الختم الرباني
إن التوثيق والتصويب وظيفة الختم في حياة الناس ولأهميته الكبيرة، ليس على المستوى الفردي أو المؤسساتي ؛وتعلقه في تطور ونهضة الشعوب والأمم ،بل في جدل الروح والمادة في الكون وحركة التاريخ ،فحاجة الإنسان له ملحة لحفظ أهم قضايا الحضارة على الأرض وهي (لسان ونبوة ودين وأمة) يقتضي وجود إرادة مسؤولة خلف الختم لان ممارسة التوثيق والتصويب (التصديق) بحاجة إلى رقابة وحراسة لتحقيق مقصد الحفظ والتحفظ في الواقع ، والله خير حافظاً وهو الخاتم الحقيقي ، الخالق الآمر ، ومما سبق ندرك أن مكونات الختم الرباني مبثوثة في جنبي لوح الكون آفاق وأنفس (بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ) البروج 22 , وللختم طريقتين في عملية الحفظ الأولى من خلال قوانين الكون المتعلقة بإرادة الله والثانية من خلال سنن التاريخ الاجتماعية،وهي مشروطة بإرادة الإنسان في الذاكرة الاجتماعية، ومن ذلك ندرك دور مقام محمد خاتم النبيين ص وأمته في الجانب الاجتماعي للختم الرباني في عملية الحفظ (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) الحجر 9 , فيجب على الدوام توثيق وتصويب معارفنا ومفاهيمنا (سنريهم آياتنا في الأفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم انه الحق ) ( فصلت 53 ) لذا جُعل الختم ذكراً باللسان العربي، وأنزل على قلب محمد ص حتى صار من سجاياه بل امتلأت نفسه إشباعا بمفاهيمه ودمج الختم بشخصه فكان خُلقه القرآن وصار به خاتماً ، لذا عندما تحدث الذكر الحكيم عن محمد ص منحه مقاماً لم يمنحه لنبي سابق ، ولن يمنحه لنبي لاحق ، فهو خاتم النبيين ، وجاء على وزن فاعََِل بالكسر والفتح، ليدل على أن محمد ص هو جزء من الختم الرباني أولاً فلا رسالة موثقة إلا رسالته ، وعلى البشرية أن تجعل مسيرة حياتها تطابق وتوافق رسالته بجعل القرآن مصدر الحلال والحرام وأصل وحكم وإطار عام على اللغة والفقه والمعرفة فلا نسخ فيه ولا تغيير ؛ وهو الخاتم أيضاً فلا نبي موثق يتبع إلا سنته ، ولا مُصَدق أحداً غيره وإلى يوم الدين (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنبوكم) (آل عمران 31 ) فكل الحرص على إحياء رسالته وإتباعه، مطابقة وموافقة في مسيرة حياتنا هو تعظيم لمقام خاتم النبيين (وألو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا ) وبذلك تحُفظ الحضارة الإنسانية القائمة على جدل الروح والمادة، بالتصديق الرباني الخاتمي لسان ونبوة ودين وأمة,
(وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات لنستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم ) (55النور)
Bookmarks