صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 15 من 19

الموضوع: من فقه السياسة الشرعية :كلام في المظاهرات..وغيرها

  1. #1

    افتراضي من فقه السياسة الشرعية :كلام في المظاهرات..وغيرها

    الحمد لله الذي نصر إخواننا فزلزل برجع صدى أصواتهم عروش الطغاة , الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه , إنه نعم المولى ونعم النصير ..أحمدك ربي (تؤتي الملك ممن تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير)...والصلاة والسلام على إمام الحنفاء وقائد الخلفاء القوامين بالقسط :محمدٍ البشيرِ النذير
    ما بين الغضبتين ..في تونس ومصر, يلوح في الخاطر طيفا الشابّي وشوقي وحكمتيهما الغضّتين:
    ومن يتهيّب صعود الجبال ***يعش أبدَ الدهر بين الحفرْ
    وللحرية الحمـراء بابٌ***بكل يـدٍ مضـرّجةٍ يـدقُّ
    حداني إلى ما ترون بعض الفضلاء لما لمسوه من ضرورة بيان الرأي الآخر حتى لا يتهم الإسلام بجريرة الخطأ الاجتهادي..فكان أول مقصد عندي هو هذا فليس ما يقوله شيخ أو عالم هو بالضرورة الممثل للشرع وفرق بين الوحي المعصوم , والرأي الذي ينسب لقائله حسبما أذنت به الشريعة من فسحة الاجتهاد فيما هو في دائره ما يسوغ فيه اختلاف الفهوم..وقد اشتطّ فريق من الناس في فهم حقيقة المنزلة التي أنزلها اللهُ الحاكمَ..حتى صار من لوازم بعض فتاويهم أن تكون طاعته عمياء على غرار بعض نظريات أدعياء الإسلام في الولاية-مع الأسف- وإن لم يصرحوا بذلك بلسان المقال بطبيعة الحال
    والكلام في رسائل خاطفة :
    - الأحكام في الشريعة الإسلامية من جهة الإذن والمنع لا تخرج عن ثلاث دوائر:دائرة هي حرام بيّن , وأخرى حلال بيّن..وبينهما أمور جعل الله الكلام عليها مما تتجاذبه أنظار العلماء لتحقيق سنته في السعة..والمسلم العامي الذي لا يقوى على التمييز بين مراتب الأدلة, فرضُه أن يجتهد في اختيار الأوثق الجامع بين الرسوخ في العلم والورع في الدين..ولهذا لا يسوغ لغير المسلم أن يتخذ الخلاف بين العلماء في بعض المسائل ذريعة للإعراض عن الإسلام فإنما المعول في محاكمة كل دين مصادره التي ينهل منها وهي هنا=الكتاب والسنة ..لا على فهم آحاد الناس
    -المظاهرات السلمية للتعبير عن الرأي ..من باب الوسائل ,وليست هي في نفسها غاية ..وما كان كذلك فهو تبع لأحكام المقاصد ,أي أن ما كان مقصده محرماً فالوسيلة إليه محرمة..وماكان المقصد منه مشروعا فكذلك الوسيلة بشرط أن تكون هي في نفسها مباحة..فمثلا :مقصد تحقيق النكاية في اليهود الغاصبين بالحصول على بعض أسرارهم :مشروعٌ ,ولكن هذا المقصد لا يسوغ أن تكون الوسيلة محرمة في ذاتها كمبيت أحد المسلمين مع إحدى اليهوديات اللائي يعملن في الجهاز العسكري في ليلة حمراء توسلا بذلك للحصول على معلومات منها!..والمظاهرات ليس في الشرع ما يمنع منها أصالةً..والمقصد منها إنكار الظلم والطغيان والفساد ونصرة المستضعفين ,والمصلحة المرسلة والوسيلة المشروعة تباين البدعة في أمور منها أن الأولى لم يقم مقتضٍ يستدعي تحقيقها في العصر النبوي كعمل الدواوين والبريد..أو وجد المقتضي وحصل مانع كمكبرات الصوت لتوصيل الأذان ,بخلاف البدعة فقد قام المقتضي وانتفى العمل ..كعمل عيد ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم ,فإن حبه وتعظيمه مما يقتضي تخصيص يوم لذلك كما تفعله الأمم لعظمائها فلما أعرض الشارع عنه علمنا أنه بدعة
    -والذين يدعون أن المظاهرت خروج على الحاكم -على فرض أنه مسلم- ذهلوا فيما يبدو عن أن الدستور الوضعي الذي هو عقد بين الحاكم والمحكوم ينص في المادة 54 على أن للمواطنين حق الاجتماع السلمي ودون إذن سابق ولا يحق للأمن منعهم ..فأي الفريقين أحق بوصم المخالفة هنا؟ ,أم أن طاعة الحاكم صارت تعني تحسّس ما يرضي قلبه وتلمّس ما يغضبه ولو لم يصرّح به !؟
    - وعامة مشايخ الصدق الذين توقفوا فيها-أعني المظاهرات- أو حرموها ,فإنما صدروا عن اجتهاد مفاده أن المفسدة الحاصلة بها أعظم لما قد تؤدي من فوضى ونحو ذلك..لا أنهم حرموها لذاتها, وهذا التعليل وحده كاف في انتفاء نسبة التحريم لعقيدة السلف ,فإذا غلب على ظن أهل النظر والخبرة أن المصلحة راجحة ..صير إلى القول بمشروعيتها على الأصل , بل إن المحققين من العلماء عللوا المنع من الخروج على الحاكم المسلم الذي فيه ظلم –وفرق بين الخروج والمظاهرات كما سيأتي-بأن ( الفساد في القتال والفتنة أعظم من الفساد الحاصل بظلمهم بدون قتال ولا فتنة، فلا يدفع أعظم الفسادين بالتزام أدناهما) كما يقول ابن تيمية نور الله قبره..فلو كان العكس تغير الحكم..
    -ثم إن من أعظم الأخطاء المنهجية في التعامل مع النوازل تنزيل بعض النصوص معزولة عن سياقها وحالها التي وردت فيه
    * فمن ذلك مثلا انتفاء المصلحة التي جاء الحكم منوطا بها ,فحينئذ ينتفي الحكم تبعا لذلك
    لما تقرر أن الحكم يدور مع علته,ومن الأدلة عليه :نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ادخار لحوم الأضاحي فوق ثلاث ثم أذن في العام القابل, أخرج ذلك البخاري عن سلمة بن الأكوع عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من ضحى منكم فلا يصبحن بعد ثالثة وبقي في بيته منه شيء فلما كان العام المقبل قالوا يارسول الله نفعل كما فعلنا عام الماضي فقال:كلوا وأطعموا وادخروا فإن ذلك العام كان بالناس جهد فأردت أن تعينوا فيها ) فبين عليه الصلاة والسلام تغير الحكم من المنع إلى الإذن لزوال العلة
    *ومن ذلك تغير العُرف الذي جاء الشرع موافقا له,فعن ابن عمر رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر صاعا من تمر ..)فهذا قوتهم يومئذ ,فهل ثم اليوم من يأخذ الشعير؟
    تغيرَ العرفُ وصار من القوت المتعارف: الأرز..فيجوز إخراج زكاة الفطر منه تبعا لتغير العرف
    *ومن صور تغير الفتوى مراعاة تغير الحال,ويشهد له ما جاء في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم سأله عن أعرابي عن ضالة الإبل فقال : (دعها فإن معها حذاءها وسقاءها ترد الماء وتأكل الشجر حتى يجدها ربها ) ثم في عهد عثمان رضي الله عنه وهو الخليفة الراشد أمر بالتقاط ضوالّ الإبل حفظاً لمصلحة أصحابها لتغير حال الناس وقلة الأمانة ,ففِعل عثمان ظاهره المخالفة الصريحة لأمر الرسول! ولكن حاشاه رضي الله عنه ,فإنما فهم بعقله الراجح وفقهه أن نهي النبي-صلى الله عليه وسلم- منوط بصورة معينة وفعل عثمان هذا مندرج في معنى وصية النبي"وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي" .يتبين من هذا كله ووفقا لقاعدة الحكم على الشيء فرع عن تصوره أن تغير صورة المسألة ولو في جزئية ما, قد تكون سببا لتغير الحكم بحسبها, وعليه فإذا أفتى فقيه في مسألة بناء على صورة معينة ثم طرأ عليها ما به تغيرت صورتها..فلابد أن يتغير الحكم تبعا لذلك بحسب هذا التغير وموقعه , ومن هنا ما يفتى في مصر لا يلزم بالضرورة أن يصح في بلد غيرها ..
    -ثم من قال إن المظاهرات خروج على الحاكم ؟! ..هذا قياس غير سديد بل هو بعيد..من وجوه:
    1-ما سبق بيانه أن الدستور الذي حلف عليه الحاكم وتعهد به وتعاقد مع شعبه عليه ..ينص على الإذن بها ودون إذن سابق
    2-أن الخروج الذي جاء النهي عنه هو الخروج بالسيف الذي يغلب على الظن رجحان مفسدته على مفسدة بعض مظاهر الظلم من قِبله..
    3-وأنه لو قيل بالتسوية بينهما كان هذا ذريعة لإقرار المنكرات والسكوت عنها مما يشعر هذا الحاكم الجائر أن شعبه راض عنه محتجاً بإجماعهم السكوتي!..لأن حاصل ما يقولونه يقتضي هذا ..وقد كان السلف ينكرون جهارا على ما يرونه من شيوع المنكرات ..كما سيأتي
    -ثم من قال إن هؤلاء لم يُرَ منهم الكفر البواح الذي عليه من الله برهان؟..أقل ما يقال فيهم إنه قد قام البرهان عند ثلة من العلماء على ذلك ومن أظهر ما وقعوا فيه من مكفرات محاربة الدين نفسه تحقيقا لا تهويلا, وتبديلُ الشريعة وموالاة اليهود والغرب والشرق,يقول علّامة مصر أحمد شاكر : ( إن الأمر في هذه القوانين الوضعية واضح وضوح الشمس هي: كفر بواح، لا خفاء فيه ولا مداورة، ولا عذر لأحد ممن ينتسب للإسلام – كائناً من كان – في العمل بها أو الخضوع لها أو إقرارها) وقد سبق قبل قليل أن فئاما من الناس تنزل النصوص بعد بترها عن واقعاتها وسياقها ,وهذا موضع يصح التمثيل به حيث يستدلون بما روي عن ابن عباس "كفر دون كفر"-بصرف النظر عن الجدال حول صحته من عدمه فليس ذا بمؤثر على النتيجة كما يتوهم المتخاصمان- بعدما اقتطعوا أن هذا ردٌ منه على الخوارج الذين كفروا الفريقين لمجرد ظنهم أنهم خالفوا حكم الله في بعض الوقائع أي بمنزلة العاصي الذي يتنكب حكم الله فيشرب الخمر مثلاً..وهذا مباين أشد المباينة للتشريع من دون الله تبارك وتقدس, وهو سن قوانين عامة مغايرة لحكم الله تعالى .وشتان بين تشريع حكم مخالف ُيحمَل الناس عليه وبين ترك طاعة الله في وقائع,يقول العلامة محمود شاكر-أخو العالم السالف- في حاشيته على الطبري (لم يكن سؤالهم عما احتج به مبتدعة زماننا ، من القضاء في الأموال والأعراض ،والدماء بقانون مخالف لشريعة أهل الإسلام ، ولا في إصدار قانون ملزم لأهل الإسلام بالاحتكام إلى حكم غير حكم الله في كتابه ، وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم فهذا الفعل إعراض عن حكم الله ، ورغبة عن دينه ، وإيثار لأحكام أهل الكفر على حكم الله سبحانه وتعالى وهذا كفر لا يشكّ أحد من أهل القبلة على اختلافهم في تكفير القائل به والداعي إليه)..ولهذا حين حدثت بالأمة نازلة الياسا جاء فهم أئمة الأسلام سالماً من الغبش ,يقول الحافظ ابن كثير : (فمن ترك الشرع المحكم المنزل على محمد بن عبد الله خاتم الأنبياء وتحاكم إلى غيره من الشرائع المنسوخة كفر فكيف بمن تحاكم إلى الياسا وقدمها عليه من فعل ذلك كفر بإجماع المسلمين )..وقد صدر في حسني خاصة بيان إبان خنق غزة المقدسة لصالح اليهود..وقع عليه طائفة من العلماء والدعاة يتعلق بتكفيره ..وليس من غرضي هنا الحكم على شخصه فهو غير مؤثر على النتيجة على كل حال..ولا بيان حقيقة كفر التشريع
    -ثم هل يصح تسمية الحاكم "ولي أمر" إذا لم يكن محتكما للشرع ؟ وما الأمر الذي يليه إذا لم يكن الشريعة؟يقول الماوردي في الأحكام السلطانية : ( الإمامة موضوعة لخلافة النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا به ),لقد فطن الشيخ عبد المنعم شحات لهذا المعنى وهو من أفضل سلفية مصر في التنظير السياسي الشرعي ,يقول حفظه الله تعالى : (ونحن نرى أن بعض الإسلاميين يخلط بين مفهوم الولاية الشرعية، وبين السلطات المدنية الحاكمة الآن ), بل مايز الشيخ الدكتور صلاح الصاوي وفقه الله بين مسألة سقوط الولاية والحكم على شخص الحاكم بإيمان أو كفر ونفى ارتباط أحدهما بالآخر فقال: (إن الذي يتأمل واقع هذه الولايات في المجتمعات التي استبدلت فيها المناهج الوضعية بالشريعة الإسلامية، وفصلت فيها الدولة عن الدين، وتحاكمت في الدماء والأموال والأعراض إلى غير ما أنزل الله ليدرك بالبداهة بطلان هذه الولايات وانعدام شرعيتها من الأساس) ثم يقول : (لا تعلق لهذه الدراسة بقضية إيمان أو كفر أشخاص القائمين على أمر هذه المناهج الوضعية) وهذا الذي قاله الدكتور صلاح مسدد ويدل عليه حديث أم الحصين الأحمسية عن النبي صلى الله عليه وسلم : (إن أمر عليكم عبد مجدع يقودكم بكتاب الله تعالى فاسمعوا وأطيعوا) وهو مخرج في صحيح مسلم وغيره
    - وتجد بعضهم يستدل بحديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه (تسمع وتطيع للأمير وإن جلد ظهرك، وأخذ مالك) وسبق الإشارة أنها زيادة معلة بالإرسال كما قال الحافظ العبقري الدارقطني وهو ما يفهم من صنيع مسلم لأن أبا سلام وهو ممطور الحبشي لم يسمع من حذيفة رضي الله عنه, ولكن ليس ها هنا حقيقة الإشكال, إذ لا ينبغي حمل الحديث على معنى تكريس الظلم والسكوت عن إنكاره حتى كأن الشريعة جاءت بترسيخ الخنوع في النفوس!..فهذا الذي حمّلوه الحديثَ مخالفٌ لقواعد الشريعة الكبار كما أشار غير واحد من الفقهاء..بل غايته أن يحمل على الصبر الذي يؤدي عدمه إلى مفسدة أعظم..قال العيني رحمه الله : ( وقال الداودي : الذي عليه العلماء في أمراء الجور أنه إن قدر على خلعه بغير فتنة ولا ظلم وجب، وإلاّ فالواجب الصبر ) وقد رأينا عياناً كيف أفضت بعض أفهام المعاصرين في هذه الأقضية إلى صد الناس عن دين الله تعالى..
    -ثم إن الظلم لبعض الرعية ..لايجوز قياسه على الإفساد العام بشيوع المنكرات والفواحش , ولهذا قال الجويني في الغياثي : (إذا تواصل منه العصيان ، وفشا منه العدوان وظهر الفساد وزال السداد وتعطلت الحقوق وارتفعت الصيانة ووضحت الخيانة فلا بدّ من استدراك هذالأمر المتفاقم فإن أمكن كف يده وتولية غيره بالصفات المعتبرة فالبدار البدار وإن لم يمكن ذلك لاستظهاره بالشوكة إلا بإراقة الدماء ومصادمة الأهوال فالوجه أن يقاس ما الناس مندفعون إليه مبتلون به بما يعرض وقوعه ..إلخ)..ويقول : (فإذا أفضى الأمر إلى خلاف ما تقتضيه الزعامة والإيالة-يعني السياسة- فيجب استدراكه لا محالة) ,وحسني وأضرابه تواصل منهم كل ذلك مع زيادة في الكفر ,
    -وقد ذكر عمرو بن العاص رضي الله عنه من خصال الروم "وخامسة حسنة جميلة :وأمنع من ظلم الملوك"كما ثبت في صحيح مسلم من حديث المستورد بن شداد رضي الله عنه..وسياق التمدح ظاهرٌ نصاً
    -وليس مجرد وقوع بعض الأذى واللأواء لبعض المتظاهرين مما يعد مفسدة راجحة إذا غلب على الظن أنها محتملة بقرانها مع المفاسد الحاصلة في عموم الأمة, يقول ابن أبي بكر الحنبلي: ( كان من عادة السلف الإنكار على الأمراء والسلاطين والصدع بالحق وقلة المبالاة بسطوتهم إيثاراً لإقامة حق الله سبحانه على بقائهم واختيارهم لإعزاز الشرع على حفظ مهجهم واستسلاماً للشهادة إن حصلت لهم )
    -وما عاد خفياً أن نسبة تحريم المظاهرات ونحوها كالإضرابات لاعتقاد السلف من الجناية لا على السلف وحدهم بل على الدين نفسه ,وبعضهم قد يسوّغ حكمه بأنها عادات غربية..فيقال لهم:والخندق عادة فارسية..وكذا استحداث نظام الديوان في العهد العمري العظيم..إلخ ,فهذا كله من قبيل الوسائل المباحة فيكون حكمها منوطاً بحكم الغاية التي تقصد من ورائها ..كما تقدم وهذا التأصيل مما لا ينبغي أن يخالف فيه أحد ومظانه أصول الفقه والكتب المخصوصة في البدع , ومن طريف أخبار الإمام مالك أنه أضرب عن التعليم حين قتل شاب أخاه الأصغر حسداً له فحكم عليه بالقتل فجاء والداه إلى حاكم المدينة يعلنان العفو فأراد الأمير إسقاط الحكم تبعا لعفوهما غير أن الإمام مالكاً رحمه الله أبى! لأن قتله كان غيلة وعلى مذهب مالك :لا يُسقط عفوُ أولياء الدم الحقَّ في قتله إن كان غِيلة فيكون الحق عاماً حينئذ،فلما رأى أن الأمير لايريد قتله قال:والله لا أتكلم في العلم حتى يقتل، فتحرك الناس حتى قتل ! وهذا من جنس الإضراب ..وهو كما ترى وسيلة في الاعتراض وإنكار المنكر
    -ومن بديع ما أصّله ابن القيم أن المسائل التي يحار فيها الناس لاضطراب الأقوال..ينظر فيما أفضت نتائجها وثمراتها
    وقد رأينا ولله الحمد بشريات عودة القنوات الإسلامية..وغير ذلك كثير ,مع العلم أن مجرد إزالة النظام الفاسد أو الطاغية مقصد شرعي بحد ذاته ..بقطع النظر عمن يأتي بعده ..وهذا من مواضع التئام السنن القدرية مع السنن الشرعية..وذلك أن الله يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ويأمرنا بالسعي نحو تغيير المنكر وإصلاح رعاته أو تنحيتهم في حال الإمكان

    وأخيراً..فليس هذا هو كل ما ينبغي قوله..لكن فيما كتب كفاية إن شاء الله تعالى ..وفي العصر المعاش كثير من علمائنا من ذوي الاعتقاد السلفي النقي ممن لا يشكك في طهارة أثوابهم إلا خَلَفيّ أو متعصب وهم مخالفون لأولئك ومن أراد أن أسمي له فعلت ..
    ومن شاء أن أعزو له قولاً مما ورد في المقال فمرحباً به..فهذا ليس بحثاً حتى ألتزم التحشية وإنما مقال عابر اقتضته المصلحة ..وقد استخرت الله عز وجل قبل وضعه..ولست في وارد الرد على أحد..والوقت أثمن من تضييعه في جدالات ..وحق الموقع علينا أن نتعاون فيما هو أولى أعني تفنيد حجج المبطلين من ذوي الملل الكفرية
    والله يقول الحق وهو يهدي السبيل
    التعديل الأخير تم 02-17-2011 الساعة 07:33 AM
    مقالاتي
    http://www.eltwhed.com/vb/forumdispl...E3%DE%CF%D3%ED
    أقسام الوساوس
    http://www.eltwhed.com/vb/showthread...5-%E3%E4%E5%C7
    مدونة الأستاذ المهندس الأخ (أبو حب الله )
    http://abohobelah.blogspot.com/

  2. #2

    افتراضي

    إنني أحب الشيخ محمد عبد المقصود كما أحب الشيخ أبا إسحاق الحويني وغيرهما كثير من رموز هذه المدرسة الأصيلة..حباً ضارباً جذوره في سويداء القلب..وأما قلته عن أصحاب المنهج التخذيلي فليس لقول تبنّوه في أمر فقهي..بل لما يلمسه كل مطالع من آثار هذا المنهج المنسوب للسلفية (بعضهم يظن أن مسمى السلفية هو إمرار الصفات كما جاءت من غير كيف. وبس!)وهو أمر يعرفه الخاصة والعامة ,وحاصله جرح وتجريح في العلماء الربانيين والمجاهدين الصادقين لهفوات تصيدوها عليهم وهم في مواقع الثغور ورميهم بالبدع والضلال وصد الناس عن نصرة إخوانهم لو يشعرون! وكم شغلوا الناس وما يزالون في تفريق الأمة وأيديهم ممسكة بقطب رحى يطحنون بها "سيد قطب" وغيره وغيره وغيره من أقطاب العزة الإيمانية الكبار لما تقاعست هممهم عن درك معالي هؤلاء..وليتهم إذ فعلوا ذلك ,أنكروا على أمراء السوء ..ولكن هيهات! فتلك منزلة شريفة حرمهم الله منها فلا يؤتاها كل أحد
    ومن أشد ما يغيظ أفئدة الموحدين ويؤذي ضمائرهم أنهم لا يتورعون عن قالة التعدي حتى في زمن المحن ففي الوقت الذي يرخص فيه بعض الشباب المسلم المناضل أرواحهم من أجل الإصلاح وتغيير الطغاة ..يخرج هؤلاء أثناء جريان الدماء الثاعبة ليشتموهم بقبيح النعوت مستخفين بمشاعر الملايين ثم يقحمون هذا الشتم بين قال الله وقال رسوله ..فما أشد فتنتهم!!
    التعديل الأخير تم 02-17-2011 الساعة 07:39 AM
    مقالاتي
    http://www.eltwhed.com/vb/forumdispl...E3%DE%CF%D3%ED
    أقسام الوساوس
    http://www.eltwhed.com/vb/showthread...5-%E3%E4%E5%C7
    مدونة الأستاذ المهندس الأخ (أبو حب الله )
    http://abohobelah.blogspot.com/

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Oct 2010
    الدولة
    مصري من مدينة الإسكندرية يعيش في الغرب
    المشاركات
    2,687
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    جزاكم الله خيرا بحث ممتاز في الحقيقة وفيه زيادات لامكرورات

  4. #4

    افتراضي

    الأخ الحبيب أبا القاسم :
    ما شاء الله على ما كتبت لنا وأخرجت ...
    وقد اقتبست رسالتك هذه بأكملها : وقمت بتنسيقها وتلوينها في ملف وورد :
    وجعلتها إحدى رسالات (فائدة اليوم) خاصتي برقم : 134 ........... من بعد إذنك ..
    مع ذكر المصدر بالطبع ...

    رسالة واضحة وبسيطة بالفعل ..

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    الدولة
    الكويت
    المشاركات
    3,251
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    بارك الله فيكم.

    أعجبني جداً تفسير سيد قطب رحمه الله لهذه الآية الكريمة:

    قال تعالى: (( فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ ) ) [ الزخرف :54 ] .

    وفي ذلك يقول الأديب الكبير سيد قطب رحمه الله : (( إنما هي الجماهير الغافلة الذلول ، تمطي له ظهرها فيركب ! وتمد له أعناقها فيجر! وتحني له رؤوسها فيستعلي ! وتتنازل له عن حقها في العزة والكرامة فيطغى ! والجماهير تفعل هذا مخدوعة من جهة وخائفة من جهة أخرى . وهذا الخوف لا ينبعث إلا من الوهم . فالطاغية وهو فرد لا يمكن أن يكون أقوى من الألوف والملايين ، لو أنها شعرت بإنسانيتها وكرامتها وعزتها وحريتها . وكل فرد فيها هو كفء للطاغية من ناحية القوة ولكن الطاغية يخدعها فيوهمها أنه يملك لها شيئاً! وما يمكن أن يطغى فرد في أمة كريمة أبداً . وما يمكن أن يطغى فرد في أمة رشيدة أبداً . وما يمكن أن يطغى فرد في أمة تعرف ربها وتؤمن به وتأبى أن تتعبد لواحد من خلقه لا يملك لها ضراً ولا رشداً ! فأما فرعون فوجد في قومه من الغفلة ومن الذلة ومن خواء القلب من الإيمان ، ما جرؤ به على قول هذه الكلمة الكافرة الفاجرة : { أنا ربكم الأعلى } . . وما كان ليقولها أبداً لو وجد أمة واعية كريمة مؤمنة ، تعرف أنه عبد ضعيف لا يقدر على شيء . وإن يسلبه الذباب شيئاً لا يستنقذ من الذباب شيئاً ! وأمام هذا التطاول الوقح ، بعد الطغيان البشع ، تحركت القوة الكبرى : { فأخذه الله نكال الآخرة والأولى } )).
    {قل هو الرحمن آمنا به وعليه توكلنا، فستعلمون من هو في ضلال مبين}


  6. #6

    افتراضي

    قال شيخنا محمد اسماعيل المقدم : ان الخروج المنهي عنه في الاجماع المتاخر هو الخروج المسلح علي الحاكم ( لا المظاهرات السلمية المطالبة بالحقوق )

    وقال اخينا الفاضل ابو القاسم المقدسي:
    2-أن الخروج الذي جاء النهي عنه هو الخروج بالسيف الذي يغلب على الظن رجحان مفسدته على مفسدة بعض مظاهر الظلم من قِبله..
    قلت:

    التظاهرات التي تطالب بالحقوق احد الاحوال ولا اظن انها مما يختلف فيه

    اما التظاهرات التي لا تعود ولا تنفك الا عند خلع الحاكم عن منصبه
    ويوم الجمعة العصر ستكون في القصر
    (حتي ان مبارك ترك القصر ساعة العصر علما منه بان الكرسي اصبح للشعب )
    فرايي انها من الخروج الكامل
    خاصة وان المتظاهرين تسلحوا بالبيبسي كولا و بالسبراي الاسود لتغطية نوافذ المدرعات وتم حرق سيارات النظام الفاسد بالمولتوف


    ونتفق علي ان بعض طلاب العلم قد انحرفوا عن سبيل الحق
    وسلخوا المخالفين لهم
    ورؤوا ان الحق منحصر في بعض شيوخهم
    وان المحكم للقانون الوضعي المخالف للشريعة انما هو ولي الامر الشرعي للمسلمين
    ولكن بعضهم تاب واناب ونعلم منهم كثير
    واتخذ منهجا وسطا
    نسال الله ان يجتمع اهل هذا المنتدي علي الحق باذنه
    اللهم انك عفو كريم تحب العفو فاعفُ عنا

  7. #7

    افتراضي

    قد حملت على نفسي عدم تتبع الاعتراضات والردود..لأني في شأن أهم من ذلك..
    فلا يفهمن أحد من إحجامي عن التعليق أني مقر لقوله أو أعياني الرد ..
    التعديل الأخير تم 02-18-2011 الساعة 01:10 AM
    مقالاتي
    http://www.eltwhed.com/vb/forumdispl...E3%DE%CF%D3%ED
    أقسام الوساوس
    http://www.eltwhed.com/vb/showthread...5-%E3%E4%E5%C7
    مدونة الأستاذ المهندس الأخ (أبو حب الله )
    http://abohobelah.blogspot.com/

  8. افتراضي

    جزاك الله خيرا أخونا الفاضل أبا القاسم
    التعديل الأخير تم 02-18-2011 الساعة 01:41 AM
    لا أكون متجاوزا إن قلت إن الجدال حول وجود الخالق بدعة لم تظهر فى الإنسانية إلا فى أحط عصورها أخلاقيا ، ولا يسفسط حولها إلا أراذل الناس وسفهاؤهم.
    (د. أبو مريم)

  9. افتراضي

    سلمت يداك ونضر الله وجهك أخي الحبيب أبو قاسم ...
    واللهِ لَوْ عَلِمُوا قَبِيحَ سَرِيرَتِي....لأَبَى السَّلاَمَ عَلَيَّ مَنْ يَلْقَانِي
    وَلأَعْرضُوا عَنِّي وَمَلُّوا صُحْبَتِي....وَلَبُؤْتُ بَعْدَ كَرَامَةٍ بِهَوَانِ
    لَكِنْ سَتَرْتَ مَعَايِبِي وَمَثَالِبِي....وَحَلِمْتَ عَنْ سَقَطِي وَعَنْ طُغْيَاني
    فَلَكَ الَمحَامِدُ وَالمَدَائِحُ كُلُّهَا....بِخَوَاطِرِي وَجَوَارِحِي وَلِسَانِي
    وَلَقَدْ مَنَنْتَ عَلَيَّ رَبِّ بِأَنْعُمٍ....مَا لِي بِشُكرِ أَقَلِّهِنَّ يَدَانِ

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    فلسطين
    المشاركات
    113
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    رفـع الله قدرك يا شيخ أبا القاسم ..
    ورزقنا الله - جميعا - العلم والفهم ..

  11. افتراضي

    إذا تواصل منه العصيان ، وفشا منه العدوان وظهر الفساد وزال السداد وتعطلت الحقوق وارتفعت الصيانة ووضحت الخيانة فلا بدّ من استدراك هذالأمر المتفاقم فإن أمكن كف يده وتولية غيره بالصفات المعتبرة فالبدار البدار وإن لم يمكن ذلك لاستظهاره بالشوكة إلا بإراقة الدماء ومصادمة الأهوال فالوجه أن يقاس ما الناس مندفعون إليه مبتلون به بما يعرض وقوعه
    جزاكم الله خيرًا أخي الكريم وزادك من فضله.
    " أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ "
    صفحتي على الفيسبوك - صفحتي على تويتر.

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Mar 2006
    المشاركات
    1,636
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    بارك الله فيكم أيها الفاضل المفضال، موضوع رشيق خفيف ولطيف، به من اللطائف تلويحا فضلا عن اللطائف تصريحا .. وقد كانت لي مداخلة ملخصة جدا قديما في عزل الإمام المسلم الذي تغير حاله، أما الحاكم الظالم الذي أتى بشيء بواح كمن عطل الشريعة وتول الكافرين وغيره فصراحة لا خلاف بين أهل العلم من السلف في وجوب عزله .. وكانت مداخلتي قديما كالآتي :

    في مسألة العزل هناك خلاف بين أهل السنة والجماعة
    فالأصل في البيعة أن تكون على الكتاب والسنة وإقامة الحق والعدل من قِبل الإمام ،، وعلى السمع والطاعة في المعروف من قبل أهل الشورى ،، ومن حق الأمة أن تعزله إذا تغير حاله ، لأن اختياره للخلافة مشروط بتوفر شروط معينة ، فإذا ظلت هذه الشروط قائمة فيه فهو قائم في منصبه ،، وإذا انتفت عنه كان أهلا لأن ينفى عن المنصب ،، وتتغير حال الخليفة أو الإمام الأعظم ، إما بجرح في عدالته أو بنقص في بدنه على ما يرى أبو الحسن الماوردي ...

    والجرح في العدالة هو الفسق ،، وهو على ضربين : أحدهما ما تابع فيه الشهوة ، والثاني ما تعلق فيه بشبهة.
    فالأول متعلق بأفعال الجوارح ،وهو ارتكابه للمحظورات ، وإقدامه على المنكرات تحكيما للشهوة وانقيادا للهوى ، كالزنا وشرب الخمر والغصب ، فهذا النوع من الفسق يمنع من انعقاد الإمامة ويمنع من استدامتها ، وإذا طرأ على ما انعقدت له الإمامة انعزل بفسقه ، فإذا عاد إلى العدالة لم يعد للإمامة إلا بعقد جديد على رأي الماوردي وبعض الفقهاء ، وإن كان يوجد من يرى أنه يعود للإمامة دون عقد ولا بيعة مادام لم يعزل فعلا.

    أما الضرب الثاني من الفسق فمتعلق بالإعتقاد ، والمتأول بشبهة تعترض فيتأول لها خلاف الحق ،، ومن رأي الماوردي وغيره أن فسق الإعتقاد حكمه حكم فسق الجوارح يمنع من انعقاد الإمامة ويمنع من استدامتها ، على حين يرى بعض علماء البصيرة أن الفسق المتعلق بالإعتقاد لا يؤدي عزل الإمام ، بل هناك من يرى أن الفسق بنوعيه لا يترتب عليه العزل ما لم يكن كفرا.

    وقد استدل من قال بعزل الخليفة بالكفر دون المعصية بحديث عبادة بن الصامت قال " بايعنا رسول الله على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا وأن لا ننازع الأمر أهله قال إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم فيه من الله برهان"

    والقائلون بالعزل يرون أن المقصود بالكفر هو المعصية ، خصوصا وقد ذكرت روايات أخرى للحديث بلفظ الإثم والمعصية بدل الكفر ، فما دام الخليفة أو الإمام قد أتى منكرا محققا يعلمه الناس من قواعد الإسلام فلهم أن ينكروا ذلك ، وأن لا ينازعوا ولاة الأمر في ولايتهم وأحقيتهم لها وهذا عين ما جاء في نيل الأوطار ، وكتاب الخلافة ، وكتاب الأحكام ، وكتاب الأحكام السلطانية للفراء، وكتاب المسامرة وغيرهم...

    وجمهور الفقهاء يرون كقاعدة عامة ، أن للمسلمين عزل الخليفة للفسق ، وأي سبب آخر يوجب العزل ، مثل أن يوجد منه ما يوجب اختلال أحوال المسلمين ، وانتكاس أمور الدين كما لهم نصبه وإقامته لانتطامها وإعلائها.

    وإذا كانت القاعدة العامة عند جمهور الفقهاء أن للأمة خلع الخليفة وعزله بسبب وجيه ، إلا أنهم اختلفوا في حالة ما إذا استلزم العزل فتنة ، فرأى فريق أن يعزل الخليفة لسبب يوجبه ولو أدى ذلك إلى الفتنة ،، ورأى فريق أنه إذا أدى العزل لفتنة احتمل أدنى المضرتين ، ورأى الفريق الثالث أن لا يعزل الخليفة إذا استلزم العزل فتنة ولو أنه مستحق العزل بفعله ، وهذا الخلاف جاء في شرح الزرقاني ، وحاشية ابن عابدين ،و أسنى الطالب وحاشية الرملي ، وكشاف القناع ، والمواقف ، والملل والنحل ، والمحلى.

    وحق الإمام على الناس هو حق السمع والطاعة ، ولكن هذا الحق ليس حقا مطلقا وإنما مقيد بقوله تعالى : { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ ذٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً }

    فالطاعة واجبة لأولي الأمر ، ولكن في حدود ما أنزل الله ، بدليل أن ما يُتنازع فيه يرد إلى أمر الله ورسوله ، فمن أمر منهم بما يتفق مع ما أنزل الله فطاعته واجبة ، ومن أمر بخلاف ما جاء به الرسول فلا سمع له ولا طاعة.

    وقد بين الرسول حدود طاعة الناس لأولي الأمر فقال : " لا طاعة لأحد في معصية الله " [رواه الستة إلا الترمذي]

    وقال " إنما الطاعة في المعروف " [رواه الستة إلا الترمذي]

    وقال " السمع والطاعة على المرء فيما أحب أو كره إلا أن يُؤمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة " [رواه الخمسة]

    وقال " إنه سيلي أمركم من بعدي رجال يطفئون السنة ويحدثون بدعة ، ويؤخرون الصلاة عن مواقيتها . قال ابن مسعود : يا رسول الله كيف بي إذا أدركتُهم ؟ قال : ليس يا ابن أم عبد طاعة لمن عصى الله -قالها ثلاثة مرات- " [ رواه أحمد وابن ماجة ]

    وهكذا قطع القرآن والسنة في أن طاعة أولي الأمر لا تجب إلا في طاعة الله وأن ليس لأحد أن يطيع فيما يخالف كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

    قال الإمام أبو محمد بن حزم رحمه الله في كتابه "مراتب الإجماع" ص 274 طـ1 دار ابن حزم: ورأيت لبعض من ينسب نفسه للإمامة والكلام في الدين، ونصب لذلك طوائفه من المسلمين فصولا، ذكر فيها الإجماع، فأتى بكلام لو سكت عنه لكان أسلم له في أخراه، بل الخرس كان أسلم له، وهو ابن مجاهد البصري الطائي – لا المقرئ – فإنه أتى فيما ادعى فيه الإجماع، أنهم أجمعوا أنه لا يخرج على أئمة الجور ]فاستعظمت ذلك، ولعمري إنه عظيم أن يكون قد علم، أن مخالف الإجماع كافر، فيلقي هذا إلى الناس، وقد علم أن أفاضل الصحابة وبقية الناس يوم الحرة، خرجوا على يزيد بن معاوية، وأن ابن الزبير ومن اتبعه من خيار المسلمين، خرجوا عليه أيضاً رضي الله عن الخارجين عليه ولعن قتلتهم. وأن الحسن البصري وأكابر التابعين خرجوا على الحجاج بسيوفهم، أترى هؤلاء كفروا، بل والله من كفرهم أحق بالكفر منهم، ولعمري لو كان خلافاً يخفى لعذرناه، ولكنه أمر مشهور يعرفه أكثر العوام في الأسواق والمخدرات في خدورهن لاشتهاره، فلا يحق على المرء أن يخطم كلامه وأن يزمه إلا بعد تحقيق وميز، وأن يعلم أن الله تعالى بالمرصاد وأن كلامه محسوب مكتوب مسؤول عنه يوم القيامة، وعلى كل تابع له إلى آخر من اتبعه عليه وزره." اهـ.

    فالنكير على السلطان، باللسان واليد، سنة معروفة عند سلف الأمة، حتى إن الخروج عليهم بالسيف فيما لو جاروا وظلموا ، كان مذهبا معروفا، قال به جمع كبير من الصحابة ، بل جعله ابن حزم مذهب أكثر الصحابة ، وهو قول أكثر التابعين الذين كانوا مع ابن الأشعث ،وهو قول مشهور في مذهبِ أبي حنيفة ، وإمامنا مالك ، وفيه روايات عن أحمد، بل جعله ابن حجر مذهبا من مذاهب السلف.

    وهنا بعض التأصيلات في مسائل المظاهرات

    وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
    التعديل الأخير تم 02-19-2011 الساعة 02:15 AM
    {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ}

    وكيف يعرف فرق ما بين حق الذمام وثواب الكفاية من لا يعرف طبقات الحق في مراتبه، ولا يفصل بين طبقات الباطل في منازله‏. [ الجاحظ ]

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    فلسطين
    المشاركات
    113
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    يرفــع للأهمية ,,

  14. افتراضي

    جزاكم الله خيرا وبارك الله فيكم ،،،
    كتبت فأغنيت وشفيت وكفيت ...

  15. افتراضي

    بيض الله وجهك أبا القاسم!
    والله إنني لمعتقد فيك أنك مُدَّخر لمواقف مثل هذه ، فلا تحجم!

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. في السياسة الشرعية:كي لا تتكرر النكبة القذافية
    بواسطة شذى الكتب في المنتدى المكتبة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 12-12-2011, 02:25 AM
  2. تجميع حلقات برنامج كلام في السياسة الشرعية
    بواسطة آلاء الرحمن في المنتدى الصوتيات والمرئيات
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 04-23-2011, 01:55 AM
  3. الممارسات السياسية في ضوء السياسة الشرعية-محمد يسرى
    بواسطة احمد الدهشورى في المنتدى الصوتيات والمرئيات
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 03-02-2011, 04:12 PM

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء