"إن الذي لا يدري عمَّ يبحث لا يعرف ماذا يجد"..كلود برنار عالم الأحياء الفرنسي الشهير
بهذه الكلمة المختصرة خطا برنار بقدم الباحث إلى أول خطوة نوعية بتحفيز الباعث لديه أن يعرف عم يبحث !
وقد تبدو بداهتها لأول وهلة مشابهة لتحصيل الحاصل , ولعل قارئا أن يقول : "ما الجديد؟! من المعلوم أن الباحث بطبيعة الحال يعرف عم يبحث!" وليس الأمر كذلك من كل وجه ,فقد وجدنا من يسمي نفسه باحثاً.. يعتقد ذلك أشد الاعتقاد وتراه مع هذا يخبط خبط عشواء ويتهادى في سيره في كل الأنحاء دون بصيرة تنير له الطريق الواصل بين نقطة الانطلاق والهدف ,والسبب :لم يحدد هذا الهدف او حدده بما أفضى لصورة مشوهة جعلت طرائقه في تطلب الحقيقة ووسائله في تحصيل العلم كالمتاهة المتداخلة في خطوط متعرجة فلايسلك منها سبيلا إلى عاد للمربع الأول وقد ينتكس فيغور بعيدا إلى ما قبل المربع الأول..وخذ مثالا مذللاً :
لنفرض أن شخصاً مرتحلاً يريد الحج وليس من أهل الخبرة بالطرق وقد تزود لذلك بخريطة.. من جهة الأصل العريض : يعرف بداهةً أن الحج يؤدى في مكة شرفها الله تعالى..فصارت غاية بحثه الحقيقية :وجدان موضع مكة..ولاضير عليه بعد ذلك أن يمكث الساعات الطوال في تعيين مكانها ..فإنه بنظره الساذج في الخريطة لابد واصلٌ بعينه إلى موضعها..فلم يبق إلا مقارنة محله بها ..حتى يصل !..والآن هب أنه قال:أريد الحج.. ولا يعرف أن مقام الحج في مكة..فخرج يهيم في الطرقات يسأل كل من لقي
كيف أحج؟ ماذا لو لم أدرك الوقوف بعرفة..؟ هل أحلق شعري؟ ..إلخ وهكذا حتى طوي الموسم ,فلا أدى نسكه ولا عرف كيف يؤدى الحج! ثم لم يسلم مع هذا من أذاه الناس ,
إذن:تحديد الغاية بصدق وتحريرها بحق مما يعين على نصب الدليل من الجهة التي يوصل بها إلى المطلوب
وهذا يقود إلى طرق العلم والمعرفة..والله الهادي إلى أقوم سبيل
Bookmarks