عنها " بأسلوب بحيث لو أرادوا أن يربكوا القارىء ويوقعوه فى الحيرة وأن يجعلوا الأمر يكتنفه الغموض لما فعلوا أفضل من ذلك ! " (1)

الثالوث ليس عقيدة إنجيلية :
وعلى الجهة الأخرى لو نظرنا الى النصوص التى تناقض عقيدة الثالوث لوجدناها من الوضوح بصورة تجعلنا نتساءل عن شكل وعدد النصوص المطلوب ان يحتويها العهد الجديد لكى تقنع الكنيسة والمسيحيين بأن عقيدة الثالوث باطلة !.
وسوف نستعرض طائفة من هذه النصوص التى تؤكد على ان المسيح هو أدنى منزلة من الله او الآب :
إِنَّ الآبَ يُحِبُّ الابن فجَعَلَ كُلَّ شيءٍ في يَدِه (يوحنا 3 : 35 )
سمِعتمُوني أَقولُ لَكم: أَنا ذاهِبٌ، ثُمَّ أَرجعُ إِلَيكمُ. لو كُنتُم تُحِبُّوني لَفَرِحتُم بِأَنِّي ذاهِبٌ إِلى الآب لأَنَّ الآبَ أَعظَمُ مِنِّي. (يوحنا 14 : 28 )
فقالَ له يسوع: لِمَ تَدْعوني صالِحاً ؟ لا صالِحَ إِلاَّ اللهُ وَحدَه ( مرقس 10 : 18 )
وأَمَّا ذلكَ اليومُ أَو تِلكَ السَّاعة فما مِن أَحَدٍ يَعلَمُها: لا المَلائكةُ في السَّماء، ولا الِابنُ، إِلاَّ الآب ( مرقس 13 : 32 )
وأَمَّا عِندَنا نَحنُ، فلَيسَ إِلاَّ إِلهٌ واحِدٌ وهو الآب، مِنه كُلُّ شَيءٍ وإِلَيه نَحنُ أَيضًا نَصير، ورَبٌّ واحِدٌ وهو يسوعُ المسيح، بِه كُلُّ شيَءٍ وبِه نَحنُ أَيضًا. (1كورنثوس 8 : 6 )
ومتى أُخضِعَ لَه كُلُّ شَيء، فحينَئِذٍ يَخضَعُ الاِبْنُ نَفْسُه لِذاكَ الَّذي أَخضَعَ لَه كُلَّ شيَء، لِيكونَ اللّهُ كُلَّ شَيءٍ في كُلِّ شيَء. (1كورنثوس 15 : 28 )
ولكِنِّي أُريدُ أَن تَعلَموا أَنَّ رأسَ كُلِّ رَجُلٍ هو المَسيح ورأسَ المَرأَةِ هو الرَّجُل ورأسَ المَسيحِ هو الله. (1كورنثوس 11 : 3 )
فَإِنَّ اللهَ وَاحِدٌ، وَالْوَسِيطُ بَيْنَ اللهِ وَالنَّاسِ وَاحِدٌ، وَهُوَ الإِنْسَانُ الْمَسِيحُ يَسُوعُ .
(1 تيموثاوس 2 : 5 )
وتقرر دائرة المعارف البريطانية : إن لفظ الثالوث وعقيدة الثالوث الصريحة ، لم يردا فى العهد الجديد كذا ما قصد المسيح ولا أتباعه أبدا أن ينقضوا وصية العهد القديم " اسمع يا اسرائيل الرب الهنا رب واحد " ( التثنية 6 : 4 ) إلا أن ورود ألفاظ الأب والابن والروح في العهد الجديد كان ذريعة لنشوء عقيدة التثليث **
ويؤكد الكاردينال الكاثوليكى جون هنرى نيومان J. H. Newman على هذه الحقيقة بالقول : دعونا نسلم أن جملة العقائد والتى موضوعها هو ربنا يسوع كانت محل اتفاق من قبل الكنيسة الأولى ... إلا أن الوضع بالتأكيد ليس كذلك بالنسبة لعقيدة الثالوث فأنا لا أرى معنى للقول بأنه كان ثم اتفاق فى الكنيسة الأولى بشأنها . والكتابات المسيحية فى هذا الوقت المبكر لا تذكر شىء عن هذه العقيدة وهذه الكتابات وإن كانت تورد ذكرا لثلاثة لكن كون فى ذلك سر من أسرار الكنيسة او أن الثلاثة واحد ومتساوين وأزليين وغير مخلوقين وكُلِّيِّى القدرة ولايمكن للعقل إدراكهم فهو أمر غير منصوص عليه البتة ولا يمكن استخراجه من تلك الكتابات .وإن كنا نؤمن بالطبع أنها تُضمر هذا أو تقصد إلى ذلك .(2)
ويضيف الأب الكاثوليكى وعالم اللاهوت الشهير هانز كونج Hans Kung : لماذا لايوجد مطلقا اى حديث فى طول العهد الجديد وعرضه عن إله مثلث الإقانيم ، ففى حين أنه يوجد إيمان بالله الآب وبيسوع الإبن وبروح الله فلا يوجد عقيدة تتعلق بإله واحد فى ثلاثة أقانيم أو ثالوث (12)
وقد استعرضنا فى موضوع سابق جملة من المصادر المعتبرة التى تقرر هذه المسألة انظر هنا

الحواريون لم يؤمنوا بالثالوث ولم يعلموا الناس شيئا كهذا :
أوردنا من قبل أن جمهور المؤرخين على أن المسيح لم يدع الألوهية وأن الاعتقاد فى أولوهيته نشأ بشكل تدريجى انظر هنا
وهذا ما يؤكد عليه اللاهوتى وفيلسوف الأديان جون هيك John Hick بقوله :
نقطة أخرى تحظى بالاتفاق العريض من قبل علماء العهد الجديد هى أن يسوع أو عيسى التاريخى لم يدَّعى الألوهية ـ وهو ما نُسب إليه فى الفكر المسيحى اللاحق ـ فهو لم ينظر إلى نفسه على أنه الله او " ابن الله " المتجسد . (14) انظر هنا ص 27

لقد عارض غير المؤمنين من اليهود المسيحية فى عهد الرسل بأقصى درجات الشدة فلقد فتشوا فى كل جانب عن اعتراضات يحتجون بها عليها . فقد كان لهذه الديانة الكثير من الملامح التى بالكاد يمكن لليهودى أن يتصالح معها . ورسائل العهد الجديد مليئة بأقوال وشروح وجدل متعلق بمسائل تمس أمور متجذرة فى عقائد اليهود لكن فيما يتعلق بعقيدة الثالوث هذه ، والتى لو كان يُقال بها لوجد اليهودى المؤمن صعوبة بالغة فى تقبلها ، و لواجهت مقاومة شرسة من غير المؤمنين من اليهود فلا عين ولا أثر لأى جدل يتصل بها . لكن لو كان يقال بها لكانت أهم نقاط الهجوم من قبل هؤلاء الذين يناهضون المسيحية ولكانت أهم نقاط الدفاع بالنسبة لهؤلاء الذين يناصرونها ومع ذلك لم يقال شىء فى شأنها بالرغم من كونها فى حاجة للإيضاح والشرح والتأكيد بدرجة أكبر بكثير من أى عقيدة أخرى . فهى لا تبدو متعارضة فقط مع عقيدة واحدانية الإله بل مع بشرية المسيح أيضا ومن ثم كان لابد من النص عليها بوضوح والحيلولة دون سوء الفهم الذى هى عرضة له من كل جانب لاسيما الأخطاء الجسيمة التى من الممكن أن يقع فيها الذين تحولوا من الوثنية إلى المسيحية . ومع ذلك فنصوص العهد الجديد ولغته أبعد ما يكون عن هذا الوضوح فى العبارة والإسهاب فى الشرح فيما يتعلق بهذه المسألة .(1)
ويذكر قاموس الكتاب المقدس انه " : مع الأخذ فى الاعتبار إلى أى حد كان اليهود على وعى بعقيدتهم التوحيدية فبحسب الدليل المستمد من العهد الجديد فالمناوءة اليهودية لم توجه تهمة الإيمان بثلاثة آلهة او الشرك للمسيحيين الاوائل , وهو نقد شائع وُجِّه فيما بعد من قِبَل اليهود . (11)
ومما يدل أيضا على أن عقيدة الحواريين هى عقيدة اليهود المتنصرين و كذا لم تكن تختلف كثيرا عن اليهود التقليديين ، خلا إيمانهم برسالة عيسى عليه السلام ، أنه لما قامت السلطات الكهنوتية باعدام القديس يعقوب فقد أثار هذا سخط اليهود فى أورشاليم إذ أنه كان يتمتع فى وسطهم بسمعة طيبة لأجل تقواه وزهده وتمسكه بالشريعة (***) حيث يذكر المؤرخ اليهودى يوسيفوس فى كتابه XX : 9 Antiquities of the Jews أن رئيس الكهنة استغل فرصة خلو منصب الحاكم الرومانى Procurator بعد وفاة فيستوس Festus وقبل أن يتولى ألبينوس مهام منصبه فجمع " السنهدرين " وحكم على يعقوب بالرجم حتى الموت بتهمة خرق الناموس وأن صنيع رئيس الكهنة هذا اعتبر من قبل شريحة واسعة على أنه جريمة قتل وأزعج العقلاء والمنصفون فى المدينة المعروف عنهم الالتزام الصارم بالناموس ( الشريعة ) . فكيف يعقل لو أنه كان يقول بمعتقدات يوصِّـفها اليهود التقليديون على أنها غير مستقيمة أن يغضب لأجله اليهود ؟!

آباء الكنيسة كانوا هراطقة ! :
ولا يقتصر الامر فى اضطراب عقيدة الثالوث على غياب الادلة القطعية عليها من النصوص الكتابية فضلا عن معارضتها لها او صمت المسيح والتلاميذ والرسل عنها بل وقولهم بما يناقضها , بل يمتد الامر الى آباء الكنيسة , فمن المتفق عليه بوجه عام أن آباء الكنيسة المتقدمين على مجمع نيقية كانوا يقولون بالتفاوت فى المنزلة بين الآب والإبن subordinationists وهذا ظاهر بوضوح فى كتابات اللاهوتيين الدفاعيين فى القرن الثانى .... ولقد سار إيرينايوس على نفس الدرب ... ولقد استكمل هيبوليتس وترتيليانوس فى الغرب هذا المشروع اللاهوتى الذى ابتدأه الدفاعيين وإيرينايوس (4) .
وهنا يعلق هانز كونج على ذلك بالقول : " إذا ما أردنا أن نحكم على المسيحيين فى الحقبة التى سبقت مجمع نيقية فى ضوء مجمع نيقية فليس فقط اليهود المتنصرون سيدانون بتهمة الهرطقة بل تقريبا جميع آباء الكنيسة اليونانيين ." (12)
ودلائل هذا التصور تجدها على سبيل المثال لا الحصر فى رسالة أكلمندس الرومانى الاولى ( 59 : 4 ) ، وكذلك فى كتابات إغناطيوس Ephesians 3:2 ، Magnesians 13:2 ، Smyrnaeans 8:1 وكذلك يوستينيوس فى " حوار مع تريفو " Dialogue with Trypho,56 حيث يقول : ومن ثم أجبت : سأحاول أن أقنعك بصحة ما اقول ، بما انك فهمت الكتب ، من أن هناك ، وكذا يقال ، إله ورب آخر خاضع للخالق الذى خلق كل شىء ، والذى يدعى أيضا ملاكا ، لأنه يعلن للبشر كل ما يريد خالق كل شىء ، والذى لا إله فوقه ، أن يعلنه .
وكذا فى الكتاب المسمى بالديداخى Didachi أو تعاليم الرسل حيث ورد ( فى الفصل 9 ، والترجمة عن نسخة Robert-Donaldson ) : نشكرك يا أبانا لأجل كرمة خادمك داود المقدسة التى جعلتها معلومة لنا من خلال خادمك يسوع ، لك المجد إلى الأبد .
ويقول إيرينايوس فى ضد الهراطقة Against Heresies, 2.28.6 فى حين أن المسيح ، ابن الله ، قرر أن الآب وحده هو الذى يعلم ميقات يوم الحساب عندما يعلن بوضوح : وأَمَّا ذلكَ اليومُ أَو تِلكَ السَّاعة فما مِن أَحَدٍ يَعلَمُها: لا المَلائكةُ في السَّماء، ولا الِابنُ، إِلاَّ الآب .....
بما أن " الآب " ، يقول هو [ أى المسيح ] ، " أعظم منى " فقد تقرر إذا من قبل المسيح أن الآب فيما يخص العلم أعلى منزلة . [ II , 28 : 8 ]

وبحسب الأسقف ريتشارد هانسون R.P.C. Hanson : جميع اللاهوتيين فى واقع الامر ، باستثناء أثناسيوس ، فى الشرق والغرب كانوا يقبلون بضرب من التفاوت فى المنزلة ( أى ابين لآب والابن والروح ) subordinationism على الأقل حتى عام 355 م ... فلم يكن هناك لاهوتى فى الشرق ولا فى الغرب ، قبل اندلاع الجدل الأريوسى ، لم يكن يعتبر الابن ، من وجه من الوجوه ، أدنى منزلة من الآب . (5)
ويضيف أدولف هارناك Adolf V. Harnack فى كتاب " تاريخ العقيدة " : إن تصور الإله الأدنى منزلة قديمة قدم الفكر اللاهوتى المسيحى حتى اللاهوتيون الدفاعيون Apologists اعتنقوا هذا التصور ، وأوريجانوس تبنى هذا التصور ، بحيطة ، وبرره فى سياق تطويره لمذهبه العقدى فيما يتعلق بالإبن . (6)
وتحت مادة Subordinationism تقول دائرة معارف أوكسفور :
تطلق هذه التسمية على مَيْل ، حاضر بقوة فى الكتابات اللاهوتية فى القرنين الثانى والثالث الميلادى ، لاعتبار المسيح ، كإبن لله ، فى مرتبة أدنى من الآب . وتقف خلف هذا الميل عبارات واردة بالعهد الجديد والتى يؤكد فيها المسيح نفسه على ذلك [ يوحنا 14 : 28 { سمعتموني أقول لكم: أنا ذاهب، ثم أرجع إليكم. لو كنتم تحبوني لفرحتم بأني ذاهب إلى الآب لأن الآب أعظم مني } ، مرقس 10 : 18 { فقالَ له يسوع: ((لِمَ تَدْعوني صالِحاً ؟ لا صالِحَ إِلاَّ اللهُ وَحدَه } ، 13 : 32 { وأَمَّا ذلكَ اليومُ أَو تِلكَ السَّاعة فما مِن أَحَدٍ يَعلَمُها: لا المَلائكةُ في السَّماء، ولا الِابنُ، إِلاَّ الآب } إلخ ].........ويظهر هذا الميل خاصة فى كتابات لاهوتيين من أمثال يوستينيوس , ترتيليانوس ، أوريجانوس ونوفاتيانوس بل حتى فى كتابات إيرينايوس Irenaeus ، والذى فى تعليقه على {يوحنا 14 : 28} لا يجد اى إشكال فى اعتبار المسيح أدنى منزلة من الآب . (3)
ويقول البروفيسور مارتن فرنر Martin Werner : فى أى موضع من العهد الجديد عندما تكون العلاقة بين المسيح والآب محل اعتبار ... فإنها تُصور وتمُثل على انها علاقة بين الأدنى منزلة والاعلى منزلة .... إن جميع اللاهوتيين العظام قبل مجمع نيقية يمثلون المذهب القائل بأن الإبن فى مرتبة أدنى من الآب . (8)
ويضيف روبرت جرانت Robert M. Grant :
إن كريستولوجيا كتابات اللاهوتيين الدفاعيين ، كما هو الحال بالنسبة لتلك الخاصة بالعهد الجديد ، بصفة أساسية تقول بتفاوت المنزلة . فالابن دائما خاضع للآب الذى هو الإله الواحد الوارد ذكره فى العهد القديم ... فما نجده إذا فى كتابات هؤلاء الكتاب القدامى ليست هى عقيدة الثالوث ... فقبل مجمع نيقية كان الفكر اللاهوتى المسيحى على مستوى العالم فى الجملة يقول بتفاوت المنزلة .(10)

تطور عقيدة الثالوث :
ومع غياب الدليل الكتابى على عقيدة الثالوث ومخالفتها لاقوال الرسل وتعارض عقيدة الاباء معها فاننا نخلص الى ان عقيدة الثالوث قد نشأت تدريجيا عبر القرون ومن خلال الكثير من الجدل وفى البداية يبدو انه كان ثمة وجهتان للنظر الأولى تقول بأن الأقانيم الثلاثة متمايزة لكن على حساب التساوي فى الجوهر ومن ثم الوحدانية وهو ما يسمى بمذهب الـ Subordinationism والذى قد يترجم إلى التفاوت فى الرتبة أو المنزلة أو " المرؤسية " والأخرى تقول بالتساوي فى الجوهر لكن على حساب التمايز فتجعل من الأب والابن والروح مظاهر للإله يعلن بها عن نفسه دون كونها متمايزة فى ذاته ويسمى بمذهب الـ Modalsim ولم يكن حتى القرن الرابع أن تبلورت عقيدة الثالوث كما نعرفها الان فجعلت الأقانيم الثلاثة متساوية فى الجوهر ومتمايزة فيما بينها حتى اذا كان مجمع نقية 325 م نصوا على ان الابن من جوهر الأب مثلما أن هذه الخرقة من ذاك الثوب على سبيل المثال ولم يُذكر كثيرا فى شأن الروح
وأخذ أثناسيوس بطريرك الإسكندرية يدافع عن صيغة مجمع نقية وينقحها فلما كانت نهايات القرن الرابع أخذت عقيدة الثالوث تحت زعامة كل من باسيليوس القيصرى و غريغوريوس النيصى و غريغوريوس النَزَيَنْزِى الشكل الذى عرفت به منذ ذلك الوقت وحتى الوقت الحاضر . **
ويلخص هذا التدرج روبرت ويلكن Robert L. Wilken بالقول : منذ البداية لقد واجه التقليد إشكالية فى مسألة العلاقة بين الله والمسيح .. لقد حاول المسيحيين الاوائل أن يقدموا تقسيرا لحياته واعماله الخارقة للعادة وقيامته ولم يمضى وقت طويل حتى دُعى ابناً لله ثم إلها وإن لم يكن إله بالمفهوم الذى يعنيه كون الآب إله – أو تراه كان كذلك ( أى تساؤل طرح نفسه بعد ذلك ) ؟ هل هو خالق ؟ هل هو أزلى ؟ هل يجب أن ينُاجى فى الصلاة ... هذه التساؤلات وغيرها أشكلت على المفكرين المسيحيين لمدة 3 قرون تقريبا .... وعندما احتدم الجدل فى بداية القرن الرابع حول العلاقة بين المسيح والآب كان معظم المسيحيين يقولون بتفاوت المنزلة بين الآب وبين المسيح و إن كانوا يعتقدون ألوهيته [ بمعنى أنه أدنى رتبة من الآب ] . (9)
ويمكننا ان نختم هذا البحث بما قالته موسوعة شاف – هيرزوج الحديثة :
" إن عقيدتى " اللوغوس " والثالوث اكتسبتا شكليهما من الآباء اليونانيين الذين ... كانوا متأثرين بقدر كبير بطريق مباشر أو غير مباشر بفلسفة أفلاطون ... وكون الأخطاء والانحرافات شقت طريقها للكنيسة من هذا المصدر هو أمر لا يمكن إنكاره" (7)


------------------------------------------


**
"Trinity." Encyclopædia Britannica. Encyclopædia Britannica 2007 Ultimate Reference Suite. Chicago: Encyclopædia Britannica, 2010
***
"James, Saint." Encyclopædia Britannica from Encyclopædia Britannica 2007 Ultimate Reference Suite. (2009).

(1)-Norton, Andrews (b.1786-d.1853). A Statement of Reasons For Not Believing The Doctrines of Trinitarians, Concerning The Nature of God and The Person of Christ. Edited by Ezra Abbot pp. 38, 39.


(2) An Essay on the Development of Christian
Doctrine. 2nd Edition (1st-1845). (London: J. Toovey, 1846), pp. 14-18, 40-42
(3) M. Simmonetti, Oxford Encyclopedia of the Early Church, II.797

See also : T he Oxford Dictionary of the Christian Church, 2nd ed., p. 1319.

(4) Kevin Giles, The Trinity & Subordinationism, pp. 60-62.
(5) R.P.C. Hanson 1988. The Search for the Christian Doctrine of God: The Arian Controversy, 318-381 (Edinburgh: T. & T. Clark, c1988),
pp. xix, 64, 274 (respectively)..
(6) History of Dogma. vol. 3, p. 135.
(7) The New Schaff-Herzog Encyclopedia of Religious Knowledge, vol. IX [9], p. 91.

(8) Werner, Martin (b.1887-d.1964). The Formation of Christian Dogma; An Historical Study of its
Problem. Rewritten in Shortened form by the Author from his Die Entstehung des Christlichen
Dogmas, and Translated, with an Introduction by S[amuel] G[eorge] F[rederrick] Brandon
[b.1907-d.1971]. (New York: Harper, 1957), pp. 122, 125.

(9) Wilken, Robert Louis (b.1936-?). The Myth of Christian Beginnings; History's Impact on Belief.
(Garden City, New York: Doubleday, 1971), parts of pages 177 thru 183.

(10) Grant, Robert McQueen (b.1917-d.?). Gods and the One God. 1st ed. (Philadelphia: Westminster Press, c1986), pp. 109, 156, 160

(11) Dictionary of the Bible. Hastings, James (b.1852-d.1922), Editor. Revised Edition by: Grant,
Frederick Clifton (b.1891-d.1974) and Rowley, Harold Henry (b.1890-d.?). (New York: Scribner, 1963), pp. 337, 338.

(12) H. Kung, Christianity: Essence, History, and Future, 94 – 95

(13) H. Kung, Christianity: Essence, History, and Future, 103.
(14) The ####phor of God Incarnate: Christology in a Pluralistic Age, Westminster John Knox Press, page 27