المظاهرات المنددة بالظلم المطالبة بالحق - التي لا قتل فيها ولا انتهاك أو إفساد للأموال - يشهد لها عموم قوله صلى الله عليه وسلم :"
أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر" ، أو كما قال. والحديث أطلق ولم يحدد ما إذا كان قول كلمة الحق من فرد أو جماعة ، وعموم قوله تعالى (
وتواصوا بالحق) وقوله تعالى (
وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) وقوله صلى الله عليه وسلم :"
النصيحة لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم" ، والنصيحة ليس لها صورة معينة، والمظاهرات - بالقيد المذكور - من صور النصيحة، فمن النصح ما يصلح أن يكون علناً ومنه مالا يصلح إلا سراً، ومنه ما يصلح فيه فرد لفرد ومنه ما يصلح فيه جماعة لفرد أو جماعة، بحسب ما يقتضيه المقام والمصلحة.
فائدة فقهية: اللذين منعوا المظاهرات أو حرموها بنوا حكمهم على قاعدة معروفة هي قاعدة "اعتبار المظنة" ، ولما كانت المظاهرات مظنة حصول فوضى أو إتلاف للممتلكات أو إضرار بالأبرياء ، أقيمت المظنة مقام اليقين ، وأعطيت حكمه، وهذه القاعدة فرع عن قاعدة اعظم منها هي قاعدة "سد الذارئع"، وهي قاعدة يعول عليها الإمام مالك رحمه الله في أصول أحكامه كثيراً.
Bookmarks