إذن لماذا لم تضع أدلتك من القرآن الكريم أن الأحاديث التي دونت بعد وفاة الرسول بقرنين من الزمان وحيا من عند الله ؟!كما إتفقنا أن
كل نقطة نذكرها سندلل عليها
من القرآن الكريم .
إذاً هات دليلك من القرآن على أن السنة دونت بعد قرنين من الزمان.
وإذا كنت ترى أن الأحاديث دونت في عهد الرسول فأرجوا ذكر الكتب أو الأوراق التي تحتوي على هذه السنة وفي أي مكتبة نجدها وفي أي دولة موجودة ، بشرط أن هذه المخطوطات تكون بخط يد أصحابها
أيضاً أنا أريد "ذكر الكتب أو الأوراق التي
تحتوي على أن السنة دونت بعد قرنين وفي أي مكتبة نجدها وفي أي دولة موجودة ،
بشرط أن هذه المخطوطات تكون بخط يد أصحابها". هذا أولاً.
ثانياً: هذا شرط يلزمك أنت لأنك آمنت به ولا يلزمني لأني لا أؤمن به. أنا يكفيني وجود أثر الشيء لا حقيقته كما هو كما في قوله تعالى (
ائتوني بكتاب من قبل هذا أو أثارة من علم) والمطالبة القرآنية لم تشترط شرطك سواء تعلق الأمر بكتاب منقول أو علم مأثور. فشرطك باطل.
1/ إذا كانت الأحاديث وحيا ، فلماذا لم يدونها الرسول فور نزول الوحي بها، أو فور أن أتته وحيا على أي صورة من الصور، كما دون القرآن الكريم ؟!
بعد أن بينتُ أن شرطك باطل، فإن قولك:"أما إذا كانت نقلا عن علماء فهذا لا يدخل في مجال حوارنا لأنى لن أصدق هذا" يصبح باطلاً، لأن ما بني على باطل فهو باطل. لذلك سوف أنقل لك عن علماء وسوف اعتمد على التاريخ لأن القرآن لا يحصر طرق العلم ولا ينص على أنواع القرائن والأدلة
فإذا كان القرآن يحصر ذلك ويعيّنه ويحدده فهات الدليل على ذلك من القرآن، هذا أولاً. ثانياً: أنت متناقض مع نفسك وتناقضك هو من أهم أسباب تأرجح الحوار ، فأنت تنقل عن علماء قدماء تدوين السنة بعد قرنين - وهذه قضية محورية بالنسبة لك - وتصدقه ، أما إذا فعلت مثلك فلن تصدقه (
كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لاتفعلون)
2/ إذا كانت الأحاديث وحي لماذا لم يدونها الصحابة، بعد وفاة الرسول وكلهم كانوا أصحاب مسئولية ،، لماذا لم يدونها أبو بكر وقد كان خليفة المسلمين أو عمر بن الخطاب أو عثمان أو علىّ،،،، الخ، وكلهم كانوا في مواقع المسئولية ؟!
الجواب من ثلاثة أوجه:
الوجه الأول: أنه بدأ التدوين في عهده واكتمل في نهاية القرن الثاني: قال أبو هريرة رضي الله عنه: (ما من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أحد أكثر حديثاً عنه مني إلا ما كان من عبد الله بن عمرو، فإنه كان يكتب ولا أكتب).وقال صلى الله عليه وسلم في حديث اتفقت عليه الأمة وجميع المذاهب (اكتبوا لأبي شاة)، وصحيفة علي التي لا يوجد ما يخالف ثبوتها: حيث سئل علي رضي الله عنه : هل عندكم شيء
مما ليس في القرآن ؟ فقال: قال : والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ، ما أعلمه إلا فهما يعطيه الله رجلا في القرآن ، وما في هذه الصحيفة . قلت (أي الصحابي أبو جحيفة) : وما في الصحيفة؟ قال : العقل ، وفكاك الأسير ، وأن لا يقتل مسلم بكافر".
بل كان الرسول صلى الله عليه وسلم حريصاً على تصحيح الأحاديث لأصحابه - فيكون هو أول من سنة سنة ضبط لفظ الحديث - ومن ذلك أن البراء بن عازب قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن وقل اللهم أسلمت وجهي إليك وفوضت أمري إليك وألجأت ظهري إليك رهبة ورغبة إليك لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك آمنت بكتابك الذي أنزلت ونبيك الذي أرسلت قال فإن مت مت على الفطرة واجعلهن آخر ما تقول قال البراء فقلت أستذكرهن فقلت: "وبرسولك الذي أرسلت" قال: "لا ونبيك الذي أرسلت". وهو حديث لم ينكره أحد من المسلمين أو تجحده فرقة من الفرق كافة وليس عندك ما يخالفه.
الوجه الثاني: أن التدوين ليس شرطاً للحفظ أصلاً لأن الله قال (
أو أثارة من علم) كما قال (
نبئوني بعلم) ، مدوناً أو غير مدون. إذاً التدوين ليس شرطاً لا يحصل الحفظ إلا به وإنما وسيلة معينة، والصحابة شخصيات حقيقية وليست وهمية وهذا أمر متفق عليه بيني وبينك، وبالتالي فكما تواتر عندك
من غير دليل من القرآن أن أبا بكر "خليفة المسلمين" وأنه "لم يدون الأحاديث" فإنه قد تواتر عند الكافة أن الصحابة قد رووا عن الرسول أشياء اسمها أحاديث،
وليس عندك ما يخالف هذا مثلما أنه ليس عندي ما يخالف قولك أن أبا بكر كان خليفة المسلمين.
الوجه الثالث: أن الأحاديث صورة من صور الوحي، والوحي إما أن يكون توقيفي اللفظ، ينزل بلفظ ويبلّغ بذلك على صورة كتاب سماوي، وهذا القرآن، وإما أن يكون وحياً يقذفه الله في روع النبي الموحى إليه كصورة الوحي في قوله تعالى (
وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك).
3/ إذا كانت الأحاديث وحيا فمن من العلماء هبط عليه الوحي بالأحاديث الصحيحة ، ليسجلها كأحاديث صحيحة ومن منهم تخطاه الوحي فكتب الأحاديث الضعيفة؟!
لا يوجد أحد من العلماء - مع أن سؤالك سؤال "عبيط" وتعرف جوابه بنفسك - هبط عليه وحي،
كما أنه لا يوجد أحد من الصحابة ولا العلماء من بعدهم هبط عليهم الوحي بتدوين القرآن وجمعه من اللخاف والعسب والجلود، وكما أنه لا يوجد أحد من العلماء هبط عليه الوحي بضرورة تعليم القرآن وتمييز قراءة ابن شنبوذ الشاذة عن قراءة حفص عن عاصم الصحيحة.
4/ إذا كانت الأحاديث وحيا فكيف جرح وعدل فيها علماء الجرح والتعديل ، أيقوم البشر بتعديل ما أوحى به الله أم أن هؤلاء العلماء أشد علما من الله عز وجل؟!
العلماء لم يجرحوا الأحاديث وإنما جرحوا الرواة لأن الوحي الصحيح مما لا غنى للأمة عنه لا يمكن أن يحمله كذاب أو فاسق أو جاهل أو مجهول. فالعلماء لا يعدلون وحي الله وإنما ينفون عن الله ورسوله مادلت الأدلة على أنه ليس منهما. إنهم وجدوا أنفسهم أمام واقع لا مفر منه، فإما أن ينكروه ويتجاهلوه كما تفعل أنت وغيرك من منكري السنة، وجهلك بطرق التثبت أو استعصاء فهم هذا الأمر عليك ليس حجة على غيرك. فأنت لست عالم في هذا المجال، بل أنت جاهل به جهلاً مركباً حيث سبق منك أن خلطت خلطاً مشيناً بين الاصطلاحات الحديثية والسنن، ألا تذكر؟ وقد أمر الله تعالى أن ترد الأشياء إلى أصحاب الخبرة والمعرفة (
ولو ردوه الى الرسول وإلى أولي الامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم) وأولي الأمر في الحديث هم أئمة الحديث وحفاظه ونقاده. وأنت تمشي عكس التاريخ وتفسره تفسيراً متشائماً كعادتك، وهذا موقف نفسي أكثر من كونه موقف يشهد له الواقع، فإن علماء الحديث منذ عهد الصحابة إلى هذا اليوم، لا يعدلون وحي الله بتعبيرك ، وإنما يخشون أن ينسبوا إلى الله ورسوله شيئاً لا تجوز نسبته إليهم بناء على الأدلة والبراهين، وهذا منهج قرآني في التفكير والتحليل (
ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير) ومفهوم الآية أن لك أن تجادل في الله ولكن بعلم أو هدى، على أن يشهد القرآن لمنهجية العلم والهدى هذه، فما هي منهجية علماء الحديث؟ منهجية التحري والتثبت وطلب الدليل على صحة الأخبار ورد المنكر من المتون وإن صح سندها...كل هذا منهج قرآني في معالجة ما هم بصدده، والأدلة المؤيدة لذلك من القرآن على هذا كثيرة ولا تخفى عليك أصلاً.
5/ إذا كانت الأحاديث وحيا فكيف تكون ظنية الثبوت . وليست أكيدة الثبوت؟!
القطعي الثبوت هو مجمل فكرة ما تواتر أن هناك أحاديث رواها الصحابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. والظني الثبوت هو فيما يتعلق بكل حديث بعينه، ثم إن تقسيم الأحاديث إلى ظني وقطعي اصطلاح حادث، بل متعارض مع القرآن، لأن الظن في القرآن يطلق على العلم الثابت أو الشعور المؤكد كما في قوله تعالى (
وظنوا ألا ملجأ من الله إلا إليه). فكل أمر شهدت له الأدلة والقرائن لزم التصديق به وإن لم يصل العلم به إلى درجة اليقين الذي لا شك فيه. قال تعالى (
الذين يظنون انهم ملاقوا ربهم) مع أن هذا الظن درجة متأخرة ونازلة عن درجة علم اليقين التي لا يكاد يصلها أحد ومن أجل ذلك قال الله تعالى(
كلا لو تعلمون علم اليقين).
يتبع إن شاء الله...والله الهادي إلى سواء السبيل.
Bookmarks