أخي الحبيب أبو القاسم ..
قرأت موضوع (( اعتراض ملحد على مسألة العول )) ..
وتابعت فيه ردود الملحدين ..
والذين أ ُقسم بالله تعالى لو أ ُعطيَت لهم إحدى مسائل المواريث : ما استطاعوا لها قياما ً..
وإنما سمعوا فقط شبهة ً: فهموا مُجملها : فتمسكوا بظاهرها : وهم أجهل الناس بموضوعها !
وكنت أ ُحب أن أ ُضيف تعليقين صغيرين ...
ولكن شغلتني في الأيام السابقة بعض الأعمال ...
وعندما هممت منذ قليل بالكتابة :
وجدت الموضوع وقد تم إغلاقه ..
فحمدت الله أن بقي له أثرا ًها هنا ........
فأقول :
---------
1...
إن ما لا يُدركه الكثيرون (حتى من المسلمين أنفسهم للأسف) :
أنهم يظنون أن القرآن والسُـنة : << من المفترض >> أنهما :
لم يدعا تفصيل أي شيء في الدين : إلا وأتيا عليه تبيانا ًوذكرا ً!!!!!...
ونسوا أن الله تعالى لو فعل ذلك حقا ًوأمر به رسوله (أي تبيان تفصيل كل شيء) :
لما تميز العالم عن الجاهل !!!..
ولا طالب العلم عن الكسول والمتغافل اللاهي !!!..
وما كنت لترى كل هذا النشاط الفكري في أمة الإسلام :
والذي يُشحذ له في كل قرن ٍوكل عام ٍبل وكل حين :
عشرات العقول والأفهام من العلماء والفقهاء والشيوخ والدعاة :
يتبارون فيما بينهم في الوصول لأعدل الأحكام وأقربها لمرادات الله عز وجل ..
فكان للمجتهد منهم أجرا ً.. وللمجتهد المُصيب أجرين !!!..
وعلى هذا :
فقد حفظ الله تعالى (بعدم تبيانه لتفصيل كل شيء مرة ًواحدة) : قد حفظ بهذا للأمة :
أن يبقى ذكاؤها مشحوذا ًنشيطا ًعلى الدوام :
فتبتعد بذلك عن الدعة والركون والتواكل في كل أحوالها وشؤنها .......
ونحن في حياتنا العملية :
يمكننا لمس هذه المعاني عند أكابر الحكماء والمُربين والمُعلمين ...
فالسيف المركون بلا عمل : يتلم ...
ومثله من المعادن بلا عمل : تصدأ ..
وهكذا العقول بلا عمل : يُصيبها بطء الفكر والتغابي إن صح التعبير !!..
ويقل اهتمامها بشأن دينها والتباحث فيه وسبر أغواره بين الفينة والفينة على الدوام :
فالحمد لله أولا ًوآخرا ً...
----------
2...
وأما النقطة الثانية التي أردت الإشارة إليها ...
فهي أن اعتراض أهل الهوى والزيغ (ومما عهدته من جميع طوائفهم عن تجربة) :
هو اعتراض على سبيل : الاعتراض للاعتراض وفقط !!!!..
هو اعتراض على صورة القصة المشهورة لجحا وابنه والحمار !!!!..
فلو ركب جحا وابنه على الحمار لقال الناس أنهما : عديما الرحمة !!..
ولو نزل جحا وابنه عن الحمار لقال الناس أنهما : غبيان تركا الحمار بغير استفادة !!..
ولو ركب جحا ومشى ابنه لقال الناس أن جحا : لا يرفق بابنه !!..
ولو ركب ابنه على الحمار ومشى جحا لقال الناس أن الابن : عاق لوالده !!..
ولو حمل جحا على عاتقه الحمار وابنه : لقالوا عنه مجنون !!..
فأين العيب إذا ً؟؟!!!..
أقول :
بفرض أن الله تعالى : قد ذكر أنصبة كل واحدٍ في العائلة :
الابن والابنة والأب والأم والجد والجدة والأخ والأخت والزوج والزوجة .. إلخ
بحيث يكون مجموع كل ذلك يساوي : واحدا ًصحيحا ً...
والسؤال :
هل يتوقع عاقلٌ أنه في كل حال ميراثٍ : سيتوافر كل هؤلاء الأصناف معا ًفي التركة ؟!
هل كل ميت يموت : يموت عن كل أولئك :
الابن والابنة والأب والأم والجد والجدة والأخ والأخت والزوجة .. إلخ ؟!!..
الجواب : بالتأكيد لا .........
إذا ً:
فكنا ساعتها سنسمع المتفيقهين يقولون أيضا ً:
أخطأ القرآن !!!!!!!!!!!!!!!!!!.. (وحاشا الله عز وجل أن يُخطيء)
أرجو أن تكون وجهة النظر قد اتضحت بنقيضها :
فبضدها تـُعرفُ الأشياءُ ...
فكما أنه لا يستقيم عقلا ًأن يذكر الله تعالى كل حالات المواريث مجتمعة :
والناقص : يتم تقسيمه على الورثة بالعول :
فلا يستقيم عقلا ًأيضا ًأن يذكر كل حالات المواريث مجتمعة في كل حالة ميراث :
والزائد : يتم تقسيمه على الباقين (بفرض أن توزيع الميراث كان كما قلت) ..
والشاهد :
أنه قد أحسن أخي الحبيب أبو القاسم في الإشارة لاحتياج بعض دول الكفر لنظام المواريث في الإسلام .. ولو لم يكن النظام كاملا ًفي ذاته وفي أ ُسسه :
لما كانوا طلبوه وسعوا للاحتكام إليه ونقله !!...
وليس الشيوعيون فقط وحدهم بدعة ًفي ذلك !!..
بل قامت روما الكاثوليكية نفسها أيضا ًبطلب ٍمُشابهٍ من قبل : من الأزهر في مصر !!..
بل :
وليست مسألة المواريث وحدها التي أبهرت غير المسلمين بتشريعها !!..
بل كل ما في الإسلام يُبهر فقط : لو بحث أولئك الملاحدة بحيادية ورغبة حقيقية للوصول للحق !..
تشريعاته الاقتصادية والتجارية .. تشريعاته للمرأة وابتعادها عن الاختلاط والخلوة بغير ضرورة ..
إلى آخر كل ذلك مما يُطبقه بعض الكفرة الآن : في نفس الوقت الذي يدعون فيه المسلمين لتركه (وعندي الأدلة والإحصائيات والأخبار العالمية بذلك) !!!.. وسبحان الله العظيم ..
فهل آن الأوان للمُعاند الجاهل بالمسألة : أن يصمت عمّا لا يعرف ....
وأن يحترم عقله أن يسأل إذا جهل ؟...
وأن ينتفع إذا علِم ؟..
والحمد لله رب العالمين ...
Bookmarks