من علج الدانمارك الى لص أمريكا ... حكاية حزن و فرح

[أبو أحمد العامري]

بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله والصلاة و السلام على رسول الله وآله و صحبه و من والاه
و بعد:

قال الله عز وجل (يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ )
و عن تميم الداري قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (( ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل عزا يعز الله به الإسلام وذلا يذل الله به الكفر ))

إننا لنحزن لما نحن فيه من ضعف و هوان بين الأمم، نحزن لبلاد المسلمين التي تنتهك، فلسطين الجريحة والعراق الكسيرة و افغانستان الحزينة ...

و نحزن عندما يهان كتاب الله عز وجل رب الارباب، و يستهزأ برسول الاسلام خير ما ولدت النساء بابي انت و امي يا رسول الله، ولا نملك لذلك دفعا.

و لكن اقولها بملء فيهي علينا ان نفرح و حق لنا لما نراه من نصر عزيز للاسلام يوما من بعد يوم، انه يدخل المعارك ونحن نائمون الا من رحم الله و يخرج بانتصارات عظيمة قد لا نراها او نتناساها، فهذا الدين منصور ولا بد، منصور بالسيف و السنان او بالقلم و اللسان.

نعم ان الاسلام يسري في اوروبا و امريكا سريان النار في الهشيم، نارا ليست نار حرق و اتلاف بل نار ابراهيم عليه السلام التي كانت بردا وسلاما، فكذلك الاسلام كان بردا و سلاما لمن دخل فيه من الاوربيين و الامريكان بعد ان كانوا هشيما هشمته عجلت الحضارة القاسية الاليمة التي لا ترحم القلوب و ان رحمت الاجساد.

لقد دق كهان تلك الحضارة و مفكروها نواقيس الخطر و عملوا الاحصائيات و فق علمي الاحصاء و الاحتمالات وقالوا: الاسلام قادم و بقوة و لن تمضي السنون حتى يحكمنا الاسلام، ان المسلين الذين منيوا بخسارة فادحة اوقفت مدهم في معركة بلاط الشهداء على مشارف باريس حينما كانوا يفتحون البلاد لهداية القلوب هم اليوم قادمون ولكن بفتح القلوب قبل البلاد.

اقول عندما هدات البشرية و امن الناس على ارض المعمورة، عربهم و عجمهم، مسلميهم و كفارهم، بعد ما قاسوا ويلات الحربين العالميتين و حروب التحرر، شهد العالم تنقلات للناس و اسفار هنا و هناك و التقى الناس في كل محفل و جامعة و سوق، عند كل جبل و واد، حان للاسلام فرص فراح الناس يدخلون فيه فرادى و جماعات لانه دين الفطرة الذي ياخذ بالقلوب و العقول في حين لم تجد الاديان الاخرى طريقا لها.
نعم هذا ما حصل مع الاسلام بعد صلح الحديبية الذي لم يدم سوى عامين امنت فيها جزيرة العرب آنذاك وهدات النفوس فدخل في دين الاسلام اضعاف ما دخل قبل ذلك في سنوات. وهذا بالضبط ما هو حاصل الآن و الحمد لله.

فارق لذلك رؤوس الكفر و الالحاد والعناد في اوربا و امريكا وغيرها من البلاد ولم يغمض لهم جفن و راحوا يخططون وفق علم التخطيط عسى ان يجدوا لهذا المد من جزر و لكن يابى الله.

نعم لقد فكروا و قدروا و نظروا و قالوا: لا بد لهذا الدواء من داء، نفٌروا القوم عن هذا الدين و سدوا قلوبهم و حصنوها بشتى الشبهات و الاتهامات و الترهات، ان حرب الاسلام لنا حرب حديثة ليست كسائر الحروب انها حرب كونية لا تدع قطرا الا و مسحته و لا بيتا الا وطرقت بابه فدخلته فكونوا على اهبة لايقاف هذا الدين ووقف زحفه.

و هيهات هيهات لما يقولون و ياملون.

و لما لم يجد ذلك التشويه، انتظروا فرصة 11 سبتمبر التي فرحوا لها و انما حزن لها شعبهم المستغفل المسكين. فخلطوا عن عمد بين الاسلام و الارهاب و هم كما يدعون اهل العلوم الدقيقة. فعالجوا الاسلام بالارهاب و الحب بالبغض و الامن بالخوف والسلم بالحرب و الحوار بالعراك والدواء بالداء.

استفزوا من المسلمين طائفة لم تفقه من الدين الا النزر القليل، استهوت افرادها و نفخت فيهم و جعلت منهم وحوشا قاتلة و هم في الحقيقة اهداف جاهزة و لقمة سائغة ارادت من خلالهم تشويه الدين و انتهاك بلاد المسلمين فكان لهم بعض ما ارادوا، فالثبات الثبات عباد الله فكم لحمق متهور ضاعت بلاد و اهين رجال و ارغمت انوف لم تكن تعرف للشهامة من بديل و استحييت نساء عفيفات لم يكن يعرفن لغير الزوج من خليل ولكن الزوج غاب في قبر او سجن فلا حامي للحمى، بيعت فتيات في عمر الربيع بعد ان كن في اكناف الاب اميرات مدللات، ضاع الشباب فلا باكي لهم و لا دليل ويتمت للكبد فلذات فآه لك امة الاسلام آه.

و لكن هذه العلكة ذهبت حلاوتها و السنفونية ذهب رنينها وبان للجميع براءة الاسلام من الارهاب براءة الذئب من دم ابن يعقوب وذلك بفضل جهود لعلماء و دعاة و مفكرين و كتاب و مثقفين و حتى عوام فجزى الله كلا على نيته.

عند ذلك عضوا الاصابع من الغيظ و كاني بهم في دهاليزهم كذلك، هم ظنوا ان الاسلام حمال تهم و افتراءات و لم يعلموا انه طاهر نقي بل مطهر لغيره فكيف للصابون ان يحمل القذارة وهما ضدان لا يجتمعان والحمد لله.

ثم بان لهم من خلال هذا النور الكاسح ثقب ظلام، ومن خلال هذا العدل المانح طريق ظلم للعباد،

و قالوا: باعدوا بين المسلمين و اقوامنا و ان تقاربت منازلهم، اذا كنا قد فشلنا في تنفير قومنا عن الاسلام فلا مناص من تنفيرهم من اهل الاسلام قاطبة هنا و هناك، فرقوا بين قلوبهم،

و لكن كيف ذلك فالأمر صعب

قالوا: لا علينا فالخطب جلل و القادم من السنون مهول، لم يسبق لاوربا ان عرفت للمسلمين تواجدا كهذا و لا امريكا ايضا ان المسلين يغزوننا في كل مكان و الاسلام يسيطر على قلوب الاوروبيين، و سياتي زمان تصبح اوروبا ملكا لاهل الاسلام، ان بلاد الافرنج و الرومان و الالمان و الانجليز، بلاد قيصر وهرقل و شارلومان و ريرتشارد قلب الاسد و نابليون، بلاد سقراط و افلاطون و ارسطو و ديكارت و ميكافيلي و قاليليو و نيوتن و انشتاين، بلاد شكسبير و ليوناردو ديفنشي، ان اوربا بكل تاريخها وتناقضاتها و جبروتها و كبريائها تئن تحت وطأة الاسلام الذي يسري فيها سيرورة العافية في جسد من طال داؤه و يؤس من شفائه.

نعم لقد ظهر أنين أوروبا في خطابات ساركوزي وقرارته بشان المسلمين في فرنسا حيث يسعى لنزع الجنسية الفرنسية من المهاجرين، كذلك سعى الى منع النقاب لانه مظهر من مظاهر الاسلام وهذا لايعجبهم، ظهر أنين أوروبا في منع المآذن لانها هي الاخرى مظهر من مظاهر الاسلام، ظهر أنين أوروبا في خطابات رئيس اسبانيا المعادية للاسلام و المنحازة لليهود، ظهر أنين أوروبا في الدانمارك حينما سمحوا و ايدوا ذلك العلج في نشر رسومات تستهزئ بالرسول الكريم، ظهر أنين أوروبا لما اقر البرلمان الاوروبي باغلبيته بحرية ذلك العلج في ابداء رأيه زعموا، ظهرت مؤخرا في تكريم الحكومة الدانماركية لذلك العلج و تزامن هذا مع انين آخر من وراء البحار من بلد العم سام كما يقال يزعم فيه قس مغمور مغرور نفخ فيه و نفح عنه انه في الطريق لحرق المصحف الكريم.

لهذا هم يحاولون استفزاز المسلمين قاطبة ان استطاعوا فيتهورون فيحدث ما لا تحمد عقباه فينفر منهم الرأي العام في أوروبا و امريكا و يتوقف بذلك الزحف الاسلامي بأي وسيلة كانت، وتكون بذلك الذريعة لاوروبا و امريكا في قهر المسلمين. لعبة يلعبها القوم و لكن لعبة اجرامية محرمة على الصغار.

لهذا هم لجؤوا الى اعظم مقدسات المسلمين و اساؤوا اليها بدءا بالرسول الكريم عليه الصلاة والسلام ثم المصحف و المساجد و اهانة المسجد الاقصى و لا تستغرب فالنصارى و اليهود قد اجتمعوا على عداوة الاسلام

و لكن عسى ان تكرهوا شيئا و هو خير لكم، و كم من نقمة بها نعمة، استهزأت الدانمارك بالنبي الكريم فخسرت اكثر مما ربحت، خسرت تجارتها مع المسلمين و اصبح صحفيها العلج صاحب الرسومات سجينا في بلده بلد الامن والسلام لا يتحرك امتارا الا و سار معه كثير من الحراس فسبحان الذي نصر نبيه في اعمق اعماق اوروبا. " انا كفيناك المستهزئين"

كم هو عدد المواقع الالكترونية التي كانت تبين سيرة هذا الرسول العظيم قبل هذه الحادثة؟ ربما العشرات على اكثر تقدير. و كم هي الآن؟ انها تعد بالآلاف و بشتى اللغات.

لقد اعتنق الاسلام كثير ممن يشار اليهم عند القوم من علماء و مفكرين و كتاب و فنانين فالحمد لله اولا و آخرا.

فلا نيأس ولا نستعجل و لا نتهور ولا ياخذ بنا الحزن مآخذ لا تحمد عقباها فوراء الليل فجر و وراء الاكمة نهر وعند الصباح يحمد القوم السرى.

[أبو أحمد العامري]

للمناسبة