أعتقد أن المشروع النهضوي الاسلامي يجب أن يكون مشروعا يعتمد إنتهاجات ما أسماهم الأستاذ أنور الجندي بمصححي المفاهيم الإسلامية: الغزالي، ابن تيمية، ابن حزم و إبن خلدون. و لكن هذا وحده لا يكفي إذ لابد من إيجاد خط متصل بين الأصالة و المعاصرة فوجب على أساسها معرفة و فهم الخط السلفي الإصلاحي (الأفغاني, محمد عبده, القرضاوي, الغزالي محمد, مالك بن نبي, رشيد رضا, ..)
أما الأصالة فهناك من يفهمها بشكل هستيري في الحقيقة و يطالب بانتهاج تطبيقات الصالحين من السلف و التابعين لا مناهجهم أي بالنتيجة لا بالمقدمات. في الحقيقة ليس هناك إشكال في هذا عندما يتعلق الأمر بتطبيق معين لا يختلف و لا يتغير, و ذلك من جميع النواحي الثقافية و الاجتماعية و الاقتصادية و الديموغرافية و العمرانية و الادارية و البيئية و الجغرافية الخ. يقول قائل و ما علاقة ما هو ديموغرافي أو جغرافي بهذا التطبيق؟ أقول له: هذا ما يجب فهمه من التطبيق نفسه هل هو قائم بنفسه أم بغيره؟
مثال نأخذ تطبيق ((ت 1)) و نسمي العوامل المختلفة كالبيئة و الثقافة و الادارة و الاقتصاد وو.. ما يلي: ((أ)), ((ب)), ((ت)), ((س)), ..
إذا كان تطبيق ((ت 1)) بمعزل عن كل العوامل المذكوروة فالمنهاج الذي اتبعه الصالحين من السلف و التابعين و تابع التابعين لا يهمنا, نأخذ النتيجة فقط, و نطبق ما طبقوا و نفهم ((ت 1)) بفهمهم.
و إذا كان ((ت 1)) غير مستقل عن ((أ)), ((ب)), ((ت)), ((س)), .. أي أن تطبيق ((ت 1)) جاء مع أخذ تلك العوامل بعين الإعتبار, فعندها وجب مقارنة ((أ)), ((ب)), ((ت)), ((س)), .. في زمانهم مع ((أ)), ((ب)), ((ت)), ((س)), .. في زماننا, و نبحث عن المنهاج لا التطبيق لأن العوامل مختلفة.
و إذا كان ((ت 1)) بمعزل عن ((أ)), ((ب)), ((ت)) لكن غير مستقل عن ((س)) و ((ذ)) فالواجب هو التطبيق في سياق العوامل الثلاثة الأولى, و معرفة المنهاج في سياق العاملين ((س)) و ((ذ)).
أما المعاصرة فهناك كثير من الانبطاحيين و الانهزاميين يطالبون و بشكل دراماتيكي الأخذ بكل شيء عصراني على الطريقة الحداثية فناسير كل ما هو وافد و جديد بغض النظر عن قيمنا و مفاهيمنا أو بتطويع قيمنا و مفاهيمنا لهذا الجديد. في المشروع الاسلامي النهضوي يجب تطويع التشكل المتغير ليلائم المبدأ الاصلي في الاسلام إذا أمكن و إن لم يكن من الممكنات فوجب البحث عن خط اتصال و انفصال بين الأصالة و المعاصرة.
عندما نجد أن البوي فريند وافد من الوافدين و يعتبر "عصرانيا" و "حداثيا" عند من هو كذلك, فنحن هنا لن نطوع مبادئنا و نستخرج منه ما يلائم مع التيار و نسميه مثلا "زواج فريند" !!!! بل العكس هو الذي يجب أن يحصل تطويع "البوي فريند" ليتشكل عند الناس في ثقافتهم و مفاهيمهم و عاداتهم أنه شيء لاأخلاقي و أنه يؤدي الى الزنا و باطل و شر و محرم ووو.. و أن تقوم الدولة بالواجب من أجل عدم تسرب هذه العقلية إلى المجتمع الاسلامي.
هذا يدخل في الممكنات لذلك وجب التطويع! و قد يكون التطويع مستحب أو حلال حسب طبيعة ما أسميه هنا "الوافد" و الوافد سواء كان من الخارج أو من الداخل.
و ما لا يدخل في الممكنات هو من الوسائلية أو من العقلية التي لا تتعارض مع المبادئ و القيم الثابتة, و تسهل على الناس الاستفادة مما سخر الله لهم في السماوات و الأرض, في تسيير إداراتهم و أوسواقهم و مدنهم و تجمعاتهم وو.., في التواصل و المواصلات, في التعامل مع المشاكل البيئية و غير ذلك.
موضوع قيم و هو أفضل رد على العالمانيين و من شابههم, فإذا كان الإنسان أضعف من أن يبين معالم المشروع النهضوي الاسلامي الذي يدعو إليه, فكيف يواجه هؤلاء بالفكر و يرد عليهم؟ بالعلمانية كفر و فصل الدين عن الدولة غير ممكن في الاسلام؟ هذا يصلح مع من يقول أنه مسلم عالماني أو مسلم نصراني أو أهل ((وحدة الأديان)), فتبين لهم أنه لا يمكن فصل الدين عن الدولة في الاسلام مستحيل كما أن الجمع بين التوحيد و التثليث مستحيل.
جزاكم الله خيرا.
التعديل الأخير تم 06-06-2010 الساعة 05:27 PM
الفلسفة الإنسانية أو علمنة الفلسفة و العلم وراء الكارثة الحديثة التي تسبب اللاوعي و الإحباط كنتيجة للصراع بين المتناقضات, فعلى سبيل المثال لا الحصر, تصور الحياة على أنها عبثية -أو نتيجة عملية عبثية- من جهة, و من جهة ثانية إبعاد صفة العبث عن هذا التصور و عن أي محاولة فلسفية فكرية متتالية في إثبات هذا التصور!!
Bookmarks