بسم الله الرحمن الرحيم

هي في الأصل مشاركة رددت فيها على موضوع المتدينون والجنس

الأستاذ واحد . . . خذ هذه الوردة أولاً وهدئ روعك .. وليتسع صدرك ..
الحقيقة لقد تجاوب الإخوة الأفاضل معك تجاوباً أظن أنه يكفي لكي يشعرك على الأقل بأن المتدينين يهتمون بالآخر الإنسان ..
والسبب الآخر أنهم شعروا مدى ما تحمله من أمراض عقلية ونفسية تدعو للإشفاق .. والرثاء ..
أنت ياأستاذ تحمل عقد نفسية كثيرة جداً تجاه الدين والمتدينين ..
كما أن الذي تعرض لغسيل دماغ متواصل ليسوا هم وإنما للأسف أنت والمشكلة أنك لم تتعرض لغسيل دماغ فقط وإنما تعرضت أيضاً لمسخ عاطفي ، وتفريغ روحي أو شعوري بطريق الممارسة السلوكية التي رافقتها صدمات نفسية وشحنات فلسفية كثيفة حجبت عنك وللأسف رؤية الحقيقة الناصعة التي لا تقل إشراقتها عن إشراقة الشمس ... ولكن كما أن الخداع البصري يحجب أو يشوه الرؤية أحياناً فكذلك الخداع العقلي فكيف إذا رافقته وسائل خداعية كثيرة نفسية وفلسفية وشكلية محاطة بهالة من التهويل والتمجيد الإعلامي الذي يتلاعب بالعقول بشكل ليس له مثيل في هذا العصر ...

أنت أنهيت حوارك مع الأخ عبد الملك بسبب شخصنة الحوار وأنا أختلف مع الأخ عبد الملك الذي اتجه إلى هذه الشخصنة وإن كان هو لم يقصد الشتم وإنما قصد استفزاز الإنسان في داخلك .. والضمير الأخلاقي الذي كبحته مثيرات الحضارة الحديثة إنه يريد أن يوقظ شعور الغيرة في داخلك ولكن للأسف لقد قتلته حضارة الجسد ..
وأذكر الأخ عبد الملك بالآية القرآنية // ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم //
ولكن أستاذ واحد هل تعلم أنك بدأت حوارك بالشخصنة منذ اللحظة الأولى حين طلبت من المتدينين أن يحدثوك عن ممارستهم للعادة السرية وما هو شعورهم بعد قضاء وطرهم منها وهو في الحقيقة سؤال سخيف أولاً بسبب كونه مسألة ليست من القضايا ذات الإشكالية لكونه مسألة داخلة في فروع الدين ولعلك تحسب أنها من الأمور العظيمة التي تشبه الزنا أو غيرها .. وهي ليست كذلك وهناك من العلماء من أجازها حين يحتاجها الإنسان ويخشى على نفسه من الوقوع في الزنا ، وهناك من أجازها مطلقاً كابن حزم الظاهري مثلاً ..
ولكن المشكلة ليست هنا .. .
أنت تعيش حالة من الكراهية للمتدينين لسبب بسيط هو أنك عاجز عن أن تكون مثلهم ولأنك عبد لهواك فأنت تحسد هؤلاء المتحررين من شهواتهم وأهوائهم وتستغرب كيف يتمكنون من ضبط أنفسهم وحماية فضيلتهم .. وتتمنى لو كانوا مثلك منخرطين في المعصية وهذا حال كل الضعفاء والمهزومين ... ولذلك أنت تريد أن تتأكد هل هم فضلاء أم أنهم يمارسون شهواتهم في السر وبذلك تطمئن إلى أنهم ليسوا أفضل منك .. وأنهم ليسوا أقوى منك ..
على كل حال فديننا بحمد الله عز وجل لم يطلب من البشر أن يكونوا ملائكة ولم يكلفهم بذلك ولم يتعامل معهم على أساس البراءة الدائمة من المعصية ولو كان الأمر كذلك فلا معنى لمفاهيم الرحمة والتوبة والمغفرة والعفو ولقد جاء في الحديث // لو لم تذنبوا لذهب الله عز وجل بكم وجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله عز وجل فيغفر لهم // ولكنه طلب منهم أن يقاوموا الرذيلة والمعصية وإذا ما وقع أحدهم فيها أو حتى ابتلي بها فعليه أن لا يجاهر بمعصيته أو يبارز الله عز وجل بها لأن الجهر بالمعصية هو لون من الصلافة والتكبر على الله عز وجل .
تختلف النظرة الغربية عن النظرة الإسلامية لمفهوم الإنسان فالإنسان في الغرب أطلق له العنان إلى ما لا نهاية ولذلك وصل إلى الخواء والعدمية ..
وفي الفلسفة الفرويدية الإنسان في أصله مجبول على الرذيلة والنفس الإنسانية شريرة وعلى الإنسان أن يستجيب لنداء نفسه بلا حدود وأن لا يمنعها عن رغبة أو هوى .. وأن لا يحول بينها وبين شيء ..
بينما في الإسلام فالنفس الإنسانية يمكن أن ترقى في مدارج السمو والفضيلة .. فهي بالفعل تكون أمارة بالسوء وذات مطالب خبيثة وشريرة .... ولكن في حين أن المنهجية الغربية طالبت الإنسان بعدم المقاومة لأن الشر والهوى طبيعة فطرية ولا جدوى من المقاومة بنظرهم فإن الإسلام طالب الإنسان أن يقاوم الطبيعة الشريرة في ذاته ، وأن يتصدى لرغباته المجنونة ولكن ليس بطريقة عنيفة كما حاولت الرهبنة المسيحية وإنما بطريقة التدريب والتربية ولذلك وظائف كثيرة مفصلة في كتب الأخلاق والسلوك وبذلك يمكن للنفس أن تتهذب أو على الأقل أن ترجئ نزواتها وتحيدها إلى أجل ...
ولكي لا تنفجر هذه النفس من كثرة الإقصاء الداخلي والإرجاء والتراكم الشهواني وتكون أشبه ببالون يمتلئ بالهواء دون منفذ فإن الإسلام فتح منافذ مشروعة لإرواء الحاجة بله الشبق النفسي والجنسي دون أن يتسبب ذلك بمخاطر وتداعيات أخرى غير محسوبة .... والزواج هو هذا المنفذ ...
لقد سمعت أحد العلماء المسلمين ذات يوم يقول // كل ما قاله فرويد صحيح ولكنه يتحدث عن النفس الأمارة //
وهذه حقيقة فإن فرويد وجد في بيئة كانت قد تنصلت من آخر فضيلة وحين نظر في المجتمع الذي من حوله وجده قد انخرط إلى نهايته في الرذيلة ولم ير ولا شخصاً واحداً متديناً لقد كان تيار الفساد جارفاً ولذلك فهو من خلال نظرته الفاحصة في مجتمعه حكم على كل الناس دون استثناء والسبب هو أن استقراءه كان ناقصاً جداً فهو لم يتسن له مشاهدة أنفسأ لوامة أو مطمئنة أو راضية .. ..ألخ
والآن دعني أسألك هل أنت سعيد مع صاحبتك ؟ لا أريدك أن تجيبني وإنما أجب ضميرك أنت ..
هل أنت سعيد بإباحيتك وهل تشعر بالمتعة ؟ وهل تشعر حقاً بالمتعة الجنسية أثناء ممارساتك العابثة ؟ الجواب لضميرك ...
أتدري لماذا دعا الإسلام إلى الزواج ، ولماذا تشدد في منع الإباحية وضبط الشهوات بالإضافة إلى حفظ النسل والإنسان وإخراج أجيال تربت بين الأسر أعني أب وأم وهي مسألة في غاية الخطورة ... فلا شك أن الطفل الذي يعيش بين والديه ويرضع الحنان بينهما سيكون سوياً أكثر من ذاك الذي يعيش في دور اللقطاء .
إضافة إلى تحمل المسؤولية المشتركة اللائقة بكل طرف من الزوجين وهذا أفضل من أن يقوم طرف واحد بأعباء حياته لوحده دون معونة ...
ربما يظن ظان أن الإسلام في ضوابطه المضيقة للمارسة الجنسية ينطلق من نظرة تزمتية تنظر إلى الجنس نظرة كراهية وهذا ليس صحيحاً فنحن نعلم أن كل ممنوع مرغوب والإسلام حين ضيق وحدد فهو يريد أن يحافظ على الطاقة الجنسية ، بل لست مبالغاً إذا قلت إنه يريد أن يحفظ لك الشعور الكامل بالمتعة الجنسية ، فالطاقة الجنسية في حالة الإباحية تتبدد ، وحينئذ فإن الرغبة الجنسية تصبح باردة ، والشعور بالمتعة أثناء الممارسة الجنسية يصبح خافتاً ومجرداً من حرارة اللقاء وتفاعلاته وتصبح الغاية هي منذ البداية الوصول إلى مرحلة الشبق والذروة .. والتي يعقبها الشعور بالمرارة .. واللامعنى ..
ولذلك نجد الإباحيين بسبب عدم شعورهم بالمتعة من الممارسة الجنسية الطبيعية يلجؤون إلى الشذوذ الجنسي يبحثون فيه عن جديد اللذة وحين يحصلونها بإباحية مطلقة أيضاً لا يبقى أمامهم أي سور يشوقهم إلى الجنس لقد حصلوا على كل ما يمكن أن يتخيل من الجنس وتصبح الحياة بلا معنى ولا هدف ... فالجنس الذي حصلوا منه على كل ما يطلبون أصبح كريهاً إليهم والممارسات الجنسية خالية من أي شعور بالمتعه واللذة ... وهؤؤلاء هم الذين غالباً ما تنتهي حياتهم بالانتحار لأن البرود الجنسي أيضاً مأساة يشعر أمامها الرجل أنه قد فقد رجولته التي تحقق إنسانيته ... فماذا تنتظر من إنسان فقد إنسانيته ؟ !!
قارن بالمنهجية الإسلامية فالجنس ممنوع بدون زواج ولذلك قبل الزواج نجد الشاب تهفو نفسه إلى لحظة الزواج ويتخيل اللحظة الجنسية كما يتخيل المرأة فتاة أحلامه والمرأة كذلك بالنسبة للرجل قد يمارس الرجل أو المرأة قبل الزواج العادة السرية وقد يقعان في الزنا ولكن لا بأس فالله عز وجل غفور رحيم ولكن مرارة المعصية لا تزال تدفع إلى تجنب المعصية بل ربما أحياناً تدفع إلى الرغبة في التطهر بالحد والموت ربما لشدة الشعور بالألم ...
وبعد الزواج هناك ممنوعات // والممنوع مرغوب / / فالجماع محرم في حالة الحيض والنفاس والحيض يتكرر كل شهر فتجد الزوج يفرغ طاقته الجنسية في زوجته وكذلك هي .. ثم تأتيهم فترة منع الغاية منها تجديد النشاط الجنسي وإعادة التشويق والترغيب بالجنس ولكن عن طريق المنع .. لكي تبقى للمارسة الجنسية حلاوتها ولذتها ونشوتها ... وتجد الزوجين ينتظران لحظة البياض بفارغ الصبر ويكون الجماع الأول بعد انتهاء الدورة كأنه يوم دخلة وهكذا تظل الرغبة الجنسية تخبو مع تكرر الجماعات حتى تكاد تتلاشى فتأتي الدورة أو النفاس ليعيد تجميع الطاقة من جديد ..
وللحجاب في هذه الناحية دور خطير :
إن البريد إلى الأعضاء الجنسية هي الحواس وحين تبقى المرأة دائماً أمام الرجل في حالة عري أو شبه عري فإن الحواس تعتاد على مفاتنها وتخفت قوة الإثارة فيها ، وفريضة الحجاب هي من أجل تحريض الرغبة الجنسية في الرجل وخصوصاً حين يعود الرجل مع زوجته من مشوار ما وتبدأ في داخل البيت في خلع ملابسها أمام زوجها – تلك التي خرجت شبه عارية ماذا ستخلع ؟!! - بل إن الرجل حين يمشي مع زوجته في الشارع وتكون هي محجبة يشعر بميل شديد إليها ، ورؤيته لمعصمها ، أو لفتحة نحرها يثيره بشدة .
فالحجاب يحقق أمرين بالنسبة للمجتمع يساعد على كف الأعين الجائعة ، وبالنسبة للزوج يحجب عنه مفاتن زوجته برهة من الزمن لتظهر له من جديد في داخل العش ...
ولقد حدثني أحدهم أن أكثر ما يثيره منظر زوجته وهي تخلع ملابسها أمامه حين تعود من خارج البيت ....
إن الإسلام ياسيد واحد هو منهج الإله الخبير بالنفس الإنسانية والذي يعلم نوازعها ورغباتها وما يصلحها فهل تصغي ؟

تحياتي لك مع الورد