بسم الله الرحمن الرحيم
إلى الابن والأخ ماكولا :
السلام عليك ورحمة الله وبركاته.
أنت في خطر ضياع عمرك في المتاهات سدى.
لاأكاد أستوعب أنك تفهم دينك بهذه الطريقة التي لاتتدبر جيدا، وكيف لك أن تترشح للاستخلاف في الأرض فخورا بدينك، متحديا بجماله (أتخن تخين) على وجه الأرض.؟؟؟
مش ممكن، هاتجنن.
التفاسير كثيرة يا بني، والمفسرون يخطئون ويصيبون، والمذاهب تعددت، والمسئولية في الاختيار من بينها هي مسئوليتك، وطلب العلم أساسه تقوى عميقة وضراعة وتواضع منسحق لله، وطول نظر وشمول تفكير آخذا في الاعتبار كل القرآن ومقاصده دفعة واحدة.
انظر مثلا مما نقلت أنت عن ابن العربي ينعى على الحنفية ويختلف معهم وهم مسلمون محترمون لاشك:
وقال ابن العربي رحمه الله أحكام القرآن (1/155) (أن سبب القتل هو الكفر بهذه الآية لأنه تعالى قال { حتى لا تكون فتنة } فجعل الغاية عدم الكفر نصا , وأبان فيها أن سبب القتل المبيح للقتال الكفر وقد ضل أصحاب أبي حنيفة عن هذا , وزعموا أن سبب القتل المبيح للقتال هي الحرابة , وتعلقوا بقول الله تعالى { وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم } وهذه الآية تقضي عليها التي بعدها ; لأنه أمر أولا بقتال من قاتل , ثم بين أن سبب قتاله وقتله كفره الباعث له على القتال , وأمر بقتاله مطلقا من غير تخصيص بابتداء قتال منه فإن قيل: لو كان المبيح للقتل هو الكفر لقتل كل كافر وأنت تترك منهم النساء والرهبان ومن تقدم ذكره معهم ؛ فالجواب: أنا إنما تركناهم مع قيام المبيح بهم لأجل ما عارض الأمر من منفعة أو مصلحة: أما المنفعة فالاسترقاق فيمن يسترق ; فيكون مالا وخدما , وهي الغنيمة التي أحلها الله تعالى لنا من بين الأمم ، وأما المصلحة فإن في استبقاء الرهبان باعثا على تخلي رجالهم عن القتال فيضعف حربهم ويقل حزبهم فينتشر الاستيلاء عليهم.
لو ستلجأ للتفاسير فعليك بالتأمل أن عادتهم في تفسير كثير من المواضع الحساسة أن يقولوا : اختلف أهل التأويل أو التفسير في تفسير هذه الآية .. ويسردون روايات، ولكنك مطالب بفهم كل هذا في إطار الكل حتى لاتظلم عندما تستخلف في الأرض.
الطبري
ربما كانت الأمثلة أكثر توضيحا: ففي تفسير الطبري في تفسير قوله تعالى: وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين.. ستجده يقول رحمه الله:
القول في تأويل قوله تعالى: { وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين}: اختلف أهل التأويل في تأويل هذه الآية، فقال بعضهم: هذه الآية هي أول آية نزلت في أمر المسلمين بقتال أهل الشرك.وقالوا: أمر فيها المسلمون بقتال من قاتلهم من المشركين، والكف عمن كف عنهم، ثم نسخت ببراءة. ذكر من قال ذلك:2530 - حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الرحمن بن سعد، وابن أبي جعفر، عن أبي جعفر، عن الربيع في قوله: {وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين} قال: هذه أول آية نزلت في القتال بالمدينة، فلما نزلت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقاتل من يقاتله ويكف عمن كف عنه حتى نزلت براءة. ولم يذكر عبد الرحمن " المدينة " .2531 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: {وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم} إلى آخر الآية. قال: قد نسخ هذا، وقرأ قول الله: {قاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة} [التوبة: 36] وهذه الناسخة، وقرأ: {براءة من الله ورسوله} حتى بلغ: {فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} إلى: {إن الله غفور رحيم} [التوبة: 1-5] وقال آخرون: بل ذلك أمر من الله تعالى ذكره للمسلمين بقتال الكفار لم ينسخ، وإنما الاعتداء الذي نهاهم الله عنه هو نهيه عن قتل النساء والذراري. قالوا: والنهي عن قتلهم ثابت حكمه اليوم. قالوا: فلا شيء نسخ من حكم هذه الآية. ذكر من قال ذلك:2532 - حدثنا سفيان بن وكيع، قال: ثنا أبي، عن صدقة الدمشقي، عن يحيى بن يحيى الغساني، قال: كتبت إلى عمر بن عبد العزيز أسأله عن قوله: {وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين} قال: فكتب إلي أن ذلك في النساء والذرية ومن لم ينصب لك الحرب منهم.2533 - حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله تعالى ذكره: {وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم} لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أمروا بقتال الكفار.حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.2534 - حدثني علي بن داود، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس: {وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين} يقول: لا تقتلوا النساء ولا الصبيان ولا الشيخ الكبير ولا من ألقى إليكم السلم وكف يده، فإن فعلتم هذا فقد اعتديتم.2535 - حدثني ابن البرقي، قال: ثنا عمرو بن أبي سلمة، عن سعيد بن عبد العزيز، قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى عدي بن أرطأة: إني وجدت آية في كتاب الله: {وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين} أي لا تقاتل من لا يقاتلك، يعني النساء والصبيان والرهبان.وأولى هذين القولين بالصواب، القول الذي قاله عمر بن عبد العزيز؛ لأن دعوى المدعي نسخ آيه يحتمل أن تكون غير منسوخة بغير دلالة على صحة دعواه تحكم، والتحكم لا يعجز عنه أحد.وقد دللنا على معنى النسخ والمعنى الذي من قبله يثبت صحة النسخ بما قد أغنى عن إعادته في هذه الموضع.فتأويل الآية إذا كان الأمر على ما وصفنا: وقاتلوا أيها المؤمنون في سبيل الله وسبيله: طريقه الذي أوضحه ودينه الذي شرعه لعباده. يقول لهم تعالى ذكره: قاتلوا في طاعتي، وعلى ما شرعت لكم من ديني، وادعوا إليه من ولى عنه، واستكبر بالأيدي والألسن، حتى ينيبوا إلى طاعتي، أو يعطوكم الجزية صغارا إن كانوا أهل كتاب. وأمرهم تعالى ذكره بقتال من كان منه قتال من مقاتلة أهل الكفر دون من لم يكن منه قتال من نسائهم وذراريهم، فإنهم أموال وخول لهم إذا غلب المقاتلون منهم فقهروا، فذلك معنى قوله: {وقاتلوا في سبيل الله للذين يقاتلونكم} لأنه أباح الكف عمن كف، فلم يقاتل من مشركي أهل الأوثان والكافين عن قتال المسلمين من كفار أهل الكتاب على إعطاء الجزية صغارا.فمعنى قوله: {ولا تعتدوا} لا تقتلوا وليدا ولا امرأة ولا من أعطاكم الجزية من أهل الكتابين والمجوس، {إن الله لا يحب المعتدين} الذين يجاوزون حدوده، فيستحلون ما حرمه الله عليهم من قتل هؤلاء الذين حرم قتلهم من نساء المشركين وذراريهم.
سأختار مما مضى هذه الفقرة: .حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.2534 - حدثني علي بن داود، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس: {وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين} يقول: لا تقتلوا النساء ولا الصبيان ولا الشيخ الكبير ولا من ألقى إليكم السلم وكف يده، فإن فعلتم هذا فقد اعتديتم.
يعني:
لانقاتل من ألقى إلينا السلم.
ونقاتل فقط من يقاتلنا من الشعوب.
ولكن لانقاتل من هذه الشعوب إلا القوات المقاتلة كالرجال والنساء المقاتلات فقط.
الرازي
ومن تفسير الرازي نقتطع نصا رائعا لو تأملته لوجدت فيه ما يبين أن الكفر كان عندهم قرينا للعدوان لاينفك عنه، بسبب الحوادث التاريخية الأولى. وأن الفتنة التي نقاتل حتى لاتكون هي فتنة إكراه الناس واضطهادهم دينيا، فيقول مثلا في تفسيره لقوله تعالى في البقرة:
{وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين}.
فيه مسائل:
المسألة الأولى: قال القوم: هذه الآية ناسخة لقوله تعالى: {ولا تقاتلوهم عند المسجد * الحرام *حتى يقاتلوكم فيه} *البقرة: 191* والصحيح أنه ليس كذلك لأن البداية بالمقاتلة عند المسجد الحرام نفت حرمته، أقصى ما في الباب أن هذه الصفة عامة، ولكن مذهب الشافعي رضي الله عنه: وهو الصحيح أن العام سواء كان مقدما على المخصص أو متأخرا عنه فإنه يصير مخصوصا به والله أعلم.
المسألة الثانية: في المراد بالفتنة ههنا وجوه أحدهما: أنها الشرك والكفر، قالوا: كانت فتنتهم أنهم كانوا يضربون ويؤذون أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بمكة حتى ذهبوا إلى الحبشة ثم واظبوا على ذلك الإيذاء حتى ذهبوا إلى المدينة وكان غرضهم من إثارة تلك الفتنة أن يتركوا دينهم ويرجعوا كفارا، فأنزل الله تعالى هذه الآية، والمعنى: قاتلوهم حتى تظهروا عليهم فلا يفتنوكم عن دينكم فلا تقعوا في الشرك وثانيها: قال أبو مسلم: معنى الفتنة ههنا الجرم قال: لأن الله تعالى أمر بقتالهم حتى لا يكون منهم القتال الذي إذا بدأوا به كان فتنة على المؤمنين لما يخافون عنده من أنواع المضار.
وفي مقام آخر في تفسير الآية يقول الرازي عن الفتنة:
وثانيها: أن الفتنة أصلها عرض الذهب على النار لاستخلاصه من الغش، ثم صار إسما لكل ما كان سببا للامتحان تشبيها بهذا الأصل، والمعنى: أن إقدام الكفار على الكفر وعلى تخويف المؤمنين، وعلى تشديد الأمر عليهم بحيث صاروا ملجئين إلى ترك الأهل والوطن هربا من إضلالهم في الدين، وتخليصا للنفس مما يخافون ويحذرون، فتنة شديدة بل هي أشد من القتل الذي يقتضي التخليص من غموم الدنيا وآفاتها، وقال بعض الحكماء: ما أشد من هذا القتل الذي أوجبه عليكم جزاء غير تلك الفتنة.
ومن ابن كثير في هذا المقام وتفسير الفتنة :
"وقال البخاري « 4513 » قوله « وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة » الآية حدثنا محمد بن بشار حدثنا عبد الوهاب حدثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال أتاه رجلان في فتنة ابن الزبير فقالا إن الناس ضيعوا وأنت ابن عمر وصاحب النبي صلى الله عليه وسلم فما يمنعك أن تخرج فقال: يمنعني أن الله حرم دم أخي، قال:ا ألم يقل الله « وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة » قال : قاتلنا حتى لم تكن فتنة وكان الدين لله وأنتم تريدون أن تقاتلوا حتى تكون فتنة وحتى يكون الدين لغير الله « 4514 ».. وزاد عثمان بن صالح عن ابن وهب أخبرني فلان وحيوة بن شريح عن بكر بن عمر المغافري ان بكير بن عبد الله حدثه عن نافع أن رجلا أتى ابن عمر فقال يا أبا عبد الرحمن ما حملك على أن تحج عاما وتقيم عاما وتترك الجهاد في سبيل الله عز وجل وقد علمت ما رغب الله فيه فقال يا ابن أخي بني الإسلام على خمس الإيمان بالله ورسوله والصلاة الخمس وصيام رمضان وأداء الزكاة وحج البيت قالوا يا أبا عبد الرحمن ألا تسمع ماذكر الله في كتابه « وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله » « وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة » قال فعلنا على عهد رسوله صلى الله عليه وسلم وكان الإسلام قليلا فكان الرجل يفتن في دينه إما قتلوه أو عذبوه حتى كثر الإسلام فلم تكن فتنة قال فما قولك في علي وعثمان قال أما عثمان فكان الله عفا عنه واما أنتم فكرهتم أن يعفو عنه وأما علي فابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وختنه فأشار بيده فقال هذا بيته حيث ترون."
فانظر أن فهم الفتنة على أنها الاضطهاد الديني والإكراه الديني موجود في تفاسير الإسلام.
فكيف نقاتل حتى لاتكون هذه الفتنة مطلقا ثم نقوم نحن بإيجادها والعمل على ككينونتها؟؟؟؟؟؟؟ هذا هو التناقض بعينه.
والطبري يبدأ تفسير آية لاإكراه هكذا:
-لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم. القول في تأويل قوله تعالى: {لا إكراه في الدين} : اختلف أهل التأويل في معنى ذلك"
فانظر أن العلماء اختلفوا وعليك أن تكون ممن قال الله عنهم: ( فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه) البقرة
ومن ابن كثير في تفسير آية لاإكراه : يقول تعالى « لا إكراه في الدين » أي لا تكرهوا أحدا على الدخول في دين الاسلام، فإنه بين واضح جلى دلائله وبراهينه، لا يحتاج إلى أن يكره أحد على الدخول فيه، بل من هداه الله للإسلام وشرح صدره ونور بصيرته دخل فيه على بينة، ومن أعمى الله قلبه وختم على سمعه وبصره: فإنه لا يفيده الدخول في الدين مكرها مقسورا.. انتهي من ابن كثير.
أليس هذا هو ابن كثير؟؟؟
يابني ماكولا، أعيذك بالله أن يعدوك إعدادا ظالما كي تكون من المفتين بسفك الدم الحرام، ويفهموك التفسير أنه مدرسة التفجير، أو يحمسونك كي تكون من المفجرين أنفسهم في المدنيين.
يابني العزيز، إن طلب العلم الحق طريقه طويل، والقرآن لاينقضه الحديث، بل القرآن مهيمن، ولابد من فهم الحديث في ضوء القرآن، والقرآن واضح في أنه : (لاإكراه)، فلاتفهم من أي نص أنه (إكراه) فتصادم كلام ربك مصادمة واضحة لاحل فيها.
يا بني : قرأت رسالتك فرثيت لك، أهذا بيتك وهذا فعلك بلبنات القرآن والسنة الفخمة تبني هذا المسكن الروحي؟؟؟ أهذه طمأنينتك بذكر الله؟؟؟ لا كاد أصدق أن شابا غض الإهاب، طالب علم يكون هذا مصيره.
بئس المسكن بلا سكينة وبئس ما تفعل بآيات الله.
ولذلك يكثر عندكم السباب لأن النفس كئيبة تعسة لا يؤنسها الله وأنسها بالأعراض المنهوشة.
التباسات
قولك مثلا : ومما يوضح جهاد الطلب قوله تعالى " ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطئون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة ولا يقطعون واديا إلا كتب لهم ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون " يعاتب تعالى المتخلفين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، من أهل المدينة ومن حولها من أحياء العرب، ورغبتهم بأنفسهم عن مواساته فيما حصل من المشقة، فإنهم نقصوا أنفسهم من الأجر؛ لأنهم { لا يصيبهم ظمأ } وهو: العطش { ولا نصب } وهو: التعب { ولا مخمصة } وهي: المجاعة { ولا يطئون موطئا يغيظ الكفار } أي: ينزلون منزلا يرهب عدوهم { ولا ينالون } منه ظفرا وغلبة عليه إلا كتب الله لهم بهذه الأعمال التي ليست داخلة تحت قدرتهم، وإنما هي ناشئة عن أفعالهم، أعمالا صالحة وثوابا جزيلا
لو صدقت الله لصدقك ياماكولا.
اصبر واصدق وتأن والله لن يخيب أملك، والمسائل الحربية في القرآن تحتاج معاناة طويلة لحسن فهمها، والالتباس وارد مالم تكن لك بعض خبرة أو دراسة طويلة، فمثلا: التباس كثرة ذكر الكفر مع المحاربة قد يصنع عندك اقترانا يحتم الربط بين الكفر وبين القتل، بينما الحديث كله أصلا عمن أذن الله بقتالهم.. ومادامت الحرب قائمة والاعتداء علينا قد حدث فربما التبس عليك الأمر فتتصور أن جهاد الدفع لايكون إلا في عقر الدار، فإن خرجنا من الدار نهاجم العدو فهو جهاد الطلب، وهذا خطأ عظيم، فالخروج من الديار والهجوم على العدو في دياره هو من جهاد الدفع أيضا، لأن الاستمرار في الدفاع داخل أسوارنا قد يحث فيه هزيمة يوما فتكون القاضية المبيدة، لذلك لابد للقيادة الرشيدة من التعبئة والدفاع الوقائي ولو تركنا الجزيرة وطردنا العدو الرومي من بلاد مصر البعيدة.
قد يلتبس عليك ماتسمونه جهاد الطلب بخروج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عدوه بعد الخندق عازما أن يغزو العدو ولايغزوه العدو بعد يومه ذاك صلى الله عليه وسلم وبارك. وتسأل نفسك: هل أراد رسول الله استمرار الحرب بعد أن انسحب العدو؟
في المعارك التي وقع فيها قتال وحتى موقعة الخندق، وكما قال كاتب عظيم من كتاب السيرة : " كان المسلمون إمّا في المدينة أو خرجوا على مسافة قريبة منها لصد هجوم الكافرين. لم يـبدأ المسلمون هذه المعارك، ولم يُبدوا أبدا أية رغبة في استمرارها بعد أن بدأت. نعم، إنهم لم يحرصوا بتاتا على استمرار الحرب.
وعادة عندما تبدأ المعركة بين طرفين، فإنها يمكن أن تنتهي بإحدى طريقتين لا ثالث لهما: إما سلام يُتفق عليه، أو يخضع أحد الطرفين للآخر. وفي المعارك التي وقعت بين المسلمين والمشركين حتى ذلك الحين، لم يحدث أيّ إلماح إلى السلام، ولا خضع طرف من الأطراف لآخر. صحيح أن الصراع كان يتوقف أحيانا، ولكن لا يمكن القول إن الحرب بينهما قد توقفت في هذه الوقفات المؤقتة. وحسب العرف المعمول به، كان من حق المسلمين أن يهاجموا القبائل المعادية ويجبروهم على الاستسلام، ولكنهم لم يفعلوا ذلك. فعندما كان العدو يكف عن القتال، كان المسلمون يتوقفون كذلك. كانوا يتوقفون وهم يتصورون أن الكفّ عن القتال قد يعقبه كلام عن السلام. ولكن بعدما صار واضحا أن الحديث عن السلام لا وجود له مع المشركين، ولا يبدو أن لديهم أية نية في الخضوع، فكّر الرسول r أنه ربما قد حان الوقت لإنهاء الحرب، إما بعقد اتفاق للسلام أو بخضوع طرف للآخر، ولكن لا بد من إنهاء حالة الحرب لكي يحل السلام. ويبدو أنه بعد موقعة الخندق، عقد الرسول r العزم على تحقيق أحد الأمرين: إما السلام أو الاستسلام. وكان من المستحيل بالطبع أن يستسلم المسلمون للكافرين، فلقد كان وعْد الله لهم هو تمام نصر الإسلام على المشركين الذين عارضوه واضطهدوا المسلمين، وقد أعلن الرسول r هذا الوعد مرارا في مكة قبل الهجرة. فهل كان على المسلمين أن ينادوا بالسلام؟ إن طلب السلام يمكن أن يأتي من الجانب الأقوى أو الأضعف، وعندما يطلب الطرف الأضعف السلام، فإنه بذلك يتنازل مضطرا ـ سواء بشكل مؤقت أو على الدوام ـ عن بعضٍ من أرضه أو دخله، أو يقبل مضطرا أية شروط أخرى يفرضها العدو عليه. وعندما يعرض الجانب الأقوى سلاما، فإن هذا يعني أنه لا يهدف إلى القضاء على الطرف الأضعف قضاءً تامًا، بل يعني أنه يريد أن يتركه ليحتفظ باستقلال كامل أو جزئي، وذلك في مقابل شروط معينة يفرضها عليه. وفي المعارك التي نشبت حتى ذلك الوقت بين المشركين والمسلمين، فشل المشركون مرة بعد أخرى في تحقيق أهدافهم، غير أن قوتهم لم تكن قد تحطمت بعد، وكل ما حدث هو أنهم فشلوا في محاولاتهم للقضاء على المسلمين. والفشل في القضاء على العدو لا يعني الهزيمة، بل يعني أن الهجوم لم ينجح، وقد ينجح إذا تكرر الهجوم. وهكذا لم يكن أهل مكة قد تلقوا الضربة القاصمة بعد؛ بل كل ما حدث هو فشل عدوانهم على المسلمين. ومن الناحية العسكرية، كان المسلمون قطعا هم الجانب الأضعف. صحيح أنهم صمدوا في الدفاع عن أنفسهم، ولكنهم كانوا لا يزالون يشكلون الأقلية الأضعف، الأقلية التي لم تكن قادرة على اتخاذ مبادرة الهجوم، وإن كانت قد نجحت في مقاومة هجوم الأكثرية. ولذلك لم يكن المسلمون قد أسسوا صرح استقلالهم حتى ذلك اليوم، ولو أنهم دعوا إلى السلام لفُهم من ذلك أن دفاعاتهم قد انهارت، وأنهم أصبحوا الآن على استعداد لقبول ما يمليه عليهم المشركون. لذلك فإن عرضًا لطلب السلام من جانبهم يكون كارثة على الإسلام، وهو يعني إلقاء أنفسهم إلى التهلكة، وقد يبعث الروح من جديد في عدو أوهنته المحاولات الفاشلة المتكررة التي قام بها، وقد تتيح له فرصة لتجديد الآمال والطموحات لديه، وربما ظن الكفار أن المسلمين، رغم نجاحهم في إنقاذ المدينة، إلا أنهم قد صاروا يتشككون في تحقق نصرهم النهائي وتحقيق غلبتهم على المشركين. ولذلك، فلا يمكن أن يصدر الاقتراح بطلب السلام من الجانب المسلم، وإنما يمكن أن يأتي من جانب أهل مكة، وهو الجانب المعتدي، أو من طرف ثالث، إذا كان للطرف الثالث وجود، ولكن لا يوجد طرف ثالث في هذا الصراع، فقد كانت المدينة تقف ضد جميع العرب في الجزيرة العربية. وبذلك فإن المشركين وحدهم هم الذين كان عليهم أن يبادروا المسلمين بالسلام، غير أنه لم تكن هناك علامة واحدة في هذا السبيل، مما يعني أن الحرب بين العرب والمسلمين كان يمكن أن تستمر إلى الأبد. فالمسلمون لا يمكنهم عرض السلام، والعرب لا يريدون عرض السلام، وعلى ذلك فقد بدا أنها حرب أهلية بلا نهاية، على الأقل لمائة سنة قادمة.
كان هناك سبيل وحيد للمسلمين إذا أرادوا وضع نهاية لهذا النضال، وهم لم يكونوا مستعدين أن يُخضِعوا عقولهم وعقائدهم للعرب، وأن يتنازلوا عن حقهم في الإيمان بما يرونه حقا، وأن يمتنعوا عن ممارسة شعائر الدين الذي يؤمنون به وعن الدعوة إليه، وفي نفس الوقت، لم تكن هناك أية بادرة لإحلال السلام من جانب المشركين. كان المسلمون قادرين على دفع هجوم المشركين المتكرر، وهذا يعني أنه ينبغي لهم أن يدفعو العرب إلى الاستسلام أو إلى قبول السلام، وهذا هو ما قرر الرسول r أن يفعله.
فهل كانت الحرب هي ما ابتغاه الرسول r؟ لا. لم تكن الحرب، بل هو السلام الذي أراد الرسول r أن يقيمه ويُرسي دعائمه. ولو أنه لم يفعل شيئا في هذا الوقت، فإن الجزيرة العربية كانت ستبقى في قبضة الحرب الأهلية، والخطوة التي اتخذها r كانت هي الخطوة الوحيدة نحو إحلال السلام. لقد سجّل التاريخ وقوع حروب طويلة عديدة، استغرق بعضها مائة عام، والبعض ثلاثين عاما أو نحوها أو أكثر، وما كانت الحروب الطويلة لتستمر إلا بسبب الافتقار إلى خطوة حازمة يخطوها طرف من الطرفين. والخطوة الحازمة كما قلنا ليس لها إلا أحد وجهين، الاستسلام التام أو التفاوض لإقرار السلام.
فهل كان ينبغي للرسول r أن يتخذ موقفا سلبيا؟ هل كان ينبغي له أن ينسحب مع قوته الصغيرة من المسلمين، ويقبع خلف جدران المدينة، تاركا كل شيء آخر في مهب الريح؟ مستحيل. لقد كان المشركون هم الذين بدأوا بالهجوم، ولم تكن السلبية لتعني انتهاء الحرب بل استمرارها؛ فإن السلبية تعني أن للمشركين أن يهاجموا المدينة متى يحلو ذلك لهم، وأن يتوقفوا عن الهجوم أو يعاودوه كما يشاءون. وتوقف المعركة لبعض الوقت لا يعني انتهاء الحرب، وإنما يعني فقط مناورة استراتيجية."
ثم تتفكروا: مابصاحبكم من جنة.
يابني ماكولا: أراك مثل ابني ولك أمثال كثيرون وأهديك خلاصة من خلاصات جهادي في الله لأقترب من فهم كتابه:
كيف نفهم القرآن ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
الفهم يابني نشاط قلبي ونور من الله وليس بالشطارة، والقرآن درة الله الثمينة ونور الله النادر، ولايتم فهمه بالذكاء الحر دون ربط الفهم بعلاقة معه تعالى، والله حارس على الفهم، "ومن يؤمن بالله يهد قلبه. سورة التغابن
إطلالة تاريخية
مبكرا في السابعة عشرة خلال طلب العلم بالأزهر اقتنعت من قراءة تفسير المنار بأن اللغة لاتساعد مفهوم الذبح والتقطيع في تفسير قوله تعالى: فصرهن إليك، وقبلت بصحة مايقوله رشيد رضا رحمه الله عن معناها أنها : وجهن وأملهن، والمعنى: إنني أحيي الموتى بدعوتهم إلى الانبعاث فينبعثون بنشاط وذلك لأن خلقي يعرفني لأنه يملك وسيلة للتعرف إلي ندائي، والخلق مائل إلى ربه الذي نماه.
واقتنعت نهائيا وتباحثت فيها مع الدكتور جميل غازي من علماء أنصار السنة في السبعينيات بعدم وجود نسخ في القرآن بمعنى إلغاء حكم، ولا إلغاء نص، وبأن مفهوم النسخ في آية: ماننسخ من آية أو ننسها، هو نسخ القرآن للتوراة ونسخ نهج الحياة اليهودي بنهج الحياة القرآني.
واقتنعت بأن الطلاق البدعي لايقع وأن شرط الله: إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة، هو شرط حقيقي، وبالتالي لايقع الطلاق لو طلقها في طهر جامعها فيه لأنه لايمكن إحصاء عدة فيها قرء ممزق بسبب الجماع فيه.
واقتنعت بعدها بتفسير أن الحسد في قوله تعالى: ومن شر حاسد إذا حسد، هو من شر تدبير عملي يدبره لي الحاسد، تطبيقا لعاطفته في تمني زوال نعمة عني.
ولما كنت أحافظ على ديني وأحفظ كلام الله في قلبي تحديت من تحداني من مدعي تحضير الجن والسحر فلم يضروني واقتربت من فهم أن عالم الجن الشبحي منقطع الصلة بالتأثير في حياتنا، ثم ومع الزمن تبين لي أن مايروى عن لبس الجن للإنسان وتحضيره وطرده والعلاج بالقرآن وتفسير آيات الجن بالطريقة التقليدية الشعبية الخرافية هو من ثقافات ليست إسلامية وكانت موجودة قبل الإسلام.
وكنت أتامل طريق إسلام بعض الغربيين فأجدهم يسلمون لأن الإسلام أشبع روحهم الحضارية، التي تحتل مكانة في عقولهم، والمليئة بحقوق الإنسان وتقاليد العدل والرحمة ومنطق العلم والعقلانية والتطابق مع منظومة العلوم الحديثة بأكثر مما تلبيه أديانهم السابقة. فقد رأوا في الإسلام سبقا في كل هذا ودخل القرآن قلوبهم بهذا الرصيد. وفهمت أن الإسلام يعجب الباشا لو صدق الباشا ربه.
وفهمت شيئا فشيئا أن الباشا ليس مرذولا كله عند الله، وأن الحضارة الحديثة من حيث هي بحث علمي يأخذ بالدليل صديقة للإسلام وتمهد له بمنطقها العلمي الاستدلالي الصارم وتكامل نظرتها للتكوين الكوني، وتجمع صورة تطور الكون تدريجيا وتفهمها بطريقة مقنعة أنها تمهد بانتظام لمجيء كائن عاقل: ( إني جاعل في الأرض خليفة).
ومع انتباهي لكثرة تعبير القرآن عن الإنسان الشرير بلفظ الشيطان بدأ بصيص من النور يتسلل لعقلي، وأن الشيطان حين يلقي في أمنية النبي والرسول فمعناها يلقي العراقيل في طريق الوحي فيحاول إشاعة تحريف في كلمات الله والله يهدم مايصنع الشيطان كل عصر ومع كل رسالة، وأما مع رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم فإن الله في كل جيل بالمرصاد لما يلقي الشيطان في أمر القرآن حتى يفضحه ويعريه.
ومع مرور السنين وقراءة التفاسير العديدة ولقاء العلماء من كل مذهب بدأت أفهم الآيات الخاصة بمشيئة الله في الهداية والضلال بشكل يحافظ على فكرة اختيار الإنسان وأن الله فعلا وبحق قد ألزم كل إنسان طائره في عنقه.
موجة الإلحاد الحديثة مع التقدم العلمي دفعتني لتخصيص اهتمام خاص للتعرف على العلاقة بين: (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم) وبين (يتبين لهم أنه الحق).
ومع الاستماع لتهم الباحثين الغربيين من مدعي التحضرالمنصرين والمستشرقين كان لابد من فهم صحيح للجهاد الهجومي والدفاعي، وهل هناك جهاد هجومي لإرغام من يأبي الإسلام أن يقبله؟؟ ومن بحث الرد على الشبهات التي يوردونها على القرآن مثلا في قضية التبني ودفع التهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يتعلق بزواج زينب بنت جحش.
هل هؤلاء الذين في إسرائيل هم من بني إسرائيل، أم هم مجرد متهودة يهود ألمان وروس وأحباش ؟؟ ورأيت أن بني إسرائيل ذابوا أو ممزقين وماهذا إلا احتلال غربي، وهل ما قضى الله على بني إسرائيل في الكتاب ليفسدن، هل قضاه في التوراة أم القرآن، وهل هو شيء تم قبل القرآن؟؟ ومتى تم ؟؟ أم تم منه جزء؟؟ وفهمت أنه قد تم كله، من قبل القرآن.
كانت بعض الآيات تتضح لي آية بعد آية. وكان للدعاء أثره في اجتياز المعاناة في تطبيق ضوابط وموازين تليق وتتكامل في مدح عظمة هذا الدين وكفالته لجذب قلوب الباشوات.
مستعينا بالله ومعي عدة من خلفية ثقافية تحتوي بعضا من اللغة العربية والأدب وبعضا من التاريخ والسيرة وبعضا من تأثير صحبة بعض الأدباء الذين غرسوا عاطفة التقدير للمصلحين والمستنيرين ومع الزمن أدركت أن الإسلام الحنيف يأمر بالدفاع عن النفس ولو كان المعتدي مؤمنا، وأمر بمساعدة المعتدى عليه، فإيمانهم لايحقن دمهم في حال اعتدوا، وتعلمت أن الإسلام لايعتدي على المسالمين من غير ديننا، وأن الله ربط ( في سبيل الله ) بـــــ ( الذين يقاتلونكم). وان المقصود من " قاتلوا من كفر بالله " أي من الكافرين المعتدين علينا عسكريا، ولو لقيتم منهم قوما قد تغيرت حالهم وأسلموا فتجاوزوا عما فعلوا، وتعلمت من معاني القرآن والسيرة أن من يقاتلنا حل لنا قتاله عقابا قصاصا لدمائنا ولكن الله تجاوز عن قتله إذا أسلم، لأنه وقومه قوم لايعلمون، فإذا تحركنا للقصاص وأثناء القتال نطق أحدهم بالشهادة تجاوز الله عنه ولانقتص مما فعل من قتالنا، وكذا الحال لو بلغنا إسلامهم قبل لقائهم وعقابهم، فقد حقن الله دماءهم هدية لهم.
فهم القرآن مرة واحدة برعاية شروط معينة يكفي أمة كاملة.
السؤال عن فهم صحيح للقرآن ينصب على نوع معين من الهدايات القرآنية يخص الفيصل النهائي بين الحق والباطل، لو فهم القرآن فهما صحيحا مرة من طرف شخص واحد فذلك أمر جليل يكفي كل الأمة، ولذلك فهو ليس قضية بسيطة، بل مسأله هائلة عليها مدار السماوات والأرض، والقرآن لايمسه إلا المطهرون، أي لايفقهه حقا إلا من استعدت نفوسهم لتقبل مس أنواره، فهو قابل للفهم الحق بشروط:
برعاية التقوى فلايهدي الله الظالمين ولاالكاذبين.
ورعاية لغة العرب فقد أنزله الله بلسان عربي مبين.
ورعاية الميزان فقد أرسل الله الرسل بالكتاب والميزان، ولزوم الوسط وعدم التطرف.
وتجنب الخزعبلات والأساطير وروايات السابقين المرسلة المتناقضة. ورعاية المعقول الذي أنزل الله القرآن لعلنا نعقله، فلايتصادم مع بديهيات الفطرة.
ورعاية الحقائق الثابتة في الحياة والنبات والفلك والتاريخ.
وعندما يتوفر هذا الفهم لشخص أو أكثر، ورعوا كل ماسبق وفهموا القرآن بشكل يرضى الله عنه، ثم دونوا فهمه، كان ثروة للأمة وللتاريخ وقاعد للبناء عليها.. وقد كان.
جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقرآن الكريم لإصلاح الإنسان إصلاحات ثلاثة:
الأول يتعلق بصلاح وتطهير الحالات الجسمية وتهذيبها والاقتصاد في الطعام وترك أكل وشرب المحرمات، والبعد عن الوحشية والقتل والسرقة والسطو على الناس وتخريج بشر نظيف مرتب محتشم يحسن الحديث والتصرف، ولذلك آيات قرآنية عدة. والثاني يتعلق بصلاح الحالات الخلقية واكتساب صفات الرقي الإنساني من الرحمة والصدق والصبر والرفق والعدل والعفة والشجاعة والكرم والنجدة والوفاء، والعفو .. ولذلك آيات قرآنية عدة، والثالث هو معرفة الله وأسماؤه وصفاته وطرقه في التعامل وتدفع المعرفة لتحقيق مستويات من التقرب إلى الله الأحد الفرد، وإنشاء علاقة شخصية خاصة معه فرديا، وتلقي الفضل منه والتعامل الراقي معه، ولذلك النوع من الإصلاح أغلب آيات القرآن الكريم.. وهي تعلم الحياة في جنة ذكره وفهم كمالاته ودعائه ومشاهدة آيات تحقق أسمائه الحسنى بشكل حي بل يومي.
وصلاح الأمور الجسمية تعتبر من الفطرة والمحكم ولايكاد يوجد فيها مايتشابه اللهم إلا تنطعات الجماعات التي تتظاهر برعاية الدقيق وتعظم الصغير وتكفر من أجل النقير والقطمير.
وصلاح الأمور الخلقية كذلك واضح ولاريب في مفهوم الصدق ولامفهوم الوفاء ولامفهوم العفة اللهم إلا من تنطعات الجماعات التي حادت عن ذكر الله ففقدت طمأنينة القلب ورسوخه، ودخلت في حبالة الشيطان والاعتماد على الحيلة الذاتية فلم تجد سوى الكذب تستحله وتدعي أن رسولنا الكريم أباحه في مواضع طبقوها فإذا بها تكاد تستغرق مواضع الحياة.
والسعي والقلق على فهم القرآن يقصد به الإصلاح الثالث ولا يقصد به مجرد الحصول على بيانات معاني الآيات أو كيفيات ككيفية فهم أن الوضوء مهم وجميل أو المعرفة أن شرب الخمر قبيح وخبيث، ولا أن نفهم الكذب أنه حرام وقبيح أو أن الرحمة حسنة وطيبة وجميلة..
كيف نهتدي لما اختلف فيه الناس من مكامن الصعوبات؟؟ لأنه يمكن للإنسان بأبسط جهد أن يكون بشرا مهذب التصرفات، وأن يكون إنسانا صادقا حساسا طيب الخلق، إنما السؤال عن فهم القرآن يخص تلك الأمور التي اختلف فيها الناس، ويصعب الوصول لمعناها أحيانا، ولو وضحت لزال كثير من العقبات التي تحول دون نهوض هذه الأمة.
ليس كل إنسان يقلق على سؤال كيف نفهم القرآن، فهناك مايؤسف له من تفاسير للقرآن ومفاهيم للإسلام أدت لانحطاط أتباعها خلقيا، وبسبب الانحطاط الخلقي تسربت الوحشية لنفوس أصحابها، ففقدوا صفة البشرية المهذبة، ووضعت المسلمين في وضع حرج أمام العالم، ومصدر هذا أنها جمعت خرافات وثقافات الأمم السابقة، تلك التي سببت دمارها وانحطاطها وبعث رسل لتجديد الدين.
هؤلاء لايسألون كيف نفهم القرآن ويحتاجون لنوع من التغيير الجذري.
وهؤلاء لايحتاجون لطريقة لفهم القرآن بل لطريق يغيرون بها النفس،
طالما هم على حالتهم هذه من القسوة واستحلال الكذب بذرائع شتى
ويظنون أنهم يفهمون القرآن وأن الرسول سمح لهم بهذا البهتان.
السؤال عن كيف نفهم القرآن يأتي من شخص غير متعصب لامانع عنده من قبول طريقة منطقية مبرهنة لفهم القرآن.
لذلك سنركز على أن فهم القرآن عندما يسأل عنه سائل فيفترض فيه الموافقة على تهذيب النفس وتهيئتها لتلقي الفهم عن الله وهداياته الثمينة لما اختلف الناس فيه من الحق.
المقصود بالفهم هو:
الفقه، لاالفهم ..
والمنافقون عند الله لايفقهون، فما الفائدة من المناهج؟؟
· أولا الذي لايهتم بقضية الدين بشكل عميق فهمومنا معه هي جهد لدفعه للاهتمام، ولكن لوكان لدينا مهتم فاهم ولكن لايؤمن ولايسلم فهمومنا معه هي جهد البحث والإيضاح في السبب المانع الذي حجزه عن الإسلام.
· ولو كان لدينا شخص غير فاهم بسبب تعقيد اللغة فالترجمة ممكنة، وجهودنا معه تنصب على نقل محتوى العبارات حسب ماهبنا الله من الإمكانيات.
· ولو وجد الاهتمام والجدية وتم قراءة هذا الكتاب بتركيز، لأمكن عبور الهوة، وبالدعاء تذلل العقبات، والله الصمد جاهز للطلبات.
· مسألة: لو كان لدينا مسلم يشهد الشهادتين ويؤمن بالله وملائكته ورسله واليوم الآخر والكتب والنبيين ويعلم أن معاشرة الناس بحسن الخلق حق والتطهر والصلاة حق والزكاة والصوم والحج، ويعلم أن الله حرم الشرك كله وحرم القتل والسرقة والزنا والكذب، وحرم الخمر والميتة والخنزير وما أهل لغير الله به، وعلم أن الله فرض العدل والإحسان والرحمة وحرم الفحشاء والمنكروالبغي فهذا يعتبر فاهما للقرآن من حيث العموم، ولكن الكلام معه الآن هو عما اختلف فيه بين المسلمين وكل يقول أنه على الحق في الأمر الخلافي، ويحتار المشاهد السامع بينهم فيطلب منهجا للفهم يفصل بين المتخاصمين.
ولو كان هذا المسلم لايستفيد مما فهم من القرآن ولم يضعه موضعه فكيف يتصور أنه سيصل للمزيد؟؟؟
شروط المزيد من الفهم
هل هناك آلية للحصول على المزيد من الفهم حتى بلوغ التمام وبعد تمامه وتكديسه يأتي وقت وضعه موضع التنفيذ؟؟
في الإسلام لا مبرر للمزيد ولامعنى لحل الخلافات عنده إذا لم يكن الموضوع موضوع عمل وتنفيذ، وليس الأمر في نتظر الله هو حب استطلاع وجمع معلومات فقط، لأن الله يرتب مسئولية مباشرة على العلم ويقول: لم تقولون مالاتفعلون، كبر مقتا عند الله أن تقولوا مالاتفعلون. .
وسؤال كيف نفهم القرآن؟؟؟ يدفعنا للتفكير وأبسط الإجابات أن نقول: نفهمه بتغيير طريقة قولنا: اهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم، ومعلوم أنه أنعم من قبل بحسن الفهم وفهّم كثيرا من خلقه كثيرا من المشكلات.
نغيرها بإعادة فهم معنى الصلاة والتطهر والتوجه لهذا البيت بعينه وتفهم معنى ورمز حرمه وحرمته.
نحج وفي بيت الله نندمج في سؤال الله الذي أنزل الكتاب أن يفهمنا كتابه، حتى ولو كان مبينا فالله مبين أيضا، والله منزل المطر في العالم، ولكننا ندعوه أن ينزل لنا المطر أيضا عندنا أو لنا فيستجيب.
فهم القرآن حقا وصدقا يعني مس القرآن لروح الشخص، وهو لايتوفر إلا للمطهرين.
خطورة التكبر على قضية الفهم
هناك علاقة بين العمل بما نعلم وبين الازدياد في الفهم.
والعمل بفضيلة التواضع والرحمة هو أول سبل رقة القلب وتقبله للمعاني الرقيقة الراقية للقرآن حين يقرؤها.
ولايمكن تواضع مع تحيز، ولايمكن تواضع مع استبعاد فضل الله أن يؤتيه الله من يشاء، ولايمكن تواضع مع ترديد إشاعات الذم للآخرين خلف كل ناعق من الناس حولك أو حتى الأصدقاء. لقد كتب الله أنه سيصرف عن آياته الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق، وأنهم لو رأو الفهم الصحيح للقرآن والسبيل الأمثل الرشيد فلن يتخذوه سبيلا لهم، بل لو أنهم لو رأوا سبيل الضلال والغي والفهم الخاطيء طربوا له واتخذوه سبيلا وفرحوا به اجتهادا.
والتكبر على الناس بصوره العديدة يخفي في طواياه تكبرا على الله، فلايوجد تواضع مع التكبر عن الدعاء، أو الدعاء الآلي اللاهي الذي لايقطر ذلا ومسكنة لرب الوجود.
كل مسلم يعرف من المحكم في القرآن والسنة ضرورة التواضع وذم الكبر وضرورة الدعاء وذم الاعتداء.
والله يقول: ومن يؤمن بالله يهد قلبه، ويقول فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه، فمن هم المؤمنون؟؟ هم الذين وفوا ماعليهم مما ذكر الله في أول سورة : المؤمنون، ومن هم غير المؤمنين؟؟ هم الذين يستسهلون الكذب في حياتهم: إنما يفتري الكذب الذين لايؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون. ويقول الله: إن الذين لايؤمنون بآيات الله لايهديهم الله.
يا بني ماكولا، ابتعد عن محلي سفك الدم بغير الحق يرض الله عنك لأن الآدمي بنيان الرب ملعون من هدمه. لقد اقتنعت بعد عمر طويل بما اقتنعت به وتجمعت أفكاري حتى وصلت للاقتناع بفهم الإمام المهدي للقرآن الوارد في كتابه: فلسفة تعاليم الإسلام بعد المرور في مخاض عسير.
ومن حياة محمد صلى الله عليه وسلم للكاتب السابق ذكره :
يمكننا أن نقول إن الآيات ترشد إلى القواعد التالية:
أ- تُشنّ الحرب من أجل وجه الله تعالى، وليس التماسا لأية دوافع نفسية، ولا للاستكبار في الأرض، ولا للاستكثار من أية فوائد أخرى.
ب- يجوز لنا أن نحارب الذين يبدأوننا بالهجوم ولا سواهم.
ج- ويجوز لنا أن نقاتل الذين يرفعون علينا السلاح، من المقاتلين وحدهم. ولا يجوز لنا قتال من لا يساهم في المعركة.
د- وحتى بعد أن يبدأ العدو الهجوم، فإن علينا الحفاظ على إبقاء مجال الحرب في أضيق الحدود، فمن الخطأ توسيع رقعة القتال سواء من حيث المساحة على الأرض أو بالنسبة لنوعية الأسلحة المستخدمة.
هـ- ينبغي ألا نقاتل سوى الجيش النظامي الذي أخرجه العدو للقتال، ولا يجوز مقاتلة الآخرين الذين لا يقاتلون في صفه.
و- أثناء الحرب يجب المحافظة على حُرمة كل الطقوس والشعائر الدينية، وأماكن وأزمنة تأديتها. وإذا حافظ العدوّ على الأماكن التي تقام فيها المناسك الدينية، فإن على المسلمين أيضا أن يكفوا عن القتال في هذه الأماكن.
ز- إذا استخدم العدوّ أماكن العبادة كقواعد للانطلاق في هجومه فإنه يمكن للمسلمين رد هذا الهجوم، ولا لوم عليهم حين يفعلون. ولا يجوز القتال حتى في جوار الأماكن المقدسة، فمن المحظور بشكل مطلق أن تهاجم الأماكن المقدسة أو تهدم أو تخرّب أو يوجّه إليها أي فعل يضرّ بها. وإذا اتخذ العدو مكانا مقدسا كقاعدة لعملياته فإن ذلك يمكن أن يستجلب ردا مضادا، وفي هذه الحالة فإن مسئولية أي تلف يصيب المكان ستقع على العدوّ لا على المسلمين.
ح- إذا أدرك العدو خطأه في اتخاذ مكان مقدّس كقاعدة لعدوانه، وتنبّه للخطر الذي ينتج من ذلك فابتعد عن ذلك المكان المقدس، فعلى المسلمين أن يأخذوا ذلك التغيير في الاعتبار. ولا يجوز للمسلمين أن يهاجموا ذلك المكان لمجرد أن العدوّ قد بدأ هجومه منه. ولكن حرصا على قداسة المكان، ينبغي للمسلمين تغيير جبهة القتال بعيدا عن ذلك المكان المقدس، بمجرد أن يبتعد عنه العدوّ.
ط- يستمر القتال حتى ينتهي التدخل بالإكراه في الدين وفي الحرية الدينية، وعندما تتحقق حرية الدين، وعندما لا يُسمح بالإكراه في الدين، ويعلن العدوّ ذلك ويبدأ في الالتزام به والسلوك بمقتضاه؛ عند ذلك تنتهي الحرب معه، رغم أن العدو هو الذي بدأها..
قوله تعالى في الأنفال: قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ماقد سلف وإن يعودوا فقد مضت سنة الأولين، وقاتلوهم حتى لاتكون فتنة ويكون الدين كله لله ..
ومعنى ذلك أن الحرب تكون مفروضة على المسلمين، ولكن إذا توقف العدو وانتهى عنها، فعلى المسلمين فعل الشيء نفسه، وعليهم غفران الماضي. ولكن إذا لم ينته العدوّ، وظل يكرر الهجوم فعليه إذن أن يتذكر مصير أعداء الأنبياء السابقين. ويحق للمسلمين القتال حتى ينتهي الاضطهاد الدينى، أو طالما أن الدين ليس متروكا إلى الله تعالى، أو طالما أن العدوّ لم يتوقف عن التدخل والإكراه في الدين. فإذا انتهى المعتدي فعلى المسلمين الانتهاء كذلك، وليس لهم حق الاستمرار في القتال بسبب بطلان عقائد العدوّ، إن الله يعلم جيدا قيمة العقائد ووزن الأعمال وسوف يجزي عليها بفضله. وليس للمسلمين الحق في التحرش بدين قوم آخر مهما بدت عقائد هذا الدين زائفة. وإذا استمر العدوّ في الحرب بعد عرض السلام عليه، فعلى المسلمين أن يكونوا على يقين من النصر مهما كان عددهم قليلا، لأن الله سوف يعينهم، ومن أحسن من الله عونا ونصرا؟
والرد القاصم على عياض الظالم يأتيه صباح الخميس القادم بإذن الله وبمشيئته العليا.. سيفا من نور يهبه الله لفقير إلى الله وليس لعياض من الله من عاصم لو تكبر عليه عندما يأتيه.
وأحتسب عند الله كل أنواع التكفير والاستهزاء والسخرية الموجهة لي ولمن أحب، كما احتسب كثير هم خير مني، ولئن أهنت وأوذيت منكم كل هذه المهانة فقد أهنتم يامعشر الذين يهينون خلق الله المكرمين خيرا مني ومن أجدادي، ولعل الله أن يغفر لي وأن يرحمني ويعينني على الرد عليكم ردا يبقى إلى قيام الساعة منارة.
والسلام عليكم ورحمة الله
Bookmarks