قام المركز الثقافي الإسرائيلي بالقاهرة بالتعاون مع كل من الجامعة العبرية بالقدس ومركز "بن تسفي" لأبحاث الجاليات اليهودية بالشرق بإصدار كتاب عن تاريخ وحياة اليهود في مصر، وممتلكاتهم التي خلّفوها وراءهم يحمل عنوان (الأماكن اليهودية في مصر)؛ سلّط الضوء على التواجد اليهودي في حارة اليهود بالموسكي، وفي العباسية، والفسطاط، وغيرها من الأماكن؛ مثل المعادي، وحلوان، والإسكندرية، ودمنهور.
وكان من أخطر ما تضمّنه الكتاب الذي كتبه المؤلف والباحث الإسرائيلي "يورام ميتل" هذا الجزء الخاص بحيّ المعادي، حيث يزعم أن اليهود هم الذين قاموا بإنشاء هذا الحي، وكانوا يمتلكون أراضيه.
ويدّعي الكتاب أنه عند البدء في مدّ خط السكك الحديدية الرابط بين حلوان والقاهرة في نهاية القرن التاسع عشر الميلادي، قامت عائلة "موصيري" –إحدى أكبر العائلات اليهودية المصرية- خلال الفترة ما بين 1898-1904 بشراء أراضٍ تُقدّر مساحتها بحوالي 1.700 كيلومتر مربع بالقرب من خط هذا القطار في منطقة حي المعادي الحالية التي كانت حينها صحراء جرداء، ثم بعد ذلك قامت شركة "أراضي الدلتا المصرية" التي كان يمتلكها رجال أعمال يهود وإنجليز بتخطيط وتطوير المنطقة مقابل حق تشغيل خط قطارات القاهرة – المعادي - حلوان، وقام ملّاك الشركة اليهود بتشجيع العائلات اليهودية المصرية الكبرى والجاليات الأجنبية للانتقال من وسط القاهرة والعيش في هذه الضاحية الجديدة، التي سُمّيت المعادي نسبة إلى المعدّية النيلية التي كانت تربط المنطقة بالضفة الأخرى من النيل.
ويشير الكتاب إلى أنه مع الانتهاء من تخطيط المنطقة على الطراز الإنجليزي بدأت العائلات اليهودية المصرية الغنية بالفعل في الانتقال إلى هناك، وقامت بشراء مساحات شاسعة من الأراضي، بالإضافة إلى المسئولين الإنجليز في مصر، وعدد من الباشوات المصريين، وتم في البداية إطلاق أسماء مؤسسي الحي اليهود على الشوارع الرئيسية بالمعادي مثل: قطاوي، وموصيري، ورولو، ومنشيه.
ويزعم الباحث الإسرائيلي أن اليهود كانوا حتى الحرب العالمية الثانية أكبر جالية أجنبية مقيمة في حي المعادي، حيث كان يقيم هناك في عام 1945م 555 أسرة يهودية –يمثلون ثلث سكان المعادي- يتمركزون في جنوب شارع (83) الذي كان يُعرف باسم "الحي اليهودي"، وقاموا بإنشاء نادي المعادي ليكون مكاناً لعقد لقاءاتهم وممارسة هواياتهم مثل الجولف والكروكيه والتنس والهوكي والفروسية.
وكان من أشهر العائلات اليهودية التي كان لها أملاك في المعادي عائلات "عدس" و"شيكوريل" و"مزراحي" و"هراري" و"موصيري"... وغيرها.
ويشير الباحث "يورام ميتل" إلى أنه خلافاً لباقي أحياء القاهرة فإن أول دار عبادة أقيمت في المعادي لم يكن مسجداً –مثلما هو متعارف عليه في مصر- بل كان معبداً يهودياً أقامته شركة "أراضي الدلتا المصرية" في عام 1934م، وسُمي باسم "مائير يهودا" نسبة إلى مسئول الشركة اليهودي صاحب فكرة إنشائه، والذي كان يقيم في فيلا ملاصقة للمعبد. وبعد هذا التاريخ بعام تم إنشاء أول كنيسة مسيحية في المعادي، ولم يتم إنشاء مسجد إلا في عام 1939م. ويحاول الكتاب من خلال هذه النقطة التأكيد على زعمه الخاص بأن اليهود هم أصحاب هذا الحي، وهم أول من قام بإنشائه وتعميره.
أما عن التواجد اليهودي في حي المعادي في القرن العشرين، فيشير كتاب "الأماكن اليهودية في مصر" إلى أن التواجد اليهودي الحالي في هذا الحي الراقي أصبح يقتصر على موقعين فقط:
الأول: هو منزل السفير الإسرائيلي بالقاهرة، الذي يقع في شارع بورسعيد –وهو عبارة عن فيلا جميلة تتكون من ثلاثة طوابق تحيط بها حديقة كبيرة- ويشير الكتاب إلى أن هذه الفيلا كانت في الماضي ملكاً لأسرة "أحمد عبد الوهاب" الذي كان يشغل منصب وزير المالية في عهد الملك فاروق، وبعد وفاته باعت أرملته الفيلا لرجل الأعمال المصري "حمزة الشبراويشي"، ومنذ عام 1980 وهي مؤجّرة للسفارة الإسرائيلية؛ لاستخدامها كمقرّ لسكن السفير الإسرائيلي. وتشهد هذه الفيلا كل عام إقامة احتفال ضخم في ذكرى إقامة دولة إسرائيل، بالإضافة إلى عدد آخر من الاحتفالات الإسرائيلية، يتم خلالها توجيه الدعوة إلى عدد من الشخصيات المصرية.
أما الموقع اليهودي الآخر الذي لا يزال موجوداً في المعادي فهو المعبد اليهودي بالمعادي الذي يقع في شارع 13، ويرتاده موظفو السفارة الإسرائيلية بالقاهرة لأداء شعائرهم الدينية، خاصة في عيد الفصح اليهودي؛ لقربه من أماكن سكنهم، حيث إن جميع موظفي السفارة يقيمون في حي المعادي، وفي عيد المظال اليهودي تقيم السفارة الإسرائيلية في فناء هذا المعبد خيمة ملوّنة ضخمة ليحتفل بداخلها أبناء موظفي السفارة، ويتم دعوة عدد من الشخصيات المصرية لحضور هذه الاحتفالية كل عام.
http://www.boswtol.com/politics/repo...ugust/18/18579
Bookmarks