النتائج 1 إلى 12 من 12

الموضوع: إني أرى الإلحاد عاريًا. (5)

  1. افتراضي إني أرى الإلحاد عاريًا. (5)

    الرداء الخامس: حيل أهل الضلال عند المناظرة والجدال.
    قال تعالى: (وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ).


    لقد أخزى الباطلُ أهلَه، فتخلّفَ عن الزحف، واختفى وقتَ الحاجة، وزهق عند اللقاء، وما صمد في القتالِ ساعة، وأخزى الحقُّ أهلَ الباطل، فاشترطَ على طالبيه الصبر، وحفّت صراطَه صنوفُ المكاره، وكشف لسالكيه عن رؤوسِ الفتن، فساروا غرباء يحملون الجمر ... واحتار المبطِلون بين باطلٍ يخذلهم إذ يطلبونه، وحقّ يقهرهم إذ لا يصبرون عليه! ماذا يفعلون؟!

    ليس ثَمَّ فرصةٌ للتراضي، والتقارب دعوةُ المخذول، والباطلُ يسري في خلسةِ اللصوص، يجذبُ الذبابَ إلى مجاريه، فإذا بالأثر قد دلَّ على المسير، ويقوم ركنُ الحق شديدًا، وبصرُه حديدًا، وقولُه ظاهرًا، وصارمُه قاطعًا، يضطر الباطل إلى أضيق الطريق، ولا يظهر للباطل فُسحة مناص، يرى حتفَه دون أنفِه، فيدفع دفعَ مستدبر جرفٍ هار، وما يلبث إلا قليلًا، حتى يخذله قِصر نفسه، فلا يبقى من ذكرِه إلا أنه قد كان ... واحتار المبطِل ماذا يفعل؟!

    لما ثقُلت عليه أصولُ الحقائق، تمسّح بصورةِ المنطق، ووجدَ زينةَ العلم عزيزة، فرضيَ بزخرفِ القول، ورأى لباس التقوى غاليًا، فاشترى ثوبي زور، وأبدع في أحلام اليقظة، وأقامَ من الأوهام قصرًا، ومن الدعاوى حصنًا، وشرِب من عينِ السراب، حتى إذا عاين هولَ المطلع، وارتاع لصوت النداء، سلّم للحقيقة، بعد أن كُشف الغطاء!

    إنّ التدافع بين الحقّ والباطل سنةٌ كونية، يسعى الناصحون في الإعداد لها حثيثًا، ينشرون العلم النافع، ويرفعون راياتِ الحقائق، ويجمعون جيوش الأدلة، فإن سُئلوا عن الباطل، أبانوا إبانةَ العارف، وزادوا جوابَ الحكيم، إذ الباطلُ لا تنتهي صورُه عند عد، ولا يردع القائل به عن الشطط حد، فقاموا يشيرون إلى خطوات الشيطان، وأسباب الزيغ وذرائع الانحراف، يحذرون الناس من دخول الطرق على جنبي الصراط، ومن السماع لأئمةٍ على أبواب جهنم!

    وقد أردتُ – مستعينًا بالله - أن أبين مغالطات الإلحاد بأنواعه، وحيل معتنقيه في المناظرة وحال الجدال، وخبايا الخديعة في ثنايا المقال، مبطلًا صورة المنطق الزائف، ومشيرًا إلى مواطن اللحن، ودعاوى الزور، فيقف القارئ على هوان شبهاتهم، وسفول مذاهبهم، وسفاهة دوافعهم، وتهافت مقالاتهم، وخواء جعبتهم، وانهيار بنيانهم، وقلة حيلتهم!

    فليصبر القارئ الكريم نفسه معي، حتى نقف على خدع القوم كيف هي، ونرى تمويههم كيف يكون، فلا تنطلي عليه الأباطيل، وقد قال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: (كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني).


    للبقية حديث بإذن الله تعالى..
    " أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ "
    صفحتي على الفيسبوك - صفحتي على تويتر.

  2. افتراضي

    جزاك الله كل خير

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    3,524
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    3

    افتراضي

    وقد أردتُ – مستعينًا بالله - أن أبين مغالطات الإلحاد بأنواعه، وحيل معتنقيه في المناظرة وحال الجدال، وخبايا الخديعة في ثنايا المقال، مبطلًا صورة المنطق الزائف، ومشيرًا إلى مواطن اللحن، ودعاوى الزور، فيقف القارئ على هوان شبهاتهم، وسفول مذاهبهم، وسفاهة دوافعهم، وتهافت مقالاتهم، وخواء جعبتهم، وانهيار بنيانهم، وقلة حيلتهم!
    ونحن بانتظار البيان....متأهبين للسماع...يدفعنا الشوق دفعاً إلى استعجالكم...ولا أحسبها من العجلة المذمومة
    لا يحزنك تهافت الجماهير على الباطل كتهافت الفراش على النار ، فالطبيب الحق هو الذي يؤدي واجبه مهما كثر المرضى ، ولو هديت واحداً فحسب فقد أنقصت عدد الهالكين


    العجب منّا معاشر البشر.نفقد حكمته سبحانه فيما ساءنا وضرنا، وقد آمنا بحكمته فيما نفعنا وسرّنا، أفلا قسنا ما غاب عنا على ما حضر؟ وما جهلنا على ما علمنا؟ أم أن الإنسان كان ظلوماً جهولاً؟!


    جولة سياحية في جزيرة اللادينيين!!


    الرواية الرائعة التي ظلّت مفقودة زمنا طويلا : ((جبل التوبة))

  4. افتراضي

    جزاك الله كل خير فى دنياك وآخرتك
    والله أنا أتعجب من هؤلاء الملاحده الذى يتمسحون بالعلم و الفلسفه
    والله الذى لا اله الا هو ان وجود الحق سبحانه ظاهر بين كضوء الشمس فى كبد السماء ولا يحتاج لكل هذا التعب فى التفكير
    مجرد تفكير الملحد فى اثبات عدم الوجود للحق سبحانه لهو دليل بين على وجوده سبحانه
    اسأل نفسك يا ملحد كيف تفكر ولماذا تفكر ولماذا تختار ولماذا ولماذا ......
    لماذا ولدت طفلا وكبرت ففكرت واخترت
    الإختيار فى حد ذاته دليل على ان هناك من أوجدك لتختار
    كيف تعمل مليارات الخلايا العصبيه فى مخك بتناغم وتناسق بديع
    كيف يقوم كل جهاز فى جسدك بعمله من لحظة تكوينك فى بطن أمك
    اسأل نفسك فقط هذا السؤال
    لماذا افكر وكيف
    والله الذى لا اله الا هو انما هو تلبيس ابليس عليكم ايها الملاحده
    اسأل الله عز وجل لكم الهدايه
    سلام
    التعديل الأخير تم 05-16-2010 الساعة 07:20 PM

  5. #5

    افتراضي

    والله عندك حق وهذه شهادة من مجرب
    شكرا

  6. افتراضي

    هل تحكى لنا ما حدث لك حتى نستفيد يا اخ tuto ؟
    شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ

  7. افتراضي

    جزاكم الله خيرًا أيها الأحبة....

    معارك السمادير!


    تقوم هذه المعركة في مناظرةٍ بين خصمين غير متكافئين، يكون نذيرها شعور الضعيف بضعفه، فيُنشئ رأيًا واهيًا يُلصقه بخصمه، ثمّ يعلن الحرب على هذا الرأي المخترَع، ويكيل له الإشكال يعقبه اعتراضٌ يتلوه إلزام، حتى إذا قضى عليه تمامًا أعلن انتصاره على خصمه، بينما هو في الحقيقة لم يمس خصمَه بسوء، والخصم سليمٌ صحيحٌ معافى، يتهادى في خطوته ليطرح الضعيف بضربةٍ قاضية!

    المفارقة في هذا التصرف، أنّ المبطِل إذ يفعل ذلك، فهو يراهن على غفلة صاحب الحق، بينما الغالب أن المُحق قليل الغفلة، والمفارقة الأخرى أنّ الرأي المخترَع، لابد أن يكون أضعف من رأي صاحب الباطل، حتى يستطيع الانتصار عليه، فهو لا يراهن فقط على غفلة صاحب الحق، بل يراهن – في قيام هذه المعركة – على ذهول المُحق، عن التمييز بين الحق الذي معه والرأي الواهي الذي نحَلَه إياه خصمُه!

    يسميها أهل المنطق straw man fallacy أو straw figure fallacy تشبيهًا لذلك، بمن عجز عن مناجزة خصمه ومواجهته، فاصطنع لنفسه رجلًا من قش، وأخذ يحارب هذا الخصم الهش، ويضربه حتى أجهز عليه، يود لو خدع الناظرين، حتى يحسبوه الفارس المظفر، في حين يعمل الخصم القوي بنصيحة جايمس ليلكس (عندما يقوم خصمك بصنع رجل القش، فأشعل النيران فيه، ثم اركل رماده في أنحاء المكان!).

    وبذلك يرد الملحد على بديهة السببية بطرحٍ لمشكلة الاستقراء، ويلصق الليبرالي بالدعاة إلى حجاب المرأة الدعوة إلى تهميش دور المرأة، ويضع العلماني مكان "الحكم الإسلامي" مأساة "الاستبداد الديني"، ويحوّل العقلاني الإلزام بمدلول النصوص إلى منعٍ للاجتهاد وإلغاءٍ للعقول، وينتقل القادياني من نزول المسيحِ الحقِّ آخر الزمان إلى مسألة أن الموتى لا يرجعون، ويجيب الدارويني سؤالك عن معقولية تقديم نظرية على الحقائق، إلى سؤال "هل تقصد أن هناك جامعة علمية تدرس نظرية الخلق بديلًا عن التطور؟"!.

    إن أهل الباطل لا يختلفون في حيلهم، وإن اختلفت صورهم وتعددت أشكالهم، ونرى في القرآن الكريم حال المعاندين، إذ يقولون في مقابلة دعوة الرسول: (مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ * وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ) ، فهم اخترعوا قضيةً أخرى لم يذكرها الرسول، زعمًا أنّه يطلب منهم طاعة البشر، قضيةً يسهل عليهم إنكارها واستنكارها، بينما دعوة الرسول هي تحريرهم من عبادة البشر، بأن يهديهم إلى طاعة رب البشر!

    يتقن الإعلامُ العلمانيُّ التهيئة لمعارك السمادير هذه، يُلصق بالإسلام ما ليس منه بهتانًا، ويهاجم المنتصرين للإسلام من خلال ما افتروا، وفي سبيل ذلك يحجر على أهل العلم، ويفتح الأبواب لكل ناعقٍ ومخرّف، لا يفترقون في شيءٍ عن مشركي مكة، فمن أجل تغيير أقوال دعاة الحق، ونحلهم ما ليس من قولهم، يمنعون من سماع الحق من أهله، يشوشون عليهم وينالونهم بالإقصاء والنفي، (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآَنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ) ، ويذعنون لتحذير دعاة الضلال لهم (إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا) ، والله متمُّ نوره وإن رغمت أنوف!

    هنا ينبغي على المحاور المسلم ألّا ينساق وراء خصمه، ولا تستفزه المعركة فينضوي في طيات غبارها، حتى ولو كان يستطيع الظفر في معارك السمادير، وإنما عليه أن يتثبت أولًا، ويبين أن هذا الذي يهاجمه الخصم ليس من ديننا في شيء، وأنه لجأ – مخادعًا - إلى الطعن فيما ليس من الدين، لأنه في الحقيقة عاجز عن الطعن في الدين، ثم إن بدا له أن يُجهز على خصمه في معركة السمادير كذلك، فهذا أحرى في إظهار ضعفه وتهافته، شرط ألّا يؤدي ذلك إلى التشتيت واختلاط الحق بالباطل في أذهان المتابعين!

    هناك صورة متطرفة من معارك السمادير هذه، وهي ما يُمكن تسميته "الرد على صدى الصوت"، وفيها يقول الشيخ محمد بن إسماعيل المقدم حفظه الله: (فإن الكاتب ربما خلا بنفسه، وتحدث إليها بصوتٍ عال، فلا يلبث أن يرتد إليه صدى ذلك الصوت، فيتوهم أن هناك إنسانًا من مخالفيه هو الذي يناقشه، فيحتد ويتشاجر مع صدى صوته!) .

    على النقيض من ذلك تمامًا، ترى من شأن الحق ثباتًا وقوة، فأهل الحق لا يلوون كلام أهل الباطل ليجعلوه ضعيفًا، بل يسلمون لهم جدلًا بصحة بعض ما يقولون، ثم يأتون على بنيانهم فلا يذرون منه ولا يبقون، فهذا التسليم الجدليّ يجعل الخصم في حالة قوة، ليست هي من صفته أصلًا، وهكذا ترى المُحق يقضي على خصمه، بعد أن يمنحه قوةً ليست له، بينما المبطل يعجز عن الصمود والمواصلة، إلا باختراع قولٍٍ ضعيفٍ ليهاجمه!

    وأختم الحديث عن هذه النقطة بمثال طريفٍ، يبين معركةً مع صدى الصوت قامت في الوهم، وبطلُ هذا المثال هو صاحب كتاب "تذكير الأصحاب بتحريم النقاب"، والذي ردّ عليه الشيخ المقدم في كتاب "الرد العلمي"، يقول ذلك المتعالم مخترعًا شيئًا صراحةً، ثم يتبعه بالرد عليه:

    (سيقول لك المدافعون عن "النقاب": - هنا يرسل صوته - جذبتنا أقوالٌ وجدناها لآحاد التابعين، وبهرتنا آراءٌ رأيناها لبعض العلماء العاملين، وفتنتنا حماساتٌ لمسناها لبعض الوعاظ – هكذا! – المعاصرين، ثم إننا بعد ذلك ارتضينا – هكذا! - لأنفسنا هذا الرأي، لأن مجتمعاتنا الإسلامية تصلح به الآن، إذ اختلطت فيها القيم الفاضلة والهابطة، وعمَّت فيها الفتن بأنواعها، وكثرت فيها الضلالات!! سيقولون ذلك .. ومثله ..!؟
    ونحن من جانبنا نقول: - وهنا يرد على صدى صوته - إن هذا الكلام ينطوي على أمرين أساسيين ...
    ) .

    فانظر إلى ذا الفتى، يناظر رجع الصدى، وينسى أنه منه أتى، فذاك مثال ما مضى، عن باطلٍ ضعيف، ومخترَعٍ سخيف، في حيلةٍ معروفة، وخدعةٍ مكشوفة، يأتي عليها ذو الحق، فإذا الباطل قد زهق!


    وللبقية حديث إن شاء الله ...
    " أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ "
    صفحتي على الفيسبوك - صفحتي على تويتر.

  8. افتراضي

    توسيع جبهات الحوار!

    عندما ينشب صراعٌ بين قوتين عسكريتين، إحداهما متواضعةٌ متخلفة، والأخرى متطورةٌ متقدمة، فإنّ من بين الاستراتيجيات العسكرية في هذا الموقف، أن يقوم الضعيف برمي دول الجوار بقنابله المتواضعة، ويقذف حلفاءَ عدوه في نطاق صواريخه، وهذا يعرف باسم توسيع جبهات القتال، وهنا ينقدح في الذهن سؤال: ما الثمرة التي يجنيها الضعيف من هذه السعة وقد ضاق بالضيق؟!

    لمعرفة الجواب عليك أن تتخيل مدينةً ضعيفةً تحارب دولةً قوية، في مواجهةٍ صريحةٍ ليس دونها مناص، فتقوم في ذهنك صورة المدينة وهي تندك وتزول، وتذهب أصولُها وتطمس الحرب معالمها، ولا يبقى منها إلا أسرى وأطلالٌ وأحاديثُ تقال، فما الذي تخسره هذه المدينة إن كانت نهايتها على يد دولٍ لا دولة؟! أليس هو أخفض للعار وأرفع للذكر وأحفظ لماء الوجه أن يقال إن الهزيمة كانت من دولٍ عديدةٍ لا من دولةٍ وحيدة؟! ثم ما يمنع أن تلوح من هذا العدو المترامي فرصةُ نصرٍ ضعيفٍ يتم تضخيمه إعلاميًّا أو ثغرٍ مكشوفٍ ينفذون منه إلى مغنمٍ أو مهرب؟! أليس من المحتمل أن ينزغ الخلاف بين هذه الدول فتقع بينها مقتلةٌ تنسيهم المدينة الضعيفة!؟ ألا ترى – إذن – أن توسيع جبهات القتال عديم المفاسد وفيه من المصالح المرجوة ما قد علمت!؟ وما يمنع الضعيف من ذلك إلا تحريم البغي؟! فكيف بضعيفٍ لا تردعه تقوى ولا ديانة؟!

    هذا الذي يجب على إخواننا حين المناظرة أن يمنعوه، فعندما يأتي المخالف ليضع عشرات الشبهات دفعةً واحدة، أو يعقّب على جواب سؤاله بطرح المزيد من الشبهات، يوسع جبهة الحوار بغية ثغرةٍ في جواب إحدى الشبهات، ينفذ منها إلى التهويل والتشنيع على محاوره غير المعصوم، وبحرفٍ آخر فإنه يبحث عن نصرٍ ضعيفٍ يتم تضخيمه إعلاميًّا، هذا كله يجب منعه بالاقتصار على شبهةٍ واحدةٍ، فإن تم جوابها واتفق الخصمان على انكشافها، انتقل النقاش إلى التي تليها بمثل سابقتها، وإلَّا فلا، ولا يمتنع - كاحتمال - أن يكون غرض الملحد هو البحث عن الحق في هذه الشبهات كلها، ولكنّ هذا لا يعني عدم وجوب تصويب مدخله، بحصر النقاش في شبهةٍ واحدةٍ أو موضوعٍ واحد، ثم يترقى النقاش شيئًا فشيئًا حتى يأتي على الشبهات كلها!

    وهناك صورةٌ أخرى من هذا الطرح المرفوض، أن يقوم الملحد بطرح شبهةٍ تتضمن عددًا من الإشكالات، كالشبهات حول الرق في الإسلام، فهذا موضوع فيه (الخلط بين العدل والمساواة) و (التشنيع بإشباع شهوة الرجل والمرأة) و (تشريعات الحرب) و (الخلط بين التشريع وأخطاء التطبيق) و (الحرية) و (الإكراه في الدين) وغير ذلك، فهنا ينبغي أن يضع المجيب في اعتباره إمكانية تقافز المخالف بين هذه النقاط، فلا يبادر بجوابه عن كل ذلك مرةً واحدة، وإنما يستفصل منه عن محل السؤال وموضع الاستشكال في مسألة الرق، فإن أبان عن وجه الاستشكال أجابه ثم انتقل إلى الذي يليه، وهكذا منعًا لخلط الأمور، ودفعًا لتطويلٍ للحوار قد يظنه البعض غموضًا في مأخذ الحق في المسألة، بينما الحق قريبٌ في كل استشكالٍ على حدة، ولكنّ القفز بينها هو الذي يمكن من الخلط بينها شكليًّا!

    الجانب الآخر من توسيع جبهات الحوار، يكون بكثرة المحاورين من المسلمين، وما أسعد المغرِض بكثرة المتصدين لحواره! وكم تراه يطالب بمشاركة الجميع في الرد عليه! فتراه خبيثًا يغضي الطرف عن الجواب الواضح، ويعمد إلى جوابٍ ضعيفٍ متهافتٍ فيركز عليه، ويتجاهل المحاور المتمكن ويخاطب الضعيف، فإن يئس الخبيث من نيل ذلك، فإن شيطانه يرضى بالتحريش بين المسلمين، فيبحث في الردود عن اختلافٍ أو تناقض، يضعه أمام المتحاورين بغية أن ينشغلا عنه بحوار، وهب أنّه لم يتحقق له من ذلك شيء، وإنه بهت في المناظرة وأسقط في يديه، ولم يطق جوابًا ولم يسطع نطقًا، فحينها يكتفي بإعلان أن كثرة المحاورين هي التي جعلته ينقطع، لأنه لا يستطيع الرد على كل هؤلاء، وبحرفٍ آخر فإنّه يبحث عن ثغرٍ مكشوفٍ ينفذ منه إلى مغنمٍ أو مهرب، أو أن يقع الخلاف بين المسلمين فينسيهم شأنه، أو أن يعتذر عن انقطاعه بكثرة خصومه لا قلة حيلته، وهذا كله يمكن تلافيه بتورع المسلم عن الخوض فيما لا يعلم، وإن لم يقل (لا أدري!) فلا أقل من أن يمسك لسانه، إنّ القول على الله بغير علمٍ من أكبر الكبائر، ورب كلمةٍ هوت بصاحبها في النار دهرًا! والأولى إن كان واحدٌ يقوم بالحوار علمًا ووقتًا فيقتصر الحوار عليه، فإن ضاق وقته قام معه أخوه الذي يستر غيابه، وإن تخلف علمه عن مسألةٍ سأل غيره، وهكذا بما يقتضيه الحال!

    ولو طرح المبطل ألف شبهةٍ فإنها كلها منقوضة، لا أساس لها ولا أصل تقوم عليها، ومن طالع الكتب التي صنفها أهل الحق في الرد على المبطلين علم ذلك، فإنهم أتوا على مئات الشبهات فلم يبقوا لها أثرًا، بيد أنه لكل مقامٍ مقال، فالحوار والمناظرة لا يصلح فيهما هذا وإن صلح في الكتب والتصانيف!

    وألخص ذلك فأقول إن المطلوب هو منع حيلة المبطل في تلافي عقد اللقاء، اللقاء بين الحق والباطل وجهًا لوجه، والنجاح في منع هذه الحيلة وتحقيق هذا اللقاء، يؤدي حتمًا إلى نتيجة واحدةٍ محققة، أن يدمغ الباطل ويزول، ويقال إنه قد كان!

    وللبقية حديث إن شاء الله ...
    " أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ "
    صفحتي على الفيسبوك - صفحتي على تويتر.

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Jun 2010
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    85
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    جزاك الله خيرا
    روعه وجزئيه فى غايه الاهميه
    اسجل المتابعه
    وفى انتظار البقيه ان شاء الله
    ان تكون عاقلا ذلك شىء جميل. ولكن اعقل العقلاء من يقوده عقله الى الحقيقه

    التى بدونها تكون الحياه عبثا وجنونا وتعاسه

    (حكيم)


    الحمد لله على نعمه الاسلام

  10. افتراضي

    جزاكم الله خيرًا..

    -------


    دونك الماء .. فاحفر!


    إن العين لا تخطئ سعاية صاحب الباطل إلى تمييع موقفه، فهو يضيق غاية الضيق بسؤالٍ يلزمه جوابه، ويتفنن أخبث التفنن في جوابٍ لا يتحصل منه شيء، ويبادر بطرح الأسئلة دون بيان مرجعيةٍ يرضاها في الجواب، بل ربما حاول أن يخفي عقيدته حتى لا يُلزم بأصولها، وكأنّه ينادي محاوره في سخرية أن "دونك الماء .. فاحفر"!!

    يخطئ صاحب الحق عندما يبادر بطرح الأدلة، وينطلق في سرد الجواب في مقام المناظرة، دون تحقيقٍ لمواضع الاتفاق بينه وبين خصمه، ولا تحريرٍ للقواعد التي يرضونها حكمًا حال الخلاف، ويكفي من هذه الجناية أنّه يجعل من خصمه حكمًا فردًا على الحوار، فهو لا يرضى باستدلالك من آي الكتاب وإنما يرضى بتأويل نفسه، ولا يرضى بالأحاديث لأنها "ربما" تكون "ضعيفة"، ولا يقبل بإجماعٍ لأنه ليس حجةً على ملحد، ولو كان إجماع العقلاء!! .. وهكذا إلى آخر حدود هذه الجناية! وتكون أدنى العقوبة أن ينهك المناظر عن الحق نفسَه، بدليلٍ تلو دليل، وبرهانٍ يعقبه برهانٍ، ولا يجد ثمرةَ ذلك في التزام خصمه بشيءٍ مما يورده!

    ونجد دعوة المخالف إلى كلمة سواء في قوله تعالى: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) ، فإن الله تعالى يعلمنا أن ندعو أهل الكتاب إلى كلمةٍ سواءٍ بيننا وبينهم، "والكلمة تطلق على الجملة المفيدة كما قال هاهنا، ثم وصفها بقوله "سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ" أي: عدلٍ ونصف، نستوي نحن وأنتم فيها" ، فإن وصلنا إلى كلمة الإنصاف التي نستوي فيها، كان الذي يطلب الزيادة عليها يُطالب بالدليل، فإن عجز عن طرح دليلٍ يسلَّم له عاد إلى الأصل، وكان المعرض عن الإقرار بالكلمة السواء متوليًا عن الحق معاندًا.

    ثم فصّل تعالى هذه الكلمة بقوله (أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ) ونحن وأهل الكتاب نقر بأن هذا هو الأصل، لأن النصارى يقرون أنّه قبل المسيح لم يكن يعبد غير الله، ويقرون أن دعواهم في المسيح هي استثناء من عموم البشر، فإن كان هذا هو الأصل الذي يقر به أهل الكتاب وإيانا، كان الزائد عن هذا الأصل مفتقرًا إلى الدليل، والجاحد لهذا الأصل مكابرًا قد أقيمت عليه الحجة، وحيث إنّ أهل الكتاب لم يأتوا بدليلٍ يُسلم لهم على دعواهم في المسيح، ولا أقروا بالأصل الذي لا يخفى على منصف، كان ذلك كافيًا في بيان بطلان دعواهم.

    ثم يزيد تعالى الأمر تفصيلًا ووضوحًا، ويتبع الحجة بالحجة والبرهان بالبرهان، ليعلو الحق علوًا لا يخفى، فيقول (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ) ، أي "كيف تدَّعون أنّه كان على ملتكم ودينكم، ودينُكم إما يهوديةٌ أو نصرانية، واليهوديُّ منكم يزعم أن دينَه إقامة التوراة والعمل بما فيها، والنصرانيُّ منكم يزعم أن دينَه إقامة الإنجيل وما فيه، وهذان كتابان لم ينزلا إلا بعد حينٍ من مَهلِك إبراهيم ووفاته؟! فكيف يكون منكم؟! فما وجه اختصامكم فيه، وادعاؤكم أنه منكم، والأمر فيه على ما قد علمتم؟!" ، فلقد كان إبراهيم عليه السلام على الكلمة السواء، وإذن (مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) .

    والذي أراه واسطة العقد في جدوى الحوار، وتحقيق الثمرة المنشودة منه، هو الفلاح في تحديد الكلمة السواء التي يرجع إليها حال الاختلاف، فلا تكون بعد المطلوب ولا قبله بل تكون في مفترق الطرق تمامًا، دون إملالٍ أو تكلف، وهذا لا شك يتطلب درايةً بمذهب المخالف، ومعرفةً بمحال الاختلاف والاتفاق، ثم هو يتطلب صبرًا في الوصول إلى محل الاتفاق، سيما إن كان المخالف يسعى إلى تمييع موقفه، وإن علمتَ أنّ معظم ما يعرض للحوارات من عجزٍ عن إظهار قولة الحق، أو إطالةٍ في غير محلها، إنما يرجع إلى عدم الصبر على تحرير الكلمة السواء قبل بدء الحوار، فلا أظنك سترميني بالمبالغة إن قلتُ إن نصف الحوار ينصب في هذا المقام وحده.

    ولا أحسب أنّ أحدًا يجادل في أهمية الاتفاق على أرضية الحوار، وعلى القواعد التي ينطلق منها الطرفان في تأسيس نتاج المناظرة، وإنما المشكلة تكمن في الاستعجال الذي سبق التحذير منه، وكذا قد تنبع من تشنيع المخالف على بذل الوقت في تحرير محال الاتفاق، أو بذله في استفهام مذهب الخصم من فمه، فهذا الوضوح هو النور التي لا تطيقه الأرواح الشريرة، هي لا تحتمل هذا الوضوح، وما يلبث أحدهم أن ينادي نداء السوفسطائي ثراسيماخوس (ما هذه السخافة يا سقراط؟ وما بالكم جميعًا تسقطون أمامه الواحد تلو الآخر بهذه الطريقة الماكرة؟ لأني اقول إنك إذا كنت تريد أن تعرف ما هي العدالة يجب عليك أن تجيب لا أن تسأل) !! ... نعم .. نعم!! سنجيب بما لا يسعك النطق أمامه! ولكن حدّثنا أولًا عن مذهبك، ومحال الاتفاق بيننا، ليستقيم حوار!

    في أغلب الأحيان يكون من اليسير وقوف صاحب الحق على كلمةٍ سواء، سيما إن كان محيطًا بجوانب القضية كما ينبغي، مطلعًا على أقوال المخالفين فيها، فيطرح على محاوره هذا الأصل الذي يريد أن يتفقا عليه ابتداءً، وبطبيعة الأمور فإنّ الطرح يختلف باختلاف المقام، فربما طرحه على المحاور من كلامٍ سابقٍ ذكره في غير مقام الحوار، أو من مرجعٍ يسلم المخالف بحجيته وصحة قوله، أو من نتيجةٍ لازمةٍ عن مقدماتٍ علم أن مخالفه يقر بها، أو في صورةِ بديهةٍ عقليةٍ لا يردها عاقل، أو غير ذلك بحسب المقام، وقد يسمح المقام بالشروع في ذكر الأدلة؛ لما تقرر في الذهن من قواعد يرضاها الطرفان، بما يغني عن النقاش في تحديدها.

    وربما كان الخلاف ضاربًا في الجذور، حتى لا يجد صاحب الحق أصلًا يقر به المبطل، ليبني عليه الحجاج، ففي هذه الحال يمكن التسليم جدلًا ببعض مقدمات صاحب الباطل، ثم يكون بيان فسادها بإظهار تناقضها فيما بينها، أو عدم اطراد العمل عليها لعدم الإمكانية أو لعدم الصدق في تبنيها، ومن أشهر أمثلة الخلاف الضارب في الجذور الخلافُ مع السوفسطائيين، فإن كثيرًا من أهل العلم يعاملهم بالتسليم الجدلي بقواعدهم، ثم يبين عدم التزامهم بها أو تناقضها في ذاتها، فعندما يقول أحدهم إنّه (ليس في الوجود حقيقة)، فيجاب إنّ قوله هذا إما أن يكون حقيقةً أو لا يكون، فإن أقر بأنّ قوله حقيقةٌ فقد ناقض تعميمه، وإن أنكر أن قوله حقيقةٌ فقد أبطل قوله بنفسه.

    وما أحسن ما قال شيخ الإسلام رحمه الله في معرض الرد على الاتحادية: (يقال له: هذا الذي يضحك ويضرب هو نفس الذي يبكي ويصيح؟! وهذا الذي شبع وروي هو نفس هذا الذي جاع وعطش؟! فإن اعترفَ بأنّه غيره أثبت المغايرة، وإذا أثبت المغايرة بين هذا وهذا فبين العابد والمعبود أولى وأحرى، وإن قال: بل هو هو، عُومل معاملة السوفسطائية فإن هذا القول من أقبح السفسطة، فيقال: فإذا كان هو هو فنحن نضربك ونقتلك والشيء قتل نفسه وأهلك نفسه!)، فانظر قول شيخ الإسلام "عومل معاملة السوفسطائية"! ثم كيف أتبعه بإلزام المخالف بمذهبه إن سلمنا له جدلًا.

    وكمثال .. عندما تطرح على الملحد أدلة وجود الله عز وجل، فإنّه لا يتوجه لمقدمةٍ تطرحها ولا نتيجةٍ تذكرها، وإنما يتجه للحديث عن آلة الإدراك ونظرية المعرفة، يشكك في البديهة وفي الحسيات وفي العقل، وبمناقشته في هذا التشكيك يتضح مدى الفقر المعرفي الذي يعانيه هؤلاء، فتجد أحدهم يعجز عن إثبات وجود نفسه، ومنهم من ينجح في ذلك ولكن يقر أن وجوده مبنيٌّ على حجةٍ متهافتة، وإن أخذتك به شفقةٌ وما سألته عن وجود نفسه، فسوف تجده يعجز عن إثبات وجود الآخرين، وسوف تجده ينقض أصول العلم التجريبي، لكن عندما يقر لك بالبدهيات، يواجهه سؤالٌ يسيرٌ جوابه: هل حاجة النظام إلى حفيظ، والرزق إلى مقيت، والمركَّب إلى خالق، والحادث إلى مبدع، هل هذا يحتاج إلى دليلٍ أصلًا؟! ألا ترى أن المجادل في هذه الأمور في حاجةٍ إلى علاجٍ نفسيٍّ أكثر من حاجته إلى المناظرة؟! وهب أنّ ابنك أنكر يومًا وجود السببية في شؤون حياته، ألا يكون مقصدك عندها هو أقرب مصحةٍ نفسية؟!

    هنا يرتسم التشكيك في البدهيات خطًّا فاصلًا بين السؤال والعناد، فالذي يشكك في البدهيات لا يشكك فيها إلا حال تعرضه لوجود الخالق عزّ وجل، أما ماعدا ذلك من شؤون معاشه فهو على جادة العقلاء، وهذا الكيل بمكيالين هو علامة العنيد، فيكون حظ هؤلاء من هذه القضية الكبرى هو منهج الجدل لا الإقناع، وحظهم من الجدل شد الوثاق وإحكام الخناق، حظًّا يورث خزيًا لا إيمانًا، أمّا السائل المقر بالبدهيات، فتقر عينه بأدلة القرآن الكريم، وحديثٍ عن خلق السماوات والأرض، والآيات المبثوثة في الإنسان، والآيات المتلوة أناء الليل وأطراف النهار، حظًّا يورثه إيمانًا وأمنًا، والذي يتأرجح على هذا الخط الفاصل، هم المذبذبون لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، فهؤلاء لهم من منهج الجدل مُد، ومن منهج الإقناع صاع، عسى أن يدركهم الله برحمة!

    قد يرى غيري أنّ هناك موقعًا آخر نبدأ فيه مع الملاحدة، وقد يعرض لي مثله في حينٍ من الأحيان، ففي الأمر سعة، وكذلك الحال مع اللادينيين يبدأ معهم بعضٌ من جهة علم الله تعالى بمدعي الرسالة، واستلزام ظهور أمره دون فضحه تجويزَ العجز أو الجهل على الخالق، أو من جهة الحاجة إلى التشريع والأخلاق أو غير ذلك، وكذلك مع الدراونة يبدأ معهم بعض المناظرين بالموازنة بين الدليل النقلي القطعي والنظرية العلمية، ويبدأ آخرون بشرح معنى النظرية العلمية، وآخرون بأمورٍ تثبت خطأ نظرية التطور، وكذلك مع منكري السنة قد ترى البدء معهم بالأدلة القرآنية، أو بمقام النبوة، أو بإجماع الأمة، وكذلك مع .... وكذلك مع ..... إلى غير ذلك مما يأتي بمعاناة قراءة فكر القوم وممارسة مناظرتهم، بما يضيق المقام عن حصره وضرب الأمثلة له، وهذا المقال قد كتِب بلغةٍ موجهةٍ بالأساس إلى من عرف شيئًا من ذلك، فأحسب أن الإشارةَ وافيةٌ، وأن المعذرةَ كافيةٌ إن شاء الله.
    " أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ "
    صفحتي على الفيسبوك - صفحتي على تويتر.

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Jul 2010
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,721
    المذهب أو العقيدة
    مسلم
    مقالات المدونة
    1

    افتراضي

    جزاك الله خيرا دكتور حسام
    فعلا بعض الملاحدة المتطرفين الذين هم من نوعية المرضى النفسيين لذين ذكرتهم يحاولون إدعاء صحة قولهم بنسبة مائة فى المائة
    لكن من يدعى منهم الحكمة يكون هدفه غالبا التمييع . ويكون كلامه أقرب الى اللا أدرية وأن يشركك معه فى الجهل
    أى كلانا لا يعرف ويطلب منك التسليم بأنك لا تعلم
    وكما تكرمت تحديد محل النزاع هو أكثر ما يزعج الملحد فهو غالبا يريد إلقاء الشبهات واحدة تلو الأخرى وإختراعstraw figure fallacy
    ويكون مهربه الوحيد حين تفند شبهته وتلزمه عكسها الهروب الى شبهة أخرى .
    سلِم ... تسلَم ...
    فإنك لا تدرى غور البحر إلا وقد أدركك الغرق قبل ذلك ..


  12. افتراضي

    تحديد محل النزاع هو أكثر ما يزعج الملحد فهو غالبا يريد إلقاء الشبهات واحدة تلو الأخرى وإختراعstraw figure fallacy
    ويكون مهربه الوحيد حين تفند شبهته وتلزمه عكسها الهروب الى شبهة أخرى .
    جمعتها كلها في جملتين
    وهذا الذي نبهت إليه أيها الأخ الفاضل من جمع صاحب الباطل لأكثر من حيلة مما ينبغي التنبه له، وسوف أفرده بمشاركة كاملة في آخر هذا الموضوع إن شاء الله، بعدها مشاركة أخيرة عن صور يستعملها أهل الحق وتأخذ شكل المغالطة وبيان الفرق بينها وبين استعمال أهل الباطل.. والله المستعان لا رب سواه!
    " أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ "
    صفحتي على الفيسبوك - صفحتي على تويتر.

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. إني أرى الإلحاد عاريًا . (2-3)
    بواسطة حسام الدين حامد في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 25
    آخر مشاركة: 04-07-2018, 02:52 PM
  2. إني أرى الإلحاد عاريًا. (4)
    بواسطة حسام الدين حامد في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 05-05-2010, 04:07 PM
  3. إني أرى الإلحاد عاريًا. (4)
    بواسطة حسام الدين حامد في المنتدى حسام الدين حامد
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 04-25-2010, 05:52 AM
  4. إني أرى الإلحاد عاريًا . (2-3)
    بواسطة حسام الدين حامد في المنتدى حسام الدين حامد
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 09-02-2007, 07:19 PM
  5. إني أرى الإلحاد عاريًا . (2-2)
    بواسطة حسام الدين حامد في المنتدى حسام الدين حامد
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 08-05-2007, 11:58 PM

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء