صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12
النتائج 16 إلى 27 من 27

الموضوع: دلالات على نبوة محمد

  1. #16

    افتراضي

    وللتعقيب بقية بعد حضورك إن شاء الله تعالى

  2. #17

    افتراضي

    ملحد يتحاور في دلالات على نبوة محمد؟ ما الحكاية؟ هل ستقر بجواز بعثة النبي و قبل ذلك بالله خالقا مدبرا حكيما عالما, إذا ثبتت نبوة محمد ؟؟
    الفلسفة الإنسانية أو علمنة الفلسفة و العلم وراء الكارثة الحديثة التي تسبب اللاوعي و الإحباط كنتيجة للصراع بين المتناقضات, فعلى سبيل المثال لا الحصر, تصور الحياة على أنها عبثية -أو نتيجة عملية عبثية- من جهة, و من جهة ثانية إبعاد صفة العبث عن هذا التصور و عن أي محاولة فلسفية فكرية متتالية في إثبات هذا التصور!!

  3. افتراضي

    هذا هلاكك!!

    أن تتخذ من قضية نبوة النبي صلى الله عليه وسلم مسألة ثقافية، يتم التداول بشأنها على موائد المتشككين، ثم ينصرف بعضهم وعنده أدلة على نبوة النبي صلى الله عليه وسلم، لكنّه لا يؤمن به!! عندما تتعامل مع هذه المسألة بهذه الطريقة، فهذا هلاكك هلاكك! وسأنقل الحوار الذي دار بيننا في القسم الخاص لفائدة إخواننا ليروا كيف تركتنا شهورًا ثم عدتَ كما أنت بل زدت الطين بلة!

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حسام الدين حامد مشاهدة المشاركة
    الزميل مماجد .. مرحبا بك ..

    مادمت سلمت بوجود خالق وإله للكون .. وحصرت سؤالك في الدين الحق الذي رضيه الخالق لعباده ..

    فالسؤال: إن جاءك إنسان يدعي أنه رسول من عند خالق هذا الكون، وأنه جاءك بالدين الذي يرضاه هذا الخالق، وأنك إن اتبعته دخلت الجنة، وإن تخلفت عن اتباعه دخلت النار .. إن جاءك هذا الإنسان .. فما هي الشروط أو البراهين التي تطلبها منه ليثبت أنه رسول من عند الله حقا؟؟

    ( الأفكار التي يأتي بها تكون مُصلحة للمجمتع - أن يكون هذا الرجل صادقًا ومعروفًا بالأخلاق الحسنة - أن يأتيك بآية أو آيات لا يقدر عليها الإنس والجن ولو اجتمعوا - كل ما سبق - شيءٌ آخر خلاف ما سبق)؟؟

    أنتظر إجابتك.
    فأجاب مماجد:

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مماجد مشاهدة المشاركة
    اخي حسام الدين انا رجل طماع سأختارها كلها وارجو ان تكون طويل بال علي واتمنى ان يكون منطقي
    سأبدا بالأول :- مصلحه للمجتمع
    فأجبته:

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حسام الدين حامد مشاهدة المشاركة
    مماجد .. مرحبًا بك مرة أخرى ..

    صدقتَ يا مماجد، فكلنا - وأي عاقل - عليه أن يطمع في هذا الذي طعمتَ فيه، فنريد أن يكون ذلك الذي جاء يدّعي أنه رسولٌ من عند خالق الكون، نريد منه أن يكون صادقًا طيلة عمره، ومعروفًا بالأخلاق الحسنة، ولا أقل من أن يكون في الشرع الذي يأتي به صلاح شأن المجتمع، وأن يأتي بآية أو آيات تعجز الإنس والجن عن الإتيان بمثلها، من حقك أن تطالب بهذه الأمور بلا شك.

    فندما نقف أمام هذه الأديان والمذاهب المختلفة، النصرانية واليهودية والبوذية والمانوية والمزدكية والكنفوشيوسية والزرادشتية وغير ذلك من ملل ونحل يزعم معتنقوها أنها الملة التي ينبغي أن نتبعها لننجو .. عندما نقف أمامها وننظر في أمرها .. فهل ادعى أهلها أنهم يمتلكون هذه الأمور التي اشترطتها لتجزم بصدق الرسول؟؟

    مثلًا اليهودية .. هل يقدمون لنا معجزة مازالت موجودة إلى الآن لننظر فيها ونعلم أهي الدين الحق أو لا ؟؟
    لا إنها لا تقدم ذلك، فمعجزات موسى عليه السلام انتهت بموته، ولم يرها إلا الذين عاصروه، ولم يبق لنا إلا خبرها، ومن حقي وحقك أن أرى معجزةً كهؤلاء الذين رأوا .. أليس كذلك؟

    هل يزعم النصارى أنّ المسيح نزل عليهم بشريعة كاملة محفوظة فيها صلاح الفرد والمجتمع؟؟ أم أنهم يضيفون على هذه الشرائع المرة بعد المرة، كلما جاء أحد الباباوات أضاف على الذي سبقه، بحجة أنه مؤيدٌ من قبل الروح القدس لا ينطق عن الهوى، فكأنه قبل ترسيمه "أبا" لهم كان بشرا غير معصوم، وفي اللحظة التي رُسِّم فيها أبًا انقلب معصومًا مؤيدًا!

    هل تقدم البوذية أو الكنفوشيوسية شريعة يسير عليها الناس في شؤون حياتهم، فضلا عن أن تكون هذه الشريعة مُصلحة!؟ هل ادعى مؤسسوها أنهم مرسلون من عند الله أصلا؟؟ هل عُرف عن مؤسسيها الصدق والأخلاق الحسنة يقينا؟! دع عنك الآن السؤال .. هل يملك هؤلاء آية أو آيات يعجز البشر عن الإتيان بمثلها؟!

    فلذلك قبل أن نبدأ في الكلام عن الإسلام وشريعة محمدٍ صلى الله عليه وسلم خيرِ الأنام، علينا أن نسأل أولًا: هل من خلال الشروط التي اشترطناها وطمعتَ فيها - وهو حقك - يوجد منافس للإسلام؟!

    بمعنى .. لو أنهم نشروا إعلانا في الصحف يطلبون فيه مهندسًا للعمل، واشترطوا أن يكون المهندس خريج جامعة هارفارد، وأن يكون معه شهادة خبرة 5 سنوات، وأن يكون غير متزوج، وأن يكون متحدثًا لثلاث لغات على الأقل..

    ثم تقدّم للوظيفة عشرون شخصًا .. منهم خمسة ليسوا خريجي هارفارد، وأربعة لم تتعد خبرتهم سنتين، وستة متزوجون، وأربعة لا يتحدثون سوى الانجليزية والفرنسية، فهنا كم عدد المتقدمين لهذه الوظيفة حقيقة؟؟ كم شخصًا تحتاج الشركة لمقابلته لمعرفة صلاحيته وحضوره للعمل في الشركة أم لا؟!

    إنـــه شــخص واحـــد لا عشرون شخصًا، وليس مجرد تواجد العشرين يعني أنهم مرشحون لشغل الوظيفة، ذلك لأنهم فقدوا شروطها أصلا، وعليه فإنّ مديري الشركة سيبحثون في أمر شخص واحد فقط هل يصلح للعمل معهم أم لا ..

    فمن خلال الشروط التي وضعناها: (أحكام مُصلحة للمجمتع - صدق المدّعي أنه رسول من عند الله واشتهاره بالأخلاق الحسنة - أن يأتيك بآية أو آيات لا يقدر عليها الإنس والجن ولو اجتمعوا وهذه الآية مستمرة إلى يومنا هذا لنتمكن من رؤيتها)، كم ملة وديانة معاصرة ترى أنها تدعي أن هذه الشروط تتحقق فيها حتى نبحث في أمرها؟؟

    أنا أقول - كسائر المسلمين - إن الإسلام - استنادًا إلى ما ورد في الكتاب والسنة - به أحكام مصلحة للمجتمع وأنّ نبي الإسلام قد أخبر أنه رسول من عند الله، وأنه كان معروفًا بالصدق والأخلاق الحسنة، وأنه أتى بالقرآن الكريم الذي تحدى به الإنس والجن أن يأتوا بسورة من مثله ولم يستطيعوا.

    فهل تعرف ديانة أو ملة أخرى تحققت فيها هذه الشروط أو ادعى أهلها أنّ فيها هذه الشروط لنضمها في الحوار؟؟ إن كنتَ تعرف فاذكر اسم أو أسماء هذه الملل والنحل، وإن كنتَ تعرف أنه لا يوجد غير الإسلام يدّعي أهله تحقق هذه الشروط فيه فأخبرني أنه لا يوجد غير الإسلام، لأستكمل الجواب والحوار.

    بانتظار الجواب..

    هداك الله وشرح صدرك لما فيه نفعك في الدنيا والآخرة.
    فردّ مماجد:

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مماجد مشاهدة المشاركة
    اولا اخي حسام الدين شكراً على أسلوبك الراقي

    اخي عندما قلت:-
    فهل تعرف ديانة أو ملة أخرى تحققت فيها هذه الشروط أو ادعى أهلها أنّ فيها هذه الشروط لنضمها في الحوار؟؟ إن كنتَ تعرف فاذكر اسم أو أسماء هذه الملل والنحل، وإن كنتَ تعرف أنه لا يوجد غير الإسلام يدّعي أهله تحقق هذه الشروط فيه فأخبرني أنه لا يوجد غير الإسلام، لأستكمل الجواب والحوار.
    اخي لست مبحر كثيراً في الديانات الاخرى لكن لا اتوقع فكما تعلم على سبيل المثال النصرانيه فيه من الزياده والنقصان والشق والبعج والثالوث الذي لا يوجد فيه اي نص صريح في الكتاب المقدس
    واليهودي عليك ان تكون امك يهوديه واذا لم تكون امك يهوديه فاذا انت لست من شعب الله المختار والقائمه تطول من الاديان التي ليست اي صله بالعقل
    " أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ "
    صفحتي على الفيسبوك - صفحتي على تويتر.

  4. افتراضي

    فأجبتُه:

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حسام الدين حامد مشاهدة المشاركة
    اخي لست مبحر كثيراً في الديانات الاخرى لكن لا اتوقع فكما تعلم على سبيل المثال النصرانيه فيه من الزياده والنقصان والشق والبعج والثالوث الذي لا يوجد فيه اي نص صريح في الكتاب المقدس
    واليهودي عليك ان تكون امك يهوديه واذا لم تكون امك يهوديه فاذا انت لست من شعب الله المختار والقائمه تطول من الاديان التي ليست اي صله بالعقل
    جميل ..
    والأجمل من ذلك أنني لا أسألك عن رأيك في هذه الملل والنحل .. بل أسألك هل فيهم أصلًا من يزعم أنه يملك هذه الشروط التي اشترطناها - أنا وأنت- لنصدق بربانية دين ما؟؟

    بمعنى ..

    كان لي زميل في العمل نصراني وهو من المنصرين وله نشاط قوي بالنسبة لكنيسته، المهم أنّه دار بيني وبينه حوار ذات يوم، فسألته هذا السؤال الذي سألته لك: إن جاءك إنسان يدعي أنه رسول من عند خالق هذا الكون، وأنه جاءك بالدين الذي يرضاه هذا الخالق، وأنك إن اتبعته دخلت الجنة، وإن تخلفت عن اتباعه دخلت النار .. إن جاءك هذا الإنسان .. فما هي الشروط أو البراهين التي تطلبها منه ليثبت أنه رسول من عند الله حقا؟؟

    فقال : بأن يأتيني بمبادئ مناسبة لي وللمجتمع الإنساني!
    فقلتُ له : لا يكفي .. فهناك كثير من المصلحين الاجتماعيين الذين ساهموا في وضع مبادئ وأفكار تساهم في تطور المجتمع الإنساني في عصورهم.. فهل تقول إنهم رسل؟!
    فقال: لا ..
    فقلت: فما الذي تشترطه إذن؟!
    فقال: ......................
    فقلت لإخراجه من هذا المأزق: تشترط مثلا أن يأتي بآية معجزة لا يقدر عليها الإنس والجن مجتمعين!
    فقال: المعجزة .. لكن ...
    قلت: لكن ماذا؟!
    فقال: ................
    قلت: طيب ماذا لو أتاك بهذه المعجزة شخص كذاب دجال منافق يشرب الخمر ويسرق كالسحرة أو كالمسيح الدجال مثلًا ... هل تكتفي بالمعجزة؟!
    قال: أكيد لا.
    قلت: طيب هل تضع شرطا آخر مع المعجزة لمن يأتي بها!
    قال: ................... (وأقسم بربي يا مماجد أن هذا حدث وأنقله لك مع تغيير الحوار إلى الفصحى بدلا من العامية، فهذا رأس من رؤوسهم وعند سؤاله عن المبادئ التي من خلالها آمن لا يعرف شيئا)
    قلتُ له: إننا كمسلمين نقول إن الآية المعجزة تكون مسبوقة باشتهار من تجري على يديه بالصدق والخلق العظيم ، وأنه يذكر أنه مرسل من عند الله.
    فالسؤال القادم: هل عندك كنصراني آية معجزة باقية إلى الآن أطلع عليها؟!
    وعندئذ انتهى الحوار وطلبت منه أن يفكر في هذا الذي سبق!

    الغرض المقصود من هذه الحوار أنّ هؤلاء لا يزعمون أصلا أن عندهم هذه الشروط التي اشترطناها مجتمعة، لا يزعمون ذلك أصلا حتى نشرع في بيان عدم تحقق هذه الشروط فيهم.. فهمتَ قصدي؟!

    إذن فنحن متفقان على أنّ الدين الوحيد الذي تتحقق فيه هذه الشروط التي اشترطتها هو دين الإسلام.. وبذلك يكون قد أجيب سؤالك في رأس هذا الموضوع.. أنه لو كان الخالق أنزل دينًا فما يدريني بهذا الدين؟! فالجواب أنّه ليس من دين يصلح لهذا الوصف أصلا غير دين الإسلام .. ومن ثمّ فهو الدين الحقيق بأن يتوجه إليه الباحثون بالدراسة والبحث .. هذه نقطة واحدة اتفقنا عليها.. أنه لا يوجد دين آخر أو ملة أخرى تستحق أن نضمها في حوارنا وهذا جواب سؤالك في رأس الموضوع ..

    بقي أمامنا حوالي ثلثي الطريق ..

    فالسؤال الآن .. رب هذا الكون وخالقه الذي سلمت بوجوده .
    ما الصفة التي كان من آثارها أن سخر لنا الكوكب الأرضي للحياة؟؟ وكان من آثارها أن خلق الإنسان هذا الجسد الذي هو كعالم داخل العالم؟!! ما هذه الصفة في رأيك؟؟ أهي الحكمة أم العلم أم الرحمة أم القدرة أم كل ذلك أم غير ذلك؟؟


    بانتظار جوابك .. وأتمنى أن يكون بمقدار الذكاء في جوابك على السؤال السابق ..

    هداك الله وأتم عليك نعمته وحباك بكرمه ما يصلح به دنياك وآخرتك.
    فردّ مماجد:

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مماجد مشاهدة المشاركة
    بل أسألك هل فيهم أصلًا من يزعم أنه يملك هذه الشروط التي اشترطناها - أنا وأنت- لنصدق بربانية دين ما؟؟
    لا ليست فيها اي شروط المذكوره

    إذن فنحن متفقان على أنّ الدين الوحيد الذي تتحقق فيه هذه الشروط التي اشترطتها هو دين الإسلام.. وبذلك يكون قد أجيب سؤالك في رأس هذا الموضوع.. أنه لو كان الخالق أنزل دينًا فما يدريني بهذا الدين؟! فالجواب أنّه ليس من دين يصلح لهذا الوصف أصلا غير دين الإسلام .. ومن ثمّ فهو الدين الحقيق بأن يتوجه إليه الباحثون بالدراسة والبحث .. هذه نقطة واحدة اتفقنا عليها.. أنه لا يوجد دين آخر أو ملة أخرى تستحق أن نضمها في حوارنا وهذا جواب سؤالك في رأس الموضوع ..
    اتفق معكي لاكن ياليت تضع البراهين ان دين الإسلام هو الحق

    فالسؤال الآن .. رب هذا الكون وخالقه الذي سلمت بوجوده .
    ما الصفة التي كان من آثارها أن سخر لنا الكوكب الأرضي للحياة؟؟ وكان من آثارها أن خلق الإنسان هذا الجسد الذي هو كعالم داخل العالم؟!! ما هذه الصفة في رأيك؟؟ أهي الحكمة أم العلم أم الرحمة أم القدرة أم كل ذلك أم غير ذلك؟؟
    اذا كان عظم هذا الخلق فهو كل ما ذكر
    فأجبتُه:

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حسام الدين حامد مشاهدة المشاركة
    الزميل مماجد .. أحسنتَ وأجدت الجواب كما العهد بك.

    فإنّ هذا الرب الحكيم، الذي هيأ لك كوكب الأرض، وهو كوكبٌ جامدٌ لا يفهم من احتياجات الإنسان شيئًا، ولا يخضع للتطور ولا يلبي نداء الإنسان، فإنك لو ذهبتَ لجبلٍ وعشت في كهفه ألف عام، فلن تجد يومًا أن الصخر يخاطبك ليؤنس وحشتك، أو يتحول –إرضاء لك- لطبيعة رملية أو طينية تزرع فيها الفواكه ..

    ومن عجبٍِ - يا زميل – أن تطلبَ الماء فتجده حاضرًا ولو لساكني الصحراء، وتطلبَ الطعامَ فتجد الأنعام لحمها سائغًا، والأسماك لحمها طريًّا طيبًا، والحدائق ثمرها حلوًا شهيًّا، وتطلب التنفس فتجد الأكسجين يكفيك ويكفي العالمين في الغلاف الجوي، وتطلب الأُنس فتجد غيرك من بني جنسك من الإنسان، يتكلمون بنفس لغتك ويفهمون قولك وتحتكمون إلى مرجعٍ واحدٍ في النقاش، وتطلب الذريةَ والسكن فتجد من بني جنسك أزواجًا خلقهم الله لتسكن إليهن وجعل بينكم مودةً ورحمة، تطلب كل هذا فتجده على هذا الكوكب الصخري، ثم تطلب معرفة خالقك فيزعم زاعمٌ أنه ليس ثمّ جواب! تطلب عقيدةً تركن إليها وتطمئن بها فيزعم زاعمٌ أن هذا غير متاح!

    إنّ هذا الرب الحكيم الرحيم العليم الذي هيأ لك كوكب الأرض، فناسب مقومات حياتك، ومتطلبات الترف والرفاهية، قد بين لك ما يكون به راحة عقلك ونفسك وروحك، فأرسل الرسل يدعون الناس لعبادة الخالق سبحانه، وأنزل الكتب فيها بيان الحقائق، ووضع الشرائع فيها مصالح العباد.

    فلو تأملتَ في ذلك لاطمأنّ قلبُك أن خالق الكون قد دلّك على مواضع الهداية، وأنزل لك دينًا هو دين الحق، وحيث إن الإسلام هو الدين الوحيد الذي يصلح أن يكون دين الحق كما سبق واتفقنا، فإنّ العاقل الأريب يطمئن قلبه للإسلام، ثم يأخذ في البحث والاستزادة من المعرفة بعد أن يدخل فيه.

    وهكذا أيها الزميل .. نكون قد قطعنا ثلثي الطريق .. وهي كفيلة – لو تأملتَها – أن تسلم لربك مطمئنًا، ولكن أزيدك ما تسكن به نفسك، ويطمئن إليه قلبك، ويركن إليه عقلك، فهاك الثلث الباقي .. فإنه حقك!


    ****


    (وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ)!


    لن أنقل لك حديثَ المسلمين عن صدق الرسول الأمين، فإنك ستقول إنها شهادة المحب لحبيبه، وهي شهادة لا تسلم من جرح، فأبدأ لك بشهادة الأعداء، ثم أثني بعودةٍ لشهادة الأصحاب والزوجات!

    ****


    إنّ كفّار قريش لما قابلوا دعوة النبي صلى الله عليه وسلم، كانوا مضطرين لمواجهتها بالطعن في شخص الرسول الكريم، فماذا يقولون؟!

    لعلك سمعتَ عن غلام قاديان الذي ادعى النبوة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنّ هذا الغلام عندما ادعى النبوة قابله الناس بجوابٍ واحد، مازالوا يرددونه إلى يومنا هذا، قالوا إنه كــــذاب، لم يحتاروا في أمره، فهو كذابٌ مخادع، وأتباعه مخدوعون، وانتهى الأمر!

    فهل كان الأمر كذلك مع كفار قريش؟!


    ****



    لو كان النبي صلى الله عليه وسلم يُعرف بالكذب عندهم، أو حتى جاءهم بما يقدرُ الكذّاب على الإتيان بمثله، لردّت قريش دعوتَه بذلك وقالوا كذاب، وانتهى الأمر .. أليس كذلك؟!

    لقد وقفت قريش في حيرةٍ من أمرها، فهم يعرفون أنّ النبي صلى الله عليه وسلم صادق أمين، وحتّى لو قالوا إنّه كذاب فقد بقي أمامهم أسئلة لازمة لا يستطيعون جوابها: كيف يأتي كذابٌ بهذا القرآن الذي عجزوا عن الإتيان بمثله؟! كيف يصيب هذا الأثر في نفوس الناس؟! وكيف يخبر عن الأمم السابقة والأحداث الآتية صادقًا؟! وكيف يصر كذابٌ على مخالفة قومه رغم ما عرضوه عليه من المال والجاه والسلطان؟! وكيف يعرف هذه الأمور وهو الأمي الذي لا يقرأ ولا يكتب، واليتيم الذي لم يلقنه والدٌ وما وكل به معلم؟!

    أسئلة كثيرة لا بد منها، وفيما يأتي أضعافها، فإنّ تبين لنا أنّ الكفار عجزوا عن الجواب عن هذه الأسئلة، من أول يوم للبعثة وإلى يومنا هذا، تبين لنا صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإليك التفصيل!


    ****



    إنّ كفار قريش لما زعموا أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قد كذب، كانوا يعلمون أنه لم يُعرف عنه كذبٌ قط .. وقد قال الله تعالى لرسوله (قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآَيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَوهنا سؤالان لك أن تتأمل في تعثر الكفار في جوابهما:

    - هل يسلّي النبي صلى الله عليه وسلم نفسه بالكذب، أيّ هل لو كان كاذبًا - وحاشاه – هل كان ليقول لنفسه "لا تحزن فأنتَ صادق وهم يعلمون عنك أنك صادق" بينما هو يعلم في نفسه أنّه كذاب؟!

    - والثاني: لماذا لم يقف المشركون – أو حتى الأصحاب – ليقول أحدهم – ولو بينه وبين نفسه - إنهم كانوا يعرفون عنك الكذب قبل النبوة؟


    ****


    ولو كان الأمر اقتصر على ذلك، لقلنا إنّ معرفة الكفار بصدقه محل شك، لكن يقطع علينا هذا الظنّ، ويمنع هذا الشك ما جاء في صحيح البخاري، إن أبا سفيان عندما كان كافرًا، وكان هو وجماعةٌ من قومه في تجارة بالشام، دعاهم هرقل وهم بإيلياء إلى مجلسه، وبالمجلس عظماء الروم ودعا بترجمانه، يريد أن يسألهم عن الرجل الذي يزعم أنه نبي، أي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأل عن أقربهم له نسبًا، فكان أبو سفيان، فأجلسه أمامه وأجلس أصحاب أبي سفيان خلفه، وقال لهم: "إني سائلٌ هذا عن هذا الرجل فإن كذبني فكذبوه"، وهو بذلك يريد أن يضع أبا سفيان في مأزق، وبالفعل هذا ما حدث، فقد قال أبو سفيان "فوالله لولا الحياء من أن يأثروا علي كذبًا لكذبت عنه!"، وقد سأل هرقل عدة أسئلة كان منها (فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟)، فأجاب أبو سفيان إجابة واضحة:لا، حينئذٍ استدل هرقل فقال: (وسألتك هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال، فذكرت أن لا، فقد أعرف أنه لم يكن ليذر الكذب على الناس ويكذب على الله)... أليس كذلك؟


    ولقد جاءت قريش إلى أبي طالب عمّ النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا : أرأيتَ أحمد يؤذينا في نادينا وفي مسجدنا؟! فانهه عن أذانا!!، فقال أبو طالب: يا عقيل! ائتني بمحمد!، فذهبت فأتيته به فقال: يا ابن أخي! إن بني عمك زعموا أنك تؤذيهم في ناديهم وفي مسجدهم فانته عن ذلك!، فلحظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ببصره إلى السماء وقال : ما أنا بأقدر على أن أدع لكم ذلك على أن تشعلوا لي منها شعلة يعني : الشمس، فقال أبو طالب – وهو الذي مات كافرًا- : ما كذب ابن أخي فارجعوا.


    ****



    ثم إن القرآن ينقض مزاعم المشركين، فيردهم إلى ما كانوا يعلمونه، من خلق الرسول الكريم، فإنهم لما ذكروا الكذب والجنون والشعر والكهانة، قال تعالى (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ)، فكان في قوله "رَسُولٍ كَرِيمٍ" ردٌّ على الاتهام بالجنون والكذب، فردّهم إلى ما عرفوا عنه قبل النبوة وبعدها، أنه رجلٌ صادقٌ نبيلٌ كريمٌ عاقل، لا يكذب ولا يشبه المجانين، فربما قالوا: إذن هو شاعر أو كاهن لأنّهم كانوا يعدون الشاعر والكاهن من الكرماء، فردّ عليهم ذلك، (وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ * وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ)، حينئذٍ لم يبق أمامهم إلا الاعتراف بأن هذا (تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ)!


    ****



    كثيرًا ما أكرر هذا السؤال، أطالب المتشكك أن يذهب إلى أي دجالٍ في العالم، ويسأله سؤالين: (متى نهاية العالم؟!)، و (متى تهزم روسيا أمريكا؟!)، فأي السؤالين سيجيب؟!

    بالتأكيد سيجيب السؤال الأول، فيقول إنّ نهاية العالم ستكون بعد خمسمائة عام مثلًا، ولن يضره ذلك شيئًا، فإنه يعتمد على أنه بعد خمسمائة عام – عندما لا تتحقق نبوءته – سيكون هو مع الأموات!

    فلماذا كان الحال مع النبي صلى الله عليه وسلم هو عكس المتوقع من كل كذاب، فقد أجاب عن السؤال عن الساعة بقوله "ما المسؤول عنها بأعلم من السائل" وقوله "علمها عند ربي"، ولكنه لما سُئل عن هزيمة الفرس للروم، أجاب أن الروم ستغلب في بضع سنين .. لم كان الحال مع الرسول صلى الله عليه وسلم خلاف كل كذاب؟! لن تجد جوابًا منطقيًّا إلا أن تقول إنه الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم!


    ****



    ثمّ إنّ الاتهام بالكذب لا يلزم منه أنّ ما جاء به ليس صحيحًا، فقد أكذب عليك وأقول "أوصاني أبوك أن أخبرك أنه يحبك"، فإن كنتُ كاذبًا في أن أباك أوصاني، فهذا لا يعني أنّ أباك لا يحبك، فهذا الذي زعموا أنّ النبي صلى الله عليه وسلم افتراه على الله، من أين جاء به وقد عجزوا عن الإتيان بمثله، وقد ظل النبي فيهم قبل ذلك فما رأوه يكتب، أو يطوف على المعلمين يتعلم!؟

    (وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ)، (قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ).


    ****



    وأنت ترى أنك لو كذبتَ مرةً على شخصٍ واحد، فأنت تحتاج إلى مجهودٍ عقليٍّ حتى لا تنكشف كذبتك، على الأقل تظل متذكرًا أنك كذبتَ على هذا الشخص بعينه، حتى لا تقول يومًا قولًا يخالف ما كذبتَ، فتخيل أنك كذبت على هذا الشخص مئات المرات! ما احتمال أن تظل دون أن تنكشف كذبةً من كلامك!؟ فتخيل أنك تكذب على كل من حولك من زوجةٍ وولدٍ وأصحابٍ وأعداء، ما احتمال ألا ينكشف كذبك؟!

    قال تعالى (وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا).


    ****



    وتأمل هذه الحجة الظاهرة في قول مؤمن آل فرعون لما كذب قومه موسى عليه السلام: (أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ).

    إنك تستطيع أن تخدع بعض الناس كل الوقت، أو أن تخدع كل الناس بعض الوقت، لكنك أبدًا لن تستطيع أن تخدع كل الناس كل الوقت، إن الكاذب لا يفوز، ما عهدنا ذلك قبل ذلك قط، غلام قاديان كذب ففضح، وانقلب ما تنبأ به فضيحة في حقه، التطوري الذي اخترع إنسان بلتداون كذب فافتضح، النصارى حرفوا كتبهم ففُضحوا، كل كذابٍ يفضح، ويكون كذبه بلاءً عليه، " وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ".

    "وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ"

    وقياسًا، انظر هذه الأحاديث قوله صلى الله عليه وسلم: (بدأ الإسلام غريبًا، وسيعود غريبًا كما بدأ، فطوبى للغرباء!)، وقال (لا تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أمتي بالمشركين، وحتى يعبدوا الأوثان، وإنه سيكون في أمتي ثلاثون كذابون، كلهم يزعم أنه نبي، وأنا خاتم النبيين لا نبي بعدي)، وقال (يوشك أن تداعى عليكم الأمم من كل أفق كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، قالوا: يا رسول الله! أمن قلةٍ بنا يومئذ!، قال: أنتم كثيـــر! ولكن تكونون غثاء كغثاء السيل، ينتزع المهابة من قلوب عدوكم، ويجعل في قلوبكم الوهن، قالوا: وما الوهن، قال: حب الحياة وكراهية الموت)، وقال: (لتنقضن عرى الإسلام عروة عروة، فكلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها، وأولهن نقضًا الحكم، وآخرهن الصلاة)، وقال: (يشرب ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها!) .......... وغير ذلك كثير كثير!


    ****



    إن الأثر الذي أحدثه النبي صلى الله عليه وسلم في قومه، ليس هو أثر كذابٍ بحال، فالمخادع يحاول جذب أغنياء القوم يستقوي بهم، ويبدأ دعوته بالتملق لهؤلاء ومهادنتهم، أما الصادق فإنّ دعوته تصيب أصحابَ القلوب النظيفة، أولئك الذين ليس عندهم شهوة مال أو سلطة أو جاه، تمنعهم من اتباع الحق أول ظهوره.

    وهذا الملمح قد سأل عنه هرقل أسئلة ثلاثة:
    قال هرقل: فأشراف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم؟
    قال أبو سفيان: بل ضعفاؤهم.
    قال هرقل: أيزيدون أم ينقصون؟
    فأجاب: بل يزيدون.
    قال هرقل: فهل يرتد أحد منهم سخطةً لدينه بعد أن يدخل فيه؟
    قال: لا.

    ثم بين هرقل سبب هذه الأسئلة فقال: (وسألتك أشراف الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم، فذكرت أن ضعفاءهم اتبعوه، وهم أتباع الرسل، وسألتك أيزيدون أم ينقصون، فذكرت أنهم يزيدون، وكذلك أمر الإيمان حتى يتم، وسألتك أيرتد أحد سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه، فذكرت أن لا، وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب).

    وهذه سبيل المرسلين، كما قال تعالى في جواب قوم نوحٍ لدعوته عليه السلام: (فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ).

    قال تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا).


    ****



    ما الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم؟

    جاء بصلة الرحم وبر الوالدين والعطف على الصغير، وغض البصر وستر العورة وتشريع الزواج، وتحريم الغش والسرقة والزنا والربا والقتل والكذب والغيبة والنميمة والسباب وفحش القول، جاء بآداب الاستئذان والاستئناس قبل دخول البيوت، جاء بتشريع الصدقة والزكاة والإحسان للفقراء، وسنّ السواك والنظافة والتطيب، وغيرها من فضائل الأخلاق وجميل الأفعال.

    هو الذي قال (ما من مسلمٍ يغرس غرسًا، أو يزرع زرعًا فيأكل منه طيرٌ أو إنسانٌ أو بهيمةٌ إلا كان له به صدقة)، وقال: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه من الخير)، وقال (من أَنْظَرَ مُعسرًا فله بكلّ يومٍ صدقة قبل أن يحل الدين، فإذا حلّ الدين فأنظرَه فله بكل يومٍ مثليه صدقة)، وقال (من أمّن رجلًا على دمه فقتله، فأنا بريءٌ من القاتل، وإن كان المقتول كافرًا) إلى غير ذلك من الأحاديث الشريفة.

    قال هرقل: ماذا يأمركم؟
    أجاب أبو سفيان وقد كان وقتها كافرًا: يقول اعبدوا الله وحده ولا تشركوا به شيئًا، واتركوا ما يقول آباؤكم، ويأمرنا بالصلاة والزكاة والصدق والعفاف والصلة!

    قال مؤمن آل فرعون: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ).

    فهل هذا الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم مما يأتي به كاذب يكذب في أنه رسولٌ من عند الله؟!


    ****



    جاء في الصحيحين - صحيح البخاري وصحيح مسلم - قالت عائشة الصديقة بنت الصديق: (لو كان محمدٌ صلى الله عليه وسلم كاتمًا شيئًا مما أنزل عليه لكتم هذه الآية: " وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ").

    فإن كانت عائشة تستدل بهذا على أنّه صلى الله عليه وسلم لم يكتم شيئًا مما أوحي إليه، فما جواب من يزعم أن القرآن جاء من عند محمد صلى الله عليه وسلم؟! ألو كان من عنده أيكون هذا قوله لنفسه!؟


    ****



    إنّ المشركين لما قالوا إنّ النبي جاء بالقرآن من عنده، تحداهم تحديًا لا يكون أبدًا من كاذب، فانظر قول الله تعالى: (وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآَنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ * أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ).

    ألو كان صلى الله عليه وسلم كاذبًا أكان يتحداهم في البلاغة واللغة، وهم قومٌ (انتهوا إلى المباهاة في تعليق أشعارهم بأركان البيت الحرام، موضع حجهم وبيت أبيهم إبراهيم، كما فعل امرؤ القيس وطرفة بن العبد، وعلقمة الفحل والأعشى، وغيرهم من أصحاب المعلقات) كما قال ابن خلدون، (وكانت القبيلة إذا نبغ فيها شاعر فرحت واستبشرت وأقامت الحفلات، ونصبت المآدب لضيوف المهنئين)؟! ألو كان صلى الله عليه وسلم كذابا – وحاشاه – أكان يتحداهم جميعًا فيما يحسنون ويتقنون؟!


    ****



    إنّ الرجل مهما كان متقنًا للتمثيل صابرًا عليه، فإنّه لابد أن يتوقف عن التمثيل والادعاء ولو مرةً في بيته، أليس كذلك؟!

    وأمامنا شهادتان لزوجتين من زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، الأولى تصف حاله قبل النبوة، والثانية تصف حياته كما عرفته.

    فهذه خديجة رضي الله عنها لما جاءها النبي صلى الله عليه وسلم، أول نزول الوحي عليه وهو يخشى على نفسه، قالت له خديجة رضي الله عنها (كلا والله! ما يخزيك الله أبدًا! إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق) فاستدلت بجميل أفعاله على أنّ الله لن يخزيه.

    وهذه عائشة رضي الله عنها، لما سئلت عن خلق النبي صلى الله عليه وسلم قالت (كان خلقه القرآن).


    ****



    وإن الرجل مهما ادعى الخلق الحسن والحلم، فإنّه لابد أن تفلت منه فعلة سوء إن كان كاذبًا في ادعائه، وإمكانية ذلك تزداد في تعامله مع من تحت يده، وهذا يدلنا على قيمة شهادة الخادم في سيده، فهي شهادة من الداخل، شهادة ممن يطلع على حال الرجل داخل بيته .. وفوق ذلك فإنها شهادة مرؤوس في رئيسه، وأنت تعرف ما تولده هذه العلاقة في حد ذاتها من ضغائن وإحن، فربما كان السيد على خلقٍ حسن، ولكن الخادم ينقم عليه مجرد أنّه "سيد" حتى لو كان يعامله معاملةٌ حسنة.

    قال أنس : (قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وأنا ابن تسع سنين، فانطلقت بي أم سليم إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله هذا ابني استخدمه)، وقال: (خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين، لا والله ما سبني سبةً قط! ولا قال لي أف قط! ولا قال لي لشيء فعلته لم فعلته؟! ولا لشيء لم أفعله ألا فعلته!؟) (وكان بعض أهله إذا أعتبني على شيء يقول: دعوه دعوه فلو قضي شيء لكان.)


    ****



    في الصحيح أن جبريل عليه السلام احتبس على النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت امرأة من قريش: أبطأ عليه شيطانه، فنزلت " وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى".

    ووجه الدلالة واضح، فلو كان النبي صلى الله عليه سلم، يأتي بالقرآن من عند نفسه لما انقطع الوحي حتى يقول المشركون إنّ ربه قد هجره!


    ****



    في حادثة الإفك، لما تقّول رأس المنافقين على عائشة رضي الله عنها، ورماها بالزنا وهي الحصان الرزان، الشريفة العفيفة، كان موقف النبي صلى الله عليه وسلم برهانًا على أنه لا يفعل إلا بأمرٍ من ربه .. وانظر موقفه صلى الله عليه وسلم قبل نزول الوحي وموقفه بعده .. وبقليلٍ من التأمل تدرك أنّه رسول الله!

    قبل نزول الوحي:

    قالت عائشة رضي الله عنها: (دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا وأسامة حين استلبث الوحي يستأمرهما في فراق أهله).
    قالت عائشة رضي الله عنها: (وقد بكيت ليلتين ويومًا، لا يرقأ لي دمعٌ ولا أكتحل بنوم، حتى إني لأظن أن البكاء فالق كبدي، فبينا أبواي جالسان عندي وأنا أبكي، فاستأذنت علي امرأةٌ من الأنصار، فأذنت لها فجلست تبكي معي.
    قالت: فبينا نحن على ذلك دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم علينا، فسلم ثم جلس.
    قالت: ولم يجلس عندي منذ قيل ما قيل قبلها وقد لبث شهرًا لا يوحى إليه في شأني بشيء.
    قالت فتشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين جلس ثم قال: أما بعد يا عائشة! إنه بلغني عنك كذا وكذا فإن كنت بريئة فسيبرئك الله وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه فإن العبد إذا اعترف ثم تاب تاب الله عليه
    ).

    بعد نزول الوحي:

    قالت عائشة رضي الله عنها: (فسري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يضحك فكانت أول كلمة تكلم بها أن قال يا عائشة أما الله فقد برأك).

    فما رأيك في هذا؟! أيخدع الرجل نفسه في شرفه وعرضه؟!



    ****


    مماجد .. لقد طلبتَ مني أن أكون منطقيًّا في بداية الحوار .. والآن جاء دوري لأطلب منك أن تكون منطقيًّا في الجواب ..

    لقد احتار المخالفون والمعاندون في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم، فهم لا يستطيعون جواب هذه الأسئلة التي تضطرهم اضطرارًا إلى العلم بصدقه، والإيمان بنبوته، فأخذوا يذكرون أمورًا لا وزن لها عند العقلاء، وكان هذا ديدينهم، منذ أن قال أبو لهبٍ "تبًّا لك!" وإلى يومنا هذا، إذ يردد المستشرقون أقوالًا هي إلى الطرائف أقرب!

    إنّهم لما رأوا أثر دعوته صلى الله عليه وسلم، وكيف يوقن بها المؤمنون، ويعادون من أجلها، ويحاربون في سبيلها، ولما رأوا أثر كلامه في النفوس، وكيف يؤثر في قلوب الكافرين، أثرًا لا ترى مثله في شعرٍ ولا نثر، ولما رأوا ازدياد دعوته وانتشار خبره، وتوافد الناس على اتباعه، لم يجدوا تفسيرًا مناسبًا إلا أن يقولوا (ســاحر!)، ألو كان ساحرًا فلمَ لم يسحركم كما سحر غيركم؟! ألو كان ساحرًا فلم لم يبطُل سحره بموته؟! ألو كان ساحرًا فلمَ لم يرضَ بمهادنتكم؟! لمَ لم يخضع لتهديدكم!؟ لمَ حرّم السحر ونهى عن الكبائر؟! أهذا الذي جاء به مما يأتي به السحرة؟!

    (قَالَ مُوسَى أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَكُمْ أَسِحْرٌ هَذَا وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ).


    ****


    إنّهم لما قابلوا صدق أخباره، وتحقق نبوءاته، وهو الأمي الذي لم يقف على أخبار الماضين، وما جلس يومًا إلى الأحبار والقسيسين، لما قابلوا ذلك عجزوا عن قولٍ إلا أن يقولوا (كـــاهن!)، تأتيه الشياطين بالأخبار، ألو كان كاهنًا أكان يقول في الساعة "لا أدري"؟! أهذا الذي جاء به مما يأتي به الكاهن؟! أهذا الكريم ممن تتنزل عليه الشياطين؟!

    (هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ * تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ * يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ).


    ****



    إنهم لما رأوا أنّه يخالف قومه، ويخبرهم ببطلان آلهتهم، ولا يقبل الحلول الوسط، ولا يقبل المال والجاه مقابل السكوت، ويصبر على الأذى، ويسليه ربه في القرآن الكريم، وينزل عليه القرآن الكريم بالصبر، والحث على الثبات في الأمر، لما رأوا ذلك لم يجدوا تفسيرًا إلا أن يقولوا (مجنــون!) وقالوا (مسحــور)، فما هذه العقول المنكوسة!؟ أيأتي مجنون أو مسحور بهذا التشريع والبلاغ والتحدي؟!

    (مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ * وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ * وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ * فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ * بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ * إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ * فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ * وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ)
    (نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَى إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا * انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا)


    ****


    وتحداهم ببلاغة القرآن، ونظمه ووضوحه، وبيانه وفصاحته، فعجزوا وقالوا (شــاعر)، فلو كان شاعرًا فلم عجزتم – مجتمعين – عن الإتيان بمثل ما جاء به؟! ولو كان شاعرًا فالشعراء يميلون للخيالات، والمجازات والتوهمات، ولا يتناولون القضايا التشريعية، وقضايا الإرث والدّين والمعاملات في شعرهم، فليس ذلك من وصفهم!

    (وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ * أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ * وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ).


    ****



    إنّهم لما سمعوا القرآن الكريم، ورأوا ما فيه من بيانٍ لما مضى، وإخبارٍ ببعض ما يأتي، وتشريعٍ يصلح الأحوال، في لفظٍ معجزٍ بليغ، ينزل بحسب الحوادث، وليس مما يُعد سلفًا، وهو في ذلك يتحداهم أن يأتوا بسورةٍ من مثله، ويتحداهم أنهم لن يفعلوا ولو اجتمعوا، بل لو استعانوا بالجنّ فالعجز بهم لاصق، ونظروا في كونه أميًّا لا سبيل له للعلم إلا مما علمه ربه، فلم يجدوا طريقًا أمام هذه الحجة، لما رأوا ذلك قالوا إنّه (معلّــم) وإنه (أعانه قومٌ آخرون) وإنه (اكتتب أساطير الأولين فهي تُملى عليه!)، وهم على علمٍ أنه مكث فيهم فلم يُعلمه أحد، ويعرفون أنّه ما من أحدٍ ادعي أنه أعانه، ويعلمون أنّ قولهم هذا لا يغير من حقيقة التحدي شيئًا، فهم مازالوا عاجزين ولو اجتمعوا، فما فضل اجتماع الرسول مع غيره على اجتماعهم – ولو مع الجن - إن كان النبي كاذبًا – وحاشاه-؟!

    (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آَخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا * وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا * قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا)
    (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ)


    ****



    وإن كنتَ ترى في هذه الدعاوى التي ذكرها مشركو قريش سخافةً لا تسمن ولا تغني، فاضحك – ملء فيك – عن المستشرقين، فهذا يقول إنّ ما أتى به النبي صلى الله عليه وسلم من التشريع، وما أُنزل عليه من القرآن الكريم، وما نطق به من السنة الكريمة، يقول إنّ هذا من الخيالات المتهيجة! وذاك يزعم أنه من التنويم الذاتي! وهذا ينسبه إلى نوبات الصرع! وغير ذلك من طرائف!

    (انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا)
    إنه العجز التام عن أن يقولوا قولًا واحدًا في شأن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير وصفه بالنبوة والرسالة .. إنّهم ما لم يسلِّموا بالحقيقة وأنه رسول من عند الله حقًّا .. فليس أمامهم إلا الضلال .. ولن يستطيعوا لقولة حقٍّ سبيلًا!


    ****



    وأخيرًا أتركك مع هذه الآيات، التي قال فيها جبير بن مطعم قبل إسلامه (كاد قلبي أن يطير!) حين سمعها .. فاصبر على قراءتها حتى النهاية .. وأخبرني بجوابك .. والعهد بك منصفًا تحسن الجواب!

    يقول الله تعالى:
    ( فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ * أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ * قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ * أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَامُهُمْ بِهَذَا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ * أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لَا يُؤْمِنُونَ * فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ * أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ * أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُسَيْطِرُونَ * أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ * أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ * أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ * أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ * أَمْ يُرِيدُونَ كَيْدًا فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ * أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ * وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ * فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ * يَوْمَ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ * وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ * وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ * وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ)

    هداك الله لما فيه صلاح دنياك وأخراك!
    " أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ "
    صفحتي على الفيسبوك - صفحتي على تويتر.

  5. افتراضي

    ردّ مماجد:

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مماجد مشاهدة المشاركة
    مماجد .. لقد طلبتَ مني أن أكون منطقيًّا في بداية الحوار .. والآن جاء دوري لأطلب منك أن تكون منطقيًّا في الجواب ..

    لقد احتار المخالفون والمعاندون في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم، فهم لا يستطيعون جواب هذه الأسئلة التي تضطرهم اضطرارًا إلى العلم بصدقه، والإيمان بنبوته، فأخذوا يذكرون أمورًا لا وزن لها عند العقلاء، وكان هذا ديدينهم، منذ أن قال أبو لهبٍ "تبًّا لك!" وإلى يومنا هذا، إذ يردد المستشرقون أقوالًا هي إلى الطرائف أقرب!
    اخي كلام قمه في المنطق والمنطق يحتار منه فعلن الشخص لن يداري كذبته طيله حياته

    اخي حسام الدين حامد( هل من مزيد )
    وقال:

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مماجد مشاهدة المشاركة
    اخي حسام الدين حامد ولا تنسا ربما التاريخ يغير في معانيه اليس كذلك
    فأجبتُه:

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حسام الدين حامد مشاهدة المشاركة
    (أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ)

    أيها الزميل اللبيب .. لو قلبتَ النظر في هذا الدين الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا تملك إلا أن تسلّم يقينًا بربانية هذا الدين، فنظرةٌ متأملةٌ في خصائصه، وما قام عليه من القواعد والثوابت، كفيلةٌ بالتسليم بعجز البشر عن الإتيان بمثله، ذلك أنّ فكر البشر يغلب عليه الطابع الواحد، في الاهتمامات وفي طريقة التفكير وفي البيان عن المقصود .. وقد رأينا الفلسفات والتنظيرات والاجتهادات البشرية فعرفنا وصفها ورسمها .. وعرفنا أنّ هذا الدين لا يشبه هذه الأفعال البشرية في شيء .. وإليك البيان!


    ****


    أوّل ذلك .. الوضوح، فإن كل من قرأ عن الإسلام يعلم أنّ أهله يقولون بصراحة إنّه الدين الكامل، وأنه مُصلح – ولا أقول صالح – لكل زمان ومكان، وقد تواترت النصوص الصريحة الواضحة بذلك، وأجمع العلماء على هذا، فالإسلام يعلن الحرب على كل عقيدةٍ باطلة، ولا يرضى أبدًا بالمداهنة، ويبطل كل حكمٍ إلا حكم الله، ويرى أنه ما من خيرٍ إلا وفي الدين أصوله، وما من شرٍّ إلا وفي الدين التنفير منه!

    ألا ترى الطالب المهمل، حين يُواجه بسؤالٍ لا يعرف جوابه، فإنّه يلجأ إلى الكلمات الغامضة، عسى أن ينخدع بجوابه ممتحنٌ ما، فيظن أنّه قد أجاب؟!

    وهاهو ماركس حينما ربط قيمة السلعة بالعمل الإنساني المجرد، وواجه سؤالًا عن اختلاف العمل بين عمل ماهرٍ وعملِ مبتدئ، فما هو المقياس إذن؟ هكذا سؤالًا في صلب نظريته، فأجاب ماركس: "تقدير كمية معينة من العمل الماهر بما يساويها من العمل غير الماهر يتم في الواقع بحكم العادة من وراء ظهور المنتجين!" هكذا عبارةً اختلف فيها نقاد الماركسية، وأتباع الماركسية، وقال فيها أحد أساطين الاقتصاد كالدكتور جلال أمين إنها "عبارة غامضة"!

    قد علمنا أن الغموض والتمويه على المتلقي هو حيلة العاجز حتى يتمكن، والجاهل حتى يتعلم، أو المخادع حتى يحقق مأربًا، لكنّك ترى الدين الإسلامي واضحًا من أولِ يوم ظهوره، يتحدى العرب بأنه نزل بلسانٍ عربيّ مبين، وجاء بجوامع الكلم.


    ****



    لما كتب عباس العقّاد العبقريات، بناها على عدة أمور، من أهمها أنه كان يبحث فيما أسماه "مفتاح الشخصية"، محاولًا أن يجعل لكل من كتب عنه من الصحابة مفتاحًا لشخصيته، ومن خلال هذا المفتاح يحاول النفوذ إلى ما يؤثر في هذه الشخصية، يقول العقاد: (إن مفتاح الشخصية هو الأداة الصغيرة التي تفتح لنا أبوابها، وتنفذ بنا وراء أسوارها وجدرانها، وهو كمفتاح البيت في كثير من المشابه والأغراض، فيكون البيت كالحصن المغلق، ما لم تكن معك هذه الأداة الصغيرة ... وكذلك مفتاح الشخصية ليس بوصفٍ لها ولا بتمثيل لخصائصها ومزاياها، ولكنه أداة تنفذ بك إلى دخائلها ولا تزيد) ... وعجز العقاد أن يقول قولًا مقنِعًا في شخص رسول الله الكريم، كيف استجاب دعوته هؤلاء الأصحاب على اختلاف طبائعهم وصفاتهم!؟

    وحين تنظر في شأن الباطل، ترى أنّ المتحزبون لكل باطلٍ تجمعهم صفاتٌ شخصيةٌ متقاربة، ذلك أنّ الانسياق وراء الباطل يكون بسبب هوى النفوس وميولها، بينما اتباع الحق يكون خضوعًا للبرهان الذي يقنع العقل والعاطفة مهما اختلفت الشخصية، وهذا الحق هو الذي جمع أبا بكر مع عثمان، وعمر مع أبي ذر، والزبير مع سلمان، وأبو هريرة مع ابن عباس، وخالد بن الوليد مع مصعب .....

    قال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم: (فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ * وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).


    ****



    لم يأتِ الإسلام بمثاليةٍ خيالية، كمثل أن تؤمر وجوبًا بأن تعطي خدك الأيسر، لمن ضرب خدك الأيمن، وإنما جاء بأحكامٍ واقعيةً قابلة للتنفيذ.

    وتفكّر في قوله تعالى (وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ * إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ)، فانظر إلى هذا التشريع يراعي حبّ الإنسان لأمواله، ولا يأمره بإخراج أمواله كلها، وفي ذات الوقت فإنّك تجد التشريع يصل بك إلى سقف الفضيلة الذي يمكن لجنس البشر تحصيله، فيفرض عليك الزكاة إن توفرت فيك شروط أدائها، وما أغلق الباب أمام أهل الفضل، فقد شرع لهم الصدقة، من غير منٍّ ولا أذى، فانظر إلى شرعٍ لا يصل إلى أنانية الرأسمالية، ولا خيالية الشيوعية، ويلبي في ما زين للإنسان من شهوة وغريزة، ويحقق له ما يطمح إليه من فضيلة!


    ****



    ثمّ إنك يا مماجد .. ترى أنّ هذا الدين لم يقف عند حدود المعاملات البشرية، بل عالجت نصوصه خطرات النفس البشرية، وحاربت وساوس الشيطان لها.

    وتأمل قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ) .. فلقد وقفتُ أمام هذه الآية طويلًا .. إنها آية تعالج النفس البشرية من الداخل .. تصف خاطرًا يمر بالمتقين .. فيمسهم الشيطان بوسوسة .. يفكرون فيها لحظة .. وفي نُقلة سريعة يتذكرون .. فإذا هم مبصرون ما هم فيه من تفكير في معصية .. فانبتهوا فاستعاذوا وتركوا المعصية!

    فكيف يكون القرآن من افتراء بشرٍ وهو يقف على هذه الخطرات الإنسانية التي لا يعرفها إلا المتقون؟! كيف يستطيع كذاب أن يصف شعورًا لا يعرفه إلا الصالحون؟! هذا كلامُ من يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ولا بد!


    ****



    إنّ المباهاة بتمام الدين ينبغي أن تُعطَى حظها من الفكر، فكيف يجرؤ بشرٌ على أن يجزم بتمام فلسفته التي يطرحها للناس؟! كيف يجرؤ على ذلك وهو يعلم أنّه كلَّ يومٍ يظهر له جديد، وهو يعلم أنّ ما اعتبره بالأمس يقينًا تبين له أنّه ظنٌّ لا أصل له، كيف يزعم التمام وهو يعلم أنّه بشرٌ يخطئ ويصيب، ويحتاج للتعديل والتنقيح؟!

    وهذه الثقة التي نستمدها من الإيمان بقوله تعالى (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)، وقوله صلى الله عليه وسلم (ما بقي من شيء يقرب من الجنة ويباعد من النار إلا وقد بين لكم)، إنّ هذه الثقة تنبع من إيماننا بربانية مصدر هذا الدين، فكيف يدعون أنّ النبي صلى الله عليه وسلم امتلك هذه الثقة وهو كذاب؟!

    ونحن نعلم من أهل الديانات الباطلة، وأصحاب الفلسفات الوضعية، أنهم يتركون الباب مواربًا، والفرصة سانحة للإضافة إن انتبهوا إلى مشكلة، أو وقع بصرهم على واقعة .. وفي مقابل ذلك علمنا أنّ الدين الذي يعلن أتباعه أنه تم، ويعجز أعداؤه عن إظهار نقصه، أو الوصول إلى نقضه، إنّ هذا الدين لا يكون إلا دين الحق!


    ****



    وإذ نثق في تمام الدين، فإننا لا نقول إنه متخصص في فرعٍ من العلم، أو يعالج مشكلةً بعينها دون غيرها، بل نقول إنّ هذا الدين يعالج كل مشاكل الحياة، وفيه فكاك أسر العالم من المشكلة الاقتصادية لو حرموا ما جاء بتحريمه من الربا، وشرعوا ما جاء بإيجابه من الزكاة، واستنوا بما جاء به من الصدقة والقرض الحسن وهو مؤمنون، وفيه رفع الطغيان في العالم، بتحريم البغي، وإيجاب العدل، واختيار القوي الذي يصلح، وفيه تحقيق العدالة الاجتماعية وغير ذلك من مشكلات الحياة ومجالات الحياة الإنسانية!


    ****



    ولو أنّك قابلت فيلسوفًا يسعى لوضع فلسفة شاملة، لوجدته يقع أسيرًا لغاية الشمول هذه، فيقع جراء ذلك في السفاسف وفي التفريعات البعيدة، تلك التي وقع فيها جلّ الفلاسفة، حتى خاضوا في كنه العقل والنفس وحد العلم، وغيرها من أمورٍ كانت واضحة، فلما خاضوا فيها التبست على الناس، أو تلك التي وقع فيها كتّاب الأناجيل، فأخذوا يذكرون الأنساب الكاملة –واختلفوا فيها-، ويذكرون أماكن البلاد وموقعها في العالم، حتى ذكروا أنواع الشجر وأخبار الزناة، وغير ذلك من أمورٍ خلعتها على النص المحرف طبيعة القصاصين والمسترسلين!

    وإذ لم يكن النبي محمد صلى الله عليه وسلم فيلسوفًا، وإنما كان رسولًا أمينًا يبلغ ما أوحاه إليه ربه، فإنّ الإسلام لم يقع في شيءٍ من تلك السفسطات، أو تلك التفاصيل التي لا تفيد، فكان القَصَص أحسنَ القَصَص، والأمثال حكمةً لأولي الألباب، وسرد الأحداث بيانًا للدروس والعبر، والعقائد أسهل العقائد وأبسطها، وأقربها إلى ذهن العامي وأوضحها.


    ****



    الإسلام هو الدين الوحيد الذي يقدّم للإنسان عقيدة شاملةً من خلال التوحيد، فهو الدين الوحيد الذي يقدم لك تفسيرًا لدعوة الرسل، وظهور الدجالين، وغواية الغاوين من خلال التوحيد، الدين الوحيد الذي يربط بين البلاء والثواب، والفساد والعقاب، وأفعال العباد ومشيئة الخالق من خلال التوحيد ... ليس فيه إلهٌ للخير وإلهٌ للشر .. ولا يقول بأفعالٍ يخلقها البشر .. ولا يقول بالجبر .. وغير ذلك من أمورٍ وقع فيها الفلاسفة والمخرفون لما اتكلوا على عقولهم في تناول هذه القضايا الكبرى!


    ****



    فنتج مما سبق سؤالٌ أطالبك جوابه بما طالبتني به من منطقية:

    أهذا الدين بما تميز به من ثباتٍ، مع مناسبة لكافة طباع البشر، وشموليةٍ لما فيه صلاح البشر، مع جزمٍ بالتمام، دون وقوعٍ في السفاسف والشطحات، كلّ ذلك في نصوصٍ مُبينةٍ وآياتٍ واضحات، واعتبارٍ لطبيعة النفس البشرية في غير مثاليةٍ لا تقوم إلا في الخيال، مع تشريعٍ يرفع النفس البشرية إلى سقف ما يمكن لها من كمال، بل ومعالجةٍ لما يعرض للنفس البشرية من خطرات الشيطان، وأول هذا وآخره بناء عقيدةٍ كاملةٍ على التوحيد .. أهذا يكون من فعل بشر؟! ترى كم يبذل إنسان من عمره ليأتي بمثل هذا؟! ترى كم بذلت جماعاتٌ وجامعاتٌ وقتها والأموال لنقض هذا فما استطاعوا؟! كم أنفقوا ليأتوا بمثله فما أتوا بشيءٍ ولو معشاره!؟


    قد علمتَ في الرد السابق النبي صلى الله عليه وسلم وقد كان صادقًا أمينًا، عجز مخالفوه عن وصفه إلا أن يقروا له بالنبوة والرسالة، وعلمتَ في هذا المرة خصائص الدين التي لا يستطيع بشرٌ أن يأتي بمذهبٍ يتصف بمثلها أبدًا، فقد بقي لك من حقك مشاركة تعلم فيها أنّ هذا الصادق الأمين، الذي جاء بهذا الدين، تحداهم بالقرآن الكريم، فعجزوا عن الإتيان بسورةٍ من مثله!

    وهكذا تقف مضطرًّا للإسلام بين حلقتين محكمتين من الأدلة
    ..

    الحلقة الأولى تجدها فيما سبق واتفقنا عليه: (إنّ هذا الرب الحكيم الرحيم العليم الذي هيأ لك كوكب الأرض، فناسب مقومات حياتك، ومتطلبات الترف والرفاهية، قد بين لك ما يكون به راحة عقلك ونفسك وروحك، فأرسل الرسل يدعون الناس لعبادة الخالق سبحانه، وأنزل الكتب فيها بيان الحقائق، ووضع الشرائع فيها مصالح العباد، فلو تأملتَ في ذلك لاطمأنّ قلبُك أن خالق الكون قد دلّك على مواضع الهداية، وأنزل لك دينًا هو دين الحق، وحيث إن الإسلام هو الدين الوحيد الذي يصلح أن يكون دين الحق كما سبق واتفقنا، فإنّ العاقل الأريب يطمئن قلبه للإسلام، ثم يأخذ في البحث والاستزادة من المعرفة بعد أن يدخل فيه).

    والحلقة الثانية فيما سبق واتفقنا عليه: ما اشترطناه من صدق الرسول وأخلاقه الحسنة، مع دينٍ يصلح المجتمع، وآية يعجز الإنس والجن عن الإتيان بمثلها، حتى نصدق أنه رسول من رب العالمين!

    بقيت لك في ذمتي مشاركةٌ فأكون قد وفيتك حقك .. ولكنّ هذا الذي مضى ينبغي أن يدفعك أنّ تتوجه بالشكر لربك .. فإنّ توحيد الله حق الله على عباده .. وشكر المحسن شيمة النبلاء .. والحياء من المنعم فضيلة المنصفين .. والعهد بالنبلاء أن يؤدوا ما عليهم .. فهلا أسلمت لربي وربك؟!

    ولأني على سفرٍ بعد غد إن شاء الله، ولا أدري أيسمح وقتي بكتابة الرد المتبقي هذا الأسبوع، فإليك هذا الموضوع تقرأ فيه حتى أوافيك بتمام الرد.. وهو حوارٌ مع الأخ أبي الحكم قبل إسلامه .. ولله وحده الحمد والمنة .. فهو الذي أنزل الحق وأقام عليه البراهين!


    لا أعلم هويتي؟؟؟

    وفقك الله لما فيه صلاح دنياك وأخراك!
    فردّ مماجد:

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مماجد مشاهدة المشاركة
    اخي حسام الدين حامد اذا كنت مشغول وسوف تسافر اتمنى ان تحيلين إلى شخص اخر في نفس ثقلك وموسوعتك اخي الفاضل

    مستني الرد
    فأجابه العزيز مجرد إنسان:

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مجرّد إنسان مشاهدة المشاركة
    الزميل الكريم: أعطِ لنفسك وقتاً لقراءة الرابط الذي أشار به الدكتور حسام.....ستستفيد كثيرا
    فردّ مماجد:

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مماجد مشاهدة المشاركة
    شكراً لك اخي الفاضل لقد انهيت قرائتها لاكن الاخ حسام الدين حامد ملء نصف الكأس ولم يملء الباقي اخي انت نسفت الإلحاد عن بكرت ابيه وارشدتني على الخطاء لاكن ما الذي يثبت لي ان الإسلام هو الحق علماً انك ذكرت تاريخ الرسول وليكن في علمك ان المنتصر هو من يكتب التاريخ فلو كان القادات العظام مثلاً كشخصيه بارزه (هتلر) بحكمه انه شخص ممجد للكنايس ومحب للخير لالمانيا إلى انه مبغوض من الشعب الالماني لانه هزم ولو انه انتصر لاصبح القائد العظيم في المانيا وهناك شخصيات كثيره ربما انك تعرفها اكثر مني

    واشكرك اخي جداً على اسلوبك الراقي وفعلاً كلماتك استشعر فيها الحلاوه
    خذ وقتك اذا كنت مشغول اخي الفاضل لاكن اتمنى ان تجيبني فور تواجدك
    فأجابه العزيز مجرد إنسان:

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مجرّد إنسان مشاهدة المشاركة
    زميلي الفاضل....


    حتى يأتي الدكتور حسام...أحب أن أشير (إشارة سريعة) على الإجابة....


    أولا: إن مقولة: (التاريخ يكتبه المنتصرون) ليست صحيحة على إطلاقها....وفيها إغفالٌ للعناصر غير المسلمة التي كانت تحضر وتشاهد وتعاين كلّ أحداث السيرة وجميع التفاصيل التاريخيّة....خذ عند أهل الكتاب...والأعراب الذين كانوا يفدون على المدينة...فضلاً عن الوفود المختلفة....وقريش المعادية....والمنافقين في المدينة...أكانت كل تلك الأطراف المذكورة تسكت عن الزيف التاريخي الكبير وهي التي ما تركت فرصةً تتيح لها الطعن في نبوّته والتشكيك في رسالته إلا ووجلت فيه؟؟؟

    إن الهمم كانت متوافرة طيلة ثلاثة وعشرين سنة في الطعن بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم...وإثبات كذبه وتنفير الناس عنه...
    فلو كانوا قادرين على ذلك لفعلوه من زمن بعيد..ولما لجؤوا إلى الطريق الأصعب عن طريق المواجهة العسكريّة...

    ثانيا: أريد منك أنت أن تُفكّر في هذا الاعتراض الذي قدّمته (التاريخ يكتبه المنتصرون)...وتسأل نفسك: هل يكون في اعتبار أن السيرة النبويّة كلّها زيف تاريخي (وهذا لا يمكن لأن سنن الله ألا تختفي الحقيقة كلّها خصوصاً إذا كانت بمثل هذا الحجم)...هل يستطيع مثل هذا الافتراض تفسير التاريخ الإسلامي؟؟؟ والمعجزات النبوية؟؟؟ والإقبال على الإسلام؟؟؟؟


    بمعنى: هل يمكن لهذه النظرة أن تكون منطلقاً منسجماً يفسّر كلّ شيء؟؟؟


    أترك الإجابة لك




    ولي أن أقول لك:


    إن الناس يميزون بين الصادق والمدعى فى المهن والحرف كالحائك والصائغ والطبيب فكيف بمن ادعى مقام النبوة فإنه لابد لمقام النبوة من معارف وقدرات وامكانات تؤهل النبى للقيام بهذا الدور ولذا يسهل التمييز بين المدعى والصادق فى ذلك وقد أشار كارليل أيضا إلى ذلك بقوله : "هل رأيتم قط .. أن رجلاً كاذبًا يستطيع أن يوجد دينًا عجبًا.. إنه لا يقدر أن يبني بيتًا من الطوب! فهو إذًا لم يكن عليمًا بخصائص الجير والجص والتراب وما شاكل ذلك فما ذلك الذي يبنيه ببيت وإنما هو تل من الأنقاض وكثيب من أخلاط المواد، وليس جديرًا أن يبقى على دعائمه اثني عشر قرنًا يسكنه مائتا مليون من الأنفس، ولكنه جدير أن تنهار أركانه فينهدم فكأنه لم يكن".

    ثم يا مماجد:

    أتتصوّر أن الله سبحانه وتعالى برحمته التي وسعت كلّ شيء...والتي تشمل رحمته بعبادته...وبحكمته...وبصفته "الهادي" والتي تقتضي إرادة الهداية للخلق...

    أتتصوّر أنه يرى بشراً يكذب عليه...ويفتري عليه..وأنت تعلم أن ذلك من أعظم الظلم الذي ليس بعده ظلم...أتتصوّر أن يتركه ليضل الناس بغير علم...ويفتري على الله كذبا...طيلة ثلاث وعشرين سنة...دون أن يقصم ظهره...ويجعله عبرةً لمن يعتبر؟؟

    انظر مبلغ التهديد الوارد في قوله تعالى : {وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَا تُؤْمِنُونَ وَلا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ}

    قال العلامة الطاهر بن عاشور : (لأن الله لا يمهل الكاذب عليه ، ولأنه إذا جاءكم بخوارق العادات فقد تبين صدقه لأن الله لا يَخرق العادة بعد تحدي المتحدّي بها إلاّ ليجعلها أمارة على أنه مرسَل منه لأن تصديق الكاذب محال على الله تعالى)


    ويقول الإمام ابن القيم في تفسيره : (أفلا تراه كيف يخبر سبحانه أن كماله وحكمته وقدرته تأبى أن يقر من تقول عليه بعض الأقاويل بل لا بد أن يجعله عبرة لعباده كما جرت بذلك سنته في المتقولين عليه)


    ويقول الإمام ابن كثير : (قول تعالى: { وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا } أي: محمد صلى الله عليه وسلم لو كان كما يزعمون مفتريا علينا، فزاد في الرسالة أو نقص منها، أو قال شيئا من عنده فنسبه إلينا، وليس كذلك، لعاجلناه بالعقوبة)


    وكذلك قوله تعالى : { أم يقولون افترى على الله كذبا فإن يشأ الله يختم على قلبك ويمح الله الباطل ويحق الحق بكلماته إنه عليم بذات الصدور (24)}

    يقول العلامة ابن عاشور : (وتقديرُ المفرع هكذا : فكيف يَكون الافتراء منك على الله والله لا يُقِر أحداً أن يكذب عليه فلو شاء لختم على قلبك ، أي سلبك العقل الذي يفكر في الكذب فتفحم عن الكلام فلا تستطيع أن تتقول عليه ، أي وليس ثمة حائل يحول دون مشيئة الله ذلك لو افتريت عليه ، فيكون الشرط كناية عن انتفاء الافتراء لأن الله لا يقرّ من يكذب عليه كلاماً ، فحصل بهذا النظم إيجاز بديع)

    ويقول الشيخ السعدي في تفسيره : (يعني أم يقول المكذبون للرسول صلى الله عليه وسلم جرأة منهم وكذبا: { افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا } فرموك بأشنع الأمور وأقبحها، وهو الافتراء على الله بادعاء النبوة والنسبة إلى الله ما هو بريء منه، وهم يعلمون صدقك وأمانتك، فكيف يتجرأون على هذا الكذب الصراح؟

    بل تجرأوا بذلك على الله تعالى، فإنه قدح في الله، حيث مكنك من هذه الدعوة العظيمة، المتضمنة -على موجب زعمهم- أكبر الفساد في الأرض، حيث مكنه الله من التصريح بالدعوة، ثم بنسبتها إليه، ثم يؤيده بالمعجزات الظاهرات، والأدلة القاهرات، والنصر المبين، والاستيلاء على من خالفه، وهو تعالى قادر على حسم هذه الدعوة من أصلها ومادتها، وهو أن يختم على قلب الرسول صلى الله عليه وسلم فلا يعي شيئا ولا يدخل إليه خير، وإذا ختم على قلبه انحسم الأمر كله وانقطع.

    فهذا دليل قاطع على صحة ما جاء به الرسول، وأقوى شهادة من الله له على ما قال، ولا يوجد شهادة أعظم منها ولا أكبر، ولهذا من حكمته ورحمته، وسنته الجارية، أنه يمحو الباطل ويزيله، وإن كان له صولة في بعض الأوقات، فإن عاقبته الاضمحلال.)

    وانظر إلى التهديد الشديد الوارد في قول الحق تبارك وتعالى : { ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملآئكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون (93) } الأنعام
    فأجبتُه:

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حسام الدين حامد مشاهدة المشاركة
    بالنسبة لمسألة "التاريخ يكتبه المنتصر" .. إن كان هذا هو ما يمنعك من اتباع الحق بعدما تبين .. فهاك جواب هذه النقطة التي طرحتها مرتين ..

    إن طرح الملاحدة لمسألة أن التاريخ يكتبه المنتصر .. في مقابل الأدلة المتتابعة التي يطرحها المسلمون .. هذا الطرح ما هو إلا حيلة العاجز! فإنك ترى أنّ هذا القول "التاريخ يكتبه المنتصر" مجرد دعوى تحتاج للدليل، فنسأل بدايةً ما الدليل على أنّ التاريخ الإسلامي قد زُيّف كله فلم يبق منه شيء؟! إن ما يوردونه هو مجرد احتمال بعيد، وإيراد الاحتمال استدلالًا به ليس من العلم في شيء، بل العلم يكون بإثبات أن المنتصر حرّف التاريخ بالفعل، لا أن المنتصر "قد" يحرف التاريخ، فهذه "القدقدة" يستطيعها كل أحد، ويمكن أن نقول، قد تكون مخدوعًا في نتائج العلم الحديث، قد تكون مخدوعًا – أيها الملحد – في أنك ابن أبيك الذي نسبت إليه، فجوابه على هذه "القدقدة" هو جوابنا أيها الزميل، وهو أن مجرد الاحتمال لا يقوم به علم!

    ثانيًا: إنّ كل ما يورده المعترض من أمثلة نجد فيه ذاته الرد عليه، ولنأخذ مثلًا ما ذكرته عن هتلر، فإنّ هتلر رغم ما اشتهر عنه من منفرات، وما عملته الآلة الإعلامية اليهودية في تشويه صورته، وما عملوه من أفلام سينمائية سخرية منه، وقد ساهم شارل شابلن الممثل الساخر الصامت في هذا بفيلم "الديكتاتور العظيم"، رغم كل هذا فإن التاريخ لم يخلُ من ذكرٍ لمحاسن لهتلر، ولم يخل من منتصرين له، ولم يخل من كاتبين يمجدونه، وبين هذا وذاك يعمل الناقد في استخراج الحقيقة.

    ثالثًا: إننا نقول إنّه لو كان التاريخ يكتبه المنتصر، فلماذا لم يغير اليهود ما يظهر بطلان دينهم ويأخذه عليهم أعداؤهم في كتبهم؟؟ لماذا لم ينسب البوذيون لبوذا تاريخًا يجعله ملهمًا لا باحثًا يظل سنين يبحث عن الحقيقة؟؟ لماذا عجز القاديانيون عن إخفاء النبوءات الفاشلة لميرزاهم واكتفوا بمحاولات ساذجة لتبريرها؟؟ لمَ لم تكتب الكنيسة في العصور الوسطى في أوربا تاريخ النصرانية من جديد!؟ لماذا لم تستطع الكنيسة أن يمنع ما كان يكتبه فولتير وجاليليو وغيرهم تحت أسماء مستعارة؟؟ لماذا لم تستطع الكنيسة تزوير التاريخ والحقائق رغم ما كانت تستعمله من وسائل قهر وتعذيب ونفي وسجن وقهر؟! لماذا لم يتغير التاريخ تمامًا في أيّ من هذه الأحوال، وظل الباطل مدحورًا والعلم ظاهرًا؟؟ ثم لماذا نرى أن التاريخ لا يحرّف كلية في أي من هذه الأحوال ثم يزعمون أنه تغير كلية في الإسلام؟!

    رابعًا: وهذه قاصمة الظهر لهؤلاء المبطلين، أنني لم أستند في هذا لشيءٍ من التاريخ المحض، بل قلتُ لك بوضوح أنه من حقنا أن نرى مثل ما رأى هؤلاء الأولون من أدلة الحق، لا أن يكون دليل الحق مجرد تاريخ، ولذلك كنت أود أن تدقق النظر فيما سبق، فستجد أن قولنا يستحيل ثم يستحيل أن يتوجه إليه قول القائل "التاريخ يكتبه المنتصر"!

    ألم تقرأ قول الحافظ ابن حجر في شرح كلام الرسول صلى الله عليه وسلم (وزعم كثير من أهل التشريح أن مني الرجل لا أثر له في الولد إلا في عقده وأنه إنما يتكون من دم الحيض، وأحاديث الباب تبطل ذلك)، فكلام الرسول صلى الله عليه وسلم كان مخالفًا لكلام أهل التشريح في عصر ابن حجر رحمه الله، فلو حرّف المسلمون التاريخ لكانوا جعلوا كلام رسولهم موافقًا لأهل التشريح لا مخالفًا، ثم تمضي الأيام ويثبت خطأ كلام أهل التشريح، ويثبت أن الصواب والموافق للواقع هو ما ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    وهاهي الشريعة الإسلامية أمامنا، ونصوصها أمامنا، ومنها نستنتج خصائص هذه الشريعة من الوضوح، والثبات ومناسبة كافة البشر وشموله لما فيه صلاح البشر، ونهيه عن الخوض في السفاسف والشطحات، مع اعتبارٍٍ لطبيعة النفس البشرية في غير مثاليةٍ لا تقوم إلا في الخيال، مع تشريعٍ يرفع النفس البشرية إلى سقف ما يمكن لها من كمال، بل ومعالجةٍ لما يعرض للنفس البشرية من خطرات الشيطان، وأول هذا وآخره بناء عقيدةٍ كاملةٍ على التوحيد .. فهذا نراه أمامنا دون خوضٍ في شيء من التاريخ يا مماجد، هذا هو الشرع الذي بين أيدينا، والذي عجز الكافرون أن ينسبوا منه شيئًا للباطل، أو أن يأتوا بمثله، وهاهم يضعون الاشتراكية ويعملون بها حتى تفضي بهم إلى خراب، ويعملون برأسمالية ويصبرون على ما لها من ضحايا حتى انتهت بهم إلى الأزمات .. بينما عمل الخلفاء بالتشريع الإسلامي فلم يُنقل لنا أن شرع الله أفضى بالدولة العباسية أو الأموية أو العثمانية إلى أزمة احتاجوا معها إلى الاشتراكية أو الرأسمالية .. وقس على هذا في شؤون الاجتماع والأسرة وغير ذلك ...

    وقد نظرنا إلى شخص الرسول الكريم، فوجدناه يوحي إليه "غلبت الروم في أدنى الأرض * وهم من بعد غلبهم سيغلبون * في بضع سنين"، ووجدناه يقول في الساعة "ما المسؤول عنها بأعلم من السائل"، ووجدناه يبلغ ما قالت الصديقة رضي الله عنها أنه لو كان كاتمًا شيئًا من الوحي لكتمه، وهكذا .... فالمسألة ليست مسألة التاريخ يكتبه المنتصر، بل نحن نقول إن المنتصر الكذاب الدجال لو كان هو الذي كتب التاريخ، لكان كتبه على خلاف هذه الصورة .. ثم نقول إنّ هذا الشرع الذي وصلنا يعجز المستشرقون إلى يومنا هذا عن تفسيره إلا أن يقروا بالرسالة والنبوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولذلك فالمنصفون منهم مثل دينيه وموريس بوكاي وعبد الكريم جرمانوس وغيرهم قد أسلموا بعد دراستهم الإسلام، أما غير المنصفين من المستشرقين فمازالوا يأتون بما يضحك الباحثين، فيردون ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم إلى التنويم الذاتي والخواطر المتهيجة والصرع وغيرها من المضحكات!!

    فلو أنك تأملت قليلًا – وعهدي بك لبيبًا منصفًا – لعلمتَ أن مقولة "التاريخ يكتبه المنتصر" لا تتوجه إلينا بشيء، بل بالعكس نحن نلزمهم بها، ويعجزون عن جوابنا، ونحن فوق ذلك نستدل با هو حاضر مشاهد وليس من التاريخ وحسب!

    وشعرت أن مماجد ليست مشكلته في الأدلة، وقد صدق ظني فهاهو يطرح لنا الأدلة بنفسه، ورغم ذلك لا يسلم لربه ولا يتقي الله، فراسلته أحثه على التعجيل بالإسلام أن يبغته الموت، فراسلني ببعض الشبهات، وأجبته عليها، ومن يومها لم يردنا من مماجد رد، ثم خرج علينا بهذا الموضوع، وأنا والله أسيف حزين على هذه الحال، أن يطرح أحدهم دلالات ولا ينساق لها، وماذا تنتظر منّا؟!! أن نشكرك على إنصافك؟! لا والله! حتى تنصف نفسك، وتسلم لربك! والسلام على من اتبع الهدى!
    " أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ "
    صفحتي على الفيسبوك - صفحتي على تويتر.

  6. #21

    افتراضي

    البعض يعاني من الفراغ أكثر من معاناته من وجود استشكالات حقيقية ..
    اذا كنت على مفترق طرق،
    فاستفت قلبك،
    وإن افتوك

  7. #22
    تاريخ التسجيل
    Jan 2010
    المشاركات
    903
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    الدكتور حسام
    اسأل ان يجعل ما وهبك من نعمة زادا لك في آخرتك ويجنبك شرور النفس وغرورها ، لقد احسنت واجدت .
    حفظك الله ورعاك وجعل الجنة مثواك .
    ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً -- ويأتيك بالأخبار من لم تزودِ

  8. #23

    افتراضي

    أكثر من رائع, أقترح على الزميل المحترم مماجد, أن يستمر هنا في الحوار مع أستاذنا الفاضل حسام الدين حامد لأنه حوار شيق.
    ما رأي مماجد؟؟
    الفلسفة الإنسانية أو علمنة الفلسفة و العلم وراء الكارثة الحديثة التي تسبب اللاوعي و الإحباط كنتيجة للصراع بين المتناقضات, فعلى سبيل المثال لا الحصر, تصور الحياة على أنها عبثية -أو نتيجة عملية عبثية- من جهة, و من جهة ثانية إبعاد صفة العبث عن هذا التصور و عن أي محاولة فلسفية فكرية متتالية في إثبات هذا التصور!!

  9. #24
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    الدولة
    الكويت
    المشاركات
    3,251
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    مشاركات الأخ حسام الدين حامد الرائعة تجعلني أتحسّر على الحوارات الخاصة التي تزخر بهذه الدرر النفيسة و لا مجال لنا لقرائتها.
    {قل هو الرحمن آمنا به وعليه توكلنا، فستعلمون من هو في ضلال مبين}


  10. #25
    تاريخ التسجيل
    Jan 2010
    المشاركات
    903
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أمَة الرحمن مشاهدة المشاركة
    مشاركات الأخ حسام الدين حامد الرائعة تجعلني أتحسّر على الحوارات الخاصة التي تزخر بهذه الدرر النفيسة و لا مجال لنا لقرائتها.

    فعلا كما تقولين تماما ، لذا نرجو من الادارة ان تفرد موضوعا مستقلا بعنوان ( مختارات من حوارت القسم الخاص ) تنشر لنا كل الدرر التي دارت خلف الكواليس .
    اتمنى ذلك .
    ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً -- ويأتيك بالأخبار من لم تزودِ

  11. #26
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    الدولة
    الكويت
    المشاركات
    3,251
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    فعلا كما تقولين تماما ، لذا نرجو من الادارة ان تفرد موضوعا مستقلا بعنوان ( مختارات من حوارت القسم الخاص ) تنشر لنا كل الدرر التي دارت خلف الكواليس .
    اتمنى ذلك .
    أضم صوتي إلى صوتك.

    ربما من الأفضل أن نضع موضوعاً مستقلاً في قسم الإقتراحات، و نرى رأي الإدارة فيه.
    {قل هو الرحمن آمنا به وعليه توكلنا، فستعلمون من هو في ضلال مبين}


  12. افتراضي

    للرفع
    جزاكم الله خيراَ

صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. من يثبت لى نبوة محمد ؟
    بواسطة أبو مريم في المنتدى قسم الحوار عن الإسلام
    مشاركات: 137
    آخر مشاركة: 11-06-2012, 08:14 PM
  2. نبوة محمد بين الشك واليقين
    بواسطة ~فيصل~ في المنتدى المكتبة
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 06-11-2011, 03:12 AM

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء