تأصيل في مسألة الخروج على الحاكم المسلم وأنها تكون بالكلام وتكون بالسيف ..
قال العلامة الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله تعالى - في تعليقه على رسالة الشوكاني: رفع الأساطين في حكم الاتصال بالسلاطين: ((فقد وجهت اﻻنتقادات إلى أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم أجمعين بل العجب أنه وجه الطعن إلى الرسول عليه الصلاة والسلام قيل له: اعدل، وقيل: هذه قسمة ما أريد بها وجه الله! وقال الرسول - صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ((إنه يخرج من ضِئْضِئ هذا الرجل من يحقر أحدكم صلاته عند صلاته، يعني: مثله، وهذا أكبر دليل على أن الخروج على الإمام يكون بالسيف، ويكون بالكلام، هذا ما أَخَذَ السيفَ على الرسول - عليه الصلاة والسلام - لكنه أنكر عليه، وما يوجد في بعض كتب أهل السنة، من أن الخروج على الإمام: هو الخروج بالسيف، فمرادهم بذلك: هو الخروج النهائي الأكبر، كما ذكر النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم- الزنى يكون بالعين، ويكون بالأُذُن، ويكون باليد، ويكون بالرجل، لكن الزنى الأعظم: هو زنى الحقيقة، هو زنى الفرج، ولهذا قال: ((الفرج يُصدِّقه أو يُكذِّبه)).
قال: ((فهذه العبارة من بعض العلماء: هذا مرادهم، ونحن نعلم علم اليقين بمقتضى طبيعة الحال: أنه لا يمكن خروج بالسيف إلا وقد سبقه خروج باللسان والقول، الناس لا يمكن أن يأخذوا سيوفهم يحاربون الإمام بدون شيء يثيرهم، لا بد أن يكون هناك شيء يثيرهم، وهو الكلام، فيكون الخروج على الأئمة بالكلام خروجًا حقيقة، دلَّتْ عليه السنة، ودلّ عليه الواقع.
أما السنة فعرفتموها، وأما الواقع: فإنا نعلم علم اليقين: أن الخروج بالسيف فرع عن الخروج باللسان والقول، لأن الناس لم يخرجوا على الإمام ( بمجرد أخذِ السيف ) لا بد أن يكون توطئة وتمهيد: قدح في الأئمة، وستر لمحاسنهم، ثم تمتلئ القلوب غيظًا وحقدًا، وحينئِذٍ يحصل البلاء )).
قال ابن سعد في ((الطبقات الكبرى)): أخبرنا عبد الله بن إدريس عن محمد بن أبي أيوب عن هلال بن أبي حميد قال: سمعت عبد الله ابن عكيم يقول: لا أُعين على دم خليفة أبدًا بعد عثمان، فقيل له: يا أبا معبد، أوَ أعَنْتَ على دمه ؟ فيقول: ((إني أَعُدُّ ذِكْر مساويه عونًا على دمه )) أخرجه ابن أبى شيبه فى المصنف(12/47)وابن سعد فى الطبقات(6/115). وعنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ قِيلَ لَهُ أَلاَ تَدْخُلُ عَلَى عُثْمَانَ فَتُكَلِّمَهُ فَقَالَ أَتُرَوْنَ أَنِّى لاَ أُكَلِّمُهُ إِلاَّ أُسْمِعُكُمْ وَاللَّهِ لَقَدْ كَلَّمْتُهُ فِيمَا بَيْنِى وَبَيْنَهُ مَا دُونَ أَنْ أَفْتَتِحَ أَمْرًا لاَ أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ فَتَحَه. أخرجه مسلم(2989).
Bookmarks