الفلسفة اليونانية ، فلسفة مصرية مسروقة


تأليف: جورج جي.ام.جيمس ، ترجمة :شوقي جلال

نظرة في الكتاب


خصائص الفلسفة اليونانية


بداية أحب أن أوضح أن مصطلح الفلسفة اليونانية أو الإغريقية هو تسمية خاطئة حيث لا وجود فلسفة لها هذه الخصوصية ، لقد استحدث المصريون القدماء مذهبا دينيا شديد التعقيد سميا (نظام الأسرار)، والذي كان مذهب أيضا عن الخلاص.
ويرى هذا المذهب أن جسد الإنسان سجن النفس اللتي يمكن لها أن تتحرر من قيودها البدنية . وذلك عن طريق التمرس على فروع معرفة الفنون والعلوم ، وبها ترتقي وتسمو من مستوى الوجود الفاني الى الوجود الإلهي الخالد ، وكذا هذا هو الخير الأسمى اللذي يتيعين على جميع الناس أن ينشدونه ويطمحوا إليه وكان نظام الأسرار المصري نظاما يتوخى السرية التامة . وكانت العضوية فيه رهن المبادرة الشخصية والتعهد بمنع نشر التعاليم .
وتتدرج هذه التعاليم وفق مراتب متصاعدة ، وطور المصريون في ظل الظروف السرية والتكتم هذه نظما سرية للكتابه والتعليم.وحظروا على أعضائه تدوين مايتلقونه.
وبعد الحظر اللذي فرظه المصريون على أعضائه قرابة الخمسة الآف سنة على دخول الإغريق مصر سمحوا لهم بدخلوها بغرض تلقي العلم ، واستطاع اليونانيين دخول مصرلأول مرة عن طريق الغزو الفارسي لمصر ثم عن طريق غزو الإسكندر الأكبر لها . ومن ثم فإن اليونانين القدماء منذ القرن السادس ق . م وحتى موت أرسطو(322ق.م) استثمروا الى أقصى حد الفرصة اللتي أتيحت لهم لتعلم كل مايمكنهم تعلمه من الحضارة والثقافة المصرية , وتلقى غالبية التلاميذ تعاليمهم مباشرة من الكهنة المصريين.ولكن عقب غزو الإسكندر الأكبر لمصر تم نهب وسلب المعابد والمكتبات الملكية غنيمة. وحولت مدرسة أرسطو مكتبة الإسكندرية لمركز أبحاث . ولهذا لا غرابة أذ يتأكد لنا أن الإنتاج الوفير على نحو إستثنائي وغير مألوف من الكتب المنسوبة لأرسطو أمــر مستحيـل تماما من حيث القدرة الطبيعية طوال حياته بمفرده.
إن تاريخ أرسطو أساء إليه أكثر ممانفعه إذ حرص على تجنب اي إشارة الى زيارته مصر سواء على حسابه الخاص أو بصحبة الإسكندر الأكبر حين غزا مصر.
وإخفاء هذا التاريخ يثير الشك فيما يتعلق بحياة أرسطه وانجازاته . قيل أنه مضى أكثر من عشرين عاما تلميذا يتعلم بين يدي أفلاطن اللذي كان الإغريق يعتبرونه فيلسوفا آنذاك والى أن تخرج أرسطو ليوصف بأنه أعظم علماء عصره في الزمن القديم . بيد أن بالإمكان أن نطرح سؤالين مهمين:
1.كيف إستطاع أفلاطون أن يعلم أرسطو علوما لم يكن أفلاطون نفسه يعلمها؟
2.لماذا يتعين على أرسطو أن يقضي عشرين عاما يتعلم على معلم صفر اليدين لن يتعلم منه شيئا ؟
إن رواية التاريخية غير قابلة للتصديق إطلاقا ونلحظ مرة أخرى ، ورغبة في تجنب أسباب الشك في عدد الكتب الإستثنائية المنسوبة لأرسطو ، يروى لنا التاريخ أن الإسكندر الأكبر منح أرسطو أموالا ضخمة للحصول على الكتب .
وهنا تبدو الرواية التاريخية بعيدة عن التصديق ،مثلما يتعين علينا أن نوضح النقاط التالية:
أ – إن شراء كتب في العلم يعني أنها متداولة بحيث يستطيع أرسطو ضمان حصوله عليها.
ب – إذا كانت الكتب متداولة قبل شراء أرسطو لها ، مع افتراض أنه لم يزر مصر إطلاقا ، فلا بد وأن تكون هذه الكتب متداولة بين فلاسفة اليونان فإننا نتوقع أن يكون موضوع هذه الكتب معروفة قبل زمن أرسطو ، ومن ثم لا يمكن أن نصدق أنه هو صاحبها أو أنه أضاف أفكارا جديدة في العلم.
نقطة أخرى لها أهمية كبرى يتعين أن نضعها في الإعتبار ، وهي موقف حكومة أثينا تجاه مايسمى الفلسفة اليونانية واللتي اعتادت أن تنظر إليها باعتبارها فلسفة أجنبية المنشأ وتعاملت معها على هذا الأساس . ونحن لسنا بحاجة سوى الى دراسة موجزة للتاريخ تبين لنا أن فلاسفة اليونان قديما كانو مواطنين غير مرغوب فيهم ، وأنهم كانو طوال الفترة ضحايا إظطهاد شرس على أيدي السلطة الحاكمة في أثينا . فهاهو أنكساجوراس أودعته السلطات في السجن ثم نفته ، وأعدم سقراط وبيع أفلاطن في سوق النخاسة ، وقدم أرسطو الى الحكومة ثم نفى . أما أسبقهم جميعا وهو فيثاغورس فقد طردته الحكومة وأبعدته من كروتون الى ايطاليا ، هل تتخيل بعد ذلك أن اليونانيين القدماء تحولوا فجأة وزعموا أنهم أصحاب ذات التعاليم اللتي اظطهدوها أول الأمر ونبذوها صراحة ؟إنهم كانوا يعرفون يقينا أنهم يعمدون إلىى نهب ماليس لهم ومالم ينتجوه.والدلائل والبراهين اللتي تفضي بنا الى نتيجة محددة مفادها أن فلاسفة اليونان لم يكونوا أصحاب الفلسفة اليونانية اللتي نراها اليوم وانما أصحابها الكهنة المصريون وشراح النصوص المقدسة والرموز السرية في مصر.
مات أرسطو عام (322ق.م) أي قبل سنوات غير طويلة منذ أن غزا الإسكندر الأكبر على ضمان الحصول على الكتب العلمية من المكتاب الملكية ومن المعابد في مصر ، ولكن على الرغم من هذا الكنز الفكري العظيم كانت وفاة أرسطو علامة على موت الفلسفة بين الإغريق اللذي لم تكن لديهم على مايبدو القدرة الطبيعية على النهوض بهذه العلوم والتقدم بها ، وترتب على ذلك ، حسب رواية التاريخ ، أن اظطر اليونان الى دراسة علم الأخلاق اللذي اقتبسوه المصري.(Summum bonum)بدورهم من مفهوم مبدأ الخير الأسمى

ويتيعن أن نذكر هنا فيلسوفين اخرين سقراط وأفلاطن ،إذ اشتهرا في التاريخ كفيلسوفين عريقين ومفكرين عظام. ويعرف كل تلميذ الآن أنه حين يسمع أو يقرأ عبارة "اعرف نفسك"
انما يسمع أو يقرأ عبارة"اعرف نفسك عبارة نطق بها سقراط غير ان الحقيقة هي أن الجدران التاريخية للمعابد المصرية تحمل نقوشا موجهة الى المريدين الجدد، من بينها وصية تخاطب كلا منهم قائلة "اعــرف نفســك" . ونقل سقراط هذه الكلمات عن المعابد المصرية ولم يكن هو صاحبها على الإطلاق. والملاحظ أن جميع معابد نظم الأسرار المصرية الموجودة سواء داخل أو خارج مصر تحمل هذه النقوش تماما شأن النشرات الأسبوعية اللتي تصدرها الكنائس الحديثة .
وبالمثل يعتقد كل تلميذ أنه حين يسمع أو يقرأ أسماء الفضائل الأربعة الرئيسية انما يسمع أو يقرأ أسماء الفضائل اللتي حددها لنا أفلاطن . ولكن لا شئ أكثر تضليلا من هذا ، ذلك أن نظم الأسرار المصرية اشتملت على تسع فضائل ، واقتبس أفلاطون من هذه التسعه أربعة فضائل وهي : الشجاعة ، العدالة ، الحكمة ، والإعتدال.
وإنه لأمر مثير للدهشة حقا أن يظل العالم الغربي يزجى المديح والثناء على الفلاسفة اليونانيين القدماء على مدى القرون لانجازات فكرية تخص دون شك المصريين أو شعوب شمال أفريقيا.
خاصية أخرى للفلسفة اليونانية لافته للنظر وهي أن غالبية فلاسفة اليونان اتخذوا تعاليم فيثاغورس مثالا لهم . ومن ثم لم يضيفوا جديدا في مجال الفلسفة ، واشتمل مذهب فيثاغورس على مبادئ:
أ – الأضداد
ب – التناغم
ج – النار
د- العقل واللذي يتألف من ذرات نارية
هـ - الخلود. واللذي يتمثل في تناسخ الأرواح
و – الخير الأسمى أو غاية الفلسفة .
وتبدت هذه المبادئ بطبيعة الحال في مذاهب كل من هيرقليطس وبازمينيدس وديموقريطس وسقراط وأفلاطن وأرسطو.
الخاصية الثانيه للفلسفة اليونانية هي استخدامها في الأدب أي أن تكون مادة في عمل أدبي للانتفاع بها . ذلك أن نظام الأسرار المصري كان أول نظام أسرار عرفه التاريخ ، وكان نشر تعاليمه ممنوعا منعا باتا. ويفسر لنا هذا السبب في أن المريدين المبتدئين من أمثال سقراط لم يكتبوا فلسفتهم ، ولماذا أحجم البابليين والكلدانيون، وقد كانوا وثيقوا الصلة بين المصريين ،عن الإفصاح عن هذه التعاليم والإفصاح عن هذه التعاليم ونشرها.
وهكذا يتبيين بوضوح تام مدى سهولة أن تزعم أمه طموحه بل وغيورة ، أنها صاحبة مجموعة من المعارف الغير المكتوبة واللتي تجعلها عظيمة في أعين العالم البدائي.
وينكشف لنا بطلان الزعم بسهولة أن ماتذكرنا أن اللغة اليونانية القديمة كانت أداة لترجمة العديد من منظمات التعاليم اللتي عجز اليونانيين عن أن ينسبوها الى أنفسهم . ومن هذه التعاليم ترجمة الكتب المقدسة العبرية الى اليونانية القديمة والمسماة "الترجمة السبعونية" وترجمة أناجيل العهد الجديد، وأعمال الرسل الى اليونانين واللتي لا تزال تحمل اسم العهد الجديد اليوناني : والملاحظ أن الفلسفة المصرية غير المكتوبة واللتي تمت ترجمتها الى اليونانية هي وحدها فقط لقيت هذا المصير البائس "(تراث سرقة الإغريق)"
إن الفلسفة اليونانية أشبه بنوع من الدراما أبطالها الإسكندر الأكبر ومعه أرسطو وخلفاؤه في المدرسة المشائية ، والإمبراطور الروماني جوستنان، لقد غزا الإسكندر الأكبر مصر واغتصب المكتبة الملكية في الاكسندرية ونهبها ، واصطنع أرسطو مكتبة لنفسه من الكتب المنهوبة ،
بينما شغلت مدرسته المبنى واتخذته مركزا للبحث. وأخيرا ألغى جوستنان الامبراطور الروماني ،المعابد والمدارس المختصة بالفلسفة ، وهو اسم اخر لنظام الأسرار المصري اللذي زعم اليونانيين القدماء انه انتاجهم وأنهم هم أصحابة ، وبفضله تلقوا زيفا وبهتانا الثناء والتكريم من العالم على مدون قرون عديدة باعتبارهم أعظم المفكرين و الفلاسفة ، إن أصحاب هذا الإسهام الحضاري الكبير هم حقا وصدقا هم المصريون والقارة الأفريقية وليسوا الأروبيون والقارة الأوروبية . ونحن نتسائل بدهشه لماذا يستشعر أبناء القارة الإفريقية أنهم في هذا المأزق الإجتماعي ؟ غير أن الإجابة واضحة .
إنه لولا الدراما عن الفلسفة اليونانية وممثليها في القارة الأفريقية لأصبح قارة أفريقيا شهرة أخرى مغايرة عن الآن ، ولحظيت بمكانة مرموقة ومحترمة بين أمم العالم . غير أن هذا الوضع التعس للقارة الأفريقية ولشعوبها هو على مايبدو ثمرة تشويه حقائق وحرفها والذي اتخذ دعامة أقيم فوقها الإنحياز العرقي ، أعني الرأي العالمي التاريخي الزاعم أن القارة الأفريقية متخلفة ، وشعوبها متخلفة وحضارتهم كذلك حضارة متخلفة !
أخيرا أن الترويج للفلسفة اليونانية يبدوا سافرا وفاضحا الى أقصى مدى عند الإشارة عمدا الى أن نظرية المربع المقام على وتر المثلث قائم الزاوية هي نظرية فيثاغورس ، وهو زعم أخفى الحقيقة قرونا عن أعين العالم .
وهو قمين بان يعرف أن المصريين هم اللذين علموا فيثاغورس واليونانيين الرياضيات وغيرها .


يتبع إن شاء الله