تأمل مع إبن القيم
تأمل..
سياحة فى بحار التأمل والتفكر .
فهيا بنا نحزم الأمتعة لهذه الرحلة الماتعة .
رحلة فى بحار التأمل .. مع بحار ماهر .
رحلة فى سفينة التفكر .. إبن القيم فيها القبطان .
يخوض بنا عباب الكون .. يصعد بنا إلى السماء
ويحلق فى الأفاق ..ثم ينزل بك الى الأعماق .
فيطوف ببرها وبحرها .. وسهلها وجبالها ووديانها ..
ثم يعرج بنا إلى المخلوقات .. من الحيوانات والنباتات
يستخرج لك المعانى .. ويربط القاصى بالدانى .
فلا ينتهى إلا وقد أراك من الأيات العجاب.
وأظهر لك فى ربوع الفكر ما يسحر اللباب .
مصداق قول العزيز العليم :
... سنريهم آياتنا فى الآفاق وفى أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق ...
يقول إبن القيم ....
ثم تأمل هذه الحكمة البالغة فى الحر والبرد وقيام الحيوان والنبات عليهما .
وفكر فى دخول أحدهما على الأخربالتدريج .والمهلة حتى يبلغ نهايته ,
ولو دخل عليه مفاجئة لأضر ذلك بالأبدان وأهلكها وكذلك بالنبات .
كما لو خرج الرجل من مكان مفرط فى الحرارة الى مكان مفرط فى البرودة .
ولولا العناية والحكمة والرحمة والإحسان ...لما كان ذلك.
فإن قلت هذا التدريج والمهلة إنما كان لإبطاء سير الشمس فى إرتفاعها وإنخفاضها
قيل لك : فما السبب فى ذلك الإرتفاع والإنخفاض .؟
فإن قلت السبب فى ذلك بعد المسافة بين مشارق الشمس ومغاربها .
قيل لك فما السبب فى بعد المسافة ..؟
ولا تزال المسأله متعينة عليك كلما عينت سبباً حتى تفضى بك إلى أحد أمرين :
إما مكابرة ظاهرة ودعوى أن ذلك إتفاق من غير مدبر ولا صانع .
وإما الإعتراف برب العالمين والإقرار بقيوم السموات والأرضين .
والدخول فى زمرة أولى العقل من العالمين .
ولن تجد بين القسمين واسطةً ابداً .
...فلا تتعب نفسك بهذيانات الملحدين
فإنها عند من عرفها من هوس الشياطين وخيالات المضلين .
وإذا طلع فجر الهدى ... وأشرقت شمس النبوة ..
فعساكر تلك الخيالات والوساوس فى أول المنهزمين ...
والله متم نوره ولو كره الكافرون....
إنتهى كلامه رحمه الله..
فأنظر كيف أوجز فى الرد على الملحدين , وثنى بالمتوسطين من اللاأدريين
وما تغير من إستدلالاته شئ مع مر الدهور ومكر العصور .
فلله ما أوضح حجة من بنور الوحى إستضاء..
ومن معين السنة قد إرتوى ..
يتبع إن شاء الله
Bookmarks