قال جكرالوي من أنه : (( ليس في وسع المرء أن يطلع على حقيقة رواة الحديث صدقا أو كذبا ؛ لأنهما من الأمور الباطنية التي لا يطلع عليها إلا العليم بذات الصدور ))
قال عثمان بن معلم " وحاصله أنه أغلق باب معرفة عدالة النقلة وصدقهم من كذبهم .
فأقول : إن الله تعالى رد عليه فريته وأفسد عليه مزاعمه إذ قال : { وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ } (الطلاق:2) . وقال : { وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ } (البقرة:282) .
وقال : { يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ } (المائدة : 95) .
ففي هذه الآيات أناط الله الشهادة والحكم بالشاهدين العدلين فدل ذلك على أن مناط العدالة يمكن الوقوف عليه والحكم بمقتضاه
والعدالة : هي تجنب الكبائر وعدم الإصرار على الصغائر ، وفسّرها شيخ الإسلام ابن تيميّة بأنّها الصّلاح في الدّين والمروءة. انظر مجموع الفتاوى (15 / 356)
فلو لم يمكن معرفة مناط العدالة لكان الله أمرنا بالمحالات والممتنعات، وهذا فاسد وما أدى إليه فهو فاسد مثله .
وأما قول الحافظ أسلم إنه كان للعواطف البشريّة يد في تصحيح السنّة وتضعيفها، ولم ينحصر التوثيق في الصدق بل تجاوزه إلى التلمذة والتشيّخ والمشاركة الفكرية
فالجواب أن يقال : إنّ العدالة التي تشترط لراواي الحديث تشترط أيضا للمتصدّي للجرح والتعديل، فإذا كان يوثّق ويضعّف حسب الأهواء والميول فإنّه يسقط فى ميزان المحدّثين ولا يحابون بهذا أحداً ، فقد وُجد منهم الطعن في آبائهم وأبنائهم لأجل الاحتياط للرّواية ، أفتراهم بعد ذلك يعدّلون من انتمى إلى مذهبهم وشاركهم فكريّاً إن كان لا يستحقُّ ذلك ؟ . سُئل علي بن المديني عن أبيه فقال : اسألوا غيري ، فقالوا : سألناك ، فأطرق ثمّ رفع رأسه وقال : (( هذا هو الدّين أبي ضعيف)) المجروحون ( 2 / 15 )
ورُوي عن أبي داود صاحب السنن أنه كذّب ابنه عبد الله تذكرة الحفاظ ( 2 / 772 )
وإن كان لهذه الكلمة تأويلٌ مقبول، إلاّ أنّ المقصود هنا إثبات أنّهم كانوا لا يحابون أباً ولا ابناً إذا تعلّق الأمر بالدّين .
شبهات القرآنيين
Bookmarks