يقولون: إن الغرب غير المؤمن قد تقدم بكفره وأما نحن فقد تأخرنا بالدين وعلى ذلك فإذا ما أردنا أن نتقدم كالغرب فإن علينا أولا أن نهجر الدين ونمضي في ركاب العلمانية الغربية حتى نصل إلى ما وصلوا إليه

الرد على ذلك:
لا يمل الحاقدون على الدين من تكرار هذا الكلام الذي يلقون عليه فشلهم وفشلنا وفشل الأمة كلها في الأخذ بأسباب التقدم العلمي والتكنولوجي
ويجب علينا ونحن نناقش هذه المسألة أن نعي أنه ليس من مهمة الدين أن يطرح لك نظريات علمية تنال بالجهد والبحث وإعمال العقل والعمل ليل نهار في المختبرات والمعامل فليست هذه مهمة الدين فهذه مهمة العقل والجهد والإمكانات التي يجب أن توفرها الدول لعلمائها في شتى المجالات
ومتى يكون الدين عائقا عن التقدم العلمي ؟
يكون كذلك إذا ما وضع الدين العقبات أمام البحث العلمي بتجريم وتحريم ما يقوم به الباحثون في مجال الفيزياء أو الكيمياء أو الطب أو التكنولوجيا
وهذا ما حدث في أوربا في العصور الوسطى حين حرمت الكنيسة البحث العلمي وأقامت محاكم التفتيش وحجرت على عقول العلماء حتى جاءت الثورة الفرنسية التي تعتبر بحق عماد النهضة الأوربية حيث اتجهت الدول الأوربية إلى العلمانية كي تفر من سطوة الكنيسة
أما في الإسلام فلا يوجد حجر على أي عالم يريد ان يبرع في أي علم من العلوم بل إن في الإسلام ما يدفعه إلى ذلك ويحثه عليه فما أكثر الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الداعية إلى طلب العلم
وعلى ذلك فالغرب لم يتقدم بالكفر ونحن لم نتأخر بالإسلام بدليل أننا نمتلك في تاريخنا الإسلامي عددا من العلماء أفاد الغرب من علومهم حيث بنوا نهضتهم على أفكارهم وجهودهم كالحسن بن الهيثم وابن سينا وجابر بن حيان وابن رشد وغيرهم
فالتقدم العلمي مبني على أسباب دنيوية يجب الأخذ بها وإلا فلا تقدم وإن وصلنا الليل بالنهار صلاة وصوما .....إلخ
وهناك آية قرآنية جميلة تقول : { إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَـكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ 44 } ( سورة يونس )
فلو أن الغرب الذي جاهد بعقله وعمله الدؤوب لم يتقدم دنيويا لكان ذلك من الظلم له والله تعالى لا يظلم وهكذا نحن لو تقدمنا بلا عمل لكان ذلك مخالفة واضحة لسنن الله الكونية التي تخضع فيها المسببات لأسبابها
والخلاصة أن الدين منهج يهديك في الحياة سبل النجاة التي تؤول بتبعها إلى رضوان الله واما التقدم العلمي فهو مرهون بأسبابه