أخي الحبيب يحيى ..
ألا ترى أنه بهذا الكلام المقبتس أدناه نروج للنفاق في الدين ..؟
صحيح أن للإمام القرضاوي مشروع حضاري لا نظير له من حيث جذابته في استقطاب الجماهير -خاصة النخب المثقفة و طلاب الجامعات- أولا, و لشموليته و تناوله للقضايا المختلفة ثانيا, لكن هذا الكلام لا يعني بالضرورة غياب أو إنكار مشاريع أخرى حديثة أو مجددة.
و هنا أتكلم عن الحضارة و ليس الفقه أو العقيدة!
مثلا للنظر إلى ترحمه على البابا, ففي هذا الترحم على البابا إنعكاسا للرسالة الحضارية الإسلامية, منها شمولية الإسلام و قابليته لإحتواء غير المسلمين داخل مجتمع إسلامي مع الحفاظ على حريتهم في ممارسة دينهم من جهة, و من جهة ثانية التسامح الديني; هذا من الناحية الحضارية, و عندما نأتي إلى اللبنات الأساسية التي تقوم عليها الحضارة الإسلامية مثل العقيدة و الفقه الإسلامي, أي عندما ننتقل من التعميم و الكلام عن الحضارة إلى التخصيص و التركيز على ركيزة محددة, فعندها يمكن أن نقول أن الرجل جانب الصواب في الترحم على البابا أو الدعاء له أو أو .. و أن في هذا تجاوزات تنال عقيدة المسلم و الفقه .. و لا تناقض بين الحالتين أبدا.
فالتعميم له معنى حضاري يثير الإنتباه إلى مبادئ حضارية في الإسلام, و التخصيص لا ينفي هذا التعميم ليقول لك مثلا لا شمولية في الاسلام, لا حرية دين و لا تسامح, لكن يذهب إلى التطبيق فيقول لك "لا, التطبيق بهذا الشكل و الترحم على البابا فيه مخالفة عقدية فقهية و الدليل كذا كذا" ..
واعذرني أخي الحبيب في شدة الكلمة ، فلا أدري بصراحة كيف نصف أن الترحم على البابا عمل حضاري يستحق الإشادة ، ثم نقول هو منكر شرعًا ، ثم نزعم بعدها إنه لا تناقض ..!؟!
هل تقصد بهذا التفريق أن العقيدة والفقه ليسوا أشياءً حضاريةً ..؟
أو أن الحضارة في واد والإسلام بفقهه وعقيدته في وادٍ آخر ..؟
هذا يا أخي الحبيب كلامٌ لا يسوغ ..
وهو عند التدقيق وإمعان النظر يعني أن يكون للمسلم مرجعيتان مرجعية "حضارية" ومرجعية إسلامية ..
ثم تكون الغلبة في المواقف الفاصلة والحاسمة للمرجعية غير الإسلامية ..
وفي ضوء هذا وحده تكون الإشادة بالترحم على البابا واعتباره عملاً حضاريًا يستحق الثناء والإعجاب ..!
واعذرني أخي الحبيب في شدتي ، فأنت حبيبي في الله ولك مكانة في قلبي لا تتزعزع ..
إنما هو النصح لله ، والله أعلم بما في قلبي نحوك .
Bookmarks