المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شرف الدين الصافي
إن وضوح مفهوم الإرادة من حيث هي صفة أزلية قائمة بذاته تعالى من شأنها تخصيص الممكنات وتمييز الشيء عن مثله ، يوجب خطأ قول القائل من خصص الإرادة ، لأن الإرادة هي المخصص ، وسبب الوهم هو إما الخلط بين صفتي الإرادة والقدرة أو قياس إرادة الحادث على القديم .
وطبعا هذا الإدعاء هو من كلام الفلاسفة القدماء ، وقد رد الإمام الغزالي رحمه الله على هذا الكلام وما يتعلق به في كتابه "تهافت الفلاسفة "
فقال:
( قلنا إنما وجد العالم حيث وجد ،وعلى الوصف الذي وجد ، وفي المكان الذي وجد بالإرادة ، والإرادة صفة من شأنها تمييز الشيء عن مثله ، ولولا أن هذا شأنها لوقع الاكتفاء بالقدرة ، ولكن لما تساوت نسبة القدرة إلى الضدين ، ولم يكن بد من مخصص يخصص الشيء عن مثله ، فقيل للقديم وراء القدرة صفة من شأنها تخصيص الشيء عن مثله ، فقول القائل : لم اختصت الإرادة بأحد المثلين ؟ كقول القائل : لم اقتضى العلم الإحاطة بالمعلوم على ما هو به ، فيقال لأن العلم عبارة عن صفة هذا شأنها ، فكذا الإرادة عبارة عن صفة هذا شأنها ، بل ذاتها تمييز الشيء عن مثله ....)
ثم قال :
(وتمثيلكم بإرادتنا مقايسة فاسدة ، تضاهي المقايسة في العلم ، وعلم الله سبحانه يفارق علمنا في أمور كثيرة فلم تبعد المفارقة في الإرادة ...)
Bookmarks