أخي الكريم,
ابتداء أحييك على غيرتك على الشريعة أن ينسب إليها ما ليس منها,
ثانيا: يصدق في هذا المتكلم المثل السائر: من تكلم في غير فنه أتى بالعجائب,
وهل يشك عاقل في أن اليوم الآخر ليس من مواضيع الفيزياء وأن الهندسة ليست من علوم القرآن؟
فإذا تقرر ذلك علمنا أن مثل هذا لا يلتفت إليه أصلا لعدم اختصاصه ولتطفله على علم لم يدرسه
ولم يمارس منه شيئا كما هو ظاهر من كلامه, أعني العلم الشرعي.
ففي المقطع الثالث يقول هذا المهندس ما معناه:
سيقف الناس أمام ربهم صفا واحدا, ثم قال: الملائكة سينظمون هذا الصف ثم تلا:
( والصافات صفا فالزاجرات زجرا) الصافات: 1-2
ثم قال مفسرا: أي لمن لا يقف منضبط ! ثم قال: الملائكة يخبرون عن أنفسهم:
وإنا لنحن المسبحون وإنا لنحن الصافون فعكس الآيتين! وإنما الذي في المصحف:
( وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون) الصافات: 165-166 ثم استمر في تخبيطه إلى أن تلا قوله تعالى:
( يوم ندعو كل أناس بإمامهم ) الإسراء: 71 فقرأ كل برفع اللام بدل النصب! ثم أتى بآية لا وجود لها في القرآن
بل أدخل آية في آية فقال: هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج, كذلك لتكونوا شهداء على الناس!
ثم علق:
إن هذه بشرى...., وحتى يتبين أن هذا التلفيق المشين لكلام الرحمن لم يكن سبق لسان فإنه أعاد هذا الكلام
مرة أخرى, فأدخل بعضا من آية الحج:
قال الله تعالى: ( وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ
هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ
وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ) الحج: 78
في آية البقرة:
قال الله تعالى: ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً وَمَا جَعَلْنَا
الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللّهُ وَمَا كَانَ
اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ) البقرة: 143
ثم استمر في كلام لا زمام له ولا خطام يحدث هؤلاء المخدوعين عن أحداث يوم القيامة من غير دليل ولا حديث ولا إسناد
والغريب أن أحد لم يصحح له أخطاءه المتكررة في تلاوة الآيات بل من المضحكات المبكيات أنه أحدهم كان يسجل هذه
الخزعبلات في مذكرة كأنه يستمع بالفعل إلى رجل عالم.
هذا المهندس قال هناك جنات خمس... أعلاها جنة النعيم! ثم استطرد: لماذا أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن
الفردوس أعلى الجنة؟ قال: لأنها أقصى ما نستطيع الوصول إليه! هل بهذه الدعاوى ترد الاحاديث الصحيحة
يا مهندس؟
ولقد ذكرني جهله بالقرآن بما حكاه أبو الفرج بن الجوزي في كتاب أخبار الحمقى والمغفلين:
قال: مررت بمعلم وقد كتب لغلام وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا
لك كيداً وأكيد كيداً فمهل الكافرين أمهلهم رويداً فقلت له: ويحك فقد أدخلت سورة في سورة قال: نعم إذا كان أبوه
يدخل شهراً في شهر فأنا أيضاً أدخل سورة في سورة فلا آخذ شيئاً ولا ابنه يتعلم شيئاً.
فرحم الله ابن الجوزي لو أدرك زماننا لعلم أن مغفلي زمانه عقلاء قياسا إلى كثير من متعلمي زماننا.
والله أعلم.
لو كان الأمر إلي لجعلت الموضوع في قسم الخنفشاريات.
Bookmarks