الإيمان غير ممكن بدون "إرادة" فالإرادة -التي تحركها النية- هي أول شرط ثم يأتي بعدها "الإقتناع" و الإقتناع يزيد من قوة الإرداة و الإنسان يمكن أن يقتنع بآيات مختلفة, كل واحد تقنعه آية أو أكثر, و قد يحتاج الواحد لأكثر من آية حتى يقتنع, بينما يحتاج الآخر أقل من ذلك بكثير و لنا في قصص المسلمين الأوئل خير دليل فكثير منهم آمن و أسلم بسبب معين أو بأسباب أخرى تختلف عن الآخر.. بعد الإرادة و القناعة يأتي "الإثبات", فالإنسان خُلق بغريزة في فطرته منها يعرف خالقه, لكن يجب أن تكون هناك إرادة أولا ثم يقتنع بها و من ثم يبحث في نفسه و في ما حوله لإثبات إيمانه -أو لتعزيز إيمانه- مثلا بالتجربة الإيمانية الخاصة (استجابة الدعاء, الصلاة, الذكر ..) أو بالتفكر حول المخلوقات لأن فيها من الآيات ما فيها و أخيرا "الإطمئنان" بدرجاته العليا من عين اليقين و حق اليقين, و هذا الإطمئنان قد يكون بالمشاهدة لكن مع الايمان (ارادة و اقتناع و ثبوت) مسبقا أو بنور خاص يقذفه الله في قلب عبده.
ممكن يقف أمامي نجار لكن لا أؤمن به, قد يعني لا أثق به, و قد يعني أيضا أني لا أؤمن بأنه نجار فعلا و يستطيع أن يصلح كذا و يصنع كذا, و قد يصلح بابي و مع ذلك ممكن أبقى بدون إيمان به, فقد أبقى بتساؤل, نعم أصلح الباب, لكن هل يستطيع هذا أن يصنع الباب, النافذة, الكرسي وو؟؟ هذا الإيمان بالنجار بمعنى بلوغ الطمأنينة غير ممكن بدون إرادة (أريد أن أؤمن بأنه نجار) و قناعة (مقتنع أنه نجار) و إثبات (إصلاحه لبابي يثبت ايماني) ..
يمكن أن أستخلص بأن رؤية المؤمن لله ليس هي نفسها رؤية الكافر (خصوصا المعاند المتكبر) لله, فقد يزيد الأول إيمانا (و هذا صحيح لأن الإطمئنان درجات كما أن الإيمان درجات) و يستمر الثاني في عناده و كبره و لعبه في خوضه ...
الفلسفة الإنسانية أو علمنة الفلسفة و العلم وراء الكارثة الحديثة التي تسبب اللاوعي و الإحباط كنتيجة للصراع بين المتناقضات, فعلى سبيل المثال لا الحصر, تصور الحياة على أنها عبثية -أو نتيجة عملية عبثية- من جهة, و من جهة ثانية إبعاد صفة العبث عن هذا التصور و عن أي محاولة فلسفية فكرية متتالية في إثبات هذا التصور!!
Bookmarks