مولانا الفارس المفروس
نشكرك على توضيحك و على أساس هذا التوضيح أصل إلى نتيجة أنه لو كنت نصرانيا لبحثتَ عن حقيقة المعتقدات الوراثية الكنائسية من خلال الكتاب المقدس (الإنجيل و تناخ) و ثم تبحث في وثوقية هذا الكتاب المقدس فتصل إلى نتيجة أن تبقى على إيمانك بما في هذا الكتاب و لا تحدو عنه حتى يصلك ما هو أحسن, و إعتقادك هذا بإمكانية قيام ما هو أحسن يستلزم الإيمان بإمكانية بعثة نبي آخر بكتاب أحسن (من حيث الدلالة و وثوقية النقل).
شيخنا حسام الدين حامد
الاختلاف لا يفسد للود قضية, و نحن هنا لا نختلف فالنتيجة واحدة لكن المناهج التي وصلنا من خلالها إلى هذه النتيجة متنوعة في جزء أكبر و متناقضة في جزء صغير, و أنا لا أقرأ كلامك قراءة عادية أو كقراءة النصوص القانونية و الثقافية و العلمية, فأنا هنا لا أقرأ كلامك إقتباسيا (و هذا واضح فأنا لم أدعى أنك تسوي بين الحنيفية و الربوبية) بل أقرأ كلامك إحتذائيا و هذا يتم بالإشارة لا بالإنشاء, ما معناه أنه عندما نتكلم في سياق معين فتخرج أنت من هذا السياق لتأتي بقصة رجل حنيفي بقى على حنيفيته ما آعتنق النصرانية و لا اليهودية, فهنا أنا أقوم بطرح سؤال أجيب عليه بنفسي و ما كان السؤال موجها لك أصلا و ذلك بسبب إمكانية وجود أكثر من جواب على سؤال (( و ما مناسبة إشارتك هنا إلى هذا الرجل الحنيفي في سياق كلامنا؟؟)) .. أنا لا يهمنى جوابك لأن السؤال غير مطروح عليك بادئ ذي بدء, بل أطرحه أنا و أجيب عليه بغض النظر عن الجواب الممكن, فأي جواب فيه إحتمالية الخلط (لا التساوي) بين الربوبية الدهرية و الحنيفية 'مع فارق في هذه الإحتمالات طبعا'.
قولك أن الإيمان بالخالق فقط - و هذا يحتمل القول بالربوبية الدهرية, و إلا فأتني بهذه الربوبية من واقع و تاريخ أوروبا- يتبع الإيمان بأن الرب الواحد لم يخلق الحياة عبثًا، وأن الحياة لها معنى، وأن الأخلاق لها معنى، , كلام لا صلة له بالواقع, أما إذا أضفنا قولك وأنه يمكن أن يرسل رسلا وينزل شرائع فهذا يتضمن ما أقوله و أذهب إليه أنا و هو: يبقى على نصرانيته -لا يعتنق مذهبا دهريا- حتى يصله ما هو أحسن أو يسمع ما هو أحسن (أو بتعبير القرآن: حتى يصله ما هو مصدقا لما بين يديه).
وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48)
وأنزلنا إليك -أيها الرسول- القرآن, وكل ما فيه حقّ يشهد على صدق الكتب قبله, وأنها من عند الله, مصدقًا لما فيها من صحة، ومبيِّنًا لما فيها من تحريف، ناسخًا لبعض شرائعها, فاحكم بين المحتكمين إليك من اليهود بما أنزل الله إليك في هذا القرآن, ولا تنصرف عن الحق الذي أمرك الله به إلى أهوائهم وما اعتادوه, فقد جعلنا لكل أمة شريعة, وطريقة واضحة يعملون بها. ولو شاء الله لجعل شرائعكم واحدة, ولكنه تعالى خالف بينها ليختبركم, فيظهر المطيع من العاصي, فسارعوا إلى ما هو خير لكم في الدارين بالعمل بما في القرآن, فإن مصيركم إلى الله, فيخبركم بما كنتم فيه تختلفون, ويجزي كلا بعمله.
http://www.qurancomplex.org/quran/ta...Sora=5&nAya=48
لا حاجة للوقوف عند هذا الحد أخي الكريم, فنحن نتفق هنا جيمعا على عدم تعظيم الإلحاد و الدهرية بشكل مجمل, و يعلم الله أن في عنوان هذا الموضوع ما فيه من رفعٍ لشأن الدهرية, رفع لا يستحقه, فالدهري لا يستطيع أن ينتقد كلاما واحدا في الكتاب المقدس اليوم, و لا يستطيع أن ينتقد أي دين بغض النظر عن صحة هذا الدين و تناقضاته, لأن أساس الدهرية أساس هش.
Bookmarks