والذي يعرفه علماء اللغة والنقاد الأدبيين ومن أوتي حظا من تذوق اللسان العربي يعرف يقينا من عادة البشر إستحالة تأليف كتاب بهذا الحجم ويستع لكل هذه التأويلات دون أن يتناقض على إحدى المذاهب، ولذلك كان عمرابن الخطاب - فيما أظن - كان يقول لابن عباس لا تجادلهم بالقرآن فإنه حمال وجوه. أي لا تجادل أهل البدعة الذين خرجوا على علي رضي الله عنهم .
وعندي فائدة لم أقرأها لأحد وهي: أن من مزايا هذه الخصيصة الرحمة البالغة الالهية وكأن الله - تعالى - يريد أن يظل بينه وبين عباده مهما سعوا في طرق الضلال حبلا بينهم وبينه فلا يهلك عليه الا هالك، وذلك لأن أهل البدعة ليس كلهم معاندون حاقدون تمتلئ صدورهم حقدا على السنة، ولكن منهم من تعقدت ذهنه لظروف عاشها وتشربت بحب البدعة وبالضلال العقدي حتى صار صادقا في ضلاله - أي قلبه يعتقد هذا الضلال حقيقة - وإن لم يكن معذورا عند الله هذا شأن أخر - لكني أتلكم عن وصف لنفسية هؤلاء، فهو في هذه الحال سيرد استدلالات السنة النبوية بأي شبهة من شبهات الرد - وهي كثيرة جدا ومسرح للكلام الطويل ومعترك أفهام - فسيجد ما يرد به السنة التي تخالف اعتقاده، وفي هذه الحالة - مع صدقه في اعتقاد الضلال - لن يتبقى له من الوحي المعصوم سوى القرآن فلا يرده لأنه يحتمل مذهبه فإذا قرأ ورده أو سمعه تظل رابطة القداسة لهذا الكلام منعقدة في قلبه وهذا الرباط يُرجى معه أن يكون سبب هداية ورجوع الى الحق، وهذه رحمة من الله تتجلى فيها إعذاره لخلقه وتيسير كل الأسباب الممكنة الى أقصى حد فلا يهلك عليه إلا هالك
Bookmarks