رد الشبهات 22 ..

بقلم : أبو حب الله ......
AboHobElah@gmail.com
---

علم الحديث : شبهات وردود !..

الإخوة الكرام ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...

1)) مقدمة ...
2)) فكرة مُبسطة عن عِلم الحديث .....
3)) النقل المتواتر والنقل الأ ُحادي ...
4)) درجات الحديث : وشروط الحديث الصحيح ...
5)) أشهر الفروق بين صحيحي البخاري ومسلم ...
6)) شبهات في اختلاف روايات الصحابة ...
---
1)) مقدمة ...

يقول الإمام (ابن الجوزي) رحمه الله :
" لمّا لم يمكن لأحدٍ أن يُدخِلَ في القرآن ما ليس مِنه : أخذ
أقوامٌ يزيدون في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم :
ويضعون عليه : ما لم يقل !.. فأنشأ الله علماءً : يذبون عن
النقل !.. ويُوضحون الصحيح !.. ويفضحون القبيح !.. وما
أخلى الله منهم عصرا ًمِن العصور !.. غير أن هذا الضرب
(أي هذا النوع مِن العلماء) : قد قل في هذا الزمان :
(يقصد في القرن السادس هـ : فما بالنا بوقتنا الحاضر؟!!)
فصار أعز مِن عنقاء مغرب (كناية عن شدة النــُدرة) " !
---
وبالفعل :
فقد كان حَملة الحديث : هم حُماة الدين حقا ً! وجهابذة الأمة
صدقا ً!.. يقول (سفيان الثوري) رحمه الله :
" الملائكة حُراس السماء (أي مِن عبث الجن بالوحي) !..
وأصحاب الحديث حُراس الأرض (أي مِن عبث الكذابين في
سُـنة رسول الله صلى الله عليه وسلم) " !!!!..
---
يذكر الحافظ (الذهبي) رحمه الله في (طبقات الحفاظ) :
" أن هارون الرشيد أخذ زنديقا ًليقتله (ونحن نتبرأ إلى
الله تعالى مِن الأكاذيب التي نسجها الحاقدون على هارون
الرشيد رحمه الله) .. فقال الزنديق : أين أنت مِن ألف
حديثٍ وضعتها (أي بثثتها كذبا ًبينكم عن رسول الله) ؟
فقال الرشيد : وأين أنت يا عدو الله : مِن أبى إسحاق
الفزاري : وعبد الله بن المبارك : ينخلانها : فيُخرجانها
حرفًا ًحرفًا ً" !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!....
---
نعم إخواني ...
لقد أنشأ الله تعالى في هذه الأمة الإسلامية : علماء حديثٍ :
كانوا جبالا ًفي الحفظ !.. وأوعية ًعظيمة ًللعلم : لم تعرف
أمة ُمِن الأمم السابقة مثلهم قط : حِفظا ًوتدقيقا ًونقدا ً!....
وتمييزا ًللأخبار !.. وتفتيشا ًوراء كل كلمة : حتى يُعرف
مُخر ِجَها والناطق بها !!!.. وهي مِن أخص خصائص هذه
الأمة الإسلامية العظيمة : والتي حسدها عليها الحاسدون
وحقد عليها فيها الحاقدون ........
---
وأخيرا ً: إن الناظر لِما وضعه هؤلاء العلماء المُحققون
العِظام مِن شروطٍ لقبول الآحاديث والروايات : لا يستغرب
مِن كثرة ما أخرجوه لنا مِن آحاديث ضعيفة أو موضوعة
أو مكذوبة على النبي : لا !.. بل :
يستعجب مِن نجاح عددٍ مِن الآحاديث : للفوز بوصف
الحديث الصحيح في كتبهم : مِن بعد هذه الشروط !!!!....
---
(ملحوظة : كما سُقت لكم مِن قبل : كانت لأحداث الفتنة
بين الصحابة : وظهور فرق الخوارج والشيعة : وصحوة
اليهود لإفساد الدين : كان لكل ذلك الدور الأول البارز
للفت الصحابة والتابعين للتدقيق في الكلام المنسوب إلى
رسول الله والمسلمين) ........
-------------
2)) فكرة مُبسطة عن عِلم الحديث .....
(ملحوظة : استخدمت في الرسالة أسلوبي في الشرح والتبسيط)

على غير ما قد يتوقع البعض : مِن أن تأتي هذه الرسالة
في صورة : شبهة : والرد عليها .. وشبهة : والرد عليها :
فقد رأيت استبدال ذلك بأن أعرض عليكم :
كل ما يتعلق بهذا العِلم العظيم مِن مباديء ومفاهيم :
لأترك لكم أنفسكم الحُكم بعد ذلك في :
هل ترك هؤلاء الأئمة الأفاضل : ثغرة ًواحدة في علم
الحديث الذي حفظ لنا تفاصيل هذا الدين عن النبي ؟!!!!!..
---
فعِلم الحديث ببساطة :
هو عِلم البحث في صحة الروايات والأخبار الدينية :
المنسوبة في المقام الأول بالطبع للنبي .. ثم يليها في
الأهمية : المنسوبة إلى صحابته الكرام .. وربما نال بعض
التابعين ذلك أيضا ً: لأنهم مَن عايشوا وفهموا عن الصحابة
دينهم : والذين بدورهم عايشوا وفهموا عن النبي الدين !..
---
ولضمان النجاح في ذلك البحث والتدقيق : فقد احتاج
هؤلاء العلماء لأدوات ... وهذه الأدوات : مُرتبة ًكالآتي :
1...
أن يكون هناك رواة ٌثقات : عن النبي (وهم الصحابة) ..
وعن الصحابة (وهم التابعين) .. وعن التابعين (وهم تابعي
التابعين) : وهكذا : حتى يتم تدوين الحديث في أول كتاب ٍمِن
كتب السُـنة والآحاديث المعروفة (فقد تشمل سلسلة عنعنة
الحديث وسنده : مِن أربعة إلى خمسة أو ستة أشخاص) :
موطأ مالك .. مُسند أحمد .. صحيح البخاري .. صحيح
مسلم .. سنن الترمذي .. سنن ابن ماجة ....... إلخ .....
2...
ولذلك : وللتأكد مِن سيرة وعدالة كل واحدٍ مِن الرواة :
قام المُصنفون قديما ً: بكتابة كتب ما يُعرف الآن بـ :
(تراجم الرجال) .. حيث تشتمل كل ترجمة لشخص ٍمِن
الأشخاص على : تاريخ ومكان ميلاده ووفاته !.. وبلده
التي عاش بها !.. والأماكن التي سافر إليها !.. وموعد
تلك السفريات والعودة منها !.. وأسماء مَن التقى بهم
في بلده وسمع مِنهم !.. وأسماء الذين التقى بهم في سفره
وسمع مِنهم !.. كما تشتمل ترجمته أيضا ًعلى :
صفاته .. أخلاقه .. عِلمه .. مدى ضبطه وحِفظه للآحاديث
التي يسمعها ......... إلى آخر كل ذلك ...
3...
ومِن بعد كتابة كتب (التراجم) : أتت كتبٌ أخرى قائمة ً
عليها وهي كتب : (الجرح والتعديل) ......
حيث يتم فيها فلترة كل ما سبق مِن معلومات : لتكوين
التقييم المناسب لكل شخص مِن رواة الآحاديث .....
فإذا كان فيه ما يجرح في روايته (كاعتياد الكذب أو
النسيان أو التدليس أو الوهم والاختلاط .... إلخ) : ذكر
ذلك علماء (الجرح والتعديل) في كتبهم ....
وإذا كان مشهودا ًله بعدالة روايته (كاستقامة أخلاقه
أو علمه الغزير أو قوة ذاكرته وشدة ضبطه لما يسمع
فلا يتغير في ذاكرته بمرور الوقت ..... إلخ) : ذكر
ذلك أيضا ًعلماء (الجرح والتعديل) في كتبهم ....
4...
ومِن هنا .....
فقد كان لكل عالم حديث في تقييمه للآحاديث والرواة :
شروطا ًمعينة : قد تفترق قليلا ًأو كثيرا ًعن غيره ..
وأما أصعب هذه الشروط : فهي ما وضعه البخاري ومسلم
في صحيحيهما .. ولذلك : فإن كتابيهما : يُسميان بــــ :
(الصحيحين) .. وأحدهما يُسمى بــــ : (الصحيح) .. وما
اتفقا عليه مِن الآحاديث مِن حيث الرواية أو شرط يُسمى
بــ : (متفقٌ عليه) أو (رواه الشيخان) .. ولقوة شرطيهما ..
فكثيرا ًما يُخرج أحد علماء الحديث : حديثا ًقائلا ًفيه :
(على شرط الشيخين : ولم يُخرجاه) : أي أن ذلك الحديث :
قد التزم شروط البخاري ومسلم في صحيحيهما : ولكنه
لا يوجد في صحيحيهما : لأنهما لم يضعا كل ما يعرفانه
مِن آحاديث صحيحة فيه ........
وهكذا تتدرج قوة شروط كل كتاب في الحديث .. ولذلك
نجد في الكتب الأخرى غير الصحيحين : ما هو ضعيف
وما دون الضعيف : كـ (الموطأ) و(المسند) و(سُـنن)
الترمذي وابن ماجة والنسائي وأبي داود وغيرهم .....
وأما للوقوف على أسباب وأنواع صحة الحديث مِن ضعفه :
فأدعوكم لقراءة التعريفات والقواعد الهامة التالية :
-----------
3)) النقل المتواتر والنقل الأ ُحادي ...
(نقلت المحتوى بأسلوبي مِن كتاب الواضح لمُحمد سليمان الأشقر)

أولا ً: النقل المتواتر ....

والنقل المتواتر : هو أن يكثـُر رواة الحديث الواحد : أو
الحدث الواحد : كثرة ً: لا يُمكن معها الكذب .. وخصوصا ً
لو كان فيهم : مَن لم يلتق بالآخر قط !....
كالذين أخبرونا مثلا ًعن وجود أمريكا والقطب الشمالي ..
كما أنه يُشترط للتواتر أن يكون بأحد الحواس :
أي يشتركوا جميعا ًفي (سماع) أو (رؤية) شيءٍ معين ٍ
مثلا ً: ولا يجوز في التواتر الظن (ومِن هنا يخرج تواتر
واتفاق ملايين النصارى ومَن شابههم عن ظنهم بربهم)
---
وأما أنواع التواتر مِن حيث السند .. فهناك مثلا ًما يكون
مُفردا ًفي طبقة السند الأولى (وهو الصحابي الذي سمع
الحديث مِن رسول الله) : ثم يتواتر الحديث بعد ذلك عن هذا
الصحابي .. ومِنهم ما يكون مُفردا ًفي الطبقتين الأولى
والثانية (أي الصحابي والتابعي) : ثم يتواتر بعد ذلك ..
ومِنه ما يكون مُفردا ًغريبا ًفي كل طبقاته : حتى يتم
تدوينه في أحد كتب الحديث : فيبدأ طبعا ًبالتواتر مِن
بعد ذلك التدوين ...
فأما مثال الحديث المُفرد الذي تواتر بعد ذلك : فمِثل حديث
" إنما الأعمال بالنيات : وإنما لكل امريءٍ ما نوى .... "
فلم يروه مِن الصحابة إلا (عمر بن الخطاب)رضي الله عنه !
ولم يروه مِن التابعين عنه إلا (علقمة بن وقاص الليثي)رحمه
الله !.. ثم تواتر بعد ذلك في رواياتٍ كثيرة ......
وأما مثال الآحاديث المُفردة التي لم تتواتر إلا بعد تدوينها
في أحد كتب الحديث : فمثل ما جاء في سُـنن (أبي داود) ..
ولا يُعد مثل هذا النوع أحاديثا ًمتواترة ....
---
وأما إذا أ ُطلق وصف : حديث متواتر هكذا بعمومه :
فهو يعني في علم الحديث أنه : متواتر في جميع طبقات
السند : بثلاثة أو أكثر في كل طبقة ....
---
وهناك نوعان مِن التواتر :
تواتر لفظي : وفيه تطابق ألفاظ الحديث الواحد برغم كثرة
الرواة ..
وتواتر معنوي : وهو ما اختلفت ألفاظه : باختلاف النقل
وتباين درجات الحِفظ والضبط والإتقان في كل طبقة :
ولكنه يُفيد اليقين أيضا ً: مثل الآحاديث المنقولة عن
النبي في (الشفاعة) و(الحوض) وغيرهما :
لاتفاق التفاصيل العامة للأحداث والمعاني ..........
---
(ملحوظة : لا يُشترط في النقل المتواتر : أن يكون الرواة
مسلمون !!.. لأن العبرة فيه هي استحالة الكذب مِن أكثر
مِن طريق ومِن أكثر مِن راو ٍ: لم يلتق بعضهم ببعض) ...
---------
ثانيا ً: النقل الأ ُحادي ...

وهو كما قلنا : هو الذي ينفرد برواية حديثه أو واقعته
عن النبي : صحابي أو اثنان أو ثلاثة .. وعنهم :
تابعي أو اثنان أو ثلاثة ... وهكذا (لأن الفاصل بين
المتواتر والأحادي غالبا ًما يحده العلماء بالعدد ثلاثة)
وعلى هذا : فآحاديث الآحاد تنقسم إلى ثلاثة أقسام :
1.. الحديث الفرد ..
وقد يُسمى أيضا ًبالغريب : وهو ما انفرد به راو ٍواحد ..
2.. الحديث العزيز ..
وهو ما رواه اثنان : وهو أعلى مِن الفرد ..
3.. الحديث المشهور ..
وهو ما رواه ثلاثة فأكثر بقليل : بحيث لم يصل للتواتر ..
---
هل الحديث الآحاد : حُجة في الدين ؟!..

والآن نأتي لسؤال ٍ: كثيرا ًما تردد في أكثر مِن وسط :
وبأكثر مِن نية !!.. فمِنهم مَن كانت نيته : العِلم البحت
لوجه الله تعالى .. ومِنهم مَن كانت نيته : الطعن في
عشرات الآحاديث التي حملت لنا الكثير مِن شرع ربنا
عز وجل : وسُـنة نبينا صلى الله عليه وسلم ...
ألا وهو : هل الحديث الآحاد : حُجة في الدين ؟!..
فأقول :
هناك خطأ ًملحوظا ً: أشار إليه الإمام (الشافعي) رحمه
الله تعالى : ألا وهو تشبيه الناس لـ (الشهادة) في الدين
(والتي تتطلب شاهدي عدل) : بـ : (الرواية) في الأخبار
والحوادث !!!...
حيث أن الأخبار والحوادث : يكفي فقط لتصديقها :
الثقة في قائلها وفي ضبطه : لنحكم بصحتها .....
واستدل في ذلك : بإرسال النبيُ صلى الله عليه وسلم
للكثير مِن أصحابه (فرادا ً) إلى الأمصار والبلاد المُختلفة
كرُسل : يُعلمونهم ويُبلغونهم رسالات الدين وأحكامه ..
ولم يقل أحدٌ بسقوط عدالة ما يقولون بسبب (انفرادهم)
في نقل ذلك عن النبي !!!!....
وعلى هذا : فالحديث الآحاد : إذا عُـلِمَ صحة راويهِ مِن
حيث الضبط والعدالة : فيجب الأخذ له والعمل به :
سواء كان ذلك في عقيدة أو عبادة أو معاملات !!!!...
وخصوصا ًإذا ابتعد الخبر عن الشذوذ والعِلة القادحة ..
فبرغم أن أكابر الصحابة : كانوا أحيانا ًلا يقبلون حديثا ً
عن النبي : إلا بشاهد آخر مع القائل (وهم جميعا ًمِن
الصحابة) : إلا أننا نلمس عدم مواظبتهم على ذلك ....
بل : ونزولهم عن تلك العادة مع مَن هم ثقة في الدين !
فها هو (عمر) : يقبل حديث (عبد الرحمن بن عوف)
رضي الله عنهما في عدم الدخول في أرض الطاعون ....
وها هو (عليٌ) فيما يُروى عنه : لم يكن يقبل حديثا ًعن
النبي : إلا مِن بعد أن يستحلف قائله : إلا مِن (أبي بكر)
رضي الله عن الجميع ....
-----------
4)) درجات الحديث : وشروط الحديث الصحيح ...

يُصنف علماء الحديث : درجات الحديث غالبا ًكالآتي :
(الصحيح) ثم (الصحيح لغيره) ثم (الحسن) ثم (الحسن
لغيره) ثم (الضعيف) و(الموضوع) و(المُنكر) و(الباطل)
و(الذي ليس له أصل) ................
---
فأما تعريف الحديث الصحيح فهو :
الحديث الذي نقله :
1.. الراوي العدل ..
2.. الضابط ..
3.. عن مِثله : حتى يتصل بمصدر الخبر مِن غير انقطاع ..
4.. ولا شذوذ ..
5.. ولا عِلة ..
---
1... عدالة الرواة ..

وهو كما ذكرت لكم في كتب (التراجم) و(الجرح والتعديل)
بالأعلى : مِن صفات : الإسلام والأمانة والصدق : وتأدية
الفرائض : واجتناب المُحرمات والكبائر والكذب ..
وأخيرا ً: درجة ضبطه وتثبته في نقل ما سمع أو رأى ..
فيُزكى لذلك ويُسمى عندئذٍ : راوي (عدل) أو (ثقة) ..
--
ولا تــُشترط كل هذه الشروط ساعة السماع أو الرؤيا
ولكن : ساعة الرواية .. فيُقبل رواية الصغير : عندما
يكبر .. والكافر أو الفاسق : بعدما أسلم وأصلح وتاب ..
(ومثاله الكثير مِن الصحابة الذين مَنّ الله تعالى عليهم
بالإسلام والهداية : فرووا آحاديثا ًحال كفرهم : مثل
أبي سفيان بن حرب وخالد بن الوليد وعمرو بن العاص
وغيرهم الكثير) ....
--
ومِن مُبطلات العدالة : صغر السن وقت الرواية ..
والكفر .. والفسق والمعاصي وأشدها هنا بالطبع الكذب ..
وارتكاب الكبائر كالزنا ونحوه (ولا تقدح الصغائر في
عدالة الراوي لأنه لا يخلو بشرٌ مِنها) .. ولكن يُستثنى
مِنها ما قد يدل على نذالة الأخلاق مثل : مُصاحبة الفساق
والسرقة ولو يسيرا ً.. والترخص في الكذب اليسير ..
ومِنها أيضا ًالمُقيم على بدعة .. لأن كل صاحب بدعة
في الدين : هو مُغلبٌ لهواه على الشرع حتما ً..
---
ومما سبق : يتضح دقة علماء الحديث في تتبع رواة
السند الواحد : بأسمائهم وأحوالهم : للحكم على الحديث !
فالحديث مثلا ًالذي يوجد في سنده أو عنعنته : راو ٍمجهول
أو مُبهم : هو حديثٌ (ضعيفٌ) باتفاق العلماء ...
سواء كانت هذه الجهالة أو الإبهام :
جهالة (عين) .. أو جهالة (حال) .....
---
فأما جهالة العين (أي عدم ذكر اسم أحد الرواة) :
فهو كمن يقول : حدثني فلان عن فلان عن (مولى) فلان :
ولم يُسمي (مولى) فلان هذا : ولم يُعرف مِن كتب التراجم
اسمه ..... أو كمن يقول : حدثني فلان عن فلان عمَن
حدثه عن فلان : ولم يُسمي هذا الذي حدثه عن فلان !!..
وهكذا ....... فهذا كله مردود ...
---
وأما جهالة الحال (أي عدم معرفة تاريخ أحد الرواة
وصفاته وبلده ومِمَن سمع ... إلخ) :
فهي أن يتم ذكر في أحد الرواة : راويا ًباسمه : ولكن :
لا يُعرف عنه شيء !!!.... فهذا أيضا ًمردود ..
---
وبرغم احتمالية معرفة جهالة (العين) : فيما بعد ..
أو معرفة جهالة (الحال) : فيما بعد ..
إلا أن ذلك لم يمنع العلماء مِن القطع بالضعف لأمثال
هذه الآحاديث : لقطع الباب على كل مُدلس : يقوم
بتشويه إحدى سلاسل السند أو العنعنة المعروفة :
بالعبث بإدخال مجهول عين ٍأو حال ٍفيها : ليتسنى له
بعد ذلك وضع ما شاء مِن أكاذيب عن النبي وصحابته !
(ومِن ألاعيبهم أيضا ً: استخدام كـُـنية مشابهه : لأحد
كنيات الروات الثقات المعروفين ! وهذه الخدعة أيضا ً
يتم كشفها عن طريق معرفة كل راوي : وبلده : ومَن
الذي سمع منه وأخذ عنه الآحاديث .. إّ أنه يصعُب
عقلا ًاجتماع اثنان بنفس الكنية في نفس البلد في
نفس المكان : ويستمعان لنفس الأشخاص : إلا وعُلِمَ
ذلك ... فهل رأيتم دقة ًمثل هذه مِن قبل ؟!) ...
---
((ملحوظة : للإخوة الذين لا دراية لهم بعلم الحديث :
ويستخدمون برامج الحاسب الآلي في البحث عن صحة
أو ضعف الآحاديث : فأود بالمناسبة هنا : أن أ ُحذرهم
مِن أنهم : قد يجدوا حديثا ًذا متن ٍواحد : مرة ًضعيف !
وأخرى صحيح !.. ولإزالة العجب أقول : أنهم عندما
يُصادفون مثل هذا : فيجب أن يفطنوا مباشرة ًإلى أن
الحديث صحيح : ولكن : هناك بعض الروايات المُدلسة
في سنده : والتي اكتشفها العلماء : فحكموا على ضعف
بعض طرقه : نسبة ًللسند : لكي يحذر مِنه الناس : ولا
يمر تدليس المُدلس عليهم بالعبث في الأسانيد كما قلنا))
------
كما تثبت عدالة الراوي أيضا ً: إذا روى عنه أحد
أئمة الحديث الثقات : والذين نصوا على شروطهم
الصعبة في كتبهم .. وذلك مثل البخاري في صحيحه ..
ومسلم في صحيحه مِن غير المتابعات (والمتابعات :
هي آحاديث : قد يكون فيها بعض الضعف : ولكن
المُصنف يكتبها ليستشهد بها على حكم ٍمعين في
الحديث) ... ويُستبعد مِن ذلك : الكتب التي لم تلتزم
بهذه الشروط : مثل البخاري في تاريخه .. ومسلم
في متابعاته كما قلنا .. ومثل صحيح (ابن حبان) ..
---
وإذا اختــُـلِفَ في عدالة وتجريح شخص ٍما : كأن
يوجد مَن يُزكيه : ويوجد في كتاب ٍآخر : مَن يجرح
في روايته :
فهناك مَن يقومون مباشرة ًبتغليب الجرح على التعديل
لضمان السلامة ...
في حين هناك مَن يشترطون أولا ً: أن يذكر الجارح :
فِعلا ًبعينه : هو الذي جرح به في الراوي .. فإذا كان
الفعل القادح : يستحق فعلا ًالجرح : فبها ..
وإن لم يذكر شيئا ً: أو ذكر فعلا ً: ظن أنه قادحا ً:
وكان له ما يُفسره أو يدفع عنه : لم يقبلوا الجرح :
وبقي على حاله مِن التزكية .....
--------------
2.. ضبط الراوي ...

وهذا الشرط الثاني مِن شروط صحة الحديث : يتعلق
بمدى ضبط وحفظ وتثبت وإتقان الراوي : لِما سمع
أو رأى .. كما أن فقهه وعلمه أيضا ً: وفهمه لِما
يقول : يرفع كثيرا ًمِن شأن روايته ...
حيث أنه ليس مِن شروط الرواية : أن يفهم الراوي
كل الحديث : ولكن فقط : ضمان الحفظ والنقل ! وذلك
لقول النبي : " نضر الله عبدا ً: سمِـعَ مقالتي : فوعاها ..
وحفِظها : ثم أداها إلى مَن لم يسمعها .. فرُبَ حامل فقه :
غير فقيه !.. ورُبَ حامل فقه : إلى مَن هو أفقه مِنه " !
رواه ابن ماجة والترمذي وأبو داود وصححه الألباني ..
---
ولعل أقرب الأمثلة لفهم مدى ضبط بعض الرواة عن
غيرهم : هو ما ذكره البخاري في صحيحه : مِن أن
(مروان بن الحكم) رحمه الله : أراد يوما ًأن يختبر قدرة
(أبي هريرة) رضي الله عنه على الحفظ (وكان يتعجب
كغيره مِن قوة أبي هريرة في الحفظ : والتي دعا له رسول
الله بها) فدعاه إليه .. وأجلس كاتبا ًله وراء حجاب (حتى
لا يراه أبو هريرة) ثم طلب مِنه أن يُحدثه أحاديثا ًعن النبي !
ثم بعد عام : دعاه ثانية ً: وأخذ يستقرئه هذه الآحاديث :
فما نسي (أبو هريرة) منها شيئا ً!!!!!.....
---
وعلى هذا ..
فالعلماء يُقسمون الرواة مِن حيث الضبط إلى ثلاثة :
1...
مَن قويَ ضبطه وحفظه .. وعُرف بذلك .. وعُرف عنه
حُسن الفهم لِما يروي : وذلك مثل (الزهري) و(مالك)
و(البخاري) : وغيرهم مِن الصحابة والتابعين والأئمة !
ومِثل هذا النوع مِن الرواة : هم مَن يجعلون مِن الحديث :
(صحيحا ً) باتفاق العلماء .......
2...
والنوع الثاني هو نوع ٌوسط : لم يرزقه الله تعالى قوة
الحفظ والضبط الكبيرة مثل النوع الأول .. ولذلك تجده :
يضبط غالبا ً.. ويُخطيء أحيانا ً.. فراوية مثل هؤلاء الرواة
هي رواية مقبولة عند العلماء .. وهي التي يُسمونها بـ
الحديث (الحسن) .. فإذا تضافرت أكثر مِن روايةٍ حسنة
لحديثٍ واحد : ارتقت به لمرتبة (الصحيح لغيره) ....
3...
وأما النوع الثالث : فهو النوع الضعيف في حفظه وضبطه ..
والذي قد يتساهل في النقل : فلا يهتم بالضبط مثلا ًعلى قدر
اهتمامه بالنقل !.. أو كالمتسامح والمتساهل في رواية
الحديث كما سمع .. أو الذي يغلب عليه كثرة الخطأ والتوهم
والخلط والنسيان .. وخصوصا ًبمرور الوقت وكبر السن ..
أو مع ضياع كتب الحديث التي كان يروي منها : فصار يُحدث
مِن ذاكرته بغير تمكن ولا استعداد ولا تعود ...
وأمثال هؤلاء الرواة : يجعلون مِن الحديث (ضعيفا ً) ..
فإذا تضافرت أكثر مِن روايةٍ ضعيفة لحديثٍ واحد : ارتقت
به لمرتبة (الحسن لغيره) ....
---------
ويجدر الإشارة هنا إلى أن الحديث الضعيف نوعان :
نوع ٌ: هو متروك ٌبالكلية لشدة ضعفه أو تدليسه ..
ونوع ٌ: يُمكن الاعتبار به وتعضيد غيره به .. وهو يُشبه
تعريف الحديث الحسن في اصطلاح الترمذي في سننه ..
مثال :
(عبد الله بن لهيعة) .. يقول عنه الشيخ الألباني رحمه الله :
" أنه كان مِن أكابر علماء المسلمين .. وكان قاضيا ًبمصر
كثير الحديث .. ولكن احترقت كتبه .. فصار يُحدِث مِن
حفظه : فوقع في حديثه غلط ٌكثير : مع أن الغالب على
حديثه الصحة !.. يقول الإمام أحمد :
قد أكتب حديث الرجل للاعتبار به : مِثل ابن لهيعة " .....
----
ومِن هنا :
يتبين لنا مدى دقة وفضل كتب (التراجم) و(الجرح والتعديل)
(وهي ما يُسمى بكتب : رجال الحديث) : في إعطائنا الصورة
الدقيقة اللازمة لمعرفة كل راو ٍمِن رواة آحاديث النبي صلى
الله عليه وسلم وغيره !...
ويتبين لنا أيضا ً: مدى دقتها : كلما تقادم تأخر زمانها !..
حيث يتسنى للعلماء المتأخرين : الجمع بين أكثر مِن كتاب
مِن كتب (تراجم) و(جرح وتعديل) العلماء المتقدمين ..
فلربما قام أحد العلماء المتقدمين مثلا ًبتضعيف حديث :
بسبب جهالة أحد رواته : فيجد أحد العلماء المتأخرين
ترجمة ًلهذا الراوي المجهول : وفيها تزكية ٌله :
فينتقل بذلك الحديث مِن الضعف : إلى القوة !!!!!!!!!!!!..
--
ولعل مِن أشهر كتب (رجال الحديث) : وأفضلها مِن جهة
الشمول وحُسن الترتيب : هو كتاب (تهذيب التهذيب)
للحافظ (ابن حجر العسقلاني) رحمه الله .. والذي كتبه
في (12 مجلد) !!!.. ثم قام باختصاره لطلبة العلم وغير
المُختصين في كتاب ٍموجز ٍأسماه : (تقريب التهذيب)
في مجلدين فقط .......
---------------
3... اتصال الرواة وعدم الانقطاع بينهم ...

وهو الشرط الثالث مِن شروط صحة الحديث .. إذ لو كان
رواة الحديث كلهم عدول وضابطين : ولكن :
لم يلق أحدهم : مَن فوقه في سند الحديث (كأن يكون
سابقٌ لعصره : أو في بلدٍ لم يذهب إليها الآخر) : فيُقال
ساعتها أن الحديث (ضعيف) لأن سنده : (مُنقطع) ...
فإذا كان الإنقطاع هو في الصحابي : (أي يروي التابعي
الحديث عن رسول الله مباشرة ً: بدون ذكر الصحابي الذي
سمعه مِنه) : فهذا الانقطاع يُسمى بالحديث (المُرسل)
تمييزا ًله عن غيره (وبعض الأصوليين يُسمي كل حديث
مُـنقطع : رواته عدول : مُرسلا ً) ..
وهناك مِن أئمة الحديث مَن يقبل مُرسل التابعي : إن
كان التابعي ثقة (لأنه بالتأكيد سمعه عن أحد أصحاب
النبي : ولم يكذب التابعي في ذلك) .. ولكن الأصوب
هو اعتبار الحديث (المُرسل) ضعيفا ً: إلى أن يتقوى
بغيره ..
---
كما أن الصحابي لو لم يُصرح في حديثه : أنه سمعه مِن
النبي : سُميَ الحديث : (موقوفا ً) : أي موقوف على هذا
الصحابي .. والحديث الموقوف : لا يجب العمل به في
كل الأحوال : إذ أن الصحابة كما هو معلوم : يتفاوتون في
مقدار صحبتهم للنبي وسماعهم مِنه وفهمهم عنه .. ولربما
يروي أحدهم عن النبي حديثا ً: على غير الوجه المُراد به
طالما لم يسمعه مُباشرة ًمِن النبي .. بل : وربما كان الحديث
الموقوف : هو مِن قول الصحابي لا النبي (لأنه لم ينسبه
أصلا ًللنبي) .. واختــُلِفَ في آحاديث الصحابة الموقوفة
عن بعض الأمور الغيبية .. فقيل : يُؤخذ بها : لأن الحديث
عن الغيب : هو حتما ًسمعه الصحابي مِن النبي ...
---
كما أن الصحابي إذا قال مثلا ً: كان رسول الله يفعل كذا
وكذا .. فمثل هذا الحديث يُسمى (مرفوعا ً) .. أي رفعه
الصحابي إلى النبي : ولم يُصرح بمشاهدته للنبي كأن
يقول : رأيت رسول الله يفعل كذا وكذا .. وإنما قال :
كان رسول الله يفعل كذا وكذا ... و(كان) هذه : يُحتمل
أن لا يكون الصحابي قد باشر رؤية النبي بنفسه ..
(ملحوظة : بمناسبة مسألة رؤية النبي : والتفريق بين
سُـنة النبي القولية والفعلية : فإنه يُحتمل أن يكون
الصحابي قد شاهد النبي في فعل ٍ: على غير مُراد النبي !
لأن سُـنة النبي القولية : مُقدمة على سُـنته الفعلية ....
فربما ينصح أحد الناس أبناءه مثلا ًأن يلبسوا لبسا ًثقيلا ً
في الشتاء : ثم يُرى هو نفسه في أحد أيام الشتاء وهو
يلبس لبسا ًخفيفا ً.. فيُقدم هنا قوله على فعله .. لأن
الفعل : ربما صرفه صارف وقت نزوله) .....
---
والخلاصة : أن كلا ًمِن الحديثين (الموقوف) و(المرفوع) :
هما (ضعيفان) في الاحتجاج في مسألةٍ مُعينة .. ولكن :
إذا تقوى أحدهما برواية أخرى صحيحة : فيها مثلا ً:
(التصريح) بسماع النبي أو رؤيته يفعل كذا وكذا :
ارتقت حتما ًبالحديث إلى الصحيح أو الصحيح لغيره ....
-----------------
4... عدم الشذوذ ..

وهو الشرط الرابع مِن شروط صِحة الحديث .. ومعناه :
أن لا يكون الحديث شاذا ًفي بابه : يتعارض مع رواية
أخرى صحيحه ..
وخصوصا ًفي الأمور المحسوسة : فتكون إحدى الروايتين
شاذة يقينا ً.. وذلك بالطبع بعد محاولة الجمع بينهما إذا
أمكن بإحدى طرق الجمع المعروفة (مثل أن يكون أحد
الحديثين ناسخا ًللآخر : فرأى صحابي مبتدأ الأمر .. في
حين شاهد الآخر منتهاه .. أو كأن يكون الاختلاف : هو
اختلاف تنوع وتيسير : كوضوء النبي مرة مرة ..
ووضوءه مرتان مرتان .. ووضوءه ثلاث ثلاث : ولم
يُرخص في أكثر مِن ثلاث .. إلى غير ذلك مِن طرق الجمع)
فإذا لم يُمكن الجمع بينهما : تم تقديم رواية الراوي الأكثر
ضبطا ًوحفظا ًعلى الآخر .. ويكون الآخر قد التــُبس عليه !
---
وأيضا ًمِن الشذوذ :
تعارض الحديث مع القرآن بشكل ٍ: لا يمكن الجمع بينهما
فيه !!.. أو يتعارض الحديث مع صريح العقل الذي يُجمع
عليه كل البشر .. أو يُخالف شيئا ًبديهيا ًمحسوسا ً.....
(وفي هذا رد على مَن يتهمون علماء الحديث بعدم
اهتمامهم بالمتن والمعنى : بقدر اهتمامهم بالسند) ........
---
ومِن الشذوذ أيضا ً: أن يُخالف الحديث : حديثا ًمتواترا ً..
إذ أن المتواتر : هو أقوى مِن المُفرد يقينا ً!.. فالحديث
الذي رواه أحد الصحابة : ثم يرويه معه آخر : لا نقول
أن قوته زادت الضعف : بل : الأضعاف !!.. لابتعاد
اثنين عن الكذب بنفس التفاصيل !.. فإذا زاد رواة نفس
الحديث إلى ثلاثة : تضاعفت قوته أضعافا ًكثيرة ... وهكذا
---
لذلك كان مِن الشذوذ أيضا ً: أن ينفرد راوي عادي
الضبط في رواية حديثٍ غريب : ولم يُتابعه عليه أحد
برواية اخرى لنفس الحديث .. ولم يكن له شاهد آخر ..
فيًُسمى مِثل هذا الحديث شاذا ًعند بعض العلماء ..
---
وعن الحديث الشاذ : تفرعت آحاديث غاية في النكران
وتعارضها مع صحيح الدين : فساءت سندا ًومتنا ً!!..
وهي الآحاديث (المُنكرة) .. وأخرى تعارضت صراحة ً
مع ثوابت الدين : فكانت آحاديثا ً(باطلة) ..............
ومعظم الآحاديث (المنكرة) و(الباطلة) : لا توجد في
كتب الحديث .. وإنما توجد في كتب السير والتاريخ :
والتي غالبا ًيكتبها غير المتخصصين في علم الحديث :
فتغلب حاجتهم للقص والتأريخ : على تثبتهم مِن أسانيد
ما ينقلونه مِن أخبار للأسف ....
---------------
5... عدم العِلة ..

وهو الشرط الخامس والأخير .. وهو مِن اختصاص
المُتمرسين في علم الحديث وكثرة تناوله التي جعلت
لهم : خبرة ًفي اشتمام مرضا ًفي الحديث : ولو كان
خفيا ًعن البعض ....
فيُعرفون تلك العِلة (أو المرض) بقولهم :
" سببٌ خفيٌ غامض : طرأ على الحديث : فقدح في
صِحته " ................
ويُساعد جهابزة علم الحديث على اكتشاف هذه العلل :
إلمامهم التام بحال الرواة : واحتمالية توهم بعض الرواة
في أوقات معينة مِن حياتهم : أو في مواقف معينة .....
والوقوف على مدى إمكانية مقابلة اثنين مِن الرواة في
نفس العصر لبعضهما البعض مِن عدمه .... إلخ ..
ومِن الذين اشتهروا بذلك : (البخاري) رحمه الله .. ومِن
أشهر الكتب في ذلك : (علل الحديث لابن أبي حاتم) ..
و(علل الترمذي) بذيل كتابه المعروف بـ (سنن الترمذي)
----------------
5)) أشهر الفروق بين صحيحي البخاري ومسلم ...

ولو أن الأمر بيدي : لوددت أن أذكر نبذة ًعن كل كتابٍ
مِن كتب الحديث .. ولكني سأحاول هنا فقط : إماطة
اللثام عن أهم المعلومات عن صحيحي البخاري ومسلم :
وأهم وأشهر الفروقات بينهما ....
---
ولكن : بداية ًإليكم هذه النبذة العامة :
اعتمد كل الفقهاء مِن الصحابة والتابعين في شتى
فتاويهم : على القرآن أولا ً.. ثم سُـنة نبيهم ثانيا ً.. ثم
سُـنة الخلفاء الراشدين المهديين مِن بعده ..... وهكذا ..
وكانوا في تناقل سُـنة النبي : بعضهم يكتب : وكثيرٌ مِنهم
لا يكتب .. وذلك حتى بدأ التجميع والتدوين لسُـنة النبي
صلى الله عليه وسلم في سنة 99 هـ :
بأمر ٍمِن الخليفة الراشد (عمر بن عبد العزيز) رحمه الله :
والذي أوكل إلى (أبي بكر بن حزم) أن يجمع مِن الأمصار :
سُـنة رسول الله قائلا ًله :
" أنظر إلى سُـنة رسول الله فاكتبها : فإني خفت دروس
العلم (أي قلِته واختفائه) وذهاب العلماء (أي بالموت) " ..
فقام (ابن شهاب الزهري) بتلك المهمة عنهما ..........
---
واختلفت مصنفات علماء الحديث : فأكثرهم : كان يهدف
لجمع كل ما يتعلق بالنبي مِن أحاديث : حتى ولو كانت
ضعيفة (لأنه كما قلنا : يُمكن ان تتقوى بعد .. كما أن
بعض العلماء كان يجوز العمل بالحديث الضعيف في
فضائل الأعمال كالأذكار والأخلاق الحسنة ونحوه .. بل
وصل الحال ببعضهم مِن الورع مِن الابتداع في الدين :
أنه كان يُقدم العمل بالحديث الضعيف : على رأيه : في
مسألةٍ مِن المسائل : ويحفظ رأيه فقط في المسائل التي
ليس فيها حديث صحيح أو ضعيف) .. وعلى ذلك : فمِن
العلماء مَن نص بالفعل على احتواء كتابه في الحديث :
على الحديث الصحيح والضعيف وغيره :
كالإمام (أحمد) رحمه الله في مسنده ..
ومِنهم مَن لم يذكر : ولكن عُرفَ ذلك مِن كتابه ........
(كسنن الترمذي وابن ماجة وأبي داود والنسائي .. إلخ)
-------
قِلة فقط : هم الذين اهتموا بإخراج كتب ٍفي الحديث
المُجرد : تعتني بذكر أشهر وأجمع الآحاديث الصحيحة
في أمور الدين (ولذلك مثلا ًسمى البخاري كتابه بـ :
الجامع الصحيح : أي به أصح الآحاديث في كل باب
مِن أبواب الدين وليس كل آحاديث الباب) ....
فجاء على رأسهم : البخاري ومسلم رحمهما الله في
صحيحيهما ......
----
الفرق بين صحيحي البخاري ومسلم رحمهما الله .......

بداية ً.. يجب أن نعلم أن الإمام مسلم : هو تلميذ للإمام
البخاري رحمهما الله .. فنقول في الفرق بين صحيحيهما :

1... مِن ناحية السند ..
يُعتبر الإمام البخاري أقوى في سنده لآحاديثه مِن الإمام
مسلم .. لأن البخاري يشترط مع معاصرة الرواة لبعضهم
البعض : ثبوت اللقيا بينهم .. في حين يكتفي الإمام مسلم
بمعاصرة الرواة العدول لبعضهم البعض : حتى ولو لم تــُذكر
اللقيا بينهم .. لأنهم لن يَفتروا السماع في رأيه وقد عاصر
بعضهم بعضا ً.. وهذا بالنسبة للآحاديث الأساسية في
الأبواب : غير المتابعات .. فإذا جئنا للمتابعات : وجدنا
الإمام مسلم وقد صرح بأن متابعاته : يدخل فيها غير
الصحيح ...

2... مِن ناحية المُقدمة ..
لم يكتب الإمام البخاري مقدمة ًلصحيحه .. بينما فعل الإمام
مسلم ذلك .. حيث ذكر فيها أهمية حفظ حديث النبي صلى
الله عليه وسلم : ومدى أهميته الكبيرة للدين وللأمة : ومدى
أهمية حمايته مِن التحريف والكذب والوضع ..

3... مِن ناحية حُسن التقسيم ..
اعتنى الإمام مسلم بحُسن تقسيم الآحاديث وتبويبها اعتناءً
كبيرا ً: جعل صحيحه أسهل في القراءة ومتابعة المواضيع
أكثر مِن الإمام البخاري رحمهما الله .. ويرجع سبب ذلك
للاعتناء الكبير مِن الإمام البخاري : بالجانب الفقهي في
صحيحه .. يُلاحظ ذلك بوضوح في أسماء أبواب صحيح
البخاري .. حيث يدل اسم كل باب على نواحي فقهية في
آحاديث الباب : قد لا ينتبه إليها الكثيرين ..
ولذلك : فقد يصعب البحث في صحيح البخاري عن حديثٍ
بعينه لِمَن لم يقرأه أكثر مِن مرة واعتاد عليه ...
وخصوصا ًوأن الإمام البخاري رحمه الله :
اقتطع الكثير مِن الآحاديث : ليضع كل جزءٍ في الباب الذي
يرى أنه يُناسبه .. مما أدى أيضا ًلتكرار الحديث الواحد
بأجزائه كثيرا ًفي صحيحه .. وهو عكس ما فعله الإمام
مسلم .. حيث احتفظ بالآحاديث بأكملها كما هي : ووضعها
في أنسب وأعم الأبواب المناسبة لها .. مِثال :
حديث الإسلام الشهير .. وفيه عن الصلاة والزكاة والصوم
والحج ... ذكره الإمام مسلم مرة ًواحدة ًفي باب الإيمان :
ليشمل الجميع .. في حين ذكره الإمام البخاري في باب
الإيمان مرة .. وفي الصلاة مرة .. وفي الزكاة مرة .. وهكذا

4... مِن ناحية الفقه ..
تظهر الناحية الفقهية بوضوح شديد في صحيح البخاري ..
ويظهر ذلك كما قلنا بوضوح في تسميته لأبوابه ...
حيث تظهر مِن كل تسمية : الناحية الفقهية التي اختار
استنباطها مِن آحاديث هذا الباب ....
كما يُلاحظ تفرده في بعض الآراء والاختيارات الفقهية
عن غيره مِن العلماء : مما يدل على تجرده العلمي وابتعاده
عن التقليد ...... ومِن ذلك قوله بأنه :
لا يجب الغسل مِن التقاء الختانين إلا بالإنزال (لحديث عثمان
في ذلك) : والغسل أحوط (لحديث عائشة) / فخذ الرجل ليس
بعوره (لأنه انكشف عن النبي في بعض المواقف) : وستره
أحوط (لنصحه للصحابة بستره) / الماء قل أو كثر : لا
يُنجس بوقوع النجاسة فيه : إلا إذا تغير / وجوب قراءة
الفاتحة للمُصلي : إماما ًومأموما ً: في السرية والجهرية ..
جواز القنوت في الصلاة قبل الركوع وبعده / جواز إعطاء
المرأة زكاتها لزوجها وأيتامها ...... إلى آخر ذلك ...

5... مِن ناحية الرواية ..
التزم الإمام مسلم في صحيحه تتبع آحاديث النبي : حرفا ً
بحرف في الروايات المختلفة .. بينما تجوز الإمام البخاري
في ذلك برواية الحديث بمعناه مِن الرواة الثقات .. فالإمام
مسلم في ذلك : أضبط لحروف وكلمات الآحاديث ..

6... مِن ناحية تفسير الكلمات ..
اعتنى الإمام البخاري رحمه الله بتفسير وبيان معاني
الكلمات الصعبة أو الغامضة في الآحاديث .. بعكس الإمام
مسلم رحمه الله : والذي اعتنى أكثر بسرد الآحاديث دون
شرح ....

7... مِن ناحية التعليق على الآحاديث ..
فكما أن الإمام البخاري اعتنى بشرح الكلمات الصعبة
والغامضة في صحيحه : فقد اعتنى أيضا ًبالتعليقات
الكثيرة على العديد مِن الآحاديث : فقد يذكر قصصا ً
تتعلق بهذه الآحاديث .. وقد يذكر آراءً للصحابة في هذه
الآحاديث أيضا ً.. وذلك بعكس الإمام مسلم الذي اعتنى أكثر
بالسرد كما قلنا .. وقليلا ًما يُعلق على أحد الأحاديث ..

8... مِن ناحية الصِنعة الحديثية ..
وهي تتبع صحة الحديث نفسه : فالإمام مسلم في ذلك
كما قلنا : أضبط وأفضل مِن الإمام البخاري .. وذلك
لاعتناء الإمام البخاري بصحة رجال السند أكثر ..

9... مِن ناحية قوة شروط الرواية ...
نجد كما قلنا أن الإمام البخاري أقوى في شروطه .. فهو
مثلا ً: لا يحتج برواية (حماد بن سلمة) عن (ثابت) ..
وذلك لأن (حماد بن سلمة) : اختلط في آخر عمره ..
بينما اجتهد الإمام مسلم في قبول رواية (حماد) ......
فالإمام البخاري رحمه الله : راعى أن تكون آحاديثه :
هي أصح الصحيح : بعيدا ًعن أي شبهة تضعيف ..
ولذلك :
فإن الإمام (الدارقطني) رحمه الله عندما حاول انتقاد
آحاديث الصحيحين (وهي محاولة ثبت عدم صحتها فيما
بعد) .. لاحظنا أن انتقاداته على صحيح مسلم : أكثر
مِنها لصحيح البخاري ...
حيث أن انتقاداته على الصحيحين : بلغت كلها (220)
حديثا ً.. نصفهم (أي 110) حديث : اشترك في روايتهم
البخاري ومسلم رحمهما الله .. فيتبقى (110) حديث ..
انتقد مِنهم (78) حديثا ًفي صحيح مسلم .. و(32) حديثا ً
في صحيح البخاري ....
فظهر بذلك قوة شرط الإمام البخاري أيضا ًعن الإمام
مسلم رحمهما الله ..
(ملحوظة : يُعد أشهر كتاب جمع الآحاديث المتفق عليها
بين البخاري ومسلم هو كتاب : اللؤلؤ والمرجان فيما
اتفق عليه الشيخان : للشيخ محمد فؤاد عبد الباقي :
واشتمل على (1906) حديثا ً) ...
--------------
6)) شبهات في اختلاف روايات الصحابة ...

وأختم هذه الرسالة المتواضعة (فهي لم تحو في الحقيقة
إلا القليل) : أختم ببعض الشبهات التي قد تتبادر إلى ذهن
البعض : أو التي قد يستغلها البعض الآخر : في الطعن في
الرواية عموما ً: أو في رواية الصحابة خصوصا ً.....
---
فأقول وبالله التوفيق ...
اختلف الصحابة في بعض رواياتهم لآحاديث النبي :
لظروف خارجة عنهم .. ولاختلافٍ فيهم أنفسهم كما
سنرى الآن .....
---
فأما الظروف الخارجة عنهم :
1...
فهي أنهم لم يكونوا يواظبون على سماع آحاديث النبي
وعظاته في كل الأوقات .. بل كانوا (كأي بشر) :
تشغلهم مُعافسة الزوجات والأبناء والزراعة والسعي على
الرزق بالضرب في الأرض والتجارة والسفر أو حتى
الجهاد .... والخلاصة :
أنهم تفاوتوا في مقدار سماعهم عن النبي كثيرا ً....
وذلك مِثل قول (عمر) رضي الله عنه في جزء مِن حديث
صحيح (وهو حديث اعتزال النبي لنسائه قرابة الشهر) :
" وكان منزلي بالعوالي (مكان في ضواحي المدينة) في
بني أمية .. وكان لي جارٌ مِن الأنصار : كنا نتناوب النزول
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم : فينزل يوما ً: فيأتيني
بخبر الوحي وغيره (أي بالجديد مِن القرآن والسُـنة) ..
وأنزل يوما ً: فآتيه بمثل ذلك " ... ومثالٌ آخر :
عندما اختلف (عمر) و(أبو عبيدة بن الجراح) رضي الله
عنهما في دخول جيوش المسلمين أرض الشام : بعدما نزل
فيها الطاعون : حتى جاء (عبد الرحمن بن عوف) رضي
الله عنه : وقد سمع حديثا ًعن الرسول في ذلك :
ينهي عن دخول الأرض التي نزل بها الطاعون .. وينهي
مَن فيها عن الخروج مِنها .. والشاهد مِن الحديث :
أن كلا ًمِن (عمر) و(أبي عبيدة) رضي الله عنهما : لم يكن
قد سمع هذا الحديث مِن النبي صلى الله عليه وسلم ...
2...
كما أنهم لاختلاف أوقات سماعهم مِن النبي .. واختلاف
وقت إسلام بعضهم عن الآخر : فقد يروي أحدهم حديثا ً
عن النبي في النهي عن شيء : ثم لم يسمع حديث النبي
بعد ذلك في إباحته .. وهو ما يُسمى بالناسخ والمنسوخ ..
وهذا كما هو موجود ٌ في القرآن :
فهو أكثر في السُـنة .. حيث تعلمنا مِنهما : مدى رحمة
الله تعالى بالمسلمين : في التدرج بهم إلى تحريم بعض
الأشياء مثلا ً: والتي كانوا يستحلونها بكثرة في جاهليتهم !
وهكذا :
كان الصحابة فيما بينهم وبين بعضهم البعض :
حريصين أشد الحرص على إخبار كل ٍمِنهم الآخر
بمثل هذا النسخ (وذلك مثل ما حدث مع المهاجرين
إلى الحبشة : فقد تغيرت في الصلاة بعض الأشياء مِن
بعد هجرة النبي إلى المدينة : ولم يحضروها) .....
وخصوصا ً: وقد تفرق الكثير مِنهم في البلاد مِن بعد
موت النبي : في الفتوحات الإسلامية شرقا ًوغربا ً...
وكان ذلك مِن أقوى أسباب عدم تدوين الآحاديث إلى
بعد سنوات مِن تجميعها .. ثم بدأت تتكاثر مع الوقت
ومع رواية التابعين عن الصحابة الذين قابلوهم في
مختلف الأمصار .....
3...
كما أن بعضهم قد يشاهد النبي في فعل ٍما (مثل الوضوء)
مرة ًواحدة : يفعله بشكل ٍمُعين (كأن يتوضأ مرة ًمرة ً
مثلا ًفي وقت ندرة الماء) : في حين لم يره يفعله بصورة
أخرى (مثل الوضوء مرتين مرتين أو ثلاثا ًثلاثا ً) :
فيظن أن الفعل : هو فقط كما رأى (وهو في مثالنا هذا :
الوضوء مرة مرة) .. وأنه هو الأصل !!..
فإذا فهمنا ذلك : فهمنا بعض اختلافات رواية الصحابة
في بعض أمور الصلاة وغيرها .. لأن النبي صلى الله
عليه وسلم : كان يتعمد التنويع في كثير مِن الأفعال :
رفعا ًللحرج والمشقة عن أ ُمته .. إذ لو كانت أفعاله كلها
واحدة : لشق ذلك لاختلاف قدرات البشر : ولاختلاف
ظروفهم ... وقد جمع النبي ذلك في قوله :
" ما نهيتكم عنه : فانتهوا .. وما أمرتكم به : فأتوا مِنه
ما استطعتم " ...
----------
وأما الظروف التي لا دخل لهم فيها ...
فهي مثل تفاوت بعضهم في السِن : فيتم تقديم رواية
الأكبر عن الأصغر في حديثٍ مُعين عند التعارض : لأن
الأكبر : كان أوعى على الفهم مِن الأصغر قطعا ً...
وكتفاوت بعضهم في مقدار صُحبة النبي : فيتم تقديم
الأكثر والأقدم صحبة على غيره عند التعارض : لأنه
أكثر فهما ًوفقها ًلأقوال وأفعال النبي ومراداته ..
وكاختلاف صحبتهم له في مختلف أحواله : فيتم تقديم كل
صحابي : في الحال الذي كان فيه أقرب للنبي ...
فمَن صحبه كثيرا ًفي سفره : يتم تقديم روايته في سفر
النبي عن غيره .. وأيضا ًمَن صحبه كثيرا ًفي غزوه ..
ومَن كان يعد له وضوءه .. ومَن كان يدخل عليه وهو
مع بعض أزواجه كـ (ابن عباس) رضي الله عنه لصغر
سنه وقرابته مِنهن .. وكأبناء (أسماء) بنت أبي بكر
رضي الله عنها : لقرابتهم مِن (عائشة) .. وهكذا ..
فكل هذه الظروف التي يتميز فيها بعض الصحابة عن
الآخر : يجب مراعاتها في تناول آحاديث النبي إذا وقع
في ظاهرها التعارض ...
كما أن بعض الصحابة : قد يسمع قولا ًعاما ًمِن النبي : ولا
يعرف أن النبي قد استثنى مِنه بعض أشياءٍ في موقف آخر !
بشرط أمن الفتنة والاختلاط في التعليم والمواصلات ...
---
كما تجدر الإشارة الأخيرة هنا : إلى شيءٍ هام ٍجدا ً:
كثيرا ًما يستغله الأفاقون في التدليس في الدين ..
(وخصوصا ًأنهم : لا عِلم لهم أصلا ًبتراجم الصحابة)
ألا وهو :
أخذهم لظاهر بعض الآحاديث : للطعن في شيءٍ مُعين :
مِن غير حتى أن يسألوا أهل العلم !!!...
---
وذلك مثل مَن يجهل مثلا ًقرابة النبي لـ(بني النجار) أخواله
في المدينة : فيروي أحاديثا ًعن دخول النبي على بعض
خالاته من الرضاعة (مثل أم حرام وأم سليم بنتا ملحان)
مُستدلا ًبذلك على : جواز دخول الرجال الأجانب على
النساء مِن غير أن يكونوا محرما ًلهن !!!...
(وكما قلت لكم أن الهوى يُعمي : فلو تمعن هؤلاء الجهلة
في الحديث : ونوم رسول الله ورأسه في حِجر أم حرام
رضي الله عنها وتفليتها لرأسه مثلا ً: لما جرأوا على
تجويز : ما لا يرضاه أحدهم لزوجته : أن ينام رجلٌ في
حجرها !.. أو أن تفلي رأسه) !!!!...
---
ومِثل مَن يستشهد بقول صحابي أنه كان يمر هو وأصحابه
على (فلانة) بعد كل صلاة جمعة : فتطعمهم !!.. فيقول
الجاهل : هذا دليلٌ آخر على الاختلاط ودخول الرجال على
النساء ..... إلى آخر هذ العبث !!.. ولو سأل أهل العلم :
لعلم أن راوي الحديث : يحكي الحديث : عندما كان طفلا ً !
وهذا مما يؤكد لنا فائدة كتب (تراجم الرجال) كما قلت لكم ..
------
والخلاصة ..
أن الله تعالى : قد رفع مِن شأن العلم والعلماء في قرآنه ....
ولم يجعل الناس في العقل وتحصيل العلم سواء : وذلك لكي
يلجأوا إلى العلماء فيما أ ُشكل عليهم : فيتبين لهم فضلهم :
" فاسألوا أهل الذكر : إن كنتم لا تعلمون " ...
" ولو ردوه إلى الرسول : وإلى أولي الأمر مِنهم : لعلمه
الذين يستنبطونه منهم " ......

فأرجو إن كان لأحدكم بعد كل هذه المعلومات : أي
استفسار أو مؤاخذة : على منهج علماء الحديث في تتبعهم
لسُـنة رسول الله وحفظها مِن أيدي العابثين وضعاف
الحِفظ : أن يُراسلني به ....
مع نصيحتي لكم بقراءة كتاب (سلسلة الآحاديث الضعيفة
والموضوعة) لمُحدث العصر الشيخ (الألباني) رحمه الله
لتعرفوا : مدى مجهودات علمائنا الأفاضل في حماية
حديث النبي وسُـننه مما لا يصح : سندا ًومتنا ًوعقلا ً!

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...