تنبيه : الرد منقول من رسالة كشف الأستار للباحث انور الزعيرى فى رده على كتاب الدين الاسلامى لمؤلفه محمد على امير القاديانية اللاهوريه ( الاحمديه) ورسالة الزعيرى كانت حصر لضلالات كتاب الدين الاسلامى للاهورى الذى تم نشره
بموافقة شيخ الازهر السابق طنطاوى
.......................................

انقطاع الوحي
إننا لانعتقد أن محمد على اللاهورى رجل مخدوع , ولكنه مضلل خادع ، وقد حاول الرجل أن يتلاعب بالمفاهيم ، عبر تفسيراته لمعنى الوحي – فهو يجعل للوحي ثلاث صور0
الصورة الأولى: إلقاء في الروع 0
الصورة الثانية : التحدث من وراء حجاب , حيث يرى الموحى له مشهداً يحمل دلالة أعمق ، كما لو كان يراه في كشف أو رؤية أو يسمع المتحدث إليه كلمات كما لو كانت تصدر من وراء حجاب
الصورة الثالثة: إرسال الملك الذي يحمل الرسالة إلى النبى 0
ثم يقول اللاهورى ان هذه الصورة الثالثة هي التي انتهت فقط ، أما الصور السابقة فما زالت سارية يوحى الله بها لمن يشاء وفيما قال اللاهورى تلبيس من نواح عدة0
الأولى : انه اثبت ان من صور الوحي المستمرة أن يسمع المتحدث إلية كلمات كما لو كانت تصدر من وراء حجاب 0 والنص الذي استدل به هو حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عمر رضي الله عنه حيث قال " قد كان فيمن كان قبلكم ناس محدثون " وفى رواية رجال يكلمون من غير ان يكونوا أنبياء فان يكن في امتى منهم احد فعمر, والرجل أراد أن يوهم أن معنى يحدثون أو يكلمون هو ان الله يكلمهم وليس هذا هو المعنى المقصود, فقد قال الكرمانى ان معنى
يحدثون اى تكلمهم الملائكة , وقال ابن وهب محدثون ملهمون " ولم يزعم احد من أهل العلم ما زعمه اللاهورى في هذا الأمر , ان معنى يحدثون ان الله يكلمهم , حتى عمر نفسه رضي الله عنه لم يقل هذا القول , ومعلوم أن الله لم يحدث أحدا من البشر من وراء حجاب, إلا بعض الصفوة المختارة من رسل الله , كمحمد صلى الله عليه وسلم 0 وموسى كليم الله , فمن أين تأتى للاهورى أن يقول هذا , وصاحب " مفردات القرآن " وهو ممن ينقل عنهم اللاهورى , ويستعين به في فهم الكلمات يقول عن محدثون : إنما يعنى من يلقى في روعه من جهة الملاء الأعلى شئ" مفردات القرآن 1/302 فإذا تبين لنا ان الله لم يحدث احد من البشر من وراء حجاب الا بعض رسل الله من الصفوة المختارة 0 فانه من المحال ان تحدث هذه الصورة الآن 0لان الرسل قد ختموا بمحمد صلى الله عليه وسلم 0 والاهورى نفسه " يعترف في كتابه هذا بعقيدة ختم النبوة0
أما الحديث الذي يستدل به اللاهورى فانه لا يسعفه في مقصده لان معنى يحدثون لا يحتمل سوى تكليم الملائكة , أو الإلهام ,والراجح هو المعنى الثاني لان هذا الحديث ورد براوية أخرى تقول : " لم تكن امة الا وفيها مروعون , فان يكن في هذه مروع فهو عمر بن الخطاب " والمروع هو الذي يلقى الصواب والحق في روعه إلهاما من الله تعالى 0 شرح كتاب الأمثال 1/151 وقال ابوحمزة في معنى يحدثون " يلقى في أفئدتهم العلم " فضائل الصحابة 1/362
وعن خفاف بن إيماء أنه كان يصلي الجمعة مع عبد الرحمن بن عوف فإذا خطب عمر سمعته يقول " أي عبد الرحمن " أشهد انك معلم , بل ورد هذا اللفظ عن النبي "صلي الله عليه وسلم فعن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم :ما من نبي إلا في أمته معلم أو معلمان فان يكن في أمتي أحد فأبن خطاب أن الحق علي لسان عمر وقلبه
تاريخ دمشق 44/65
وقال أبن عيينه : محدثون أي مفهمون
وعن أشعت عن الحسن في معني محدثين يريد قوما يصيبون إذا ظنوا وإذا حدسوا يقال رجل محدث , وإنما قيل له ذلك لأنه يصيب راية ويصدق ظنه , إذا توهم فكأنه حدث بشيء , " و من هذا الجنس من الكلام " قول علي رحمة الله لأبن عباس إنه ينظر إلي الغيب من ستر رقيق " قلت وللشعب والقرطبي كلام مفاده أن هذا الأمر قد يختص بعمر ويندر فيما سواه أي الملهم المصيب بإطلاق .
الثاني : إن الذي يلقي في روعة أو يري رؤية صالحة ليس معناه أنه يوحي إلية لان الوحي بالمعني الشرعي المشتهر قد أنقطع فإذا قال الرجل أنه يوحي إليه وهو يقصد أنه القي في روعه أو رأي رؤية فان هذا يكون من التلبيس والخديعة وأيضا من الذي يستطيع أن يجزم أن مارأه في رؤية و ما ألقي في روعه . هو من عند الله , فان كل ظن أو رؤية لا يخلوان من الاصابه أو الخطأ , ومن ثم فإنه لا يجوز أن يقول الرجل أوحي إلي كذا لان هذا تلبيس قد يوهم المعني الشرعي المشتهر للوحي ,وثانيا لأنه لا جزم ولا قطع في هذه الأمور
ثالثا : اتفق أهل الإسلام أن الرؤي والظنون لا يجوز أن يحدث بهما أراء وتشريعات جديدة في الدين لان هذه الأمور لا يقرها الله ورسوله كمصادر لعلم الشريعة .,ومن الذي يستطيع أن يقول أن التشريع في الدين منوط برؤي النائمين وظنون الظانين , وهو باب لا يمكن ضبط الدعاوي فيه إذا فتح فإطلاق اللاهوري القول باستمرار الوحي لمجرد وجود الرؤى الصالحة والإلقاء الروع . إنما هو تلبيس في اللفظ غير جائز ليتوصل به الرجل إلي ما في ضميره .
رابعا: أن الإلقاء في روع النبي صلي الله عليه وسلم هو وحي من الله تعالي علي الحقيقة وكذلك رؤيته أما الإلقاء في روع أحد بعد النبي صلي الله عليه وسلم لا يسمي وحيا وكذلك الرؤية لان نزول الوحي مختص بالأنبياء, فما يلقي في روعهم وما يرونه حق لا لبس فيه , أما غيرهم فلا ,لما تقدم من الكلام حتى لو كان ما يرونه حقاً فانه أيضا لا يسمي وحيا لان حد الوحي الذي لا يمكن تجاوزه هو أن يكون علي رسول . والرسالة قد انتهت بموته صلي الله عليه وسلم وكذلك الوحي قد أنقطع وجاء هذا صريحا في قول الصحابة والتابعين واتفقت عليه الأمة كقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه .
"وان ناسا كانوا يؤخذون بالوحي في عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم وان الوحي قد انقطع وإنما نأخذكم الآن بما ظهر لنا من أعمالكم .وكانت أم أيمن تبكي أمام جمع من الصحابة فيهم أبو بكر وعمر فيسئالانها فتقول أنما ابكي لانقطاع الوحي فيبكيان معها
وفي إيثار الحق علي الخلق يقول أبن الوزير الحسني القاسمي ,ثم أن الأمة أجمعت علي انقطاع الوحي بعد رسول الله صلي الله عليه وسلم وانه لاطريق لأحد من بعده علي معارضة ما جاء به فمن أدعي ذلك وجوز تغير شيء من الشريعة فان كا فر بالإجماع . صـــ72
بل قال ابن حجر فيما هو أوضح من هذا , وهو حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم " أيها الناس لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو تري له " وحديث " إن الرؤية جزء من النبوة " فذكر أن المقصود هو تشبيه أمر الرؤية بالنبوة واستدل عن رسول الله صلي الله عليه وسلم بأحاديث أخري منها (ذهبت النبوة وبقيت المبشرات )" اخرجة أحمد بن ماجه في صحيحة "
فحاصل القول أن الإلقاء في الروع والرؤية الصالحة أنما يسميان وحيا لمن كان رسولا من عند الله وهذا أمر قد انتهي , أما غيرهم فان هذه التسمية لا تصح في حقهم , وليس للاهوري دليل علي ما زعم بخلاف هذا والمعترض علي ما قلناه قد يستدل بقوله تعالي " وإذا أوحيت إلي الحواريين أن أمنوا بي وبرسولي
وبالوحي إلي أم موسي , وهذه الشبهة قد انتحلها اللاهوري وحاول أن يثبت بها أن الوحي ينزل إلي غير الأنبياء, بل ينزل إلي الكفار ايضا علي أساس أن الرؤيا الصالحة لا تنحصر في الأمة الإسلامية فقط.
وللرد علي هذه الشبهة نقول
أولا : ان كلمة الوحي في اللغة العربية أصلها الإعلام الخفي , وتأتي بمعان أخري منها الكتابة والرسالة وكل ما ألقيته الي غيرك ليعلمه وحي كيف كان ويقال استوحينا هم أي استصرخناهم , وتأتي الوحي بمعني السريع والوحي بمعني الصوت وانظر هذه المعاني بمعجم مقاييس اللغة لابن فارس وتفسير القرطبي 4/86
ثانيا : وقد استخدمت هذه الكلمة في القران بمعناها المشتهر أي الرسالة للنبي واستخدمت بمعان أخري . فالوحي إلي الحواريين معناه الإلهام , وكذلك إلي أم موسي أما قوله تعالي " وأوحي إلي ربك إلي النحل " فمعناه الإعلام الغريزي وقوله تعالي " وأوحي في كل سماء أمرها " فالوحي عبارة عن التكوين كما قال أبو السعود في تفسيره وعلي هذا يتضح أن كلمة الوحي لفظ ينطبق علي معان عدة أي أنها " مشترك لفظي " ومن هذا الاشتراك تأتي للاهوري أن يستخدم الكلمة التي بمعني الإلهام فيوهم أن المقصود بها هو الوحي بمعناه المشتهر أي نزول ملاك برسالة أو حديث من وراء حجاب ثم راح يزعم علي هذا الأساس أن الوحي ينزل إلي غير الأنبياء وهذه ظلمات بعضها فوق بعض ،
ويبدو أن اللاهوري محمد علي كان لدية تصميم أن يجعل كلمة الوحي بمعني واحد في كل مواضعها في القران وكم كان يبدو طريفا لو انه اثبت النبوة حسب قاعدته هذه للنحل والسماوات , ما دامت هي الاخري يوحي إليها . وأركان مذهب اللاهوري في هذه القضية يقوم علي التلاعب بأمور .
أولا :أثبات ان الوحي ينزل الي غير الانبياء واستخدم لذلك كلمة الوحي الواردة في حق الحواريين وأم موسي ،
ثانيا : وجد ان الالقاء وفي الروع و رؤية النبي المنامبة تسمي وحيا فقام بتعدية مسمي الوحي لكل من هب ودب من هذا الامة أو غيرها .
ثالثا: أضاف عنصراً جددا لمفترياته بزعمه أن الله يحدث البشر من غير الأنبياء وحاول أن يستدل بحديث رسول الله صلي اله عليه وسلم الوارد بحق عمر , فأوهم أن معني " محدثون "أي يكلمهم الله . وبهذا أصبح بين يدي الرجل مجموعة من الشبهات يخادع بها الناس، والملاحظ في أسلوب الرجل أن الحفرة بين يديه تصير بئرا فيدخل في المعني ما ليس منه أو يعدي الأمور إلي غير أهلها أو يد ليس باستخدام ألفاظ لا يرد منها ما زعم . ولكن تدليسه في هذه القضية هو بمثابة الخطوة الأولي لقبول القول بأن ميرزا غلام أحمد القادياني ينزل عليه الوحي . وهو كما سبق أن عرفنا ينزل علية الوحي بالانجليزية مع انه أخزاه الله كان يعيش في الهند
.............................. ..................