الزميل مماجد .. أحسنتَ وأجدت الجواب كما العهد بك.
فإنّ هذا الرب الحكيم، الذي هيأ لك كوكب الأرض، وهو كوكبٌ جامدٌ لا يفهم من احتياجات الإنسان شيئًا، ولا يخضع للتطور ولا يلبي نداء الإنسان، فإنك لو ذهبتَ لجبلٍ وعشت في كهفه ألف عام، فلن تجد يومًا أن الصخر يخاطبك ليؤنس وحشتك، أو يتحول –إرضاء لك- لطبيعة رملية أو طينية تزرع فيها الفواكه ..
ومن عجبٍِ - يا زميل – أن
تطلبَ الماء
فتجده حاضرًا ولو لساكني الصحراء، و
تطلبَ الطعامَ
فتجد الأنعام لحمها سائغًا،
والأسماك لحمها طريًّا طيبًا،
والحدائق ثمرها حلوًا شهيًّا، و
تطلب التنفس
فتجد الأكسجين يكفيك ويكفي العالمين في الغلاف الجوي،
وتطلب الأُنس
فتجد غيرك من بني جنسك من الإنسان، يتكلمون بنفس لغتك ويفهمون قولك وتحتكمون إلى مرجعٍ واحدٍ في النقاش، و
تطلب الذريةَ والسكن
فتجد من بني جنسك أزواجًا خلقهم الله لتسكن إليهن وجعل بينكم مودةً ورحمة،
تطلب كل هذا
فتجده على هذا
الكوكب الصخري، ثم
تطلب معرفة خالقك
فيزعم زاعمٌ أنه ليس ثمّ جواب!
تطلب عقيدةً تركن إليها وتطمئن بها
فيزعم زاعمٌ أن هذا غير متاح!
إنّ هذا الرب الحكيم الرحيم العليم الذي هيأ لك كوكب الأرض، فناسب مقومات حياتك، ومتطلبات الترف والرفاهية، قد بين لك ما يكون به راحة عقلك ونفسك وروحك، فأرسل الرسل يدعون الناس لعبادة الخالق سبحانه، وأنزل الكتب فيها بيان الحقائق، ووضع الشرائع فيها مصالح العباد.
فلو تأملتَ في ذلك لاطمأنّ قلبُك أن خالق الكون قد دلّك على مواضع الهداية، وأنزل لك دينًا هو دين الحق، وحيث إن الإسلام هو الدين الوحيد الذي يصلح أن يكون دين الحق كما سبق واتفقنا،
فإنّ العاقل الأريب يطمئن قلبه للإسلام،
ثم يأخذ في البحث والاستزادة من المعرفة بعد أن يدخل فيه.
وهكذا أيها الزميل .. نكون قد قطعنا
ثلثي الطريق ..
وهي كفيلة – لو تأملتَها – أن تسلم لربك مطمئنًا، ولكن أزيدك ما تسكن به نفسك، ويطمئن إليه قلبك، ويركن إليه عقلك، فهاك الثلث الباقي .. فإنه حقك!
****
(وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ)!
لن أنقل لك حديثَ المسلمين عن صدق الرسول الأمين، فإنك ستقول إنها شهادة المحب لحبيبه، وهي شهادة لا تسلم من جرح، فأبدأ لك بشهادة الأعداء،
ثم أثني بعودةٍ لشهادة الأصحاب والزوجات!
****
إنّ كفّار قريش لما قابلوا دعوة النبي صلى الله عليه وسلم، كانوا مضطرين لمواجهتها بالطعن في شخص الرسول الكريم، فماذا يقولون؟!
لعلك سمعتَ عن غلام قاديان الذي ادعى النبوة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنّ هذا الغلام عندما ادعى النبوة قابله الناس
بجوابٍ واحد، مازالوا يرددونه إلى يومنا هذا،
قالوا إنه كــــذاب، لم يحتاروا في أمره،
فهو كذابٌ مخادع، وأتباعه مخدوعون،
وانتهى الأمر!
فهل كان الأمر كذلك مع كفار قريش؟!
****
لو كان النبي صلى الله عليه وسلم يُعرف بالكذب عندهم، أو حتى جاءهم بما يقدرُ الكذّاب على الإتيان بمثله، لردّت قريش دعوتَه بذلك وقالوا كذاب، وانتهى الأمر .. أليس كذلك؟!
لقد وقفت قريش
في حيرةٍ من أمرها، فهم يعرفون أنّ النبي صلى الله عليه وسلم صادق أمين،
وحتّى لو قالوا إنّه كذاب
فقد بقي أمامهم أسئلة لازمة لا يستطيعون جوابها:
كيف يأتي كذابٌ بهذا القرآن الذي عجزوا عن الإتيان بمثله؟!
كيف يصيب هذا الأثر في نفوس الناس؟!
وكيف يخبر عن الأمم السابقة والأحداث الآتية صادقًا؟!
وكيف يصر كذابٌ على مخالفة قومه رغم ما عرضوه عليه من المال والجاه والسلطان؟!
وكيف يعرف هذه الأمور وهو الأمي الذي لا يقرأ ولا يكتب، واليتيم الذي لم يلقنه والدٌ وما وكل به معلم؟!
أسئلة كثيرة لا بد منها، وفيما يأتي أضعافها، فإنّ تبين لنا أنّ الكفار عجزوا عن الجواب عن هذه الأسئلة، من أول يوم للبعثة وإلى يومنا هذا، تبين لنا صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإليك التفصيل!
****
إنّ كفار قريش لما زعموا أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قد كذب، كانوا يعلمون أنه لم يُعرف عنه كذبٌ قط .. وقد قال الله تعالى لرسوله (
قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآَيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ)،
وهنا سؤالان لك أن تتأمل في تعثر الكفار في جوابهما:
- هل يسلّي النبي صلى الله عليه وسلم نفسه بالكذب، أيّ هل لو كان كاذبًا - وحاشاه – هل كان ليقول لنفسه "لا تحزن فأنتَ صادق وهم يعلمون عنك أنك صادق" بينما هو يعلم في نفسه أنّه كذاب؟!
- والثاني: لماذا لم يقف المشركون – أو حتى الأصحاب – ليقول أحدهم – ولو بينه وبين نفسه - إنهم كانوا يعرفون عنك الكذب قبل النبوة؟
****
ولو كان الأمر اقتصر على ذلك، لقلنا إنّ معرفة الكفار بصدقه محل شك، لكن يقطع علينا هذا الظنّ، ويمنع هذا الشك ما جاء في صحيح البخاري، إن أبا سفيان
عندما كان كافرًا، وكان هو وجماعةٌ من قومه في تجارة بالشام، دعاهم هرقل وهم بإيلياء إلى مجلسه، وبالمجلس عظماء الروم ودعا بترجمانه، يريد أن يسألهم عن الرجل الذي يزعم أنه نبي، أي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأل عن أقربهم له نسبًا، فكان أبو سفيان، فأجلسه أمامه وأجلس أصحاب أبي سفيان خلفه، وقال لهم: "إني سائلٌ هذا عن هذا الرجل فإن كذبني فكذبوه"، وهو بذلك يريد أن يضع أبا سفيان في مأزق، وبالفعل هذا ما حدث، فقد قال أبو سفيان "فوالله لولا الحياء من أن يأثروا علي كذبًا لكذبت عنه!"، وقد سأل هرقل عدة أسئلة كان منها (
فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟)، فأجاب أبو سفيان إجابة واضحة:
لا، حينئذٍ استدل هرقل فقال: (
وسألتك هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال، فذكرت أن لا، فقد أعرف أنه لم يكن ليذر الكذب على الناس ويكذب على الله)... أليس كذلك؟
ولقد جاءت قريش إلى أبي طالب عمّ النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا : أرأيتَ أحمد يؤذينا في نادينا وفي مسجدنا؟! فانهه عن أذانا!!، فقال أبو طالب: يا عقيل! ائتني بمحمد!، فذهبت فأتيته به فقال: يا ابن أخي! إن بني عمك زعموا أنك تؤذيهم في ناديهم وفي مسجدهم فانته عن ذلك!، فلحظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ببصره إلى السماء وقال : ما أنا بأقدر على أن أدع لكم ذلك على أن تشعلوا لي منها شعلة يعني : الشمس، فقال أبو طالب –
وهو الذي مات كافرًا- :
ما كذب ابن أخي فارجعوا.
****
ثم إن القرآن ينقض مزاعم المشركين، فيردهم إلى ما كانوا يعلمونه، من خلق الرسول الكريم، فإنهم لما ذكروا الكذب والجنون والشعر والكهانة، قال تعالى (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ)، فكان في قوله "
رَسُولٍ كَرِيمٍ" ردٌّ على الاتهام
بالجنون والكذب، فردّهم إلى ما عرفوا عنه قبل النبوة وبعدها، أنه رجلٌ صادقٌ نبيلٌ كريمٌ عاقل، لا يكذب ولا يشبه المجانين، فربما قالوا: إذن هو
شاعر أو كاهن لأنّهم كانوا يعدون الشاعر والكاهن من الكرماء، فردّ عليهم ذلك، (
وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ * وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ)، حينئذٍ لم يبق أمامهم إلا الاعتراف بأن هذا (
تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ)!
****
كثيرًا ما أكرر هذا السؤال، أطالب المتشكك أن يذهب إلى أي دجالٍ في العالم، ويسأله سؤالين: (متى نهاية العالم؟!)، و (متى تهزم روسيا أمريكا؟!)، فأي السؤالين سيجيب؟!
بالتأكيد سيجيب السؤال الأول، فيقول إنّ نهاية العالم ستكون بعد خمسمائة عام مثلًا، ولن يضره ذلك شيئًا، فإنه يعتمد على أنه بعد خمسمائة عام – عندما لا تتحقق نبوءته – سيكون هو مع الأموات!
فلماذا كان الحال مع النبي صلى الله عليه وسلم هو
عكس المتوقع من كل كذاب، فقد أجاب عن السؤال عن الساعة بقوله "ما المسؤول عنها بأعلم من السائل" وقوله "علمها عند ربي"، ولكنه لما سُئل عن هزيمة الفرس للروم، أجاب أن الروم ستغلب في بضع سنين .. لم كان الحال مع الرسول صلى الله عليه وسلم خلاف كل كذاب؟! لن تجد جوابًا منطقيًّا إلا أن تقول إنه الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم!
****
ثمّ إنّ الاتهام بالكذب لا يلزم منه أنّ ما جاء به ليس صحيحًا، فقد أكذب عليك وأقول "أوصاني أبوك أن أخبرك أنه يحبك"، فإن كنتُ كاذبًا في أن أباك أوصاني، فهذا لا يعني أنّ أباك لا يحبك، فهذا الذي زعموا أنّ النبي صلى الله عليه وسلم افتراه على الله، من أين جاء به وقد عجزوا عن الإتيان بمثله، وقد ظل النبي فيهم قبل ذلك فما رأوه يكتب، أو يطوف على المعلمين يتعلم!؟
(
وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ)، (
قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ).
****
وأنت ترى أنك لو كذبتَ
مرةً على شخصٍ
واحد، فأنت تحتاج إلى مجهودٍ عقليٍّ حتى لا تنكشف كذبتك، على الأقل تظل متذكرًا أنك كذبتَ على هذا الشخص بعينه، حتى لا تقول يومًا قولًا يخالف ما كذبتَ، فتخيل أنك كذبت على هذا الشخص
مئات المرات! ما احتمال أن تظل دون أن تنكشف كذبةً من كلامك!؟ فتخيل أنك
تكذب على
كل من حولك من زوجةٍ وولدٍ وأصحابٍ وأعداء، ما احتمال ألا ينكشف كذبك؟!
قال تعالى (
وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا).
****
وتأمل هذه الحجة الظاهرة في قول مؤمن آل فرعون لما كذب قومه موسى عليه السلام: (
أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ).
إنك تستطيع أن تخدع بعض الناس كل الوقت، أو أن تخدع كل الناس بعض الوقت، لكنك أبدًا لن تستطيع أن تخدع كل الناس كل الوقت، إن الكاذب لا يفوز، ما عهدنا ذلك قبل ذلك قط، غلام قاديان كذب ففضح، وانقلب ما تنبأ به فضيحة في حقه، التطوري الذي اخترع إنسان بلتداون كذب فافتضح، النصارى حرفوا كتبهم ففُضحوا، كل كذابٍ يفضح، ويكون كذبه بلاءً عليه، "
وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ".
"
وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ"
وقياسًا، انظر هذه الأحاديث قوله صلى الله عليه وسلم: (بدأ الإسلام غريبًا، وسيعود غريبًا كما بدأ، فطوبى للغرباء!)، وقال (لا تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أمتي بالمشركين، وحتى يعبدوا الأوثان، وإنه سيكون في أمتي ثلاثون كذابون، كلهم يزعم أنه نبي، وأنا خاتم النبيين لا نبي بعدي)، وقال (يوشك أن تداعى عليكم الأمم من كل أفق كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، قالوا: يا رسول الله! أمن قلةٍ بنا يومئذ!، قال: أنتم كثيـــر! ولكن تكونون غثاء كغثاء السيل، ينتزع المهابة من قلوب عدوكم، ويجعل في قلوبكم الوهن، قالوا: وما الوهن، قال: حب الحياة وكراهية الموت)، وقال: (لتنقضن عرى الإسلام عروة عروة، فكلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها، وأولهن نقضًا الحكم، وآخرهن الصلاة)، وقال: (يشرب ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها!) .......... وغير ذلك كثير كثير!
****
إن الأثر الذي أحدثه النبي صلى الله عليه وسلم في قومه، ليس هو أثر كذابٍ بحال، فالمخادع يحاول جذب أغنياء القوم يستقوي بهم، ويبدأ دعوته بالتملق لهؤلاء ومهادنتهم، أما الصادق فإنّ دعوته تصيب أصحابَ القلوب النظيفة، أولئك الذين ليس عندهم شهوة مال أو سلطة أو جاه، تمنعهم من اتباع الحق أول ظهوره.
وهذا الملمح قد سأل عنه هرقل أسئلة ثلاثة:
قال هرقل: فأشراف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم؟
قال أبو سفيان: بل ضعفاؤهم.
قال هرقل: أيزيدون أم ينقصون؟
فأجاب: بل يزيدون.
قال هرقل: فهل يرتد أحد منهم سخطةً لدينه بعد أن يدخل فيه؟
قال: لا.
ثم بين هرقل سبب هذه الأسئلة فقال: (
وسألتك أشراف الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم، فذكرت أن ضعفاءهم اتبعوه، وهم أتباع الرسل، وسألتك أيزيدون أم ينقصون، فذكرت أنهم يزيدون، وكذلك أمر الإيمان حتى يتم، وسألتك أيرتد أحد سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه، فذكرت أن لا، وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب).
وهذه سبيل المرسلين، كما قال تعالى في جواب قوم نوحٍ لدعوته عليه السلام: (
فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ).
قال تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: (
وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا).
****
ما الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم؟
جاء بصلة الرحم وبر الوالدين والعطف على الصغير، وغض البصر وستر العورة وتشريع الزواج، وتحريم الغش والسرقة والزنا والربا والقتل والكذب والغيبة والنميمة والسباب وفحش القول، جاء بآداب الاستئذان والاستئناس قبل دخول البيوت، جاء بتشريع الصدقة والزكاة والإحسان للفقراء، وسنّ السواك والنظافة والتطيب، وغيرها من فضائل الأخلاق وجميل الأفعال.
هو الذي قال (ما من مسلمٍ يغرس غرسًا، أو يزرع زرعًا فيأكل منه طيرٌ أو إنسانٌ أو بهيمةٌ إلا كان له به صدقة)، وقال: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه من الخير)، وقال (من أَنْظَرَ مُعسرًا فله بكلّ يومٍ صدقة قبل أن يحل الدين، فإذا حلّ الدين فأنظرَه فله بكل يومٍ مثليه صدقة)، وقال (من أمّن رجلًا على دمه فقتله، فأنا بريءٌ من القاتل، وإن كان المقتول كافرًا) إلى غير ذلك من الأحاديث الشريفة.
قال هرقل: ماذا يأمركم؟
أجاب أبو سفيان وقد كان وقتها كافرًا: يقول اعبدوا الله وحده ولا تشركوا به شيئًا، واتركوا ما يقول آباؤكم، ويأمرنا بالصلاة والزكاة والصدق والعفاف والصلة!
قال مؤمن آل فرعون: (
إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ).
فهل هذا الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم مما يأتي به كاذب يكذب في أنه رسولٌ من عند الله؟!
****
جاء في الصحيحين - صحيح البخاري وصحيح مسلم - قالت عائشة الصديقة بنت الصديق: (
لو كان محمدٌ صلى الله عليه وسلم كاتمًا شيئًا مما أنزل عليه لكتم هذه الآية: " وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ").
فإن كانت عائشة تستدل بهذا على أنّه صلى الله عليه وسلم لم يكتم شيئًا مما أوحي إليه، فما جواب من يزعم أن القرآن جاء من عند محمد صلى الله عليه وسلم؟!
ألو كان من عنده أيكون هذا قوله لنفسه!؟
****
إنّ المشركين لما قالوا إنّ النبي جاء بالقرآن من عنده، تحداهم تحديًا
لا يكون أبدًا من كاذب، فانظر قول الله تعالى: (
وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآَنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ * أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ).
ألو كان صلى الله عليه وسلم كاذبًا أكان يتحداهم في البلاغة واللغة، وهم قومٌ (انتهوا إلى المباهاة في تعليق أشعارهم بأركان البيت الحرام، موضع حجهم وبيت أبيهم إبراهيم، كما فعل امرؤ القيس وطرفة بن العبد، وعلقمة الفحل والأعشى، وغيرهم من أصحاب المعلقات) كما قال ابن خلدون، (وكانت القبيلة إذا نبغ فيها شاعر فرحت واستبشرت وأقامت الحفلات، ونصبت المآدب لضيوف المهنئين)؟!
ألو كان صلى الله عليه وسلم كذابا – وحاشاه – أكان يتحداهم جميعًا فيما يحسنون ويتقنون؟!
****
إنّ الرجل مهما كان متقنًا للتمثيل صابرًا عليه، فإنّه لابد أن يتوقف عن التمثيل والادعاء
ولو مرةً في بيته، أليس كذلك؟!
وأمامنا
شهادتان لزوجتين من زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، الأولى تصف حاله
قبل النبوة، والثانية تصف
حياته كما عرفته.
فهذه خديجة رضي الله عنها لما جاءها النبي صلى الله عليه وسلم، أول نزول الوحي عليه وهو يخشى على نفسه، قالت له خديجة رضي الله عنها (
كلا والله! ما يخزيك الله أبدًا! إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق) فاستدلت بجميل أفعاله على أنّ الله لن يخزيه.
وهذه عائشة رضي الله عنها، لما سئلت عن خلق النبي صلى الله عليه وسلم قالت (
كان خلقه القرآن).
****
وإن الرجل مهما ادعى الخلق الحسن والحلم، فإنّه لابد أن
تفلت منه فعلة سوء إن كان كاذبًا في ادعائه، وإمكانية ذلك تزداد في تعامله مع من تحت يده، وهذا يدلنا على قيمة شهادة الخادم في سيده، فهي شهادة من الداخل، شهادة ممن يطلع على حال الرجل داخل بيته .. وفوق ذلك فإنها شهادة مرؤوس في رئيسه، وأنت تعرف ما تولده هذه العلاقة في حد ذاتها من ضغائن وإحن، فربما كان السيد على خلقٍ حسن، ولكن الخادم ينقم عليه مجرد أنّه "سيد" حتى لو كان يعامله معاملةٌ حسنة.
قال أنس : (قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وأنا ابن تسع سنين، فانطلقت بي أم سليم إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله هذا ابني استخدمه)، وقال: (
خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين، لا والله ما سبني سبةً قط! ولا قال لي أف قط! ولا قال لي لشيء فعلته لم فعلته؟! ولا لشيء لم أفعله ألا فعلته!؟) (
وكان بعض أهله إذا أعتبني على شيء يقول: دعوه دعوه فلو قضي شيء لكان.)
****
في الصحيح أن جبريل عليه السلام احتبس على النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت امرأة من قريش: أبطأ عليه شيطانه، فنزلت " وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى".
ووجه الدلالة واضح، فلو كان النبي صلى الله عليه سلم، يأتي بالقرآن من عند نفسه لما انقطع الوحي حتى يقول المشركون إنّ ربه قد هجره!
****
في حادثة الإفك، لما تقّول رأس المنافقين على عائشة رضي الله عنها، ورماها بالزنا وهي الحصان الرزان، الشريفة العفيفة، كان موقف النبي صلى الله عليه وسلم برهانًا على أنه لا يفعل إلا بأمرٍ من ربه .. وانظر موقفه صلى الله عليه وسلم قبل نزول الوحي وموقفه بعده .. وبقليلٍ من التأمل تدرك أنّه رسول الله!
قبل نزول الوحي:
قالت عائشة رضي الله عنها: (
دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا وأسامة حين استلبث الوحي يستأمرهما في فراق أهله).
قالت عائشة رضي الله عنها: (
وقد بكيت ليلتين ويومًا، لا يرقأ لي دمعٌ ولا أكتحل بنوم، حتى إني لأظن أن البكاء فالق كبدي، فبينا أبواي جالسان عندي وأنا أبكي، فاستأذنت علي امرأةٌ من الأنصار، فأذنت لها فجلست تبكي معي.
قالت: فبينا نحن على ذلك دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم علينا، فسلم ثم جلس.
قالت: ولم يجلس عندي منذ قيل ما قيل قبلها وقد لبث شهرًا لا يوحى إليه في شأني بشيء.
قالت فتشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين جلس ثم قال: أما بعد يا عائشة! إنه بلغني عنك كذا وكذا فإن كنت بريئة فسيبرئك الله وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه فإن العبد إذا اعترف ثم تاب تاب الله عليه).
بعد نزول الوحي:
قالت عائشة رضي الله عنها: (
فسري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يضحك فكانت أول كلمة تكلم بها أن قال يا عائشة أما الله فقد برأك).
فما رأيك في هذا؟! أيخدع الرجل نفسه في شرفه وعرضه؟!
****
مماجد .. لقد طلبتَ مني أن أكون منطقيًّا في بداية الحوار ..
والآن جاء دوري لأطلب منك أن تكون منطقيًّا في الجواب ..
لقد احتار المخالفون والمعاندون في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم، فهم لا يستطيعون جواب هذه الأسئلة التي تضطرهم اضطرارًا إلى العلم بصدقه، والإيمان بنبوته، فأخذوا يذكرون أمورًا لا وزن لها عند العقلاء، وكان هذا ديدينهم، منذ أن قال أبو لهبٍ "تبًّا لك!" وإلى يومنا هذا، إذ يردد المستشرقون أقوالًا هي إلى الطرائف أقرب!
إنّهم لما رأوا أثر دعوته صلى الله عليه وسلم، وكيف يوقن بها المؤمنون، ويعادون من أجلها، ويحاربون في سبيلها، ولما رأوا أثر كلامه في النفوس، وكيف يؤثر في قلوب الكافرين، أثرًا لا ترى مثله في شعرٍ ولا نثر، ولما رأوا ازدياد دعوته وانتشار خبره، وتوافد الناس على اتباعه، لم يجدوا تفسيرًا مناسبًا إلا أن يقولوا
(ســاحر!)، ألو كان ساحرًا فلمَ لم يسحركم كما سحر غيركم؟! ألو كان ساحرًا فلم لم يبطُل سحره بموته؟! ألو كان ساحرًا فلمَ لم يرضَ بمهادنتكم؟! لمَ لم يخضع لتهديدكم!؟ لمَ حرّم السحر ونهى عن الكبائر؟! أهذا الذي جاء به مما يأتي به السحرة؟!
(
قَالَ مُوسَى أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَكُمْ أَسِحْرٌ هَذَا وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ).
****
إنّهم لما قابلوا صدق أخباره، وتحقق نبوءاته، وهو الأمي الذي لم يقف على أخبار الماضين، وما جلس يومًا إلى الأحبار والقسيسين، لما قابلوا ذلك عجزوا عن قولٍ إلا أن يقولوا
(كـــاهن!)، تأتيه الشياطين بالأخبار، ألو كان كاهنًا أكان يقول في الساعة "لا أدري"؟! أهذا الذي جاء به مما يأتي به الكاهن؟! أهذا الكريم ممن تتنزل عليه الشياطين؟!
(
هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ * تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ * يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ).
****
إنهم لما رأوا أنّه يخالف قومه، ويخبرهم ببطلان آلهتهم، ولا يقبل الحلول الوسط، ولا يقبل المال والجاه مقابل السكوت، ويصبر على الأذى، ويسليه ربه في القرآن الكريم، وينزل عليه القرآن الكريم بالصبر، والحث على الثبات في الأمر، لما رأوا ذلك لم يجدوا تفسيرًا إلا أن يقولوا
(مجنــون!) وقالوا
(مسحــور)، فما هذه العقول المنكوسة!؟ أيأتي مجنون أو مسحور بهذا التشريع والبلاغ والتحدي؟!
(
مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ * وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ * وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ * فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ * بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ * إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ * فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ * وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ)
(
نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَى إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا * انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا)
****
وتحداهم ببلاغة القرآن، ونظمه ووضوحه، وبيانه وفصاحته، فعجزوا وقالوا
(شــاعر)، فلو كان شاعرًا فلم عجزتم – مجتمعين – عن الإتيان بمثل ما جاء به؟! ولو كان شاعرًا فالشعراء يميلون للخيالات، والمجازات والتوهمات، ولا يتناولون القضايا التشريعية، وقضايا الإرث والدّين والمعاملات في شعرهم، فليس ذلك من وصفهم!
(
وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ * أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ * وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ).
****
إنّهم لما سمعوا القرآن الكريم، ورأوا ما فيه من بيانٍ لما مضى، وإخبارٍ ببعض ما يأتي، وتشريعٍ يصلح الأحوال، في لفظٍ معجزٍ بليغ، ينزل بحسب الحوادث، وليس مما يُعد سلفًا، وهو في ذلك يتحداهم أن يأتوا بسورةٍ من مثله، ويتحداهم أنهم لن يفعلوا ولو اجتمعوا، بل لو استعانوا بالجنّ فالعجز بهم لاصق، ونظروا في كونه أميًّا لا سبيل له للعلم إلا مما علمه ربه، فلم يجدوا طريقًا أمام هذه الحجة، لما رأوا ذلك قالوا إنّه
(معلّــم) وإنه (
أعانه قومٌ آخرون) وإنه (
اكتتب أساطير الأولين فهي تُملى عليه!)، وهم على علمٍ أنه مكث فيهم فلم يُعلمه أحد، ويعرفون أنّه ما من أحدٍ ادعي أنه أعانه، ويعلمون أنّ قولهم هذا لا يغير من حقيقة التحدي شيئًا، فهم مازالوا عاجزين ولو اجتمعوا، فما فضل اجتماع الرسول مع غيره على اجتماعهم – ولو مع الجن - إن كان النبي كاذبًا – وحاشاه-؟!
(
وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آَخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا * وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا * قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا)
(
وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ)
****
وإن كنتَ ترى في هذه الدعاوى التي ذكرها مشركو قريش سخافةً لا تسمن ولا تغني، فاضحك – ملء فيك – عن المستشرقين، فهذا يقول إنّ ما أتى به النبي صلى الله عليه وسلم من التشريع، وما أُنزل عليه من القرآن الكريم، وما نطق به من السنة الكريمة، يقول إنّ هذا من
الخيالات المتهيجة! وذاك يزعم أنه من
التنويم الذاتي! وهذا ينسبه إلى
نوبات الصرع! وغير ذلك من طرائف!
(
انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا)
إنه العجز التام عن أن يقولوا قولًا واحدًا في شأن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير وصفه بالنبوة والرسالة .. إنّهم ما لم يسلِّموا بالحقيقة وأنه رسول من عند الله حقًّا .. فليس أمامهم إلا
الضلال ..
ولن يستطيعوا لقولة حقٍّ سبيلًا!
****
وأخيرًا أتركك مع هذه الآيات، التي قال فيها جبير بن مطعم قبل إسلامه (
كاد قلبي أن يطير!) حين سمعها .. فاصبر على قراءتها حتى النهاية .. وأخبرني بجوابك .. والعهد بك منصفًا تحسن الجواب!
يقول الله تعالى:
( فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ * أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ * قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ * أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَامُهُمْ بِهَذَا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ * أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لَا يُؤْمِنُونَ * فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ * أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ * أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُسَيْطِرُونَ * أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ * أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ * أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ * أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ * أَمْ يُرِيدُونَ كَيْدًا فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ * أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ * وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ * فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ * يَوْمَ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ * وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ * وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ * وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ)
هداك الله لما فيه صلاح دنياك وأخراك!
Bookmarks